حكم الذكر باسم الضمير ( هو )
الحمدلله ﺑﺴﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ،
" ﻭ ﺻﻞ ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻭ ﺳﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﻸﺕ ﻗﻠﺒﻪ ﻣﻦ ﺟﻼﻟﻚ ﻭ ﻋﻴﻨﻪ ﻣﻦ ﺟﻤﺎﻟﻚ ؛ ﻓﺄﺻﺒﺢ ﻓﺮﺣﺎ ﻣﺆﻳﺪﺍ ﻣﻨﺼﻮﺭﺍ، ﻭ ﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ ﻭ ﺻﺤﺒﻪ ﻭ ﺳﻠﻢ ﺗﺴﻠﻴﻤﺎ ... ﻭ ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ "
ﻫﺬﺍ ﻛﻼﻡ ﻧﻔﻴﺲ ﻋﺮﻓﺎﻧﻲ ﺭﺍﻗﻲ ﺣُﻖَّ ﻟﻪ ﺃﻥ ﻳﻜﺘﺐ ﺑﻤﺎﺀ ﺍﻟﺬﻫﺐ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﺑﺎﺳﻤﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ " ﻫﻮ "
ﻟﻺﻣﺎﻡ ﻣﺠﺪﺩ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﺍﻟﻬﺠﺮﻱ ﺍﻟﻤﻔﺴﺮ ﻭ ﺍﻟﻔﻘﻴﻪ ﻭ ﺍﻷﺻﻮﻟﻲ ﻓﺨﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ ﺭﺣﻤﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ...
ﻣﻘﺘﻄﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺠﻠﺪ 1/17 ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺍﻟﻔﺎﺗﺤﺔ ﻣﻦ ﺗﻔﺴﻴﺮﻩ ﺍﻟﻤﺴﻤﻰ
" ﻣﻔﺎﺗﻴﺢ ﺍﻟﻐﻴﺐ " ﺃﻭ " ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ..."
ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻟﺘﺎﺳﻊ
ﻓﻲ ﺍﻷﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﺤﺎﺻﻠﺔ ﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﻦ ﺑﺎﺏ ﺍﻷﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﻤﻀﻤﺮﺓ
ﺍﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﻷﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﻤﻀﻤﺮﺓ ﺛﻼﺛﺔ : ﺃﻧﺎ ﻭ ﺃﻧﺖ ﻭ ﻫﻮ . ﻭﺃﻋﺮﻑ ﺍﻷﻗﺴﺎﻡ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﻗﻮﻟﻨﺎ :
- ﺃﻧﺎ، ﻷﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻟﻔﻆ ﻳﺸﻴﺮ ﺑﻪ ﻛﻞ ﺃﺣﺪ ﺇﻟﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﻭ ﺃﻋﺮﻑ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ ﻋﻨﺪ ﻛﻞ ﺃﺣﺪ ﻧﻔﺴﻪ، ﻭ ﺃﻭﺳﻂ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻗﺴﺎﻡ ﻗﻮﻟﻨﺎ :
- ﺃﻧﺖ، ﻷﻥ ﻫﺬﺍ ﺧﻄﺎﺏ ﻟﻠﻐﻴﺮ ﺑﺸﺮﻁ ﻛﻮﻧﻪ ﺣﺎﺿﺮﺍ ﻓﻸﺟﻞ ﻛﻮﻧﻪ ﺧﻄﺎﺑﺎ ﻟﻠﻐﻴﺮ ﻳﻜﻮﻥ ﺩﻭﻥ ﻗﻮﻟﻪ ﺃﻧﺎ ﻭ ﻷﺟﻞ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﺮﻁ ﻓﻴﻪ ﻛﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﺨﺎﻃﺐ ﺣﺎﺿﺮﺍ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻗﻮﻟﻪ :
- ﻫﻮ، ﻓﺜﺒﺖ ﺃﻥ ﺃﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗﺴﺎﻡ ﻫﻮ ﻗﻮﻟﻪ : ﺃﻧﺎ ﻭ ﺃﻭﺳﻄﻬﺎ : ﺃﻧﺖ ﻭ ﺃﺩﻧﺎﻫﺎ : ﻫﻮ . ﻭ ﻛﻠﻤﺔ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻭﺭﺩﺕ ﺑﻜﻞ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ :
.1 ﺃﻣﺎ ﻟﻔﻆ ﺃﻧﺎ ؛ ﻓﻘﺎﻝ ﻓﻲ ﺃﻭﻝ ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻨﺤﻞ : " } ﺃﻥ ﺃﻧﺬﺭﻭﺍ ﺃﻧﻪ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺃﻧﺎ { " [ ﺍﻟﻨﺤﻞ : 2 ] ﻭ ﻓﻲ ﺳﻮﺭﺓ ﻃﻪ : " } ﺇﻧﻨﻲ ﺃﻧﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺃﻧﺎ { " [ ﻃﻪ : 14 ]
.2 ﻭ ﺃﻣﺎ ﻟﻔﻆ ﺃﻧﺖ ﻓﻘﺪ ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ : " } ﻓﻨﺎﺩﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﻈﻠﻤﺎﺕ ﺃﻥ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺃﻧﺖ { " [ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ : 87 ]
ﻭﺃﻣﺎ ﻟﻔﻆ ﻫﻮ ؛ ﻓﻘﺪ ﺟﺎﺀ ﻛﺜﻴﺮﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺃﻭﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ : " } ﻭﺇﻟﻬﻜﻢ ﺇﻟﻪ ﻭﺍﺣﺪ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﻫﻮ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ { " [ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ : 163 ] ﻭﺁﺧﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﺰﻣﻞ ﻭ ﻫﻮ ﻗﻮﻟﻪ : " } ﺭﺏ ﺍﻟﻤﺸﺮﻕ ﻭﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﻫﻮ ﻓﺎﺗﺨﺬﻩ ﻭﻛﻴﻼ { " [ ﺍﻟﻤﺰﻣﻞ : 9 ]
ﻭﺃﻣﺎ ﻭﺭﻭﺩ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﻣﻘﺮﻭﻧﺎ ﺑﺎﺳﻢ ﺁﺧﺮ ﺳﻮﻯ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ ؛ ﻓﻬﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﻜﺎﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻦ ﻓﺮﻋﻮﻥ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ : " } ﺁﻣﻨﺖ ﺃﻧﻪ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﺬﻱ ﺁﻣﻨﺖ ﺑﻪ ﺑﻨﻮ ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ { " [ ﻳﻮﻧﺲ : 90 ] ﺛﻢ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﻣﺎ ﻗﺒﻠﺖ ﻣﻨﻪ .
ﺇﺫﺍ ﻋﺮﻓﺖ ﻫﺬﺍ ؛ ﻓﻠﻨﺬﻛﺮ ﺃﺣﻜﺎﻡ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻗﺴﺎﻡ ﻓﻨﻘﻮﻝ : ﺃﻣﺎ ﻗﻮﻟﻪ : ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺃﻧﺎ ؛ ﻓﻬﺬﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﺑﻪ ﺃﺣﺪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻭ ﻣﻦ ﻳﺬﻛﺮﻩ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻠﻪ ؛ ﻷﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺗﻘﺘﻀﻲ ﺇﺛﺒﺎﺕ ﺍﻹﻟﻬﻴﺔ ﻟﺬﻟﻚ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ ﻭﺫﻟﻚ ﻻ ﻳﻠﻴﻖ ﺇﻻ ﺑﺎﻟﻠﻪ - ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ - ﻭﺍﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﻣﺸﺮﻭﻃﺔ ﺑﻤﻌﺮﻓﺔ ﻗﻮﻟﻪ : ﺃﻧﺎ ﻭ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻤﺎﻡ ﻭﺍﻟﻜﻤﺎﻝ ﻻ ﺗﺤﺼﻞ ﺇﻻ ﻟﻠﺤﻖ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭ ﺗﻌﺎﻟﻰ ؛ ﻷﻥ ﻋﻠﻢ ﻛﻞ ﺃﺣﺪ ﺑﺬﺍﺗﻪ ﺍﻟﻤﺨﺼﻮﺻﺔ ﺃﻛﻤﻞ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﻏﻴﺮﻩ ﺑﻪ ﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﻓﻲ ﺣﻖ ﺍﻟﺤﻖ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﺜﺒﺖ ﺃﻥ ﻗﻮﻟﻪ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺃﻧﺎ ﻟﻢ ﻳﺤﺼﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻜﻤﺎﻝ ﺇﻻ ﻟﻠﺤﻖ ﺗﻌﺎﻟﻰ .
ﻭ ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻭ ﻫﻲ ﻗﻮﻟﻪ : ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺃﻧﺖ ؛ ﻓﻬﺬﺍ ﻳﺼﺢ ﺫﻛﺮﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺒﺪ ؛ ﻟﻜﻦ ﺑﺸﺮﻁ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺣﺎﺿﺮﺍ ﻻ ﻏﺎﺋﺒﺎ : ﻟﻜﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺇﻧﻤﺎ ﺍﺗﻔﻖ ﺣﺼﻮﻟﻬﺎ ﻟﻴﻮﻧﺲ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻨﺪ ﻏﻴﺒﺘﻪ ﻋﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻈﻮﻅ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭ ﻫﺬﺍ ﺗﻨﺒﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﺼﺮ ﻏﺎﺋﺒﺎ ﻋﻦ ﻛﻞ ﺍﻟﺤﻈﻮﻅ ﻻ ﻳﺼﻞ ﺇﻟﻰ ﻣﻘﺎﻡ ﺍﻟﻤﺸﺎﻫﺪﺓ ﻭ ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻭ ﻫﻲ ﻗﻮﻟﻪ : ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﻫﻮ ؛ ﻓﻬﺬﺍ ﻳﺼﺢ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺎﺋﺒﻴﻦ .
ﻭ ﺍﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﺩﺭﺟﺎﺕ ﺍﻟﺤﻀﻮﺭ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺑﺎﻟﻘﺮﺏ ﻭ ﺍﻟﺒﻌﺪ ﻭﻛﻤﺎﻝ ﺍﻟﺘﺠﻠﻲ ﻭ ﻧﻘﺼﺎﻧﻪ ﻭﻛﻞ ﺩﺭﺟﺔ ﻧﺎﻗﺼﺔ ﻣﻦ ﺩﺭﺟﺎﺕ ﺍﻟﺤﻀﻮﺭ ؛ ﻓﻬﻲ ﻏﻴﺒﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻭ ﻟﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺩﺭﺟﺎﺕ ﺍﻟﺤﻀﻮﺭ ﻏﻴﺮ ﻣﺘﻨﺎﻫﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺮﺍﺗﺐ ﺍﻟﻜﻤﺎﻻﺕ ﻭ ﺍﻟﻨﻘﺼﺎﻧﺎﺕ ﻏﻴﺮ ﻣﺘﻨﺎﻫﻴﺔ ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺩﺭﺟﺎﺕ ﺍﻟﺤﻀﻮﺭ ﻭ ﺍﻟﻐﻴﺒﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﺘﻨﺎﻫﻴﺔ ﻓﻜﻞ ﻣﻦ ﺻﺪﻕ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻧﻪ ﺣﺎﺿﺮ ﻓﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﺁﺧﺮ ﻳﺼﺪﻕ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻧﻪ ﻏﺎﺋﺐ ﻭ ﺑﺎﻟﻌﻜﺲ ﻭ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ :
( ﺃﻳﺎ ﻏﺎﺋﺒﺎ ﺣﺎﺿﺮﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺆﺍﺩ ﺳﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻐﺎﺋﺐ ﺍﻟﺤﺎﺿﺮ )
ﻭ ﻳﺤﻜﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﺒﻠﻲ ﻟﻤﺎ ﻗﺮﺑﺖ ﻭﻓﺎﺗﻪ ﻗﺎﻝ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺤﺎﺿﺮﻳﻦ : ﻗﻞ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻘﺎﻝ :
( ﻛﻞ ﺑﻴﺖ ﺃﻧﺖ ﺣﺎﺿﺮﻩ ﻏﻴﺮ ﻣﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﺮﺝ )
( ﻭﺟﻬﻚ ﺍﻟﻤﺄﻣﻮﻝ ﺣﺠﺘﻨﺎ ﻳﻮﻡ ﺗﺄﺗﻲ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺎﻟﺤﺠﺞ )
ﻭ ﺍﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﻟﻔﻆ ﻫﻮ ﻓﻴﻪ ﺃﺳﺮﺍﺭ ﻋﺠﻴﺒﺔ ﻭ ﺃﺣﻮﺍﻝ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻓﺒﻌﻀﻬﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺷﺮﺣﻪ ﻭ ﺗﻘﺮﻳﺮﻩ ﻭ ﺑﻴﺎﻧﻪ ﻭ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ .
ﻗﺎﻝ ﻣﺼﻨﻒ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ( ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻓﺨﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ ) :
ﻭ ﺃﻧﺎ ﺑﺘﻮﻓﻴﻖ ﺍﻟﻠﻪ ﻛﺘﺒﺖ ﺃﺳﺮﺍﺭﺍ ﻟﻄﻴﻔﺔ ﺇﻻ ﺃﻧﻲ ﻛﻠﻤﺎ ﺃﻗﺎﺑﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺔ ﺑﻤﺎ ﺃﺟﺪﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻬﺠﺔ ﻭ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﻋﻨﺪ ﺫﻛﺮ ﻛﻠﻤﺔ ﻫﻮ ﺃﺟﺪ ﺍﻟﻤﻜﺘﻮﺏ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﻤﺸﺎﻫﺪﺓ ﺣﻘﻴﺮﺍ ﻓﻌﻨﺪ ﻫﺬﺍ ﻋﺮﻓﺖ ﺃﻥ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺗﺄﺛﻴﺮﺍ ﻋﺠﻴﺒﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻻ ﻳﺼﻞ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺇﻟﻴﻪ ﻭ ﻻ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺍﻟﺸﺮﺡ ﺇﻟﻴﻪ ﻓﻠﻨﻜﺘﺐ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺫﻛﺮﻩ ﻓﻨﻘﻮﻝ : ﻓﻴﻪ ﺃﺳﺮﺍﺭ :
ﺍﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ :
ﺃﻥ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺇﺫﺍ ﻗﺎﻝ : ﻳﺎ ﻫﻮ ﻓﻜﺄﻧﻪ ﻳﻘﻮﻝ : ﻣﻦ ﺃﻧﺎ ﺣﺘﻰ ﺃﻋﺮﻓﻚ ﻭ ﻣﻦ ﺃﻧﺎ ﺣﺘﻰ ﺃﻛﻮﻥ ﻣﺨﺎﻃﺒﺎ ﻟﻚ ﻭ ﻣﺎ ﻟﻠﺘﺮﺍﺏ ﻭ ﺭﺏ ﺍﻷﺭﺑﺎﺏ ﻭ ﺃﻱ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺘﻮﻟﺪ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﻄﻔﺔ ﻭ ﺍﻟﺪﻡ ﻭ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﻮﺻﻮﻑ ﺑﺎﻷﺯﻟﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﻘﺪﻡ ؟ ﻓﺄﻧﺖ ﺃﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺎﺕ ﻭ ﺃﻧﺖ ﻣﻘﺪﺱ ﻋﻦ ﻋﻼﺋﻖ ﺍﻟﻌﻘﻮﻝ ﻭ ﺍﻟﺨﻴﺎﻻﺕ ﻓﻠﻬﺬﺍ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﺧﺎﻃﺒﻪ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺑﺨﻄﺎﺏ ﺍﻟﻐﺎﺋﺒﻴﻦ ؛ ﻓﻘﺎﻝ : ﻳﺎ ﻫﻮ .
ﺍﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ :
ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻛﻤﺎ ﺩﻝ ﻋﻠﻰ ﺇﻗﺮﺍﺭ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺎﻟﺪﻧﺎﺀﺓ ﻭ ﺍﻟﻌﺪﻡ ؛ ﻓﻔﻴﻪ ﺃﻳﻀﺎ ﺩﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﺃﻗﺮ ﺑﺄﻥ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺳﻮﻯ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ؛ ﻓﻬﻮ ﻣﺤﺾ ﺍﻟﻌﺪﻡ ؛ ﻷﻥ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ ﺇﺫﺍ ﻗﺎﻝ : ﻳﺎ ﻫﻮ ﻓﻠﻮ ﺣﺼﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺷﻴﺌﺎﻥ ﻟﻜﺎﻥ ﻗﻮﻟﻨﺎ ﻫﻮ ﺻﺎﻟﺤﺎ ﻟﻬﻤﺎ ﺟﻤﻴﻌﺎ ﻓﻼ ﻳﺘﻌﻴﻦ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺑﺴﺒﺐ ﻗﻮﻟﻪ : ﻫﻮ ﻓﻠﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﻳﺎ ﻫﻮ ؛ ﻓﻘﺪ ﺣﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺳﻮﻯ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﺄﻧﻪ ﻋﺪﻡ ﻣﺤﺾ ﻭ ﻧﻔﻲ ﺻﺮﻑ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : " } ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻫﺎﻟﻚ ﺇﻻ ﻭﺟﻬﻪ { " [ ﺍﻟﻘﺼﺺ : 88 ] ﻭ ﻫﺬﺍﻥ ﺍﻟﻤﻘﺎﻣﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻨﺎﺀ ﻋﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺳﻮﻯ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻘﺎﻣﺎﻥ ﻓﻲ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻟﺠﻼﻝ ﻭ ﻻ ﻳﺤﺼﻼﻥ ﺇﻻ ﻋﻨﺪ ﻣﻮﺍﻇﺒﺔ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﺬﻛﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻘﻮﻟﻪ : ﻳﺎ ﻫﻮ .
ﺍﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ :
ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻣﺘﻰ ﺫﻛﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺸﻲﺀ ﻣﻦ ﺻﻔﺎﺗﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﺴﺘﻐﺮﻗﺎ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ؛ ﻷﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﻗﺎﻝ : ﻳﺎ ﺭﺣﻤﻦ ؛ ﻓﺤﻴﻨﺌﺬ ﻳﺘﺬﻛﺮ ﺭﺣﻤﺘﻪ ﻓﻴﻤﻴﻞ ﻃﺒﻌﻪ ﺇﻟﻰ ﻃﻠﺒﻬﺎ ؛ ﻓﻴﻜﻮﻥ ﻃﺎﻟﺒﺎ ﻟﻠﺤﺼﺔ ﻭ ﻛﺬﻟﻚ ﺇﺫﺍ ﻗﺎﻝ : ﻳﺎ ﻛﺮﻳﻢ ﻳﺎ ﻣﺤﺴﻦ ﻳﺎ ﻏﻔﺎﺭ ﻳﺎ ﻭﻫﺎﺏ ﻳﺎ ﻓﺘﺎﺡ ﻭﺇﺫﺍ ﻗﺎﻝ : ﻳﺎ ﻣﻠﻚ ؛ ﻓﺤﻴﻨﺌﺬ ﻳﺘﺬﻛﺮ ﻣﻠﻜﻪ ﻭ ﻣﻠﻜﻮﺗﻪ ﻭ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺃﻗﺴﺎﻡ ﺍﻟﻨﻌﻢ ﻓﻴﻤﻴﻞ ﻃﺒﻌﻪ ﺇﻟﻴﻪ ﻓﻴﻄﻠﺐ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﻨﻬﺎ ﻭ ﻗﺲ ﻋﻠﻴﻪ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﻷﺳﻤﺎﺀ ﺃﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﻗﺎﻝ : ﻳﺎ ﻫﻮ ؛ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻌﺮﻑ ﺃﻧﻪ ﻫﻮ ﻭ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﻻ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺷﻲﺀ ﻏﻴﺮﻩ ﺍﻟﺒﺘﺔ ﻓﺤﻴﻨﺌﺬ ﻳﺤﺼﻞ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻪ ﻧﻮﺭ ﺫﻛﺮﻩ ﻭ ﻻ ﻳﺘﻜﺪﺭ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻨﻮﺭ ﺑﺎﻟﻈﻠﻤﺔ ﺍﻟﻤﺘﻮﻟﺪﺓ ﻋﻦ ﺫﻛﺮ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻭ ﻫﻨﺎﻙ ﻳﺤﺼﻞ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻪ ﺍﻟﻨﻮﺭ ﺍﻟﺘﺎﻡ ﻭ ﺍﻟﻜﺸﻒ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ .
ﺍﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ :
ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﺇﻣﺎ ﺻﻔﺎﺕ ﺍﻟﺠﻼﻝ ﻭ ﺇﻣﺎ ﺻﻔﺎﺕ ﺍﻹﻛﺮﺍﻡ ﺃﻣﺎ ﺻﻔﺎﺕ ﺍﻟﺠﻼﻝ ؛ ﻓﻬﻲ ﻗﻮﻟﻨﺎ ﻟﻴﺲ ﺑﺠﺴﻢ ﻭ ﻻ ﺑﺠﻮﻫﺮ ﻭ ﻻ ﻋﺮﺽ ﻭ ﻻ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﻭ ﻻ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺤﻞ ﻭ ﻫﺬﺍ ﻓﻴﻪ ﺩﻗﻴﻘﺔ ؛ ﻷﻥ ﻣﻦ ﺧﺎﻃﺐ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻓﻘﺎﻝ : ﺃﻧﺖ ﻟﺴﺖ ﺃﻋﻤﻰ ﻭ ﻟﺴﺖ ﺃﺻﻢ ﻭ ﻟﺴﺖ ﻛﺬﺍ ﻭ ﻻ ﻛﺬﺍ ﻭ ﻳﻌﺪ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻤﻌﺎﻳﺐ ﻭ ﺍﻟﻨﻘﺼﺎﻧﺎﺕ ؛ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺴﺘﻮﺟﺐ ﺍﻟﺰﺟﺮ ﻭ ﺍﻟﺤﺠﺮ ﻭ ﺍﻟﺘﺄﺩﻳﺐ ﻭ ﻳﻘﺎﻝ : ﺇﻥ ﻣﺨﺎﻃﺒﺘﻪ ﺑﻨﻔﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﻋﻨﻪ ﺇﺳﺎﺀﺓ ﻓﻲ ﺍﻷﺩﺏ ﻭ ﺃﻣﺎ ﺻﻔﺎﺕ ﺍﻹﻛﺮﺍﻡ ؛ ﻓﻬﻲ ﻛﻮﻧﻪ ﺧﺎﻟﻘﺎ ﻟﻠﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﻣﺮﺗﺒﺎ ﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻈﻢ ﺍﻷﻛﻤﻞ ﻭﻫﺬﺍ ﺃﻳﻀﺎ ﻓﻴﻪ ﺩﻗﻴﻘﺔ ﻣﻦ ﻭﺟﻬﻴﻦ : ﺍﻷﻭﻝ ﻻ ﺷﻚ ﺃﻥ ﻛﻤﺎﻝ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ ﺃﻋﻠﻰ ﻭﺃﺟﻞ ﻣﻦ ﻛﻤﺎﻝ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻕ ﺑﻤﺮﺍﺗﺐ ﻻ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻟﻬﺎ ﻓﺈﺫﺍ ﺷﺮﺣﻨﺎ ﻧﻌﻮﺕ ﻛﻤﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻭ ﺻﻔﺎﺕ ﺟﻼﻟﻪ ﺑﻜﻮﻧﻪ ﺧﺎﻟﻘﺎ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ؛ ﻓﻘﺪ ﺟﻌﻠﻨﺎ ﻛﻤﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﻛﺎﻟﺸﺮﺡ ﻭ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻟﻜﻤﺎﻝ ﺟﻼﻝ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ ﻭ ﺫﻟﻚ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﺍﻟﻤﺘﻌﺎﻟﻲ ﺑﻄﺮﻳﻖ ﻓﻲ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻟﺨﺴﺔ ﻭ ﺍﻟﺪﻧﺎﺀﺓ ﻭ ﺫﻟﻚ ﺳﻮﺀ ﺃﺩﺏ ﻭ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ : ﺃﻥ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺇﺫﺍ ﺃﺧﺬ ﻳﻤﺪﺡ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮ ﺑﺄﻧﻪ ﺃﻋﻄﻰ ﺍﻟﻔﻘﻴﺮ ﺍﻟﻔﻼﻧﻲ ﻛﺴﺮﺓ ﺧﺒﺰ ﺃﻭ ﻗﻄﺮﺓ ﻣﺎﺀ ؛ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺴﺘﻮﺟﺐ ﺍﻟﺰﺟﺮ ﻭﺍﻟﺤﺠﺮ ﻭ ﻣﻌﻠﻮﻡ ﺃﻥ ﻧﺴﺒﺔ ﺟﻤﻴﻊ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺮﺵ ﺇﻟﻰ ﺁﺧﺮ ﺍﻟﺨﻼﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻟﻪ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺧﺰﺍﺋﻦ ﻗﺪﺭﺓ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻗﻞ ﻣﻦ ﻧﺴﺒﺔ ﻛﺴﺮﺓ ﺍﻟﺨﺒﺰ ﻭﻗﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﺟﻤﻴﻊ ﺧﺰﺍﺋﻦ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺳﻮﺀ ﺃﺩﺏ ؛ ﻓﻬﺬﺍ ﺃﻭﻟﻰ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺳﻮﺀ ﺃﺩﺏ ﻓﺜﺒﺖ ﺃﻥ ﻣﺪﺡ ﺍﻟﻠﻪ ﻭ ﺛﻨﺎﺀﻩ ﺑﺎﻟﻄﺮﻳﻘﻴﻦ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭﻳﻦ ﻓﻴﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﺿﺎﺕ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻫﻬﻨﺎ ﺳﺒﺒﺎ ﻳﺮﺧﺺ ﻓﻲ ﺫﻛﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺪﺍﺋﺢ ﻭﻫﻮ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺻﺎﺭﺕ ﻣﺴﺘﻐﺮﻗﺔ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﺤﺲ ﻭ ﺍﻟﺨﻴﺎﻝ ؛ ﻓﺎﻹﻧﺴﺎﻥ ﺇﺫﺍ ﺃﺭﺍﺩ ﺟﺬﺑﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻋﺘﺒﺔ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﻘﺪﺱ ﺍﺣﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻳﻨﺒﻬﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﻤﺎﻝ ﺍﻟﺤﻀﺮﺓ ﺍﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ﻭ ﻻ ﺳﺒﻴﻞ ﻟﻪ ﺇﻟﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻛﻤﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻭ ﺟﻼﻟﻪ ﺇﻻ ﺑﻬﺬﻳﻦ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﻴﻦ ﺃﻋﻨﻲ : ﺫﻛﺮ ﺻﻔﺎﺕ ﺍﻟﺠﻼﻝ ﻭ ﺻﻔﺎﺕ ﺍﻹﻛﺮﺍﻡ ﻓﻴﻮﺍﻇﺐ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻳﻦ ﺍﻟﻨﻮﻋﻴﻦ ﺣﺘﻰ ﺗﻌﺮﺽ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻋﻦ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﺤﺲ ﻭ ﺗﺄﻟﻒ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻋﻠﻰ ﻋﺘﺒﺔ ﺍﻟﻘﺪﺱ ﻓﺈﺫﺍ ﺣﺼﻠﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ؛ ﻓﻌﻨﺪ ﺫﻟﻚ ﻳﺘﻨﺒﻪ ﻟﻤﺎ ﻓﻲ ﺫﻳﻨﻚ ﺍﻟﻨﻮﻋﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﻣﻦ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﺿﺎﺕ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭﺓ ﻭ ﻋﻨﺪ ﺫﻟﻚ ﻳﺘﺮﻙ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﺫﻛﺎﺭ ﻭ ﻳﻘﻮﻝ : ﻳﺎ ﻫﻮ ﻛﺄﻥ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻳﻘﻮﻝ : ﺃُﺟِﻞُّ ﺣﻀﺮﺗﻚ ﺃﻥ ﺃﻣﺪﺣﻚ ﻭ ﺃﺛﻨﻲ ﻋﻠﻴﻚ ﺑﺴﻠﺐ ﻧﻘﺎﺋﺺ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﻋﻨﻚ ﺃﻭ ﺑﺈﺳﻨﺎﺩ ﻛﻤﺎﻻﺕ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﺇﻟﻴﻚ ﻓﺈﻥ ﻛﻤﺎﻟﻚ ﺃﻋﻠﻰ ﻭ ﺟﻼﻟﻚ ﺃﻋﻈﻢ ﺑﻞ ﻻ ﺃﻣﺪﺣﻚ ﻭ ﻻ ﺃﺛﻨﻲ ﻋﻠﻴﻚ ﺇﻻ ﺑﻬﻮﻳﺘﻚ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻫﻲ ﻭ ﻻ ﺃﺧﺎﻃﺒﻚ ﺃﻳﻀﺎ ﺑﻠﻔﻈﺔ ﺃﻧﺖ ؛ ﻷﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻠﻔﻈﺔ ﺗﻔﻴﺪ ﺍﻟﺘﻴﻪ ﻭﺍﻟﻜﺒﺮ ﺣﻴﺚ ﺗﻘﻮﻝ ﺍﻟﺮﻭﺡ : ﺇﻧﻲ ﻗﺪ ﺑﻠﻐﺖ ﻣﺒﻠﻐﺎ ﺻﺮﺕ ﻛﺎﻟﺤﺎﺿﺮ ﻓﻲ ﺣﻀﺮﺓ ﻭﺍﺟﺐ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ؛ ﻭ ﻟﻜﻨﻲ ﻻ ﺃﺯﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻟﻲ : ﻫﻮ ؛ ﻟﻴﻜﻮﻥ ﺇﻗﺮﺍﺭﺍ ﺑﺄﻧﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﻤﺪﻭﺡ ﻟﺬﺍﺗﻪ ﺑﺬﺍﺗﻪ ﻭ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﻗﺮﺍﺭﺍ ﺑﺄﻥ ﺣﻀﺮﺗﻪ ﺃﻋﻠﻰ ﻭ ﺃﺟﻞ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﻨﺎﺳﺒﻪ ﺣﻀﻮﺭ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﻓﻬﺬﻩ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﺓ ﺗﻨﺒﻪ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺳﺮﺍﺭ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻣﺎﺕ ﺍﻟﺘﺠﻠﻲ ﻭ ﺍﻟﻤﻜﺎﺷﻔﺎﺕ . ﻓﻼ ﺟﺮﻡ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﺃﺷﺮﻑ ﺍﻷﺫﻛﺎﺭ ﻟﻜﻦ ﺑﺸﺮﻁ ﺍﻟﺘﻨﺒﻴﻪ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻷﺳﺮﺍﺭ .
ﺍﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﺍﻟﺨﺎﻣﺴﺔ :
ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻮﺍﻇﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﺗﻔﻴﺪ ﺍﻟﺸﻮﻕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻭ ﺍﻟﺸﻮﻕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻟﺬ ﺍﻟﻤﻘﺎﻣﺎﺕ ﻭ ﺃﻛﺜﺮﻫﺎ ﺑﻬﺠﺔ ﻭﺳﻌﺎﺩﺓ ﺇﻧﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ : ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻮﺍﻇﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﺗﻮﺭﺙ ﺍﻟﺸﻮﻕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ؛ ﻭ ﺫﻟﻚ ﻷﻥ ﻛﻠﻤﺔ ﻫﻮ ﺿﻤﻴﺮ ﺍﻟﻐﺎﺋﺐ ﺇﺫﺍ ﺫﻛﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﻋﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻏﺎﺋﺐ ﻋﻦ ﺍﻟﺤﻖ ﺛﻢ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻐﻴﺒﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﻭ ﺍﻟﺠﻬﺔ ﻭ ﺇﻧﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺴﺒﺐ ﺃﻧﻪ ﻣﻮﺻﻮﻑ ﺑﻨﻘﺼﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﺤﺪﻭﺙ ﻭ ﺍﻹﻣﻜﺎﻥ ﻭ ﻣﻌﻴﻮﺏ ﺑﻌﻴﺐ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﺇﺣﺎﻃﺔ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﻭ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﻓﺈﺫﺍ ﺗﻨﺒﻪ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﺪﻗﻴﻘﺔ ﻭ ﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﺣﺎﺻﻠﺔ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﻤﻜﻨﺎﺕ ﻭ ﺍﻟﻤﺤﺪﺛﺎﺕ ؛ ﻓﻌﻨﺪ ﻫﺬﺍ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﻛﻞ ﺍﻟﻤﺤﺪﺛﺎﺕ ﻭ ﺍﻹﺑﺪﺍﻋﻴﺎﺕ ﻏﺎﺋﺒﺔ ﻋﻦ ﻋﺘﺒﺔ ﻋﻠﻮ ﺍﻟﺤﻖ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻭ ﻋﺮﻑ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻐﻴﺒﺔ ﺇﻧﻤﺎ ﺣﺼﻠﺖ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﻤﻔﺎﺭﻗﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻘﺼﺎﻥ ﻭ ﺍﻟﻜﻤﺎﻝ ﻭ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﻭ ﺍﻻﺳﺘﻐﻨﺎﺀ ﻓﻌﻨﺪ ﻫﺬﺍ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻖ ﻣﻮﺻﻮﻑ ﺑﺄﻧﻮﺍﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻤﺎﻝ ﻣﺘﻌﺎﻟﻴﺔ ﻋﻦ ﻣﺸﺎﺑﻬﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﻤﺎﻻﺕ ﻭﻣﻘﺪﺳﺔ ﻋﻦ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺤﺪﺛﺎﺕ ﻭ ﺍﻋﺘﻘﺪ ﺃﻥ ﺗﺼﻮﺭﻩ ﻏﺎﺋﺐ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﻭ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﻓﺼﺎﺭﺕ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻜﻤﺎﻻﺕ ﻣﺸﻌﻮﺭﺍ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﻭﺟﻪ ﺩﻭﻥ ﻭﺟﻪ ﻭ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻮﺟﻮﻩ ﻳﺸﻮﻕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﺑﺪﺭﺟﺎﺗﻬﺎ ﻭ ﻣﺮﺍﺗﺒﻬﺎ ﻭ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻻ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻟﺘﻠﻚ ﺍﻟﻤﺮﺍﺗﺐ ﻭ ﺍﻟﺪﺭﺟﺎﺕ ؛ ﻓﻜﺬﻟﻚ ﻻ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻟﻤﺮﺍﺗﺐ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻮﻕ ﻭ ﻛﻠﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻭﺻﻮﻝ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺇﻟﻰ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﺃﻋﻠﻰ ﻣﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺃﺳﻬﻞ ؛ ﻛﺎﻥ ﺷﻮﻗﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺮﻗﻲ ﻋﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺪﺭﺟﺔ ﺃﻗﻮﻯ ﻭﺃﻛﻤﻞ ﻓﺜﺒﺖ ﺃﻥ ﻟﻔﻆ ﻫﻮ ﻳﻔﻴﺪ ﺍﻟﺸﻮﻕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻭ ﺇﻧﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ : ﺇﻥ ﺍﻟﺸﻮﻕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻋﻈﻢ ﺍﻟﻤﻘﺎﻣﺎﺕ ؛ ﻭﺫﻟﻚ ﻷﻥ ﺍﻟﺸﻮﻕ ﻳﻔﻴﺪ ﺣﺼﻮﻝ ﺁﻻﻡ ﻭﻟﺬﺍﺕ ﻣﺘﻮﺍﻟﻴﺔ ﻣﺘﻌﺎﻗﺒﺔ ؛ ﻷﻥ ﺑﻘﺪﺭ ﻣﺎ ﻳﺼﻞ ﻳﻠﺘﺬ ﻭ ﺑﻘﺪﺭ ﻣﺎ ﻳﻤﺘﻨﻊ ﻭﺻﻮﻟﻪ ﺇﻟﻴﻪ ﻳﺘﺄﻟﻢ ﻭ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﺑﺎﻟﻠﺬﺓ ﺣﺎﻝ ﺯﻭﺍﻝ ﺍﻷﻟﻢ ﻳﻮﺟﺐ ﻣﺰﻳﺪ ﺍﻻﻟﺘﺬﺍﺫ ﻭ ﺍﻻﺑﺘﻬﺎﺝ ﻭ ﺍﻟﺴﺮﻭﺭ، ﻭ ﺫﻟﻚ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻣﻘﺎﻡ ﺍﻟﺸﻮﻕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻋﻈﻢ ﺍﻟﻤﻘﺎﻣﺎﺕ ﻓﺜﺒﺖ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻮﺍﻇﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﺫﻛﺮ ﻛﻠﻤﺔ ﻫﻮ ﺗﻮﺭﺙ ﺍﻟﺸﻮﻕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻭ ﺛﺒﺖ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﻮﻕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻋﻈﻢ ﺍﻟﻤﻘﺎﻣﺎﺕ ﻭ ﺃﻛﺜﺮﻫﺎ ﺑﻬﺠﺔ ﻭ ﺳﻌﺎﺩﺓ ؛ ﻓﻴﻠﺰﻡ ﺃﻥ ﻳﻘﺎﻝ : ﺍﻟﻤﻮﺍﻇﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﺫﻛﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺗﻔﻴﺪ ﺃﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻘﺎﻣﺎﺕ ﻭﺃﺳﻨﻰ ﺍﻟﺪﺭﺟﺎﺕ
ﺍﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﺍﻟﺴﺎﺩﺳﺔ :
ﻓﻲ ﺷﺮﺡ ﺟﻼﻟﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺬﻛﺮ : ﻭﺍﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩ ﻻ ﻳﺘﻢ ﺇﻻ ﺑﺬﻛﺮ ﻣﻘﺪﻣﺘﻴﻦ : ﺍﻟﻤﻘﺪﻣﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ : ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﻗﺴﻤﻴﻦ : ﺗﺼﻮﺭ ﻭ ﺗﺼﺪﻳﻖ . ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﻓﻬﻮ ﺃﻥ ﺗﺤﺼﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺻﻮﺭﺓ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺃﻥ ﺗﺤﻜﻢ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺤﻜﻢ ﺍﻟﺒﺘﺔ ﻻ ﺑﺤﻜﻢ ﻭﺟﻮﺩﻱ ﻭ ﻻ ﺑﺤﻜﻢ ﻋﺪﻣﻲ ؛ ﻭ ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﻓﻬﻮ ﺃﻥ ﻳﺤﺼﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺻﻮﺭﺓ ﻣﺨﺼﻮﺻﺔ، ﺛﻢ ﺇﻥ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺗﺤﻜﻢ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺇﻣﺎ ﺑﻮﺟﻮﺩ ﺷﻲﺀ ﺃﻭ ﻋﺪﻣﻪ . ﺇﺫﺍ ﻋﺮﻓﺖ ﻫﺬﺍ ﻓﻨﻘﻮﻝ : ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﻣﻘﺎﻡ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻭ ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﻓﺈﻧﻪ ﻣﻘﺎﻡ ﺍﻟﺘﻜﺜﻴﺮ .
ﺍﻟﻤﻘﺪﻣﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ : ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﻋﻠﻰ ﻗﺴﻤﻴﻦ : ﺗﺼﻮﺭ ﻳﺘﻤﻜﻦ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺼﺮﻑ ﻓﻴﻪ ﻭ ﺗﺼﻮﺭ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻪ ﺍﻟﺘﺼﺮﻑ ﻓﻴﻪ : ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻷﻭﻝ ﻓﻬﻮ ﺗﺼﻮﺭ ﺍﻟﻤﺎﻫﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺮﻛﺒﺔ ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻪ ﺗﺼﻮﺭ ﺍﻟﻤﺎﻫﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺮﻛﺒﺔ ﺇﻻ ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ ﺍﺳﺘﺤﻀﺎﺭ ﻣﺎﻫﻴﺎﺕ ﺃﺟﺰﺍﺀ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﺮﻛﺐ ﻭ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺼﺮﻑ ﻋﻤﻞ ﻭ ﻓﻜﺮ ﻭ ﺗﺼﺮﻑ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻮﺟﻮﻩ ﻭ ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻬﻮ ﺗﺼﻮﺭ ﺍﻟﻤﺎﻫﻴﺎﺕ ﺍﻟﺒﺴﻴﻄﺔ ﺍﻟﻤﻨﺰﻫﺔ ﻋﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﺟﻬﺎﺕ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺒﺎﺕ ﻓﺈﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻪ ﺃﻥ ﻳﻌﻤﻞ ﻋﻤﻼ ﻳﺘﻮﺳﻞ ﺑﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﺳﺘﺤﻀﺎﺭ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺎﻫﻴﺔ ﻓﺜﺒﺖ ﺑﻤﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﻳﺠﺮﻱ ﻣﺠﺮﻯ ﺍﻟﺘﻜﺜﻴﺮ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﻭ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﺗﻮﺣﻴﺪ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ، ﻭ ﺛﺒﺖ ﺃﻳﻀﺎ ﺃﻥ ﺗﺼﻮﺭ ﺍﻟﻤﺎﻫﻴﺔ ﺍﻟﺒﺴﻴﻄﺔ ﻫﻮ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻭ ﺍﻟﺒﻌﺪ ﻋﻦ ﺍﻟﻜﺜﺮﺓ ﻭ ﺇﺫﺍ ﻋﺮﻓﺖ ﻫﺬﺍ ﻓﻨﻘﻮﻝ : ﻗﻮﻟﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻖ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﺎ ﻫﻮ ﻫﺬﺍ ﺗﺼﻮﺭ ﻣﺤﺾ ﺧﺎﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﺛﻢ ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﺗﺼﻮﺭ ﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻣﻨﺰﻫﺔ ﻋﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﺟﻬﺎﺕ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ﻭ ﺍﻟﻜﺜﺮﺓ ﻓﻜﺎﻥ ﻗﻮﻟﻨﺎ ﻳﺎ ﻫﻮ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻭ ﺍﻟﺒﻌﺪ ﻋﻦ ﺍﻟﻜﺜﺮﺓ ﻭ ﻫﻮ ﺃﻋﻈﻢ ﺍﻟﻤﻘﺎﻣﺎﺕ .
ﺍﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ :
ﺃﻥ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺇﻣﺎ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﺃﻭ ﺑﺎﻷﺟﺰﺍﺀ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﺔ ﻓﻴﻪ ﺃﻭ ﺑﺎﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﺔ ﻋﻨﻪ ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻷﻭﻝ - ﻭﻫﻮ ﺗﻌﺮﻳﻔﻪ ﺑﻨﻔﺴﻪ - ﻓﻬﻮ ﻣﺤﺎﻝ ؛ ﻷﻥ ﺍﻟﻤﻌﺮﻑ ﺳﺎﺑﻖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻌﺮﻑ ﻓﺘﻌﺮﻳﻒ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺗﻘﺪﻡ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﻪ ﻭﺫﻟﻚ ﻣﺤﺎﻝ ﻭ ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ – ﻭ ﻫﻮ ﺗﻌﺮﻳﻔﻪ ﺑﺎﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﺔ ﻓﻴﻪ - ﻓﻬﺬﺍ ﻓﻲ ﺣﻖ ﺍﻟﺤﻖ ﻣﺤﺎﻝ ؛ ﻷﻥ ﻫﺬﺍ ﺇﻧﻤﺎ ﻳﺠﺮﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﻫﻴﺔ ﺍﻟﻤﺮﻛﺒﺔ ﻭ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺣﻖ ﺍﻟﺤﻖ ﻣﺤﺎﻝ ﻭ ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ – ﻭ ﻫﻮ ﺗﻌﺮﻳﻔﻪ ﺑﺎﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﺔ ﻋﻨﻪ - ﻓﻬﺬﺍ ﺃﻳﻀﺎ ﺑﺎﻃﻞ ﻣﺤﺎﻝ ؛ ﻷﻥ ﺃﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﻻ ﻳﻨﺎﺳﺐ ﺷﻲﺀ ﻣﻨﻬﺎ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﻦ ﺃﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﻟﺬﺍﺗﻪ ؛ ﻷﻧﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﺨﺎﻟﻒ ﺑﺬﺍﺗﻪ ﺍﻟﻤﺨﺼﻮﺻﺔ ﻭ ﺑﻬﻮﻳﺘﻪ ﺍﻟﻤﻌﻴﻨﺔ ﻟﻜﻞ ﻣﺎ ﺳﻮﺍﻩ ﻭ ﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻛﺬﻟﻚ ﺍﻣﺘﻨﻊ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﻛﺎﺷﻔﺔ ﻋﻦ ﻣﺎﻫﻴﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻭ ﺣﻘﻴﻘﺘﻪ ﺍﻟﻤﺨﺼﻮﺻﺔ ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﺍﻧﺴﺪﺕ ﺃﺑﻮﺍﺏ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻔﺎﺕ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﻫﻮﻳﺘﻪ ﺍﻟﻤﺨﺼﻮﺻﺔ ﻭ ﻣﺎﻫﻴﺘﻪ ﺍﻟﻤﻌﻴﻨﺔ ﻓﻠﻢ ﻳﺒﻖ ﻃﺮﻳﻖ ﺇﻟﻴﻪ ﺇﻻ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻭ ﻫﻮ ﺃﻥ ﻳﻮﺟﻪ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺣﺪﻗﺔ ﻋﻘﻠﻪ ﻭ ﺭﻭﺣﻪ ﺇﻟﻰ ﻣﻄﻠﻊ ﻧﻮﺭ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻬﻮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺭﺟﺎﺀ ﺃﻧﻪ ﺭﺑﻤﺎ ﺃﺷﺮﻕ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻨﻮﺭ ﺣﺎﻝ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﺪﻗﺔ ﻋﻘﻠﻪ ﻣﺘﻮﺟﻬﺔ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻓﻴﺴﺘﺴﻌﺪ ﺑﻤﻄﺎﻟﻌﺔ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻨﻮﺭ ﻓﻘﻮﻝ ﺍﻟﺬﺍﻛﺮ ﻳﺎ ﻫﻮ ﺗﻮﺟﻴﻪ ﻟﺤﺪﻗﺔ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻀﺮﺓ ﺍﻟﻘﺪﺳﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺭﺟﺎﺀ ﺃﻧﻪ ﺭﺑﻤﺎ ﺣﺼﻠﺖ ﻟﻪ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ .
ﺍﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﺍﻟﺜﺎﻣﻨﺔ :
ﺃﻥ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺇﺫﺍ ﺩﺧﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﺍﻟﻤﻬﻴﺐ ﻭ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮ ﻭ ﻭﻗﻒ ﺑﻌﻘﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻛﻤﺎﻝ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻬﺎﺑﺔ ﻭ ﻋﻠﻰ ﺟﻼﻝ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺴﻠﻄﻨﺔ ﻓﻘﺪ ﻳﺼﻴﺮ ﺑﺤﻴﺚ ﺗﺴﺘﻮﻟﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻬﺎﺑﺔ ﻭ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻓﻴﺼﻴﺮ ﻏﺎﻓﻼ ﻋﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺳﻮﺍﻩ ﺣﺘﻰ ﺇﻧﻪ ﺭﺑﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺟﺎﺋﻌﺎ ﻓﻴﻨﺴﻰ ﺟﻮﻋﻪ ﻭ ﺭﺑﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺑﻪ ﺃﻟﻢ ﺷﺪﻳﺪ ﻓﻴﻨﺴﻰ ﺫﻟﻚ ﺍﻷﻟﻢ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﻭ ﺭﺑﻤﺎ ﺭﺃﻯ ﺃﺑﺎﻩ ﺃﻭ ﺍﺑﻨﻪ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﻭ ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻬﻤﺎ ﻭﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﻷﻥ ﺍﺳﺘﻴﻼﺀ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻬﺎﺑﺔ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﺫﻫﻠﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﺑﻐﻴﺮﻩ ﻓﻜﺬﻟﻚ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺇﺫﺍ ﻗﺎﻝ ﻳﺎ ﻫﻮ ﻭ ﺗﺠﻠﻰ ﻟﻌﻘﻠﻪ ﻭ ﺭﻭﺣﻪ ﺫﺭﺓ ﻣﻦ ﻧﻮﺭ ﺟﻼﻝ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻬﻮﻳﺔ ﻭﺟﺐ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﻮﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﻗﻠﺒﻪ ﺍﻟﺪﻫﺸﺔ ﻭ ﻋﻠﻰ ﺭﻭﺣﻪ ﺍﻟﺤﻴﺮﺓ ﻭ ﻋﻠﻰ ﻓﻜﺮﻩ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ﻓﻴﺼﻴﺮ ﻏﺎﺋﺒﺎ ﻋﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺳﻮﻯ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻬﻮﻳﺔ ﻣﻌﺰﻭﻻ ﻋﻦ ﺍﻻﻟﺘﻔﺎﺕ ﺇﻟﻰ ﺷﻲﺀ ﺳﻮﺍﻫﺎ ﻭ ﺣﻴﻨﺌﺬ ﻻ ﻳﺒﻘﻰ ﻣﻌﻪ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﺑﻌﻘﻠﻪ ﻫﻮ ﻭ ﺑﻠﺴﺎﻧﻪ ﻫﻮ ﻓﺈﺫﺍ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻫﻮ ﻭ ﻭﺍﻇﺐ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﻓﻬﺬﺍ ﻣﻨﻪ ﺗﺸﺒﻪ ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺭﺟﺎﺀ ﺃﻧﻪ ﺭﺑﻤﺎ ﻭﺻﻞ ﺇﻟﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﻓﻨﺴﺄﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺃﻥ ﻳﺴﻌﺪﻧﺎ ﺑﻬﺎ .
ﺍﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﺍﻟﺘﺎﺳﻌﺔ :
ﻣﻦ ﻓﻮﺍﺋﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﺍﻟﻌﺎﻟﻲ : ﺭﻭﻱ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ : ﻣﻦ ﺟﻌﻞ ﻫﻤﻮﻣﻪ ﻫﻤﺎ ﻭﺍﺣﺪﺍ ﻛﻔﺎﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﻫﻤﻮﻡ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ ﻓﻜﺄﻥ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻳﻘﻮﻝ : ﻫﻤﻮﻣﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﻏﻴﺮ ﻣﺘﻨﺎﻫﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﺤﺎﺟﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻏﻴﺮ ﻣﺘﻨﺎﻫﻴﺔ ﻻ ﻳﻘﺪﺭ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺇﻻ ﺍﻟﻤﻮﺻﻮﻑ ﺑﻘﺪﺭﺓ ﻏﻴﺮ ﻣﺘﻨﺎﻫﻴﺔ ﻭ ﺭﺣﻤﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﺘﻨﺎﻫﻴﺔ ﻭ ﺣﻜﻤﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﺘﻨﺎﻫﻴﺔ ﻓﻌﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺃﻧﺎ ﻻ ﺃﻗﺪﺭ ﻋﻠﻰ ﺩﻓﻊ ﺣﺎﺟﺎﺗﻲ ﻭﻻ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﺼﻴﻞ ﻣﻬﻤﺎﺗﻲ ﺑﻞ ﻟﻴﺲ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺩﻓﻊ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺤﺎﺟﺎﺕ ﻭ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﺼﻴﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻬﻤﺎﺕ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﺄﻧﺎ ﺃﺟﻌﻞ ﻫﻤﻲ ﻣﺸﻐﻮﻻ ﺑﺬﻛﺮﻩ ﻓﻘﻂ ﻭ ﻟﺴﺎﻧﻲ ﻣﺸﻐﻮﻻ ﺑﺬﻛﺮﻩ ﻓﻘﻂ ﻓﺈﺫﺍ ﻓﻌﻠﺖ ﺫﻟﻚ ﻓﻬﻮ ﺑﺮﺣﻤﺘﻪ ﻳﻜﻔﻴﻨﻲ ﻣﻬﻤﺎﺕ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ .
ﺍﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﺍﻟﻌﺎﺷﺮﺓ :
ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻪ ﺍﻻﺷﺘﻐﺎﻝ ﺑﺸﻲﺀ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻻﺳﺘﻐﺮﺍﻕ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺸﻲﺀ ﺁﺧﺮ ﻓﺈﺫﺍ ﻭﺟﻪ ﻓﻜﺮﻩ ﺇﻟﻰ ﺷﻲﺀ ﻳﺒﻘﻰ ﻣﻌﺰﻭﻻ ﻋﻦ ﻏﻴﺮﻩ ﻓﻜﺄﻥ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻳﻘﻮﻝ : ﻛﻠﻤﺎ ﺍﺳﺘﺤﻀﺮﺕ ﻓﻲ ﺫﻫﻨﻲ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺸﻲﺀ ﻓﺎﺗﻨﻲ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﻐﻴﺮﻩ ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﻻﺯﻣﺎ ﻓﺎﻷﻭﻟﻰ ﺃﻥ ﺃﺟﻌﻞ ﻗﻠﺒﻲ ﻭ ﻓﻜﺮﻱ ﻣﺸﻐﻮﻻ ﺑﻤﻌﺮﻓﺔ ﺃﺷﺮﻑ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﻭ ﺃﺟﻌﻞ ﻟﺴﺎﻧﻲ ﻣﺸﻐﻮﻻ ﺑﺬﻛﺮ ﺃﺷﺮﻑ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭﺍﺕ ؛ ﻓﻠﻬﺬﺍ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﺃﻭﺍﻇﺐ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻟﻪ ﻳﺎ ﻫﻮ .
ﺍﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﺍﻟﺤﺎﺩﻳﺔ ﻋﺸﺮﺓ :
ﺃﻥ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﺃﺷﺮﻑ ﺍﻟﻤﻘﺎﻣﺎﺕ، ﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭ ﺳﻠﻢ، ﺣﻜﺎﻳﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ..." ﻓﺈﺫﺍ ﺫﻛﺮﻧﻲ ﻋﺒﺪﻱ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﺫﻛﺮﺗﻪ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻲ ﻭ ﺇﺫﺍ ﺫﻛﺮﻧﻲ ﻓﻲ ﻣﻸ ﺫﻛﺮﺗﻪ ﻓﻲ ﻣﻸ ﺧﻴﺮ ﻣﻦ ﻣﻠﺌﻪ ." ﻭ ﺇﺫﺍ ﺛﺒﺖ ﻫﺬﺍ ﻓﻨﻘﻮﻝ : ﺃﻓﻀﻞ ﺍﻷﺫﻛﺎﺭ ﺫﻛﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺎﻟﺜﻨﺎﺀ ﺍﻟﺨﺎﻟﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﻗﺎﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺣﻜﺎﻳﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : " ﻣﻦ ﺷﻐﻠﻪ ﺫﻛﺮﻱ ﻋﻦ ﻣﺴﺄﻟﺘﻲ ﺃﻋﻄﻴﺘﻪ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﺎ ﺃﻋﻄﻲ ﺍﻟﺴﺎﺋﻠﻴﻦ ." ﺇﺫﺍ ﻋﺮﻓﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻘﺪﻣﺔ ﻓﻨﻘﻮﻝ :
ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻓﻘﻴﺮ ﻣﺤﺘﺎﺝ ؛ ﻭ ﺍﻟﻔﻘﻴﺮ ﺍﻟﻤﺤﺘﺎﺝ ﺇﺫﺍ ﻧﺎﺩﻯ ﻣﺨﺪﻭﻣﻪ ﺑﺨﻄﺎﺏ ﻳﻨﺎﺳﺐ ﺍﻟﻄﻠﺐ ﻭ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻣﺤﻤﻮﻻ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﻓﺈﺫﺍ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻔﻘﻴﺮ ﻟﻠﻐﻨﻲ ﻳﺎ ﻛﺮﻳﻢ ﻛﺎﻥ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﺃﻛﺮﻡ ﻭ ﺇﺫ ﻗﺎﻝ ﻟﻪ ﻳﺎ ﻧﻔﺎﻉ ﻛﺎﻥ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﻨﻔﻊ ﻭ ﺇﺫﺍ ﻗﺎﻝ ﻳﺎ ﺭﺣﻤﻦ ﻛﺎﻥ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﺍﺭﺣﻢ ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺫﻛﺎﺭ ﺟﺎﺭﻳﺔ ﻣﺠﺮﻯ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﻭ ﻗﺪ ﺑﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﺇﻧﻤﺎ ﻳﻌﻈﻢ ﺷﺮﻓﻪ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺧﺎﻟﻴﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﻭﺍﻟﻄﻠﺐ ﺃﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﻗﺎﻝ ﻳﺎ ﻫﻮ ﻛﺎﻥ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﺧﺎﻟﻴﺎ ﻋﻦ ﺍﻹﺷﻌﺎﺭ ﺑﺎﻟﺴﺆﺍﻝ ﻭﺍﻟﻄﻠﺐ ﻓﻮﺟﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﻮﻟﻨﺎ ﻫﻮ ﺃﻋﻈﻢ ﺍﻷﺫﻛﺎﺭ .
ﻭ ﻟﻨﺨﺘﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺑﺬﻛﺮ ﺷﺮﻳﻒ ﺭﺃﻳﺘﻪ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻜﺘﺐ : " ﻳﺎ ﻫﻮ ﻳﺎ ﻣﻦ ﻻ ﻫﻮ ﺇﻻ ﻫﻮ ﻳﺎ ﻣﻦ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﻫﻮ ﻳﺎ ﺃﺯﻟﻲ ﻳﺎ ﺃﺑﺪﻱ ﻳﺎ ﺩﻫﺮﻱ ﻳﺎ ﺩﻳﻬﺎﺭ ﻳﺎ ﺩﻳﻬﻮﺭ ﻳﺎ ﻣﻦ ﻫﻮ ﺍﻟﺤﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﻤﻮﺕ ."
ﻭ ﻣﻦ ﻟﻄﺎﺋﻒ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺃﺑﻲ ﺣﺎﻣﺪ ﺍﻟﻐﺰﺍﻟﻲ ﺭﺣﻤﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﻘﻮﻝ : " ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ " ﺗﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﻌﻮﺍﻡ ﻭ " ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﻫﻮ " ﺗﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﺨﻮﺍﺹ ﻭ ﻟﻘﺪ ﺍﺳﺘﺤﺴﻨﺖ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻭﻗﺮﺭﺗﻪ ﺑﺎﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺍﻟﺒﺮﻫﺎﻥ ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻓﺈﻧﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻗﺎﻝ : " } ﻭﻻ ﺗﺪﻉ ﻣﻊ ﺍﻟﻠﻪ ﺇﻟﻬﺎ ﺁﺧﺮ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﻫﻮ { " [ ﺍﻟﻘﺼﺺ : 88 ] ﺛﻢ ﻗﺎﻝ ﺑﻌﺪﻩ " } ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻫﺎﻟﻚ ﺇﻻ ﻭﺟﻬﻪ { " [ ﺍﻟﻘﺼﺺ : 88 ] ﻣﻌﻨﺎﻩ ﺇﻻ ﻫﻮ ﻓﺬﻛﺮ ﻗﻮﻟﻪ ﺇﻻ ﻫﻮ ﺑﻌﺪ ﻗﻮﻟﻪ ﻻ ﺇﻟﻪ ﻓﺪﻝ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻫﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﺒﺮﻫﺎﻥ ﻓﻬﻮ ﺃﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﺇﻥ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﺍﻟﻔﺎﻋﻞ ﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﻤﺎﻫﻴﺔ ﻭﺗﻜﻮﻳﻨﻬﺎ ﺑﻞ ﻻ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻟﻪ ﺇﻻ ﻓﻲ ﺇﻋﻄﺎﺀ ﺻﻔﺔ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻟﻬﺎ ﻓﻘﻠﺖ ﻓﺎﻟﻮﺟﻮﺩ ﺃﻳﻀﺎ ﻣﺎﻫﻴﺔ ﻓﻮﺟﺐ ﺃﻥ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻭﺍﻗﻌﺎ ﺑﺘﺄﺛﻴﺮﻩ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺘﺰﻣﻮﺍ ﺫﻟﻚ ﻭﻗﺎﻟﻮﺍ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺑﺘﺄﺛﻴﺮ ﺍﻟﻔﺎﻋﻞ ﻣﻮﺻﻮﻓﻴﺔ ﺍﻟﻤﺎﻫﻴﺔ ﺑﺎﻟﻮﺟﻮﺩ ﻓﻨﻘﻮﻝ : ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻮﺻﻮﻓﻴﺔ ﺇﻥ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﻔﻬﻮﻣﺎ ﻣﻐﺎﻳﺮﺍ ﻟﻠﻤﺎﻫﻴﺔ ﻭﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻣﺘﻨﻊ ﺇﺳﻨﺎﺩﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻔﺎﻋﻞ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻔﻬﻮﻣﺎ ﻣﻐﺎﻳﺮﺍ ﻓﺬﻟﻚ ﺍﻟﻤﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﻤﻐﺎﻳﺮ ﻻ ﺑﺪ ﻭﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﻣﺎﻫﻴﺔ ﻭﺣﻴﻨﺌﺬ ﻳﻌﻮﺩ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻓﺜﺒﺖ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻤﺆﺛﺮ ﻻ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﻫﻴﺎﺕ ﻳﻨﻔﻲ ﺍﻟﺘﺄﺛﻴﺮ ﻭﺍﻟﻤﺆﺛﺮ ﻭﻳﻨﻔﻲ ﺍﻟﺼﻨﻊ ﻭﺍﻟﺼﺎﻧﻊ ﺑﺎﻟﻜﻠﻴﺔ ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺎﻃﻞ ﻓﺜﺒﺖ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺆﺛﺮ ﻳﺆﺛﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﻫﻴﺎﺕ ﻓﻜﻞ ﻣﺎ ﺑﺎﻟﻐﻴﺮ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺮﺗﻔﻊ ﺑﺎﺭﺗﻔﺎﻉ ﺍﻟﻐﻴﺮ ﻓﻠﻮﻻ ﺍﻟﻤﺆﺛﺮ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺎﻫﻴﺔ ﻣﺎﻫﻴﺔ ﻭﻻ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻓﺒﻘﺪﺭﺗﻪ ﺻﺎﺭﺕ ﺍﻟﻤﺎﻫﻴﺎﺕ ﻣﺎﻫﻴﺎﺕ ﻭﺻﺎﺭﺕ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﺣﻘﺎﺋﻖ ﻭﻗﺒﻞ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻗﺪﺭﺗﻪ ﻓﻼ ﻣﺎﻫﻴﺔ ﻭﻻ ﻭﺟﻮﺩ ﻭﻻ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻭﻻ ﺛﺒﻮﺕ ﻭﻋﻨﺪ ﻫﺬﺍ ﻳﻈﻬﺮ ﺻﺪﻕ ﻗﻮﻟﻨﺎ ﻻ ﻫﻮ ﺇﻻ ﻫﻮ ﺃﻱ : ﻻ ﺗﻘﺮﺭ ﻟﺸﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﻫﻴﺎﺕ ﻭﻻ ﺗﺨﺼﺺ ﻟﺸﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﺇﻻ ﺑﺘﻘﺮﻳﺮﻩ ﻭ ﺗﺨﺼﻴﺼﻪ ﻓﺜﺒﺖ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻫﻮ ﺇﻻ ﻫﻮ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق