ﺇﺫﺍ ﺻﺢ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻬﻮ ﻣﺬﻫﺒﻲ
ﻛﺘﺒﻪ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻮﺍﻣﺔ
ﻛﻴﻒ ﻧﺮﺩ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﺇﻥ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻗﺎﻝ : ﺇﺫﺍ ﺻﺢَّ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚُ ﻓﻬﻮ ﻣﺬﻫﺒﻲ، ﻭﻫﺎ ﻗﺪ ﺻﺢَّ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ، ﻓﻬﻮ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﻴﻦ ـ ﻣﺜﻼً ـ ﻓﺈﺫﺍ ﻋَﻤِﻠﻨﺎ ﺑﻪ، ﻧﻜﻮﻥُ ﻗﺪ ﻋﻤﻠﻨﺎ ﺑﺴﻨﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ، ﻭﻋﻤِﻠﻨﺎ ﺑﻤﺬﻫﺐ ﺇﻣﺎﻡ ﻣﻌﺘﺒَﺮ ﻣﻦ ﺃﺋﻤﺔ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﻭﻻ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﻤﻨﻄﻖ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﻧﻘﻮﻝ : ﻣﺬﻫﺐ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺩُﻭِّﻥ ﻋﻨﻪ ﻓﻲ ﻛﺘﺐ ﻣﺬﻫﺒﻪ ﻓﻘﻂ .!
ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ :
ﺇﻥ ﻛﻠﻤﺔ " ﺇﺫﺍ ﺻﺢ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻬﻮ ﻣﺬﻫﺒﻲ " ﻗﺎﻟﻬﺎ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻭﻏﻴﺮُﻩ ﻣﻦ ﺍﻷﺋﻤﺔ، ﺑﻞ ﻫﻲ ﻟﺴﺎﻥُ ﺣﺎﻝِ ﻛﻞِّ ﻣﺴﻠﻢٍ ﻋَﻘَﻞ ﻣﻌﻨﻰ ﻗﻮﻝ " ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﺤﻤﺪ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ."
ﻭﻗﺪ ﻧﻘﻞ ﻛﻠﻤﺔَ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﺑﻦُ ﻛﺜﻴﺮ ﻓﻲ " ﺗﻔﺴﻴﺮﻩ " ﺁﺧﺮَ ﺑﺤﺜﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﺍﻟﻮﺳﻄﻰ ﻭﺃﻧﻬﺎ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﻌﺼﺮ، ﻭﻋﻠَّﻖ ﺑﻘﻮﻟﻪ : " ﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺳﻴﺎﺩﺗﻪ ﻭﺃﻣﺎﻧﺘﻪ، ﻭﻫﺬﺍ ﻧَﻔَﺲ ﺇﺧﻮﺍﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﻷﺋﻤﺔ ﺭﺣﻤﻬﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺭﺿﻲ ﻋﻨﻬﻢ ﺃﺟﻤﻌﻴﻦ )" ) . ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺤﺎﻓﻆ ﺃﺑﻮ ﺯﺭﻋﺔ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻲ ( ) : " ﻻ ﻳﺴﻮﻍ ﻋﻨﺪﻱ ﻟﻤﻦ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻔﻬﻢ ﻭﻣﻌﺮﻓﺔ ﺻﺤﻴﺢ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﻦ ﺳﻘﻴﻤﻪ، ﻭﺍﻟﺘﻤﻜُّﻦ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﻲ ﺍﻷﺻﻮﻝ ﻭﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ، ﻭﻣﻌﺮﻓﺔ ﺧﻼﻑ ﺍﻟﺴﻠﻒ ﻭﻣﺄﺧﺬﻫﻢ، ﺇﺫﺍ ﻭﺟﺪ ﺣﺪﻳﺜﺎً ﺻﺤﻴﺤﺎً ﻋﻠﻰ ﺧﻼﻑ ﻗﻮﻝ ﻣﻘﻠَّﺪﻩ : ﺃﻥ ﻳﺘﺮﻙ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻭﻳﻌﻤﻞ ﺑﻘﻮﻝ ﺇﻣﺎﻣﻪ )" ) .
ﻏﻴﺮ ﺃﻥ ﻣﺮﺍﺩﻫﻢ ﻣﻦ ﻗﻮﻟﻬﻢ ﻫﺬﺍ ﻫﻮ : ﺇﺫﺍ ﺻَﻠَﺢَ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﺑﻪ ﻓﻬﻮ ﻣﺬﻫﺒﻲ . ﻭﺃَﺩَﻉُ ﺗﻮﺿﻴﺢ ﻫﺬﺍ ﺇﻟﻰ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﺍﻷﺋﻤﺔ ﻓﻲ ﻣﺬﺍﻫﺒﻬﻢ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ : ﺍﻟﺤﻨﻔﻲ ﻭﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻭﺍﻟﻤﺎﻟﻜﻲ، ﻓﻘﺪ ﺑﻴَّﻨﻮﺍ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ، ﻛﻤﺎ ﺑﻴﻨﻮﺍ ﻣَﻦ ﻳَﺼﻠُﺢ ﻟﺬﻟﻚ .
ﺃﻣﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻨﻔﻴﺔ : ﻓﻘﺪ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔُ ﺍﺑﻦُ ﺍﻟﺸِّﺤْﻨﺔ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮُ ﺍﻟﺤﻠﺒﻲُّ ﺍﻟﺤﻨﻔﻲُّ ﺷﻴﺦُ ﺍﻟﻜﻤﺎﻝِ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻬﻤﺎﻡ ﺭﺣﻤﻬﻤﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻓﻲ ﺃﻭﺍﺋﻞ ﺷﺮﺣﻪ ﻋﻠﻰ " ﺍﻟﻬﺪﺍﻳﺔ " ﻣﺎ ﻧﺼﻪ : " ﺇﺫﺍ ﺻﺢ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚُ ﻭﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺧﻼﻑ ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ، ﻋُﻤِﻞ ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺚ، ﻭﻳﻜﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﻣﺬﻫﺒَﻪ، ﻭﻻ ﻳَﺨﺮﺝ ﻣﻘﻠِّﺪﻩ ﻋﻦ ﻛﻮﻧﻪ ﺣﻨﻔﻴﺎً ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﺑﻪ، ﻓﻘﺪ ﺻﺢَّ ﻋﻨﻪ ـ ﻋﻦ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ـ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ : ﺇﺫﺍ ﺻﺢَّ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻬﻮ ﻣﺬﻫﺒﻲ، ﻭﻗﺪ ﺣﻜﻰ ﺫﻟﻚ ﺍﺑﻦُ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺒﺮ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻭﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺍﻷﺋﻤﺔ ." ﺍﻧﺘﻬﻰ ﻛﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺸﺤﻨﺔ . ﻭﻧﻘﻞ ﻛﻼﻣَﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﺑﻦُ ﻋﺎﺑﺪﻳﻦَ ( ) ﻭﻋﻠَّﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻘﻮﻟﻪ : " ﻭﻧَﻘَﻠﻪ ﺃﻳﻀﺎً ﺍﻹﻣﺎﻡُ ﺍﻟﺸَّﻌْﺮﺍﻧﻲ ﻋﻦ ﺍﻷﺋﻤﺔ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ . ﻭﻻ ﻳَﺨﻔﻰ ﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﻟﻤﻦ ﻛﺎﻥ ﺃﻫﻼً ﻟﻠﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ، ﻭﻣﻌﺮﻓﺔِ ﻣﺤﻜَﻤﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﻨﺴﻮﺧﻬﺎ، ﻓﺈﺫﺍ ﻧﻈﺮ ﺃﻫﻞُ ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﻭﻋَﻤِﻠﻮﺍ ﺑﻪ : ﺻﺢَّ ﻧﺴﺒﺘُﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ، ﻟﻜﻮﻧﻪ ﺻﺎﺩﺭﺍً ﺑﺈﺫﻥ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ، ﺇﺫْ ﻻﺷﻚ ﻟﻮ ﻋَﻠﻢ ﺑﻀﻌﻒ ﺩﻟﻴﻠﻪ ﺭَﺟَﻊ ﻋﻨﻪ ﻭﺍﺗَّﺒﻊ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞَ ﺍﻷﻗﻮﻯ ." ﻭﻗﺎﻝ ﺃﻳﻀﺎً ( ) : " ﻣﺎ ﺻﺢّ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺨﺒﺮ ﺑﻼ ﻣﻌﺎﺭﺽ ﻓﻬﻮ ﻣﺬﻫﺐ ﻟﻠﻤﺠﺘﻬﺪ ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﻨﺺَّ ﻋﻠﻴﻪ، ﻟﻤﺎ ﻗﺪﻣﻨﺎﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻄﺒﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﺤﺎﻓﻆ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺒﺮ ﻭﺍﻟﻌﺎﺭﻑ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﻧﻲ، ﻋﻦ ﻛﻞّ ﻣﻦ ﺍﻷﺋﻤﺔ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ : ﺇﺫﺍ ﺻﺢ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻬﻮ ﻣﺬﻫﺒﻲ ."
ﻭﻗﺪ ﺗﻌﺮَّﺽ ﺍﺑﻦُ ﻋﺎﺑﺪﻳﻦَ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺃﻳﻀﺎً ﻓﻲ ﺭﺳﺎﻟﺘﻪ " ﺷﺮﺡ ﺭﺳﻢ ﺍﻟﻤﻔﺘﻲ )" ) ﻭﻧَﻘَﻞَ ﻛﻼﻡَ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺸﺤﻨﺔ ﻭﻗﻴَّﺪﻩ ﺑﻤﺎ ﻗﻴَّﺪﻩ ﺑﻪ ﻓﻲ ﻛﻼﻣﻪ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖِ ﻧَﻘْﻠُﻪ ﻋﻦ " ﺣﺎﺷﻴﺘﻪ " ﺑﺎﻟﺤﺮﻑ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ، ﺛﻢ ﺯﺍﺩ ﻗﻴﺪﺍً ﺁﺧﺮَ ﻓﻘﺎﻝ : " ﻭﺃﻗﻮﻝ ﺃﻳﻀﺎً : ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺗﻘﻴﻴﺪُ ﺫﻟﻚ ﺑﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﻭﺍﻓﻖ ﻗﻮﻻً ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ، ﺇﺫْ ﻟﻢ ﻳﺄﺫَﻧﻮﺍ ﻓﻲ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﻓﻴﻤﺎ ﺧَﺮَﺝ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ ﻣﻤﺎ ﺍﺗﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﺋﻤﺘُﻨﺎ، ﻷﻥَّ ﺍﺟﺘﻬﺎﺩَﻫﻢ ﺃﻗﻮﻯ ﻣﻦ ﺍﺟﺘﻬﺎﺩﻩ، ﻓﺎﻟﻈﺎﻫﺮ ﺃﻧﻬﻢ ﺭﺃﻭﺍ ﺩﻟﻴﻼً ﺃﺭﺟﺢَ ﻣﻤﺎ ﺭﺁﻩ ﺣﺘﻰ ﻟﻢ ﻳﻌﻤﻠﻮﺍ ﺑﻪ )" ) .
ﻭﺃُﺣﺐُّ ﺃﻥ ﺃﻟﻔِﺖَ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺃﻣﺮﻳﻦ :
ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ : ﺃﻥ ﺑﻌﺾَ ﺍﻟﻤﻐﺮِّﺭﻳﻦ ﻧﻘﻞ ﻛﻼﻡَ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺸِّﺤْﻨﺔ ﻫﺬﺍ ﻋﻦ ﺣﺎﺷﻴﺔ ﺍﺑﻦ ﻋﺎﺑﺪﻳﻦ، ﻭﺃﻭﻫﻢَ ﺍﻟﻨﺎﺱَ ﺃﻥ ﺍﺑﻦ ﻋﺎﺑﺪﻳﻦ ﺳﻜﺖ ﻋﻨﻪ، ﻭﺃﻓﻬﻤَﻬﻢ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺭﺃﻱُ ﻋﻠﻤﺎﺀِ ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ، ﻭﻻﺳﻴﻤﺎ ﺍﺑﻦُ ﻋﺎﺑﺪﻳﻦ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ، ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺧﺎﺗﻤﺔ ﺍﻟﻤﺤﻘﻘﻴﻦ ﺍﻟﻤﺘﺄﺧﺮﻳﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ . ﻛﻤﺎ ﻓَﻌَﻠﻮﺍ ﻣﺜﻞَ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﻧﻘﻠﻬﻢ ﻋﺒﺎﺭﺍﺕٍ ﻛﻬﺬﻩ ﻋﻦ " ﺍﻟﻤﻴﺰﺍﻥ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ " ﻟﻠﺸَّﻌﺮﺍﻧﻲ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﺗﺴﺘَّﺮﻭﺍ ﻭﺭﺍﺀ ﻛﻼﻣﻪ، ﻭﻗﺎﻟﻮﺍ ﻟﻠﻨﺎﺱ : ﺇﻧﻪ ﻋﺎﻟﻢٌ ﻣﻌﺘﺒﺮٌ ﺻﻮﻓﻲٌّ ﻣﻘﺒﻮﻝٌ ﻛﻼﻣﻪُ ﻋﻨﺪ ﺃﺗﺒﺎﻉ ﺃﺋﻤﺔ ﺍﻟﻤﺬﺍﻫﺐ ! ﻭﻫﻮ ﻛﺬﻟﻚ . ﻭﻟﻜﻨﻪ : ﻛﻼﻡ ﺣﻖّ ﺃُﺭﻳﺪ ﺑﻪ ﺑﺎﻃﻞ، ﻭﻟُﺒِّﺲ ﺛﻮﺏَ ﺑﺎﻃﻞ .
ﺛﺎﻧﻴﻬﻤﺎ : ﺃﻥَّ ﻗﻮﻝَ ﺍﺑﻦِ ﻋﺎﺑﺪﻳﻦ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺗﻌﻠﻴﻘﻪ ﻋﻠﻰ ﻛﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺸِّﺤْﻨﺔ : " ﻭﻻ ﻳﺨﻔﻰ ﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﻟﻤﻦ ﻛﺎﻥ ﺃﻫﻼً :".. ﻗﻮﻝٌ ﻟﻪ ﺃﻫﻤﻴﺘﻪ ﺍﻟﺒﺎﻟﻐﺔ، ﺇﺫْ ﺇﻥ ﻛﻠﻤﺔ " ﻭﻻ ﻳﺨﻔﻰ " ﻫﻲ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ﻗﻮﻟﻨﺎ ﻧﺤﻦ ﻓﻲ ﻣﺨﺎﻃﺒﺎﺗﻨﺎ ﺍﻟﻴﻮﻡ : ﻭﺑَﺪَﻫﻲ . ﻓﻬﻮ ـ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ـ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻘﻴﻴﺪ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﺒَﺪَﻫﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺴﻠَّﻤﺎﺕ، ﻭﻣﻤﺎ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺍﻟﺘﻐﺎﻓﻞ ﻋﻨﻪ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻮﻗﻒ ﻓﻲ ﻗﺒﻮﻟﻪ، ﻓﻤﻦ ﺍﻟﺒَﺪَﻫﻴﺎﺕ ـ ﻣﺜﻼً ـ ﺃﻥ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ : ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻃﺎﻟﻌﺔ، ﻳﻔﻴﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻬﺎﺭٌ ﻻ ﻟﻴﻞ، ﻓﻜﺬﻟﻚ ﻗﻮﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ : ﺇﺫﺍ ﺻﺢ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻬﻮ ﻣﺬﻫﺒﻲ، ﻳﻔﻴﺪ ﺇﻓﺎﺩﺓً ﺑَﺪَﻫﻴﺔ ﻣﺴﻠَّﻤﺔ ﻻ ﺗﻮﻗُّﻒ ﻓﻴﻬﺎ : ﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﻟﻤﻦ ﻛﺎﻥ ﺃﻫﻼً ﻟﻠﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﻭﻣﻌﺮﻓﺔ ﻧﺎﺳﺨﻬﺎ ﻭﻣﻨﺴﻮﺧﻬﺎ، ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ، ﻓﻼ ﻳﺠﻮﺯ ﻟﻠﺠﻬﻼﺀ ﺃﻭ ( ﺃﻧﺼﺎﻑ ) ﺍﻟﻤﺘﻌﻠِّﻤﻴﻦ ﺍﻟﻤﻐﺮﻭﺭﻳﻦ ﺃﻥ ﻳﺘﺠﺮﺅﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ .! ﻭﻗﺪ ﺃﻏﻔﻞ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﻤﻐﺮِّﺭﻭﻥ ﺍﻟﻤﺸﻮِّﺷﻮﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻴﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻻﺑﺪَّ ﻣﻨﻪ، ﻭﺇﻧﺎ ﻟﻠﻪ ﻭﺇﻧﺎ ﺇﻟﻴﻪ ﺭﺍﺟﻌﻮﻥ .
ﻭﻧﻘﻞ ﻛﻼﻡَ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺸِّﺤﻨﺔ ﻭﺗﻘﻴﻴﺪَ ﺍﺑﻦ ﻋﺎﺑﺪﻳﻦ ﻟﻪ ﻓﻲ " ﺍﻟﺤﺎﺷﻴﺔ :" ﺍﻟﻌﻼﻣﺔُ ﺍﻟﻤﻔﺴِّﺮُ ﺍﻟﻤﺤﺪﺙُ ﺍﻟﻔﻘﻴﻪ ﻓﻀﻴﻠﺔ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻐﻔﺎﺭ ﻋﻴﻮﻥ ﺍﻟﺴﻮﺩ ﺍﻟﺤﻤﺼﻲّ ﺍﻟﺤﻨﻔﻲ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ( ﺍﻟﻤﻮﻟﻮﺩ ﻓﻲ ﺻﻔﺮ ﻋﺎﻡ 1290 ، ﻭﺍﻟﻤﺘﻮﻓﻰ 27 ﻣﻦ ﺷﻬﺮ ﺭﺑﻴﻊ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﺎﻡ 1349 ) ﻓﻲ ﺭﺳﺎﻟﺘﻪ ﺍﻟﻨﺎﻓﻌﺔ ﺍﻟﻤﺎﺗﻌﺔ " ﺩﻓﻊ ﺍﻷﻭﻫﺎﻡ ﻋﻦ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﺧﻠﻒ ﺍﻹﻣﺎﻡ )" ) ﻭﻗﺎﻝ : " ﻫﻮ ﺗﻘﻴﻴﺪ ﺣﺴﻦ، ﻷﻧﺎ ﻧﺮﻯ ﻓﻲ ﺯﻣﺎﻧﻨﺎ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻣﻤﻦ ﻳُﻨﺴﺐ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻣﻐﺘﺮﺍً ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ، ﻳﻈﻦُّ ﺃﻧﻪ ﻓﻮﻕ ﺍﻟﺜﺮﻳﺎ ﻭﻫﻮ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻀﻴﺾ ﺍﻷﺳﻔﻞ، ﻓﺮﺑﻤﺎ ﻳﻄﺎﻟﻊ ﻛﺘﺎﺑﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﺴﺘﺔ ـ ﻣﺜﻼً ـ ﻓﻴﺮﻯ ﻓﻴﻪ ﺣﺪﻳﺜﺎً ﻣﺨﺎﻟﻔﺎً ﻟﻤﺬﻫﺐ ﺃﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻓﻴﻘﻮﻝ : ﺍِﺿﺮِﺑﻮﺍ ﻣﺬﻫﺐَ ﺃﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻋﻠﻰ ﻋُﺮْﺽ ﺍﻟﺤﺎﺋﻂ، ﻭﺧﺬﻭﺍ ﺑﺤﺪﻳﺚ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﻨﺴﻮﺧﺎً ﺃﻭ ﻣﻌﺎﺭَﺿﺎً ﺑﻤﺎ ﻫﻮ ﺃﻗﻮﻯ ﻣﻨﻪ ﺳﻨﺪﺍً، ﺃﻭ ﻧﺤﻮ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﻣﻮﺟِﺒﺎﺕ ﻋﺪﻡِ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﻪ، ﻭﻫﻮ ﻻ ﻳﻌﻠﻢ ﺑﺬﻟﻚ، ﻓﻠﻮ ﻓُﻮِّﺽ ﻟﻤﺜﻞ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﻌﻤﻞُ ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﻄﻠﻘﺎً : ﻟﻀﻠّﻮﺍ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮٍ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺎﺋﻞ، ﻭﺃﺿﻠﻮﺍ ﻣَﻦ ﺃﺗﺎﻫﻢ ﻣﻦ ﺳﺎﺋﻞ )" ) .
ﻭﻫﻨﺎ ﺗﺜﻮﺭُ ﺛﺎﺋﺮﺓ ﺃﺩﻋﻴﺎﺀ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﺎﻟﺴﻨﺔ ﻓﻴﻘﻮﻟﻮﻥ : ﻫﻞ ﻳﺠﻮﺯ ﻟﻜﻢ ﺃﻥ ﺗﺤﻜﻤﻮﺍ ﺑﺎﻟﻀﻼﻝ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻳﻌﻤﻞ ﺑﺎﻟﺴﻨﺔ ﻭﻳﻔﺘﻲ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﻬﺎ؟ ! ﻓﻨﻘﻮﻝ : ﻧﻌﻢ ﺇﺫﺍ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺃﻫﻼً ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ، ﻓﺤُﻜْﻤﻨﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﻟﻀﻼﻝ ﻻ ﻟﻌﻤﻠﻪ ﺑﺎﻟﺴﻨﺔ، ﻣﻌﺎﺫ ﺍﻟﻠﻪ، ﺑﻞ ﻟﺘﺠﺮُّﺋﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﺃﻫﻼً ﻟﻪ ( ) . ﻭﻗﺪ ﺳَﺒَﻘَﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺇﻣﺎﻡ ﻣﻦ ﺃﺋﻤﺔ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺚ ﻭﺍﻟﻔﻘﻪ، ﻫﻮ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺑﻮ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻭﻫﺐ ﺍﻟﻤﺼﺮﻱ ﺃﺣﺪُ ﺃﺟﻼﺀ ﺗﻼﻣﺬﺓِ ﺍﻹﻣﺎﻡِ ﻣﺎﻟﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﻤﻨﻮﺭﺓ، ﻭﺍﻹﻣﺎﻡِ ﺍﻟﻠﻴﺚ ﺑﻦ ﺳﻌﺪ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ، ﻗﺎﻝ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ : " ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣَﻀِﻠَّﺔ ﺇﻻ ﻟﻠﻌﻠﻤﺎﺀ )" ) . ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺯﻳﺪ ﺍﻟﻘَﻴْﺮﻭﺍﻧﻲ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ : " ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻋﻴﻴﻨﺔ : " ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣَﻀِﻠَّﺔ ﺇﻻ ﻟﻠﻔﻘﻬﺎﺀ " ﻳﺮﻳﺪ : ﺃﻥ ﻏﻴﺮﻫﻢ ﻗﺪ ﻳﺤﻤِﻞ ﺷﻴﺌﺎً ﻋﻠﻰ ﻇﺎﻫﺮﻩ ﻭﻟﻪ ﺗﺄﻭﻳﻞٌ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚٍ ﻏﻴﺮﻩ، ﺃﻭ ﺩﻟﻴﻞٌ ﻳﺨﻔﻰ ﻋﻠﻴﻪ، ﺃﻭ ﻣﺘﺮﻭﻙٌ ﺃﻭﺟَﺐَ ﺗَﺮﻛَﻪ ﻏﻴﺮُ ﺷﻲﺀ، ﻣﻤﺎ ﻻ ﻳﻘﻮﻡ ﺑﻪ ﺇﻻ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﺒﺤﺮ ﻭﺗﻔﻘَّﻪ )" ) .
ﻭﺃﻣﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ : ﻓﻘﺪ ﺗﻌﺮَّﺽ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺎﺧﺘﺼﺎﺭ ﺍﻹﻣﺎﻡُ ﺍﻟﻨﻮﻭﻱ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ " ﺗﻬﺬﻳﺐ ﺍﻷﺳﻤﺎﺀ ﻭﺍﻟﻠﻐﺎﺕ )" ) ﻓﻘﺎﻝ : " ﺍﺣﺘﺎﻁ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻘﺎﻝ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺛﺎﺑﺖٌ ﻋﻨﻪ ﻣﻦ ﺃﻭﺟﻪٍ ﻣﻦ ﻭﺻﻴﺘﻪ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ، ﻭﺗَﺮْﻙِ ﻗﻮﻟﻪ ﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻒِ ﻟﻠﻨﺺ ﺍﻟﺜﺎﺑﺖ ﺍﻟﺼﺮﻳﺢ، ﻭﻗﺪ ﺍﻣﺘﺜﻞ ﺃﺻﺤﺎﺑُﻨﺎ ﺭﺣﻤﻬﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺻﻴﺘَﻪ ﻭﻋﻤﻠﻮﺍ ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺴﺎﺋﻞَ ﻛﺜﻴﺮﺓٍ ﻣﺸﻬﻮﺭﺓ، ﻛﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺘﺜﻮﻳﺐ ﻓﻲ ﺃﺫﺍﻥ ﺍﻟﺼﺒﺢ، ﻭﺍﺷﺘﺮﺍﻁ ﺍﻟﺘﺤﻠُّﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺞ ﺑﻌﺬﺭ ﺍﻟﻤﺮﺽِ ﻭﻧﺤﻮﻩِ، ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻌﺮﻭﻑ . ﻭﻟﻜﻦ ﻟﻬﺬﺍ ﺷﺮﻁٌ ﻗﻞَّ ﻣﻦ ﻳﺘَّﺼﻒُ ﺑﻪ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺯﻣﺎﻥ ( ) ، ﻭﻗﺪ ﺃﻭﺿﺤﺘُﻪ ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﺷﺮﺡ ﺍﻟﻤﻬﺬَّﺏ ."
ﻭﺇﻟﻴﻚ ﻣﻠﺨﺼﺎً ﻣﻤﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ " ﺍﻟﻤﺠﻤﻮﻉ ﺷﺮﺡ ﺍﻟﻤﻬﺬَّﺏ ." ﻗﺎﻝ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ( ) : " ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﻟﻪ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ : ﻟﻴﺲ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﺃﻥ ﻛﻞ ﺃﺣﺪٍ ﺭﺃﻯ ﺣﺪﻳﺜﺎً ﺻﺤﻴﺤﺎً ﻗﺎﻝ : ﻫﺬﺍ ﻣﺬﻫﺐُ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ، ﻭﻋَﻤِﻞ ﺑﻈﺎﻫﺮﻩ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻫﺬﺍ ﻓﻴﻤﻦ ﻟﻪ ﺭﺗﺒﺔُ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩِ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ، ﻭﺷﺮﻃُﻪ : ﺃﻥ ﻳَﻐﻠِﺐَ ﻋﻠﻰ ﻇﻨﻪ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲَّ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻢ ﻳﻘﻒْ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ، ﺃﻭ ﻟﻢ ﻳﻌﻠﻢ ﺻﺤﺘﻪ، ﻭﻫﺬﺍ ﺇﻧﻤﺎ ﻳﻜﻮﻥُ ﺑﻌﺪ ﻣﻄﺎﻟﻌﺔ ﻛﺘﺐِ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻛﻠِّﻬﺎ، ﻭﻧﺤﻮﻩ ﻣﻦ ﻛﺘﺐ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﺍﻵﺧﺬﻳﻦ ﻋﻨﻪ ﻭﻣﺎ ﺃﺷﺒﻬﻬﺎ . ﻭﻫﺬﺍ ﺷﺮﻁٌ ﺻﻌﺐٌ ﻗﻞَّ ﻣﻦ ﻳﺘﺼﻒُ ﺑﻪ .
ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺍﺷﺘﺮﻃﻮﺍ ﻣﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎ : ﻷﻥَّ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﺮﻙَ ﺍﻟﻌﻤﻞَ ﺑﻈﺎﻫﺮ ﺃﺣﺎﺩﻳﺚَ ﻛﺜﻴﺮﺓٍ ﺭﺁﻫﺎ ﻭﻋَﻠِﻤﻬﺎ، ﻟﻜﻦْ ﻗﺎﻡ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞُ ﻋﻨﺪﻩ ﻋﻠﻰ ﻃﻌﻦ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻭ ﻧﺴﺨﻬﺎ ( ) ، ﺃﻭ ﺗﺨﺼﻴﺼِﻬﺎ ﺃﻭ ﺗﺄﻭﻳﻠﻬﺎ ﺃﻭ ﻧﺤﻮ ﺫﻟﻚ . ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺃﺑﻮ ﻋﻤﺮﻭ ـ ﻫﻮ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺼﻼﺡ ـ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ( ) : ﻟﻴﺲ ﺍﻟﻌﻤﻞُ ﺑﻈﺎﻫﺮ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲُّ ﺑﺎﻟﻬﻴِّﻦ، ﻓﻠﻴﺲ ﻛﻞُّ ﻓﻘﻴﻪ ﻳﺴﻮﻍُ ﻟﻪ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﻘﻞَّ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﺑﻤﺎ ﻳﺮﺍﻩ ﺣﺠﺔً ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ . ﻭﻓﻴﻤﻦ ﺳﻠﻚ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺴﻠﻚَ ﻣِﻦ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﻴﻦ ﻣَﻦ ﻋﻤﻞ ﺑﺤﺪﻳﺚٍ ﺗﺮﻛﻪ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻤﺪﺍً ﻣﻊ ﻋﻠﻤﻪ ﺑﺼﺤﺘﻪ، ﻟﻤﺎﻧﻊٍ ﺍﻃَّﻠﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺧَﻔﻲَ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮﻩ، ﻛﺄﺑﻲ ﺍﻟﻮﻟﻴﺪ ﻣﻮﺳﻰ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺍﻟﺠﺎﺭﻭﺩ ـ ﻣﻤﻦ ﺻﺤﺐَ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ـ ﻗﺎﻝ : ﺻﺢ ﺣﺪﻳﺚُ " ﺃﻓﻄﺮ ﺍﻟﺤﺎﺟﻢ ﻭﺍﻟﻤﺤﺠﻮﻡ " ﻓﺄﻗﻮﻝ : ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ : ﺃﻓﻄﺮ ﺍﻟﺤﺎﺟﻢ ﻭﺍﻟﻤﺤﺠﻮﻡ، ﻓﺮﺩّﻭﺍ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺃﺑﻲ ﺍﻟﻮﻟﻴﺪ، ﻷﻥ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺗﺮﻛﻪ ﻣﻊ ﻋﻠﻤﻪ ﺑﺼﺤﺘﻪ، ﻟﻜﻮﻧﻪ ﻣﻨﺴﻮﺧﺎً ﻋﻨﺪﻩ، ﻭﺑﻴَّﻦ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲُّ ﻧﺴﺨَﻪ ﻭﺍﺳﺘﺪﻝَّ ﻋﻠﻴﻪ )" ) ﺍﻧﺘﻬﻰ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﻨﻮﻭﻱ ﻭﻧَﻘْﻠُﻪ ﻛﻼﻡَ ﺍﺑﻦِ ﺍﻟﺼﻼﺡ ( ) .
ﻭﺃﺭﻯ ﺃﻥ ﻳﻀﺎﻑ ﻫﻨﺎ ﻣﺎ ﺃﻭﺟﺰ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﻜﻮﺛﺮﻱ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﺇﻟﻴﻪ ﻓﻲ ﻛﻼﻣﻪ ﺍﻵﺗﻲ ( ) ، ﻭﺗﻮﺿﻴﺤﻪ :
1 ـ ﺇﺫﺍ ﺗﺒﻴَّﻦ ﻟﻨﺎ ﺃﻥ ﺇﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ ﻗﺎﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺩﻭﻥ ﺑﺬﻝ ﺟﻬﺪ ﻣﻨﻪ، ﺑﻞ ﻣﺘﺎﺑﻌﺔً ﻟﻐﻴﺮﻩ .
2 ـ ﻭﻭﺿﺢ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﻇﻬﺮﺕ ﺍﻟﺤﺠﺔ ﻓﻲ ﺧﻼﻑ ﻗﻮﻟﻪ ﺫﺍﻙ .
33 ـ ﻭﻇﻬﺮ ﺧﻄﺄ ﻣﻦ ﺃﺧﺬ ﺍﻹﻣﺎﻡُ ﺑﻘﻮﻟﻪ ﻛﻮﺿﺢ ﺍﻟﺼﺒﺢ . ﻓﺤﻴﻨﺌﺬ ﻻ ﻳﺼﺢ ﺃﻥ ﻳﻌﺰﻯ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝُ ﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻒُ ﻟﻠﺪﻟﻴﻞ ﺍﻟﻮﺍﺿﺢ، ﻷﻥ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻴﻤﺎ ﻻ ﻧﺺَّ ﻓﻴﻪ . ﺍﻧﺘﻬﻰ .
ﻭﻗﺪ ﺣﺼﻞَ ﻻﺑﻦ ﺣِﺒﺎﻥَ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﺴﺮُّﻉ ﺃﻛﺒﺮُ ﻣﻤﺎ ﺣﺼﻞ ﻻﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺍﻟﺠﺎﺭﻭﺩ، ﻓﺈﻧﻪ ﻗﺎﻝ ﻓﻲ " ﺻﺤﻴﺤﻪ )" ) : " ﻛﻞُّ ﺃﺻﻞٍ ﺗﻜﻠَّﻤﻨﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﻛﺘﺒﻨﺎ، ﺃﻭ ﻓﺮﻉٍ ﺍﺳﺘﻨﺒﻄﻨﺎﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﻓﻲ ﻣﺼﻨﻔﺎﺗﻨﺎ : ﻫﻲ ﻛﻠُّﻬﺎ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ، ﻭﻫﻮ ﺭﺍﺟﻊٌ ﻋﻤﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺒﻪ، ﻭﺇﻥْ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﺸﻬﻮﺭَ ﻣﻦ ﻗﻮﻟﻪ، ﻭﺫﺍﻙ ﺃﻧﻲ ﺳﻤﻌﺖُ ﺍﺑﻦَ ﺧﺰﻳﻤﺔ ﻳﻘﻮﻝ ﺳﻤﻌﺖ ﺍﻟﻤﺰﻧﻲَّ ﻳﻘﻮﻝ : ﺳﻤﻌﺖُ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻳﻘﻮﻝ : ﺇﺫﺍ ﺻﺢَّ ﻟﻜﻢ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚُ ﻋﻦ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﺨﺬﻭﺍ ﺑﻪ ﻭﺩﻋﻮﺍ ﻗﻮﻟﻲ ." ﻭﻻ ﺃﺩﺭﻱ ﻛﻴﻒ ﺻﺪﺭﺕْ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺠَﺮﺍﺀﺓ ﻣﻦ ﺍﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ : ﺃﻥ ﻳﻀﺮﺏ ﺑﻜﺘﺐ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻋُﺮْﺽ ﺍﻟﺤﺎﺋﻂ، ﻭﻳﺪﻋﻮﻫﻢ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﺃﺻَّﻠﻪ ﻫﻮ ﻭﻓﺮَّﻋﻪ ﻓﻲ ﻛﺘﺒﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻬﺎ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ، ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﻤﺠﻤﻠﺔ؟ .!! ﻭﻧﻘﻮﻝُ ﻋﻦ ﻗﻮﻟﺔ ﺍﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ ﻫﺬﻩ : ﻗﺪ ﺻﺢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝُ ﺃﻭ ﻧﺤﻮُﻩ ﻋﻦ ﺃﺋﻤﺔ ﺁﺧﺮﻳﻦ، ﻓﻠﻢَ ﻻ ﺗَﻨﺴُﺐ ﻣﺎ ﺃﺻَّﻠْﺘَﻪ ﻭﻓﺮَّﻋﺘَﻪ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﺃﻳﻀﺎً؟ .!
ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﻜﻮﺛﺮﻱ ( ) : " ﻗﻮﻝ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ : ﺇﺫﺍ ﺻﺢ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻬﻮ ﻣﺬﻫﺒﻲ : ﻟﻴﺲ ﺑﻤﻌﻨﻰ : ﺃﻥ ﻛﻞَّ ﻣﺎ ﻗﺎﻝ ﻓﻴﻪ ﺃﺣﺪ : ﺇﻧﻪ ﺣﺪﻳﺚ ﺻﺤﻴﺢ، ﺁﺧُﺬُ ﺑﻪ ﺭﺍﺟﻌﺎً ﻋﻤﺎ ﻗﻠﺘُﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞُ، ﺑﻞ ﺑﻤﻌﻨﻰ : ﺃﻥ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺇﺫﺍ ﺻﺢ ﺑﺸَﺮْﻃﻪ، ﻭﻭَﺿَﺤَﺖْ ﺩﻻﻟﺘﻪ ﺁﺧُﺬُ ﺑﻪ، ﻭﺇﻻ ﺍﺧﺘﻠﻂ ﻣﺬﻫﺒﻪ .
ﻭﻗﺪ ﺃﻗﺎﻣﻮﺍ ﺍﻟﻨﻜﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﺃﺑﻲ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﺠُﻮَﻳﻨﻲ ﺣﻴﺚ ﺣﺎﻭﻝ ﺃﻥ ﻳﺆﻟِّﻒ ﻛﺘﺎﺑﺎً ﻳﺠﻤﻊ ﻓﻴﻪ ﻣﺴﺎﺋﻞَ ﺻﺢَّ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚُ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﻧﻈﺮﻩ، ﻋﺎﺯﻳﺎً ﺇﻳﺎﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ، ﺗﻌﻮﻳﻼً ﻣﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﻤﺤﻜﻲِّ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ( ) ، ﻭﻗﺪ ﺍﺳﺘﺒﺎﻥَ ﻷﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺚ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﺼﺤﺢ ﺃﺣﺎﺩﻳﺚَ ﻏﻴﺮ ﺻﺤﻴﺤﺔ، ﻭﻳﺠﻌﻞ ﺍﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﻤﺴﺘﻨْﺒﻄﺔَ ﻣﻨﻬﺎ ﺃﻗﻮﺍﻻً ﻟﻠﺸﺎﻓﻌﻲ، ﻓﺰﺟﺮﻭﻩ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ."
ﻭﻟﻺﻣﺎﻡ ﺍﻟﺘﻘﻲِّ ﺍﻟﺴﺒْﻜﻲ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺳﻤﺎﻫﺎ " ﻣﻌﻨﻰ ﻗﻮﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﻄﻠﺒﻲ : ﺇﺫﺍ ﺻﺢَّ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻬﻮ ﻣﺬﻫﺒﻲ " ﻧَﻘَﻞ ﻓﻲ ﺃﻭﻟﻬﺎ ﻛﻼﻡَ ﺍﻹﻣﺎﻡِ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺼﻼﺡ ﻭﺍﻹﻣﺎﻡِ ﺍﻟﻨﻮﻭﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﻘﻠﺖُ ﺑﻌﻀﻪ، ﻭﻭﺍﻓﻘﻬﻤﺎ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﻗﺎﻝ ( ) : " ﻫﺬﺍ ﺗﺒﻴﻴﻦٌ ﻟﺼﻌﻮﺑﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﻐﺘﺮَّ ﺑﻪ ﻛﻞ ﺃﺣﺪ )" ) . ﺛﻢ ﻗﺎﻝ ﺑﻌﺪ ﺳﻄﺮﻳﻦ : " ﻭﺃﻣﺎ ﻗﺼﺔُ ﺍﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺍﻟﺠﺎﺭﻭﺩ : ﻓﺎﻟﺮﺩُّ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺍﻟﺠﺎﺭﻭﺩ ﻟﺘﻘﺼﻴﺮﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺤﺚ، ﻻ ﻋﻠﻰ ﺣُﺴْﻦ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﺇﻣﻜﺎﻥِ ﺍﺗﺒﺎﻋﻪ . ﻭﻣﻤﻦ ﻭﺍﻓﻖ ﺍﺑﻦَ ﺃﺑﻲ ﺍﻟﺠﺎﺭﻭﺩ ﻋﻠﻴﻪ : ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻮﻟﻴﺪ ﺍﻟﻨﻴﺴﺎﺑﻮﺭﻱُّ ﺣﺴﺎﻥُ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ، ﻣﻦ ﺫﺭﻳﺔ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺍﻟﻌﺎﺹ، ﻣﻦ ﺃﻛﺎﺑﺮ ﺃﺋﻤﺔ ﺃﺻﺤﺎﺑﻨﺎ، ﺗﻮﻓﻲ ﺳﻨﺔ ﺗﺴﻊ ﻭﺃﺭﺑﻌﻴﻦ ﻭﺛﻼﺙ ﻣﺌﺔ، ﻛﺎﻥ ﻳﺤﻠﻒ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﺃﻥ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺃﻧﻪ ﻳُﻔﻄﺮ ﺍﻟﺤﺎﺟﻢ ﻭﺍﻟﻤﺤﺠﻮﻡ، ﺍﺳﺘﻨﺎﺩﺍً ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻚ . ﻭﻏﻠَّﻄﻪ ﺍﻷﺻﺤﺎﺏ ﺑﻤﺎ ﺳﺒﻖ ـ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺗﺮﻛﻪ ﻣﻊ ﻋﻠﻤﻪ ﺑﺼﺤﺘﻪ ﻟﻜﻮﻧﻪ ﻣﻨﺴﻮﺧﺎً ﻋﻨﺪﻩ ( ) ـ ﻛﻤﺎ ﻏﻠَّﻄﻮﺍ ﺍﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺍﻟﺠﺎﺭﻭﺩ، ﻭﻫﻮ ﻛﻤﺴﺄﻟﺔ ﻳﻐﻠﻂُ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﺠﺘﻬﺪﻳﻦ، ﻟﻜﻦْ ﺗﻐﻠﻴﻂُ ﺫﻟﻚ ﺻﻌﺐ، ﻻﺗِّﺴﺎﻉ ﺍﻟﻤﺪﺍﺭﻙ ... . ﻭﻗﺪ ﺣُﻜﻲ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﺍﻟﻜَﺮَﺟﻲ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲِّ، ﻭﻛﺎﻥ ﻓﻘﻴﻬﺎً ﻣﺤﺪﺛﺎً، ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻻ ﻳﻘﻨﺖ ﻓﻲ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﺼﺒﺢ، ﻳﻘﻮﻝ : ﺻﺢَّ ﻋﻨﺪﻱ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺗﺮﻙ ﺍﻟﻘﻨﻮﺕ ﻓﻲ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﺼﺒﺢ ... . ﻓﺘﺮﻛﺖُ ـ ﺍﻟﻤﺘﻜﻠﻢ ﻫﻮ ﺍﻟﺴﺒْﻜﻲ ﻧﻔﺴﻪ ـ ﺍﻟﻘﻨﻮﺕَ ﻓﻲ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﺼﺒﺢ ﻣﺪﺓً، ﺛﻢ ﻋﻠﻤﺖُ ﺃﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺻﺢَّ ﻣﻦ ﻗﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺍﻟﻘﻨﻮﺕَ ﻓﻲ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﺼﺒﺢ ﻫﻮ : ﺍﻟﺪﻋﺎﺀُ ﻋﻠﻰ ﺭِﻋْﻞٍ ﻭﺫَﻛْﻮﺍﻥ، ﻭﻓﻲ ﻏﻴﺮ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﺼﺒﺢ . ﺃﻣﺎ ﺗﺮﻙ ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ ﻣﻄﻠﻘﺎً ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﻓﻲ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﺼﺒﺢ : ﻓﻔﻴﻪ ﺣﺪﻳﺚ ﻋﻴﺴﻰ ﺑﻦ ﻣﺎﻫﺎﻥ، ﻭﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻣﺎ ﻋُﺮﻑ، ﻭﻟﻴﺲ ﻫﺬﺍ ﻣﻮﺿﻊَ ﺗَﺤﺮﻳﺮﻩ، ﻓﺮﺟﻌﺖُ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻨﻮﺕ، ﻭﺃﻧﺎ ﺍﻵﻥ ﺃﻗﻨﺖ، ﻭﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﺷﻲﺀٍ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺇﺷﻜﺎﻝٌ ﻋﻠﻰ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻗﺼﻮﺭٌ ﻳَﻌﺮِﺽُ ﻟﻨﺎ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻨﻈﺮ ." ﺍﻧﺘﻬﻰ ﻛﻼﻡ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺴﺒﻜﻲ .
ﻭﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺺِّ ﻋﺒﺮﺓٌ ﻟﻤﻦ ﻳﻌﺘﺒﺮ ! ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺣﺎﻝَ ﺍﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺍﻟﺠﺎﺭﻭﺩ ـ ﻭﻫﻮ ﻣﻦ ﺗﻼﻣﺬﺓ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ، ﻭﻣﺤﻠُّﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻣﻌﺮﻭﻑ ـ ﻭﻣﺜﻠُﻪ ﻭﺃﺟﻞُّ ﻣﻨﻪ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻮﻟﻴﺪ ﺍﻟﻨﻴﺴﺎﺑﻮﺭﻱ ـ ﻭﻟﻴﺲ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻭﺍﺓ ﻓﻘﻂ، ﺑﻞ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﻭﺃﺋﻤﺔ ﺍﻟﺪﺭﺍﻳﺔ ـ ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻳﺤﻠﻒُ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻭﻳَﻨﺴُﺐُ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺍﻟﻌﻤﻞَ ﺑﺤﺪﻳﺚٍ ﺗَﺮَﻙَ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺍﻟﻌﻤﻞَ ﺑﻪ ﻋﻤﺪﺍً ﻷﻧﻪ ﻣﻨﺴﻮﺥ ﻋﻨﺪﻩ : ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺣﺎﻝَ ﻫﺆﻻﺀ : ﻓﻤﺎ ﺍﻟﻘﻮﻝُ ﺑﺄﻫﻞ ﺯﻣﺎﻧﻨﺎ ( ) ، ﻫﻞ ﻳﺠﻮﺯُ ﻟﻬﻢ ﺃﻥ ﻳُﻄﺒِّﻘﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻣﻘﺘﻀﻰ ﻗﻮﻟﻪ، ﻭﻫﻢ ﻻﻳﻔﻘﻬﻮﻥ ﻟﻠﺸﺎﻓﻌﻲ ﻗﻮﻻً .!!
ﻭﻫﺬﺍ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺍﻟﻜَﺮَﺟﻲ، ﻭﻗﺪ ﻭﺻﻔﻪ ﺍﻟﺴُّﺒْﻜﻲ ﻛﻤﺎ ﺗَﺮَﻯ ﺑﺎﻟﻔﻘﻴﻪ ﺍﻟﻤﺤﺪﺙ، ﻭﻭﺻﻔﻪ ﺗﻠﻤﻴﺬﻩ ﺍﻟﺴﻤﻌﺎﻧﻲ ﺑﺄﻧﻪ " ﺇﻣﺎﻡٌ ﻭﺭﻉٌ ﻋﺎﻟﻢ ﻋﺎﻗﻞ ﻓﻘﻴﻪ ﻣﻔﺖٍ ﻣﺤﺪﺙٌ ﺷﺎﻋﺮ ﺃﺩﻳﺐ )" ) ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﺗَﺮَﻙَ ﺍﻟﻘﻨﻮﺕَ ﻣﺨﺎﻟﻔﺎً ﻹﻣﺎﻡ ﻣﺬﻫﺒﻪ، ﺑﺤﺠﺔِ ﺻﺤﺔِ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚِ ﻭﺃﻥ ﺇﻣﺎﻣﻪ ﻳﻘﻮﻝ : ﺇﺫﺍ ﺻﺢ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻬﻮ ﻣﺬﻫﺒﻲ، ﻭ " ﺍﺗﺮﻛﻮﺍ ﻗﻮﻟﻲ ﻭﺧﺬﻭﺍ ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺚ " ، ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﺗﻌﻘَّﺒﻪ ﻣَﻦ ﺑﻌﺪﻩ، ﻣﻨﻬﻢ ﺍﻟﺘﺎﺝ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺴﺒﻜﻲ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻤّﺎ ﺗﺮﺟﻢ ﻟﻪ ﻓﻲ " ﻃﺒﻘﺎﺕ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ " ﻓﺈﻧﻪ ﻗﺎﻝ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺫﻛﺮ ﻟﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺃﻱ ( ) : " ﺃﻣﺎﻣَﻪ ﻋَﻘَﺒﺘﺎﻥ ﻓﻲ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻟﺼﻌﻮﺑﺔ : ﺻﺤﺔُ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ـ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﻨﻮﺕ ـ ﻭﻫﻴﻬﺎﺕ ! ﺇﻥ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻚ ﻟَﺸﺪﻳﺪ ﻋﻠﻴﻪ، ﻋﺴﻴﺮ، ﻭﻛﻮﻧُﻪ ﻳﺼﻴﺮ ـ ﺗﺮﻙُ ﺍﻟﻘﻨﻮﺕ ـ ﻣﺬﻫﺒﺎً ﻟﻠﺸﺎﻓﻌﻲ، ﻭﻫﻮ ﺃﻳﻀﺎً ﺻﻌﺐ ."
ﻭﻛﺬﻟﻚ : ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺘﻘﻲ ﺍﻟﺴﺒﻜﻲ ﻛﺎﻥ ﻳﻘﻨﺖ ﻓﻲ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﻔﺠﺮ، ﺑﻤﻘﺘﻀﻰ ﻣﺬﻫﺒﻪ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺸﺄ ﻋﻠﻴﻪ، ﺛﻢ ﻟﻤﺎ ﺍﻃﻠﻊ ﻋﻠﻰ ﻗﺼﺔ ﺍﻟﻜَﺮَﺟﻲ ﻫﺬﺍ ﺗﺮﻙ ﺍﻟﻘﻨﻮﺕ، ﺛﻢ ﺗﺮﺍﻩ ﻋﺎﺩ ﺇﻟﻴﻪ، ﻭﺍﻟﺴﺒﻜﻲُّ ﻫﻮ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻭُﺻﻒ ﺑﺤﻖّ : ﺑﺎﻟﻤﺠﺘﻬﺪ ﺍﻟﻤﻄﻠﻖ، ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺠﺘﻬﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ، ﻭﻭﺻَﻔَﻪ ﻋﺼﺮﻳُّﻪ ﻭﻗَﺮﻳﻨﻪ ﺍﻟﺤﺎﻓﻆ ﺍﻟﺬﻫﺒﻲ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ـ ﻭﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﺍﻟﻤﻨﺰِﻉ ـ ﺑﺄﻧﻪ ﺷﻴﺦ ﻋﺼﺮﻩ ﺣﺪﻳﺜﺎً ﻭﻓﻘﻬﺎً، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﻟﻤﺎ ﺗﻮﻟَّﻰ ﺍﻟﺴُّﺒْﻜﻲ ﺧﻄﺎﺑﺔَ ﺍﻟﺠﺎﻣﻊ ﺍﻷﻣﻮﻱ ﺑﺪﻣﺸﻖ : ﻋﻼﻩ ﺍﻟﺤـﺎﻛـﻢُ ﺍﻟﺒـﺤـﺮُ ﺍﻟﺘﻘﻲُّ ﻟِﻴَـﻬْﻦَ ﺍﻟﻤﻨـﺒَـﺮُ ﺍﻷﻣـﻮﻱُّ ﻟـﻤَّﺎ ﻭﺃﺧﻄَﺒُﻬﻢ ﻭﺃﻗﻀﺎﻫﻢ ﻋﻠﻲُّ () ﺷﻴﻮﺥُ ﺍﻟﻌَﺼﺮِ ﺃﺣﻔﻈُﻬﻢ ﺟﻤﻴﻌﺎً ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺴﺒﻜﻲُّ ﻗﺪ ﺣَﺼَﻞ ﻟﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺮﺩﺩُ ـ ﻭﻫﻮ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻤﻨﺰﻟﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻠﻢ ـ ﻓﻬﻞ ﻳﺠﻮﺯُ ﻟﻤﻦ ﻫﻮ ﺩﻭﻧﻪ ﺃﻥ ﻳﺘﻤﺴﻚَ ﺑﻈﺎﻫﺮِ ﻛﻼﻡِ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲِّ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ، ﻭﻳُﺴﺮﻉَ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﻤﺎ ﺻﺢَّ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ، ﻣﺸﻮِّﺷﺎً ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻣﺘﻈﺎﻫﺮﺍً ﺑﺄﻧﻪ ﻳﻌﻤﻞ ﺑﻤﻘﺘﻀﻰ ﻗﻮﻝ ﺇﻣﺎﻡٍ ﻣﻌﺘﺒﺮٍ ﻣﻦ ﺃﺋﻤﺔِ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻣﻌﺘَﻤﺪٍ ﻋﻨﺪﻫﻢ، ﻓﻠﻢَ ﻧﻨﻜﺮُ ﻋﻠﻴﻪ؟ . ﺛﻢ ﻧﻘﻞ ﺍﻟﺴﺒﻜﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭﺓ ( ) ﻧﺼﺎً ﻃﻮﻳﻼً ﻋﻦ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺑﻲ ﺷﺎﻣﺔ ﺍﻟﻤﻘﺪﺳﻲ ﻓﻴﻪ ﻛﻼﻡ ﻳﺘﻌﻠَّﻖُ ﺑﻤﺎ ﻧﺤﻦ ﻓﻲ ﺻﺪﺩ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻨﻪ، ﻭﺻﺪَّﺭ ﺍﻟﺴﺒﻜﻲُّ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺺَّ ﺑﻘﻮﻟﻪ : " ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺷﺎﻣﺔ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ـ ﺗﻠﻤﻴﺬ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺼﻼﺡ ﻭﺷﻴﺦ ﺍﻟﻨﻮﻭﻱ ـ ﻭﻫﻮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺒﺎﻟﻐﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﺗﺒﺎﻉ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ " ﺛﻢ ﻧﻘﻞ ﻛﻼﻣﻪ، ﻭﻓﻲ ﺁﺧﺮﻩ ﻳﻘﻮﻝ ﺃﺑﻮ ﺷﺎﻣﺔ : " ﻭﻻ ﻳﺘﺄﺗَّﻰ ﺍﻟﻨﻬﻮﺽُ ﺑﻬﺬﺍ ﺇﻻ ﻣﻦ ﻋﺎﻟﻢٍ ﻣﻌﻠﻮﻡِ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺧﺎﻃﺒﻪ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺑﻘﻮﻟﻪ : ﺇﺫﺍ ﻭﺟﺪﺗﻢ ﺣﺪﻳﺚ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺧﻼﻑ ﻗﻮﻟﻲ ﻓﺨﺬﻭﺍ ﺑﻪ ﻭﺩَﻋﻮﺍ ﻣﺎ ﻗﻠﺖُ، ﻭﻟﻴﺲ ﻫﺬﺍ ﻟﻜﻞ ﺃﺣﺪ )" ) . ﻭﺭﻭﻯ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻓﻲ " ﺻﺤﻴﺤﻪ )" ) ﻋﻦ ﺍﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ، ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﻓﻊ ﻳﺪﻳﻪ ﺇﺫﺍ ﻗﺎﻡ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺮﻛﻌﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ . ﻭﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺷﺮﺣﻪ " ﻓﺘﺢ ﺍﻟﺒﺎﺭﻱ " ﻣﺎ ﻧﺼﻪ : " ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺨﻄﺎﺑﻲ : ﻟﻢ ﻳﻘﻞ ﺑﻪ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ، ﻭﻫﻮ ﻻﺯﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﺻﻠﻪ ﻓﻲ ﻗﺒﻮﻝ ﺍﻟﺰﻳﺎﺩﺓ . ﻭﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺧﺰﻳﻤﺔ : ﻫﻮ ﺳﻨﺔ ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﺬﻛﺮﻩ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻓﺎﻹﺳﻨﺎﺩ ﺻﺤﻴﺢ، ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ : ﻗﻮﻟﻮﺍ ﺑﺎﻟﺴﻨﺔ، ﻭﺩَﻋُﻮﺍ ﻗﻮﻟﻲ . ﻭﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺩﻗﻴﻖ ﺍﻟﻌﻴﺪ : ﻗﻴﺎﺱُ ﻧﻈﺮِ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺃﻧﻪ ﻳَﺴﺘﺤﺐ ﺍﻟﺮﻓﻊ ﻓﻴﻪ، ﻷﻧﻪ ﺃﺛﺒﺖ ﺍﻟﺮﻓﻊ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺮﻛﻮﻉ ﻭﺍﻟﺮﻓﻊ ﻣﻨﻪ .. ، ﻭﺃﻣﺎ ﻛﻮﻧﻪ ﻣﺬﻫﺒﺎً ﻟﻠﺸﺎﻓﻌﻲ ﻟﻜﻮﻧﻪ ﻗﺎﻝ : ﺇﺫﺍ ﺻﺢ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻬﻮ ﻣﺬﻫﺒﻲ : ﻓﻔﻴﻪ ﻧﻈﺮ . ﺍﻧﺘﻬﻰ .
ﻭﻭﺟﻪ ﺍﻟﻨﻈﺮ : ﺃﻥ ﻣﺤﻞ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻮﺻﻴﺔ ﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﻋُﺮﻑ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻟﻢ ﻳﻄﻠﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ، ﺃﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﻋُﺮﻑ ﺃﻧﻪ ﺍﻃﻠﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺭﺩَّﻩ ﺃﻭ ﺗﺄﻭّﻟﻪ ﺑﻮﺟﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺟﻮﻩ : ﻓﻼ . ﻭﺍﻷﻣﺮ ﻫﻨﺎ ﻣﺤﺘﻤِﻞ ." ﻭﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺘﺒﻴﻴﻦ ﺍﻟﻬﺎﻡّ ﺟﺪﺍً ﻣﻦ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻷﺋﻤﺔ ﺍﻟﻤﺤﺪﺛﻴﻦ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﺍﻷﺗﻘﻴﺎﺀ، ﻳﺘﺒﻴﻦ ﻟﻨﺎ ﻣَﻦ ﺃﺭﺍﺩﻩ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻓﻲ ﻛﻼﻣﻪ، ﻭﺃﻧﻪ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻣﺎ ﺃﺭﺍﺩ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﻤﺘﻄﺎﻭﻟﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ، ﺍﻟﻤُﻘْﻌَﺪﻳﻦ ﻓﻲ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺃﻣﺮﻫﻢ ﻭﻭﺍﻗﻌﻬﻢ .!
ﻭﺃﻣﺎ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻤﺎﻟﻜﻴﺔ : ﻓﻘﺪ ﺑﻴَّﻦ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺤﺠَّﺔ ﺍﻷﺻﻮﻟﻲ ﺷﻬﺎﺏ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻌﺒﺎﺱ ﺍﻟﻘَﺮَﺍﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﻟﻜﻲ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ " ﺷﺮﺡ ﺍﻟﺘﻨﻘﻴﺢ )" ) ﺑﻴﺎﻥَ ﺣﺎﻝ ﺍﻟﻤﺘﺄﻫِّﻞ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ ﻓﻘﺎﻝ : " ﻛﺜﻴﺮٌ ﻣﻦ ﻓﻘﻬﺎﺀ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ ﻳﻌﺘﻤﺪﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﻭﻳﻘﻮﻟﻮﻥ : ﻣﺬﻫﺐ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻛﺬﺍ، ﻷﻥ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺻﺢ ﻓﻴﻪ . ﻭﻫﻮ ﻏﻠﻂ، ﻷﻧﻪ ﻻﺑﺪَّ ﻣﻦ ﺍﻧﺘﻔﺎﺀِ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭِﺽ، ﻭﺍﻟﻌﻠﻢُ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺽ ﻳﺘﻮﻗَّﻒُ ﻋﻠﻰ ﻣَﻦ ﻟﻪ ﺃﻫﻠﻴﺔُ ﺍﺳﺘﻘﺮﺍﺀ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔِ ﺣﺘﻰ ﻳَﺤﺴُﻦَ ﺃﻥ ﻳﻘﺎﻝَ : ﻻ ﻣﻌﺎﺭﺽَ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ، ﺃﻣﺎ ﺍﺳﺘﻘﺮﺍﺀُ ﻏﻴﺮِ ﺍﻟﻤﺠﺘﻬﺪ ﺍﻟﻤﻄﻠﻖ ﻓﻼ ﻋﺒﺮﺓ ﺑﻪ . ﻓﻬﺬﺍ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞُ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﺤﺼِّﻞ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﺃﻫﻠﻴﺔَ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺀ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﺼﺮّﺡ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻔُﺘﻴﺎ ." ﺃﻱ : ﺇﺫﺍ ﺃﺭﺩﻧﺎ ﺃﻥ ﻧﻨﺴﺐَ ﺇﻟﻰ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺣﻜﻤﺎً ﺑﻨﺎﺀً ﻋﻠﻰ ﺻﺤﺔ ﺣﺪﻳﺚٍ ﻓﻴﻪ، ﻓﻼ ﻳﺠﻮﺯ ﻟﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﻨﺴﺒﻪ ﺇﻟﻴﻪ ﺇﻻ ﺑﻌﺪ ﺗﺘﺒﻌﻨﺎ ﺗﺘﺒﻌﺎً ﻛﺎﻣﻼً، ﻟﻴﺤﺼُﻞ ﻟﻨﺎ ﻋﻠﻢ ﺟﺎﺯﻡٌ ﺑﻌﺪﻡ ﻭﺟﻮﺩ ﺩﻟﻴﻞٍ ﺁﺧﺮ ﻳﻌﺎﺭﺿﻪ، ﻭﻻ ﻳﺤﺼﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﻌﺪﻡ ﻭﺟﻮﺩ ﺩﻟﻴﻞٍ ﻣﻌﺎﺭﺽٍ ﻟﻪ ﺇﻻ ﻟﻤﻦ ﻟﻪ ﺃﻫﻠﻴﺔُ ﺍﺳﺘﻘﺮﺍﺀ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔِ ﻛﺎﻣﻠﺔً، ﻻ ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚِ ﻓﻘﻂ، ﻭﻫﺬﺍ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﻻ ﻟﻠﻤﺠﺘﻬﺪ ﺩﻭﻥ ﺳﻮﺍﻩ .
ﻭﺗُﺬﻛِّﺮﻧﺎ ﻛﻠﻤﺔُ ﺍﻟﻘَﺮَﺍﻗﻲِّ ﺍﻟﻤﺎﻟﻜﻲِّ ﻫﺬﻩ، ﺑﻜﻠﻤﺔٍ ﻟﻤﺎﻟﻜﻲ ﺁﺧﺮ، ﻫﻮ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺍﻟﻤﺎﻟﻜﻲ ( ) ﻗﺎﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﺮﺟﻤﺔ ﺍﻹﻣﺎﻡِ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﺃَﺳﺪِ ﺑﻦ ﺍﻟﻔﺮﺍﺕ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ﺗﻠﻤﻴﺬِ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻣﺎﻟﻚٍ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ، ﻭﻣﺤﻤﺪِ ﺑﻦ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﻓﻲ ﺑﻐﺪﺍﺩ، ﻗﺎﻝ : " ﻭﺍﻟﻤﺸﻬﻮﺭُ ﻋﻦ ﺃﺳﺪ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﻠﺘﺰﻡُ ﻣﻦ ﺃﻗﻮﺍﻝِ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻭﺃﻫﻞِ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻣﺎ ﻭﺍﻓﻖ ﺍﻟﺤﻖَّ ﻋﻨﺪﻩ، ﻭﻳﺤﻖُّ ﻟﻪ ﺫﻟﻚ، ﻻﺳْﺘﺒﺤﺎﺭﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ، ﻭﺑﺤﺜِﻪ ﻋﻨﻬﺎ، ﻭﻛﺜﺮﺓِ ﻣَﻦ ﻟﻘﻲَ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻭﺍﻟﻤﺤﺪﺛﻴﻦ ."
ﻓﺘﺄﻣﻞ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻫَّﻠﺘْﻪ ﻟﺬﻟﻚ : ﺍﺳﺘﺒﺤﺎﺭﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ، ﻭﺑﺤﺜﻪ ﻋﻨﻬﺎ، ﻭﻛﺜﺮﺓ ﺷﻴﻮﺧﻪ . ﻭﻟﻮﻻ ﺿﺮﻭﺭﺓُ ﺍﻟﺘﺄﻣُّﻞِ ﻭﺍﻟﺘﺄﻧّﻲ ﻭﺍﺷﺘﺮﺍﻁِ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ : ﻟﺴﺎﻍ ﻟﻜﻞ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﺃﻥ ﻳﻨﺴﺐ ﻛﻞَّ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻳﻘﺘﻨﻊ ﺑﺼﺤﺔ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻓﻼﻥ ﻣﻦ ﺍﻷﺋﻤﺔ، ﻭﻳﺄﺗﻲَ ﺁﺧﺮ ﻓﻴﻨﺴﺐ ﺍﻟﻘﻮﻝَ ﺑﺎﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺇﻣﺎﻡ ﺁﺧﺮ، ﻭﻳﺄﺗﻲ ﺛﺎﻟﺚٌ ﻓﻴﻘﺘﻨﻊ ﺑﺼﺤﺔ ﺣﺪﻳﺚٍ ﻣﺨﺎﻟﻒٍ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻓﻴﻨﺴﺐ ﺍﻟﻘﻮﻝَ ﺑﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻷﻭﻝ ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻲ، ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻻ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺍﻻﺿﻄﺮﺍﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﺒﻠﺒﻠﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺗﺤﺖ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﺷﻌﺎﺭ : ﺇﺫﺍ ﺻﺢ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻬﻮ ﻣﺬﻫﺒﻲ .!! ﻭﺣﻴﻨﺌﺬ ﻳﺘَّﺴﻊُ ﺍﻟﺨَﺮْﻕ ﻭﺗﻤﺘَﺪُّ ﺍﻟﻔﻮﺿﻰ ﺇﻟﻰ ﺩﻋﻮﻯ ﺍﻹﺟﻤﺎﻉ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺣﺼﻞ ﻷﺣﺪﻧﺎ ﺍﻻﻗﺘﻨﺎﻉ ﺑﺼﺤﺔ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻴﻬﺎ ! ﻷﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ـ ﺇﺫﺍ ﺻﺢ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻬﻮ ﻣﺬﻫﺒﻲ ـ ﻫﻮ ﻟﺴﺎﻥُ ﺣﺎﻝِ ﻛﻞِّ ﻋﺎﻟﻢٍ، ﺑﻞ : ﻛﻞِّ ﻣﺴﻠﻢ، ﻛﻤﺎ ﺃﺳﻠﻔﺘُﻪ ﺃﻭﻝَ ﻛﻼﻣﻲ ﻋﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﺒﻬﺔ، ﻧﺴﺄﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺼَّﻮْﻥ .
ﻓﺈﻥ ﻗﻴﻞ : ﻓﻤﺎ ﻣﺮﺍﺩُ ﺍﻷﺋﻤِﺔ ﻣﻦ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﻭﻣﺎ ﺷﺎﺑﻬﻬﺎ ﻓﻲ ﻧﻔﻮﺱ ﺃﺻﺤﺎﺑﻬﻢ ﻓﻤﻦ ﺑﻌﺪﻫﻢ؟ .
ﻓﺎﻟﺠﻮﺍﺏ : ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔُ ﺍﻟﻤﺤﻘﻖ ﺍﻷﺻﻮﻟﻲ ﻣﻮﻻﻧﺎ ﺍﻟﺸﻴﺦُ ﺣﺒﻴﺐ ﺃﺣﻤﺪ ﺍﻟﻜﻴﺮﺍﻧَﻮﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻘﺪﻣﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻟـ " ﺇﻋﻼﺀ ﺍﻟﺴﻨﻦ " ﺍﻟﺘﻲ ﻃﺒﻌﺖ ﻗﺪﻳﻤﺎً ﺑﺎﺳﻢ " ﺇﻧﻬﺎﺀ ﺍﻟﺴﻜَﻦ " ﻭﺃُﻋﻴﺪ ﻃﺒﻌﻬﺎ ﺣﺪﻳﺜﺎً ﺑﺎﺳﻢ " ﻓﻮﺍﺋﺪ ﻓﻲ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﻔﻘﻪ " ﻗﺎﻝ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ( ) : " ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻗﻮﺍﻝ : ﻫﻮ ﺇﻇﻬﺎﺭ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﺔ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺤﺠﺔ ﻫﻮ ﻗﻮﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻻ ﻗﻮﻟﻲ، ﻓﻼ ﺗﻈﻨﻮﺍ ﻗﻮﻟﻲ ﺣﺠﺔً ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ، ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺑﺮﺃُ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻤﺎ ﻗﻠﺘُﻪ ﺧﻼﻑَ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻻ ﺗﺴﺘﻠﺰﻡ ﻣﺎ ﻧَﺴﺐ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ ﺇﻟﻴﻪ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ـ ﺃﻱ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ـ ﻣﻦ ﺗﺠﻮﻳﺰِ ﻧﺴﺒﺔِ ﻛﻞِّ ﻗﻮﻝٍ ﺻﺢ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺑﻪ ﻋﻨﺪ ﻛﻞ ﻗﺎﺋﻞ : ﺇﻟﻴﻪ، ﻓﺎﻋﺮﻑْ ﺫﻟﻚ ﻭﻻ ﺗﻐﺘﺮَّ ﺑﺄﻣﺜﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ".. ﺇﻟﻰ ﺁﺧﺮ ﻛﻼﻣﻪ ﺍﻟﺪﻗﻴﻖ ﺍﻟﻤﺘﻴﻦ .
ﻭﺧﻼﺻﺔُ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ ﻋﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﺒﻬﺔ ﻣﻦ ﻛﻼﻡ ﻫﺆﻻﺀِ ﺍﻷﺋﻤﺔ : ﺍﺑﻦِ ﻋﺎﺑﺪﻳﻦ، ﻭﺍﺑﻦِ ﺍﻟﺼﻼﺡ، ﻭﺗﻠﻤﻴﺬِﻩ ﺃﺑﻲ ﺷﺎﻣﺔ، ﻭﺗﻠﻤﻴﺬِ ﺃﺑﻲ ﺷﺎﻣﺔ : ﺍﻟﻨﻮﻭﻱ، ﺛﻢ ﺍﻟﻘَﺮﺍﻓﻲ، ﻭﺍﻟﺴﺒﻜﻲ : ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺼﻞُ ﺇﻟﻰ ﺭﺗﺒﺔِ ﺍﺩﻋﺎﺀِ ﻧﺴﺒﺔِ ﺣﻜﻢٍ ﻣﺎ ﺇﻟﻰ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻭﻏﻴﺮﻩ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻟﻪ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭ ﺇﻻ ﻣﻦ ﻭﺻﻞ ﺇﻟﻰ ﺭﺗﺒﺔِ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﺃﻭ ﻗﺎﺭﺑﻬﺎ .
ﻭﺑﻬﺬﺍ ﻳﺘﺒﻴﻦ : ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺤﻖُّ ﻷﻣﺜﺎﻟﻨﺎ ﺃﻥ ﻳَﻌﻤﻞ ﺑﻤﺠﺮَّﺩ ﻭﻗﻮﻓﻪ ﻋﻠﻰ ﺣﺪﻳﺚٍ ﻣﺎ ـ ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺻﺤﻴﺤﺎً ـ ﻭﻳﺪَّﻋﻲ ﺃﻧﻪ ﻣﺬﻫﺐٌ ﻟﻠﺸﺎﻓﻌﻲ ـ ﺃﻭ ﻏﻴﺮﻩ ـ، ﻭﺃﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﻋﻤﻞ ﺑﻪ ﻓﻘﺪ ﻋﻤﻞ ﺑﻤﺬﻫﺐٍ ﻓﻘﻬﻲ ﻣﻌﺘﺒﺮ ﻹﻣﺎﻡ ﻣﻌﺘﻤَﺪ .
ﻭﻳﺘﺒﻴﻦ ﺃﻳﻀﺎً : ﺃﻥ ﺟﻤﺎﻋﺔً ﻣﻦ ﻛﺒﺎﺭ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﻴﻦ ﻋﻤﻠﻮﺍ ﺑﻈﺎﻫﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ : ﻓﻐﻠَّﻄﻬﻢ ﻣَﻦ ﺑﻌﺪﻫﻢ، ﺃﻭ ﺍﺿﻄﺮﺏ ﺗﻄﺒﻴﻘﻬﻢ، ﻓﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺎﻗﻞ ﺇﻻ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ! ﻭﺩِﻳﻦُ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺃﺟﻞُّ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﺘﺮﻙ ﺃُﻟﻌﻮﺑﺔ ﻟﻠﻌﺎﺑﺜﻴﻦ، ﺑﺤﺠﺔ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﺎﻟﺴﻨﺔ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﻣﺘﺄﻫّﻞ .! ﻭﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﻓﻼ ﻧﻨﻜﺮ ﺃﻥ ﻛﻠﻤﺔَ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻫﺬﻩ ﻟﻬﺎ ﺣﻘﻴﻘﺔٌ ﻭﺍﻗﻌﻴﺔٌ ( ) ﻭﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺒﻴﻞ ﻣﺎ ﻋﻠَّﻖ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﺻﺤﺔ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ، ﻭﻗﺪ ﺫﻛﺮ ﺍﻟﺤﺎﻓﻆ ( ) ﺣﺪﻳﺚَ ﻋﺎﺋﺸﺔ : " ﻣَﺤِﻠِّﻲ ﺣﻴﺚُ ﺣَﺒَﺴْﺘَﻨﻲ " ﻭﻗﺎﻝ ": ﻫﻮ ﺃﺣﺪُ ﺍﻟﻤﻮﺍﺿﻊ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﻠَّﻖ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺍﻟﻘﻮﻝَ ﺑﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺻﺤﺔ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ، ﻭﻗﺪ ﺟﻤﻌﺘُﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﻣﻔﺮﺩ، ﻣﻊ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ." ﻭﻟﻜﻞِّ ﻣﻴﺪﺍﻥٍ ﺭﺟﺎﻟﻪُ، ﻭﻻ ﻳﺠﻮﺯُ ﻹﻧﺴﺎﻥ ﺃﻥ ﻳﺘﻌﺪَّﻯ ﻃﻮﺭَﻩ .
ﻭﺃﻗﻮﻝ ﺑﻌﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ : ﺃﻓﻼ ﻳﺤﻖُّ ﻟﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﻌﺘﺒﺮَ ﻣﻦ ﻭﺍﻗﻊ ﻏﻴﺮﻧﺎ ـ ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻤﻬﻢ ﻭﻓﻀﻠﻬﻢ ( ) ـ ﻓﻨﺜﺒُﺖَ ﻋﻨﺪ ﺃﻗﻮﺍﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴَّﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﻨﺎ ﺍﻻﻗﺘﺪﺍﺀَ ﺑﻪ ﻣﻨﺬ ﺃﻭﻝ ﻧﺸﺄﺗﻨﺎ؟ .! ﻭﻗﺪ ﺃﺛﺎﺭﺕْ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺠﻤﻠﺔُ ﺣﻔﻴﻈﺔَ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻨﺎﺱ ( ) ﻓﻔﻬﻢ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺗﻘﻠﻴﺪ ﺃﻋﻤﻰ، ﻭ " ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻘﻠِّﺪ ﻳﺴﺎﻭﻱ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ : ﺍﻟﺠﺎﻫﻞ " ﺛﻢ ﻻ ﺗﻤﺮُّ ﺻﻔﺤﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺇﻻ ﻭﻳﻨﺎﻗﺾُ ﻧﻔﺴَﻪ، ﻷﻥ ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ ﺃﻋﻮﺯﻩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺾ ﻓﻘﺎﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻟﻢ ﺗﻜﺘﻤﻞ ﺁﻻﺕُ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﻓﻴﻬﻢ : ﻫﻢ " ﺃﻣﺜﺎﻝ ﺟﻤﺎﻫﻴﺮ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻴﻮﻡ !" ﻭﻫﻮ ﻳﻌﺘﺮﻑ ﺑﺄﻥ ﺟﻤﺎﻫﻴﺮ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻘﻠﺪﻳﻦ، ﻓﻬﻞ ﻳﺼﻒ ( ﺍﻟﺠﺎﻫﻞَ ) ﺑﺄﻧﻪ " ﻣﻦ ﻟﻢ ﺗﻜﺘﻤﻞ ﺁﻻﺕ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﻓﻴﻪ " ﺇﻻ ﻣﻦ ﻫﻮ ﺃﺷﺪُّ ﺟﻬﻼً ﻣﻨﻪ؟ .
ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺾَ ﻻ ﻳﻜﻮﻥُ ﺇﻻ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻖ ﻣَﻦ ﺇﺫﺍ ﺫَﻛَﺮَ ﺃﺻﺤﺎﺏَ ﺍﻟﻤﻼﻳﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﺬﻫﺒﻴﺔ ﻗﺎﻝ : ﻟﻜﻦ ﻓﻼﻧﺎً ﻻ ﻳﻤﻠﻚُ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﺪﺍﺭ، ﻓﺈﺫﺍ ﺳﺌﻞ : ﻓﻤﺎﺫﺍ ﻳﻤﻠﻚ؟ ﺃﺟﺎﺑﻚ : ﺑﺄﻧﻪ ﻣَﺪﻳﻦٌ ﻋﺎﺟﺰٌ ﻋﻦ ﺗﺄﻣﻴﻦ ﻗﻮﺕِ ﻳﻮﻣﻪ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻭﻋﻴﺎﻟﻪ . ﻓﺈﺫﺍ ﺃﻧﻜﺮﺕَ ﻋﻠﻴﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤَﻤﺎﻗﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻘﺎﻳَﺴﺔ : ﻗﺎﻝ ﻟﻚ : ﺃﻟﻴﺲ ﺻﺤﻴﺤﺎً ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﻠﻚ ﺍﻟﻤﻼﻳﻴﻦ ﻣَﻦ ﻻ ﻳﻤﻠﻚ ﻗﻮﺕَ ﻳﻮﻣﻪ .! ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻣﻨﻄﻖُ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺄﻓﻮﻥ : ﻳﺼﻒ ﺍﻟﻤﻘﻠِّﺪ ﺑﺎﻟﺠﺎﻫﻞ، ﻭﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﻗﻴﻤﺘﻪ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ، ﻓﺈﺫﺍ ﺟﺎﻭﺯ ﺻﻔﺤﺔً ﻗﺎﻝ : ﺇﻧﻪ ﻣﻦ ﻟﻢ ﺗﻜﺘﻤﻞ ﻓﻴﻪ ﺁﻻﺕ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ .! ﻭﺣﻘﺎً : ﺇﻥ ﻣﻦ ﻗﺎﺭﺏ ﺍﻛﺘﻤﺎﻟﻬﺎ : ﻟﻢ ﺗﻜﺘﻤﻞ ﻓﻴﻪ، ﻭﺇﻥ ﻣَﻦ ﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﺣﺮﻑَ ﻫﺠﺎﺀٍ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻟﻢ ﺗﻜﺘﻤﻞ ﻓﻴﻪ ﺃﻳﻀﺎً ! ﻓﺄﻱُّ ﻓﺮﻕ ﺑﻴﻦ ﻫﺬﻳﻦ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﻴﻦ .!!
ﻟﻘﺪ ﻋَﺸِﻲَ ﺑﺼﺮﻩ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﺼﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺣﻜﺎﻫﺎ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻓﻲ " ﺍﻟﻤﺴﻮَّﺩﺓ " ﻭﺗﻠﻤﻴﺬﻩ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﻓﻲ " ﺇﻋﻼﻡ ﺍﻟﻤﻮﻗﻌﻴﻦ )" ) ﻋﻦ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺣﻤﺪ ﺭﺣﻤﻬﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ﺃﻥ ﺭﺟﻼً ﺳﺄﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ : " ﺇﺫﺍ ﺣﻔﻆ ﺍﻟﺮﺟﻞُ ﻣﺌﺔَ ﺃﻟﻒِ ﺣﺪﻳﺚ، ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻘﻴﻬﺎً؟ ﻗﺎﻝ : ﻻ، ﻗﺎﻝ : ﻓﻤﺌﺘﻲ ﺃﻟﻒٍ؟ ﻗﺎﻝ : ﻻ، ﻗﺎﻝ : ﻓﺜﻼﺙ ﻣﺌﺔ ﺃﻟﻒ؟ ﻗﺎﻝ : ﻻ، ﻗﺎﻝ : ﻓﺄﺭﺑﻊ ﻣﺌﺔ ﺃﻟﻒ؟ ﻗﺎﻝ ﺑﻴﺪﻩ : ﻫﻜﺬﺍ . ﻭﺣﺮﻙ ﻳﺪﻩ ." ﻳﻌﻨﻲ : ﻟﻌﻠﻪ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻘﻴﻬﺎً ﻳﻔﺘﻲ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺎﺟﺘﻬﺎﺩﻩ . ﺛﻢ ﺫﻛﺮ ﺍﻟﺸﻴﺨﺎﻥ ﺍﺑﻦُ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻭﺍﺑﻦُ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﻋﻦ ﺍﺑﻦ ﺷﺎﻗِﻼ ﺃﺣﺪ ﺃﺋﻤﺔ ﺍﻟﺤﻨﺎﺑﻠﺔ : ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ : " ﻟﻤﺎ ﺟﻠﺴﺖُ ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻊ ﺍﻟﻤﻨﺼﻮﺭ ﻟﻠﻔُﺘﻴﺎ ﺫﻛﺮﺕُ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ـ ﺣﻜﺎﻳﺔَ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻣﻊ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺣﻤﺪ ـ ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻲ ﺭﺟﻞ : ﻓﺄﻧﺖَ ﻫﻮ ﺫﺍ ﻻ ﺗﺤﻔﻆُ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﺪﺍﺭ ﺣﺘﻰ ﺗﻔﺘﻲَ ﺍﻟﻨﺎﺱ ! ﻓﻘﻠﺖ ﻟﻪ : ﻋﺎﻓﺎﻙ ﺍﻟﻠﻪ ! ﺇﻥْ ﻛﻨﺖُ ﻻ ﺃﺣﻔﻆُ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﺪﺍﺭ ﻓﺈﻧﻲ ﻫﻮ ﺫﺍ ﺃُﻓﺘﻲ ﺍﻟﻨﺎﺱَ ﺑﻘﻮﻝ ﻣَﻦ ﻛﺎﻥ ﻳﺤﻔﻆ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﺪﺍﺭَ ﻭﺃﻛﺜﺮَ ﻣﻨﻪ " ﻳﺮﻳﺪ : ﺃﻧﻪ ﻳﻔﺘﻲ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﻘﻮﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺣﻤﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻧﺘﻘﻰ " ﻣﺴﻨﺪﻩ " ﻣﻦ ﺃﻛﺜﺮَ ﻣﻦ 750 ﺃﻟﻒ ﺣﺪﻳﺚٍ ! ( ) .
ﻭﺑﻌﺪ ﻫﺎﺗﻴﻦ ﺍﻟﻘﺼﺘﻴﻦ ﻋﻠَّﻖ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﻘﻮﻟﻪ : " ﻗﻠﺖ : ﺇﺫﺍ ﺃﺧﺒﺮ ﺍﻟﻤﻔﺘﻲ ﺑﻘﻮﻝ ﺇﻣﺎﻣﻪ ﻓﻘﺪ ﺃﺧﺒﺮ ﺑﻌﻠﻢ، ﻭﻫﻮ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻣﺒﻠِّﻎٌ ﻟﻘﻮﻝ ﺇﻣﺎﻣﻪ، ﻓﻠﻢ ﻳﺨﺮﺝْ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻠﻢ )" ) . ﻓﺎﻟﺠﺎﻫﻞ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﺍﻟﻤﺼﻄﻠﺢ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﺍﻷﺻﻮﻟﻲ ( ﻋﺎﻣﻲ ) ﺑﺎﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻤﺘﻌﺎﺭﻑ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻤﺘﺒﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺬﻫﻦ ﻣﻦ ﻛﻠﻤﺔ ( ﺟﺎﻫﻞ ) . ﻧﺴﺄﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺼﻮﻥ ﻭﺍﻟﺴﻼﻣﺔ ﻭ } ﺃﻋﻮﺫ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﺃﻥ ﺃﻛﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﻦ { ، ﻋﻠﻤﺎ ﻭﻋﻤﻼ ﻭﺧﻠﻘﺎ .
ـــــــــــــــ
( 1 ) ﻭﻧﺤﻮﻩ ﻛﻼﻡ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺑﻲ ﺷﺎﻣﺔ ﻓﻲ " ﺧﻄﺒﺔ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻤﺆﻣﻞ ﻟﻠﺮﺩِّ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻷﻭﻝ " ﺹ .151
( 2 ) ﻓﻲ " ﺍﻷﺟﻮﺑﺔ ﺍﻟﻤﺮﺿﻴﺔ " ﺹ .68
( 33 ) ﻭﺳﻴﺄﺗﻴﻚ ﻛﻼﻡُ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺸﺤﻨﺔ ﺑﻌﺪ ﺃﺳﻄﺮ، ﻟﻜﻦ ﺗﺄﻣﻞْ ﻭﻗﻊ ﻗﻮﻝ ﺃﺑﻲ ﺯﺭﻋﺔ ﻫﺬﺍ : ..." ﻭﻣﻌﺮﻓﺔِ ﺧﻼﻑ ﺍﻟﺴﻠﻒ ﻭﻣﺄﺧﺬﻫﻢ " ، ﻓﺈﻧﻪ ﺻﺮﻳﺢ ﻓﻲ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻻﻃﻼﻉ ﻋﻠﻰ ﺃﺩﻟﺔ ﺃﻗﻮﺍﻟﻬﻢ، ﻭﻣﺎ ﺫﺍﻙ ﺇﻻ ﻟﻼﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻤﺔ ﺑﻴﻦ ﺃﻗﻮﺍﻟﻬﻢ . ﻭﻫﺬﺍ ﻣﻘﺎﻡ ﻋﻠﻤﻲ ﺭﻓﻴﻊ ﻧﺪﺭ ﺍﻟﻤﺘﺄﻫِّﻠﻮﻥ ﻟﻪ، ﺃﻭ ﻓُﻘﺪﻭﺍ .
( 4 ) ﺃﻭﻝ ﺣﺎﺷﻴﺘﻪ :1 .68
( 5 ) :1 .258
( 6 ) :1 24 ﻣﻦ " ﻣﺠﻤﻮﻉ ﺭﺳﺎﺋﻞ ﺍﺑﻦ ﻋﺎﺑﺪﻳﻦ ."
( 7 ) ﺛﻢ ﻗﺎﻝ ﺹ :255 " ﻟﻜﻦ ﺭﺑﻤﺎ ﻋﺪﻟﻮﺍ ﻋﻤﺎ ﺍﺗﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﺋﻤﺘﻨﺎ ﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﻭﻧﺤﻮﻫﺎ، ﻛﻤﺎ ﻣﺮ ﻓﻲ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺍﻻﺳﺘﺌﺠﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﻧﺤﻮﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺎﻋﺎﺕ ."
( 8 ) ﺻﻔﺤﺔ 15 ، ﺃﻭ ﺻﻔﺤﺔ 69 ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺒﻌﺔ ﺍﻟﻤﺤﻘﻘﺔ .
( 99 ) ﻭﻟِﻴُﻌﻠَﻢ ﻭَﻗْﻊُ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻭﻣَﻦ ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﺑﻪ، ﺃﺫﻛﺮ ﺳﺒﺐ ﺗﺄﻟﻴﻒ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻟﺮﺳﺎﻟﺘﻪ ﺍﻟﻤﻨﻘﻮﻝ ﻋﻨﻬﺎ، ﻛﻤﺎ ﺣﺪَّﺛﻨﻲ ﺑﻪ ﺍﺑﻦُ ﺃﺧﻴﻪ ﺷﻴﺨﻨﺎ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﻋﻴﻮﻥ ﺍﻟﺴﻮﺩ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻗﺎﻝ ﻟﻲ : ﺟﺎﺀ ﺭﺟﻞ ﻣﻦ ﻃﺮﺍﺑُﻠُﺲ ـ ﺍﻟﺸﺎﻡ ـ ﺇﻟﻰ ﺣﻤﺺ، ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻠﺸﻴﺦ ـ ﻳﺮﻳﺪ ﻋﻤَّﻪ ـ : ﺇﻧﻪ ﻇَﻬَﺮ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﺭﺟﻞ ﻳﻘﻮﻝ : ﻣَﻦ ﻟﻢ ﻳﻘﺮﺃ ﺑﻔﺎﺗﺤﺔ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺧﻠﻒ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻓﻬﻮ ﻛﺎﻓﺮ ! ﻓﻘﻴﻞ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ؟ ﻓﻘﺎﻝ : ﻷﻥ ﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﻘﺮﺃﻫﺎ ﻟﻢ ﺗﺼﺢَّ ﺻﻼﺗﻪ، ﻭﻣﻦ ﻟﻢ ﺗﺼﺢَّ ﺻﻼﺗﻪ ﻓﻜﺄﻧﻪ ﻟﻢ ﻳُﺼﻞِّ، ﻭﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﺼﻞِّ ﻓﻬﻮ ﻛﺎﻓﺮ .!! ﻭﺃﻟﺢَّ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﻄﺮﺍﺑُﻠُﺴﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺟﺎﺀ ﺃﻥ ﻳﻜﺘﺐ ﻟﻪ ﺍﻟﺸﻴﺦ ـ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻐﻔﺎﺭ ـ ﺟﻮﺍﺑﺎً ﺷﺎﻓﻴﺎً، ﻓﻜﺘﺐ ﻟﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺲ ﻭﺍﺣﺪ ﺧﻼﻝ ﺳﺎﻋﺘﻴﻦ، ﻭﺳﻤﺎﻫﺎ " ﺩﻓﻊ ﺍﻷﻭﻫﺎﻡ " ﻭﺃﻋﻄﺎﻫﺎ ﻟﻠﺮﺟﻞ، ﺛﻢ ﻋَﺮَﺿﻬﺎ ﺍﻟﺸﻴﺦُ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺣﻤﺺ، ﻓﻘﺮَّﻇﻮﻫﺎ ﻟﻪ، ﺛﻢ ﻃﺒﻌﻬﺎ، ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ . ﻗﻠﺖ : ﻭﻛﻼﻡ ﻫﺬﺍ ( ﺍﻟﻤﺘﻤﺠﻬﺪ ) ﻳﺬﻛِّﺮﻧﺎ ﺑﻘﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ : ﺣُﺠَﺞٌ ﺗَﻜَﺎﺳَﺮُ ﻛﺎﻟﺰُّﺟﺎﺝ ﺗَﺨﺎﻟﻬﺎ ﺣﻘﺎً، ﻭﻛـﻞٌّ ﻛـﺎﺳِـﺮٌ ﻣـﻜـﺴـﻮﺭُ .
( 10 ) ﺍﻧﻈﺮ ﻟﺰﺍﻣﺎً ﺹ 60 ـ 61 ﻭﻣﺎ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﻣﻦ " ﺃﺩﺏ ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﻓﻲ ﻣﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﺪﻳﻦ ."
( 11 ) ﻛﻤﺎ ﻓﻲ " ﺗﺮﺗﻴﺐ ﺍﻟﻤﺪﺍﺭﻙ " :1 966 ﻟﻺﻣﺎﻡ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻴﺎﺽ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ . ﻭﺍﻧﻈﺮ ﻣﺎ ﺳﻴﺄﺗﻲ ﺹ 82 ﻓﻤﺎ ﺑﻌﺪﻫﺎ .
( 12 ) " ﺍﻟﺠﺎﻣﻊ " ﺹ 1188 ، ﻭﺃﺧﺬﻩ ﻣﻨﻪ ﺷﻴﺦ ﺍﻟﻤﺎﻟﻜﻴﺔ ﻟﻠﻤﺘﺄﺧﺮﻳﻦ ﺧﻠﻴﻞ ﺑﻦ ﺇﺳﺤﺎﻕ ﺍﻟﺠُﻨْﺪﻱ ﺻﺎﺣﺐ " ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺮ " ﺍﻟﺸﻬﻴﺮ، ﻓﻘﺎﻟﻪ ﻓﻲ ﺧﺎﺗﻤﺔ ﻛﺘﺎﺑﻪ " ﺍﻟﺠﺎﻣﻊ " ﺃﻳﻀﺎً ـ ﻭﻫﻮ ﻣﺨﻄﻮﻁ ﻓﻲ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺑﺘﻮﻧﺲ ـ . ﻭﺍﻧﻈﺮ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻧﺤﻮ ﻣﺎ ﺗﻘﺪﻡ ﻟﻠﻌﻼﻣﺔ ﺍﺑﻦ ﺣﺠﺮ ﺍﻟﻤﻜﻲ ﻓﻲ " ﻓﺘﺎﻭﻳﻪ ﺍﻟﺤﺪﻳﺜﻴﺔ " ﺹ .283
( 13 ) :1 .51
( 14 ) ﺯﻣﻦ ﺍﻟﻨﻮﻭﻱ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ( 631 ﻫـ ـ 6766 ﻫـ ) ﻻ ﺃﺯﻣﺎﻧﻨﺎ ﻫﺬﻩ .! ﻭﻗﺪ ﻳﺨﻄﺮ ﺑﺒﺎﻝ ﻣﻐﺎﻟﻂ : ﺃﻧﻪ ﻗﺪ ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﺃﻧﺎﺱٌ ﻳﺘﻄﺎﻭﻟﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﻣﻘﺎﻡ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ، ﻓﺘﻜﻮﻥ ﻛﻠﻤﺔ ﺍﻟﻨﻮﻭﻱ ﻫﺬﻩ ﻣﻮﺟﻬﺔً ﺇﻟﻰ ﺃﻭﻟﺌﻚ، ﻻ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ .! ﻭﺃﻗﻮﻝ : ﺇﻥ ﺳﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ـ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺴﺎﺑﻊ ـ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻲ ﺃﻭﻟﻪ ﻣﺜﻞُ ﺍﻟﻔﺨﺮ ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ، ﺛﻢ ﻣﺜﻞ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺼﻼﺡ، ﻭﺍﻟﻤﻨﺬﺭﻱ، ﻭﺍﻟﻌﺰ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺴﻼﻡ، ﻭﺍﻟﻘُﺮﻃﺒﻴﻴﻦ : ﺍﻟﻤﻔﺴﺮ ﻭﺍﻟﻤﺤﺪﺙ، ﻭﺍﺑﻨَﻲْ ﺍﻟﻤﻨﻴِّﺮ، ﻭﺃﺑﻲ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻄﺎﻥ، ﻭﺍﻟﻤﻘﺎﺩﺳﺔ : ﺍﻟﻀﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﻘﺪﺳﻲ، ﻭﺍﻟﻤﻮﻓﻖ ﺍﺑﻦ ﻗﺪﺍﻣﺔ، ﻭ ... ﻓﻲ ﺁﺧﺮﻩ ﺍﺑﻦ ﺩﻗﻴﻖ ﺍﻟﻌﻴﺪ ( 625 ـ 702 ) ... ﺇﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺴﻴﺎﺩﺓ ﻟﻠﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺗﻤﻨﻊ ﻣﻦ ﻇﻬﻮﺭ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺘﻦ ﻭﺍﻷُﻟﻌﻮﺑﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﺃﻧﺖ ﺧﺒﻴﺮ ﺑﻤﺎ ﺣﺼﻞ ﻟﻺﻣﺎﻡ ﺍﻟﺴﻴﻮﻃﻲ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﻋﺼﺮﻩ ﺑﻌﺪ ﻧﺤﻮ ﻗﺮﻧﻴﻦ ﻭﻧﺼﻒ ﻗﺮﻥ، ﻣﻊ ﺃﻧﻪ ﻏﻴﺮ ﻣﺪﻓﻮﻉ ﻋﻤﺎ ﺍﺩﻋﺎﻩ، ﻓﻜﻴﻒ ﻟﻮ ﺟﺎﺀﻫﻢ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﺎﺀﻧﻲ، ﻭﺷﺮﺣﺖ ﻟﻚ ﻗﺼﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻘﺪﻣﺔ؟ !! ﻏﻔﺮﺍﻧﻚ ﺍﻟﻠﻬﻢ .
( 15 ) " ﺍﻟﻤﺠﻤﻮﻉ " :1 .104
( 16 ) ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺤﺎﻛﻢ ﻓﻲ " ﺍﻟﻤﺴﺘﺪﺭﻙ " :1 :2266 " ﻟﻌﻞ ﻣﺘﻮﻫِّﻤﺎً ﻳﺘﻮﻫﻢ ﺃﻥْ ﻻ ﻣﻌﺎﺭﺽَ ﻟﺤﺪﻳﺚٍ ﺻﺤﻴﺢِ ﺍﻹﺳﻨﺎﺩ ﺁﺧﺮُ ﺻﺤﻴﺢٌ، ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺘﻮﻫﻢ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﺘﺄﻣﻞ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻟﻤﺴﻠﻢ ﺣﺘﻰ ﻳَﺮَﻯ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻣﺎ ﻳَﻤَﻞُّ ﻣﻨﻪ ." ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﺤﺎﻓﻂ ﺍﺑﻦ ﺣﺠﺮ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ " ﻓﺘﺢ ﺍﻟﺒﺎﺭﻱ " :1 :413 " ﻭﻛﻢ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ ﻣﻨﺴﻮﺥ ﻭﻫﻮ ﺻﺤﻴﺢ ﻣﻦ ﺣﻴﺚُ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔُ ﺍﻟﺤﺪﻳﺜﻴﺔ ." ﻭﻗﻮﻟﻪ ﻫﺬﺍ ﻳﻔﺴِّﺮ ﻗﻮﻟَﻪ ﻓﻲ " ﺷﺮﺡ ﺍﻟﻨﺨﺒﺔ " ﺹ 41 ﺑﺤﺎﺷﻴﺔ " ﻟَﻘْﻂ ﺍﻟﺪُّﺭَﺭ :" " ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻣﺘﻔﻘﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﺏ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﺻﺢّ ." ﻓﻜﺄﻧﻪ ﻳﻘﻮﻝ : ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻣﺘﻔﻘﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﺏ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﺻﻠﺢ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﺑﻪ، ﻛﻤﺎ ﺳﻴﺄﺗﻲ ﺗﻘﺮﻳﺮﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﺒﻬﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻗﺮﻳﺒﺎً ﺹ .80 ﺛﻢ ﺭﺃﻳﺖ ﺍﻟﺒِﻘﺎﻋﻲَّ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻗﺎﻝ ﻓﻲ " ﺍﻟﻨﻜﺖ ﺍﻟﻮﻓﻴﺔ " ﻭﺭﻗﺔ /12 ﺁ ﺑﻌﺪ ﻛﻼﻡ ﻃﻮﻳﻞ ﻧﻘﻠﻪ ﻋﻦ ﺷﻴﺨﻪ ﺍﺑﻦ ﺣﺠﺮ : " ﻓﻘﺪ ﺗﺤﺮَّﺭ ﺃﻥ ﻣﺮﺍﺩﻫﻢ ﺑﺎﻟﺼﺤﻴﺢ : ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺠﺐ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﻪ " ﺑﺄﻥْ ﺧﻼ ﻋﻦ ﺃﻱّ ﻣﻌﺎﺭﺽ ﻭﻧﺤﻮﻩ .
( 17 ) ﻓﻲ " ﺃﺩﺏ ﺍﻟﻤﻔﺘﻲ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻔﺘﻲ " ﺹ .118
( 18 ) ﺍﻧﻈﺮ " ﺍﺧﺘﻼﻑ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ " ﻟﻺﻣﺎﻡ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺑﻪ " ﺍﻷﻡ " :8 529 ، ﻭ " ﺍﻟﻤﺠﻤﻮﻉ " ::6 .402
( 199 ) ﻭﺍﻧﻈﺮ " ﺍﻷﺟﻮﺑﺔ ﺍﻟﻤﺮﺿﻴﺔ ﻋﻦ ﺍﻷﺳﺌﻠﺔ ﺍﻟﻤﻜﻴﺔ " ﻟﻠﺤﺎﻓﻆ ﻭﻟﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺃﺑﻲ ﺯﺭﻋﺔ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻲ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺹ 65 ، ﻭﻻ ﺩﺍﻋﻲ ﻟﻺﻃﺎﻟﺔ ﺑﻨﻘﻞ ﻛﻼﻣﻪ، ﻓﻤﺤﺼَّﻠﻪ ﻛﻤﺎ ﻫﻨﺎ .
( 20 ) ﺻﻔﺤﺔ .113
( 21 ) :5 497 ( 2125 ) ﻃﺒﻌﺔ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ .
( 22 ) ﻓﻲ ﺗﻌﻠﻴﻘﺎﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺗﺮﺟﻤﺔ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺑﻲ ﻳﻮﺳﻒ ﻟﻠﺬﻫﺒﻲ ﺭﺣﻤﻬﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ﺹ .63
( 233 ) ﻛﺄﻥ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻜﺎﺗﺒﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺟﺮﺕ ﺑﻴﻦ ﺍﻹﻣﺎﻣﻴﻦ ﺍﻟﺒﻴﻬﻘﻲ ﻭﺍﻟﺠُﻮﻳﻨﻲ ﺭﺣﻤﻬﻤﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ﺍﻟﺘﻲ ﻋَﺮَﺿﻬﺎ ﺑﻠﻄﻒٍ ﺍﻟﺘﺎﺝ ﺍﻟﺴﺒْﻜﻲُّ ﻓﻲ " ﻃﺒﻘﺎﺗﻪ " :5 76 ﻓﻤﺎ ﺑﻌﺪﻫﺎ، ﻓﻲ ﺗﺮﺟﻤﺔ ﺍﻟﺠﻮﻳﻨﻲ . ﻭﺍﺳﺘُﻠَّﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻜﺎﺗﺒﺔ ﻓﻄُﺒﻌﺖ ﻣﺴﺘﻘﻠَّﺔ ﻏﻴﺮَ ﻣﻌﺰﻭَّﺓ ﺇﻟﻰ ﺃﺻﻞ، ﻓﻲ ﺁﺧﺮ ﺍﻟﻤﺠﻠﺪ ﺍﻷﻭﻝ ﻣﻦ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﻤﻨﻴﺮﻳﺔ .
( 24 ) ﺻﻔﺤﺔ .109
( 25 ) ﺃﻱ : ﻓﺎﻟﻤﺠﺘﺮﻯﺀ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ ﺩﻭﻥ ﺃﻫﻠﻴﺔ ﻓﻴﻪ : ﻫﻮ ﺇﻧﺴﺎﻥٌ ﻣﻐﺮﻭﺭ .!
( 26 ) ﺍﻧﻈﺮ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﺤﺎﻓﻆ ﺍﻟﺬﻫﺒﻲ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺗﺮﺟﻤﺔ ﺃﺑﻲ ﺍﻟﻮﻟﻴﺪ ﻓﻲ " ﺳِﻴَﺮ ﺃﻋﻼﻡ ﺍﻟﻨﺒﻼﺀ " ::15 493 ، ﻭ " ﺗﺬﻛﺮﺓ ﺍﻟﺤﻔﺎﻅ " :3 .895
( 27 ) ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺤﺎﻓﻆ ﺍﻟﺬﻫﺒﻲ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ " ﺍﻟﺘﺬﻛﺮﺓ " ﺹ 627 ـ 6288 ﻓﻲ ﺁﺧﺮ ﻛﻼﻣﻪ ﻋﻦ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﻄﺒﻘﺔ ﺍﻟﺘﺎﺳﻌﺔ ﺍﻟﻤﺘﻮﻓَّﻴﻦ ﺑﻴﻦ ﻋﺎﻡ 258 ـ 282 ﻗﺎﻝ : " ﻳﺎ ﺷﻴﺦ ﺍُﺭﻓُﻖ ﺑﻨﻔﺴﻚ، ﻭﺍﻟﺰﻡ ﺍﻹﻧﺼﺎﻑ، ﻭﻻ ﺗﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﺤﻔﺎﻅ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺍﻟﺸَّﺰْﺭ، ﻭﻻ ﺗَﺮﻣﻘﻨَّﻬﻢ ﺑﻌﻴﻦ ﺍﻟﻨﻘﺺ، ﻭﻻ ﺗﻌﺘﻘﺪ ﻓﻴﻬﻢ ﺃﻧﻬﻢ ﻣﻦ ﺟﻨﺲ ﻣﺤﺪﺛﻲ ﺯﻣﺎﻧﻨﺎ ( 673 ـ 748 ) ﺣﺎﺷﺎ ﻭﻛﻼ، ﻭﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﻛﺒﺎﺭ ﻣﺤﺪﺛﻲ ﺯﻣﺎﻧﻨﺎ ﺃﺣﺪ ﻳﺒﻠﻎ ﺭﺗﺒﺔ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ، ﻓﺈﻧﻲ ﺃﺣﺴﺒﻚ ﻟﻔﺮﻁ ﻫﻮﺍﻙ ﺗﻘﻮﻝ ﺑﻠﺴﺎﻥ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﺇﻥ ﺃﻋﻮﺯﻙ ﺍﻟﻤﻘﺎﻝ : ﻣﻦ ﺃﺣﻤﺪ؟ ﻭﻣﺎ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﻲ؟ ﻭﺃﻱ ﺷﻲﺀ ﺃﺑﻮ ﺯﺭﻋﺔ ﻭﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ؟ ﻓﺎﺳﻜﺖ ﺑﺤﻠﻢ ﺃﻭ ﺍﻧﻄِﻖْ ﺑﻌﻠﻢ، ﻓﺎﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﻨﺎﻓﻊ ﻫﻮ ﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﻋﻦ ﺃﻣﺜﺎﻝ ﻫﺆﻻﺀ، ﻭﻟﻜﻦ ﻧﺴﺒﺘﻚ ﺇﻟﻰ ﺃﺋﻤﺔ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﻛﻨﺴﺒﺔ ﻣﺤﺪﺛﻲ ﻋﺼﺮﻧﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﺋﻤﺔ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ، ﻓﻼ ﻧﺤﻦ ﻭﻻ ﺃﻧﺖ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﻌﺮﻑ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﻷﻫﻞ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﺫﻭ ﺍﻟﻔﻀﻞ ." ﺛﻢ ﻗﺎﻝ ﺻﻔﺤﺔ 948 ﻓﻲ ﺗﺮﺟﻤﺔ ﺍﻹﺳﻤﺎﻋﻴﻠﻲ ﺻﺎﺣﺐ " ﺍﻟﻤﺴﺘﺨﺮﺝ " ﻋﻠﻰ ﺻﺤﻴﺢ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ : " ﺻﻨﻒ ﻣﺴﻨﺪَ ﻋﻤﺮ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ، ﻃﺎﻟﻌﺘُﻪ ﻭﻋﻠَّﻘﺖُ ﻣﻨﻪ ﻭﺍﺑﺘﻬﺮﺕ ﺑﺤﻔﻆ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻣﺎﻡ، ﻭﺟﺰﻣﺖ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻤﺘﺄﺧﺮﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺇﻳﺎﺱ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﻠﺤﻘﻮﺍ ﺍﻟﻤﺘﻘﺪﻣﻴﻦ ." ﻫﺬﺍ ﻛﻼﻡ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺤﺎﻓﻆ ﺍﻟﻨﺎﻗﺪ ﺍﻟﺬﻫﺒﻲ، ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻣﻦ ﺍﻟﺰﺍﺧﺮ ﺑﻜﺒﺎﺭ ﺍﻟﻤﺤﺪﺛﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺼﻮﺭ ﺍﻟﻤﺘﺄﺧﺮﺓ، ﻭﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﻓﺎﺗﺤﺔ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺩﻗﻴﻖ ﺍﻟﻌﻴﺪ ( 702 ) ، ﻭﻓﻲ ﺧﺎﺗﻤﺘﻪ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻟﻬﺎﺩﻯﺀ ﺍﻟﺼﺎﻣﺖ ﺍﻟﺤﺎﻓﻆ ﺍﺑﻦ ﺭﺟﺐ ﺍﻟﺤﻨﺒﻠﻲ ( 795 ) . ﺭﺣﻤﻬﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﺟﻤﻌﻴﻦ، ﻓﺎﻋﺘﺒﺮ ﻭﺗﺒﺼﺮ . ﻭﻟﻢ ﻧﺮ ﺃﺣﺪﺍً ﻣﻦ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺃﻭ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﺩﻋﻰ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﺍﻟﻌﻠﻢ، ﻓﻀﻼً ﻋﻦ ﺣﻴﺎﺯﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻛﻠﻪ، ﻭﺃﻧﻪ ﺣﺮﻳﺺ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻮﺳﻊ ﻓﻲ ﺍﻻﻃﻼﻉ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻋﻠﻰ ﺃﻟﻔﺎﻇﻬﺎ ﻭﻃﺮﻗﻬﺎ ﻭﻣﻌﺎﻧﻴﻬﺎ، ﻭﺃﻥ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﻲ ﻳﻘﻮﻝ : " ﺍﻟﺘﻔﻘﻪ ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻧﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻧﺼﻒ ﺍﻟﻌﻠﻢ، ﻭﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﻧﺼﻒ ﺍﻟﻌﻠﻢ ." ﻭﻻ ﻳﺮﻯ ﺍﻟﻤﺘﻤﺜِّﻞُ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺃﺣﺪﺍً ﻳﺪﺍﻧﻴﻪ .!!
( 28 ) " ﻃﺒﻘﺎﺕ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ " ﻟﻠﺘﺎﺝ ﺍﻟﺴﺒﻜﻲ :6 .138
( 29 ) :6 138 ـ .139
( 300 ) ﻋﻠﻲ : ﻫﻮ ﺍﺳﻢ ﺍﻟﺘﻘﻲ ﺍﻟﺴﺒﻜﻲ، ﻭﻫﻮ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻜﺎﻓﻲ ﺍﻟﺴﺒﻜﻲ . ﻭﻳﺮﻳﺪ ﺍﻟﺬﻫﺒﻲُّ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﻗﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ " ﻭﺃﻗﻀﺎﻫﻢ ﻋﻠﻲ " ﺍﻟﺬﻱ ﺭﻭﺍﻩ ﺍﺑﻦ ﻣﺎﺟﻪ :1 55 ( 154 ، 155 ) ﻋﻦ ﺃﻧﺲ ﺑﺈﺳﻨﺎﺩ ﺟﻴﺪ، ﻭﺃﺑﻮ ﻳﻌﻠﻰ :10 141
ﻛﺘﺒﻪ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻮﺍﻣﺔ
ﻛﻴﻒ ﻧﺮﺩ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﺇﻥ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻗﺎﻝ : ﺇﺫﺍ ﺻﺢَّ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚُ ﻓﻬﻮ ﻣﺬﻫﺒﻲ، ﻭﻫﺎ ﻗﺪ ﺻﺢَّ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ، ﻓﻬﻮ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﻴﻦ ـ ﻣﺜﻼً ـ ﻓﺈﺫﺍ ﻋَﻤِﻠﻨﺎ ﺑﻪ، ﻧﻜﻮﻥُ ﻗﺪ ﻋﻤﻠﻨﺎ ﺑﺴﻨﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ، ﻭﻋﻤِﻠﻨﺎ ﺑﻤﺬﻫﺐ ﺇﻣﺎﻡ ﻣﻌﺘﺒَﺮ ﻣﻦ ﺃﺋﻤﺔ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﻭﻻ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﻤﻨﻄﻖ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﻧﻘﻮﻝ : ﻣﺬﻫﺐ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺩُﻭِّﻥ ﻋﻨﻪ ﻓﻲ ﻛﺘﺐ ﻣﺬﻫﺒﻪ ﻓﻘﻂ .!
ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ :
ﺇﻥ ﻛﻠﻤﺔ " ﺇﺫﺍ ﺻﺢ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻬﻮ ﻣﺬﻫﺒﻲ " ﻗﺎﻟﻬﺎ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻭﻏﻴﺮُﻩ ﻣﻦ ﺍﻷﺋﻤﺔ، ﺑﻞ ﻫﻲ ﻟﺴﺎﻥُ ﺣﺎﻝِ ﻛﻞِّ ﻣﺴﻠﻢٍ ﻋَﻘَﻞ ﻣﻌﻨﻰ ﻗﻮﻝ " ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﺤﻤﺪ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ."
ﻭﻗﺪ ﻧﻘﻞ ﻛﻠﻤﺔَ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﺑﻦُ ﻛﺜﻴﺮ ﻓﻲ " ﺗﻔﺴﻴﺮﻩ " ﺁﺧﺮَ ﺑﺤﺜﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﺍﻟﻮﺳﻄﻰ ﻭﺃﻧﻬﺎ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﻌﺼﺮ، ﻭﻋﻠَّﻖ ﺑﻘﻮﻟﻪ : " ﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺳﻴﺎﺩﺗﻪ ﻭﺃﻣﺎﻧﺘﻪ، ﻭﻫﺬﺍ ﻧَﻔَﺲ ﺇﺧﻮﺍﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﻷﺋﻤﺔ ﺭﺣﻤﻬﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺭﺿﻲ ﻋﻨﻬﻢ ﺃﺟﻤﻌﻴﻦ )" ) . ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺤﺎﻓﻆ ﺃﺑﻮ ﺯﺭﻋﺔ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻲ ( ) : " ﻻ ﻳﺴﻮﻍ ﻋﻨﺪﻱ ﻟﻤﻦ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻔﻬﻢ ﻭﻣﻌﺮﻓﺔ ﺻﺤﻴﺢ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﻦ ﺳﻘﻴﻤﻪ، ﻭﺍﻟﺘﻤﻜُّﻦ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﻲ ﺍﻷﺻﻮﻝ ﻭﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ، ﻭﻣﻌﺮﻓﺔ ﺧﻼﻑ ﺍﻟﺴﻠﻒ ﻭﻣﺄﺧﺬﻫﻢ، ﺇﺫﺍ ﻭﺟﺪ ﺣﺪﻳﺜﺎً ﺻﺤﻴﺤﺎً ﻋﻠﻰ ﺧﻼﻑ ﻗﻮﻝ ﻣﻘﻠَّﺪﻩ : ﺃﻥ ﻳﺘﺮﻙ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻭﻳﻌﻤﻞ ﺑﻘﻮﻝ ﺇﻣﺎﻣﻪ )" ) .
ﻏﻴﺮ ﺃﻥ ﻣﺮﺍﺩﻫﻢ ﻣﻦ ﻗﻮﻟﻬﻢ ﻫﺬﺍ ﻫﻮ : ﺇﺫﺍ ﺻَﻠَﺢَ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﺑﻪ ﻓﻬﻮ ﻣﺬﻫﺒﻲ . ﻭﺃَﺩَﻉُ ﺗﻮﺿﻴﺢ ﻫﺬﺍ ﺇﻟﻰ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﺍﻷﺋﻤﺔ ﻓﻲ ﻣﺬﺍﻫﺒﻬﻢ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ : ﺍﻟﺤﻨﻔﻲ ﻭﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻭﺍﻟﻤﺎﻟﻜﻲ، ﻓﻘﺪ ﺑﻴَّﻨﻮﺍ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ، ﻛﻤﺎ ﺑﻴﻨﻮﺍ ﻣَﻦ ﻳَﺼﻠُﺢ ﻟﺬﻟﻚ .
ﺃﻣﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻨﻔﻴﺔ : ﻓﻘﺪ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔُ ﺍﺑﻦُ ﺍﻟﺸِّﺤْﻨﺔ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮُ ﺍﻟﺤﻠﺒﻲُّ ﺍﻟﺤﻨﻔﻲُّ ﺷﻴﺦُ ﺍﻟﻜﻤﺎﻝِ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻬﻤﺎﻡ ﺭﺣﻤﻬﻤﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻓﻲ ﺃﻭﺍﺋﻞ ﺷﺮﺣﻪ ﻋﻠﻰ " ﺍﻟﻬﺪﺍﻳﺔ " ﻣﺎ ﻧﺼﻪ : " ﺇﺫﺍ ﺻﺢ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚُ ﻭﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺧﻼﻑ ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ، ﻋُﻤِﻞ ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺚ، ﻭﻳﻜﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﻣﺬﻫﺒَﻪ، ﻭﻻ ﻳَﺨﺮﺝ ﻣﻘﻠِّﺪﻩ ﻋﻦ ﻛﻮﻧﻪ ﺣﻨﻔﻴﺎً ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﺑﻪ، ﻓﻘﺪ ﺻﺢَّ ﻋﻨﻪ ـ ﻋﻦ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ـ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ : ﺇﺫﺍ ﺻﺢَّ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻬﻮ ﻣﺬﻫﺒﻲ، ﻭﻗﺪ ﺣﻜﻰ ﺫﻟﻚ ﺍﺑﻦُ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺒﺮ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻭﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺍﻷﺋﻤﺔ ." ﺍﻧﺘﻬﻰ ﻛﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺸﺤﻨﺔ . ﻭﻧﻘﻞ ﻛﻼﻣَﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﺑﻦُ ﻋﺎﺑﺪﻳﻦَ ( ) ﻭﻋﻠَّﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻘﻮﻟﻪ : " ﻭﻧَﻘَﻠﻪ ﺃﻳﻀﺎً ﺍﻹﻣﺎﻡُ ﺍﻟﺸَّﻌْﺮﺍﻧﻲ ﻋﻦ ﺍﻷﺋﻤﺔ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ . ﻭﻻ ﻳَﺨﻔﻰ ﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﻟﻤﻦ ﻛﺎﻥ ﺃﻫﻼً ﻟﻠﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ، ﻭﻣﻌﺮﻓﺔِ ﻣﺤﻜَﻤﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﻨﺴﻮﺧﻬﺎ، ﻓﺈﺫﺍ ﻧﻈﺮ ﺃﻫﻞُ ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﻭﻋَﻤِﻠﻮﺍ ﺑﻪ : ﺻﺢَّ ﻧﺴﺒﺘُﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ، ﻟﻜﻮﻧﻪ ﺻﺎﺩﺭﺍً ﺑﺈﺫﻥ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ، ﺇﺫْ ﻻﺷﻚ ﻟﻮ ﻋَﻠﻢ ﺑﻀﻌﻒ ﺩﻟﻴﻠﻪ ﺭَﺟَﻊ ﻋﻨﻪ ﻭﺍﺗَّﺒﻊ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞَ ﺍﻷﻗﻮﻯ ." ﻭﻗﺎﻝ ﺃﻳﻀﺎً ( ) : " ﻣﺎ ﺻﺢّ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺨﺒﺮ ﺑﻼ ﻣﻌﺎﺭﺽ ﻓﻬﻮ ﻣﺬﻫﺐ ﻟﻠﻤﺠﺘﻬﺪ ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﻨﺺَّ ﻋﻠﻴﻪ، ﻟﻤﺎ ﻗﺪﻣﻨﺎﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻄﺒﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﺤﺎﻓﻆ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺒﺮ ﻭﺍﻟﻌﺎﺭﻑ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﻧﻲ، ﻋﻦ ﻛﻞّ ﻣﻦ ﺍﻷﺋﻤﺔ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ : ﺇﺫﺍ ﺻﺢ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻬﻮ ﻣﺬﻫﺒﻲ ."
ﻭﻗﺪ ﺗﻌﺮَّﺽ ﺍﺑﻦُ ﻋﺎﺑﺪﻳﻦَ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺃﻳﻀﺎً ﻓﻲ ﺭﺳﺎﻟﺘﻪ " ﺷﺮﺡ ﺭﺳﻢ ﺍﻟﻤﻔﺘﻲ )" ) ﻭﻧَﻘَﻞَ ﻛﻼﻡَ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺸﺤﻨﺔ ﻭﻗﻴَّﺪﻩ ﺑﻤﺎ ﻗﻴَّﺪﻩ ﺑﻪ ﻓﻲ ﻛﻼﻣﻪ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖِ ﻧَﻘْﻠُﻪ ﻋﻦ " ﺣﺎﺷﻴﺘﻪ " ﺑﺎﻟﺤﺮﻑ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ، ﺛﻢ ﺯﺍﺩ ﻗﻴﺪﺍً ﺁﺧﺮَ ﻓﻘﺎﻝ : " ﻭﺃﻗﻮﻝ ﺃﻳﻀﺎً : ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺗﻘﻴﻴﺪُ ﺫﻟﻚ ﺑﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﻭﺍﻓﻖ ﻗﻮﻻً ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ، ﺇﺫْ ﻟﻢ ﻳﺄﺫَﻧﻮﺍ ﻓﻲ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﻓﻴﻤﺎ ﺧَﺮَﺝ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ ﻣﻤﺎ ﺍﺗﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﺋﻤﺘُﻨﺎ، ﻷﻥَّ ﺍﺟﺘﻬﺎﺩَﻫﻢ ﺃﻗﻮﻯ ﻣﻦ ﺍﺟﺘﻬﺎﺩﻩ، ﻓﺎﻟﻈﺎﻫﺮ ﺃﻧﻬﻢ ﺭﺃﻭﺍ ﺩﻟﻴﻼً ﺃﺭﺟﺢَ ﻣﻤﺎ ﺭﺁﻩ ﺣﺘﻰ ﻟﻢ ﻳﻌﻤﻠﻮﺍ ﺑﻪ )" ) .
ﻭﺃُﺣﺐُّ ﺃﻥ ﺃﻟﻔِﺖَ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺃﻣﺮﻳﻦ :
ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ : ﺃﻥ ﺑﻌﺾَ ﺍﻟﻤﻐﺮِّﺭﻳﻦ ﻧﻘﻞ ﻛﻼﻡَ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺸِّﺤْﻨﺔ ﻫﺬﺍ ﻋﻦ ﺣﺎﺷﻴﺔ ﺍﺑﻦ ﻋﺎﺑﺪﻳﻦ، ﻭﺃﻭﻫﻢَ ﺍﻟﻨﺎﺱَ ﺃﻥ ﺍﺑﻦ ﻋﺎﺑﺪﻳﻦ ﺳﻜﺖ ﻋﻨﻪ، ﻭﺃﻓﻬﻤَﻬﻢ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺭﺃﻱُ ﻋﻠﻤﺎﺀِ ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ، ﻭﻻﺳﻴﻤﺎ ﺍﺑﻦُ ﻋﺎﺑﺪﻳﻦ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ، ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺧﺎﺗﻤﺔ ﺍﻟﻤﺤﻘﻘﻴﻦ ﺍﻟﻤﺘﺄﺧﺮﻳﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ . ﻛﻤﺎ ﻓَﻌَﻠﻮﺍ ﻣﺜﻞَ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﻧﻘﻠﻬﻢ ﻋﺒﺎﺭﺍﺕٍ ﻛﻬﺬﻩ ﻋﻦ " ﺍﻟﻤﻴﺰﺍﻥ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ " ﻟﻠﺸَّﻌﺮﺍﻧﻲ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﺗﺴﺘَّﺮﻭﺍ ﻭﺭﺍﺀ ﻛﻼﻣﻪ، ﻭﻗﺎﻟﻮﺍ ﻟﻠﻨﺎﺱ : ﺇﻧﻪ ﻋﺎﻟﻢٌ ﻣﻌﺘﺒﺮٌ ﺻﻮﻓﻲٌّ ﻣﻘﺒﻮﻝٌ ﻛﻼﻣﻪُ ﻋﻨﺪ ﺃﺗﺒﺎﻉ ﺃﺋﻤﺔ ﺍﻟﻤﺬﺍﻫﺐ ! ﻭﻫﻮ ﻛﺬﻟﻚ . ﻭﻟﻜﻨﻪ : ﻛﻼﻡ ﺣﻖّ ﺃُﺭﻳﺪ ﺑﻪ ﺑﺎﻃﻞ، ﻭﻟُﺒِّﺲ ﺛﻮﺏَ ﺑﺎﻃﻞ .
ﺛﺎﻧﻴﻬﻤﺎ : ﺃﻥَّ ﻗﻮﻝَ ﺍﺑﻦِ ﻋﺎﺑﺪﻳﻦ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺗﻌﻠﻴﻘﻪ ﻋﻠﻰ ﻛﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺸِّﺤْﻨﺔ : " ﻭﻻ ﻳﺨﻔﻰ ﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﻟﻤﻦ ﻛﺎﻥ ﺃﻫﻼً :".. ﻗﻮﻝٌ ﻟﻪ ﺃﻫﻤﻴﺘﻪ ﺍﻟﺒﺎﻟﻐﺔ، ﺇﺫْ ﺇﻥ ﻛﻠﻤﺔ " ﻭﻻ ﻳﺨﻔﻰ " ﻫﻲ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ﻗﻮﻟﻨﺎ ﻧﺤﻦ ﻓﻲ ﻣﺨﺎﻃﺒﺎﺗﻨﺎ ﺍﻟﻴﻮﻡ : ﻭﺑَﺪَﻫﻲ . ﻓﻬﻮ ـ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ـ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻘﻴﻴﺪ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﺒَﺪَﻫﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺴﻠَّﻤﺎﺕ، ﻭﻣﻤﺎ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺍﻟﺘﻐﺎﻓﻞ ﻋﻨﻪ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻮﻗﻒ ﻓﻲ ﻗﺒﻮﻟﻪ، ﻓﻤﻦ ﺍﻟﺒَﺪَﻫﻴﺎﺕ ـ ﻣﺜﻼً ـ ﺃﻥ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ : ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻃﺎﻟﻌﺔ، ﻳﻔﻴﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻬﺎﺭٌ ﻻ ﻟﻴﻞ، ﻓﻜﺬﻟﻚ ﻗﻮﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ : ﺇﺫﺍ ﺻﺢ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻬﻮ ﻣﺬﻫﺒﻲ، ﻳﻔﻴﺪ ﺇﻓﺎﺩﺓً ﺑَﺪَﻫﻴﺔ ﻣﺴﻠَّﻤﺔ ﻻ ﺗﻮﻗُّﻒ ﻓﻴﻬﺎ : ﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﻟﻤﻦ ﻛﺎﻥ ﺃﻫﻼً ﻟﻠﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﻭﻣﻌﺮﻓﺔ ﻧﺎﺳﺨﻬﺎ ﻭﻣﻨﺴﻮﺧﻬﺎ، ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ، ﻓﻼ ﻳﺠﻮﺯ ﻟﻠﺠﻬﻼﺀ ﺃﻭ ( ﺃﻧﺼﺎﻑ ) ﺍﻟﻤﺘﻌﻠِّﻤﻴﻦ ﺍﻟﻤﻐﺮﻭﺭﻳﻦ ﺃﻥ ﻳﺘﺠﺮﺅﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ .! ﻭﻗﺪ ﺃﻏﻔﻞ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﻤﻐﺮِّﺭﻭﻥ ﺍﻟﻤﺸﻮِّﺷﻮﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻴﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻻﺑﺪَّ ﻣﻨﻪ، ﻭﺇﻧﺎ ﻟﻠﻪ ﻭﺇﻧﺎ ﺇﻟﻴﻪ ﺭﺍﺟﻌﻮﻥ .
ﻭﻧﻘﻞ ﻛﻼﻡَ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺸِّﺤﻨﺔ ﻭﺗﻘﻴﻴﺪَ ﺍﺑﻦ ﻋﺎﺑﺪﻳﻦ ﻟﻪ ﻓﻲ " ﺍﻟﺤﺎﺷﻴﺔ :" ﺍﻟﻌﻼﻣﺔُ ﺍﻟﻤﻔﺴِّﺮُ ﺍﻟﻤﺤﺪﺙُ ﺍﻟﻔﻘﻴﻪ ﻓﻀﻴﻠﺔ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻐﻔﺎﺭ ﻋﻴﻮﻥ ﺍﻟﺴﻮﺩ ﺍﻟﺤﻤﺼﻲّ ﺍﻟﺤﻨﻔﻲ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ( ﺍﻟﻤﻮﻟﻮﺩ ﻓﻲ ﺻﻔﺮ ﻋﺎﻡ 1290 ، ﻭﺍﻟﻤﺘﻮﻓﻰ 27 ﻣﻦ ﺷﻬﺮ ﺭﺑﻴﻊ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﺎﻡ 1349 ) ﻓﻲ ﺭﺳﺎﻟﺘﻪ ﺍﻟﻨﺎﻓﻌﺔ ﺍﻟﻤﺎﺗﻌﺔ " ﺩﻓﻊ ﺍﻷﻭﻫﺎﻡ ﻋﻦ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﺧﻠﻒ ﺍﻹﻣﺎﻡ )" ) ﻭﻗﺎﻝ : " ﻫﻮ ﺗﻘﻴﻴﺪ ﺣﺴﻦ، ﻷﻧﺎ ﻧﺮﻯ ﻓﻲ ﺯﻣﺎﻧﻨﺎ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻣﻤﻦ ﻳُﻨﺴﺐ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻣﻐﺘﺮﺍً ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ، ﻳﻈﻦُّ ﺃﻧﻪ ﻓﻮﻕ ﺍﻟﺜﺮﻳﺎ ﻭﻫﻮ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻀﻴﺾ ﺍﻷﺳﻔﻞ، ﻓﺮﺑﻤﺎ ﻳﻄﺎﻟﻊ ﻛﺘﺎﺑﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﺴﺘﺔ ـ ﻣﺜﻼً ـ ﻓﻴﺮﻯ ﻓﻴﻪ ﺣﺪﻳﺜﺎً ﻣﺨﺎﻟﻔﺎً ﻟﻤﺬﻫﺐ ﺃﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻓﻴﻘﻮﻝ : ﺍِﺿﺮِﺑﻮﺍ ﻣﺬﻫﺐَ ﺃﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻋﻠﻰ ﻋُﺮْﺽ ﺍﻟﺤﺎﺋﻂ، ﻭﺧﺬﻭﺍ ﺑﺤﺪﻳﺚ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﻨﺴﻮﺧﺎً ﺃﻭ ﻣﻌﺎﺭَﺿﺎً ﺑﻤﺎ ﻫﻮ ﺃﻗﻮﻯ ﻣﻨﻪ ﺳﻨﺪﺍً، ﺃﻭ ﻧﺤﻮ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﻣﻮﺟِﺒﺎﺕ ﻋﺪﻡِ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﻪ، ﻭﻫﻮ ﻻ ﻳﻌﻠﻢ ﺑﺬﻟﻚ، ﻓﻠﻮ ﻓُﻮِّﺽ ﻟﻤﺜﻞ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﻌﻤﻞُ ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﻄﻠﻘﺎً : ﻟﻀﻠّﻮﺍ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮٍ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺎﺋﻞ، ﻭﺃﺿﻠﻮﺍ ﻣَﻦ ﺃﺗﺎﻫﻢ ﻣﻦ ﺳﺎﺋﻞ )" ) .
ﻭﻫﻨﺎ ﺗﺜﻮﺭُ ﺛﺎﺋﺮﺓ ﺃﺩﻋﻴﺎﺀ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﺎﻟﺴﻨﺔ ﻓﻴﻘﻮﻟﻮﻥ : ﻫﻞ ﻳﺠﻮﺯ ﻟﻜﻢ ﺃﻥ ﺗﺤﻜﻤﻮﺍ ﺑﺎﻟﻀﻼﻝ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻳﻌﻤﻞ ﺑﺎﻟﺴﻨﺔ ﻭﻳﻔﺘﻲ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﻬﺎ؟ ! ﻓﻨﻘﻮﻝ : ﻧﻌﻢ ﺇﺫﺍ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺃﻫﻼً ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ، ﻓﺤُﻜْﻤﻨﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﻟﻀﻼﻝ ﻻ ﻟﻌﻤﻠﻪ ﺑﺎﻟﺴﻨﺔ، ﻣﻌﺎﺫ ﺍﻟﻠﻪ، ﺑﻞ ﻟﺘﺠﺮُّﺋﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﺃﻫﻼً ﻟﻪ ( ) . ﻭﻗﺪ ﺳَﺒَﻘَﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺇﻣﺎﻡ ﻣﻦ ﺃﺋﻤﺔ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺚ ﻭﺍﻟﻔﻘﻪ، ﻫﻮ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺑﻮ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻭﻫﺐ ﺍﻟﻤﺼﺮﻱ ﺃﺣﺪُ ﺃﺟﻼﺀ ﺗﻼﻣﺬﺓِ ﺍﻹﻣﺎﻡِ ﻣﺎﻟﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﻤﻨﻮﺭﺓ، ﻭﺍﻹﻣﺎﻡِ ﺍﻟﻠﻴﺚ ﺑﻦ ﺳﻌﺪ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ، ﻗﺎﻝ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ : " ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣَﻀِﻠَّﺔ ﺇﻻ ﻟﻠﻌﻠﻤﺎﺀ )" ) . ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺯﻳﺪ ﺍﻟﻘَﻴْﺮﻭﺍﻧﻲ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ : " ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻋﻴﻴﻨﺔ : " ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣَﻀِﻠَّﺔ ﺇﻻ ﻟﻠﻔﻘﻬﺎﺀ " ﻳﺮﻳﺪ : ﺃﻥ ﻏﻴﺮﻫﻢ ﻗﺪ ﻳﺤﻤِﻞ ﺷﻴﺌﺎً ﻋﻠﻰ ﻇﺎﻫﺮﻩ ﻭﻟﻪ ﺗﺄﻭﻳﻞٌ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚٍ ﻏﻴﺮﻩ، ﺃﻭ ﺩﻟﻴﻞٌ ﻳﺨﻔﻰ ﻋﻠﻴﻪ، ﺃﻭ ﻣﺘﺮﻭﻙٌ ﺃﻭﺟَﺐَ ﺗَﺮﻛَﻪ ﻏﻴﺮُ ﺷﻲﺀ، ﻣﻤﺎ ﻻ ﻳﻘﻮﻡ ﺑﻪ ﺇﻻ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﺒﺤﺮ ﻭﺗﻔﻘَّﻪ )" ) .
ﻭﺃﻣﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ : ﻓﻘﺪ ﺗﻌﺮَّﺽ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺎﺧﺘﺼﺎﺭ ﺍﻹﻣﺎﻡُ ﺍﻟﻨﻮﻭﻱ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ " ﺗﻬﺬﻳﺐ ﺍﻷﺳﻤﺎﺀ ﻭﺍﻟﻠﻐﺎﺕ )" ) ﻓﻘﺎﻝ : " ﺍﺣﺘﺎﻁ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻘﺎﻝ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺛﺎﺑﺖٌ ﻋﻨﻪ ﻣﻦ ﺃﻭﺟﻪٍ ﻣﻦ ﻭﺻﻴﺘﻪ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ، ﻭﺗَﺮْﻙِ ﻗﻮﻟﻪ ﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻒِ ﻟﻠﻨﺺ ﺍﻟﺜﺎﺑﺖ ﺍﻟﺼﺮﻳﺢ، ﻭﻗﺪ ﺍﻣﺘﺜﻞ ﺃﺻﺤﺎﺑُﻨﺎ ﺭﺣﻤﻬﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺻﻴﺘَﻪ ﻭﻋﻤﻠﻮﺍ ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺴﺎﺋﻞَ ﻛﺜﻴﺮﺓٍ ﻣﺸﻬﻮﺭﺓ، ﻛﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺘﺜﻮﻳﺐ ﻓﻲ ﺃﺫﺍﻥ ﺍﻟﺼﺒﺢ، ﻭﺍﺷﺘﺮﺍﻁ ﺍﻟﺘﺤﻠُّﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺞ ﺑﻌﺬﺭ ﺍﻟﻤﺮﺽِ ﻭﻧﺤﻮﻩِ، ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻌﺮﻭﻑ . ﻭﻟﻜﻦ ﻟﻬﺬﺍ ﺷﺮﻁٌ ﻗﻞَّ ﻣﻦ ﻳﺘَّﺼﻒُ ﺑﻪ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺯﻣﺎﻥ ( ) ، ﻭﻗﺪ ﺃﻭﺿﺤﺘُﻪ ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﺷﺮﺡ ﺍﻟﻤﻬﺬَّﺏ ."
ﻭﺇﻟﻴﻚ ﻣﻠﺨﺼﺎً ﻣﻤﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ " ﺍﻟﻤﺠﻤﻮﻉ ﺷﺮﺡ ﺍﻟﻤﻬﺬَّﺏ ." ﻗﺎﻝ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ( ) : " ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﻟﻪ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ : ﻟﻴﺲ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﺃﻥ ﻛﻞ ﺃﺣﺪٍ ﺭﺃﻯ ﺣﺪﻳﺜﺎً ﺻﺤﻴﺤﺎً ﻗﺎﻝ : ﻫﺬﺍ ﻣﺬﻫﺐُ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ، ﻭﻋَﻤِﻞ ﺑﻈﺎﻫﺮﻩ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻫﺬﺍ ﻓﻴﻤﻦ ﻟﻪ ﺭﺗﺒﺔُ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩِ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ، ﻭﺷﺮﻃُﻪ : ﺃﻥ ﻳَﻐﻠِﺐَ ﻋﻠﻰ ﻇﻨﻪ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲَّ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻢ ﻳﻘﻒْ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ، ﺃﻭ ﻟﻢ ﻳﻌﻠﻢ ﺻﺤﺘﻪ، ﻭﻫﺬﺍ ﺇﻧﻤﺎ ﻳﻜﻮﻥُ ﺑﻌﺪ ﻣﻄﺎﻟﻌﺔ ﻛﺘﺐِ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻛﻠِّﻬﺎ، ﻭﻧﺤﻮﻩ ﻣﻦ ﻛﺘﺐ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﺍﻵﺧﺬﻳﻦ ﻋﻨﻪ ﻭﻣﺎ ﺃﺷﺒﻬﻬﺎ . ﻭﻫﺬﺍ ﺷﺮﻁٌ ﺻﻌﺐٌ ﻗﻞَّ ﻣﻦ ﻳﺘﺼﻒُ ﺑﻪ .
ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺍﺷﺘﺮﻃﻮﺍ ﻣﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎ : ﻷﻥَّ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﺮﻙَ ﺍﻟﻌﻤﻞَ ﺑﻈﺎﻫﺮ ﺃﺣﺎﺩﻳﺚَ ﻛﺜﻴﺮﺓٍ ﺭﺁﻫﺎ ﻭﻋَﻠِﻤﻬﺎ، ﻟﻜﻦْ ﻗﺎﻡ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞُ ﻋﻨﺪﻩ ﻋﻠﻰ ﻃﻌﻦ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻭ ﻧﺴﺨﻬﺎ ( ) ، ﺃﻭ ﺗﺨﺼﻴﺼِﻬﺎ ﺃﻭ ﺗﺄﻭﻳﻠﻬﺎ ﺃﻭ ﻧﺤﻮ ﺫﻟﻚ . ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺃﺑﻮ ﻋﻤﺮﻭ ـ ﻫﻮ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺼﻼﺡ ـ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ( ) : ﻟﻴﺲ ﺍﻟﻌﻤﻞُ ﺑﻈﺎﻫﺮ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲُّ ﺑﺎﻟﻬﻴِّﻦ، ﻓﻠﻴﺲ ﻛﻞُّ ﻓﻘﻴﻪ ﻳﺴﻮﻍُ ﻟﻪ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﻘﻞَّ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﺑﻤﺎ ﻳﺮﺍﻩ ﺣﺠﺔً ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ . ﻭﻓﻴﻤﻦ ﺳﻠﻚ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺴﻠﻚَ ﻣِﻦ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﻴﻦ ﻣَﻦ ﻋﻤﻞ ﺑﺤﺪﻳﺚٍ ﺗﺮﻛﻪ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻤﺪﺍً ﻣﻊ ﻋﻠﻤﻪ ﺑﺼﺤﺘﻪ، ﻟﻤﺎﻧﻊٍ ﺍﻃَّﻠﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺧَﻔﻲَ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮﻩ، ﻛﺄﺑﻲ ﺍﻟﻮﻟﻴﺪ ﻣﻮﺳﻰ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺍﻟﺠﺎﺭﻭﺩ ـ ﻣﻤﻦ ﺻﺤﺐَ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ـ ﻗﺎﻝ : ﺻﺢ ﺣﺪﻳﺚُ " ﺃﻓﻄﺮ ﺍﻟﺤﺎﺟﻢ ﻭﺍﻟﻤﺤﺠﻮﻡ " ﻓﺄﻗﻮﻝ : ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ : ﺃﻓﻄﺮ ﺍﻟﺤﺎﺟﻢ ﻭﺍﻟﻤﺤﺠﻮﻡ، ﻓﺮﺩّﻭﺍ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺃﺑﻲ ﺍﻟﻮﻟﻴﺪ، ﻷﻥ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺗﺮﻛﻪ ﻣﻊ ﻋﻠﻤﻪ ﺑﺼﺤﺘﻪ، ﻟﻜﻮﻧﻪ ﻣﻨﺴﻮﺧﺎً ﻋﻨﺪﻩ، ﻭﺑﻴَّﻦ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲُّ ﻧﺴﺨَﻪ ﻭﺍﺳﺘﺪﻝَّ ﻋﻠﻴﻪ )" ) ﺍﻧﺘﻬﻰ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﻨﻮﻭﻱ ﻭﻧَﻘْﻠُﻪ ﻛﻼﻡَ ﺍﺑﻦِ ﺍﻟﺼﻼﺡ ( ) .
ﻭﺃﺭﻯ ﺃﻥ ﻳﻀﺎﻑ ﻫﻨﺎ ﻣﺎ ﺃﻭﺟﺰ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﻜﻮﺛﺮﻱ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﺇﻟﻴﻪ ﻓﻲ ﻛﻼﻣﻪ ﺍﻵﺗﻲ ( ) ، ﻭﺗﻮﺿﻴﺤﻪ :
1 ـ ﺇﺫﺍ ﺗﺒﻴَّﻦ ﻟﻨﺎ ﺃﻥ ﺇﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ ﻗﺎﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺩﻭﻥ ﺑﺬﻝ ﺟﻬﺪ ﻣﻨﻪ، ﺑﻞ ﻣﺘﺎﺑﻌﺔً ﻟﻐﻴﺮﻩ .
2 ـ ﻭﻭﺿﺢ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﻇﻬﺮﺕ ﺍﻟﺤﺠﺔ ﻓﻲ ﺧﻼﻑ ﻗﻮﻟﻪ ﺫﺍﻙ .
33 ـ ﻭﻇﻬﺮ ﺧﻄﺄ ﻣﻦ ﺃﺧﺬ ﺍﻹﻣﺎﻡُ ﺑﻘﻮﻟﻪ ﻛﻮﺿﺢ ﺍﻟﺼﺒﺢ . ﻓﺤﻴﻨﺌﺬ ﻻ ﻳﺼﺢ ﺃﻥ ﻳﻌﺰﻯ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝُ ﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻒُ ﻟﻠﺪﻟﻴﻞ ﺍﻟﻮﺍﺿﺢ، ﻷﻥ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻴﻤﺎ ﻻ ﻧﺺَّ ﻓﻴﻪ . ﺍﻧﺘﻬﻰ .
ﻭﻗﺪ ﺣﺼﻞَ ﻻﺑﻦ ﺣِﺒﺎﻥَ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﺴﺮُّﻉ ﺃﻛﺒﺮُ ﻣﻤﺎ ﺣﺼﻞ ﻻﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺍﻟﺠﺎﺭﻭﺩ، ﻓﺈﻧﻪ ﻗﺎﻝ ﻓﻲ " ﺻﺤﻴﺤﻪ )" ) : " ﻛﻞُّ ﺃﺻﻞٍ ﺗﻜﻠَّﻤﻨﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﻛﺘﺒﻨﺎ، ﺃﻭ ﻓﺮﻉٍ ﺍﺳﺘﻨﺒﻄﻨﺎﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﻓﻲ ﻣﺼﻨﻔﺎﺗﻨﺎ : ﻫﻲ ﻛﻠُّﻬﺎ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ، ﻭﻫﻮ ﺭﺍﺟﻊٌ ﻋﻤﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺒﻪ، ﻭﺇﻥْ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﺸﻬﻮﺭَ ﻣﻦ ﻗﻮﻟﻪ، ﻭﺫﺍﻙ ﺃﻧﻲ ﺳﻤﻌﺖُ ﺍﺑﻦَ ﺧﺰﻳﻤﺔ ﻳﻘﻮﻝ ﺳﻤﻌﺖ ﺍﻟﻤﺰﻧﻲَّ ﻳﻘﻮﻝ : ﺳﻤﻌﺖُ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻳﻘﻮﻝ : ﺇﺫﺍ ﺻﺢَّ ﻟﻜﻢ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚُ ﻋﻦ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﺨﺬﻭﺍ ﺑﻪ ﻭﺩﻋﻮﺍ ﻗﻮﻟﻲ ." ﻭﻻ ﺃﺩﺭﻱ ﻛﻴﻒ ﺻﺪﺭﺕْ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺠَﺮﺍﺀﺓ ﻣﻦ ﺍﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ : ﺃﻥ ﻳﻀﺮﺏ ﺑﻜﺘﺐ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻋُﺮْﺽ ﺍﻟﺤﺎﺋﻂ، ﻭﻳﺪﻋﻮﻫﻢ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﺃﺻَّﻠﻪ ﻫﻮ ﻭﻓﺮَّﻋﻪ ﻓﻲ ﻛﺘﺒﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻬﺎ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ، ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﻤﺠﻤﻠﺔ؟ .!! ﻭﻧﻘﻮﻝُ ﻋﻦ ﻗﻮﻟﺔ ﺍﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ ﻫﺬﻩ : ﻗﺪ ﺻﺢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝُ ﺃﻭ ﻧﺤﻮُﻩ ﻋﻦ ﺃﺋﻤﺔ ﺁﺧﺮﻳﻦ، ﻓﻠﻢَ ﻻ ﺗَﻨﺴُﺐ ﻣﺎ ﺃﺻَّﻠْﺘَﻪ ﻭﻓﺮَّﻋﺘَﻪ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﺃﻳﻀﺎً؟ .!
ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﻜﻮﺛﺮﻱ ( ) : " ﻗﻮﻝ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ : ﺇﺫﺍ ﺻﺢ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻬﻮ ﻣﺬﻫﺒﻲ : ﻟﻴﺲ ﺑﻤﻌﻨﻰ : ﺃﻥ ﻛﻞَّ ﻣﺎ ﻗﺎﻝ ﻓﻴﻪ ﺃﺣﺪ : ﺇﻧﻪ ﺣﺪﻳﺚ ﺻﺤﻴﺢ، ﺁﺧُﺬُ ﺑﻪ ﺭﺍﺟﻌﺎً ﻋﻤﺎ ﻗﻠﺘُﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞُ، ﺑﻞ ﺑﻤﻌﻨﻰ : ﺃﻥ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺇﺫﺍ ﺻﺢ ﺑﺸَﺮْﻃﻪ، ﻭﻭَﺿَﺤَﺖْ ﺩﻻﻟﺘﻪ ﺁﺧُﺬُ ﺑﻪ، ﻭﺇﻻ ﺍﺧﺘﻠﻂ ﻣﺬﻫﺒﻪ .
ﻭﻗﺪ ﺃﻗﺎﻣﻮﺍ ﺍﻟﻨﻜﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﺃﺑﻲ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﺠُﻮَﻳﻨﻲ ﺣﻴﺚ ﺣﺎﻭﻝ ﺃﻥ ﻳﺆﻟِّﻒ ﻛﺘﺎﺑﺎً ﻳﺠﻤﻊ ﻓﻴﻪ ﻣﺴﺎﺋﻞَ ﺻﺢَّ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚُ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﻧﻈﺮﻩ، ﻋﺎﺯﻳﺎً ﺇﻳﺎﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ، ﺗﻌﻮﻳﻼً ﻣﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﻤﺤﻜﻲِّ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ( ) ، ﻭﻗﺪ ﺍﺳﺘﺒﺎﻥَ ﻷﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺚ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﺼﺤﺢ ﺃﺣﺎﺩﻳﺚَ ﻏﻴﺮ ﺻﺤﻴﺤﺔ، ﻭﻳﺠﻌﻞ ﺍﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﻤﺴﺘﻨْﺒﻄﺔَ ﻣﻨﻬﺎ ﺃﻗﻮﺍﻻً ﻟﻠﺸﺎﻓﻌﻲ، ﻓﺰﺟﺮﻭﻩ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ."
ﻭﻟﻺﻣﺎﻡ ﺍﻟﺘﻘﻲِّ ﺍﻟﺴﺒْﻜﻲ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺳﻤﺎﻫﺎ " ﻣﻌﻨﻰ ﻗﻮﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﻄﻠﺒﻲ : ﺇﺫﺍ ﺻﺢَّ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻬﻮ ﻣﺬﻫﺒﻲ " ﻧَﻘَﻞ ﻓﻲ ﺃﻭﻟﻬﺎ ﻛﻼﻡَ ﺍﻹﻣﺎﻡِ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺼﻼﺡ ﻭﺍﻹﻣﺎﻡِ ﺍﻟﻨﻮﻭﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﻘﻠﺖُ ﺑﻌﻀﻪ، ﻭﻭﺍﻓﻘﻬﻤﺎ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﻗﺎﻝ ( ) : " ﻫﺬﺍ ﺗﺒﻴﻴﻦٌ ﻟﺼﻌﻮﺑﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﻐﺘﺮَّ ﺑﻪ ﻛﻞ ﺃﺣﺪ )" ) . ﺛﻢ ﻗﺎﻝ ﺑﻌﺪ ﺳﻄﺮﻳﻦ : " ﻭﺃﻣﺎ ﻗﺼﺔُ ﺍﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺍﻟﺠﺎﺭﻭﺩ : ﻓﺎﻟﺮﺩُّ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺍﻟﺠﺎﺭﻭﺩ ﻟﺘﻘﺼﻴﺮﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺤﺚ، ﻻ ﻋﻠﻰ ﺣُﺴْﻦ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﺇﻣﻜﺎﻥِ ﺍﺗﺒﺎﻋﻪ . ﻭﻣﻤﻦ ﻭﺍﻓﻖ ﺍﺑﻦَ ﺃﺑﻲ ﺍﻟﺠﺎﺭﻭﺩ ﻋﻠﻴﻪ : ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻮﻟﻴﺪ ﺍﻟﻨﻴﺴﺎﺑﻮﺭﻱُّ ﺣﺴﺎﻥُ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ، ﻣﻦ ﺫﺭﻳﺔ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺍﻟﻌﺎﺹ، ﻣﻦ ﺃﻛﺎﺑﺮ ﺃﺋﻤﺔ ﺃﺻﺤﺎﺑﻨﺎ، ﺗﻮﻓﻲ ﺳﻨﺔ ﺗﺴﻊ ﻭﺃﺭﺑﻌﻴﻦ ﻭﺛﻼﺙ ﻣﺌﺔ، ﻛﺎﻥ ﻳﺤﻠﻒ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﺃﻥ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺃﻧﻪ ﻳُﻔﻄﺮ ﺍﻟﺤﺎﺟﻢ ﻭﺍﻟﻤﺤﺠﻮﻡ، ﺍﺳﺘﻨﺎﺩﺍً ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻚ . ﻭﻏﻠَّﻄﻪ ﺍﻷﺻﺤﺎﺏ ﺑﻤﺎ ﺳﺒﻖ ـ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺗﺮﻛﻪ ﻣﻊ ﻋﻠﻤﻪ ﺑﺼﺤﺘﻪ ﻟﻜﻮﻧﻪ ﻣﻨﺴﻮﺧﺎً ﻋﻨﺪﻩ ( ) ـ ﻛﻤﺎ ﻏﻠَّﻄﻮﺍ ﺍﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺍﻟﺠﺎﺭﻭﺩ، ﻭﻫﻮ ﻛﻤﺴﺄﻟﺔ ﻳﻐﻠﻂُ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﺠﺘﻬﺪﻳﻦ، ﻟﻜﻦْ ﺗﻐﻠﻴﻂُ ﺫﻟﻚ ﺻﻌﺐ، ﻻﺗِّﺴﺎﻉ ﺍﻟﻤﺪﺍﺭﻙ ... . ﻭﻗﺪ ﺣُﻜﻲ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﺍﻟﻜَﺮَﺟﻲ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲِّ، ﻭﻛﺎﻥ ﻓﻘﻴﻬﺎً ﻣﺤﺪﺛﺎً، ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻻ ﻳﻘﻨﺖ ﻓﻲ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﺼﺒﺢ، ﻳﻘﻮﻝ : ﺻﺢَّ ﻋﻨﺪﻱ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺗﺮﻙ ﺍﻟﻘﻨﻮﺕ ﻓﻲ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﺼﺒﺢ ... . ﻓﺘﺮﻛﺖُ ـ ﺍﻟﻤﺘﻜﻠﻢ ﻫﻮ ﺍﻟﺴﺒْﻜﻲ ﻧﻔﺴﻪ ـ ﺍﻟﻘﻨﻮﺕَ ﻓﻲ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﺼﺒﺢ ﻣﺪﺓً، ﺛﻢ ﻋﻠﻤﺖُ ﺃﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺻﺢَّ ﻣﻦ ﻗﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺍﻟﻘﻨﻮﺕَ ﻓﻲ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﺼﺒﺢ ﻫﻮ : ﺍﻟﺪﻋﺎﺀُ ﻋﻠﻰ ﺭِﻋْﻞٍ ﻭﺫَﻛْﻮﺍﻥ، ﻭﻓﻲ ﻏﻴﺮ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﺼﺒﺢ . ﺃﻣﺎ ﺗﺮﻙ ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ ﻣﻄﻠﻘﺎً ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﻓﻲ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﺼﺒﺢ : ﻓﻔﻴﻪ ﺣﺪﻳﺚ ﻋﻴﺴﻰ ﺑﻦ ﻣﺎﻫﺎﻥ، ﻭﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻣﺎ ﻋُﺮﻑ، ﻭﻟﻴﺲ ﻫﺬﺍ ﻣﻮﺿﻊَ ﺗَﺤﺮﻳﺮﻩ، ﻓﺮﺟﻌﺖُ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻨﻮﺕ، ﻭﺃﻧﺎ ﺍﻵﻥ ﺃﻗﻨﺖ، ﻭﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﺷﻲﺀٍ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺇﺷﻜﺎﻝٌ ﻋﻠﻰ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻗﺼﻮﺭٌ ﻳَﻌﺮِﺽُ ﻟﻨﺎ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻨﻈﺮ ." ﺍﻧﺘﻬﻰ ﻛﻼﻡ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺴﺒﻜﻲ .
ﻭﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺺِّ ﻋﺒﺮﺓٌ ﻟﻤﻦ ﻳﻌﺘﺒﺮ ! ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺣﺎﻝَ ﺍﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺍﻟﺠﺎﺭﻭﺩ ـ ﻭﻫﻮ ﻣﻦ ﺗﻼﻣﺬﺓ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ، ﻭﻣﺤﻠُّﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻣﻌﺮﻭﻑ ـ ﻭﻣﺜﻠُﻪ ﻭﺃﺟﻞُّ ﻣﻨﻪ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻮﻟﻴﺪ ﺍﻟﻨﻴﺴﺎﺑﻮﺭﻱ ـ ﻭﻟﻴﺲ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻭﺍﺓ ﻓﻘﻂ، ﺑﻞ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﻭﺃﺋﻤﺔ ﺍﻟﺪﺭﺍﻳﺔ ـ ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻳﺤﻠﻒُ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻭﻳَﻨﺴُﺐُ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺍﻟﻌﻤﻞَ ﺑﺤﺪﻳﺚٍ ﺗَﺮَﻙَ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺍﻟﻌﻤﻞَ ﺑﻪ ﻋﻤﺪﺍً ﻷﻧﻪ ﻣﻨﺴﻮﺥ ﻋﻨﺪﻩ : ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺣﺎﻝَ ﻫﺆﻻﺀ : ﻓﻤﺎ ﺍﻟﻘﻮﻝُ ﺑﺄﻫﻞ ﺯﻣﺎﻧﻨﺎ ( ) ، ﻫﻞ ﻳﺠﻮﺯُ ﻟﻬﻢ ﺃﻥ ﻳُﻄﺒِّﻘﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻣﻘﺘﻀﻰ ﻗﻮﻟﻪ، ﻭﻫﻢ ﻻﻳﻔﻘﻬﻮﻥ ﻟﻠﺸﺎﻓﻌﻲ ﻗﻮﻻً .!!
ﻭﻫﺬﺍ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺍﻟﻜَﺮَﺟﻲ، ﻭﻗﺪ ﻭﺻﻔﻪ ﺍﻟﺴُّﺒْﻜﻲ ﻛﻤﺎ ﺗَﺮَﻯ ﺑﺎﻟﻔﻘﻴﻪ ﺍﻟﻤﺤﺪﺙ، ﻭﻭﺻﻔﻪ ﺗﻠﻤﻴﺬﻩ ﺍﻟﺴﻤﻌﺎﻧﻲ ﺑﺄﻧﻪ " ﺇﻣﺎﻡٌ ﻭﺭﻉٌ ﻋﺎﻟﻢ ﻋﺎﻗﻞ ﻓﻘﻴﻪ ﻣﻔﺖٍ ﻣﺤﺪﺙٌ ﺷﺎﻋﺮ ﺃﺩﻳﺐ )" ) ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﺗَﺮَﻙَ ﺍﻟﻘﻨﻮﺕَ ﻣﺨﺎﻟﻔﺎً ﻹﻣﺎﻡ ﻣﺬﻫﺒﻪ، ﺑﺤﺠﺔِ ﺻﺤﺔِ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚِ ﻭﺃﻥ ﺇﻣﺎﻣﻪ ﻳﻘﻮﻝ : ﺇﺫﺍ ﺻﺢ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻬﻮ ﻣﺬﻫﺒﻲ، ﻭ " ﺍﺗﺮﻛﻮﺍ ﻗﻮﻟﻲ ﻭﺧﺬﻭﺍ ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺚ " ، ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﺗﻌﻘَّﺒﻪ ﻣَﻦ ﺑﻌﺪﻩ، ﻣﻨﻬﻢ ﺍﻟﺘﺎﺝ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺴﺒﻜﻲ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻤّﺎ ﺗﺮﺟﻢ ﻟﻪ ﻓﻲ " ﻃﺒﻘﺎﺕ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ " ﻓﺈﻧﻪ ﻗﺎﻝ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺫﻛﺮ ﻟﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺃﻱ ( ) : " ﺃﻣﺎﻣَﻪ ﻋَﻘَﺒﺘﺎﻥ ﻓﻲ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻟﺼﻌﻮﺑﺔ : ﺻﺤﺔُ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ـ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﻨﻮﺕ ـ ﻭﻫﻴﻬﺎﺕ ! ﺇﻥ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻚ ﻟَﺸﺪﻳﺪ ﻋﻠﻴﻪ، ﻋﺴﻴﺮ، ﻭﻛﻮﻧُﻪ ﻳﺼﻴﺮ ـ ﺗﺮﻙُ ﺍﻟﻘﻨﻮﺕ ـ ﻣﺬﻫﺒﺎً ﻟﻠﺸﺎﻓﻌﻲ، ﻭﻫﻮ ﺃﻳﻀﺎً ﺻﻌﺐ ."
ﻭﻛﺬﻟﻚ : ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺘﻘﻲ ﺍﻟﺴﺒﻜﻲ ﻛﺎﻥ ﻳﻘﻨﺖ ﻓﻲ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﻔﺠﺮ، ﺑﻤﻘﺘﻀﻰ ﻣﺬﻫﺒﻪ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺸﺄ ﻋﻠﻴﻪ، ﺛﻢ ﻟﻤﺎ ﺍﻃﻠﻊ ﻋﻠﻰ ﻗﺼﺔ ﺍﻟﻜَﺮَﺟﻲ ﻫﺬﺍ ﺗﺮﻙ ﺍﻟﻘﻨﻮﺕ، ﺛﻢ ﺗﺮﺍﻩ ﻋﺎﺩ ﺇﻟﻴﻪ، ﻭﺍﻟﺴﺒﻜﻲُّ ﻫﻮ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻭُﺻﻒ ﺑﺤﻖّ : ﺑﺎﻟﻤﺠﺘﻬﺪ ﺍﻟﻤﻄﻠﻖ، ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺠﺘﻬﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ، ﻭﻭﺻَﻔَﻪ ﻋﺼﺮﻳُّﻪ ﻭﻗَﺮﻳﻨﻪ ﺍﻟﺤﺎﻓﻆ ﺍﻟﺬﻫﺒﻲ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ـ ﻭﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﺍﻟﻤﻨﺰِﻉ ـ ﺑﺄﻧﻪ ﺷﻴﺦ ﻋﺼﺮﻩ ﺣﺪﻳﺜﺎً ﻭﻓﻘﻬﺎً، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﻟﻤﺎ ﺗﻮﻟَّﻰ ﺍﻟﺴُّﺒْﻜﻲ ﺧﻄﺎﺑﺔَ ﺍﻟﺠﺎﻣﻊ ﺍﻷﻣﻮﻱ ﺑﺪﻣﺸﻖ : ﻋﻼﻩ ﺍﻟﺤـﺎﻛـﻢُ ﺍﻟﺒـﺤـﺮُ ﺍﻟﺘﻘﻲُّ ﻟِﻴَـﻬْﻦَ ﺍﻟﻤﻨـﺒَـﺮُ ﺍﻷﻣـﻮﻱُّ ﻟـﻤَّﺎ ﻭﺃﺧﻄَﺒُﻬﻢ ﻭﺃﻗﻀﺎﻫﻢ ﻋﻠﻲُّ () ﺷﻴﻮﺥُ ﺍﻟﻌَﺼﺮِ ﺃﺣﻔﻈُﻬﻢ ﺟﻤﻴﻌﺎً ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺴﺒﻜﻲُّ ﻗﺪ ﺣَﺼَﻞ ﻟﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺮﺩﺩُ ـ ﻭﻫﻮ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻤﻨﺰﻟﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻠﻢ ـ ﻓﻬﻞ ﻳﺠﻮﺯُ ﻟﻤﻦ ﻫﻮ ﺩﻭﻧﻪ ﺃﻥ ﻳﺘﻤﺴﻚَ ﺑﻈﺎﻫﺮِ ﻛﻼﻡِ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲِّ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ، ﻭﻳُﺴﺮﻉَ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﻤﺎ ﺻﺢَّ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ، ﻣﺸﻮِّﺷﺎً ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻣﺘﻈﺎﻫﺮﺍً ﺑﺄﻧﻪ ﻳﻌﻤﻞ ﺑﻤﻘﺘﻀﻰ ﻗﻮﻝ ﺇﻣﺎﻡٍ ﻣﻌﺘﺒﺮٍ ﻣﻦ ﺃﺋﻤﺔِ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻣﻌﺘَﻤﺪٍ ﻋﻨﺪﻫﻢ، ﻓﻠﻢَ ﻧﻨﻜﺮُ ﻋﻠﻴﻪ؟ . ﺛﻢ ﻧﻘﻞ ﺍﻟﺴﺒﻜﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭﺓ ( ) ﻧﺼﺎً ﻃﻮﻳﻼً ﻋﻦ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺑﻲ ﺷﺎﻣﺔ ﺍﻟﻤﻘﺪﺳﻲ ﻓﻴﻪ ﻛﻼﻡ ﻳﺘﻌﻠَّﻖُ ﺑﻤﺎ ﻧﺤﻦ ﻓﻲ ﺻﺪﺩ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻨﻪ، ﻭﺻﺪَّﺭ ﺍﻟﺴﺒﻜﻲُّ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺺَّ ﺑﻘﻮﻟﻪ : " ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺷﺎﻣﺔ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ـ ﺗﻠﻤﻴﺬ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺼﻼﺡ ﻭﺷﻴﺦ ﺍﻟﻨﻮﻭﻱ ـ ﻭﻫﻮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺒﺎﻟﻐﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﺗﺒﺎﻉ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ " ﺛﻢ ﻧﻘﻞ ﻛﻼﻣﻪ، ﻭﻓﻲ ﺁﺧﺮﻩ ﻳﻘﻮﻝ ﺃﺑﻮ ﺷﺎﻣﺔ : " ﻭﻻ ﻳﺘﺄﺗَّﻰ ﺍﻟﻨﻬﻮﺽُ ﺑﻬﺬﺍ ﺇﻻ ﻣﻦ ﻋﺎﻟﻢٍ ﻣﻌﻠﻮﻡِ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺧﺎﻃﺒﻪ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺑﻘﻮﻟﻪ : ﺇﺫﺍ ﻭﺟﺪﺗﻢ ﺣﺪﻳﺚ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺧﻼﻑ ﻗﻮﻟﻲ ﻓﺨﺬﻭﺍ ﺑﻪ ﻭﺩَﻋﻮﺍ ﻣﺎ ﻗﻠﺖُ، ﻭﻟﻴﺲ ﻫﺬﺍ ﻟﻜﻞ ﺃﺣﺪ )" ) . ﻭﺭﻭﻯ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻓﻲ " ﺻﺤﻴﺤﻪ )" ) ﻋﻦ ﺍﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ، ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﻓﻊ ﻳﺪﻳﻪ ﺇﺫﺍ ﻗﺎﻡ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺮﻛﻌﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ . ﻭﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺷﺮﺣﻪ " ﻓﺘﺢ ﺍﻟﺒﺎﺭﻱ " ﻣﺎ ﻧﺼﻪ : " ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺨﻄﺎﺑﻲ : ﻟﻢ ﻳﻘﻞ ﺑﻪ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ، ﻭﻫﻮ ﻻﺯﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﺻﻠﻪ ﻓﻲ ﻗﺒﻮﻝ ﺍﻟﺰﻳﺎﺩﺓ . ﻭﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺧﺰﻳﻤﺔ : ﻫﻮ ﺳﻨﺔ ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﺬﻛﺮﻩ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻓﺎﻹﺳﻨﺎﺩ ﺻﺤﻴﺢ، ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ : ﻗﻮﻟﻮﺍ ﺑﺎﻟﺴﻨﺔ، ﻭﺩَﻋُﻮﺍ ﻗﻮﻟﻲ . ﻭﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺩﻗﻴﻖ ﺍﻟﻌﻴﺪ : ﻗﻴﺎﺱُ ﻧﻈﺮِ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺃﻧﻪ ﻳَﺴﺘﺤﺐ ﺍﻟﺮﻓﻊ ﻓﻴﻪ، ﻷﻧﻪ ﺃﺛﺒﺖ ﺍﻟﺮﻓﻊ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺮﻛﻮﻉ ﻭﺍﻟﺮﻓﻊ ﻣﻨﻪ .. ، ﻭﺃﻣﺎ ﻛﻮﻧﻪ ﻣﺬﻫﺒﺎً ﻟﻠﺸﺎﻓﻌﻲ ﻟﻜﻮﻧﻪ ﻗﺎﻝ : ﺇﺫﺍ ﺻﺢ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻬﻮ ﻣﺬﻫﺒﻲ : ﻓﻔﻴﻪ ﻧﻈﺮ . ﺍﻧﺘﻬﻰ .
ﻭﻭﺟﻪ ﺍﻟﻨﻈﺮ : ﺃﻥ ﻣﺤﻞ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻮﺻﻴﺔ ﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﻋُﺮﻑ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻟﻢ ﻳﻄﻠﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ، ﺃﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﻋُﺮﻑ ﺃﻧﻪ ﺍﻃﻠﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺭﺩَّﻩ ﺃﻭ ﺗﺄﻭّﻟﻪ ﺑﻮﺟﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺟﻮﻩ : ﻓﻼ . ﻭﺍﻷﻣﺮ ﻫﻨﺎ ﻣﺤﺘﻤِﻞ ." ﻭﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺘﺒﻴﻴﻦ ﺍﻟﻬﺎﻡّ ﺟﺪﺍً ﻣﻦ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻷﺋﻤﺔ ﺍﻟﻤﺤﺪﺛﻴﻦ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﺍﻷﺗﻘﻴﺎﺀ، ﻳﺘﺒﻴﻦ ﻟﻨﺎ ﻣَﻦ ﺃﺭﺍﺩﻩ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻓﻲ ﻛﻼﻣﻪ، ﻭﺃﻧﻪ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻣﺎ ﺃﺭﺍﺩ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﻤﺘﻄﺎﻭﻟﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ، ﺍﻟﻤُﻘْﻌَﺪﻳﻦ ﻓﻲ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺃﻣﺮﻫﻢ ﻭﻭﺍﻗﻌﻬﻢ .!
ﻭﺃﻣﺎ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻤﺎﻟﻜﻴﺔ : ﻓﻘﺪ ﺑﻴَّﻦ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺤﺠَّﺔ ﺍﻷﺻﻮﻟﻲ ﺷﻬﺎﺏ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻌﺒﺎﺱ ﺍﻟﻘَﺮَﺍﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﻟﻜﻲ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ " ﺷﺮﺡ ﺍﻟﺘﻨﻘﻴﺢ )" ) ﺑﻴﺎﻥَ ﺣﺎﻝ ﺍﻟﻤﺘﺄﻫِّﻞ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ ﻓﻘﺎﻝ : " ﻛﺜﻴﺮٌ ﻣﻦ ﻓﻘﻬﺎﺀ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ ﻳﻌﺘﻤﺪﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﻭﻳﻘﻮﻟﻮﻥ : ﻣﺬﻫﺐ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻛﺬﺍ، ﻷﻥ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺻﺢ ﻓﻴﻪ . ﻭﻫﻮ ﻏﻠﻂ، ﻷﻧﻪ ﻻﺑﺪَّ ﻣﻦ ﺍﻧﺘﻔﺎﺀِ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭِﺽ، ﻭﺍﻟﻌﻠﻢُ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺽ ﻳﺘﻮﻗَّﻒُ ﻋﻠﻰ ﻣَﻦ ﻟﻪ ﺃﻫﻠﻴﺔُ ﺍﺳﺘﻘﺮﺍﺀ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔِ ﺣﺘﻰ ﻳَﺤﺴُﻦَ ﺃﻥ ﻳﻘﺎﻝَ : ﻻ ﻣﻌﺎﺭﺽَ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ، ﺃﻣﺎ ﺍﺳﺘﻘﺮﺍﺀُ ﻏﻴﺮِ ﺍﻟﻤﺠﺘﻬﺪ ﺍﻟﻤﻄﻠﻖ ﻓﻼ ﻋﺒﺮﺓ ﺑﻪ . ﻓﻬﺬﺍ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞُ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﺤﺼِّﻞ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﺃﻫﻠﻴﺔَ ﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺀ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﺼﺮّﺡ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻔُﺘﻴﺎ ." ﺃﻱ : ﺇﺫﺍ ﺃﺭﺩﻧﺎ ﺃﻥ ﻧﻨﺴﺐَ ﺇﻟﻰ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺣﻜﻤﺎً ﺑﻨﺎﺀً ﻋﻠﻰ ﺻﺤﺔ ﺣﺪﻳﺚٍ ﻓﻴﻪ، ﻓﻼ ﻳﺠﻮﺯ ﻟﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﻨﺴﺒﻪ ﺇﻟﻴﻪ ﺇﻻ ﺑﻌﺪ ﺗﺘﺒﻌﻨﺎ ﺗﺘﺒﻌﺎً ﻛﺎﻣﻼً، ﻟﻴﺤﺼُﻞ ﻟﻨﺎ ﻋﻠﻢ ﺟﺎﺯﻡٌ ﺑﻌﺪﻡ ﻭﺟﻮﺩ ﺩﻟﻴﻞٍ ﺁﺧﺮ ﻳﻌﺎﺭﺿﻪ، ﻭﻻ ﻳﺤﺼﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﻌﺪﻡ ﻭﺟﻮﺩ ﺩﻟﻴﻞٍ ﻣﻌﺎﺭﺽٍ ﻟﻪ ﺇﻻ ﻟﻤﻦ ﻟﻪ ﺃﻫﻠﻴﺔُ ﺍﺳﺘﻘﺮﺍﺀ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔِ ﻛﺎﻣﻠﺔً، ﻻ ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚِ ﻓﻘﻂ، ﻭﻫﺬﺍ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﻻ ﻟﻠﻤﺠﺘﻬﺪ ﺩﻭﻥ ﺳﻮﺍﻩ .
ﻭﺗُﺬﻛِّﺮﻧﺎ ﻛﻠﻤﺔُ ﺍﻟﻘَﺮَﺍﻗﻲِّ ﺍﻟﻤﺎﻟﻜﻲِّ ﻫﺬﻩ، ﺑﻜﻠﻤﺔٍ ﻟﻤﺎﻟﻜﻲ ﺁﺧﺮ، ﻫﻮ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺍﻟﻤﺎﻟﻜﻲ ( ) ﻗﺎﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﺮﺟﻤﺔ ﺍﻹﻣﺎﻡِ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﺃَﺳﺪِ ﺑﻦ ﺍﻟﻔﺮﺍﺕ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ﺗﻠﻤﻴﺬِ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻣﺎﻟﻚٍ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ، ﻭﻣﺤﻤﺪِ ﺑﻦ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﻓﻲ ﺑﻐﺪﺍﺩ، ﻗﺎﻝ : " ﻭﺍﻟﻤﺸﻬﻮﺭُ ﻋﻦ ﺃﺳﺪ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﻠﺘﺰﻡُ ﻣﻦ ﺃﻗﻮﺍﻝِ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻭﺃﻫﻞِ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻣﺎ ﻭﺍﻓﻖ ﺍﻟﺤﻖَّ ﻋﻨﺪﻩ، ﻭﻳﺤﻖُّ ﻟﻪ ﺫﻟﻚ، ﻻﺳْﺘﺒﺤﺎﺭﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ، ﻭﺑﺤﺜِﻪ ﻋﻨﻬﺎ، ﻭﻛﺜﺮﺓِ ﻣَﻦ ﻟﻘﻲَ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻭﺍﻟﻤﺤﺪﺛﻴﻦ ."
ﻓﺘﺄﻣﻞ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻫَّﻠﺘْﻪ ﻟﺬﻟﻚ : ﺍﺳﺘﺒﺤﺎﺭﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ، ﻭﺑﺤﺜﻪ ﻋﻨﻬﺎ، ﻭﻛﺜﺮﺓ ﺷﻴﻮﺧﻪ . ﻭﻟﻮﻻ ﺿﺮﻭﺭﺓُ ﺍﻟﺘﺄﻣُّﻞِ ﻭﺍﻟﺘﺄﻧّﻲ ﻭﺍﺷﺘﺮﺍﻁِ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ : ﻟﺴﺎﻍ ﻟﻜﻞ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﺃﻥ ﻳﻨﺴﺐ ﻛﻞَّ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻳﻘﺘﻨﻊ ﺑﺼﺤﺔ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻓﻼﻥ ﻣﻦ ﺍﻷﺋﻤﺔ، ﻭﻳﺄﺗﻲَ ﺁﺧﺮ ﻓﻴﻨﺴﺐ ﺍﻟﻘﻮﻝَ ﺑﺎﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺇﻣﺎﻡ ﺁﺧﺮ، ﻭﻳﺄﺗﻲ ﺛﺎﻟﺚٌ ﻓﻴﻘﺘﻨﻊ ﺑﺼﺤﺔ ﺣﺪﻳﺚٍ ﻣﺨﺎﻟﻒٍ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻓﻴﻨﺴﺐ ﺍﻟﻘﻮﻝَ ﺑﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻷﻭﻝ ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻲ، ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻻ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺍﻻﺿﻄﺮﺍﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﺒﻠﺒﻠﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺗﺤﺖ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﺷﻌﺎﺭ : ﺇﺫﺍ ﺻﺢ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻬﻮ ﻣﺬﻫﺒﻲ .!! ﻭﺣﻴﻨﺌﺬ ﻳﺘَّﺴﻊُ ﺍﻟﺨَﺮْﻕ ﻭﺗﻤﺘَﺪُّ ﺍﻟﻔﻮﺿﻰ ﺇﻟﻰ ﺩﻋﻮﻯ ﺍﻹﺟﻤﺎﻉ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺣﺼﻞ ﻷﺣﺪﻧﺎ ﺍﻻﻗﺘﻨﺎﻉ ﺑﺼﺤﺔ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻴﻬﺎ ! ﻷﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ـ ﺇﺫﺍ ﺻﺢ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻬﻮ ﻣﺬﻫﺒﻲ ـ ﻫﻮ ﻟﺴﺎﻥُ ﺣﺎﻝِ ﻛﻞِّ ﻋﺎﻟﻢٍ، ﺑﻞ : ﻛﻞِّ ﻣﺴﻠﻢ، ﻛﻤﺎ ﺃﺳﻠﻔﺘُﻪ ﺃﻭﻝَ ﻛﻼﻣﻲ ﻋﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﺒﻬﺔ، ﻧﺴﺄﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺼَّﻮْﻥ .
ﻓﺈﻥ ﻗﻴﻞ : ﻓﻤﺎ ﻣﺮﺍﺩُ ﺍﻷﺋﻤِﺔ ﻣﻦ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﻭﻣﺎ ﺷﺎﺑﻬﻬﺎ ﻓﻲ ﻧﻔﻮﺱ ﺃﺻﺤﺎﺑﻬﻢ ﻓﻤﻦ ﺑﻌﺪﻫﻢ؟ .
ﻓﺎﻟﺠﻮﺍﺏ : ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔُ ﺍﻟﻤﺤﻘﻖ ﺍﻷﺻﻮﻟﻲ ﻣﻮﻻﻧﺎ ﺍﻟﺸﻴﺦُ ﺣﺒﻴﺐ ﺃﺣﻤﺪ ﺍﻟﻜﻴﺮﺍﻧَﻮﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻘﺪﻣﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻟـ " ﺇﻋﻼﺀ ﺍﻟﺴﻨﻦ " ﺍﻟﺘﻲ ﻃﺒﻌﺖ ﻗﺪﻳﻤﺎً ﺑﺎﺳﻢ " ﺇﻧﻬﺎﺀ ﺍﻟﺴﻜَﻦ " ﻭﺃُﻋﻴﺪ ﻃﺒﻌﻬﺎ ﺣﺪﻳﺜﺎً ﺑﺎﺳﻢ " ﻓﻮﺍﺋﺪ ﻓﻲ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﻔﻘﻪ " ﻗﺎﻝ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ( ) : " ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻗﻮﺍﻝ : ﻫﻮ ﺇﻇﻬﺎﺭ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﺔ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺤﺠﺔ ﻫﻮ ﻗﻮﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻻ ﻗﻮﻟﻲ، ﻓﻼ ﺗﻈﻨﻮﺍ ﻗﻮﻟﻲ ﺣﺠﺔً ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ، ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺑﺮﺃُ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻤﺎ ﻗﻠﺘُﻪ ﺧﻼﻑَ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻻ ﺗﺴﺘﻠﺰﻡ ﻣﺎ ﻧَﺴﺐ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ ﺇﻟﻴﻪ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ـ ﺃﻱ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ـ ﻣﻦ ﺗﺠﻮﻳﺰِ ﻧﺴﺒﺔِ ﻛﻞِّ ﻗﻮﻝٍ ﺻﺢ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺑﻪ ﻋﻨﺪ ﻛﻞ ﻗﺎﺋﻞ : ﺇﻟﻴﻪ، ﻓﺎﻋﺮﻑْ ﺫﻟﻚ ﻭﻻ ﺗﻐﺘﺮَّ ﺑﺄﻣﺜﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ".. ﺇﻟﻰ ﺁﺧﺮ ﻛﻼﻣﻪ ﺍﻟﺪﻗﻴﻖ ﺍﻟﻤﺘﻴﻦ .
ﻭﺧﻼﺻﺔُ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ ﻋﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﺒﻬﺔ ﻣﻦ ﻛﻼﻡ ﻫﺆﻻﺀِ ﺍﻷﺋﻤﺔ : ﺍﺑﻦِ ﻋﺎﺑﺪﻳﻦ، ﻭﺍﺑﻦِ ﺍﻟﺼﻼﺡ، ﻭﺗﻠﻤﻴﺬِﻩ ﺃﺑﻲ ﺷﺎﻣﺔ، ﻭﺗﻠﻤﻴﺬِ ﺃﺑﻲ ﺷﺎﻣﺔ : ﺍﻟﻨﻮﻭﻱ، ﺛﻢ ﺍﻟﻘَﺮﺍﻓﻲ، ﻭﺍﻟﺴﺒﻜﻲ : ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺼﻞُ ﺇﻟﻰ ﺭﺗﺒﺔِ ﺍﺩﻋﺎﺀِ ﻧﺴﺒﺔِ ﺣﻜﻢٍ ﻣﺎ ﺇﻟﻰ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻭﻏﻴﺮﻩ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻟﻪ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭ ﺇﻻ ﻣﻦ ﻭﺻﻞ ﺇﻟﻰ ﺭﺗﺒﺔِ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﺃﻭ ﻗﺎﺭﺑﻬﺎ .
ﻭﺑﻬﺬﺍ ﻳﺘﺒﻴﻦ : ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺤﻖُّ ﻷﻣﺜﺎﻟﻨﺎ ﺃﻥ ﻳَﻌﻤﻞ ﺑﻤﺠﺮَّﺩ ﻭﻗﻮﻓﻪ ﻋﻠﻰ ﺣﺪﻳﺚٍ ﻣﺎ ـ ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺻﺤﻴﺤﺎً ـ ﻭﻳﺪَّﻋﻲ ﺃﻧﻪ ﻣﺬﻫﺐٌ ﻟﻠﺸﺎﻓﻌﻲ ـ ﺃﻭ ﻏﻴﺮﻩ ـ، ﻭﺃﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﻋﻤﻞ ﺑﻪ ﻓﻘﺪ ﻋﻤﻞ ﺑﻤﺬﻫﺐٍ ﻓﻘﻬﻲ ﻣﻌﺘﺒﺮ ﻹﻣﺎﻡ ﻣﻌﺘﻤَﺪ .
ﻭﻳﺘﺒﻴﻦ ﺃﻳﻀﺎً : ﺃﻥ ﺟﻤﺎﻋﺔً ﻣﻦ ﻛﺒﺎﺭ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﻴﻦ ﻋﻤﻠﻮﺍ ﺑﻈﺎﻫﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ : ﻓﻐﻠَّﻄﻬﻢ ﻣَﻦ ﺑﻌﺪﻫﻢ، ﺃﻭ ﺍﺿﻄﺮﺏ ﺗﻄﺒﻴﻘﻬﻢ، ﻓﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺎﻗﻞ ﺇﻻ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ! ﻭﺩِﻳﻦُ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺃﺟﻞُّ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﺘﺮﻙ ﺃُﻟﻌﻮﺑﺔ ﻟﻠﻌﺎﺑﺜﻴﻦ، ﺑﺤﺠﺔ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﺎﻟﺴﻨﺔ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﻣﺘﺄﻫّﻞ .! ﻭﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﻓﻼ ﻧﻨﻜﺮ ﺃﻥ ﻛﻠﻤﺔَ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻫﺬﻩ ﻟﻬﺎ ﺣﻘﻴﻘﺔٌ ﻭﺍﻗﻌﻴﺔٌ ( ) ﻭﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺒﻴﻞ ﻣﺎ ﻋﻠَّﻖ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﺻﺤﺔ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ، ﻭﻗﺪ ﺫﻛﺮ ﺍﻟﺤﺎﻓﻆ ( ) ﺣﺪﻳﺚَ ﻋﺎﺋﺸﺔ : " ﻣَﺤِﻠِّﻲ ﺣﻴﺚُ ﺣَﺒَﺴْﺘَﻨﻲ " ﻭﻗﺎﻝ ": ﻫﻮ ﺃﺣﺪُ ﺍﻟﻤﻮﺍﺿﻊ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﻠَّﻖ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺍﻟﻘﻮﻝَ ﺑﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺻﺤﺔ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ، ﻭﻗﺪ ﺟﻤﻌﺘُﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﻣﻔﺮﺩ، ﻣﻊ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ." ﻭﻟﻜﻞِّ ﻣﻴﺪﺍﻥٍ ﺭﺟﺎﻟﻪُ، ﻭﻻ ﻳﺠﻮﺯُ ﻹﻧﺴﺎﻥ ﺃﻥ ﻳﺘﻌﺪَّﻯ ﻃﻮﺭَﻩ .
ﻭﺃﻗﻮﻝ ﺑﻌﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ : ﺃﻓﻼ ﻳﺤﻖُّ ﻟﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﻌﺘﺒﺮَ ﻣﻦ ﻭﺍﻗﻊ ﻏﻴﺮﻧﺎ ـ ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻤﻬﻢ ﻭﻓﻀﻠﻬﻢ ( ) ـ ﻓﻨﺜﺒُﺖَ ﻋﻨﺪ ﺃﻗﻮﺍﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴَّﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﻨﺎ ﺍﻻﻗﺘﺪﺍﺀَ ﺑﻪ ﻣﻨﺬ ﺃﻭﻝ ﻧﺸﺄﺗﻨﺎ؟ .! ﻭﻗﺪ ﺃﺛﺎﺭﺕْ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺠﻤﻠﺔُ ﺣﻔﻴﻈﺔَ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻨﺎﺱ ( ) ﻓﻔﻬﻢ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺗﻘﻠﻴﺪ ﺃﻋﻤﻰ، ﻭ " ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻘﻠِّﺪ ﻳﺴﺎﻭﻱ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ : ﺍﻟﺠﺎﻫﻞ " ﺛﻢ ﻻ ﺗﻤﺮُّ ﺻﻔﺤﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺇﻻ ﻭﻳﻨﺎﻗﺾُ ﻧﻔﺴَﻪ، ﻷﻥ ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ ﺃﻋﻮﺯﻩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺾ ﻓﻘﺎﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻟﻢ ﺗﻜﺘﻤﻞ ﺁﻻﺕُ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﻓﻴﻬﻢ : ﻫﻢ " ﺃﻣﺜﺎﻝ ﺟﻤﺎﻫﻴﺮ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻴﻮﻡ !" ﻭﻫﻮ ﻳﻌﺘﺮﻑ ﺑﺄﻥ ﺟﻤﺎﻫﻴﺮ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻘﻠﺪﻳﻦ، ﻓﻬﻞ ﻳﺼﻒ ( ﺍﻟﺠﺎﻫﻞَ ) ﺑﺄﻧﻪ " ﻣﻦ ﻟﻢ ﺗﻜﺘﻤﻞ ﺁﻻﺕ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﻓﻴﻪ " ﺇﻻ ﻣﻦ ﻫﻮ ﺃﺷﺪُّ ﺟﻬﻼً ﻣﻨﻪ؟ .
ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺾَ ﻻ ﻳﻜﻮﻥُ ﺇﻻ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻖ ﻣَﻦ ﺇﺫﺍ ﺫَﻛَﺮَ ﺃﺻﺤﺎﺏَ ﺍﻟﻤﻼﻳﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﺬﻫﺒﻴﺔ ﻗﺎﻝ : ﻟﻜﻦ ﻓﻼﻧﺎً ﻻ ﻳﻤﻠﻚُ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﺪﺍﺭ، ﻓﺈﺫﺍ ﺳﺌﻞ : ﻓﻤﺎﺫﺍ ﻳﻤﻠﻚ؟ ﺃﺟﺎﺑﻚ : ﺑﺄﻧﻪ ﻣَﺪﻳﻦٌ ﻋﺎﺟﺰٌ ﻋﻦ ﺗﺄﻣﻴﻦ ﻗﻮﺕِ ﻳﻮﻣﻪ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻭﻋﻴﺎﻟﻪ . ﻓﺈﺫﺍ ﺃﻧﻜﺮﺕَ ﻋﻠﻴﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤَﻤﺎﻗﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻘﺎﻳَﺴﺔ : ﻗﺎﻝ ﻟﻚ : ﺃﻟﻴﺲ ﺻﺤﻴﺤﺎً ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﻠﻚ ﺍﻟﻤﻼﻳﻴﻦ ﻣَﻦ ﻻ ﻳﻤﻠﻚ ﻗﻮﺕَ ﻳﻮﻣﻪ .! ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻣﻨﻄﻖُ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺄﻓﻮﻥ : ﻳﺼﻒ ﺍﻟﻤﻘﻠِّﺪ ﺑﺎﻟﺠﺎﻫﻞ، ﻭﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﻗﻴﻤﺘﻪ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ، ﻓﺈﺫﺍ ﺟﺎﻭﺯ ﺻﻔﺤﺔً ﻗﺎﻝ : ﺇﻧﻪ ﻣﻦ ﻟﻢ ﺗﻜﺘﻤﻞ ﻓﻴﻪ ﺁﻻﺕ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ .! ﻭﺣﻘﺎً : ﺇﻥ ﻣﻦ ﻗﺎﺭﺏ ﺍﻛﺘﻤﺎﻟﻬﺎ : ﻟﻢ ﺗﻜﺘﻤﻞ ﻓﻴﻪ، ﻭﺇﻥ ﻣَﻦ ﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﺣﺮﻑَ ﻫﺠﺎﺀٍ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻟﻢ ﺗﻜﺘﻤﻞ ﻓﻴﻪ ﺃﻳﻀﺎً ! ﻓﺄﻱُّ ﻓﺮﻕ ﺑﻴﻦ ﻫﺬﻳﻦ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﻴﻦ .!!
ﻟﻘﺪ ﻋَﺸِﻲَ ﺑﺼﺮﻩ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﺼﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺣﻜﺎﻫﺎ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻓﻲ " ﺍﻟﻤﺴﻮَّﺩﺓ " ﻭﺗﻠﻤﻴﺬﻩ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﻓﻲ " ﺇﻋﻼﻡ ﺍﻟﻤﻮﻗﻌﻴﻦ )" ) ﻋﻦ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺣﻤﺪ ﺭﺣﻤﻬﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ﺃﻥ ﺭﺟﻼً ﺳﺄﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ : " ﺇﺫﺍ ﺣﻔﻆ ﺍﻟﺮﺟﻞُ ﻣﺌﺔَ ﺃﻟﻒِ ﺣﺪﻳﺚ، ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻘﻴﻬﺎً؟ ﻗﺎﻝ : ﻻ، ﻗﺎﻝ : ﻓﻤﺌﺘﻲ ﺃﻟﻒٍ؟ ﻗﺎﻝ : ﻻ، ﻗﺎﻝ : ﻓﺜﻼﺙ ﻣﺌﺔ ﺃﻟﻒ؟ ﻗﺎﻝ : ﻻ، ﻗﺎﻝ : ﻓﺄﺭﺑﻊ ﻣﺌﺔ ﺃﻟﻒ؟ ﻗﺎﻝ ﺑﻴﺪﻩ : ﻫﻜﺬﺍ . ﻭﺣﺮﻙ ﻳﺪﻩ ." ﻳﻌﻨﻲ : ﻟﻌﻠﻪ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻘﻴﻬﺎً ﻳﻔﺘﻲ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺎﺟﺘﻬﺎﺩﻩ . ﺛﻢ ﺫﻛﺮ ﺍﻟﺸﻴﺨﺎﻥ ﺍﺑﻦُ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻭﺍﺑﻦُ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﻋﻦ ﺍﺑﻦ ﺷﺎﻗِﻼ ﺃﺣﺪ ﺃﺋﻤﺔ ﺍﻟﺤﻨﺎﺑﻠﺔ : ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ : " ﻟﻤﺎ ﺟﻠﺴﺖُ ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻊ ﺍﻟﻤﻨﺼﻮﺭ ﻟﻠﻔُﺘﻴﺎ ﺫﻛﺮﺕُ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ـ ﺣﻜﺎﻳﺔَ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻣﻊ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺣﻤﺪ ـ ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻲ ﺭﺟﻞ : ﻓﺄﻧﺖَ ﻫﻮ ﺫﺍ ﻻ ﺗﺤﻔﻆُ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﺪﺍﺭ ﺣﺘﻰ ﺗﻔﺘﻲَ ﺍﻟﻨﺎﺱ ! ﻓﻘﻠﺖ ﻟﻪ : ﻋﺎﻓﺎﻙ ﺍﻟﻠﻪ ! ﺇﻥْ ﻛﻨﺖُ ﻻ ﺃﺣﻔﻆُ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﺪﺍﺭ ﻓﺈﻧﻲ ﻫﻮ ﺫﺍ ﺃُﻓﺘﻲ ﺍﻟﻨﺎﺱَ ﺑﻘﻮﻝ ﻣَﻦ ﻛﺎﻥ ﻳﺤﻔﻆ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﺪﺍﺭَ ﻭﺃﻛﺜﺮَ ﻣﻨﻪ " ﻳﺮﻳﺪ : ﺃﻧﻪ ﻳﻔﺘﻲ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﻘﻮﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺣﻤﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻧﺘﻘﻰ " ﻣﺴﻨﺪﻩ " ﻣﻦ ﺃﻛﺜﺮَ ﻣﻦ 750 ﺃﻟﻒ ﺣﺪﻳﺚٍ ! ( ) .
ﻭﺑﻌﺪ ﻫﺎﺗﻴﻦ ﺍﻟﻘﺼﺘﻴﻦ ﻋﻠَّﻖ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﻘﻮﻟﻪ : " ﻗﻠﺖ : ﺇﺫﺍ ﺃﺧﺒﺮ ﺍﻟﻤﻔﺘﻲ ﺑﻘﻮﻝ ﺇﻣﺎﻣﻪ ﻓﻘﺪ ﺃﺧﺒﺮ ﺑﻌﻠﻢ، ﻭﻫﻮ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻣﺒﻠِّﻎٌ ﻟﻘﻮﻝ ﺇﻣﺎﻣﻪ، ﻓﻠﻢ ﻳﺨﺮﺝْ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻠﻢ )" ) . ﻓﺎﻟﺠﺎﻫﻞ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﺍﻟﻤﺼﻄﻠﺢ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﺍﻷﺻﻮﻟﻲ ( ﻋﺎﻣﻲ ) ﺑﺎﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻤﺘﻌﺎﺭﻑ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻤﺘﺒﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺬﻫﻦ ﻣﻦ ﻛﻠﻤﺔ ( ﺟﺎﻫﻞ ) . ﻧﺴﺄﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺼﻮﻥ ﻭﺍﻟﺴﻼﻣﺔ ﻭ } ﺃﻋﻮﺫ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﺃﻥ ﺃﻛﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﻦ { ، ﻋﻠﻤﺎ ﻭﻋﻤﻼ ﻭﺧﻠﻘﺎ .
ـــــــــــــــ
( 1 ) ﻭﻧﺤﻮﻩ ﻛﻼﻡ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺑﻲ ﺷﺎﻣﺔ ﻓﻲ " ﺧﻄﺒﺔ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻤﺆﻣﻞ ﻟﻠﺮﺩِّ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻷﻭﻝ " ﺹ .151
( 2 ) ﻓﻲ " ﺍﻷﺟﻮﺑﺔ ﺍﻟﻤﺮﺿﻴﺔ " ﺹ .68
( 33 ) ﻭﺳﻴﺄﺗﻴﻚ ﻛﻼﻡُ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺸﺤﻨﺔ ﺑﻌﺪ ﺃﺳﻄﺮ، ﻟﻜﻦ ﺗﺄﻣﻞْ ﻭﻗﻊ ﻗﻮﻝ ﺃﺑﻲ ﺯﺭﻋﺔ ﻫﺬﺍ : ..." ﻭﻣﻌﺮﻓﺔِ ﺧﻼﻑ ﺍﻟﺴﻠﻒ ﻭﻣﺄﺧﺬﻫﻢ " ، ﻓﺈﻧﻪ ﺻﺮﻳﺢ ﻓﻲ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻻﻃﻼﻉ ﻋﻠﻰ ﺃﺩﻟﺔ ﺃﻗﻮﺍﻟﻬﻢ، ﻭﻣﺎ ﺫﺍﻙ ﺇﻻ ﻟﻼﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻤﺔ ﺑﻴﻦ ﺃﻗﻮﺍﻟﻬﻢ . ﻭﻫﺬﺍ ﻣﻘﺎﻡ ﻋﻠﻤﻲ ﺭﻓﻴﻊ ﻧﺪﺭ ﺍﻟﻤﺘﺄﻫِّﻠﻮﻥ ﻟﻪ، ﺃﻭ ﻓُﻘﺪﻭﺍ .
( 4 ) ﺃﻭﻝ ﺣﺎﺷﻴﺘﻪ :1 .68
( 5 ) :1 .258
( 6 ) :1 24 ﻣﻦ " ﻣﺠﻤﻮﻉ ﺭﺳﺎﺋﻞ ﺍﺑﻦ ﻋﺎﺑﺪﻳﻦ ."
( 7 ) ﺛﻢ ﻗﺎﻝ ﺹ :255 " ﻟﻜﻦ ﺭﺑﻤﺎ ﻋﺪﻟﻮﺍ ﻋﻤﺎ ﺍﺗﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﺋﻤﺘﻨﺎ ﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﻭﻧﺤﻮﻫﺎ، ﻛﻤﺎ ﻣﺮ ﻓﻲ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺍﻻﺳﺘﺌﺠﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﻧﺤﻮﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺎﻋﺎﺕ ."
( 8 ) ﺻﻔﺤﺔ 15 ، ﺃﻭ ﺻﻔﺤﺔ 69 ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺒﻌﺔ ﺍﻟﻤﺤﻘﻘﺔ .
( 99 ) ﻭﻟِﻴُﻌﻠَﻢ ﻭَﻗْﻊُ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻭﻣَﻦ ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﺑﻪ، ﺃﺫﻛﺮ ﺳﺒﺐ ﺗﺄﻟﻴﻒ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻟﺮﺳﺎﻟﺘﻪ ﺍﻟﻤﻨﻘﻮﻝ ﻋﻨﻬﺎ، ﻛﻤﺎ ﺣﺪَّﺛﻨﻲ ﺑﻪ ﺍﺑﻦُ ﺃﺧﻴﻪ ﺷﻴﺨﻨﺎ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﻋﻴﻮﻥ ﺍﻟﺴﻮﺩ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻗﺎﻝ ﻟﻲ : ﺟﺎﺀ ﺭﺟﻞ ﻣﻦ ﻃﺮﺍﺑُﻠُﺲ ـ ﺍﻟﺸﺎﻡ ـ ﺇﻟﻰ ﺣﻤﺺ، ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻠﺸﻴﺦ ـ ﻳﺮﻳﺪ ﻋﻤَّﻪ ـ : ﺇﻧﻪ ﻇَﻬَﺮ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﺭﺟﻞ ﻳﻘﻮﻝ : ﻣَﻦ ﻟﻢ ﻳﻘﺮﺃ ﺑﻔﺎﺗﺤﺔ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺧﻠﻒ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻓﻬﻮ ﻛﺎﻓﺮ ! ﻓﻘﻴﻞ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ؟ ﻓﻘﺎﻝ : ﻷﻥ ﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﻘﺮﺃﻫﺎ ﻟﻢ ﺗﺼﺢَّ ﺻﻼﺗﻪ، ﻭﻣﻦ ﻟﻢ ﺗﺼﺢَّ ﺻﻼﺗﻪ ﻓﻜﺄﻧﻪ ﻟﻢ ﻳُﺼﻞِّ، ﻭﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﺼﻞِّ ﻓﻬﻮ ﻛﺎﻓﺮ .!! ﻭﺃﻟﺢَّ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﻄﺮﺍﺑُﻠُﺴﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺟﺎﺀ ﺃﻥ ﻳﻜﺘﺐ ﻟﻪ ﺍﻟﺸﻴﺦ ـ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻐﻔﺎﺭ ـ ﺟﻮﺍﺑﺎً ﺷﺎﻓﻴﺎً، ﻓﻜﺘﺐ ﻟﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺲ ﻭﺍﺣﺪ ﺧﻼﻝ ﺳﺎﻋﺘﻴﻦ، ﻭﺳﻤﺎﻫﺎ " ﺩﻓﻊ ﺍﻷﻭﻫﺎﻡ " ﻭﺃﻋﻄﺎﻫﺎ ﻟﻠﺮﺟﻞ، ﺛﻢ ﻋَﺮَﺿﻬﺎ ﺍﻟﺸﻴﺦُ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺣﻤﺺ، ﻓﻘﺮَّﻇﻮﻫﺎ ﻟﻪ، ﺛﻢ ﻃﺒﻌﻬﺎ، ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ . ﻗﻠﺖ : ﻭﻛﻼﻡ ﻫﺬﺍ ( ﺍﻟﻤﺘﻤﺠﻬﺪ ) ﻳﺬﻛِّﺮﻧﺎ ﺑﻘﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ : ﺣُﺠَﺞٌ ﺗَﻜَﺎﺳَﺮُ ﻛﺎﻟﺰُّﺟﺎﺝ ﺗَﺨﺎﻟﻬﺎ ﺣﻘﺎً، ﻭﻛـﻞٌّ ﻛـﺎﺳِـﺮٌ ﻣـﻜـﺴـﻮﺭُ .
( 10 ) ﺍﻧﻈﺮ ﻟﺰﺍﻣﺎً ﺹ 60 ـ 61 ﻭﻣﺎ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﻣﻦ " ﺃﺩﺏ ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﻓﻲ ﻣﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﺪﻳﻦ ."
( 11 ) ﻛﻤﺎ ﻓﻲ " ﺗﺮﺗﻴﺐ ﺍﻟﻤﺪﺍﺭﻙ " :1 966 ﻟﻺﻣﺎﻡ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﻋﻴﺎﺽ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ . ﻭﺍﻧﻈﺮ ﻣﺎ ﺳﻴﺄﺗﻲ ﺹ 82 ﻓﻤﺎ ﺑﻌﺪﻫﺎ .
( 12 ) " ﺍﻟﺠﺎﻣﻊ " ﺹ 1188 ، ﻭﺃﺧﺬﻩ ﻣﻨﻪ ﺷﻴﺦ ﺍﻟﻤﺎﻟﻜﻴﺔ ﻟﻠﻤﺘﺄﺧﺮﻳﻦ ﺧﻠﻴﻞ ﺑﻦ ﺇﺳﺤﺎﻕ ﺍﻟﺠُﻨْﺪﻱ ﺻﺎﺣﺐ " ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺮ " ﺍﻟﺸﻬﻴﺮ، ﻓﻘﺎﻟﻪ ﻓﻲ ﺧﺎﺗﻤﺔ ﻛﺘﺎﺑﻪ " ﺍﻟﺠﺎﻣﻊ " ﺃﻳﻀﺎً ـ ﻭﻫﻮ ﻣﺨﻄﻮﻁ ﻓﻲ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺑﺘﻮﻧﺲ ـ . ﻭﺍﻧﻈﺮ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻧﺤﻮ ﻣﺎ ﺗﻘﺪﻡ ﻟﻠﻌﻼﻣﺔ ﺍﺑﻦ ﺣﺠﺮ ﺍﻟﻤﻜﻲ ﻓﻲ " ﻓﺘﺎﻭﻳﻪ ﺍﻟﺤﺪﻳﺜﻴﺔ " ﺹ .283
( 13 ) :1 .51
( 14 ) ﺯﻣﻦ ﺍﻟﻨﻮﻭﻱ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ( 631 ﻫـ ـ 6766 ﻫـ ) ﻻ ﺃﺯﻣﺎﻧﻨﺎ ﻫﺬﻩ .! ﻭﻗﺪ ﻳﺨﻄﺮ ﺑﺒﺎﻝ ﻣﻐﺎﻟﻂ : ﺃﻧﻪ ﻗﺪ ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﺃﻧﺎﺱٌ ﻳﺘﻄﺎﻭﻟﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﻣﻘﺎﻡ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ، ﻓﺘﻜﻮﻥ ﻛﻠﻤﺔ ﺍﻟﻨﻮﻭﻱ ﻫﺬﻩ ﻣﻮﺟﻬﺔً ﺇﻟﻰ ﺃﻭﻟﺌﻚ، ﻻ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ .! ﻭﺃﻗﻮﻝ : ﺇﻥ ﺳﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ـ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺴﺎﺑﻊ ـ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻲ ﺃﻭﻟﻪ ﻣﺜﻞُ ﺍﻟﻔﺨﺮ ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ، ﺛﻢ ﻣﺜﻞ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺼﻼﺡ، ﻭﺍﻟﻤﻨﺬﺭﻱ، ﻭﺍﻟﻌﺰ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺴﻼﻡ، ﻭﺍﻟﻘُﺮﻃﺒﻴﻴﻦ : ﺍﻟﻤﻔﺴﺮ ﻭﺍﻟﻤﺤﺪﺙ، ﻭﺍﺑﻨَﻲْ ﺍﻟﻤﻨﻴِّﺮ، ﻭﺃﺑﻲ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻄﺎﻥ، ﻭﺍﻟﻤﻘﺎﺩﺳﺔ : ﺍﻟﻀﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﻘﺪﺳﻲ، ﻭﺍﻟﻤﻮﻓﻖ ﺍﺑﻦ ﻗﺪﺍﻣﺔ، ﻭ ... ﻓﻲ ﺁﺧﺮﻩ ﺍﺑﻦ ﺩﻗﻴﻖ ﺍﻟﻌﻴﺪ ( 625 ـ 702 ) ... ﺇﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺴﻴﺎﺩﺓ ﻟﻠﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺗﻤﻨﻊ ﻣﻦ ﻇﻬﻮﺭ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺘﻦ ﻭﺍﻷُﻟﻌﻮﺑﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﺃﻧﺖ ﺧﺒﻴﺮ ﺑﻤﺎ ﺣﺼﻞ ﻟﻺﻣﺎﻡ ﺍﻟﺴﻴﻮﻃﻲ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﻋﺼﺮﻩ ﺑﻌﺪ ﻧﺤﻮ ﻗﺮﻧﻴﻦ ﻭﻧﺼﻒ ﻗﺮﻥ، ﻣﻊ ﺃﻧﻪ ﻏﻴﺮ ﻣﺪﻓﻮﻉ ﻋﻤﺎ ﺍﺩﻋﺎﻩ، ﻓﻜﻴﻒ ﻟﻮ ﺟﺎﺀﻫﻢ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﺎﺀﻧﻲ، ﻭﺷﺮﺣﺖ ﻟﻚ ﻗﺼﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻘﺪﻣﺔ؟ !! ﻏﻔﺮﺍﻧﻚ ﺍﻟﻠﻬﻢ .
( 15 ) " ﺍﻟﻤﺠﻤﻮﻉ " :1 .104
( 16 ) ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺤﺎﻛﻢ ﻓﻲ " ﺍﻟﻤﺴﺘﺪﺭﻙ " :1 :2266 " ﻟﻌﻞ ﻣﺘﻮﻫِّﻤﺎً ﻳﺘﻮﻫﻢ ﺃﻥْ ﻻ ﻣﻌﺎﺭﺽَ ﻟﺤﺪﻳﺚٍ ﺻﺤﻴﺢِ ﺍﻹﺳﻨﺎﺩ ﺁﺧﺮُ ﺻﺤﻴﺢٌ، ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺘﻮﻫﻢ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﺘﺄﻣﻞ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻟﻤﺴﻠﻢ ﺣﺘﻰ ﻳَﺮَﻯ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻣﺎ ﻳَﻤَﻞُّ ﻣﻨﻪ ." ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﺤﺎﻓﻂ ﺍﺑﻦ ﺣﺠﺮ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ " ﻓﺘﺢ ﺍﻟﺒﺎﺭﻱ " :1 :413 " ﻭﻛﻢ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ ﻣﻨﺴﻮﺥ ﻭﻫﻮ ﺻﺤﻴﺢ ﻣﻦ ﺣﻴﺚُ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔُ ﺍﻟﺤﺪﻳﺜﻴﺔ ." ﻭﻗﻮﻟﻪ ﻫﺬﺍ ﻳﻔﺴِّﺮ ﻗﻮﻟَﻪ ﻓﻲ " ﺷﺮﺡ ﺍﻟﻨﺨﺒﺔ " ﺹ 41 ﺑﺤﺎﺷﻴﺔ " ﻟَﻘْﻂ ﺍﻟﺪُّﺭَﺭ :" " ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻣﺘﻔﻘﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﺏ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﺻﺢّ ." ﻓﻜﺄﻧﻪ ﻳﻘﻮﻝ : ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻣﺘﻔﻘﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﺏ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﺻﻠﺢ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﺑﻪ، ﻛﻤﺎ ﺳﻴﺄﺗﻲ ﺗﻘﺮﻳﺮﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﺒﻬﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻗﺮﻳﺒﺎً ﺹ .80 ﺛﻢ ﺭﺃﻳﺖ ﺍﻟﺒِﻘﺎﻋﻲَّ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻗﺎﻝ ﻓﻲ " ﺍﻟﻨﻜﺖ ﺍﻟﻮﻓﻴﺔ " ﻭﺭﻗﺔ /12 ﺁ ﺑﻌﺪ ﻛﻼﻡ ﻃﻮﻳﻞ ﻧﻘﻠﻪ ﻋﻦ ﺷﻴﺨﻪ ﺍﺑﻦ ﺣﺠﺮ : " ﻓﻘﺪ ﺗﺤﺮَّﺭ ﺃﻥ ﻣﺮﺍﺩﻫﻢ ﺑﺎﻟﺼﺤﻴﺢ : ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺠﺐ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﻪ " ﺑﺄﻥْ ﺧﻼ ﻋﻦ ﺃﻱّ ﻣﻌﺎﺭﺽ ﻭﻧﺤﻮﻩ .
( 17 ) ﻓﻲ " ﺃﺩﺏ ﺍﻟﻤﻔﺘﻲ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻔﺘﻲ " ﺹ .118
( 18 ) ﺍﻧﻈﺮ " ﺍﺧﺘﻼﻑ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ " ﻟﻺﻣﺎﻡ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺑﻪ " ﺍﻷﻡ " :8 529 ، ﻭ " ﺍﻟﻤﺠﻤﻮﻉ " ::6 .402
( 199 ) ﻭﺍﻧﻈﺮ " ﺍﻷﺟﻮﺑﺔ ﺍﻟﻤﺮﺿﻴﺔ ﻋﻦ ﺍﻷﺳﺌﻠﺔ ﺍﻟﻤﻜﻴﺔ " ﻟﻠﺤﺎﻓﻆ ﻭﻟﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺃﺑﻲ ﺯﺭﻋﺔ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻲ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺹ 65 ، ﻭﻻ ﺩﺍﻋﻲ ﻟﻺﻃﺎﻟﺔ ﺑﻨﻘﻞ ﻛﻼﻣﻪ، ﻓﻤﺤﺼَّﻠﻪ ﻛﻤﺎ ﻫﻨﺎ .
( 20 ) ﺻﻔﺤﺔ .113
( 21 ) :5 497 ( 2125 ) ﻃﺒﻌﺔ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ .
( 22 ) ﻓﻲ ﺗﻌﻠﻴﻘﺎﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺗﺮﺟﻤﺔ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺑﻲ ﻳﻮﺳﻒ ﻟﻠﺬﻫﺒﻲ ﺭﺣﻤﻬﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ﺹ .63
( 233 ) ﻛﺄﻥ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻜﺎﺗﺒﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺟﺮﺕ ﺑﻴﻦ ﺍﻹﻣﺎﻣﻴﻦ ﺍﻟﺒﻴﻬﻘﻲ ﻭﺍﻟﺠُﻮﻳﻨﻲ ﺭﺣﻤﻬﻤﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ﺍﻟﺘﻲ ﻋَﺮَﺿﻬﺎ ﺑﻠﻄﻒٍ ﺍﻟﺘﺎﺝ ﺍﻟﺴﺒْﻜﻲُّ ﻓﻲ " ﻃﺒﻘﺎﺗﻪ " :5 76 ﻓﻤﺎ ﺑﻌﺪﻫﺎ، ﻓﻲ ﺗﺮﺟﻤﺔ ﺍﻟﺠﻮﻳﻨﻲ . ﻭﺍﺳﺘُﻠَّﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻜﺎﺗﺒﺔ ﻓﻄُﺒﻌﺖ ﻣﺴﺘﻘﻠَّﺔ ﻏﻴﺮَ ﻣﻌﺰﻭَّﺓ ﺇﻟﻰ ﺃﺻﻞ، ﻓﻲ ﺁﺧﺮ ﺍﻟﻤﺠﻠﺪ ﺍﻷﻭﻝ ﻣﻦ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﻤﻨﻴﺮﻳﺔ .
( 24 ) ﺻﻔﺤﺔ .109
( 25 ) ﺃﻱ : ﻓﺎﻟﻤﺠﺘﺮﻯﺀ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ ﺩﻭﻥ ﺃﻫﻠﻴﺔ ﻓﻴﻪ : ﻫﻮ ﺇﻧﺴﺎﻥٌ ﻣﻐﺮﻭﺭ .!
( 26 ) ﺍﻧﻈﺮ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﺤﺎﻓﻆ ﺍﻟﺬﻫﺒﻲ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺗﺮﺟﻤﺔ ﺃﺑﻲ ﺍﻟﻮﻟﻴﺪ ﻓﻲ " ﺳِﻴَﺮ ﺃﻋﻼﻡ ﺍﻟﻨﺒﻼﺀ " ::15 493 ، ﻭ " ﺗﺬﻛﺮﺓ ﺍﻟﺤﻔﺎﻅ " :3 .895
( 27 ) ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺤﺎﻓﻆ ﺍﻟﺬﻫﺒﻲ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ " ﺍﻟﺘﺬﻛﺮﺓ " ﺹ 627 ـ 6288 ﻓﻲ ﺁﺧﺮ ﻛﻼﻣﻪ ﻋﻦ ﺭﺟﺎﻝ ﺍﻟﻄﺒﻘﺔ ﺍﻟﺘﺎﺳﻌﺔ ﺍﻟﻤﺘﻮﻓَّﻴﻦ ﺑﻴﻦ ﻋﺎﻡ 258 ـ 282 ﻗﺎﻝ : " ﻳﺎ ﺷﻴﺦ ﺍُﺭﻓُﻖ ﺑﻨﻔﺴﻚ، ﻭﺍﻟﺰﻡ ﺍﻹﻧﺼﺎﻑ، ﻭﻻ ﺗﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﺤﻔﺎﻅ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺍﻟﺸَّﺰْﺭ، ﻭﻻ ﺗَﺮﻣﻘﻨَّﻬﻢ ﺑﻌﻴﻦ ﺍﻟﻨﻘﺺ، ﻭﻻ ﺗﻌﺘﻘﺪ ﻓﻴﻬﻢ ﺃﻧﻬﻢ ﻣﻦ ﺟﻨﺲ ﻣﺤﺪﺛﻲ ﺯﻣﺎﻧﻨﺎ ( 673 ـ 748 ) ﺣﺎﺷﺎ ﻭﻛﻼ، ﻭﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﻛﺒﺎﺭ ﻣﺤﺪﺛﻲ ﺯﻣﺎﻧﻨﺎ ﺃﺣﺪ ﻳﺒﻠﻎ ﺭﺗﺒﺔ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ، ﻓﺈﻧﻲ ﺃﺣﺴﺒﻚ ﻟﻔﺮﻁ ﻫﻮﺍﻙ ﺗﻘﻮﻝ ﺑﻠﺴﺎﻥ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﺇﻥ ﺃﻋﻮﺯﻙ ﺍﻟﻤﻘﺎﻝ : ﻣﻦ ﺃﺣﻤﺪ؟ ﻭﻣﺎ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﻲ؟ ﻭﺃﻱ ﺷﻲﺀ ﺃﺑﻮ ﺯﺭﻋﺔ ﻭﺃﺑﻮ ﺩﺍﻭﺩ؟ ﻓﺎﺳﻜﺖ ﺑﺤﻠﻢ ﺃﻭ ﺍﻧﻄِﻖْ ﺑﻌﻠﻢ، ﻓﺎﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﻨﺎﻓﻊ ﻫﻮ ﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﻋﻦ ﺃﻣﺜﺎﻝ ﻫﺆﻻﺀ، ﻭﻟﻜﻦ ﻧﺴﺒﺘﻚ ﺇﻟﻰ ﺃﺋﻤﺔ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﻛﻨﺴﺒﺔ ﻣﺤﺪﺛﻲ ﻋﺼﺮﻧﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﺋﻤﺔ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ، ﻓﻼ ﻧﺤﻦ ﻭﻻ ﺃﻧﺖ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﻌﺮﻑ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﻷﻫﻞ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﺫﻭ ﺍﻟﻔﻀﻞ ." ﺛﻢ ﻗﺎﻝ ﺻﻔﺤﺔ 948 ﻓﻲ ﺗﺮﺟﻤﺔ ﺍﻹﺳﻤﺎﻋﻴﻠﻲ ﺻﺎﺣﺐ " ﺍﻟﻤﺴﺘﺨﺮﺝ " ﻋﻠﻰ ﺻﺤﻴﺢ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ : " ﺻﻨﻒ ﻣﺴﻨﺪَ ﻋﻤﺮ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ، ﻃﺎﻟﻌﺘُﻪ ﻭﻋﻠَّﻘﺖُ ﻣﻨﻪ ﻭﺍﺑﺘﻬﺮﺕ ﺑﺤﻔﻆ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻣﺎﻡ، ﻭﺟﺰﻣﺖ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻤﺘﺄﺧﺮﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺇﻳﺎﺱ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﻠﺤﻘﻮﺍ ﺍﻟﻤﺘﻘﺪﻣﻴﻦ ." ﻫﺬﺍ ﻛﻼﻡ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺤﺎﻓﻆ ﺍﻟﻨﺎﻗﺪ ﺍﻟﺬﻫﺒﻲ، ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻣﻦ ﺍﻟﺰﺍﺧﺮ ﺑﻜﺒﺎﺭ ﺍﻟﻤﺤﺪﺛﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺼﻮﺭ ﺍﻟﻤﺘﺄﺧﺮﺓ، ﻭﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﻓﺎﺗﺤﺔ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺩﻗﻴﻖ ﺍﻟﻌﻴﺪ ( 702 ) ، ﻭﻓﻲ ﺧﺎﺗﻤﺘﻪ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻟﻬﺎﺩﻯﺀ ﺍﻟﺼﺎﻣﺖ ﺍﻟﺤﺎﻓﻆ ﺍﺑﻦ ﺭﺟﺐ ﺍﻟﺤﻨﺒﻠﻲ ( 795 ) . ﺭﺣﻤﻬﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﺟﻤﻌﻴﻦ، ﻓﺎﻋﺘﺒﺮ ﻭﺗﺒﺼﺮ . ﻭﻟﻢ ﻧﺮ ﺃﺣﺪﺍً ﻣﻦ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺃﻭ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﺩﻋﻰ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﺍﻟﻌﻠﻢ، ﻓﻀﻼً ﻋﻦ ﺣﻴﺎﺯﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻛﻠﻪ، ﻭﺃﻧﻪ ﺣﺮﻳﺺ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻮﺳﻊ ﻓﻲ ﺍﻻﻃﻼﻉ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻋﻠﻰ ﺃﻟﻔﺎﻇﻬﺎ ﻭﻃﺮﻗﻬﺎ ﻭﻣﻌﺎﻧﻴﻬﺎ، ﻭﺃﻥ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﻲ ﻳﻘﻮﻝ : " ﺍﻟﺘﻔﻘﻪ ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻧﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻧﺼﻒ ﺍﻟﻌﻠﻢ، ﻭﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﻧﺼﻒ ﺍﻟﻌﻠﻢ ." ﻭﻻ ﻳﺮﻯ ﺍﻟﻤﺘﻤﺜِّﻞُ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺃﺣﺪﺍً ﻳﺪﺍﻧﻴﻪ .!!
( 28 ) " ﻃﺒﻘﺎﺕ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ " ﻟﻠﺘﺎﺝ ﺍﻟﺴﺒﻜﻲ :6 .138
( 29 ) :6 138 ـ .139
( 300 ) ﻋﻠﻲ : ﻫﻮ ﺍﺳﻢ ﺍﻟﺘﻘﻲ ﺍﻟﺴﺒﻜﻲ، ﻭﻫﻮ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻜﺎﻓﻲ ﺍﻟﺴﺒﻜﻲ . ﻭﻳﺮﻳﺪ ﺍﻟﺬﻫﺒﻲُّ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﻗﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ " ﻭﺃﻗﻀﺎﻫﻢ ﻋﻠﻲ " ﺍﻟﺬﻱ ﺭﻭﺍﻩ ﺍﺑﻦ ﻣﺎﺟﻪ :1 55 ( 154 ، 155 ) ﻋﻦ ﺃﻧﺲ ﺑﺈﺳﻨﺎﺩ ﺟﻴﺪ، ﻭﺃﺑﻮ ﻳﻌﻠﻰ :10 141
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق