ﺿﻮﺍﺑﻂ ﺍﻟﺘﻜﻔﻴﺮ ﻋﻨﺪ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ
ﻛﺘﺒﻪ : ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻫﺸﺎﻡ ﺃﺑﻮﺍﻟﺤﺴﻦ ﺍﻟﻤﺤﺠﻮﺑﻲ
ﻗﺎﻝ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ , ﻟﻴﺲ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻭﻗﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻭﻗﻊ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻋﻠﻴﻪ , ﺃﻱ ﻟﻴﺲ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﻗﺘﺮﻑ ﻓﻌﻼ ﻛﻔﺮﻳﺎ ﻳﺤﻜﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﻟﺨﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﺍﻹﺳﻼﻡ , ﺑﻞ ﻳﺠﺐ ﻣﺮﺍﻋﺎﺓ ﺛﻼﺛﺔ ﺿﻮﺍﺑﻂ ﺍﻧﻌﻘﺪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺇﺟﻤﺎﻉ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﻋﻬﺪ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺇﻟﻰ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬﺍ .
ﺍﻟﻀﺎﺑﻂ ﺍﻷﻭﻝ : ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺣﻖ ﺍﻟﺘﻜﻔﻴﺮ ﺇﻻ ﻟﻜﺒﺎﺭ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻟﻤﻮﺛﻮﻕ ﺑﻌﻠﻤﻬﻢ . ﻓﺎﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﺣﺮﻡ ﺍﻟﻔﺘﻮﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻟﻐﻴﺮ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻓﻤﻦ ﺑﺎﺏ ﺃﻭﻟﻰ ﺍﻟﻔﺘﻮﻯ ﺑﺘﻜﻔﻴﺮ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻟﻤﺎ ﻳﺘﺮﺗﺐ ﻋﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﺤﻼﻝ ﺩﻡ ﻭﻋﺮﺽ ﻭﻣﺎﻝ ﺍﻟﻤُﻜﻔَّﺮﻭﻷﻥ ﺍﻟﺨﻄﺄ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻜﻔﻴﺮ ﻻ ﻳﻌﺬﺭ ﺑﻪ ﺍﻟﻤُﻜﻔِّﺮ ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ " ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﻷﺧﻴﻪ ﻳﺎ ﻛﺎﻓﺮ ﻭﻟﻴﺲ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﺣﺎﺭ ﻋﻠﻴﻪ " ﻭﻓﻲ ﺭﻭﺍﻳﺔ " ﻓﻘﺪ ﺑﺎﺀ ﺑﻪ ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ " ﻟﺬﺍ ﻗﺎﻝ ﺑﻌﺾ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻷﻥ ﺃﺧﻄﺊ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﺧﻴﺮ ﻟﻲ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺃﺧﻄﺊ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺔ .
ﻭﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ " ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﻓﻲ ﻣﺆﻣﻦ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻪ ﻓﻘﺪ ﺍﺳﻜﻨﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺭﺩﻏﺔ ﺍﻟﺨﺒﺎﻝ " ﻭﺭﺩﻏﺔ ﺍﻟﺨﺒﺎﻝ ﻫﻲ ﻋﺼﺎﺭﺓ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻨﺎﺭ , ﻭﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻲ ﺣﺪﻳﺚ ﺁﺧﺮ , ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ " ﻣﻦ ﻋﺎﺩ ﻟﻲ ﻭﻟﻴﺎ ﻓﻘﺪ ﺁﺫﻧﺘﻪ ﺑﺎﻟﺤﺮﺏ " ﻭﻣﺤﻞ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺃﻥ ﻣﻦ ﻛﻔَّﺮ ﻣﺴﻠﻤﺎ ﺑﻐﻴﺮ ﺣﻖ ﺣﺎﺭﺑﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭ ﺍﻵﺧﺮﺓ .
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺤﺎﻓﻆ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺒﺮ ﻭﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ , ﻣﻦ ﺛﺒﺖ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﺇﺳﻼﻣﻪ ﺑﻴﻘﻴﻦ ﻓﻼ ﻧﺨﺮﺟﻪ ﻣﻨﻪ ﺑﺸﻚ , ﻭ ﻣﻌﻨﻰ ﻛﻼﻣﻪ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻻ ﻳﻜﻔﺮ ﺇﻻ ﺑﻴﻘﻴﻦ ﺗﺎﻡ ﻭ ﺍﻟﻴﻘﻴﻦ ﺍﻟﺘﺎﻡ ﺃﻫﻠﻪ ﻧﺤﺎﺭﻳﺮ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ .
ﺍﻟﻀﺎﺑﻂ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ
ﺍﻹﻋﺘﻘﺎﺩ ﺃﻭ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺃﻭ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻤُﻜﻔِّﺮ , ﻫﻞ ﻫﻮ ﻛﻔﺮ ﺻﺮﻳﺢ ﺃﻭ ﻳﺤﺘﻤﻞ , ﻓﺎﻥ ﻛﺎﻥ ﻛﻔﺮﺍ ﺻﺮﻳﺤﺎ ﻳﻜﻔﺮ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻓﻴﻪ ﺑﻌﺪ ﺗﻤﺎﻡ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻀﻮﺍﺑﻂ , ﻭﺃﻣﺎ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻳﺤﺘﻤﻞ ﻓﻼ ﻳﺠﻮﺯ ﺗﻜﻔﻴﺮﻩ ﻷﻥ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﺗﻘﻮﻝ " ﻣﺎ ﺗﻄﺮﻕ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻹﺣﺘﻤﺎﻝ ﺑﻄﻞ ﺑﻪ ﺍﻹﺳﺘﺪﻻﻝ "
ﺍﻟﻀﺎﺑﻂ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ
ﺍﻟﺸﺨﺺ ﻧﻔﺴﻪ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻔﺮ , ﻫﻞ ﺗﻮﻓﺮﺕ ﻓﻴﻪ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺷﺮﻭﻁ , ﻭﺍﻧﺘﻔﺖ ﺍﻟﻤﻮﺍﻧﻊ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻘﺎﺑﻠﻬﺎ , ﻓﺈﻥ ﺍﻧﺘﻔﻰ ﻣﻨﻬﺎ ﺷﺮﻁ ﻭﺍﺣﺪ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺗﻜﻔﻴﺮﻩ , ﻭﻫﻲ :
· ﺍﻟﺸﺮﻁ ﺍﻷﻭﻝ : ﺍﻟﻌﻠﻢ
ﻭﻳﻌﻨﻲ ﻫﻨﺎ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭ ﺍﻟﺒﻠﻮﻍ ﻭﻣﻌﺮﻓﺔ ﻛﻔﺮ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻭ ﺍﻟﻤﺎﻧﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺎﺑﻠﻪ : ﺫﻫﺎﺏ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺑﺴﺒﺐ ﺟﻨﻮﻥ ﺃﻭ ﻧﻮﻡ ﺃﻭ ﺇﻏﻤﺎﺀ ﺃﻭ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﺒﻠﻮﻍ ﺃﻭ ﺍﻟﺠﻬﻞ ﺑﻜﻔﺮ ﺍﻟﻔﻌﻞ . ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : " ﺭَﺑَّﻨَﺎ ﻻَ ﺗُﺆَﺍﺧِﺬْﻧَﺎ ﺇِﻥ ﻧَّﺴِﻴﻨَﺎ ﺃَﻭْ ﺃَﺧْﻄَﺄْﻧَﺎ ﺭَﺑَّﻨَﺎ ﻭَﻻَ ﺗَﺤْﻤِﻞْ ﻋَﻠَﻴْﻨَﺎ ﺇِﺻْﺮﺍً ﻛَﻤَﺎ ﺣَﻤَﻠْﺘَﻪُ ﻋَﻠَﻰ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﻣِﻦ ﻗَﺒْﻠِﻨَﺎ ﺭَﺑَّﻨَﺎ ﻭَﻻَ ﺗُﺤَﻤِّﻠْﻨَﺎ ﻣَﺎ ﻻَ ﻃَﺎﻗَﺔَ ﻟَﻨَﺎ ﺑِﻪِ "
ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ " ﻭﺿﻊ ﻋﻦ ﺃﻣﺘﻲ ﺍﻟﻨﺴﻴﺎﻥ ﻭ ﺍﻟﺨﻄﺄ ﻭﻣﺎ ﺍﺳﺘﻜﺮﻫﻮﺍ ﻋﻠﻴﻪ "
ﻭﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ " ﺭﻓﻊ ﺍﻟﻘﻠﻢ ﻋﻦ ﺛﻼﺛﺔ : ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺎﺋﻢ ﺣﺘﻰ ﻳﺴﺘﻴﻘﻆ، ﻭﻋﻦ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮ ﺣﺘﻰ ﻳﻜﺒﺮ،ﻭﻋﻦ ﺍﻟﻤﺠﻨﻮﻥ ﺣﺘﻰ ﻳﻌﻘﻞ، ﺃﻭ ﻳﻔﻴﻖ ."
· ﺍﻟﺸﺮﻁ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ : ﺍﻹﺧﺘﻴﺎﺭ
ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻮﻗﻮﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻤُﻜﻔِّﺮ ﺑﺈﺭﺍﺩﺓ ﻭﺇﺧﺘﻴﺎﺭ ﻭﺍﻟﻤﺎﻧﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺎﺑﻠﻪ : ﺍﻹ ﻛﺮﺍﻩ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻮﻗﻮﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻤُﻜﻔِّﺮ ﻣﺨﺎﻓﺔ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺃﻭ ﻋﺬﺍﺏ ﻻ ﻳﺤﺘﻤﻞ ﻣﻊ ﻛﺮﻩ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﻌﻞ , ﻗﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ : " ﻣَﻦْ ﻛَﻔَﺮَ ﺑِﺎﻟﻠَّﻪِ ﻣِﻦْ ﺑَﻌْﺪِ ﺇِﻳﻤَﺎﻧِﻪِ ﺇِﻟَّﺎ ﻣَﻦْ ﺃُﻛْﺮِﻩَ ﻭَﻗَﻠْﺒُﻪُ ﻣُﻄْﻤَﺌِﻦٌّ ﺑِﺎﻟْﺈِﻳﻤَﺎﻥِ ." ﻭﺳﺒﺐ ﻧﺰﻭﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ ﺗﻌﺬﻳﺐ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭ ﻟﻌﻤﺎﺭ ﺑﻦ ﻳﺎﺳﺮ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﻭﻗﻮﻟﻬﻢ ﻟﻪ ﻟﻦ ﻧﺘﺮﻛﻚ ﺣﺘﻰ ﺗﺴﺐ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﺴﺒﻪ ﺛﻢ ﺟﺎﺀ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﻫﻮ ﻳﺒﻜﻲ ﻭﻳﻘﻮﻝ ﻫﻠﻜﺖ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﺤﻜﻰ ﺍﻟﻘﺼﺔ ﺛﻢ ﻗﺎﻝ ﻟﻪ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﻛﻴﻒ ﺗﺠﺪ ﻗﻠﺒﻚ ﻗﺎﻝ ﺑﺨﻴﺮ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻗﺎﻝ ﻓﺈﻥ ﻋﺎﺩﻭﺍ ﻓﻌﺪ .
· ﺍﻟﺸﺮﻁ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ : ﻋﺪﻡ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ
ﻭﻫﻮ ﻋﺪﻡ ﺇﺑﺎﺣﺔ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻤُﻜﻔِّﺮ ﺑﺴﺒﺐ ﻓﻬﻢ ﺧﺎﻃﺊ ﻵﻳﺔ ﻗﺮﺁﻧﻴﺔ ﺃﻭ ﺣﺪﻳﺚ ﻧﺒﻮﻱ ﻭﺍﻟﻤﺎﻧﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺎﺑﻠﻪ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﻭﻫﻮ ﺍﺳﺘﺒﺎﺣﺔ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻤُﻜﻔِّﺮ ﺑﺴﺒﺐ ﻓﻬﻢ ﺧﺎﻃﺊ ﻵﻳﺔ ﻗﺮﺁﻧﻴﺔ ﺃﻭ ﺣﺪﻳﺚ ﻧﺒﻮﻱ .
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : " ﺭَﺑَّﻨَﺎ ﻻَ ﺗُﺆَﺍﺧِﺬْﻧَﺎ ﺇِﻥ ﻧَّﺴِﻴﻨَﺎ ﺃَﻭْ ﺃَﺧْﻄَﺄْﻧَﺎ " ﻭﻳﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻄﺄ , ﺍﻟﺨﻄﺄ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺍﻟﻘﺮﺍﻥ ﺃﻭ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻭﻗﺪ ﺫﻫﺐ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﺳﺘﺤﻼﻝ ﺍﻟﺨﻤﺮ ﺑﺴﺒﺐ ﺗﺄﻭﻳﻞ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : " ﻟَﻴْﺲَ ﻋَﻠَﻰ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺁﻣَﻨُﻮﺍْ ﻭَﻋَﻤِﻠُﻮﺍْ ﺍﻟﺼَّﺎﻟِﺤَﺎﺕِ ﺟُﻨَﺎﺡٌ ﻓِﻴﻤَﺎ ﻃَﻌِﻤُﻮﺍْ ﺇِﺫَﺍ ﻣَﺎ ﺍﺗَّﻘَﻮﺍْ ﻭَّﺁﻣَﻨُﻮﺍ " ﻭﻟﻢ ﻳﺜﺒﺖ ﺃﻥ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻛﻔﺮﻭﻩ .
ﻭﻓﻲ ﺣﺪﻳﺚ ﺁﺧﺮ ﺑﻌﺚ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺧﺎﻟﺪ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻮﻟﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺱ ﺟﻴﺶ ﻟﻴﺤﺎﺻﺮ ﻗﺒﻴﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺣﺘﻰ ﻳﺴﻠﻤﻮﺍ ﺃﻭ ﻳﻐﻴﺮ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻓﻠﻤﺎ ﺣﺎﺻﺮﻫﻢ ﻗﺎﻟﻮﺍ ﺻﺒﺎﻧﺎ , ﺻﺒﺄﻧﺎ , ﻓﻬﺬﻩ ﺍﻟﻠﻔﻈﺔ ﺗﺤﺘﻤﻞ ﻣﻌﻨﻴﻴﻦ , ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻷﻭﻝ , ﺧﺮﺟﻨﺎ ﻣﻦ ﺩﻳﻦ ﺁﺑﺎﺋﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﺳﻼﻡ , ﻭﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ , ﺧﺮﺟﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻭﻗﺪ ﻗﺼﺪﻭﺍ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻷﻭﻝ , ﻓﻔﻬﻢ ﺧﺎﻟﺪ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﺄﻏﺎﺭ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻭﺍﺳﺘﺤﻞ ﺩﻣﺎﺋﻬﻢ , ﻓﻠﻤﺎ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧﻲ ﺃﺑﺮﺍ ﺇﻟﻴﻚ ﻣﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﺧﺎﻟﺪ ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻔﺮﻩ ﻷﻧﻪ ﻣﺘﺄﻭﻝ .
ﻭﻳﺸﺘﺮﻁ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺎﻧﻊ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﻭﺟﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ﻟﺘﺨﺮﺝ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻼﺕ ﺍﻟﻔﺎﺳﺪﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﻘﺒﻠﻬﺎ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭﻻ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻛﺘﻔﺴﻴﺮ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ﻟﻠﺒﻘﺮﺓ ﺑﻌﺎﺋﺸﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ .
ﺍﻟﺸﺮﻁ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ : ﺑﻠﻮﻍ ﺍﻟﺤﺠﺔ
ﻭﻫﻮ ﻭﺻﻮﻝ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻟﻠﻮﺍﻗﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ , ﻭﺍﻟﻤﺎﻧﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺎﺑﻠﻪ ﻋﺪﻡ ﺑﻠﻮﻍ ﺍﻟﺤﺠﺔ , ﻭﻫﻮ ﻋﺪﻡ ﻭﺻﻮﻝ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻟﻠﻮﺍﻗﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻔﺮ , ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : " ﻭَﻣَﺎ ﻛُﻨَّﺎ ﻣُﻌَﺬِّﺑِﻴﻦَ ﺣَﺘَّﻰ ﻧَﺒْﻌَﺚَ ﺭَﺳُﻮﻝً ."
ﻓﺈﻥ ﺗﺤﻘﻘﺖ ﺟﻤﻴﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻀﻮﺍﺑﻂ ﺟﺎﺯ ﺗﻜﻔﻴﺮ ﺍﻟﻤﻌﻴﻦ ﻭﻗﻠﻤﺎ ﺗﺘﺤﻘﻖ
ﻛﺘﺒﻪ : ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻫﺸﺎﻡ ﺃﺑﻮﺍﻟﺤﺴﻦ ﺍﻟﻤﺤﺠﻮﺑﻲ
ﻗﺎﻝ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ , ﻟﻴﺲ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻭﻗﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻭﻗﻊ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻋﻠﻴﻪ , ﺃﻱ ﻟﻴﺲ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺍﻗﺘﺮﻑ ﻓﻌﻼ ﻛﻔﺮﻳﺎ ﻳﺤﻜﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﻟﺨﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﺍﻹﺳﻼﻡ , ﺑﻞ ﻳﺠﺐ ﻣﺮﺍﻋﺎﺓ ﺛﻼﺛﺔ ﺿﻮﺍﺑﻂ ﺍﻧﻌﻘﺪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺇﺟﻤﺎﻉ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﻋﻬﺪ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺇﻟﻰ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬﺍ .
ﺍﻟﻀﺎﺑﻂ ﺍﻷﻭﻝ : ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺣﻖ ﺍﻟﺘﻜﻔﻴﺮ ﺇﻻ ﻟﻜﺒﺎﺭ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻟﻤﻮﺛﻮﻕ ﺑﻌﻠﻤﻬﻢ . ﻓﺎﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﺣﺮﻡ ﺍﻟﻔﺘﻮﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻟﻐﻴﺮ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻓﻤﻦ ﺑﺎﺏ ﺃﻭﻟﻰ ﺍﻟﻔﺘﻮﻯ ﺑﺘﻜﻔﻴﺮ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻟﻤﺎ ﻳﺘﺮﺗﺐ ﻋﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﺤﻼﻝ ﺩﻡ ﻭﻋﺮﺽ ﻭﻣﺎﻝ ﺍﻟﻤُﻜﻔَّﺮﻭﻷﻥ ﺍﻟﺨﻄﺄ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻜﻔﻴﺮ ﻻ ﻳﻌﺬﺭ ﺑﻪ ﺍﻟﻤُﻜﻔِّﺮ ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ " ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﻷﺧﻴﻪ ﻳﺎ ﻛﺎﻓﺮ ﻭﻟﻴﺲ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﺣﺎﺭ ﻋﻠﻴﻪ " ﻭﻓﻲ ﺭﻭﺍﻳﺔ " ﻓﻘﺪ ﺑﺎﺀ ﺑﻪ ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ " ﻟﺬﺍ ﻗﺎﻝ ﺑﻌﺾ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻷﻥ ﺃﺧﻄﺊ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﺧﻴﺮ ﻟﻲ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺃﺧﻄﺊ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺔ .
ﻭﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ " ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﻓﻲ ﻣﺆﻣﻦ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻪ ﻓﻘﺪ ﺍﺳﻜﻨﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺭﺩﻏﺔ ﺍﻟﺨﺒﺎﻝ " ﻭﺭﺩﻏﺔ ﺍﻟﺨﺒﺎﻝ ﻫﻲ ﻋﺼﺎﺭﺓ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻨﺎﺭ , ﻭﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻲ ﺣﺪﻳﺚ ﺁﺧﺮ , ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ " ﻣﻦ ﻋﺎﺩ ﻟﻲ ﻭﻟﻴﺎ ﻓﻘﺪ ﺁﺫﻧﺘﻪ ﺑﺎﻟﺤﺮﺏ " ﻭﻣﺤﻞ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﺃﻥ ﻣﻦ ﻛﻔَّﺮ ﻣﺴﻠﻤﺎ ﺑﻐﻴﺮ ﺣﻖ ﺣﺎﺭﺑﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭ ﺍﻵﺧﺮﺓ .
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺤﺎﻓﻆ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺒﺮ ﻭﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ , ﻣﻦ ﺛﺒﺖ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﺇﺳﻼﻣﻪ ﺑﻴﻘﻴﻦ ﻓﻼ ﻧﺨﺮﺟﻪ ﻣﻨﻪ ﺑﺸﻚ , ﻭ ﻣﻌﻨﻰ ﻛﻼﻣﻪ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻻ ﻳﻜﻔﺮ ﺇﻻ ﺑﻴﻘﻴﻦ ﺗﺎﻡ ﻭ ﺍﻟﻴﻘﻴﻦ ﺍﻟﺘﺎﻡ ﺃﻫﻠﻪ ﻧﺤﺎﺭﻳﺮ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ .
ﺍﻟﻀﺎﺑﻂ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ
ﺍﻹﻋﺘﻘﺎﺩ ﺃﻭ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺃﻭ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻤُﻜﻔِّﺮ , ﻫﻞ ﻫﻮ ﻛﻔﺮ ﺻﺮﻳﺢ ﺃﻭ ﻳﺤﺘﻤﻞ , ﻓﺎﻥ ﻛﺎﻥ ﻛﻔﺮﺍ ﺻﺮﻳﺤﺎ ﻳﻜﻔﺮ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻓﻴﻪ ﺑﻌﺪ ﺗﻤﺎﻡ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻀﻮﺍﺑﻂ , ﻭﺃﻣﺎ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻳﺤﺘﻤﻞ ﻓﻼ ﻳﺠﻮﺯ ﺗﻜﻔﻴﺮﻩ ﻷﻥ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﺗﻘﻮﻝ " ﻣﺎ ﺗﻄﺮﻕ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻹﺣﺘﻤﺎﻝ ﺑﻄﻞ ﺑﻪ ﺍﻹﺳﺘﺪﻻﻝ "
ﺍﻟﻀﺎﺑﻂ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ
ﺍﻟﺸﺨﺺ ﻧﻔﺴﻪ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻔﺮ , ﻫﻞ ﺗﻮﻓﺮﺕ ﻓﻴﻪ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺷﺮﻭﻁ , ﻭﺍﻧﺘﻔﺖ ﺍﻟﻤﻮﺍﻧﻊ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻘﺎﺑﻠﻬﺎ , ﻓﺈﻥ ﺍﻧﺘﻔﻰ ﻣﻨﻬﺎ ﺷﺮﻁ ﻭﺍﺣﺪ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺗﻜﻔﻴﺮﻩ , ﻭﻫﻲ :
· ﺍﻟﺸﺮﻁ ﺍﻷﻭﻝ : ﺍﻟﻌﻠﻢ
ﻭﻳﻌﻨﻲ ﻫﻨﺎ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭ ﺍﻟﺒﻠﻮﻍ ﻭﻣﻌﺮﻓﺔ ﻛﻔﺮ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻭ ﺍﻟﻤﺎﻧﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺎﺑﻠﻪ : ﺫﻫﺎﺏ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺑﺴﺒﺐ ﺟﻨﻮﻥ ﺃﻭ ﻧﻮﻡ ﺃﻭ ﺇﻏﻤﺎﺀ ﺃﻭ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﺒﻠﻮﻍ ﺃﻭ ﺍﻟﺠﻬﻞ ﺑﻜﻔﺮ ﺍﻟﻔﻌﻞ . ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : " ﺭَﺑَّﻨَﺎ ﻻَ ﺗُﺆَﺍﺧِﺬْﻧَﺎ ﺇِﻥ ﻧَّﺴِﻴﻨَﺎ ﺃَﻭْ ﺃَﺧْﻄَﺄْﻧَﺎ ﺭَﺑَّﻨَﺎ ﻭَﻻَ ﺗَﺤْﻤِﻞْ ﻋَﻠَﻴْﻨَﺎ ﺇِﺻْﺮﺍً ﻛَﻤَﺎ ﺣَﻤَﻠْﺘَﻪُ ﻋَﻠَﻰ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﻣِﻦ ﻗَﺒْﻠِﻨَﺎ ﺭَﺑَّﻨَﺎ ﻭَﻻَ ﺗُﺤَﻤِّﻠْﻨَﺎ ﻣَﺎ ﻻَ ﻃَﺎﻗَﺔَ ﻟَﻨَﺎ ﺑِﻪِ "
ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ " ﻭﺿﻊ ﻋﻦ ﺃﻣﺘﻲ ﺍﻟﻨﺴﻴﺎﻥ ﻭ ﺍﻟﺨﻄﺄ ﻭﻣﺎ ﺍﺳﺘﻜﺮﻫﻮﺍ ﻋﻠﻴﻪ "
ﻭﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ " ﺭﻓﻊ ﺍﻟﻘﻠﻢ ﻋﻦ ﺛﻼﺛﺔ : ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺎﺋﻢ ﺣﺘﻰ ﻳﺴﺘﻴﻘﻆ، ﻭﻋﻦ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮ ﺣﺘﻰ ﻳﻜﺒﺮ،ﻭﻋﻦ ﺍﻟﻤﺠﻨﻮﻥ ﺣﺘﻰ ﻳﻌﻘﻞ، ﺃﻭ ﻳﻔﻴﻖ ."
· ﺍﻟﺸﺮﻁ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ : ﺍﻹﺧﺘﻴﺎﺭ
ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻮﻗﻮﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻤُﻜﻔِّﺮ ﺑﺈﺭﺍﺩﺓ ﻭﺇﺧﺘﻴﺎﺭ ﻭﺍﻟﻤﺎﻧﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺎﺑﻠﻪ : ﺍﻹ ﻛﺮﺍﻩ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻮﻗﻮﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻤُﻜﻔِّﺮ ﻣﺨﺎﻓﺔ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺃﻭ ﻋﺬﺍﺏ ﻻ ﻳﺤﺘﻤﻞ ﻣﻊ ﻛﺮﻩ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﻌﻞ , ﻗﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ : " ﻣَﻦْ ﻛَﻔَﺮَ ﺑِﺎﻟﻠَّﻪِ ﻣِﻦْ ﺑَﻌْﺪِ ﺇِﻳﻤَﺎﻧِﻪِ ﺇِﻟَّﺎ ﻣَﻦْ ﺃُﻛْﺮِﻩَ ﻭَﻗَﻠْﺒُﻪُ ﻣُﻄْﻤَﺌِﻦٌّ ﺑِﺎﻟْﺈِﻳﻤَﺎﻥِ ." ﻭﺳﺒﺐ ﻧﺰﻭﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ ﺗﻌﺬﻳﺐ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭ ﻟﻌﻤﺎﺭ ﺑﻦ ﻳﺎﺳﺮ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﻭﻗﻮﻟﻬﻢ ﻟﻪ ﻟﻦ ﻧﺘﺮﻛﻚ ﺣﺘﻰ ﺗﺴﺐ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﺴﺒﻪ ﺛﻢ ﺟﺎﺀ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﻫﻮ ﻳﺒﻜﻲ ﻭﻳﻘﻮﻝ ﻫﻠﻜﺖ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﺤﻜﻰ ﺍﻟﻘﺼﺔ ﺛﻢ ﻗﺎﻝ ﻟﻪ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﻛﻴﻒ ﺗﺠﺪ ﻗﻠﺒﻚ ﻗﺎﻝ ﺑﺨﻴﺮ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻗﺎﻝ ﻓﺈﻥ ﻋﺎﺩﻭﺍ ﻓﻌﺪ .
· ﺍﻟﺸﺮﻁ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ : ﻋﺪﻡ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ
ﻭﻫﻮ ﻋﺪﻡ ﺇﺑﺎﺣﺔ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻤُﻜﻔِّﺮ ﺑﺴﺒﺐ ﻓﻬﻢ ﺧﺎﻃﺊ ﻵﻳﺔ ﻗﺮﺁﻧﻴﺔ ﺃﻭ ﺣﺪﻳﺚ ﻧﺒﻮﻱ ﻭﺍﻟﻤﺎﻧﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺎﺑﻠﻪ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﻭﻫﻮ ﺍﺳﺘﺒﺎﺣﺔ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﻤُﻜﻔِّﺮ ﺑﺴﺒﺐ ﻓﻬﻢ ﺧﺎﻃﺊ ﻵﻳﺔ ﻗﺮﺁﻧﻴﺔ ﺃﻭ ﺣﺪﻳﺚ ﻧﺒﻮﻱ .
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : " ﺭَﺑَّﻨَﺎ ﻻَ ﺗُﺆَﺍﺧِﺬْﻧَﺎ ﺇِﻥ ﻧَّﺴِﻴﻨَﺎ ﺃَﻭْ ﺃَﺧْﻄَﺄْﻧَﺎ " ﻭﻳﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻄﺄ , ﺍﻟﺨﻄﺄ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺍﻟﻘﺮﺍﻥ ﺃﻭ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻭﻗﺪ ﺫﻫﺐ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﺳﺘﺤﻼﻝ ﺍﻟﺨﻤﺮ ﺑﺴﺒﺐ ﺗﺄﻭﻳﻞ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : " ﻟَﻴْﺲَ ﻋَﻠَﻰ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺁﻣَﻨُﻮﺍْ ﻭَﻋَﻤِﻠُﻮﺍْ ﺍﻟﺼَّﺎﻟِﺤَﺎﺕِ ﺟُﻨَﺎﺡٌ ﻓِﻴﻤَﺎ ﻃَﻌِﻤُﻮﺍْ ﺇِﺫَﺍ ﻣَﺎ ﺍﺗَّﻘَﻮﺍْ ﻭَّﺁﻣَﻨُﻮﺍ " ﻭﻟﻢ ﻳﺜﺒﺖ ﺃﻥ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻛﻔﺮﻭﻩ .
ﻭﻓﻲ ﺣﺪﻳﺚ ﺁﺧﺮ ﺑﻌﺚ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺧﺎﻟﺪ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻮﻟﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺱ ﺟﻴﺶ ﻟﻴﺤﺎﺻﺮ ﻗﺒﻴﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺣﺘﻰ ﻳﺴﻠﻤﻮﺍ ﺃﻭ ﻳﻐﻴﺮ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻓﻠﻤﺎ ﺣﺎﺻﺮﻫﻢ ﻗﺎﻟﻮﺍ ﺻﺒﺎﻧﺎ , ﺻﺒﺄﻧﺎ , ﻓﻬﺬﻩ ﺍﻟﻠﻔﻈﺔ ﺗﺤﺘﻤﻞ ﻣﻌﻨﻴﻴﻦ , ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻷﻭﻝ , ﺧﺮﺟﻨﺎ ﻣﻦ ﺩﻳﻦ ﺁﺑﺎﺋﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﺳﻼﻡ , ﻭﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ , ﺧﺮﺟﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻭﻗﺪ ﻗﺼﺪﻭﺍ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻷﻭﻝ , ﻓﻔﻬﻢ ﺧﺎﻟﺪ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﺄﻏﺎﺭ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻭﺍﺳﺘﺤﻞ ﺩﻣﺎﺋﻬﻢ , ﻓﻠﻤﺎ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧﻲ ﺃﺑﺮﺍ ﺇﻟﻴﻚ ﻣﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﺧﺎﻟﺪ ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻔﺮﻩ ﻷﻧﻪ ﻣﺘﺄﻭﻝ .
ﻭﻳﺸﺘﺮﻁ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺎﻧﻊ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﻭﺟﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ﻟﺘﺨﺮﺝ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻼﺕ ﺍﻟﻔﺎﺳﺪﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﻘﺒﻠﻬﺎ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭﻻ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻛﺘﻔﺴﻴﺮ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ﻟﻠﺒﻘﺮﺓ ﺑﻌﺎﺋﺸﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ .
ﺍﻟﺸﺮﻁ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ : ﺑﻠﻮﻍ ﺍﻟﺤﺠﺔ
ﻭﻫﻮ ﻭﺻﻮﻝ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻟﻠﻮﺍﻗﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ , ﻭﺍﻟﻤﺎﻧﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺎﺑﻠﻪ ﻋﺪﻡ ﺑﻠﻮﻍ ﺍﻟﺤﺠﺔ , ﻭﻫﻮ ﻋﺪﻡ ﻭﺻﻮﻝ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻟﻠﻮﺍﻗﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻔﺮ , ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : " ﻭَﻣَﺎ ﻛُﻨَّﺎ ﻣُﻌَﺬِّﺑِﻴﻦَ ﺣَﺘَّﻰ ﻧَﺒْﻌَﺚَ ﺭَﺳُﻮﻝً ."
ﻓﺈﻥ ﺗﺤﻘﻘﺖ ﺟﻤﻴﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻀﻮﺍﺑﻂ ﺟﺎﺯ ﺗﻜﻔﻴﺮ ﺍﻟﻤﻌﻴﻦ ﻭﻗﻠﻤﺎ ﺗﺘﺤﻘﻖ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق