إفرازات المرأة أو رطوبة الفرج
الحمد لله رب العالمين
وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وبعد .
أقدم هذا البحث لأخواتي
الفاضلات راجياً من الله القبول وطالباً منهن الدعاء
إفرازات المرأة أو رطوبة
الفرج
قالت الدكتورة لينة الحمصي
حفظها الله
الإفرازات المهبلية اليومية
التي تراها المرأة، هي سائلٌ أبيض مخاطيٌّ أو حليبيٌّ، وتسمّى هذه الإفرازات بالطهر
في كثير من الأحيان، لأن المرأة تراها في أوقات طهرها من الحيض، وهي إفرازات تختلف
عن إفرازات المنيّ التي تخرج من المرأة في حالة المعاشرة الزوجية أو الاستمناء أو الاحتلام،
وقد اتفق الفقهاء حول تسبّبه بوجوب الغُسل، لكنهم اختلفوا حول نجاسة إفرازات المني،
فذهب جمهور الفقهاء إلى نجاسته وذهب الشافعية إلى طهارته .
كما تختلف هذه الإفرازات
المهبلية اليومية للمرأة عن إفرازات المذي التي تخرج من المرأة في حالة وجود الشهوة
الجنسية، وقد اتفق الفقهاء حول نجاسة هذه الإفرازات ونقضها للوضوء .
والحقيقة أن هذه الإفرازات
المهبلية التي تخرج من المرأة بشكل يومي تقريباً تشكّل لها مشكلة في كثير من الأحيان،
فمن النساء من تعيد وضوءها لخروج هذه الإفرازات منها، وقد تغّير ثيابها الداخلية بسببها،
على أساس أنها نجسةٌ وناقضةٌ للوضوء، وكثيراً ما تسبّب هذه الإفرازات مشقةً وحرجاً
على المرأة، وخصوصاً إذا كانت خارج منزلها وأدركتها الصلاة، الأمر الذي يؤدي ببعض النساء
إلى ترك الصلاة في وقتها، لتقضيها حين عودتها إلى المنزل.
رأي الطب في هذه الإفرازات:
الدكتورة ربا الأسدي،
الاختصاصية في التوليد وأمراض النساء وجراحتها تتحدث عن هذه الإفرازات، فتقول:
(الإفرازات المهبلية نوعان:
إفرازاتٌ طبيعيةٌ، وإفرازاتٌ مرضيةٌ.
الإفرازات الطبيعية هي
إفرازاتٌ سائلةٌ مخاطيةٌ تضرب إلى البياض، تفرزها غددٌ موجودةٌ في عنق رحم المرأة،
كما يفرز الجدار المهبلي للمرأة سائلاً حليبي اللون وغير لزج. ويطرأ على هذه الإفرازات
تغيّراتٌ دوريّةٌ من حيث الكمية، فهي تتأثر بالطمث (الحيض)، وتتأثر بالإباضة، كما تتأثر
بالمعاشرة الزوجية، ولهذه الإفرازات وظيفةٌ هامةٌ هي ترطيب سطح المهبل، بالإضافة إلى
أنها وسيلةٌ دفاعيةٌ؛ لأنها تُعتبر وسطاً حامضياً يطرد الجراثيم، ويعتبر وجودها أمراً
طبيعياً وضرورياً لدى كل النساء بكمياتٍ متفاوتةٍ.
أما الإفرازات المرضية،
فهي التي تحدث عندما تكون هناك جرثومةٌ أو حالةٌ التهابيةٌ في المنطقة التناسلية، فتتبدّل
صفات هذه المادة من حيث اللون والكمية، وقد تكون مصحوبةً بأعراضٍ مرضيّةٍ أخرى كالحكّة
والاحمرار).
إذن هذه السوائل أو الإفرازات
المهبلية الطبيعية التي تراها المرأة، هي أمرٌ ضروريٌ يشبه الدمع أو العرق، مهمتها
الأولى ترطيب المكان، ولها مهمةٌ ثانيةٌ هي مقاومة الجراثيم التي تحاول الدخول إلى
الرحم . انتهى
وقد قمت بتقسيم البحث
إلى قسمين
أولاً - أقوال العلماء
من حيث أنها طاهرة أو نجسة . ؟
2- هل هي ناقضة للوضوء
أو لا .؟
أ- رطوبة الفرج
1- عند السادة الأحناف
عند الامام أبي حنيفة
طاهرة
وعند الصاحبين نجسة لأنها متولدة في محل النجاسة ومن المغلظة أيضاوهذا
بالنسبة لرطوبة الفرج الداخل
وأما الخارج فطاهرة إتفاقا
.جاء في الدر المختار وأما رطوبة الفرج الخارج
فطاهرة اتفاقا
2- السادة المالكية
قال القرطبي أجمع العلماء
على طهارة رطوبة الفرج وخالفه ابن عرفة قائلا أن المعتمد عندهم أنها نجسه ورد بعضهم
على ابن عرفه وقال الحق مع القرطبي لأن من حفظ حجة على من لم يحفظ
حاشية الدسوقي . مواهب
الجليل
3- السادة الشافعية
نقل النووي في المجموع أنها نجسة
وقال البغوي والرافعي
وغيرهما الأصح الطهارة وقال صاحب الحاوي في باب ما يوجب الغسل نص الشافعي رحمه الله
في بعض كتبه على طهارة رطوبة الفرج
وحكي التنجيس عن ابن سريج
فحصل في المسألة قولان منصوصان للشافعي أحدهما ما نقله المصنف ( أي النووي بأنها نجسة
)
والآخر نقله صاحب الحاوي
والأصح طهارتها وهذا ما رجحه النووي رحمه الله
وقسمها بعضهم إلى ثلاثة
أقسام كما جاء في اعانة الطالبين
طاهرة قطعا وهي ما تخرج
مما يجب غسله في الاستنجاء وهو ما يظهر عند جلوسها.
ونجسة قطعا وهي ما تخرج
من وراء باطن الفرج وهو ما لا يصله ذكر المجامع.
وطاهرة على الأصح وهي
ما تخرج مما لا يجب غسله ويصله ذكر المجامع.
وهذا التفصيل هو ملخص
ما في التحفة.
وقال العلامة الكردي:
أطلق في شرحي الإرشاد نجاسة ما تحقق خروجه من الباطن وفي شرح العباب بعد كلام طويل.
والحاصل أن الأوجه ما
دل عليه كلام المجموع: أنها متى خرجت مما لا يجب غسله كانت نجسة
4- السادة الحنابلة
جاء في المغني لابن قدامة
وفي رطوبة فرج المرأة
احتمالان: أحدهما، أنه نجس؛ لأنه في الفرج لا يخلق منه الولد، أشبه المذي.
والثاني: طهارته؛ لأن عائشة كانت تفرك المني من ثوب
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو من جماع، فإنه ما احتلم نبي قط، وهو يلاقي رطوبة
الفرج،
ولأننا لو حكمنا بنجاسة
فرج المرأة، لحكمنا بنجاسة منيها؛ لأنه يخرج من فرجها، فيتنجس برطوبته.
وقال القاضي: ما أصاب منه في حال الجماع فهو نجس؛
لأنه لا يسلم من المذي، وهو نجس. ولا يصح التعليل، فإن الشهوة إذا اشتدت خرج المني
دون المذي، كحال الاحتلام
تنبيه : قال الكاتب أبو
محمد أن المني والمذي متلازمان في حال الجماع لأن المذي لزج وهو الذي يثبت الحيوانات
المنوية على جدار الرحم
راجع ما كتبه طارق محمد الطواري الأستاذ بقسم التفسير والحديث
كلية الشريعة - جامعة الكويت
بعنوان العزل عن المرأة
دراسة شرعية وطبية
ثانياً: هل هو ناقض للوضوء
أم لا
1- الأحناف عندهم أن كل
خارج نجس من السبيلين ناقض للوضوء إلا ريح القبل ( 1 )
فتكون الإفرازات عند الإمام
أبي حنيفة غير ناقضة وعند الصاحبين ناقضة
جاء في الدر المختار في
شرح تنوير الأبصار: " وينقضه خروج كل خارج نجس من المتوضئ الحي معتاداً أو . لا
من السبيلين أو . لا ". انظر: [ حاشية ابن عابدين 1/84
وقال أيضا بعدم نقضه الظاهرية
انظر المحلي – لابن حزم (1/239) ].
ويدعم ما ذهب إليه الحنفية
والظاهرية ما يلي:
1- عدم ورود دليل من الكتاب
والسنة والإجماع يدلل على وجوب الوضوء بسبب هذه الإفرازات، وغالب أدلة القاضين بالنقض
عامة لا تصلح للدلالة على مطلوبهم أو خاصة بخارج معين ليس فيه الإفرازات المذكورة آنفاً.
2- رفعاً للحرج والمشقة
عن المرأة، فالقول بفساد الوضوء بهذا النوع من الإفرازات فيه مشقة شديدة وعنت عليها،
لأن خروجه ملازم لبعض النساء في حالة الصحة.
3- لأن هذا السائل اللزج
الذي يخرج من المرأة إنما يفرزه المهبل ويخرج منه، بحيث لا يتنجس بمروره بمخرج البول
والغائط كالحصاة، مما يعني طهارته.
4- هذا الامر مما سكت
عنه النبي صلى الله عليه وسلم إذ أنه لايعقل أن تكون هذه الإفرازات في نساءنا دون نساءه
صلى الله عليه وسلم أو نساء الصحابة وخاصة أن هذا الأمر يتوقف عليه صحة أعظم ركن من
أركان الإسلام وهو الصلاة .
وهذا الترجيح ذهب إليه
فضيلة الشيخ مصطفى الزرقا، جاء في فتاويه (95): " إن هذا السائل اللزج الذي يخرج
من المرأة في الحالات العادية ( لا في الحالات المرضية ) ليس بنجس شرعاً ولا ينقض وضوء
المرأة ".
أما بالنسبة للنوع الثاني
من الإفرازات، والتي تخرج في الحالات المرضية، فالذي عليه جمهور الفقهاء من الحنفية
والشافعية والحنابلة القول بنقضها الوضوء لنجاستها وخروجها من أحد السبيلين إذ تخرج
مختلطة بالدم والقيح لذا تميل أحياناً إلى الحمرة والكدرة والصفرة ونحو ذلك.
انظر: [ حاشية ابن عابدين
(1/284)، الشرح الصغير (1/135)، المجموع (2/4)، المغني لابن قدامة (1/192) ].
2- المالكية عرفوا الحدث
بأنه الخارج المعتاد على سبيل الصحة
إذا فكل خارج غير معتاد
غير ناقض للوضوء وكذلك كل خارج معتاد على غير سبيل الصحة ( المرض ) ليس بناقض للوضوء
كسلس البول أو النوع الثاني من الإفرازات المهبلية عند المرأة
انظر الفقه المالكي في
ثوبه الجديد . للشقفه
وكذلك النوع الأول قال
خليل في شرحه ( وعفي عما يعسر كحدث مستنكح )
3- الشافعية
نواقض الوضوء هي تيقن خروج شيء غير منيه عينا كان
أو ريحا رطبا أو جافا معتادا كبول أو نادرا كدم باسور أو غيره انفصل أو لا كدودة أخرجت
رأسها ثم رجعت من أحد سبيلي المتوضئ الحي دبرا كان أو قبلا.
ولو كان الخارج باسورا
نابتا داخل الدبر فخرج أو زاد خروجه .انظر
المنهاج القويم و نهاية المطلب في دراية المذهب
فتكون الإفرازات بناء
على هذا التعريف ناقضة للوضوء
4- الحنابلة
نواقض الوضوء هي الخارج من السبيلين قليلا كان أو كثيرا نادرا أو
معتادا
. انظر الشرح الكبير لابن
قدامة
هذا بالنسبة للحدث غير
الدائم وأما الحدث الداثم لا يبطل وضوءه قليلاً كان الخارج أو كثيراً، نادراً كان أو معتاداً
للحرج والمشقة
انظر الفقه الإسلامي للزحيلي
.
وصل اللهم على سيدنا محمد
وعلى آله وصحبه وسلم .
كتبه : أبو محمد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق