حكم التمسح بالقبور
حكم التمسح بالقبور
روى الإمام إسماعيل بن إسحاق القاضي في فضل الصلاة
على النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ( ص84) رقم (100) قال : ( حدثني إسحاق بن
محمد قال حدثنا عبد الله بن عمر عن نافع ((أن ابن عمر كان إذا قدم من سفر صلى سجدتين
في المسجد ثم يأتي النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم – أي قبره – فيضع يده على قبر
النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ويستدبر القبله ثم يسلم على النبي صلى الله عليه
وآله وصحبه وسلم ثم على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما )) ) ونبدأ الكلام عن الإسناد
بإيجاز شديد :- إسحاق بن محمد : -من رجال البخاري - قال أبو حاتم صدوق قال الحافظ في
هدي الساري ( ص409) ( والمعتمد فيه – أي إسحاق بن محمد – ماقاله أبو حاتم ) وارجع إلى
ما قاله ابن دقيق العيد عبد الله بن عمر العمري : فيه كلام طويل لخصه الإمام الذهبي
في المغني ( 1/348) (3281) بقوله ( صدوق حسن الحديث ) وارجع إلى رفع المنارة نافع مولى
ابن عمر : أعلى من أن يتكلم عنه قال الإمام البخاري ( أصح الأسانيد مالك عن نافع عن
ابن عمر ) كما في مقدمة ابن الصلاح ( ص15) وغيرها وهي المشهوره بسلسلة الذهب عن الحفاظ
وأهل الحديث . فالسند حسن والقصة ثابته ثبوت الجبال الرواسي لايحاول زعزعته إلا متهور
. فهذا سيدنا عبد الله بن عمر بن الخطاب الصحابي ابن الصحابي أحد المكثرين من الحديث
وأشد الصحابه اتباعاً للنبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم كما هو مشهور ونص على ذلك
الحافظ ابن حجر في فتح الباري والشيخ ابن قيم الجوزيه في عدة مواضع من زادة المعاد
.فهذا هو عمل الصدر الأول من الأمه وعمل ساداة السلف صحابة رسول الله صلى الله عليه
وآله وصحبه وسلم .
ولاأدري ماسيكون قول المنكرين والكفرين لمن تمسح
بالقبور من عمل سيدنا عبدالله بن عمر رضي الله عنهما ألم يكن يعلم أنه يقترف كفراًوشركاً
أم لم يكن يعلم أنه من عمل اليهود والنصارى كمايدعى عوام الناس ممن تلبس بزي العلماء
. أم أن الصحابه لن يسلموا من ألسنة أولئك القوم كمالم يسلم غيرهم نسأل الله الهدايه
. (تنبيه) قوله كان إذا قدم من سفر يدل على تكرار هذا الفعل من سيدنا عبدالله بن عمر
فعلى مفهوم التكفير كان- والعياذ بالله – يتكرر منه الشرك .
ومن كبراء التابعين وساداتهم سيدنا الإمام الجليل
محمد بن المنكدر رضي الله تعالى عنه وأرضاه قال فيه سفيان بن عيينه : كان من معادن
الصدق وتجتمع إليه الصالحون ولم يُدرك أُحداً أجدر أن يقبل الناس منه إذا قال قال رسول
الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم . وقال أبو حاتم البستني : كان ابن المنكدر من
سادات القراء لا يتمالك البكاء إذا قراء حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم
. قال الإمام مالك : كان ابن المنكدر سيد القراء قال يحيى بن الفضل الأنيسي : سمعت
بعض من يذكر عن محمد بن المنكدر أنه بينما هو ذات ليلة قائم يصلي إذ استبكى فكثر بكاؤه
حتى فزع إليه أهله فسألوه فاستعجم عليهم وتمادى في البكاء فأرسلوا إلى أبي حازم فجاء
إليه فقال ما الذي أبكاك؟ قال مرت بي آيه قال : وماهي؟ قال : (( وبدا لهم من الله مالم
يكونوا يحتسبون )) فبكى أبو حازم معه فاشتد بكاؤهما . وله غير هذه الحادثه التي تجلب
البكاء والخوف من الله الكثير قال الإمام الذهبي في تذكرة الحفاظ (1/127) عن محمد بن
المنكدر ( مجمع على ثقته وتقدمه في العلم والعمل ) . هذا الإمام الخاشع البكّاء الذي
أجمع على تقدمه في العلم والعمل له موقف أحب أن أذكره هنا . قال الإمام الحافظ ابن
عساكر في تاريخ دمشق (65/50-51) والإمام الحافظ الذهبي في سير أعلام النبلأ (
5/358-359) (كان محمد بن المنكدر يجلس مع أصحابه فكان يصيبه صُمات فكان يقوم كما هو
حتى يضع خده على قبر النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم فقال : إنه يصيبني خطر فإذا
وجدت ذلك إستغثتُ بقبر النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ) . الله أكبر الله أكبر
ولله الحمد فهذا نص واضح وضوح الشمس في رابعة النهار أن من أجمعت الأمة على تقدمه في
العلم والعمل يضع خده على قبر الحبيب صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ويستغيث به هذا
يكفي لمن نور الله قلبه وأراد له الهدايه ولكن خذ وزد إن شئت أن تقر عينك أكثر من ذلك
بكثير قالا – أي ابن عساكر والذهبي – بعد أسطر . (وكان يأتي موضعاً من المسجد في السحر
فيتمرغ فيه ويضطجع فقيل له في ذلك فقال : إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه
وسلم في هذا الموضع –أراه قال في النوم - ).
أين دعاة إتباع السلف أين من يكفرون من يتمسح بقبر
أين هم لينظروا عمل السلف فهذا أحد أئمة السلف مجمع على ثقته وعلى تقدمه في العلم والعمل
فهل نحن مقتدون بالسلف كما ندعي أم أنه مجرد الهرج شعار نستعطف به قلوب العامه ونحن
بعيدون عنهم بُعْد المشرق عن المغرب فندعي أننا نحب السلف ونسير على طريقهم وإذاجائنا
أحد بعمل السلف وكان وكان مخالف لأهوائنا رمينا به وتحملنا الأعذار والحيل أولستم ترددون
.
وكل خير في إتباع من سلف وكل شرفي إبتداع من خلف
إذاًهبوا ولبوا إلى عمل السلف والإقرار على ماكانوا
يعملون . ( تنبيه ) إن تعجب فاعجب لصنع محقق سير أعلام النبلأ طبعة مؤسسة الرساله
(5/359) حيث قال معلقاً على ما أورده الحافظ الذهبي عن ابن المنكدر من تمرغمه بالقبر
الشريف وعده من مناقبه (إسنادالقصه ضعيف فقد قال المصنف في ميزان الإعتدال في ترجمة
اسماعيل بن يعقوب التيمي ضعفه أبو حاتم ... ) ويقول –العبد الضعيف – لما كانت القصه
قاصمة لظهورهم وموضحه زيفهم وعدم سلوكهم سبيل السلف ولم ينكرها الذهبي بل هي معدوده
من مناقبه ذهب المحقق !! يتحايل عن القصه كي يضعفها وأنى له ذلك . أما نقله عن الميزان
فنعم ولكن لي أن أسأل لما لم يكلف محققنا المبجل نفسه وهو يحقق أن يمد يده إلى لسان
الميزان الذي هو تكمله وتعقيب على الذهبي في الميزان ولينظر ماقال الحافظ هناك أم أنه
رأى أنه لايوافق مايريد. وسأنقل هنا كلام الحافظ في اللسان تتميماً لكلام الإمام الذهبي
قال رحمه الله في لسان الميزان (1/496) ترجمه رقم (1385) مانصه (عن هشام بن عروه ضعفه
أبو حاتم وله حكايه منكره عن مالك ساقها الخطيب وقيل بينه وبين هشام رجل انتهى .ورى
عنه يعقوب ابن حميد وداؤد الجعبري وذكره ابن حبان في الثقات وقال روى عن ابن أبي الزناد
عنه يعقوب بن محمد ) إنتهى كلام الحافظ رحمه الله تعالى عليه . فكما ضعفه أبو حاتم
فقد وثقه ابن حبان وقد قال الإ الذهبي في سير أعلام النبلأ ( 13/260) ( إذا وثق أبو
حاتم رجلاً فتمسك بقوله فإنه لا يوثق إلا رجلاً صحيح الحديث وإذا ليّن رجلاً أوقال
لايحتج به فتوقف حتى ترى ما قال غيره فيه فإن وثقه أحد فلا تبن على تجريح أبي حاتم
فإنه مُتعنّت في الرجال ) وقال في كتابه القيم ذكر من يُعتمد قوله في الجرح والتعديل
( ص 158) ( اعلم هداك أن الذين قَبلَ الناس قولهم في الجرج والتعديل على ثلاثة أقسام
... 1- قسم منهم مُتعنّت في الجرح متثبت في التعديل يغمز الراوي بالغلطتين والثلاث
ويلين بذلك حديثه فهذا إذا وثق شخصاً فعض على قوله بناجذيك وتمسك بتوثيقه وإذا ضعف
رجلاً فانظر هل وافقه غيره على تضعيفه فإن وافقه ولم يوثق ذاك أحد من الحذاق فهو ضعيف
وإن وثقه أحد فهذا الذي قالوا فيه لايقبل تجريحه إلا مفسراً يعني لايكفي أن يقول فيه
ابن معين مثلاً هو ضعيف ولم يوضح سبب ضعفه وغيره قد وثقه وهو إلى
الحُسْن أقرب وابن معين وأبوحاتم متعنتون )
(1) فهذه النصوص قاعده توضح قبول الجرح والتعديل في موضعه وهو كافٍ لردع من يضعف الأثر
السابق فإمام أبو حاتم متشدد ولم يفسر الجرح ولم يبينه وابن حبان وثقه وهو متشدد
(2) فقول الإمام أبو حاتم في هذا الموضع لايقبل لتعنته والقول قول ابن حبان . وزد للعجب
عجباً حيث أن المعلق نفسه أشترط في تحقيقه لمسند الإمام أحمد ( 1/144) أنه يقبل توثيق
ابن حبان بروايه ثلاثه فصاعداً وإلا قل مع أن هذا الشرط غير صحيح إلا أن أسماعيل بن
يعقوب قد روى عنه ثلاثه فهو ثقه عند محققنا المبجل فلما تفكه هنا ولم يلتزم بشرطه والمسلمون
عند شروطهم . فتبين أن هذا الأثر أقل درجاته أنه حسن كما يشير إليه كلام الإمام الذهبي
في ذكر من يعتمد قوله وكما هو ظاهر السند و الحمد لله رب العالمين . ــــــــــــــــــــــ
(1) وهو – أبوحاتم – متهور بتعنته أنظر سير أعلام النبلأ ( 13/81) والزياده لابن تيميه
( ص 88)ونصب الراية( 2/239) (2) دعوى تساهل ابن حبان – إن سلمنا جدلاً – إنما هو في
توثيق المجاهيل أما في جرح الرجال فهو متعنت كما هو واضح لمن اطلع على كتب الرجال كما
ذكرذلك الذهبي في عدة مواضع من ميزان الإعتدال وانظر على سبيل المثال (1/129) و
(1/274) و ( 1/436) و ( 3/121) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق