حكم الإحتفال بعيد الحب
حكم الإحتفال بعيد الحب
خالد سعود البليــهد
الحمد لله وبعد
لا شك أن الإحتفال بيوم عيد الحب والإحتفاء به و اتخاذه مناسبة لتبادل الحب والغرام وإهداء الهدايا الخاصة فيه والتهنئة به كل ذلك محرم بدعة ليس له أصل في الشرع ، وفاعله آثم مرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب ، ويحرم إنفاق المال في سبيل ذلك ، ولا يجوز لمسلم المشاركة أو إجابة الدعوة ، ويحرم على الأسواق بيع الأدوات التي تستخدم في ذلك من الزهور والباقات والهدايا والملابس وغيرها وما يتقاضونه من الأموال سحت حرام عليهم ، ولا يجوز تسويق شعارات الحب والدعاية لها من قبل الوكالات والقنوات والمواقع الإلكترونية .
وهذا العمل مشتمل على مفاسد ومخالفات كثيرة:
1- إبتداع عيد غير شرعي ، وليس في ديننا إلا عيدان ، وقد روى أبو داود والنسائي وغيرهما بسند صحيح عن أنس – رضي الله عنه – قال : قدم النبي – صلى الله عليه وسلم – المدينة ولهم يومان يلعبون بهما فقال : قد أبدلكم الله تعالى بهما خيراً منهمت يوم الفطر والأضحى " .
2- التشبه بشعائر النصارى وعاداتهم فيما هو من خصائصهم ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " من تشبه بقوم فهو منهم " رواه أبوداود. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذرعا بذراع حتى لو دخلوا حجر ضبا لتبعتموهم "قال الصحابة يا رسول الله :اليهود والنصارى قال:فمن "رواه البخاري ومسلم،.
3- الدعوة إلى العشق والغرام والحب المحرم ، واشتغال القلب بما يضعف إيمانه ويقوي داعي الشهوة فيه .
4- إشاعة الفاحشة والرذيلة وإقامة العلاقات غير الشرعية بين أبناء المسلمين من خلال الحفلات المختلطة والبرامج والسهرات المشبوهة.
ويجب على شباب المسلمين وفتياتهم أن يتقوا الله ويلتزموا بشرعه ويتركوا هذه العادة السيئة ،
ويعلموا أنه لايباح للشاب أن يرتبط بالفتاة عاطفيا ويتعلق بها ويظهر لها مشاعر الحب والغرام إلا عن طريق الزواج الشرعي فقط وما سوى ذلك فلا يجوز، ولا يبررهذا العمل النية الطيبة ،
وإذا ارتبط بها عن طريق الشرع فلا حاجة له بعيد الحب والإسلام شرع له وسائل كثيرة نافعة تقوي روابط الحب فيما بينهما وتضمن سعادتهما.
ويجب على المسؤلين أن ينهوا عن ذلك ويمنعوه في جميع المجالات التعليم والإعلام والتجارة وغيرها.
ويجب على الأولياء إرشاد أبنائهم ومتابعتهم والأخذ على أيد السفهاء منهم.قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ألا كلكم راع فمسؤول عن رعيته " رواه البخاري.
أسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين ويقينا شر الفتن ماظهر منها وما بطن
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين
للعلماء في هذه المسألة اتجاهان:
1- اتجاه يرى أن هذه الأعياد وافدة إلينا من ثقافات مختلفة عن ثقافتنا وعقائد وديانات تباين عقيدتنا وقيمنا فهذه عادات مذمومة ولسنا في حاجة إلى محاكاتها أو تقليدها فعندنا من ديننا وثقافتنا وقيمنا وتقاليدنا ما يكفينا ويجعلنا رؤوسا تقود ولا تنقاد وتُتْبع ولا تَتّبع.
2- واتجاه آخر يرى أن هذه الأعياد من باب العادات، والأمر في العادات مبني على السعة فالأصل فيها الجواز أو الإباحة، وما دامت هذه الأعياد تتم وفق إسلامنا وضوابطنا ولها أصل في شريعتنا فلا حرمة فيها ولا كراهة.
ومع احترمنا للرأي الأول وتقديرنا لكل من قال به ، نجد أننا مع الرأي الثاني وهو الجواز مع مراعاة الضوابط.
فعيد الأم مثلا هدفه بر الأم في هذا اليوم وإكرامها، ونحن مأمورون ببر الأم في كل يوم من أيام عمرنا فالجنة تحت أقدامها وقد حث القرآن على بر الوالدين والإحسان إليهما ولا مانع أن نذكر الناس في هذا العيد ونحثهم على بر الوالدين لننبه العاصي، ونعين المتذكر أن يواصل هذا البر والإحسان .
فلو كان المسلمون سيحتفلون بعيد الأم للتذكير بفضلها وحث الناس على برها على أن يكون هذا البر متصلا طوال العام ثم نخص الأم بشيء من الحنان والبر في هذا اليوم فلا مانع من هذا الاحتفال ، وهو مثله مثل الاحتفال بالهجرة أو الاحتفال بالمولد النبوي وغير ذلك من الاحتفالات .
أما إن كان الاحتفال سيكون يوما واحدا بعدها نترك أمهاتنا للعوز والضياع والوحدة والحرمان فهذا احتفال بغيض لا يرضي الله ولا رسوله ولا الذوق والطبع السليم ..
وكذلك عيد الحب لو كان سيتخذ فرصة لبث هذه العاطفة الإسلامية النبيلة في المجتمع، هذه العاطفة التي تبدأ بحب الله تعالى وحب رسوله صلى الله عليه وسلم وحب كل ما أتي به من عند الله تعالى وحب الوالدين والزوجة والأولاد وسائر المسلمين حبا عفيفا نظيفا شريفا ينضبط بضوابط الشرع، أقول لو كان ذلك سيحدث فنحن نرحب به ونحث عليه وندعو الناس له.
أما إن كان عيد الحب سيكون قاصرا على الغراميات الثنائية التي لا ضابط لها ولا قيود تقيدها إلا قيد الشهوة المحرمة فلا وألف لا ...
ونستطيع وفق هذه الضوابط السابقة أن نعرف الحكم الفقهي في كل ما يعرض لنا من الأعياد، وملخصها أن تدعو هذا الأعياد لشيء موجود في ديننا ، وأن تنضبط بضوابط الشرع التي أمر بها الله تعالى.
يقول الدكتور محمد بكر إسماعيل أستاذ التفسير وعلوم القرآن بالأزهر ـ رحمه الله ـ:
هذا اليوم الذي تُكرم فيه الأم ويُسميه الناس "عيد الأم" هو مِن بدَع العادات لا مِن بدَع العبادات، وبدَع العادات لا يَأمر بها الإسلام ولا يَنهَى عنها إلا إذا كانت تتصل بالدِّين من قريب أو مِن بعيد، فإذا كانت هذه العادات تُعبِّر عن الوفاء والاعتراف بالجميل وتدعو إلى البرِّ والإحسان إلى مَن يَستحق البرَّ والإحسانَ، كالأمِّ والأبِ ومَن في حُكمهما كالجَدَّة والجَدِّ، فإن الإسلام يُبارك هذه العادات ويُقرُّها.
أمَّا إذا كانت هذه العادات تُعبِّر عن الضِّدِّ مِن ذلك، أو يَترتَّب على فعْلها ما يَعيبه الإسلام ويَنهَى عنه، كالإسراف والتبذير والعبَث واللهْو واللعب والتفاخُر، فإن الإسلام يَنهَى عن ذلك ويُحذر منه.
ونَخلُص مِن هذا إلى أن عيد الأم ليس عيدًا إسلاميًّا؛ لأن الله ـ عز وجل ـ قد جعل للمسلمين عيدَينِ فقط هما عيدُ الفِطْرِ وعيد الأضحى. ومع ذلك لا يُعتبر هذا العيد بدْعةً؛ لأنه من قَبيل العادات كما قلنا.
والبدْعة المُحرَّمة هي التي تُؤدي إلى زيادة في الدِّين أو تَغيير في السُّنَنِ، وعندئذٍ تكون هذه البدْعة ضلالةً، وكلُّ ضلالةٍ في النار كما جاء في الحديث الصحيح.
وقد عرَّف "الشاطبيُّ" البدْعة في كتاب الاعتصام (1 /36) فقال:
"هي طريقة في الدِّين مُخترَعة، تُضاهي الشرعيَّة، يُقصَد بالسلوك عليها التعبُّدُ لله سبحانه وتعالى".
أما العادات فليست طريقةً مخترَعة في الدين، بل هي أمرٌ من أمور الدِّين تُرِكَ لنا تَوسعةً علينا، فإنْ أدَّتْ هذه الطريقة المُعتادة إلى إخلال بسُنة من السُّنن المشروعة فهي بدْعة. وعيد الأم لا يُؤدي إلى إخلال بالسنن المشروعة، وبالتالي لا يُعَدُّ مِن البِدَعِ.
ويقول سماحة المستشار فيصل مولوي -نائب رئيس المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء-:
تكريم الأم مطلوب على مدار السنة كلّها. واحترامها وطلب مرضاتها وخدمتها وسائر أعمال البرّ مطلوب طلباً مؤكداً في كتاب الله وفي سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، مما أصبح مشهوراً على ألسنة جميع الناس.
إلا أن الغربيين اعتادوا على تحديد أحد أيام السنة واعتبروه عيداً للأم، يقوم أولادها فيه بتقديم الهدايا لها وتكريمها. والمسلمون ليس عندهم عيد من الناحية الشرعية إلا عيد الفطر وعيد الأضحى، وما سوى ذلك من مناسبات تحدث فهي لا تتجاوز أن تكون مناسبة أو أن تسمّى مثلاً يوم الأمّ أو ذكرى يوم معيّن. فإذا اعتبرنا ما يسمّيه الغربيون عيداً للأمّ يوماً لتكريمها تكريماً إضافياً فليس هناك مانع شرعي في هذا الأمر.
والحرج الشرعي يكون في اعتبار هذا اليوم عيداً بالمعنى الشرعي. ويكون كذلك في حصر تكريم الأم بهذا اليوم، فإذا انتفى هذان الأمران فلا حرج من تكريم الأمّ في يوم الأمّ، إلا عند الذين يعتبرون ذلك من قبيل تقليد غير المسلمين والتشبّه بهم.
ونحن نعتقد أن تقليد غير المسلمين والتشبّه بهم لا يجوز فيما يكون من خصوصياتهم ولا أصل له في شرعنا. أمّا تكريم الأمّ فله أصل شرعي معروف؛ وبالتالي فإن هذا الأمر لا يعتبر من التشبّه الذي نُهينا عنه.
ويقول العلامة فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي – حفظه الله-:
عندما اخترع الغرب عيد الأم قلدناهم في ذلك تقليدًاً أعمى، ولم نفكر في الأسباب التي جعلت الغرب يبتكر عيد الأم ، فالمفكرون الأوربيون وجدوا الأبناء ينسون أمهاتهم ، ولا يؤدون الرعاية الكاملة لهن ، فأرادوا أن يجعلوا يوماً فى السنة ، ليذكروا الأبناء بأمهاتهم ، ولكن عندنا عيد للأم في كل لحظة من لحظاتها فى بيتها ، فالإنسان منا ساعة خروجه من البيت يقبل يد أمه ، ويطلب دعواتها يزورها بالهدايا دائماً ، إذن ليس هناك ضرورة لهذا العيد عندنا ، ولكننا أخذنا ذلك على أنه منقبة من مناقب الغرب ، فى حين أنه مثلبة ، فى أوربا يترك الولد أمه تعيش فى ملجأ وأبوه يعيش فى مكان لا يدرى عنه شيئاً ، وليس فى حياتنا مثل ذلك .
فالإسلام أعطانا تكاتفاً وعلى قدر حاجة الأبوين رتب الإسلام الحقوق (أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أبوك ) لأن أباك رجل حتى لو تعرض للسؤال فلا حرج، وإنما الأم لا .
وعندما نستعرض القضية القرآنية فى هذا الخصوص ( ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا ) وجدنا القرآن يوصى بالوالدين، ولكن إذا نظرت للآية القرآنية تجد أن الحيثيات فى الآية للأم كلها ، وفى البداية أتى بحيثية مشتركة ، ثم قال (حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) الأحقاف: 15.
فلماذا ؟ لأن علاقة الأم مع الإنسان قبل أن يعقل ، وهذه نقطة يجب أن ننتبه إليها ، الإنسان لم ير أمه وهى تحمله فى بطنها لم ير أمه وهى تتعب فى تربيته وهو صغير ، ولكنه رأى أن أباه هو الذي يرعى الأسرة ، إذا طلب شيئاً فأمه تقول له : أبوك .إذن الأمور منسوبة إلى الأب كلها ، فأراد اللّه أن يؤكد على الأم فى الحيثيات ليؤكد مكانتها فى الإسلام.
خالد سعود البليــهد
الحمد لله وبعد
لا شك أن الإحتفال بيوم عيد الحب والإحتفاء به و اتخاذه مناسبة لتبادل الحب والغرام وإهداء الهدايا الخاصة فيه والتهنئة به كل ذلك محرم بدعة ليس له أصل في الشرع ، وفاعله آثم مرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب ، ويحرم إنفاق المال في سبيل ذلك ، ولا يجوز لمسلم المشاركة أو إجابة الدعوة ، ويحرم على الأسواق بيع الأدوات التي تستخدم في ذلك من الزهور والباقات والهدايا والملابس وغيرها وما يتقاضونه من الأموال سحت حرام عليهم ، ولا يجوز تسويق شعارات الحب والدعاية لها من قبل الوكالات والقنوات والمواقع الإلكترونية .
وهذا العمل مشتمل على مفاسد ومخالفات كثيرة:
1- إبتداع عيد غير شرعي ، وليس في ديننا إلا عيدان ، وقد روى أبو داود والنسائي وغيرهما بسند صحيح عن أنس – رضي الله عنه – قال : قدم النبي – صلى الله عليه وسلم – المدينة ولهم يومان يلعبون بهما فقال : قد أبدلكم الله تعالى بهما خيراً منهمت يوم الفطر والأضحى " .
2- التشبه بشعائر النصارى وعاداتهم فيما هو من خصائصهم ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " من تشبه بقوم فهو منهم " رواه أبوداود. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذرعا بذراع حتى لو دخلوا حجر ضبا لتبعتموهم "قال الصحابة يا رسول الله :اليهود والنصارى قال:فمن "رواه البخاري ومسلم،.
3- الدعوة إلى العشق والغرام والحب المحرم ، واشتغال القلب بما يضعف إيمانه ويقوي داعي الشهوة فيه .
4- إشاعة الفاحشة والرذيلة وإقامة العلاقات غير الشرعية بين أبناء المسلمين من خلال الحفلات المختلطة والبرامج والسهرات المشبوهة.
ويجب على شباب المسلمين وفتياتهم أن يتقوا الله ويلتزموا بشرعه ويتركوا هذه العادة السيئة ،
ويعلموا أنه لايباح للشاب أن يرتبط بالفتاة عاطفيا ويتعلق بها ويظهر لها مشاعر الحب والغرام إلا عن طريق الزواج الشرعي فقط وما سوى ذلك فلا يجوز، ولا يبررهذا العمل النية الطيبة ،
وإذا ارتبط بها عن طريق الشرع فلا حاجة له بعيد الحب والإسلام شرع له وسائل كثيرة نافعة تقوي روابط الحب فيما بينهما وتضمن سعادتهما.
ويجب على المسؤلين أن ينهوا عن ذلك ويمنعوه في جميع المجالات التعليم والإعلام والتجارة وغيرها.
ويجب على الأولياء إرشاد أبنائهم ومتابعتهم والأخذ على أيد السفهاء منهم.قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ألا كلكم راع فمسؤول عن رعيته " رواه البخاري.
أسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين ويقينا شر الفتن ماظهر منها وما بطن
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين
للعلماء في هذه المسألة اتجاهان:
1- اتجاه يرى أن هذه الأعياد وافدة إلينا من ثقافات مختلفة عن ثقافتنا وعقائد وديانات تباين عقيدتنا وقيمنا فهذه عادات مذمومة ولسنا في حاجة إلى محاكاتها أو تقليدها فعندنا من ديننا وثقافتنا وقيمنا وتقاليدنا ما يكفينا ويجعلنا رؤوسا تقود ولا تنقاد وتُتْبع ولا تَتّبع.
2- واتجاه آخر يرى أن هذه الأعياد من باب العادات، والأمر في العادات مبني على السعة فالأصل فيها الجواز أو الإباحة، وما دامت هذه الأعياد تتم وفق إسلامنا وضوابطنا ولها أصل في شريعتنا فلا حرمة فيها ولا كراهة.
ومع احترمنا للرأي الأول وتقديرنا لكل من قال به ، نجد أننا مع الرأي الثاني وهو الجواز مع مراعاة الضوابط.
فعيد الأم مثلا هدفه بر الأم في هذا اليوم وإكرامها، ونحن مأمورون ببر الأم في كل يوم من أيام عمرنا فالجنة تحت أقدامها وقد حث القرآن على بر الوالدين والإحسان إليهما ولا مانع أن نذكر الناس في هذا العيد ونحثهم على بر الوالدين لننبه العاصي، ونعين المتذكر أن يواصل هذا البر والإحسان .
فلو كان المسلمون سيحتفلون بعيد الأم للتذكير بفضلها وحث الناس على برها على أن يكون هذا البر متصلا طوال العام ثم نخص الأم بشيء من الحنان والبر في هذا اليوم فلا مانع من هذا الاحتفال ، وهو مثله مثل الاحتفال بالهجرة أو الاحتفال بالمولد النبوي وغير ذلك من الاحتفالات .
أما إن كان الاحتفال سيكون يوما واحدا بعدها نترك أمهاتنا للعوز والضياع والوحدة والحرمان فهذا احتفال بغيض لا يرضي الله ولا رسوله ولا الذوق والطبع السليم ..
وكذلك عيد الحب لو كان سيتخذ فرصة لبث هذه العاطفة الإسلامية النبيلة في المجتمع، هذه العاطفة التي تبدأ بحب الله تعالى وحب رسوله صلى الله عليه وسلم وحب كل ما أتي به من عند الله تعالى وحب الوالدين والزوجة والأولاد وسائر المسلمين حبا عفيفا نظيفا شريفا ينضبط بضوابط الشرع، أقول لو كان ذلك سيحدث فنحن نرحب به ونحث عليه وندعو الناس له.
أما إن كان عيد الحب سيكون قاصرا على الغراميات الثنائية التي لا ضابط لها ولا قيود تقيدها إلا قيد الشهوة المحرمة فلا وألف لا ...
ونستطيع وفق هذه الضوابط السابقة أن نعرف الحكم الفقهي في كل ما يعرض لنا من الأعياد، وملخصها أن تدعو هذا الأعياد لشيء موجود في ديننا ، وأن تنضبط بضوابط الشرع التي أمر بها الله تعالى.
يقول الدكتور محمد بكر إسماعيل أستاذ التفسير وعلوم القرآن بالأزهر ـ رحمه الله ـ:
هذا اليوم الذي تُكرم فيه الأم ويُسميه الناس "عيد الأم" هو مِن بدَع العادات لا مِن بدَع العبادات، وبدَع العادات لا يَأمر بها الإسلام ولا يَنهَى عنها إلا إذا كانت تتصل بالدِّين من قريب أو مِن بعيد، فإذا كانت هذه العادات تُعبِّر عن الوفاء والاعتراف بالجميل وتدعو إلى البرِّ والإحسان إلى مَن يَستحق البرَّ والإحسانَ، كالأمِّ والأبِ ومَن في حُكمهما كالجَدَّة والجَدِّ، فإن الإسلام يُبارك هذه العادات ويُقرُّها.
أمَّا إذا كانت هذه العادات تُعبِّر عن الضِّدِّ مِن ذلك، أو يَترتَّب على فعْلها ما يَعيبه الإسلام ويَنهَى عنه، كالإسراف والتبذير والعبَث واللهْو واللعب والتفاخُر، فإن الإسلام يَنهَى عن ذلك ويُحذر منه.
ونَخلُص مِن هذا إلى أن عيد الأم ليس عيدًا إسلاميًّا؛ لأن الله ـ عز وجل ـ قد جعل للمسلمين عيدَينِ فقط هما عيدُ الفِطْرِ وعيد الأضحى. ومع ذلك لا يُعتبر هذا العيد بدْعةً؛ لأنه من قَبيل العادات كما قلنا.
والبدْعة المُحرَّمة هي التي تُؤدي إلى زيادة في الدِّين أو تَغيير في السُّنَنِ، وعندئذٍ تكون هذه البدْعة ضلالةً، وكلُّ ضلالةٍ في النار كما جاء في الحديث الصحيح.
وقد عرَّف "الشاطبيُّ" البدْعة في كتاب الاعتصام (1 /36) فقال:
"هي طريقة في الدِّين مُخترَعة، تُضاهي الشرعيَّة، يُقصَد بالسلوك عليها التعبُّدُ لله سبحانه وتعالى".
أما العادات فليست طريقةً مخترَعة في الدين، بل هي أمرٌ من أمور الدِّين تُرِكَ لنا تَوسعةً علينا، فإنْ أدَّتْ هذه الطريقة المُعتادة إلى إخلال بسُنة من السُّنن المشروعة فهي بدْعة. وعيد الأم لا يُؤدي إلى إخلال بالسنن المشروعة، وبالتالي لا يُعَدُّ مِن البِدَعِ.
ويقول سماحة المستشار فيصل مولوي -نائب رئيس المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء-:
تكريم الأم مطلوب على مدار السنة كلّها. واحترامها وطلب مرضاتها وخدمتها وسائر أعمال البرّ مطلوب طلباً مؤكداً في كتاب الله وفي سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، مما أصبح مشهوراً على ألسنة جميع الناس.
إلا أن الغربيين اعتادوا على تحديد أحد أيام السنة واعتبروه عيداً للأم، يقوم أولادها فيه بتقديم الهدايا لها وتكريمها. والمسلمون ليس عندهم عيد من الناحية الشرعية إلا عيد الفطر وعيد الأضحى، وما سوى ذلك من مناسبات تحدث فهي لا تتجاوز أن تكون مناسبة أو أن تسمّى مثلاً يوم الأمّ أو ذكرى يوم معيّن. فإذا اعتبرنا ما يسمّيه الغربيون عيداً للأمّ يوماً لتكريمها تكريماً إضافياً فليس هناك مانع شرعي في هذا الأمر.
والحرج الشرعي يكون في اعتبار هذا اليوم عيداً بالمعنى الشرعي. ويكون كذلك في حصر تكريم الأم بهذا اليوم، فإذا انتفى هذان الأمران فلا حرج من تكريم الأمّ في يوم الأمّ، إلا عند الذين يعتبرون ذلك من قبيل تقليد غير المسلمين والتشبّه بهم.
ونحن نعتقد أن تقليد غير المسلمين والتشبّه بهم لا يجوز فيما يكون من خصوصياتهم ولا أصل له في شرعنا. أمّا تكريم الأمّ فله أصل شرعي معروف؛ وبالتالي فإن هذا الأمر لا يعتبر من التشبّه الذي نُهينا عنه.
ويقول العلامة فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي – حفظه الله-:
عندما اخترع الغرب عيد الأم قلدناهم في ذلك تقليدًاً أعمى، ولم نفكر في الأسباب التي جعلت الغرب يبتكر عيد الأم ، فالمفكرون الأوربيون وجدوا الأبناء ينسون أمهاتهم ، ولا يؤدون الرعاية الكاملة لهن ، فأرادوا أن يجعلوا يوماً فى السنة ، ليذكروا الأبناء بأمهاتهم ، ولكن عندنا عيد للأم في كل لحظة من لحظاتها فى بيتها ، فالإنسان منا ساعة خروجه من البيت يقبل يد أمه ، ويطلب دعواتها يزورها بالهدايا دائماً ، إذن ليس هناك ضرورة لهذا العيد عندنا ، ولكننا أخذنا ذلك على أنه منقبة من مناقب الغرب ، فى حين أنه مثلبة ، فى أوربا يترك الولد أمه تعيش فى ملجأ وأبوه يعيش فى مكان لا يدرى عنه شيئاً ، وليس فى حياتنا مثل ذلك .
فالإسلام أعطانا تكاتفاً وعلى قدر حاجة الأبوين رتب الإسلام الحقوق (أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أبوك ) لأن أباك رجل حتى لو تعرض للسؤال فلا حرج، وإنما الأم لا .
وعندما نستعرض القضية القرآنية فى هذا الخصوص ( ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا ) وجدنا القرآن يوصى بالوالدين، ولكن إذا نظرت للآية القرآنية تجد أن الحيثيات فى الآية للأم كلها ، وفى البداية أتى بحيثية مشتركة ، ثم قال (حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) الأحقاف: 15.
فلماذا ؟ لأن علاقة الأم مع الإنسان قبل أن يعقل ، وهذه نقطة يجب أن ننتبه إليها ، الإنسان لم ير أمه وهى تحمله فى بطنها لم ير أمه وهى تتعب فى تربيته وهو صغير ، ولكنه رأى أن أباه هو الذي يرعى الأسرة ، إذا طلب شيئاً فأمه تقول له : أبوك .إذن الأمور منسوبة إلى الأب كلها ، فأراد اللّه أن يؤكد على الأم فى الحيثيات ليؤكد مكانتها فى الإسلام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق