حكم اظهار الكرامات
ظهور الكرامات
لقد كثر أدعياء التصوف في زمننا فصاروا يظهرون الكرامات للدلالة على ولاية شيوخهم وماهم
في الحقيقة إلا زنادقة واستدراج والتصوف بريء منهم
واعلم أخي أن أي انسان يحب الظهور في الاعلام أو غيره أو
يحب أن يظهر للناس على أنه صاحب كرامات ماهو في الحقيقة الا كاذب دعي
قال الإمام الرّفاعي -قدّس الله سرّه- في البرهان المؤيّد
(ص15 ط دار الحسين) :
((أي أخي : أخاف عليك من الفرح بالكرامة وإظهارها ، الأولياء
يستترون من الكرامة كاستتار المرأة من دم الحيض ، أي أخي : الكرامة عزيزة بالنسبة إلى
المكرم ، ليست بشيء بالنّسبة لنا ، لأن هذا الإكرام لما ورد من باب الكريم عظم وعز
، وتلقته القلوب بالإجلال ،و لما تحوّل لفظ النسبة إلى العبد هان الأمر ، واستُتِرَ
الكامل من هذه النسبة الثانية ، فإن قبولها سم قاتل
وقال أبو علي الجوزجائي: كن صاحب الاستقامة، لا طالب الكرامة،
فإن نفسك متحركة في طلب الكرامة، وربُّك، عز وجلّ، يطالبك بالاستقامة.
سمعت: الشيخ أبا عبد الرحمن السلمي يقول: سمعت أبا عليّ الشَّبوي
يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، فقلت له: روى عنك يا رسول الله أنك
قلت: " شيبتني هود " فما الذي شيبك منها: قصص الأنبياء وهلاك الأمم؟ فقال:
لا، ولكن قوله تعالى: " فاستقم كما أمرت " .
وقيل: إن الاستقامة لا يطيقها إلا الأكابر؛ لأنها الخروج
عن المعهودات، ومفارقة الرسوم والعادات والقيام بين يدي الله تعالى على حقيقة الصدق؛
ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: " استقيموا ولن تحصوا " .
وقال الواسطي: الخصلة التي بها كملت المحاسن، وبفقدها قبحت
المحاسن: الاستقامة.
وحكى عن الشبلي، رحمه الله، أنه قال: الاستقامة: أن تشهد
الوقت قيامة.
الرسالة القشيرية
..........
وجاء في كتاب : الحجج البينات في إثبات الكرامات-عبد الله
الغمارى
ذلك، ثم من أهل الحق من صار إلى أن الكرامة الخارقة للعادة
شرطها أن تجري من غير اختيار
قال العلامة فخر الدين الرازي رحمه الله تعالى في تفسيره
الكبير: إن صاحب الكرامة لا يستأنس بتلك الكرامة بل عند ظهور الكرامة يصير خوفه من
الله تعالى أشد وحذره من قهر الله أقوى فإنه يخاف أن يكون ذلك من باب الاستدراج وأما
صاحب الاستدراج فإنه يستانس بذلك الذي يظهر عليه ويظن انه إنما وجد تلك الكرامة لأنه
كان مستحقا لها وحينئذ يحتقر غيره ويتكبر عليه ويحصل له أمن من مكر الله وقعابه ولا
يخاف سوء العاقبة فإذا ظهر شيء من هذه الأحوال على صاحب الكرامة دل ذلك على أنها كانت
استدراجا لا كرامة).
قال الإمام الجنيد رحمه الله تعالى: لو رأيتم الرجل يمشي
على الماء أو يطير في الهواء فلا تغتروا به حتى تنظروا حاله عند الأمر والنهي
موقف الصوفية من الكرامات:
قال الإمام فخر الدين الرازي رحمه الله تعالى: قال المحققون
(أكثر ما اتفق من الانقطاع عن حضرة الله إنما وقع في مقام الكرامات فلا جرم أن ترى
المحققين يخافون من الكرامات كما يخافون من أنواع البلاء).
وقال الإمام الكبير أحمد الرفاعي رضي الله عنه: (ولا ترغب
للكرامات وخوارق العادات فإن الأولياء يستترون من الكرامات كما تستتر المرأة من الحيض)
__________
وقال الشيخ عبدالله القرشي رحمه الله تعالى: (من لم يكن كارها
لظهور الآيات وخوارق العادات منه كراهية الخلق لظهور المعاصي فهو في حقه حجاب وسترها
عليه رحمة فإن خرق عوائد نفسه لا يريد ظهور شيء من الآيات وخوارق العادات له بل تكون
نفسه عنده أقل وأحقر من ذلك فإذا فني عند إرادته جملة فكان له تحقيق في رؤية نفسه بعين
الحقارة والذلة حصلت له أهلية ورود الألطاف والتحقق بمراتب الصديقين)
وقال علي الخواص رحمه الله تعالى: الكُمَّل يخافون من وقع
الكرامات على أيديهم ويزدادون بها وجلا وخوفا لاحتمال أن تكون استدراجا
قال الشيخ محي الدين بن عربي رحمه الله تعالى: ولا يخفى أن
الكرامة عند أكابر الرجال معدودة من جملة رعونات النفس
وقال الشيخ أبو الحسن الشاذلي رحمه الله تعالى: الكرامة الحقيقية
إنما هي حصول الاستقامة والوصول إلى كمالها ومرجعها أمران: صحة الإيمان بالله عز وجل
واتباع ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ظاهرا وباطنا فالواجب على العبد
أن لا يحرص إلا عليها ولا تكون لهمة إلا في الوصول اليها وأما الكرامة بمعنى خرق العادة
فلا عبرة بها عند المحققين إذ قد يرزق بها من لم تكتمل استقامته وقد يرزق بها المستدرجون
وقال إنما هي كرامتان جامعتان محيطتان كرامة الإيمان بزيمد الإيقان وشهود العيان وكرامة
العمل على الاقتداء والمتابعة ومجانبة الدعاوي والمخادعة فمن أعطيهما ثم جعل يشتاق
إلى غيرهما فهو عبد مفتر كذاب ليس ذا حظ في العلم بالصواب كما أكرم بشهود الملك على
نعت الرضا فجعل يشتاق إلى سياسة الدواب وخلع الرضا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق