حكم الذكر باسم الصدر ( أه )
حكم الذكر باسم الصدر ( أه )
بسم الله الرﺣﻤﺎﻥ ﺍﻟﺮَّﺣﻴﻢ
ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻧﺎﺭ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺑﻄﻠﻌﺔ ﺧﻴﺮ ﺍﻟﺒﺮﻳّﺔ ﺳﻴّﺪﻧﺎ ﻭﺣﺒﻴﺒﻨﺎ ﻭﻗﺮّﺓ ﺃﻋﻴﻨﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠّﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠّﻢ ﻣﺎ ﻃﻠﻌﺖ ﺷﻤﺲ ﻭﺃﺿﺎﺀ ﻗﺒﺲ . ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﻌﻞ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﺎﺕ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻮﺛّﻘﺔ ﺑﺸﺮﻋﻪ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻭﻋﻠﻰ ﺳﻨّﺔ ﺳﻴّﺪ ﺍﻷﻭّﻟﻴﻦ ﻭﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻓﻀﻞ ﺍﻟﺼﻠﻮﺍﺕ ﻭﺍﻟﺘﺴﻠﻴﻤﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘّﺤﻴّﺎﺕ ﺍﻟﻤﺒﺎﺭﻛﺎﺕ ﺇﻟﻰ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺪّﻳﻦ . ﻭﺑﻌﺪ ﻓﺈﻥّ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻜﺘﻮﺏ ﻣﻤّﺎ ﺃﺟﺮﺍﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ ﻭﺇﻥ ﻛﻨّﺎ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺘّﻘﺼﺮﺓ ﻓﺒﻔﻀﻞ ﻇﻦّ ﺇﺧﻮﺍﻧﻨﺎ ﻓﻴﻨﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺧﻴﺮﺍ ﻭﺑﺮﻛﺔ ﻷﻫﻞ ﺍﻟﺘّﺒﺼﺮﺓ .
ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺒﺪﺀ ﻛﺎﻥ ﺣﺪﻳﺜﺎ ﺣﻮﻝ ﺇﺳﻢ ﺍﻟﺼّﺪﺭ ﻓﻘﻂ ﺷﺮﻋﺎ ﻭﻧﻘﻼ ﻭﻧﺰﻭﻻ ﻋﻨﺪ ﺭﻏﺒﺔ ﺑﻌﺾ ﺃﺣﺒﺎﺑﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﺭﺗﺄﻳﻨﺎ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻤﻼ ﺷﺎﻣﻼ ﻳﺘﺤﺪّﺙ ﻋﻦ ﺍﻟﺘّﺼﻮّﻑ ﻭﻣﺸﺮﻭﻋﻴّﺔ ﺍﻟﺬّﻛﺮ ﺟﻬﺮﺍ ﻭﺟﻤﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﺴّﻤﺎﻉ ﻭﺍﻻﻫﺘﺰﺍﺯ ﻓﻜﺎﻥ ﺫﻟﻚ، ﺛﻢّ ﺗﻨﺎﻭﻟﻨﺎ ﺑﺎﻟﺘّﻔﺼﻴﻞ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ ﺍﻟﺮّﺋﻴﺲ ﻭﻫﻮ ﺇﺳﻢ ﺍﻟﺼّﺪﺭ ﺃﻩ . ﺭﺟﺎﺅﻧﺎ ﻭﻣﺒﺘﻐﺎﻧﺎ ﺃﻥ ﻳﺠﺪ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﺳﺆﻟﻪ ﻭﻣﺒﺘﻐﺎﻩ ﺑﻤﺎ ﻳﻈﻨّﻪ ﻣﻦ ﺧﻴﺮ ﻭﻧﻴّﺔ ﻃﻴّﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﺎﺕ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﻠﺴﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺻﻔﺤﺎﺕ ﻗﻠﺒﻪ ﻛﻲ ﻳﺴﺘﻌﻴﻦ ﺑﻪ ﻹﺑﻼﻏﻪ ﻟﻠﻐﻴﺮ ﻟﻤﺎ ﻳﺪﻭﺭ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺘّﺼﻮّﻑ، ﺇﺫ ﺍﻟﻤﻨﺘﺴﺐ ﺗﻜﻔﻴﻪ ﺣﺠّﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺑﺈﻳﺠﺎﺩ ﺑﺮﺩ ﺍﻟﺮّﺍﺣﺔ ﻭﺍﻟﻄّﻤﺄﻧﻴﻨﺔ ﻋﻨﺪ ﺫﻛﺮﻩ ﻟﻠﻌﻤﺎﺭﺓ ﻣﺘﻤﺘّﻌﺎ ﺑﻘﻮﻟﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ : “ ﺃﻻ ﺑﺬﻛﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻄﻤﺌﻦّ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ” .
ﻓﻌﺴﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺃﻥ ﻳﻨﻔﻊ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﻟﻪ ﺻﻔﺎﺀ ﻭﻇﻦّ ﺟﻤﻴﻞ ﻓﻲ ﺟﻤﻊ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻳﻨﻔﻊ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻤﺘﺸﻮّﻓﻴﻦ ﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﺤﻖّ ﻭﺷﺮﻋﻴّﺔ ﺃﺫﻛﺎﺭﺍﻟﺼّﻮﻓﻴّﺔ .
ﺍﻟﺬﻛﺮ ﺑﺈﺳﻢ ﺍﻟﺼﺪﺭ ﺁﻩ
ﻧﻘﻮﻝ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ :
ﻓﺈﻧّﺎ ﺇﺫﺍ ﻃِﺒﻨﺎ ﻭ ﻃَﺎﺑﺖ ﻧﻔﻮﺳُﻨﺎ *** ﻭ ﺧﺎﻣﺮﻧﺎ ﺧﻤﺮُ ﺍﻟﻐﺮﺍﻡ ﺗَﻬﺘّﻜْﻨﺎَ
ﻓﺎﻟﺘّﻬﺘّﻚ ﻫﻮ ﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺄﻟﻮﻑ ﺑﺪﻭﻥ ﺍﻹﺧﻼﻝ ﺑﺎﻵﺩﺍﺏ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴّﺔ . ﻓﺮﻗﺺ ﺟﻌﻔﺮ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻫﻮ ﺗﻌﺒﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺮﺡ، ﻭﻗﺪ ﻳﻌﺒّﺮ ﺍﻟﻤﺤﺐّ ﺑﺄﺷﻴﺎﺀ ﺗﻔﻮﻕ ﺍﻟﻤﺄﻟﻮﻑ . ﻓﺎﻟﺬﻛﺮ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﺼﺪﺭ “ ﺁﻩ ” ﺃﻭ ﻣﺎ ﻳُﺴَﻤَّﻰ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻘﻮﻡ ( ﺍﻟﺤﻀﺮﺓ ) ﻫﻮ ﺷﻌﻮﺭ ﺧﺎﺹ ﻳﻨﺘﺎﺏ ﺍﻟﻤﻨﺘﺴﺐ ﻷﻫﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﻌﺒّﺮ ﺑﻪ ﻋﻦ ﻣﺪﻯ ﺣﻀﻮﺭﻩ ﻣﻊ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻮﻕ ﻭﺍﻟﺪّﻋﺎﺀ ﻭﺍﻟﻤﻨﺎﺟﺎﺓ ﻭﺍﻟﺒﻜﺎﺀ ﺍﻟﻘﻠﺒﻲ ﻭ ﺍﻟﺘّﺄﻭّﻩ .
ﻭ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﺑﻬﺎﺗﻪ ﺍﻟﻜﻴﻔﻴّﺔ ﻧﺎﺟﻢ ﻋﻦ ﺗﻮﺍﺟﺪ ﻋﻤﻴﻖ ﻟﻤﺎ ﻳﻌﺘﺮﻱ ﺍﻟﻤﺤﺐَّ ﻣﻦ ﻭﺟﺪ ﻭﺗﻔﺎﻋﻞ ﻣﻊ ﻣﻌﺎﻧﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﻣﻊ ﻗﺼﺎﺋﺪ ﺍﻟﺴّﻠﻒ ﺍﻟﺼّﺎﻟﺢ ﻭﻣﺎ ﻳﺄﺗﻲ ﻣﻌﻬﺎ ﻣﻦ ﻧﻐﻤﺎﺕ ﻭ ﻣﻘﺎﻣﺎﺕ .
ﻭﻣﻦ ﻣﻘﻮّﻣﺎﺕ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﻭﺍﻟﺘّﻔﻨّﻦ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﺼّﺪﺭ “ ﺁﻩ ” ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻮﺭّﺙ ﺣﻀﻮﺭﺍ ﺧﺎﺻّﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻣﻨﺎﺟﺎﺓ ﻻ ﺣﺪّ ﻟﻬﺎ، ﺇﺫ ﻳﺼﻔﻮ ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ ﻭﺗﺴﺘﺮﻳﺢ ﺍﻟﺮّﻭﺡ ﻭﻧﺠﺪ ﺇﺛﺮ ﺫﻟﻚ ﺇﺣﺴﺎﺳﺎ ﻋﻤﻴﻘﺎ ﻟﻤﺮﺍﻗﺒﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺃﺣﻮﺍﻟﻨﺎ .
ﺃ - ﺍﻷﺩﻟّﺔ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴّﺔ :
ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠّﻖ ﺑﺎﻟﻨّﺼﻮﺹ ﺍﻟﻨّﻘﻠﻴّﺔ ( ﺍﻟﺸﺮﻋﻴّﺔ ) ﻓﻘﺪ ﺃﺟﺎﺩ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﻭﺗﺤﺪّﺛﻮﺍ ﻛﺜﻴﺮﺍ ﺍﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺴﻨّﺔ ﻭﻋﻤﻞ ﺍﻟﺴّﻠﻒ ﺍﻟﺼّﺎﻟﺢ ﻭ ﻧﺬﻛﺮ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴّﻴﺎﻕ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ :
1 ) ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺍﻟﻄﺒﺮﻱ ﻣﻦ ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ ﺍﻵﻳﺔ 114 ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ “ ﺇﻥّ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻷﻭّﺍﻩ ﺣﻠﻴﻢ .” ﺃﻭّﺍﻩ : ﻛﺜﻴﺮ ﻗﻮﻝ “ ﺁﻩ .” ﻭ ﻳُﺆﻳّﺪﻩ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻨّﺤﻮ ﺇﺫ ﺍﻹﺳﻢ ﺇﺳﻢ ﻣﺒﺎﻟﻐﺔ ﻋﻠﻰ ﻭﺯﻥ ﻓﻌّﺎﻝ ﻭﺍﻟﻔﻌﻞ ﻋﻠﻰ ﻭﺯﻥ ﺗﻔﻌّﻞ، ﻭﻣﻌﻨﻰ ﺗﺄﻭّﻩ ﻗﺎﻝ “ ﺁﻩ .” ﻭﺑﻘﻄﻊ ﺍﻟﻨّﻈﺮ ﻋﻦ ﺑﻘﻴّﺔ ﺍﻟﺘّﻔﺎﺳﻴﺮ ﺍﻟﺘﻲ ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻠﻬﺎ ﻛﺜﻴﺮ ﺍﻟﺪّﻋﺎﺀ ﻓﺈﻥّ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﻳﻐﻨﻲ ﻋﻦ ﻓﺮﺿﻴّﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﺑﻪ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ ﻵﻩ .
ﻭﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺍﻷﻟﻮﺳﻲ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﻧﻔﺲ ﺍﻵﻳﺔ : ﺃﻱ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﺍﻟﺘّﺄﻭّﻩ . ﻭﻫﻮ ﻋﻨﺪ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻛﻨﺎﻳﺔ ﻋﻦ ﻛﻤﺎﻝ ﺍﻟﺮّﺃﻓﺔ ﻭﺭﻗّﺔ ﺍﻟﻘﻠﺐ .
ﺃﺧﺮﺝ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﻦ ﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﺃﺳﻠﻢ ﺃﻧّﻪ ﺍﻟﺪّﻋﺎﺀ ﺍﻟﻤﺴﺘﻜﻦ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻛﻬﻴﺄﺓ ﺍﻟﻤﺮﻳﺾ ﺍﻟﻤﺘﺄﻭّﻩ ﻣﻦ ﻣﺮﺿﻪ .
ﻭﺃﺧﺮﺝ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻓﻲ ﺗﺎﺭﻳﺨﻪ ﺃﻧّﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﻠﺒﻪ ﻣﻌﻠّﻖ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻠﻪ . ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻷﻟﻮﺳﻲ : ﻭ ﺃﺻﻞ ﺍﻟﺘّﺄﻭّﻩ ﻗﻮﻝ ﺁﻩ ﻭﻧﺤﻮﻩ ﻣﻤﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ ﺍﻟﺤﺰﻳﻦ . ( ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺏ ﺑﺮﻫﺎﻥ ﺍﻟﺬﺍﻛﺮﻳﻦ ﻟﻠﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﻤﺪﺍﻧﻲ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﺹ 41 (
2 ) ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ “ ﻭﺧﺸﻌﺖ ﺍﻷﺻﻮﺍﺕ ﻟﻠﺮّﺣﻤﺎﻥ ﻓﻼ ﺗﺴﻤﻊ ﺇﻻّ ﻫﻤﺴﺎ ” ﺳﻮﺭﺓ : ﻃﻪ . ﺍﻵﻳﺔ : 108 . ﺯﻳﺎﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺗﻔﺴﻴﺮﻫﺎ ﺑﻤﺠﻤﻞ ﻛﺘﺐ ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ﺑﺄﻥّ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺧﺎﺻّﺔ ﺑﻴﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺤﺴﺎﺏ ﺍﻷﻛﺒﺮﻭﺍﺳﺘﻨﺎﺩﺍ ﻟﻠﻔﻬﻢ ﺍﻟﺼﻮﻓﻲ ﻹﺷﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻓﻬﻲ ﺇﺷﺎﺭﺓ ﻷﻫﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺬﺍﻛﺮﻳﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺪّﻧﻴﺎ ﻗﺒﻞ ﺍﻵﺧﺮﺓ . ﻓﻌﻨﺪ ﺗﻤﺎﻡ ﺍﻟﺤﻀﻮﺭ ﺗﺨﺸﻊ ﺍﻷﺻﻮﺍﺕ ﺍﺳﺘﺤﻴﺎﺀ ﻣﻨﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻟﻼﻋﺘﻘﺎﺩ ﺃﻥ ّﻟﻐﺔ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ ﻋﺎﺟﺰﺓ ﻋﻦ ﺍﻟﺘّﻌﺒﻴﺮ . ﻳﻘﻮﻝ ﺑﻌﺾ ﻓﺮﺳﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺬّﻭﻕ ﺍﻟﺮّﻓﻴﻊ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ :
ﺛَﻢَّ ﻣﻌﺎﻧﻲ ﺩﻭﻥَ ﺍﻟﻠّﺴﺎﻥِ *** ﻳَﺤْﻮِﻱ ﺟَﻨﺎﻧِﻲ ﻏَﻴْﺮ َﺍﻟﻜَﻼﻡ
ﻭﺍﻟﻬﻤﺲ ﻟﻐﺔ : ﺍﻟﺘّﺤﺪّﺙ ﺑﺼﻮﺕ ﺧﺎﻓﺖ . ﺃﻣّﺎ ﻣﻔﻬﻮﻣﻪ ﺍﻻﺻﻄﻼﺣﻲ : ﻫﻮ ﻟﻐﺔ ﻣﻨﺎﺟﺎﺓ ﻻ ﻳَﻔﻬﻢ ﻛُﻨﻬَﻬﺎ ﺇﻻّ ﺍﻟﻤﻬﻤﻮﺱُ ﻟﻪ ﻭ ﺍﻟﻬﺎﻣﺲُ . ﻓﺎﻟﺬﻛﺮ ﺑﺈﺳﻢ ﺍﻟﺼّﺪﺭ ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺑﺨﻠﺪ ﺍﻟﺬﺍﻛﺮ ﻣﻦ ﺇﺣﺴﺎﺱ ﻣﺮﻫﻒ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﺤﻖ ﺟﻞّ ﻭﻋﻼ ﻭﺃﺩﺑﺎ ﺟﻤﻴﻼ ﻻ ﻳﺘﻌﺪّﻯ ﻟﻐﺔ ﺍﻟﻜﻼﻡ . ﺇﺫ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ ﻳﻌﺠﺰ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻋﻦ ﺍﻟﺘّﻌﺒﻴﺮ ﻭﻳﺘﺮﻙ ﻟﻠﻐﺔ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﺣﺴﻦ ﺍﻟﺘّﺒﻠﻴﻎ . ﻓﺮﺏّ ﺃﺑﻜﻢ ﻋﺒّﺮ ﻋﻦ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻌﻴّﻨﺔ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺘﻜﻠّﻢ، ﺇﺫ ﺍﻟﺼّﻮﺭﺓ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ ﺗﻐﻨﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﻨّﺺ .
3 ) ﻳﻘﻮﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ “ ﻓﺈﺫﺍ ﻗﻀﻴﺘﻢ ﻣﻨﺎﺳﻜﻜﻢ ﻓﺎﺫﻛﺮﻭﺍ ﺍﻟﻠﻪ ﻛﺬﻛﺮﻛﻢ ﺁﺑﺎﺋﻜﻢ ﺃﻭ ﺃﺷَﺪّ ﺫِﻛﺮًﺍ ” ﺳﻮﺭﺓ : ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ، ﺍﻵﻳﺔ 200 : . ﻓﺈﺷﺎﺭﺓ “ ﻛﺬﻛﺮﻛﻢ ﺁﺑﺎﺋﻜﻢ ” ﺗُﻨﺒِﺊ ﺑﻠﻬﻔﺔ ﻭﺷﻮﻕ ﻓﻲ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﻳﺼﺎﺣﺒﻬﺎ ﺭﻏﺒﺔ ﻭﺍﻫﺘﺰﺍﺯ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ . ﻭﻋﻨﺪ ﺫﻛﺮ ﺍﻷﺣﺒّﺔ ﻭﺭﺅﻳﺘﻬﻢ ﻳﺘﻠﻮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸّﻮﻕ ﺭﻛﺾ ﻭﻫﺮﻭﻟﺔ ﻭﺟﺮﻱ ﻻﺳﺘﻘﺒﺎﻝ ﺍﻟﻤﺤﺘﻔﻰ ﺑﻪ . ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺸﻬﺪ ﻳﺒﺮﺯ ﺟﻠﻴّﺎ ﻋﻨﺪ ﻣﻼﻗﺎﺓ ﺍﻻﺑﻦ ﺍﻟﺼّﻐﻴﺮ ﻷﺑﻴﻪ ﺍﻟﻤﺴﺎﻓﺮ ﺑﻌﺪ ﻋﻮﺩﺗﻪ ﻣﻦ ﺳﻔﺮ ﻃﻮﻳﻞ، ﻓﺎﻹﺑﻦ ﻣﺸﺘﺎﻕ ﻟﺮﺅﻳﺔ ﺃﺑﻴﻪ ﻓﺘﺮﻯ ﺣﺎﻟﻪ ﻭﻫﻮ ﻳﺠﺮﻱ ﻟﻠﻤﻘﺎﺑﻠﺔ ﻗﺎﺋﻼ : “ ﺍﺑﺎﻩ ،ﺍﺑﺎﻩ ”... ﻭ ﻣﺎﺫﺍ ﺃﺷﺪّ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺇﻻّ ﺍﻟﻌﺮﻭﺝ ﻭﺍﻟﺘّﺄﻭّﻩ ﻭﺍﻟﻤﻨﺎﺟﺎﺓ ﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ . ﺃﻟﻢ ﻳﻘﻞ ﺍﻟﺤﻖّ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻓﻲ ﺣﺪﻳﺜﻪ ﺍﻟﻘﺪﺳﻲ “ ﻭﺇﻥ ﺃﺗﺎﻧﻲِ ﻳَﻤﺸﻲ ﺃﺗﻴﺘﻪ ﻫَﺮْﻭَﻟﺔً ” ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﻄﻠﻌﻪ “ ﻣﺎ ﻣﻦ ﺷﻲﺀ ﻳﺘﻘﺮّﺏ ﺑﻪ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺇﻟﻲّ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻤّﺎ ﺍﻓﺘﺮﺿﺘﻪ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﻻ ﺯﺍﻝ ﻳﺘﻘﺮّﺏ ﺇﻟﻲّ ﺑﺎﻟﻨّﻮﺍﻓﻞ ﺣﺘّﻰ ﺃﺣﺒّﻪ ( ... ) ” ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ .
4 ) ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ ﺻﻠّﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻲ ﺣﺪﻳﺚ ﺍﻷﻧﻴﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﺭﻭﺍﻩ ﺃﺑﻮ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﺃﻧّﻪ ﺭﺃﻯ ﻣﺮﻳﻀﺎ ﻳﺌﻦّ ﻓﻲ ﺣﻀﺮﺓ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠّﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠّﻢ ﻭﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﻓﻨﻬﺎﻩ . ﻓﻘﺎﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼّﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴّﻼﻡ “: ﺩﻋﻮﻩ ﺇﻧّﻪ ﻳﺬﻛﺮ ﺇﺳﻤﺎ ﻣﻦ ﺃﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ .” ﻭﻧﻘﻞ ﺍﻟﻌﻼّﻣﺔ ﺍﻟﺤﻔﻨﻲ ﻓﻲ ﺣﺎﺷﻴﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺎﻣﻊ ﺍﻟﺼّﻐﻴﺮ “: ﺃﻥّ ﺍﺳﻢ ﺁﻩ ﻫﻮ ﺍﺳﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻷﻋﻈﻢ ﻻﺷﺘﻤﺎﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﺳﺮّ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ . ﻭﺇﺫﺍ ﻗﻴﻞ ﺃّﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﺇﻻّ ﺑﺎﻷﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ، ﻓﻬﻨﺎﻟﻚ ﺃﺳﻤﺎﺀ ﺃﺧﺮﻯ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﺘّﺴﻌﺔ ﻭﺍﻟﺘّﺴﻌﻴﻦ ﻣﺜﻞ : ﺍﻟﺤﻨّﺎﻥ، ﺍﻟﻤﻨّﺎﻥ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ﻛﺜﻴﺮ ... ﻭﺍﻟﻤﺼﻄﻔﻰ ﺻﻠّﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭ ﺳﻠّﻢ ﻧﺎﺟﻰ ﺭﺑّﻪ ﻗﺎﺋﻼ ”: ﻳﺎ ﺣﻨّﺎﻥ ﻭﻳﺎ ﻣﻨّﺎﻥ ﺑﺮﺣﻤﺘﻚ ﺃﺳﺘﻐﻴﺚ .“
ﻭﺫﻫﺐ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺃﻥّ ﻟﻠﻪ ﺃﺳﻤﺎﺀ ﻻ ﻳﻌﻠﻢ ﻋﺪﺩﻫﺎ ﺇﻻّ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﺘﻨﻮّﻉ ﺑﺘﻨﻮّﻉ ﺍﻟﺠﻨﺲ ( ﺍﻟﺨﺎﺻّﺔ ﺑﺎﻟﺠﻦّ ، ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ، ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻧﺎﺕ ﻭ ﻛﻞ ﺍﻟﻌﻮﺍﻟﻢ ﻣﺎ ﺳﻮﻯ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ) ﻟﻌﻠﻤﻨﺎ ﺃﻥّ ﺍﻟﻜﻞّ ﻳﺴﺒّﺢ ﺑﺈﺳﻤﻪ “ ﻳُﺴﺒّﺢُ ﻟﻪُ ﺍﻟﺴّﻤﺎﻭﺍﺕ ﺍﻟﺴّﺒﻊُ ﻭﺍﻷﺭﺽ ﻭﻣﺎ ﻓﻴﻬﻦّ ” ﺳﻮﺭﺓ : ﺍﻹﺳﺮﺍﺀ . ﺍﻵﻳﺔ : 44 .
ﻭﻗﺪ ﺃﺷﺎﺭ ﺇﻟﻰ ﺗﻌﺪّﺩ ﺍﻷﺳﻤﺎﺀ ﺑﺎﺧﺘﻼﻑ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﺣﺪﻳﺚ ﺍﻟﺪّﻋﺎﺀ ”: ﺍﻟﻠﻬﻢّ ﺇﻧّﻲ ﺃﺳﺄﻟﻚ ﺑﻜﻞّ ﺇﺳﻢ ﻫﻮَ ﻟﻚ ﺳﻤَّﻴﺖَ ﺑﻪ ﻧﻔﺴﻚَ ﺃﻭ ﺍﺳﺘَﺄْﺛَﺮﺕَ ﺑﻪ ﻓﻲ ﻋﻠﻢِ ﺍﻟﻐَﻴْﺐِ ﻋِﻨﺪﻙ ﺃًﻭْ ﺃﻧﺰَﻟْﺘَﻪُ ﻓﻲ ﻛِﺘَﺎﺑﻚ ﺃﻭ ﻋَﻠّﻤﺘَﻪ ﺃﺣﺪﺍ ﻣِﻦ ﺧﻠْﻘﻚَ ﺃﻥ ﺗﺠﻌَﻞَ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﺭﺑﻴﻊ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ ﻭﺟﻼﺀ ﺃﺣﺰﺍﻧﻨﺎ ﻭ ....... ) ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ .
ﻓﺘﻌﻠﻴﻤﻪ ﺃﺣﺪﺍ ﻣﻦ ﺧﻠﻘﻪ ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﻥّ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﺳﻢ ﻋﻠّﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻷﺣﺪ ﻣﻦ ﺧﻠﻘﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺼّﻮﻓﻴّﺔ ﻭﺻﺎﺭ ﺫﻛﺮﺍ ﻟﺒﻘﻴّﺔ ﺍﻷﺗﺒﺎﻉ . ﻭﻫﻮ ﺣﺪﻳﺚ ﺻﺤﻴﺢ ﻭﺭﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻭﻻ ﻳﺴﺘﺤﻴﻞ ﻧﻘﻼ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﺣﺪ ﻣﻦ ﺧﻠﻘﻪ ﻣﻄّﻠﻌﺎ ﻋﻠﻰ ﺇﺳﻢ ﺧﻔﻲّ ﺍﺧﺘﺼّﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻪ ﻭﻫﻮ ﻇﺎﻫﺮ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ .
5 ) ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺻﺤﻴﺢ ﺳﻨﻦ ﺍﺑﻦ ﻣﺎﺟﻪ ﺑﺎﺧﺘﺼﺎﺭ ﺍﻟﺴّﻨﺪ ﻋﻦ ﺍﺑﻦ ﻋﺒّﺎﺱ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﺃﻥّّ ﺍﻟﻨّﺒﻲﺀ ﺻﻠّﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠّﻢ ﻛﺎﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﻓﻲ ﺩﻋﺎﺋﻪ “ ﺭﺏّ ﺃﻋِﻨِّﻲ ﻭﻻ ﺗُﻌِﻦْ ﻋﻠَﻲّ ﻭﺍﻧﺼُﺮﻧﻲ ﻭﻻ ﺗُﻨﺼُﺮ ﻋﻠﻲّ ﻭﺍﻣﻜُﺮ ﻟﻲ ﻭﻻ ﺗَﻤﻜُﺮ ﻋﻠَﻲّ ﻭﺍﻫﺪِﻧِﻲ ﻭﻳﺴّﺮ ﺍﻟﻬُﺪﻯ ﻟﻲ ﻭﺍﻧﺼُﺮﻧﻲ ﻋﻠَﻰ ﻣﻦْ ﺑﻐَﻰ ﻋﻠﻲّ . ﺭﺏّ ﺍﺟﻌَﻠْﻨﻲ ﻟﻚ ﺷﻜّﺎﺭﺍ ﻟﻚ ﺫﻛّﺎﺭﺍ ﻟﻚ ﺭﻫّﺎﺑﺎ ﻟﻚ ﻣﻄﻴﻌﺎ ﺇﻟﻴﻚَ ﻣُﺨﺒﺘﺎ ﺇﻟﻴﻚَ ﺃﻭّﺍﻫﺎ ﻣﻨﻴﺒﺎ . ﺭﺏّ ﺗﻘﺒّﻞ ﺗﻮﺑﺘﻲ ﻭﺍﻏﺴﻞ ﺣﻮْﺑَﺘِﻲ ﻭ ﺃﺟِﺐْ ﺩﻋﻮﺗﻲ . ﻭﺍﻫﺪﻱ ﻗﻠﺒﻲ ﻭﺳﺪّﺩ ﻟﺴﺎﻧﻲ ﻭﺛﺒّﺖ ﻭﺍﺳْﻠُﻞْ ﺳَﺨِﻴﻤَﺔَ ﻗﻠﺒﻲ . ” . ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺍﻟﺼﻨﻔﺎﺳﻲ ﻗﻠﺖ ﻟﻮﻛﻴﻊ ﺃﻗﻮﻟﻪ ﻓﻲ ﻗﻨﻮﺕ ﺍﻟﻮﺗﺮ ﻗﺎﻝ ﻧﻌﻢ . ( ﺣﺪﻳﺚ ﺻﺤﻴﺢ ﺧﺮّﺟﻪ ﺍﻷﻟﺒﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ) . ( ﺣﻮﺑﺘﻲ : ﺇﺛﻤﻲ، ﺍﻟﺴّﺨﻴﻤﺔ : ﺍﻟﺤﻘﺪ ) .
6 ( ﺃﺧﺮﺝ ﺍﻟﺒﻴﻬﻘﻲ ﻋﻦ ﺯﻳﺪ ﺍﺑﻦ ﺃﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ : ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺍﻷﺩﺭﻉ : ﺍﻧﻄﻠﻘﺖ ﻣﻊ ﺍﻟﻨّﺒﻲﺀ ﺻﻠّﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠّﻢ ﻟﻴﻠﺔ، ﻓﻤﺮّ ﺑﺮﺟﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﻳﺮﻓﻊ ﺻﻮﺗﻪ، ﻗﻠﺖُ : ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ، ﻋﺴﻰ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﺬﺍ ﻣﺮﺍﺋﻴﺎ . ﻗﺎﻝ “: ﻻ ﻭﻟﻜﻨّﻪ ﺃﻭّﺍﻩ .” ﺣﺪﻳﺚ ﺫﻛﺮﻩ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺟﻼﻝ ﺍﻟﺪّﻳﻦ ﺍﻟﺴّﻴﻮﻃﻲ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺍﺳﻤﻪ “: ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻬﺮ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ ” ﻭﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ :
7 ( ﺃﺧﺮﺝ ﺍﻟﺒﻴﻬﻘﻲ ﻋﻦ ﻋﻘﺒﺔ ﺑﻦ ﻋﺎﻣﺮ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﺃﻥّ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠّﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠّﻢ ﻗﺎﻝ ﻟﺮﺟﻞ ﻳُﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﺫﻭ ﺍﻟﺒﺠﺎﺩﻳﻦ “ ﺇﻧّﻪ ﺃﻭّﺍﻩ، ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻧّﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﺬﻛﺮ ﺍﻟﻠﻪ ”
8 ( ﺃﺧﺮﺝ ﺍﻟﺒﻴﻬﻘﻲ ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﺃﻥّ ﺭﺟﻼ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﻓﻊ ﺻﻮﺗﻪ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ، ﻓﻘﺎﻝ ﺭﺟﻞ : “ ﻟﻮ ﺃﻥّ ﻫﺬﺍ ﺧﻔّﺾ ﻣﻦ ﺻﻮﺗﻪ، ﻓﻘﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠّﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠّﻢ ” ﺩﻋْﻪُ ﻓﺈﻧّﻪُ ﺃﻭّﺍﻩ ."
9 ) ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰّ ﻭﺟﻞّ : “ ﻭﺇﻥْ ﻣِﻦْ ﺷﻲﺀٍ ﺇﻻّ ﻳُﺴﺒّﺢ ﺑِﺤَﻤﺪِﻩ ﻭﻟﻜﻦ ﻻ ﺗَﻔﻘَﻬُﻮﻥ ﺗَﺴْﺒﻴﺤَﻬﻢ .” ﺑﻌﺾ ﺁﻳﺔ ﻋﺪﺩ : 44 ﻣﻦ ﺳﻮﺭﺓ : ﺍﻹﺳﺮﺍﺀ . ﻳﺘﺒﻴّﻦ ﻣﻦ ﻫﺘﻪ ﺍﻵﻳﺔ ﺃﻥّ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﺘّﺴﺎﺑﻴﺢ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ، ﻓﺼﻮْﺕُ ﺍﻟﺮّﻋﺪ ﺗﺴﺒﻴﺢ، ﻭﺻﻮﺕ ﺍﻟﺮّﻳﺢ ﺗﺴﺒﻴﺢ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ﻛﺜﻴﺮ ... ﻭ ﻟﻜﻲ ﻳﺘﺤﻘّﻖ ﻣﺮﺍﺩ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﻫﺎﺗﻪ ﺍﻵﻳﺔ – ﻭ ﺑﻤﺎ ﺃﻧّﻨﺎ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﻠﻪ – ﻻ ﺑﺪّ ﺃﻥّ ﻟﻨﺎ ﺗﺴﺎﺑﻴﺢ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻓﻬﻤﻬﺎ ﻛﻞّ ﺍﻟﻨّﺎﺱ، ﻓﻌَﺪَﻡُ ﻓِﻘﻪِ ﺍﻟﻨّﺎﺱِ ﻟﻠﺘّﺴﺒﻴﺢ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﺼّﺪﺭ ﺁﻩ، ﺗﺤﺪّﺙ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺑﺼﻔﺔ ﻋﺎﻣّﺔ ﻣﺘﺤﺪّﻳﺎ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﻭﺣﺎﺳﻤﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﻣﻨﺬ ﺍﻷﺯﻝ “ ﻭﻟﻜﻦ ﻻ ﺗﻔﻘﻬﻮﻥ ﺗﺴﺒﻴﺤﻬﻢ .” ﺑﻤﻌﻨﻰ ﻻ ﺗﻔﻬﻤﻮﻥ، ﻭﻟﻠﺬﻱ ﻻ ﻳﻔﻬﻢ ﺷﻴﺌﺎ، ﻻﻳﺤﻤّﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸّﻲﺀ ﻋﺪﻡ ﺷﺮﻋﻴّﺘﻪ ﺑﻞ ﻳﺒﺤﺚ ﻫﻮ ﻓﻲ ﺫﺍﺗﻪ ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻟﻢ ﻳﻔﻬﻢ ؟ ...
ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺸّﺎﻋﺮ “: ﺇِﺫﺍ ﻟَﻢْ ﺗﺮَ ﺍﻟﻬﻼَﻝَ ﻓَﺴﻠِّﻢْ ﻟِﻘَﻮْﻡٍ ﺭﺃﻭْﻩُ ﺑِﺎﻟﻌِﻴﺎﻥِ .”
ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺧﺎﺩﻡ ﺍﻟﺴّﺎﺩﺓ ﺍﻟﺼّﻮﻓﻴّﺔ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺍﻟﺤﻘﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺤﺎﺝ ﻣﺒﺮﻭﻙ ﻏﻔﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻪ : “ ﻋَﺠِﺒْﺖُ ﻟِﻤَﻦْ ﺻَﺪَّﻕَ ﺑِﺘَﺴْﺒﻴﺢِ ﺍﻟﺮُّﻋﻮﺩِ ﻛَﻴْﻒَ ﻻ ﻳَﻔْﻘَﻪُ ﺗَﺴْﺒﻴﺢَ ﺍﻟﺼُّﺪﻭﺭِ ... ؟ .”
ﻭﺧﻴﺮ ﻣﺎ ﻧﺨﺘﻢ ﺑﻪ ﺣﺪﻳﺜﻨﺎ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ ﺣﻮﻝ ﺇﺳﻢ ﺍﻟﺼﺪﺭ ﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺑﺮﻫﺎﻥ ﺍﻟﺬﺍﻛﺮﻳﻦ ﻟﺸﻴﺨﻨﺎ ﺳﻴﺪﻱ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﻤﺪﺍﻧﻲ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ : “ ﻭ ﺃﻣّﺎ ﺇﺳﻢ ﺍﻟﺼﺪﺭ ﻭﻫﻮ ﺇﺳﻢ ﺍﻟﻠﻪ ” ﺁﻩ “ ﺑﺄﻟﻒ ﻭﻫﺎﺀ ، ﻭﻫﻴﺄﺓ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﺑﻪ ﺍﻟﻤﺴﻤّﺎﺓ ﻋﻨﺪ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﺑﺎﻟﻌﻤﺎﺭﺓ ﺑﻜﺴﺮ ﺍﻟﻌﻴﻦ، ﻓﻘﺪ ﺍﺻﻄﻠﺢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﺑﻪ ﺃﻛﺜﺮ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺧﺼﻮﺻﺎ ﺍﻟﺴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺸﺎﺫﻟﻴّﺔ ﺣﺴﺒﻤﺎ ﺷﺎﻫﺪﺗﻪ ﺑﺒﻼﺩ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ . ﺃﻣّﺎ ﺛﺒﻮﺕ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﺳﻢ ﻓﻘﺪ ﺗﺤﻘّﻖ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻔﺤﻮﻝ ﻭﺛﺒﺘﺖ ﺭﻭﺍﻳﺘﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﻨّﺒﻲﺀ ﺻﻠّﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠّﻢ ﻓﻲ ﺣﺪﻳﺚ ﺍﻷﻧﻴﻦ، ﻭﻫﺬﺍ ﻧﺺ ﻣﺎ ﻧﻘﻠﺘﻪ ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﻟﺰّﻫﺮﺓ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴّﺔ ﻋﻦ ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﻤﺼﺮﻳّﺔ ﻣﻤّﺎ ﺃﺟﺎﺏ ﺑﻪ ﺍﻟﻮﻟﻲ ّﺍﻟﺼّﺎﻟﺢ ﻭﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻨّﺎﺻﺢ ﺳﻴﺪﻱ ﺍﺣﻤﺪ ﻭﺍﻓﻰ ﺍﻟﺸﺎﺫﻟﻲ ﺍﻷﺯﻫﺮﻱ ﺗﺤﺖ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ ” ﺍﻟﺮﺟﻮﻉ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻖ ’ : ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ “ ﻭﻟﻠﻪ ﺍﻷﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ ﻓﺎﺩﻋﻮﻩ ﺑﻬﺎ ﻭﺫﺭﻭﺍ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻠﺤﺪﻭﻥ ﻓﻲ ﺃﺳﻤﺎﺋﻪ ﺳﻴﺠﺰﻭﻥ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻌﻤﻠﻮﻥ .” ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻤﻔﺴّﺮﻭﻥ : ﺃﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ ﻛﻠّﻬﺎ ﺣﺴﻨﻰ ﻷﻧّﻬﺎ ﺗﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﻧﻲ ﺍﻟﻜﻤﺎﻝ ﺍﻹﻟﻬﻲ ﺳﻮﺍﺀ ﻭﺭﺩﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻓﻘﻂ ﻛﺈﺳﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻭﺍﻟﻘﺮﻳﺐ ﻭﺍﻟﻤﺤﻴﻂ ﻭﺍﻟﺴﺮﻳﻊ ﻭﺍﻷﺣﺪ ﻭﺃﺣﻜﻢ ﺍﻟﺤﺎﻛﻤﻴﻦ ﻭﺧﻴﺮ ﺍﻟﻔﺎﺻﻠﻴﻦ ﻭﺫﻱ ﺍﻟﻌﺮﺵ ﻭﺫﻱ ﺍﻟﻄﻮﻝ ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻤّﺎ ﻭﺭﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ ﺧﺎﺻّﺔ ﺃﻭ ﺟﺎﺩﺕ ﺑﻪ ﺍﻟﺴﻨّﺔ ﺃﻳﻀﺎ ﻛﻘﻮﻟﻪ ﺻﻠّﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : “ ﺇﻥّ ﻟﻠﻪ ﺗﺴﻌﺔ ﻭﺗﺴﻌﻴﻦ ﺇﺳﻤﺎ ﻣﻦ ﺃﺣﺼﺎﻫﺎ ﺩﺧﻞ ﺍﻟﺠﻨّﺔ : ﺍﻟﻠﻪ ، ﺍﻟﺮﺣﻤﺎﻥ، ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ .... ” ( ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ) ﺃﻭ ﻭﺭﺩﺕ ﺑﻪ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﺮﺩﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻛﻘﻮﻟﻪ ﺻﻠّﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : “ ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺟﻤﻴﻞ ﻳﺤﺐ ﺃﻥ ﻳﺮﻯ ﺃﺛﺮ ﻧﻌﻤﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎﺩﻩ ” . ﻭﻗﺪ ﻭﺭﺩ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﺳﻢ ﻓﻲ ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻟﻠﺪﺭﺩﻳﺮ، ﻓﻬﻮ ﺍﻟﺠﻠﻴﻞ ﺍﻟﺠﻤﻴﻞ ﻭﺍﻟﻮﻟﻲ ﻭ ﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻤﺎ ﺗﻔﺮّﺩﺕ ﺑﻪ ﺍﻟﺴﻨّﺔ ﺧﺎﺻّﺔ ﻭﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺻﺮﺍﺣﺔ . ﻓﻠﻴﺲ ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﺑﺎﻷﺳﻤﺎﺀ ﺧﺼﻮﺹ ﺍﻟﺘﺴﻌﺔ ﻭﺍﻟﺘﺴﻌﻴﻦ ﻭﺇﻻّ ﻟﺰﻡ ﻣﻌﺎﺭﺿﺔ ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻟﺒﻌﺾ ﻛﻤﺎ ﻻﻳﺨﻔﻰ ﻭﺫﻟﻚ ﻻﻳُﻌﻘﻞ . ﺇﺫﺍ ﻋﻠﻤﺖ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻤﺖ ﺃﻧّﻨﺎ ﻣﺄﻣﻮﺭﻭﻥ ﺃﻥ ﻧﺪﻋﻮ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﻜﻞ ﺇﺳﻢ ﺛﺒﺖ ﻭﻭﺭﺩ ﻋﻦ ﺍﻟﺸّﺎﺭﻉ ﺻﻠّﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻣﻄﻠﻘﺎ، ﻭ ﻣﻤّﺎ ﺗﺄﻛّﺪ ﺛﺒﻮﺗﻪ ﺫﻟﻚ ﺍﻹﺳﻢ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﺇﺗّﺨﺬﻩ ﺍﻟﺴّﺎﺩﺓ ﺍﻟﺸّﺎﺫﻟﻴّﺔ ﻣﻦ ﺿﻤﻦ ﺃﺫﻛﺎﺭﻫﻢ ﻭﻫﻮ ﺇﺳﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ “ ﺁﻩ ” ﺟﻞّ ﺟﻼﻟﻪ .
ﻓﻔﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﺃﻧّﻪ ﺭﺃﻯ ﻣﺮﻳﻀﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﺌﻦّ ﻓﻲ ﺣﻀﺮﺓ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠّﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠّﻢ ﻭ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﻓﻨﻬﺎﻩ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻋﻦ ﺍﻷﻧﻴﻦ ﻭ ﺃﻣﺮﻩ ﺑﺎﻟﺼّﺒﺮ ﻓﻘﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠّﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ “ ﺩﻋﻮﻩ ﻓﺈﻧّﻪ ﻳﺬﻛﺮ ﺇﺳﻤﺎ ﻣﻦ ﺃﺳﻤﺎﺋﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ” . ﻭ ﻧﻘﻞ ﺍﻟﻌﻠّﺎﻣﺔ ﺍﻟﺤﻔﻨﻲ ﻓﻲ ﺣﺎﺷﻴﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺎﻣﻊ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﻟﻠﺴﻴﻮﻃﻲ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻋﻦ ﺍﻹﺳﻢ ﺍﻷﻋﻈﻢ ﺃﻥّ ﺇﺳﻢ ﺍﻟﻠﻪ “ ﺁﻩ ” ﻫﻮ ﺍﻹﺳﻢ ﺍﻷﻋﻈﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﺇﺫﺍ ﺩُﻋﻲ ﺑﻪ ﺃﺟﺎﺏ ﻭﺇﺫﺍ ﺳُﺌﻞ ﺑﻪ ﺃﻋﻄﻰ . ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻔﺨﺮ ﺍﻟﺮّﺍﺯﻱ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮﻩ ﻓﻲ ﺷﺮﺡ ﺍﻟﺒﺴﻤﻠﺔ : ﺍﺧﺘﻠﻒ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﻢ ﺍﻷﻋﻈﻢ ﻭﻳﺮﺟﺢ ﻋﻨﺪﻱ ﺃﻥّ – ﺃﻩ - ﻫﻮ ﺇﺳﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻷﻋﻈﻢ ﻻﺷﺘﻤﺎﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﺳﺮّ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﻭﺗﻜﻮّﻥ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﻭﻇﻬﻮﺭ ﺍﻟﺘّﺠﻠّﻴﺎﺕ . ﻭﺫﻛﺮ ﺍﻟﻌﻼّﻣﺔ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰﻱ ﻓﻲ ﺷﺮﺣﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺎﻣﻊ ﺍﻟﺼّﻐﻴﺮ ﺃﻳﻀﺎ ﺃﻥّ ﺇﺳﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ “ ﺁﻩ ” ﻫﻮ ﺇﺳﻢ ﻳﻠﻬﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﻠﻌﺒﺪ ﻋﻨﺪ ﺗﺠﻠّﻴﺎﺕ ﺍﻟﺠﻼﻝ .
ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻷﻣﻴﺮ ﻓﻲ ﺣﺎﺷﻴﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺘﻦ ﻏﺮﺍﻣﻲ ﺻﺤﻴﺢ ﺃﻥّ “ ﺁﻩ ” ﻣﻦ ﺃﺳﻤﺎﺋﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻭﺻﺤّﺢ ﺫﻟﻚ . ﻭﺭﻭﻯ ﺍﻟﺤﺎﻛﻢ ﻓﻲ ﻣﺴﺘﺪﺭﻛﻪ ﺣﺪﻳﺜﺎ ﻳﺬﻛﺮ “ ﺁﻩ ” ﺍﺳﻢ ﻋﻈﻴﻢ ﻣﻦ ﺃﺳﻤﺎﺋﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﻠﻬﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﻤﻦ ﺃﺣﺐّ ﻣﻦ ﻋﺒﺎﺩﻩ ﻷﻧّﻪ ﺳﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺮﺍﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﻻﻳﻄّﻠﻊ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺇﻻّ ﺍﻟﻤﻘﺮّﺑﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ . ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺍﻟﺒﻴﺠﻮﺭﻱ ﻓﻲ ﺣﺎﺷﻴﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺟﻮﻫﺮﺓ ﺍﻟﺘّﻮﺣﻴﺪ ﻋﻨﺪ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻨّﺎﻇﻢ :
“ ﺣﺘّﻰ ﺍﻷﻧﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺮﺽ ﻛﻤﺎ ﻧﻘﻞ ”
ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﻤﺮﻳﺾ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ “ ﺁﻩ ” ﻓﺈﻧّﻪ ﻣﻦ ﺃﺳﻤﺎﺋﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻭﻻ ﻳﻘﻮﻝ ﺃﺥ ﻷﻧّﻪ ﻣﻦ ﺃﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﺸّﻴﻄﺎﻥ .
ﻓﻘﺪ ﺛﺒﺖ ﺑﺎﻟﺪّﻟﻴﻞ ﺍﻟﻨّﻘﻠﻲ ﺃﻥّ “ ﺁﻩ ” ﺇﺳﻢ ﻋﻈﻴﻢ ﻣﻦ ﺃﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻣﺮﻧﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﻥ ﻧﺪﻋﻮﻩ ﺑﻬﺎ . ﻓﺤﻴﻨﺌﺬ ﻻ ﺇﻟﺤﺎﺩ ﻭﻻ ﺗﺤﺮﻳﻒ ﻧﻌﻮﺫ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻭ ﺇﺫًﺍ ﻟﻴﺲ ﺍﺳﻢ “ ﺁﻩ ” ﻣﻬﻤﻼ ﻻ ﻣﻌﻨﻰ ﻟﻪ ﻣﻄﻠﻘﺎ ﻛﻤﺎ ﻗﻴﻞ ﺑﻞ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﻣﻨﺰّﻩ ﻋﻦ ﺍﻹﻫﻤﺎﻝ ﺟﻠﻴﻞ ﻋﻨﺪ ﺃﻫﻞ ﺍﻹﻧﺼﺎﻑ، ﻭﻟﻮ ﺗﺘﺒّﻌﻨﺎ ﺍﻵﺛﺎﺭ ﻭﺍﻷﺧﺒﺎﺭ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻻﺳﺘﺪﻻﻝ ﻋﻠﻰ ﺻﺤّﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﺳﻢ ﻟﻤﺎ ﻭﺳﻌﺘﻨﺎ ﺍﻟﺼّﺤﻒ، ﻭﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﻛﻔﺎﻳﺔ ﻟﻤﻦ ﺳﻄﻌﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻧﻮﺍﺭﺍﻟﻬﺪﺍﻳﺔ ﻭﻧﺴﺄﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﻭﺣﺴﻦ ﺍﻟﺨﺘﺎﻡ ﺑﺠﺎﻩ ﺳﻴّﺪﻧﺎ ﻣﺤﻤّﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻓﻀﻞ ﺍﻟﺼّﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴّﻼﻡ .
ﻫﺎﺗﻪ ﺍﻟﺴّﻨﺔ ﺳﻨﺔ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﻭﺧﻤﺴﻴﻦ ﻭﺛﻼﺛﻤﺎﺋﺔ ﻭﺃﻟﻒ ﻗﺮﺃﺕ ﻓﻲ ﻣﺠﻠّﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﻤﺼﺮﻳّﺔ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺠﻠّﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴّﺔ ﺍﻟﺪّﻳﻨﻴّﺔ ﻓﻲ ﻋﺪﺩﻫﺎ ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ ﻭ ﺍﻟﺜّﻼﺛﻴﻦ ﻣﻘﺎﻻ ﻃﻮﻳﻞ ﺍﻟﺬﻳﻞ ﻳﺜﺒﺖ ﻓﻴﻪ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻛﻮﻥ ﺇﺳﻢ ﺍﻟﺼﺪﺭ “ ﺁﻩ ” ﻣﻦ ﺃﺳﻤﺎﺋﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻭﺍﺳﺘﺪﻝّ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺑﺪﻻﺋﻞ ﻧﻘﻠﻴّﺔ ﻭﻋﻘﻠﻴّﺔ ﺟﺎﺯﺍﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺄﺣﺴﻦ ﺍﻟﺠﺰﺍﺀ ." ﺍﻧﺘﻬﻰ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﺸّﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﻤﺪﺍﻧﻲ ﻗﺪّﺱ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺮّﻩ .
10 ) ﺇﻥّ ﻃﻼﺳﻢ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ( ﻣﺜﻞ : ﺃﻟﻢ، ﺣﻢ، ﻛﻬﻴﻌﺺ ) ﻭ ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻤﺎ ﻳُﺘﻌﺒّﺪ ﺑﻪ ﻋﻨﺪ ﺗﻼﻭﺗﻬﺎ ﻓﺒﻜﻞ ﺣﺮﻑ ﺣﺴﻨﺔ ﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠّﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭ ﺳﻠّﻢ : “ ﻻ ﺃﻗﻮﻝ ﺃﻟﻢ ﺣﺮﻑ ﺑﻞ ﺃ ﺣﺮﻑ ﻭﻝ ﺣﺮﻑ ﻭ ﻡ ﺣﺮﻑ ” .
ﻭﺇﺳﻢ ﺍﻟﺼﺪﺭ ﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺣﺮﻓﻴﻦ ﻫﻤﺎ : ﺍﻷﻟﻒ ﻭﺍﻟﻬﺎﺀ ﻭﻫﻤﺎ ﻣﻦ ﺣﺮﻭﻑ ﻃﻼﺳﻢ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ . ﻓﺎﻟﺬﻛﺮ ﺑﻬﺬﻳﻦ ﺍﻟﺤﺮﻓﻴﻦ ﻳﻤﺤﻮ ﺍﻟﺴﻴّﺌﺎﺕ ﻭ ﻳﻜﺘﺐ ﺍﻟﺤﺴﻨﺎﺕ
11 ) ﻟﻘﺪ ﺃﻗﺴﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺘﻨﻔّﺲ ﺍﻟﺨﻴﻮﻝ ﻋﻨﺪ ﺟﺮﻳﻬﺎ ﻓﻘﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ “: ﻭﺍﻟﻌﺎﺩﻳﺎﺕ ﺿﺒﺤﺎ .” ﻓﻀﺒﺢ ﺃﻧﻔﺎﺱ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﺪ ﺫﻛﺮ ﺍﺳﻢ ﺍﻟﺼﺪﺭ ﻟﻪ ﻣﺪﻟﻮﻟﻪ ﻭﺷﺮﻋﻴّﺘﻪ ﺇﺫﺍ ﻗﻮﺭﻥ ﺑﻨﻔﺲ ﺍﻟﻌﺎﺩﻳﺎﺕ ( ﺍﻟﺨﻴﻮﻝ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻌﺪﻭ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺘﻮﺣﺎﺕ
ﺏ - ﺍﻷﺩﻟّﺔ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔّ
ﺃﻣّﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠّﻖ ﺑﺎﻷﺩﻟّﺔ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴّﺔ ﻭﺍﻟﺘّﻔﺴﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﻴّﺔ ﻓﻨﺮﺩ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ :
ﺑﺴﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺮَّﺣﻤﺎﻥ ﺍﻟﺮَّﺣﻴﻢ
ﺍﻟﺼﻮﻓﻴّﺔ ﻭ ﺃﺫﻛﺎﺭﻫﻢ ﻧﻘﻼ ﻭﻋﻘﻼ ﻭﺍﻟﺬﻛﺮ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﺼﺪﺭ “ ﺁﻩ ”
1 ) ﺇﺳﻢ ﺍﻟﺼّﺪﺭ ﺁﻩ ﻳﻨﻄﻘﻪ ﻛﻞُّ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﻣﻜﺮﻭﺏٍ، ﺃﻭ ﻧﺸﻮﺍﻥٍٍ، ﺃﻭ ﻣُﺘَﺤَﻴِّﺮٍ ، ﻟِﻴُﻌَﺒِّﺮَ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻫُﻮَ ﻓِﻴﻬﺎ ﻭﻳﺘَّﻔِﻖُ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻛُﻞُّ ﺍﻟﺨَﻠْﻖِ ﻣﻦْ ﺑَﻨِﻲ ﺍﻟﺒَﺸَﺮِ ﻛﺎﻓﺮًﺍ ﺃﻭ ﻣﺆﻣﻨﺎ، ﻭﻫﻮ ﺍﺳﻢ ﻗَﻬْﺮِﻱٌّ ﻳُﻠْﻬِﻤُﻪُ ﺍﻟﺨﺎﻟِﻖُ ﻟﻜﻞِّ ﺧَﻠْﻘِﻪِ ﻟﻜﻲْ ﺗُﻘْﻀَﻰ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔُ ﻣِﻦْ ﺫﻟﻚ، ﻓَﻴُﻔْﻬَﻢُ ﺍﻟﺤَﻴْﺮﺍﻥ، ﻭ ﻳُﻔَﺮَّﺝُ ﻋَﻦِ ﺍﻟﻤَﻜْﺮُﻭﺏِ، ﻭﺍﻟﺒَﺎﻛِﻲ ﻳُﺘَﻨَﻔَّﺲُ ﻋَﻨْﻪُ ﺑِﺼِﻴَﺎﺣِﻪِ ﻭﺑُﻜﺎﺋِﻪِ .
2 ) ﺍﻟﺤﻀﺮﺓ ﻣﺘﻨﻔّﺲ ﺍﻟﺼّﻮﻓﻴّﺔ ﻭﺗﻌﺒﻴﺮٌ ﻋﻦ ﻗﻤّﺔ ﻓﺮﺣﻬﻢ ﻭﺷﻮﻗﻬﻢ ﺑﻤﺤﺒّﺘﻬﻢ ﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﺻﻠّﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ . ﺇﺫ ﺍﻟﻤﺤﺒّﺔ ﺗﻘﺘﻀﻲ ﺗﻔﺎﻋﻼ ﻭﺗﻨﺎﻏﻤﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﺤﺒﻮﺏ . ﻓﻜﺒﺖ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸّﻌﻮﺭ ﻳﺘﻮﻟّﺪ ﻋﻨﻪ ﺇﺣﺒﺎﻁ ﻭﺭﺑﻤﺎ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻴﻪ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﻤﺤﺐّ . ﻭ ﻛﻢ ﻣﻦ ﻋﺎﺷﻖ ﻣﺎﺕ ﺷﻬﻴﺪﺍ ( ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺤﺐّ ﻣﺎ ﻗﺘﻞ ) . ﻓﺨﺬ ﻣﺜﻼ ﻋﺸّﺎﻕ ﻛﺮﺓ ﺍﻟﻘﺪﻡ، ﺗﺮﻯ ﺣﺎﻟﻬﻢ ﻋﻨﺪ ﺗﺴﺠﻴﻞ ﻓﺮﻳﻘﻬﻢ ﻣﻌﺒّﺮﻳﻦ ﻋﻦ ﻓﺮﺣﺘﻬﻢ ﺑﺎﻟﺼّﻴﺎﺡ ﻭﺍﻟﻬﺘﺎﻑ ﺍﻟﻼﻣﺤﺪﻭﺩ، ﺣﺘّﻰ ﺃﻥّ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻳﻐﻤﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺷﺪّﺓ ﺍﻟﻔﺮﺡ ﻭ ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﺘﺤﻤّﻞ ﻗﻮّﺓ ﺍﻟﻌﺸﻖ ﻭ ﻟﺬﺓ ﺍﻻﻧﺘﺼﺎﺭ ﻓﻴﺴﻘﻂ ﻣﻴّﺘﺎ ... ؟ ﺃﻣّﺎ ﻋﺸّﺎﻕ ﺍﻟﻐﻨﺎﺀ ﻭﺍﻟﻄّﺮﺏ ﻓﺤﺪّﺙ ﻭﻻ ﺣﺮﺝ . ﻓﻘﺪ ﻳﺘﻤﻨّﻰ ﺍﻟﻌﺎﺷﻖ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﺎﺷﻘﺔ ﻣﻨﻬﻢ ﻧﻈﺮﺓ ﺃﻭ ﻛﻠﻤﺔ ﺃﻭﺣﺘّﻰ ﺇﺷﺎﺭﺓ ﻳﺮﻯ ﻓﻴﻬﺎ ﺳﺆﻟﻪ ﻭﻣﻨﺎﻩ ﻓﺘﻨﺘﻬﻲ ﺭﺑﻤﺎ ﺑﺤﺘﻔﻪ . ﺃﻟﻢ ﻳﺤﺪﺙ ﻓﻲ ﺗﺸﻴﻴﻊ ﺟﻨﺎﺯﺓ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﻄﺮﺑﻴﻦ ﺃﻥ ﺍﻧﺘﺤﺮ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﺑﺮﻣﻲ ﺃﻧﻔﺴﻬﻦ ﻣﻦ ﺑﻨﺎﻳﺎﺕ ﺷﺎﻫﻘﺔ .... ؟ ﻧﺴﺄﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻠﻄﻒ ﻭﺍﻟﻌﺎﻓﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﻭﺍﻟﻌﻘﻮﻝ ... ﻭﻫﺬﺍ ﺣﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﺠﺎﻧﺐ ﺍﻟﺘّﻔﺎﻋﻠﻲ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺋﻲ ﻟﻤﺎ ﻳﺤﺪﺙ ﻟﻠﻌﺒﺪ ﻋﻨﺪ ﻗﻤّﺔ ﺍﻟﻔﺮﺡ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ .
ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﻤﺤﺒّﺔ ﺍﻟﺸّﺮﻋﻴّﺔ ﻭﺍﻟﺸّﻮﻕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﺗﺤﺪّﺛﺖ ﻋﻨﻬﺎ ﻣﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﻤﺤﺒّﺔ ﺍﻻﻻﻫﻴﺔ .
ﻭﺧﻴﺮ ﻣﺎ ﻧﺘﺤﺪّﺙ ﺑﻪ ﻫﻨﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﺬﻱ ﺫﻛﺮﻩ ﺷﻴﺨﻨﺎ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﻤﺪﺍﻧﻲ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺭﺳﺎﺋﻠﻪ ﺇﺛﺮ ﺳﺆﺍﻝ ﺑﻌﺜﻪ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﻌﺾ ﻣﺮﻳﺪﻳﻪ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ’ ﺷﺮﺡ ﺍﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﻤﺪﺍﻧﻲ ﻟﺘﻔﺴﻴﺮﻩ ﻟﻠﺤﺪﻳﺚ : “
ﻣﻦ ﻋﺸِﻖَ ﻓﻌَﻒَّ ﻓﻤﺎﺕَ ﻣﺎﺕَ ﺷَﻬﻴﺪًﺍ ” . ﻣﺎ ﻳﻠﻲ : ...“ ﻭ ﺍﻟﺤﺎﺻﻞ ﺃﻥّ ﻣﻦ ﻋﺸﻖ ﻭﻛﺎﻥ ﻧﺰﻳﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﺸﻘﻪ ﻭﻛﺎﺗﻤﺎ ﻟﻪ ﻓﺈﻧّﻪ ﻳﻤﻮﺕ ﺷﻬﻴﺪﺍ ﻳﻨﺰﻟﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻨﺰﻻ ﻣﺒﺎﺭﻛﺎ ﻭﻫﻮ ﺧﻴﺮ ﺍﻟﻤﻨﺰﻟﻴﻦ . ﺃﻣّﺎ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻋﺸﻘﻪ ﻓﻲ ﺩﻋﺎﺭﺓ ﻭ ﻓﺴﺎﺩ، ﺣﻔﻆ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ، ﻓﺈﺫﺍ ﺃﻗﻠﻊ ﻋﻦ ﺫﻧﺒﻪ ﻭﺗﺎﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺭﺟﻊ ﺇﻟﻴﻪ ﻓﺈﻥّ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﻘﺒﻞ ﺍﻟﺘّﻮﺑﺔ ﻋﻦ ﻋﺒﺎﺩﻩ ﻭﻳﺤﺐّ ﺍﻟﺘّﻮﺍﺑﻴﻦ ﻭ ﻳﺤﺐّ ﺍﻟﻤﺘﻄﻬّﺮﻳﻦ . ﻭﺇﺫﺍ ﻟﻢ ﻳﺘﺐ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻓﺈﻥّ ﺃﻣﺮﻩ ﻣﻔﻮّﺽ ﻟﺮﺑّﻪ .” ﺛﻢ ﻳﻮﺍﺻﻞ ﻭﻳﻘﻮﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺎﺗﻤﺔ “: ﺃﻣّﺎ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺑﻄﺮﻳﻖ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﺣﺴﺒﻤﺎ ﻳﻔﻬﻤﻪ ﺍﻟﺨﺎﺻّﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﻣّﺔ ﺍﻟﻤﺤﻤﺪﻳّﺔ ﻓﻬﻮ : ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺸﻖ ﺍﻟﺤﻀﺮﺓ ﺍﻹﻻﻫﻴّﺔ ﻭ ﻳﺘﻘﻮّﻯ ﺣﺒّﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻴﻌﻒّ ﻭﻳﺘﺮﻙ ﻣﺎ ﻧﻬﺎﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻭﻳﺘﻘﺮّﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻤﺎ ﻓﺮﺽ ﻋﻠﻴﻪ ﺛﻢ ﻳﺘﻘﺮّﺏ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﺎﻟﻨّﻮﺍﻓﻞ ﺣﺘّﻰ ﻳﺼﻴﺮ ﻣﺤﺒﻮﺑﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻠﻪ، ﻓﻴﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﺍﻟﺤﻖّ ﺳﻤﻌﺎ ﻭﺑﺼﺮﺍ ﻭﻳﺪﺍ ﻭﺭﺟﻼ . ﻭﻳﻜﻮﻥ ﻣﺠﺎﺏ ﺍﻟﺪّﻋﻮﺓ ﻭﻳﻜﻮﻥ ﻛﺎﺗﻤﺎ ﻣﺎ ﻳﻔﻴﺾ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻷﺣﺪﻳّﺔ ﻭﻻ ﻳﺒﻮﺡ ﺑﺴﺮّﻩ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺠﻠّﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻪ ﻋﻠﻴﻪ (*) ﻓﺈﺫﺍ ﻣﺎﺕ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﺷﻬﻴﺪﺍ، ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻐﻔﻮﺭﺍ ﻟﻪ ﻳﺘﻤﺘّﻊ ﺑﺪﺧﻮﻝ ﺍﻟﻨّﻌﻴﻢ ﻭ ﺑﺎﻟﻨّﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ . ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﺟﻌﻠﻨﺎ ﻣﻦ ﻋﺒﺎﺩﻙ ﺍﻟﻤﻘﺮّﺑﻴﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﺧﻮﻑ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻭﻻ ﻫﻢ ﻳﺤﺰﻧﻮﻥ . ﺁﻣﻴﻦ . :* ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻗﻴﻞ ﻫﻞ ﺃﺣﺪّﺙ ﺑﻜﻞ ﻣﺎﺃﺳﻤﻊ ﻣﻨﻚ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ . ﻗﺎﻝ ﻧﻌﻢ ﺇﻻّ ﺑﺤﺪﻳﺚ ﻟﻢ ﻳﺒﻠﻎ ﻋﻘﻮﻝ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﻓﻴﻜﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻓﺘﻨﺔ .” ﺍﻧﺘﻬﻰ ﻛﻼﻣﻪ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ .
ﻭﻟﻠﻪ ﺍﻟﻤﻨّﺔ ﻭﺍﻟﻔﻀﻞ ﺃﻥّ ﺍﻟﺼّﻮﻓﻴّﺔ ﻓﺮﺣﻬﻢ ﺷﺮﻋﻲّ ﻭﻏﺎﻳﺘﻬﻢ ﺍﻟﺘّﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﺨﺎﻟﺺ ﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ، ﻓﻬﺬﺍ ﺍﻟﺸّﻌﻮﺭ ﺇﻥ ﻟﻢ ﻳُﻮﻇَّﻒ ﺇﻳﺠﺎﺑﻴًّﺎ ﻭﺍﻟﺘّﻤﺘّﻊ ﺑﺴﺮّ ﻓﺤﻮﻯ ﻫﺘﻪ ﺍﻟﻤﺤﺒّﺔ ﻭﻳُﻌﺒّﺮُ ﻋﻨﻪ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺸّﻜﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻀﻮﺭ ﻣﻊ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﺈﻧّﻪ ﻳُﺆﺛّﺮ ﺳﻠﺒﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﻘﻮﻳّﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺤﺒﻴﺐ ﻭﺍﻟﻤﺤﺒﻮﺏ . ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺸّﺎﻋﺮ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ :
“ ﺇﺫﺍ ﺍﺷﺘﺪّ ﺍﻟﻬﻮﻯ ﻓﻲ ﻗﻠﺐِ ﺻﺐٍّ *** ﺗُﻨَﻔِّﺲُ ﻛُﺮْﺑﺔَ ﺍﻟﻌُﺸَّﺎﻕِ ﺁﻩُ ”
3 ) ﺃﻭﻗﺎﺕ ﺍﻟﻔﺮﺍﻍ ﻟﺪﻯ ﻋﺎﻣّﺔ ﺍﻟﻨّﺎﺱ ﺗُﻘَﻀَّﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻘﺎﻫﻲ ﻭﺍﻟﻨّﻮﺍﺩﻱ ﻹﺩﺭﺍﻛﻬﻢ ﺃﻥّ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻻ ﺑﺪّ ﺃﻥ ﻳُﻐﻴّﺮ ﺍﻷﺟﻮﺍﺀ ﻟﻴﺄﺧﺬ ﻧﻔﺴﺎ ﺟﺪﻳﺪﺍ . ﺃﻣّﺎ ﺍﻟﺼّﻮﻓﻴّﺔ ﻓﻨﺎﺩﻳﻬﻢ ﻭﺃﻭﻗﺎﺕ ﻓﺮﺍﻏﻬﻢ : ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﺎﺗﻬﻢ، ﻭﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨّﺎﺩﻱ ﻳﻔﻌﻠﻮﻥ ﻣﺎ ﺑﻮﺳﻌﻬﻢ ﻓﻲ ﻫﻮﺍﻳﺘﻬﻢ، ﻭﻳُﻨَﻔِّﺴُﻮﻥ ﻋﻦ ﺑﻮﺍﻃﻨﻬﻢ . ﻓﺈﺫﺍ ﺗﺼﻔّﺤﺖ َﻣﺠﺎﻟﺴﻬﻢ ﺗﺠﺪُﻩ ﻳﺒﺘﺪﻯﺀُ ﺑﺎﻟﻘﺮﺁﻥ، ﺗﻼﻭﺓ ﺑﻌﺪ ﺗﻼﻭﺓ، ﺑﺘﺠﻮﻳﺪٍ ﺭﺍﺋﻊ ﻭﺃﺩﺍﺀ ﺟﻤﻴﻞ . ﺛﻢّ ﻳﻘﻊ ﺍﻹﻧﺸﺎﺩ ﺑﺄﺻﻮﺍﺕ ﺭﻧّﺎﻧﺔ، ﻭ ﺑﻤﺤﺘﻮﻯ ﻭﺑﻤﻀﻤﻮﻥ ﻳُﺨﺒِﺮُ ﻋﻦ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺻﻔﺎﺗﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻭﻳﻨﺒﺌﻚ ﻋﻦ ﺷﻤﺎﺋﻞ ﺍﻟﺤﺒﻴﺐ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠّﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭ ﺳﻠّﻢ . ﻭﺍﻟﺤﺪﻳﺚَ ﻋﻦ ﺟﻨّﺔ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ ﻭﺟﻨّﺔ ﺍﻟﺰّﺧﺎﺭﻑ، ﻭﻣﺎ ﺃﻋﺪّﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻌﺒﺎﺩﻩ ﺍﻟﻤﺨﻠﺼﻴﻦ، ﺍﻟﻤﺼﻄﻔﻴْﻦ ﺍﻷﺧﻴﺎﺭ، ﻓﺘﺮﺍﻫﻢ ﻧﺸﺎﻭﻯ ﺑﻤﺎ ﺫُﻛِﺮَ، ﻭﺗﺮﺍﻫﻢ ﻳﺘﻔﺎﻋﻠﻮﻥ ﻣﻊ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻌﻮﻥ، ﻭﻳﺘﻤﺎﻳﻠﻮﻥ ﻭﻳﺘﻮﺍﺟﺪﻭﻥ، ﺣﺘّﻰ ﺗﺄﺗﻲَ ﻟﺤﻈﺔُ ﺍﻟﻌﺸﻖ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﺤﺒﻮﺏ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ، ﻭﺳﺎﻋﺔ ﺍﻟﻤﻨﺎﺟﺎﺓ ﻓَﻴَﻘُﻮﻣُﻮﻥَ ﻳﺬﻛﺮﻭﻥ ﺍﻟﻠﻪَ ﺑﻘﻠﻮﺑﻬﻢ، ﻭﺑﻜﻞّ ﻣﺎ ﺃ ُﻭﺗﻮﺍ ﻣﻦ ﺣﻀﻮﺭٍ ﻭﺍﺳﺘﻐﺮﺍﻕ .
ﺛﻢ ﻟﻨﺴﺘﻤﻊ ﻟﻺﻣﺎﻡ ﻋﻠﻲ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻛﻴﻒ ﻳﺼﻒ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻨّﺒﻲﺀ ﺻﻠّﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺃﺭﺃﻛﺔ “: ﺻﻠّﻴﺖ ﻣﻊ ﻋﻠﻲّ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﻔﺠﺮ، ﻓﻠﻤّﺎ ﺍﻧﻔﺘﻞ ﻋﻦ ﻳﻤﻴﻨﻪ ﻣﻜﺚ ﻛﺄﻥّ ﻋﻠﻴﻪ ﻛﺂﺑﺔ ،ﺣﺘّﻰ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺸّﻤﺲ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﺋﻂ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﻗﻴﺪ ﺭﻣﺢ ﺻﻠّﻰ ﺭﻛﻌﺘﻴﻦ ،ﺛﻢ ّﻗﻠﺐ ﻳﺪﻩ ﻓﻘﺎﻝ : ﻭ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻘﺪ ﺭﺃﻳﺖ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠّﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ،ﻓﻤﺎ ﺃﺭﻯ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺷﻴﺌﺎ ﻳﺸﺒﻬﻬﻢ ،ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺼﺒﺤﻮﻥ ﺻﻔﺮﺍ ﺷﻌﺜﺎ ﻏﺒﺮﺍ ،ﺑﻴﻦ ﺃﻳﺪﻳﻬﻢ ﻛﺄﻣﺜﺎﻝ ﺭُﻛَﺐ ﺍﻟﻤُﻌْﺰَﻯ ،ﻗﺪ ﺑﺎﺗﻮﺍ ﻟﻠﻪ ﺳﺠّﺪﺍ ﻭﻗﻴﺎﻣﺎ، ﻳﺘﻠﻮﻥ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﺘﺮﺍﻭﺣﻮﻥ ﺑﻴﻦ ﺟﺒﺎﻫﻬﻢ ﻭ ﺃﻗﺪﺍﻣﻬﻢ ،ﻓﺈﺫﺍ ﺃﺻﺒﺤﻮﺍ ﻓﺬﻛﺮﻭﺍ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﺎﺩﻭﺍ ( ﺃﻱ ﺗﺤﺮّﻛﻮﺍ ) ﻛﻤﺎ ﻳﻤﻴﺪ ﺍﻟﺸﺠﺮ ﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺮّﻳﺢ ،ﻭ ﻫﻤﻠﺖ ﺃﻋﻴﻨﻬﻢ ﺣﺘّﻰ ﺗﻨﺒﻞ ﻭ ﺍﻟﻠﻪ ﺛﻴﺎﺑﻬﻢ .” ﺫﻛﺮﻩ ﺍﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﻨّﻬﺎﻳﺔ .
ﻓﻼ ﻣﻼﻣﺔ ﺇﻥ ﻋﺒّﺮ ﺍﻟﺼّﻮﻓﻴّﺔ ﻋﻦ ﺷﻌﻮﺭﻫﻢ ﻓﻲ ﻧﺎﺩﻳﻬﻢ ﻛﻤﺎ ﻳﻔﻌﻞ ﺭُﻭّﺍﺩ ﺍﻟﻨّﻮﺍﺩﻱ ﻓﻲ ﻫﻮﺍﻳﺎﺗﻬﻢ ﺍﻟﻤﺘﻌﺪّﺩﺓ .
ﻓﻨﺤﻦ ﻣﻌﺸﺮ ﺍﻟﺼّﻮﻓﻴّﺔ ﻧﺸﺘﺮﻙ ﻣﻊ ﺇﺧﻮﺍﻧﻨﺎ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻓﻲ ﻛﻞّ ﺍﻟﻔﺮﺍﺋﺾ ﻭﻧُﺆﺩّﻳﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻷﻛﻤﻞ، ﻣﻦ ﺻﻼﺓ ﻭﺻﻴﺎﻡ، ﻭﺯﻛﺎﺓ ﻭﺣﺞّ . ﻳﻘﻮﻝ ﺳﻴّﺪﻱ ﺍﻟﻤﺪﺍﻧﻲ ﻗﺪّﺱ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺮّﻩ : “ ﺇﺫﺍ ﺟﺎﻟﺴﺖَ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻓﻼ ﺗﺠﻠﺲ ﻣﻌﻬﻢ ﺇﻻّ ﺑﻨﺼﻮﺹ ﺻﺤﻴﺤﺔ، ﻭ ﺇﺫﺍ ﺟﺎﻟﺴﺖ ﺍﻟﺰّﻫّﺎﺩ ﻓﺎﺟﻠﺲ ﻣﻌﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺑﺴﺎﻁ ﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺪﺓ ، ﻭ ﺇﺫﺍ ﺟﺎﻟﺴﺖ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﺴﻠّﻢ ﻟﻬﻢ ﺗُﺤﻀﻰ ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﻤﻜﻨﻮﻥ ”
ﻭﻣﺎ ﺯﺍﺩ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺮﺍﺋﺾ ﻭﺍﻷﺭﻛﺎﻥ ﻓﻬﻲ ﻣﻦ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻨّﻮﺍﻓﻞ ﻭﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ، ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﻘﺪﺳﻲ “ ﻭﻻ ﺯﺍﻝ ﻳﺘﻘﺮّﺏ ﺇﻟﻲّ ﺑﺎﻟﻨّﻮﺍﻓﻞ ﺣﺘّﻰ ﺃُﺣﺒّﻪ .” ﻭﻗﺪ ﺍﻋﺘﺒﺮﻫﺎ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ ﻣﻞﺀ ﺍﻟﻔﺮﺍﻍ ﻭﺗﻌﻤﻴﺮﻩ ﺑﻤﺎ ﺗﺮﺗﺎﺡ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻨّﻔﺲ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳّﺔ، ﻓﺎﻟﻨّﻔﺲ ﺗﻤﻞّ ﻓﻼ ﺑﺪّ ﻣﻦ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﻧﻮﻉ ﺍﻟﻄّﺎﻋﺔ . ﻓﻘﺪ ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ “: ﻟﻤّﺎ ﻋﻠِﻢ ﺍﻟﻠﻪُ ﻣﻨﻜﻢ ﺍﻟﻤَﻠﻞَ ﻟَﻮّﻥَ ﻟﻜﻢ ﺍﻟﻄّﺎﻋﺎﺕ .”
ﻓﻨﺠﺘﻤﻊ ﻣﻊ ﺑﻌﻀﻨﺎ ﻭﻳﻜﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﺑﺪﻳﻼ ﻟﻠﺒﻘﺎﺀ ﻓﻲ ﻧﻮﺍﺩ ﺃﺧﺮﻯ، ﻭﺍﻟﻤﺮﺍﻭﺣﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻔﻴﻨﺔ ﻭﺍﻷﺧﺮﻯ ﺍﻋﺘﻤﺎﺩﺍ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻟﻪ ﺻﻠّﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭ ﺳﻠّﻢ “: ﺭﻭّﺣﻮﺍ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﺳﺎﻋﺔ ﺑﻌﺪ ﺳﺎﻋﺔ، ﺇﻥّ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏَ ﺇﺫﺍ ﻛﻠّﺖ ﻋﻤِﻴَﺖ ” .
ﻭﻋﻼﻭﺓ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﻛﻠّﻪ ﻳﺠﺪ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﺼّﻮﻓﻴّﺔ ﻭﺷﺒﺎﺑُﻬﺎ ﺃﻳﻦ ﻳُﻘﻀّﻮﻥ ﻓﺘﺮﺓ ﻣﺮﺍﻫﻘﺘﻬﻢ ( ﻭﻣﺎ ﺃﺩﺭﺍﻙ ﻣﺎ ﻫﺘﻪ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ) ﻓﻲ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﻭﺍﻹﻧﺸﺎﺩ ﻟﺘُﺴﺘَﻐﻞَّ ﻫﺘﻪ ﺍﻟﻔُﺘُﻮّﺓُ ﻓﻲ ﻣﺤﺒّﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼّﻼﺓ ﻭ ﺍﻟﺴّﻼﻡ . ﻣﻊ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺃﻥّ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻗﺪ ﻓﺮﺽ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻧﻤﺎﻃﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀﺍﺕ، ﺛﻢّ ﻳﻠﻴﻬﺎ ﺣﺪﻳﺜﺎ ﻋﻤّﺎ ﺟﺮﻯ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺸّﺒﺎﺏ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻠﺘﻘﻴﺎﺕ ﻧﺴﺄﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺤﻔﻆ ﻟﻨﺎ ﻭﻷﺑﻨﺎﺋﻨﺎ . ﻓﻴﺠﺪ ﺍﻟﺸّﺎﺏ ﻭﺍﻻﺑﻦ ﺍﻟﺼّﻮﻓﻲ ﻧﻔﺴَﻪ ﺻﺎﺣﺐ ﺑﺪﻳﻞ، ﻭﺻﺎﺣﺐ ﺃﺟﻮﺍﺀ ﻣﻦ ﺍﻹﻧﺸﺎﺩ ﻭﺍﻟﺘّﺮﻓﻴﻪ، ﻭﺍﻟﻤﺮﺍﻭﺣﺔ ﺍﻟﻨّﺒﻴﻠﺔ ﻭﺍﻟﻬﺎﺩﻓﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺆﺳّﺲ ﻓﻴﻪ ﻭﻻﺀ ﺻﺎﺩﻗﺎ ﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﻠﻪ . ﻓﺘﺮﺍﻩ ﻻ ﻳﻔﻜّﺮ ﻓﻲ ﺍﺳﺘﺒﺪﺍﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺠﻮّ ﺍﻟﻤﻔﻌﻢ ﺑﺎﻟﻤﺤﺒّﺔ ﺍﻟﺨﺎﻟﺼﺔ ﻭﺍﻟﺘّﻨﺎﻏﻢ ﺍﻟﻤﻤﻠﻮﺀ ﺑﺎﻻﺣﺘﺮﺍﻡ ﻭﺍﻟﺘّﺒﺠﻴﻞ، ﻷﻥّ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﺼّﻮﻓﻴّﺔ ﻳﺴﺘﻮﻱ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺸّﺎﺏ ﻭ ﺍﻟﻜﻬﻞ، ﻭﺍﻟﺼّﻐﻴﺮ ﻭﺍﻟﻜﺒﻴﺮ، ﻭ ﺍﻟﻐﻨﻲّ ﻭﺍﻟﻔﻘﻴﺮ، ﻓﺘﺮﺍﻫﻢ ﻣﺘﺤﺎﺑّﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻪ . ﻭﻣﺎ ﺃﺭﻭﻉ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﺴّﻼﻡ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﺑﺘﻘﺒﻴﻞ ﺍﻷﻳﺎﺩﻱ، ﻭﻫﻲ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﻋﺮﺑﻮﻥ ﻣﺤﺒّﺔ ﻭﺍﺣﺘﺮﺍﻡ . ﻓﻤﻦ ﺍﻟﻤﻔﺎﺭﻗﺎﺕ ﺍﻟﻌﺠﻴﺒﺔ ﺃﻥ ﻳُﻘﺒّﻞ ﺍﻟﻐﻨﻲّ ﻳﺪ ﺍﻟﻔﻘﻴﺮ، ﻭﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﻲ ﻳﺪَ ﺃﺧﻴﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻄّﺎﻟﺐ ﻋﻨﺪﻩ ﺑﺎﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻠﻤﻴﺬ ﺑﺎﻟﻘﺴﻢ، ﻭ ﺍﻟﻜﻞّ ﻳﻔﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﺣﺘﺮﺍﻣﺎ ﻭﻗﻮّﺓ ﺇﻳﻤﺎﻥ ﻭﺗﻔﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻹﺧﺎﺀ ﻭﺍﻟﻤﺤﺒّﺔ . ﺍﻣﺘﺜﺎﻻ ﻟﻘﻮﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼّﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴّﻼﻡ : “ ﻣﺜﻞُ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻓﻲ ﺗﻮﺍﺩﺩﻫﻢ ﻭﺗﺮﺍﺣﻤﻬﻢ ﻭﺗﻌﺎﻃﻔﻬﻢ، ﻛﻤﺜﻞ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ، ﺇﺫﺍ ﺍﺷﺘﻜﻰ ﻣﻨﻪ ﻋﻀﻮ ﺗﺪﺍﻋﻰ ﻟﻪ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﺑﺎﻟﺴّﻬﺮ ﻭﺍﻟﺤُﻤّﻰ .”
4 ) ﺇﻥّ ﺍﻟﺘّﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺋﻴّﺔ ﻵﻟﺔ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭ ﺗُﻮﺣﻲ ﻟﻨﺎ ﺑﺄﻣﺮ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻧﻘﻒ ﻋﻨﺪﻩ . ﻓﺨﺬ ﻣﺜﻼ ﺁﻟﺔ ﺿﻐﻂ ﺗﻌﻤﻞ ﺑﺎﻟﺒﺨﺎﺭ ، ﻭ ﺍﻟﺨﺰّﺍﻥ ( la chaudière à vapeur ) ﺑﺪﺍﺧﻠﻪ ﻣﺎﺀ ﻳﺸﺘﻌﻞ ﺑﺪﺭﺟﺔ ﺣﺮﺍﺭﺓ ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ ، ﻓﺈﻥ ﻧﺤﻦ ﺃﻏﻠﻘﻨﺎ ﻣﻨﻔﺴﻪ ، ﻳﻤﻜﻦ ﺑﺘﺄﺛﻴﺮ ﺍﻟﻀّﻐﻂ ﺃﻥ ﻳﻨﻔﺠﺮ، ﻭ ﺇﻥ ﻧﺤﻦ ﺍﺳﺘﻌﻤﻠﻨﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭ ﻭﺃﻭﺻﻠﻨﺎﻩ ﺑﺂﻟﺔ ﺍﺳﺘﺨﺮﺟﻨﺎ ﻣﻨﻪ ﻃﺎﻗﺔ ﺗُﺴﺘﻐﻞ .
ﻭﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻗﻴﺎﺱ، ﻭ ﻛﻤﺎ ﻗﻴﻞ “ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺐّ ﻣﺎ ﻗﺘﻞ ” ﻭ ﻗﻴﻞ ﺃﻳﻀﺎ “ ﻭ ﺍﻟﻜﻼﻡُ ﻛﺎﻟﺴّﻬﺎﻡِ ﻗﺎﻃﻊ ﺃﻋﻨﺎﻕ ﺍﻟﻨَّﻔﺲ .” ﻭ ﺟﻤﻊ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻋﻦ ﺍﻟﺤﻀﺮﺓ ﺍﻹﻻﻫﻴّﺔ، ﻭﺍﻟﺤﻀﺮﺓ ﺍﻟﻤﺤﻤّﺪﻳّﺔ ﻣﺎ ﻳُﻬﻴّﻢُ ﺍﻟﻔﺮﺩَ ﻭﻳﺠﻌﻠﻪ ﻣﺸﺘﺎﻗﺎ ﻳﺘﻠﻮّﻯ ﻣﻦ ﻧﺎﺭ ﺍﻟﻤﺤﺒّﺔ ﻭ ﺍﻟﺸّﻮﻕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰّ ﻭﺟﻞّ . ﻓﻬﺬﺍ ﺍﻟﻐﻠﻴﺎﻥ ( ﺍﻟﻤﺸﺎﺑﻪ ﻟﻐﻠﻴﺎﻥ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺰّﺍﻥ ) - ﺇﺫﺍ ﻧﺤﻦ ﻟﻢ ﻧﺠﺪ ﻟﻪ ﻣﻨﻔّﺴﺎ ﻟﻴُﺴﺘﻐﻞّ، ﻭﻳﺴﺮﻱ ﻧﻮﺭُﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ ﺑﻮﺟﻮﺩ ﺗﺴﺒﻴﺢ ﺧﺎﺹ ﺧﺎﺭﻕ ﻟﻠﻌﺎﺩﺓ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻤﻌﻨّﻰ ﺑﺬﻛﺮ ﺇﺳﻢ ﺍﻟﺼّﺪﺭﺁﻩ ( ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﻔﻘﻬﻪ ﺇﻻّ ﺍﻟﻘﻠﻴﻞ ) - ﻓﻠﺮﺑّﻤﺎ ﻭﻗﻊ ﻋﻜﺲ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻧﻔﺠﺎﺭ ﺩﺍﺧﻠﻲ ﻭﺭﺑّﻤﺎ ﺗﻼﻩ ﻛﺒﺖ ﻃﻮﻳﻞ ﻣﺴﺘﻤﺮ، ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻋﻠﻢ ﺑﻨﻬﺎﻳﺘﻪ . ﻭﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ : ﻣﻦ ﺍﻟﺸّﻮﻕ ﻭﺍﻟﺤﺮﻗﺔ ﻣﺎ ﻳُﻔﺴّﺮ ﺳﺒﺒﻪ . ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ’ ﺧﻠﻔﺎﺀ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ’ ﺻﻠّﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠّﻢ ﻟﻠﻜﺎﺗﺐ ﺧﺎﻟﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺧﺎﻟﺪ ﻓﻲ ﺳﺮﺩﻩ ﻟﺴﻴﺮﺓ ﺍﻟﺼّﺤﺎﺑﻲ ﺍﻟﺠﻠﻴﻞ ﺳﻴّﺪﻧﺎ ﺃﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻭ ﺭﻭﺗﻪ ﻋﻨﻪ ﺍﺑﻨﺘﻪ ﺍﻟﺴّﻴﺪﺓ ﺃﺳﻤﺎﺀ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﻌﺒّﺪ ﺃﺑﻴﻬﺎ ،ﻗﺎﻟﺖ : “ ﻭ ﻛﻨﺖُ ﺃﺷﺘَﻢُّ ﺭﺍﺋﺤﺔَ ﻛﺒِﺪٍ ﺗُﺸﻮَﻯ ” ... ؟ ﻣﻦ ﻓﺮﻁ ﻭﺟﺪﻩ ﻭﺣﻀﻮﺭﻩ ﻣﻊ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ .
5 ) ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﺒﻜﺎﺀ ﻭﺍﻟﻔﺮﺡ ﺗﻜﺜﺮ ﺩﻗّﺎﺕ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻋﺎﺩﻱّ، ﻭﻻ ﺑﺪ ﻟﻬﺘﻪ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﻮﻟﻮﺟﻴّﺔ ﻣﻦ ﺗﻌﺪﻳﻞ ﺁﻟﻲ، ﺑﻤﻌﻨﻰ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﻗﺪﺭ ﻛﺎﻑ ﻣﻦ ﺍﻷﻛﺴﻴﺠﻴﻦ ﻟﻴﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺪّﻭﺭﺓ ﺍﻟﺪّﻣﻮﻳّﺔ . ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻳُﻔﺴّﺮ ﺍﻟﺘّﻨﻔّﺲ ﺑﻘﻮّﺓ ﻭﺑﺴﺮﻋﺔ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﻌﺪّﺍﺀ ﻋﻨﺪ ﺟﺮﻳﻪ ( ﻓﺘﺮﻯ ﺣﺎﻟﻪ ﻛﺄﻧّﻪ ﻳﺬﻛﺮ ﺇﺳﻢ ﺍﻟﺼّﺪﺭ ﺁﻩ ﺑﺪﻭﻥ ﻛﻠﻔﺔ ﻭ ﺑﺼﻮﺕ ﻣﺮﺗﻔﻊ ) . ﻓﺴﺒﺤﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﻟﻬﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻕ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨّﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﺘّﻨﻔّﺲ ﻟﺘﺴﺘﻘﻴﻢ ﺣﺎﻟﻪ . ﺃﻟﻢ ﻧﻘﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﺃﻧّﻪ ﺇﺳﻢ ﻗﻬﺮﻱّ ﺃﻟﻬﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺟﻤﻴﻊ ﺧﻠﻘﻪ ﻟﻴُﺘﻨﻔّﺲ ﻋﻨﻬﻢ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻤﻠﻤّﺎﺕ . ﻭ ﺳﻞ ﻣﻦ ﻳﻨﻜﺮ ﻫﺬﺍ ﺃﻥ ﻳﺄﺗﻲَ ﺑﺈﺳﻢ ﺁﺧﺮ ﻟﻴﺘﻢّ ﺗﻌﺪﻳﻞ ﻫﺘﻪ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻄّﺒﻴﻌﻴّﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻭﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻥ ﻭﺑﻘﻴّﺔ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ؟
ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ ﺣﺎﻻﺕ ﺍﻟﻔﺮﺡ ﻭ ﺍﻟﺘّﺮﺡ، ﻳﺨﻔُﻖُ ﺍﻟﻘﻠﺐُ ﻛﺜﻴﺮﺍ، ﻭﺧﺎﺻّﺔ ﺇﺫﺍ ﺫُﻛﺮ ﺍﻟﺤﺒﻴﺐُ ﻭﺍﺷﺘﻴﻖ ﺇﻟﻴﻪ، ﻓﻼ ﺑﺪ ﺇﺫﺍ ﻣﻦ ﺗﻨﻔّﺲ ﻗﻮﻱّ ( ﺑﻤﻌﻨﻰ ﻓﻴﺰﻳﺎﺋﻲ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﻣﺮﻭﺣﺔ ( ventilateur ) ﺗﻠَﻄِﻒُ ﻭﻫﺞَ ﻗﻠﺐِ ﺍﻟﻤﺤﺐّ . ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﻭﺣﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﺤﻀﺮﺓ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺼّﻮﻓﻴّﺔ، ﻭ ﺗُﺴﻤّﻰ ﻋﻨﺪ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﺑﺎﻟﻌِﻤﺎﺭﺓ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﺼّﺪﺭ ﺁﻩ . ﻟﻴﺘﻢّ ﺍﻟﺘّﻮﺍﺯﻥ ﺍﻟﺤﺮﺍﺭﻱ ، ﻭﻛﺄﻧّﻪ ﺗﻜﻴﻴﻒ ﺭﺑّﺎﻧﻲّ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭﻣﺤﺒﻮﺑﻪ، ﻓﻬﻮ ﻣﻜﻴّﻒ ﻣﻌﺪَّﻝ ﺑﺎﻟﻘﺪﺭﺓ ﺍﻟﺮّﺑّﺎﻧﻴّﺔ، ﻛﻠّﻤﺎ ﺍﺯﺩﺍﺩﺕ ﺣﺮﺍﺭﺓ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﻭ ﺍﻟﻌﺮﻭﺝ ﻭﺍﻟﻤﻨﺎﺟﺎﺓ ﻛﻠّﻤﺎ ﺍﺯﺩﺍﺩ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﺼّﺪﺭ ﺁﻩ ﺣﺘّﻰ ﻳﻜﺜﺮ ﺍﻷﻛﺴﺠﻴﻦ ﺑﺎﻟﺪّﺍﺧﻞ، ﻭﻳﺘﺴﺮّﺏ ﺛﺎﻧﻲ ﻏﺎﺯ ﺍﻟﻜﺮﺑﻮﻥ، ﻭﻳﺠﺪ ﺍﻟﻘﻠﺐُ ﺗﻮﺍﺯﻧﻪ ﻓﻲ ﺣﺎﻻﺕ ﺍﻟﻔﺮﺡ ﻭﺍﻟﺘّﺮﺡ ﻟﻴُﺆﺩّﻱ ﺍﻟﻮﻇﻴﻔﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺭﺍﺩﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻪ . ﻭﻣﻤّﺎ ﻳُﻔﺴّﺮ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ ﺍﻟﻤﻮﺕَ ﺇﺛﺮ ﺳﻜﺘﺔ ﻗﻠﺒﻴّﺔ ﻋﻠﻰ ﻏﺮﺍﺭ ﻓﺮﺡ ﺃﻭ ﻣﺼﻴﺒﺔ ﻣﻔﺎﺟﺌﺔ ﺃﻥّ ﺩﻗّﺎﺕ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺯﺍﺩﺕ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﺘﻮﻗّﻊ ﻭ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﻏﻴﺮ ﻣﻨﺘﻈﺮﺓ ﺛﻢّ ﻟﻢ ﻳﺘﻮﻓّﺮ ﺍﻟﺘّﻨﻔّﺲ ﺍﻟﻜﺎﻓﻲ ( ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻳﻔﺴّﺮ ﻗﻮﻟﻨﺎ ﻟﻠﻤﻐﻤﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺣﺎﻭﻝ ﺃﻥ ﺗﺘﻨﻔّﺲ ﺑﻘﻮّﺓ ) ﻭ ﺑﺎﻟﺘّﺎﻟﻲ ﻻ ﺗﺘﻮﻓّﺮ ﺍﻟﻜﻤّﻴﺔ ﺍﻟﻜﺎﻓﻴﺔ ﻟﻸﻛﺴﺠﻴﻦ . ﻓﻴﺎ ﺳﺒﺤﺎﻥ ﻣﻦ ﺧﻠﻖ ﻭﻗﺪّﺭ ﻭﺟﻌﻞ ﻟﻜﻞ ﺃﻣﺮ ﻗﺪﺭﺍ . ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺤﻖّ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻓﻲ ﺳﻮﺭﺓ ﻃﻪ . ﺍﻵﻳﺔ :50 “ ﻗﺎﻝ ﺭﺑّﻨﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻋﻄﻰ ﻛﻞَّ ﺷﻲﺀ ﺧﻠﻘﻪ ﺛﻢّ ﻫﺪﻯ .”
- ﺍﻟﺨﺎﺗﻤﺔ
ﻭﻣﻤّﺎ ﺗﺒﻴّﻦ ﺳﻠﻔﺎ ﻣﻦ ﺃﺩﻟّﺔ ﻧﻘﻠﻴّﺔ ﻭﻋﻘﻠﻴّﺔ، ﻧﺠﺪ ﺃﻥّ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﺼّﻮﻓﻴّﺔ ﻣﻮﺛّﻘﺔ ﻭﺫﺍﺕُ ﻣﻨﺤﻰ ﺷﺮﻋﻲ ﻭﻭﺍﻗﻌﻲ، ﻟﻴﺴﺘﻤﺮّ ﻋﻄﺎﺅﻫﻢ ﺃﻻ ﻣﺤﺪﻭﺩ ﻭﻟﻴﺘﻔﺎﻧﻮﺍ ﻓﻲ ﺫﻛﺮ ﺭﺑّﻬﻢ ﻣﺎ ﺃﻭﺗﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻚ ﺳﺒﻴﻼ ﻟﻴﺼﺪﻕ ﻓﻴﻬﻢ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : “ ﻭ ﺍﻟﺬﺍﻛﺮﻳﻦ ﺍﻟﻠﻪَ ﻛﺜﻴﺮًﺍ ﻭ ﺍﻟﺬﺍﻛﺮﺍﺕ ﺃﻋﺪّ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻬﻢ ﻣﻐﻔِﺮﺓ ﻭﺃﺟﺮﺍ ﻋﻈﻴﻤﺎ ” ﺳﻮﺭﺓ : ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ . ﺁﻳﺔ .35:
ﻭﻻ ﻏﺮﺍﺑﺔ ﺇﻥ ﺳُﻤّﻮﺍ ﺑﺄﻫﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺬﺍﻛﺮﻳﻦ، ﻭﺍﻟﻐﺎﻟﺐ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﻬﻢ ﺫﻛﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻣﺪﺍﺭﺳﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﻪ ﺣﻔﻈﺎ ﻭﺗﻔﺴﻴﺮﺍ . ﺟﺎﺀ ﻋﻦ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠّﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭ ﺳﻠّﻢ “: ﺇﻥّ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﺗﺼﺪﺃ ﻛﻤﺎ ﻳﺼﺪﺃ ﺍﻟﺤﺪﻳﺪ ” ﻗﻴﻞ ﻭﻣﺎ ﺟﻼﺅﻫﺎ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ؟ ﻗﺎﻝ “: ﺫﻛﺮ ُ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺗﻼﻭﺓ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ .” ﻭﻣﻦ ﺛﻤﺮﺍﺕ ﺫﻛﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻤﺘﻨﻮّﻉ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﺼّﻮﻓﻴّﺔ ﺣﺮﺻﻬﻢ ﺍﻟﺸّﺪﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﺍﻟﺸّﺮﻳﻌﺔ، ﻭ ﺍﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﻇﺎﻫﺮﺍ ﻭﺑﺎﻃﻨﺎ ﻓﻲ ﺧُﻠُﻘِﻬﻢ . ﻟﺬﻟﻚ ﺗﺮﻯ ﺃﺧﻼﻗﻬﻢ ﺃﺧﻼﻗﺎ ﻧﺒﻮﻳّﺔ، ﻭﻣﻈﺎﻫﺮ ﻣﺤﻤّﺪﻳّﺔ ﺗﺪﺏّ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻷﺭﺽ، ﻭﺗﺮﺍﻫﻢ ﻓﻲ ﻣﻮﺍﻗﻊ ﻣﺘﻌﺪّﺩﺓ ﻟﻨﻔﻊ ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺃﺋﻤّﺔ، ﻭﺧﻄﺒﺎﺀ، ﻭ ﻭﻋّﺎﻅ، ﻭﻣﺮﺷﺪﻳﻦ . ﻭﺻﺪﻕ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﻓﻲ ﺣﻘّﻬﻢ “: ﺃﻓﻀﻞ ﺍﻟﺪّﻋﺎﺓ ﻣﻦ ﺗﺮﺑّﻰ ﻓﻲ ﺃﺣﻀﺎﻥ ﺍﻟﺼّﻮﻓﻴّﺔ .....”
ﻧﺴﺄﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺩﻭﺍﻡ ﺍﻟﻌﺎﻓﻴﺔ، ﻭﻧﺴﺄﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻘﺪﻳﺮ ﺃﻥ ﻳﻨﻔﻌﻨﺎ ﺑﻤﺎ ﻋﻠّﻤﻨﺎ، ﻭﺃﻥ ﻳﺒﺎﺭﻙ ﻟﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺘّﺼﻮّﻑ ﻭﺃﻫﻠﻪ ﻭﺃﻥ ﻳﺮﻓﻌﻨﺎ ﺑﺬﻛﺮﻧﺎ، ﻭﺃﻥ ﻳﻤﺘّﻌﻨﺎ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻋﻨﺪ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺫﻛﺮﻭﺍﺟﺘﻤﺎﻉ . ﺇﻧّﻪ ﻧﻌﻢ ﺍﻟﻤﻮﻟﻰ ﻭﻧﻌﻢ ﺍﻟﻨّﺼﻴﺮ ﻭﺻﻠّﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺳﻴّﺪ ﺍﻷﻭّﻟﻴﻦ ﻭﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﺳﻴّﺪﻧﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺍﻟﻄّﺎﻫﺮ ﺍﻟﺒﺸﻴﺮ ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ ﻭﺳﻠﻢ .
ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺍﻟﻀﻌﻴﻒ : ﺃﺑﻮ ﺣﺎﺯﻡ ﺍﻟﻄﺎﻫﺮﻱ ﺍﻟﻤﺪﺍﻧﻲ ﻏﻔﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻪ ﻭﻹﺧﻮﺍﻧﻪ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻣﺎﺭﺱ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق