ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻔﻘﻬــــﺎﺀ :
ﺃﻫﻢ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻳﻤﻜﻦ ﺇﺩﺭﺍﺟﻬﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻠﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻘﺎﻁ :
-11 ﺍﺧﺘﻼﻑ ﺃﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﺩﻻﻟﺔ ﺃﻟﻔﺎﻇﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻌﺎﻧﻲ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺩﻭﻥ ﺷﻚ ﻫﻲ ﺃﻭﺳﻊ ﻟﻐﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻔﺮﺩﺍﺕ ﻭﺃﺩﻗﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺮ، ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ – ﺷﺄﻧﻬﺎ ﺷﺄﻥ ﺳﺎﺋﺮ ﻟﻐﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ – ﺗﺘﻌﺪﺩ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﺗﺨﺘﻠﻒ ﻣﻌﺎﻧﻲ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ، ﻏﺮﺍﺑﺔ ﻭﺍﺷﺘﺮﺍﻛﺎ، ﻛﻤﺎ ﺗﺘﺮﺍﻭﺡ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺎﺯ، ﻭﺍﻟﻌﻤﻮﻡ ﻭﺍﻟﺨﺼﻮﺹ، ﺇﻟﻰ ﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻌﺮﻭﻑ ﻓﻲ ﻛﺘﺐ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ، ﻭﺣﻴﺎﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺪﺩ ﻭﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﻻﺑﺪ ﺃﻥ ﺗﺘﻌﺪﺩ ﺍﻷﻓﻬﺎﻡ ﻭﺗﺨﺘﻠﻒ ﺍﻻﺳﺘﻨﺒﺎﻃﺎﺕ، ﻓﺘﺨﺘﻠﻒ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ، ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﺜﻼ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ( ﻭَﺍﻟْﻤُﻄَﻠَّﻘَﺎﺕُ ﻳَﺘَﺮَﺑَّﺼْﻦَ ﺑِﺄَﻧْﻔُﺴِﻬِﻦَّ ﺛَﻼﺛَﺔَ ﻗُﺮُﻭﺀٍ )( ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ 228: ) ، ﻓﻘﺪ ﺍﺧﺘﻠﻒ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻨﻰ ( ﺍﻟﻘﺮﺀ ) ﺇﺫ ﻫﻮ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﺳﻢ ﻟﻠﺤﻴﺾ ﻭﺍﻟﻄﻬﺮ ﻣﻌﺎ، ﻓﺬﻫﺐ ﺍﻟﺤﻨﻔﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﺑﻪ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻟﺤﻴﺾ، ﻭﺍﺳﺘﺪﻟﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺑﺄﺩﻟﺔ ﻭﻗﺮﺍﺋﻦ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺃﻳﻀﺎ، ﻭﻣﻨﺎﻁ ﺍﺧﺘﻼﻓﻬﻢ ﺍﻷﺻﻠﻲ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﻟﻜﻠﻤﺔ ﻗﺮﺀ، ﻭﺇﻧﻬﺎ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻄﻬﺮ ﻭﺍﻟﺤﻴﺾ ﻣﻌﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺴﺎﻭﻱ .
ﻭﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺃﻳﻀﺎ ﺍﺧﺘﻼﻓﻬﻢ ﻓﻲ ﺣﻜﻢ ﻟﻤﺲ ﻳﺪ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﻫﻞ ﻳﻨﻘﺾ ﺍﻟﻮﺿﻮﺀ ﺃﻭ ﻻ، ﻓﺬﻫﺐ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻧﻪ ﻳﻨﻘﺾ ﺍﻟﻮﺿﻮﺀ، ﻭﺫﻫﺐ ﺍﻟﺤﻨﻔﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻨﻘﻀﻪ، ﻭﻣﻨﺎﻁ ﺍﺧﺘﻼﻓﻬﻢ ﻫﻮ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻟﻤﺲ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺭﺩ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ( ﺃَﻭْ ﻻﻣَﺴْﺘُﻢُ ﺍﻟﻨِّﺴَﺎﺀَ ﻓَﻠَﻢْ ﺗَﺠِﺪُﻭﺍ ﻣَﺎﺀً ﻓَﺘَﻴَﻤَّﻤُﻮﺍ ﺻَﻌِﻴﺪﺍً ﻃَﻴِّﺒﺎً ﻓَﺎﻣْﺴَﺤُﻮﺍ ﺑِﻮُﺟُﻮﻫِﻜُﻢْ ﻭَﺃَﻳْﺪِﻳﻜُﻢْ ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻛَﺎﻥَ ﻋَﻔُﻮّﺍً ﻏَﻔُﻮﺭﺍً ) ( ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ 43: ) ، ﻓﻘﺪ ﺫﻫﺐ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﺑﺬﻟﻚ ﻫﻮ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻤﺲ ﻟﻐﺔ، ﻭﻫﻮ ﺣﺎﺻﻞ ﺑﻤﺠﺮﺩ ﺍﺗﺼﺎﻝ ﺑﺸﺮﺓ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺑﺒﺸﺮﺓ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ، ﻷﻥ ﺃﺻﻞ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻫﻮ ﺫﻟﻚ، ﻭﻻ ﻳﻌﺪﻝ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺻﻞ ﺇﻻ ﺑﺪﻟﻴﻞ، ﻭﻻ ﺩﻟﻴﻞ ﻫﻨﺎ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺍﻟﻌﺪﻭﻝ، ﻭﺫﻫﺐ ﺍﻟﺤﻨﻔﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﺑﺎﻟﻤﺲ ﻫﻨﺎ ﻟﻴﺲ ﻫﻮ ﺣﻘﻴﻘﺘﻪ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ، ﺑﻞ ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﺑﻪ ﺍﻟﻤﺒﺎﺷﺮﺓ ﺍﻟﻔﺎﺣﺸﺔ، ﻭﻫﻲ ﺗﻤﺎﺱ ﺍﻟﻔﺮﺟﻴﻦ ﻣﻊ ﺍﻻﻧﺘﺸﺎﺭ، ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺪﻻﻟﺔ ﻭﻗﺮﺍﺋﻦ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻣﻔﺼﻠﺔ ﻓﻲ ﻛﺘﺐ ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ ﻛﺎﻓﻴﺔ ﻓﻲ ﻧﻈﺮﻫﻢ ﻟﻨﻘﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﺇﻟﻰ ﻭﺿﻊ ﺷﺮﻋﻲ ﺧﺎﺹ ﺑﻪ، ﻓﻤﺜﺎﺭ ﺍﻟﺨﻼﻑ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﺍﺣﺘﻤﺎﻝ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻟﻬﺬﺍ ﻭﺫﻟﻚ .
-22 ﺍﺧﺘﻼﻑ ﺍﻷﺋﻤﺔ ﻓﻲ ﺻﺤﺔ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ، ﻓﺎﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻤﻄﻬﺮﺓ ﻫﻲ ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ، ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﺭﺩﺕ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﻣﻨﻘﻮﻟﺔ ﻓﻲ ﺻﺪﻭﺭ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ، ﻭﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﺑﺸﺮ ﻳﺼﺪﻗﻮﻥ ﻭﻳﻜﺬﺑﻮﻥ، ﻛﻤﺎ ﺃﻧﻬﻢ ﻳﺤﻔﻈﻮﻥ ﻭﻳﻨﺴﻮﻥ، ﻭﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺭﻓﻌﻬﻢ ﻓﻮﻕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺗﺒﺔ، ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺍﻗﺘﻔﻮﺍ ﺃﺛﺮﻫﻢ ﻭﺩﺭﺳﻮﺍ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ﻭﺳﻠﻮﻛﻬﻢ ﺭﺟﺎﻝ ﺃﻳﻀﺎً، ﺗﺨﺘﻠﻒ ﺃﻧﻈﺎﺭﻫﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺍﻭﻱ، ﻓﻤﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﺮﺍﻩ ﻣﻮﺛﻮﻗﺎً ﺑﻪ، ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﺮﺍﻩ ﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ، ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﻃﺒﻌﻴﺎً ﺃﻥ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻻﺣﺘﺠﺎﺝ ﺑﺒﻌﺾ ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ﺩﻭﻥ ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ﺍﻷﺧﺮﻯ، ﻭﻃﺒﻌﻲ ﺃﻳﻀﺎً ﺃﻥ ﻳﺬﻫﺐ ﺇﻣﺎﻡ ﺇﻟﻰ ﺗﺮﺟﻴﺢ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺭﺍﻭ ﻋﻠﻰ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺁﺧﺮ ﻟﻮﺛﻮﻗﻪ ﺑﻪ ﺃﻛﺜﺮ، ﻭﻳﺬﻫﺐ ﻓﻘﻴﻪ ﺁﺧﺮ ﻟﺘﺮﺟﻴﺢ ﻣﺨﺎﻟﻒ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺘﺮﺟﻴﺢ، ﺍﻋﺘﻤﺎﺩﺍً ﻣﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﻭﺛﻮﻗﻪ ﺑﺎﻟﺮﺍﻭﻱ ﺍﻵﺧﺮ .
ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﺃﺩﻯ ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ ﺍﻷﻣﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﻔﺮﻋﻴﺔ ﺗﺒﻌﺎً ﻟﻼﺧﺘﻼﻑ ﻓﻲ ﻣﺪﻯ ﺍﻟﻮﺛﻮﻕ ﺑﺎﻟﺮﺍﻭﻱ، ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻕ ﺗﺮﺟﻴﺢ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺎﺕ ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﺗﻌﺎﺭﺿﺖ، ﻭﻣﺪﻯ ﺃﺧﺬﻫﻢ ﺑﺒﻌﺾ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺃﻭ ﺍﻋﺘﺬﺍﺭﻫﻢ ﻋﻨﻪ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﺃﺛﺮ ﻛﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﺧﺘﻼﻓﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﻔﺮﻋﻴﺔ، ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﺜﻼً ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﻤﺮﺳﻞ، ﻳﺄﺧﺬ ﺑﻪ ﺍﻟﺤﻨﻔﻴﺔ ﻭﻳﻔﻀﻠﻮﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﻤﺘﺼﻞ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎً، ﺧﻼﻓﺎً ﻟﻠﺸﺎﻓﻌﻴﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺮﻓﻀﻮﻥ ﺍﻻﺣﺘﺠﺎﺝ ﺑﺎﻟﻤﺮﺳﻞ ﻣﻄﻠﻘﺎً، ﺇﻻ ﻣﺮﺍﺳﻴﻞ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺍﻟﻤﺴﻴﺐ ﺍﻟﺘﻲ ﺛﺒﺖ ﺑﺘﺘﺒﻌﻬﺎ ﺃﻧﻬﺎ ﻛﻠﻬﺎ ﻣﺘﺼﻠﺔ .
ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻷﺧﺬ ﺑﻘﻮﻝ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﻲ ﻭﻋﻤﻠﻪ ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻷﺧﺬ ﺑﻬﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﺃﺛﺮ ﻛﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ، ﻓﺎﻟﺤﻨﻔﻴﺔ ﻻ ﻳﺠﻴﺰﻭﻥ ﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺇﻟﻰ ﻗﻮﻝ ﻏﻴﺮﻫﻢ، ﻭﻳﻌﺘﺒﺮﻭﻥ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﻲ ﺣﺠﺔ، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ ﻓﻴﺠﻴﺰﻭﻥ ﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻟﻬﻢ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺍﺿﻊ .
-33 ﺍﺧﺘﻼﻑ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﺓ ﺍﻻﺣﺘﺠﺎﺝ ﺑﺒﻌﺾ ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺉ ﻭﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﺔ، ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﺜﻼً ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻨﻔﻴﺔ ﻳﺬﻫﺒﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻗﻄﻌﻲ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺘﺨﺼﻴﺺ، ﻓﺈﺫﺍ ﺩﺧﻠﻪ ﺍﻟﺘﺨﺼﻴﺺ ﻧﺰﻝ ﺇﻟﻰ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﺍﻟﻈﻨﻴﺔ، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ ﻓﻴﻌﺘﺒﺮﻭﻥ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻇﻨﻴﺎً ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺘﺨﺼﻴﺺ ﻭﺑﻌﺪﻩ، ﻭﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻳﺠﻴﺰﻭﻥ ﺗﺨﺼﻴﺺ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺑﺎﻟﺪﻟﻴﻞ ﺍﻟﻈﻨﻲ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺤﻨﻔﻴﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻟﻢ ﻳﺠﻴﺰﻭﺍ ﺗﺨﺼﻴﺼﻪ ﻟﻠﻤﺮﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺇﻻ ﺑﺪﻟﻴﻞ ﻗﻄﻌﻲ .
ﻭﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺃﻳﻀﺎً ﺍﺧﺘﻼﻓﻬﻢ ﻓﻲ ﺣﻤﻞ ﺍﻟﻤﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻘﻴﺪ، ﻓﻘﺪ ﺗﻮﺳﻊ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ ﻓﻲ ﺣﻤﻞ ﺍﻟﻤﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻘﻴﺪ ﻓﻘﻴﺪﻭﺍ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﺮﻗﺒﺔ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩﺓ ﻓﻲ ﻛﻔﺎﺭﺓ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﺑﺎﻟﻤﺆﻣﻨﺔ ﺟﺮﻳﺎً ﻋﻠﻰ ﺗﻘﻴﻴﺪﻫﺎ ﻓﻲ ﻛﻔﺎﺭﺓ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺑﺬﻟﻚ، ﺧﻼﻓﺎً ﻟﻠﺤﻨﻔﻴﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﻘﻴﺪﻭﻧﻬﺎ ﺑﺬﻟﻚ .
ﻭﻣﻨﻪ ﺃﻳﻀﺎً ﺍﺧﺘﻼﻓﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺣﺘﺠﺎﺝ ﺑﻤﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺔ، ﻓﻘﺪ ﺫﻫﺐ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﺣﺘﺠﺎﺝ ﺑﻪ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ ﻓﻲ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﻤﻮﺍﺿﻊ ﺧﻼﻓﺎً ﻟﻠﺤﻨﻔﻴﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺭﻓﻀﻮﺍ ﺍﻟﺘﻌﻮﻳﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﻤﻮﺍﺿﻊ .
ﻭﻣﻨﻪ ﺃﻳﻀﺎً ﺍﺧﺘﻼﻓﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺟﻮﺍﺯ ﻧﺴﺦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺑﺎﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻔﺔ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﺑﺎﻟﻘﺮﺁﻥ، ﻓﻘﺪ ﺃﺟﺎﺯﻩ ﺍﻟﺤﻨﻔﻴﺔ ﻭﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭ ﻭﻣﻨﻌﻪ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ .
ﻭﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﻛﺜﻴﺮ ﻳﻌﺮﻑ ﻓﻲ ﻛﺘﺐ ﺍﻷﺻﻮﻝ .
-44 ﺍﺧﺘﻼﻓﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﺘﻌﺎﺭﺽ ﻭﺍﻟﺘﺮﺟﻴﺢ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﺩﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻇﺎﻫﺮﻫﺎ ﺍﻟﺘﻌﺎﺭﺽ ﻭﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺾ، ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺻﺪﻯ ﻻﺧﺘﻼﻓﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﻭﻗﻮﺍﻋﺪﻩ ﻭﺷﺮﻭﻃﻪ، ﻭﺍﻟﺘﺨﺼﻴﺺ ﻭﻃﺮﻗﻪ ﻭﺷﺮﻭﻃﻪ ﻭﺿﻮﺍﺑﻄﻪ، ﺇﻟﻰ ﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﺔ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺘﺮﺟﻴﺢ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﺩﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻇﺎﻫﺮﻫﺎ ﺍﻟﺘﻌﺎﺭﺽ، ﻭﻫﻮ ﻣﺒﺴﻮﻁ ﻓﻲ ﻛﺘﺐ ﺍﻷﺻﻮﻝ ﺃﻳﻀﺎً .
-55 ﺍﺧﺘﻼﻓﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﻭﺿﻮﺍﺑﻄﻪ، ﻓﺎﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻣﻊ ﺍﺗﻔﺎﻗﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺣﺘﺠﺎﺝ ﺑﺎﻟﻘﻴﺎﺱ ﻭﺍﻻﺳﺘﺪﻻﻝ ﺑﻪ ـ ﻋﺪﺍ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﻳﺔ ـ ﻳﺨﺘﻠﻔﻮﻥ ﻓﻲ ﺷﺮﻭﻁ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﻭﺷﺮﻭﻁ ﺍﻟﻌﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺼﺢ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﺑﻬﺎ ﻭﻣﺴﺎﻟﻜﻬﺎ ﻭﻣﻨﺎﻃﺎﺗﻬﺎ، ﻭﺗﺮﺟﻴﺢ ﻋﻠَّﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺧﺮﻯ ﻋﻨﺪ ﺗﻌﺎﺭﺿﻬﺎ ﻭﻃﺮﻕ ﺛﺒﻮﺕ ﺍﻟﻌﻠﺔ ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻻﺧﺘﻼﻓﺎﺕ ﺍﻟﻤﺸﺮﻭﺣﺔ ﻓﻲ ﻛﺘﺐ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ . ﺣﺘﻰ ﺃﻧﻚ ﻻ ﺗﻜﺎﺩ ﺗﺮﻯ ﺃﺻﻼً ﻭﺍﺣﺪﺍ ﺍﺗﻔﻘﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺤﺠﻴﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ .
-66 ﺍﺧﺘﻼﻓﻬﻢ ﻓﻲ ﺻﺤﺔ ﺍﻻﻋﺘﻤﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺩﻟﺔ ﺍﻹﺟﻤﺎﻟﻴﺔ، ﻛﺎﻻﺳﺘﺤﺴﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺫﻫﺐ ﺍﻟﺤﻨﻔﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﺣﺘﺠﺎﺝ ﺑﻪ، ﻭﺫﻫﺐ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﻋﺪﻡ ﺍﻻﺣﺘﺠﺎﺝ ﺑﻪ، ﺣﺘﻰ ﻧﻘﻞ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻗﻮﻟﻪ ( ﻣﻦ ﺍﺳﺘﺤﺴﻦ ﻓﻘﺪ ﺷﺮﻉ ) ، ﻭﺍﻻﺳﺘﺼﻼﺡ ﺍﻟﺬﻱ ﺫﻫﺐ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﺣﺘﺠﺎﺝ ﺑﻪ ﺍﻟﻤﺎﻟﻜﻴﺔ ﻭﻟﻢ ﻳﻌﺘﺒﺮﻩ ﺍﻟﺤﻨﻔﻴﺔ ﺃﺻﻼً ﻣﻦ ﺃﺻﻮﻟﻬﻢ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺄﺧﺬﻭﻥ ﺑﻪ ﺿﻤﻨﺎً، ﻭﻗﻮﻝ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻘﺪﻡ ﺑﻴﺎﻥ ﺍﺧﺘﻼﻓﻬﻢ ﻓﻴﻪ، ﻭﻋﻤﻞ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﺫﻫﺐ ﺇﻟﻰ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺍﻟﻤﺎﻟﻜﻴﺔ ﺩﻭﻥ ﻏﻴﺮﻫﻢ، ﺣﺘﻰ ﺇﻧﻬﻢ ﻗﺪﻣﻮﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ، ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻷﺻﻮﻝ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺧﺘﻠﻔﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺣﺘﺠﺎﺝ ﺑﻬﺎ ﺃﻭ ﺷﺮﻭﻁ ﺫﻟﻚ ﺍﻻﺣﺘﺠﺎﺝ ﻭﺣﺪﻭﺩﻩ .
-77 ﺍﺧﺘﻼﻑ ﺑﻴﺌﺎﺕ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻭﻋﺼﻮﺭﻫﻢ، ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻟﺬﻟﻚ ﺃﺛﺮ ﻛﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﺧﺘﻼﻓﻬﻢ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﻭﺍﻟﻔﺮﻭﻉ، ﺣﺘﻰ ﺇﻥ ﺍﻟﻔﻘﻴﻪ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﺟﻊ ﻋﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺃﻗﻮﺍﻟﻪ ﺇﻟﻰ ﺃﻗﻮﺍﻝ ﺃﺧﺮﻯ ﺇﺫﺍ ﺗﻌﺮﺽ ﻟﺒﻴﺌﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﺗﺨﺎﻟﻒ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻥ ﻓﻴﻬﺎ، ﻭﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﺣﺪﺙ ﻟﻺﻣﺎﻡ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺑﻌﺪ ﻣﻐﺎﺩﺭﺗﻪ ﺑﻐﺪﺍﺩ ﺇﻟﻰ ﻣﺼﺮ، ﻓﻘﺪ ﻋﺪﻝ ﻋﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺁﺭﺍﺀﻩ ﺍﻟﻤﺎﺿﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺳﺘﻘﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﺬﻫﺒﻪ ﻓﻲ ﺑﻐﺪﺍﺩ، ﻭﻗﺪ ﻛﺜﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺪﻭﻝ ﺣﺘﻰ ﻋﺪ ﺫﻟﻚ ﻣﺬﻫﺒﺎً ﺟﺪﻳﺪﺍً ﻟﻪ، ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻋﺪﻭﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻋﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻵﺭﺍﺀ ﺍﻟﻔﻘﻬﻴﺔ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺍﺣﺘﻜﺎﻛﻪ ﺑﺎﻟﻨﺎﺱ ﻭﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﺑﺄﺣﻮﺍﻟﻬﻢ، ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ ﺍﻟﺼﺎﺣﺒﻴﻦ ﺃﺑﻲ ﻳﻮﺳﻒ ﻭﻣﺤﻤﺪ ﻷﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﻔﻘﻬﻴﺔ ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺗﻐﻴﺮ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ، ﺣﺘﻰ ﺇﻧﻬﻤﺎ ﻧﺼﺎ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻣﻌﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﻋﺼﺮﻫﻤﺎ ﻟﺮﺟﻊ ﻋﻦ ﻗﻮﻟﻪ ﺇﻟﻰ ﻗﻮﻟﻬﻤﺎ، ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﺜﻼً ﺧﻴﺎﺭ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ، ﻓﻘﺪ ﺫﻫﺐ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺭﺅﻳﺔ ﺍﻟﻤﺸﺘﺮﻱ ﻟﻈﺎﻫﺮ ﻏﺮﻑ ﺍﻟﺪﺍﺭ ﻛﺎﻑ ﻹﺳﻘﺎﻁ ﺧﻴﺎﺭ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ ﺍﻟﺜﺎﺑﺖ ﻟﻪ ﻓﻴﻬﺎ، ﻭﺫﻫﺐ ﺍﻟﺼﺎﺣﺒﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺧﻴﺎﺭ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ ﻻ ﻳﺴﻘﻂ ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ، ﻭﻣﻨﺎﻁ ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻭﺭ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﻋﻬﺪ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺗﺴﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﻧﺴﻖ ﻭﺍﺣﺪ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎً، ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺭﺅﻳﺔ ﺍﻟﻐﺮﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﺩﺍﻟﺔ ﻏﺎﻟﺒﺎً ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺩﺍﺧﻠﻬﺎ، ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻷﻣﺮ ﺗﻐﻴﺮ ﻓﻲ ﻋﻬﺪ ﺍﻟﺼﺎﺣﺒﻴﻦ، ﻭﺑﺪﺃ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﺘﻔﻨﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ﻓﻜﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻣﻨﺎﻃﺎ ﻟﺴﻘﻮﻁ ﺧﻴﺎﺭ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ، ﻓﻠﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﺪﺍﺭ ﻣﺘﻮﻓﺮﺍً ﺑﺎﻟﺮﺅﻳﺔ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﺯﻣﻦ ﺃﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﺳﻘﻂ ﺑﻬﺎ ﺧﻴﺎﺭ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ ﻋﻨﺪﻩ، ﻭﻟﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ ﺯﻣﻦ ﺍﻟﺼﺎﺣﺒﻴﻦ ﺃﻓﺘﻴﺎ ﺑﻌﺪﻡ ﺳﻘﻮﻃﻪ ﺑﻬﺎ .
ﻭﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺃﻳﻀﺎً ﺍﺧﺘﻼﻑ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ ﺍﻟﻤﻌﺘﺒﺮﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻔﺎﺀﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺰﻭﺍﺝ، ﻓﻘﺪ ﺫﻫﺐ ﺃﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﻔﺎﺀﺓ ﻣﻌﺘﺒﺮﺓ ﻓﻲ ﺧﻤﺲ ﺻﻔﺎﺕ ﻫﻲ : ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ، ﻭﺍﻟﻨﺴﺐ، ﻭﺍﻟﻤﺎﻝ، ﻭﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﺇﺳﻼﻡ ﺍﻵﺑﺎﺀ، ﻭﺫﻫﺐ ﻣﺤﻤﺪ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﻔﺎﺀﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺍﻟﺘﻘﻮﻯ ﻟﻴﺴﺖ ﺷﺮﻃﺎً، ﻭﺫﻫﺐ ﺃﺑﻮ ﻳﻮﺳﻒ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﻔﺎﺀﺓ ﻣﻌﺘﺒﺮﺓ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﻭﻳﻀﺎﻑ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﻟﺤﺮﻓﺔ .
ﻭﺫﻫﺐ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﻔﺎﺀﺓ ﻣﻌﺘﺒﺮﺓ ﻓﻲ ﺧﻤﺲ ﺻﻔﺎﺕ، ﻫﻲ : ﺍﻟﺴﻼﻣﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻴﻮﺏ، ﻭﺍﻟﺤﺮﻳﺔ، ﻭﺍﻟﻨﺴﺐ، ﻭﺍﻟﻌﻔﺔ، ﻭﻫﻲ : ﺍﻟﺘﺪﻳﻦ ﻭﺍﻟﺼﻼﺡ ﻭﺍﻟﺒﻌﺪ ﻋﻤﺎ ﻻ ﻳﺤﻞ، ﻭﺍﻟﺤﺮﻓﺔ .
ﻭﺫﻫﺐ ﺍﻟﺤﻨﺒﻠﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﺍﻟﻤﻌﺘﺒﺮﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻔﺎﺀﺓ ﺧﻤﺲ، ﻫﻲ : ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﺍﻟﻨﺴﺐ، ﻭﺍﻟﺤﺮﻳﺔ، ﻭﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ، ﻭﺍﻟﻴﺴﺎﺭ، ﻭﻓﻲ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺍﺛﻨﺘﺎﻥ ﻓﻘﻂ ﻫﻤﺎ : ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺍﻟﻨﺴﺐ ﻻ ﻏﻴﺮ،
ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻤﺎﻟﻜﻴﺔ، ﻓﻠﻢ ﻳﻌﺘﺒﺮﻭﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻔﺎﺀﺓ ﺇﻻ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﺍﻟﺴﻼﻣﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻴﻮﺏ، ﻭﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﻗﻮﻝ .
ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﺭﺍﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﺍﻟﻌﺼﻮﺭ ﻭﺍﻟﺒﻴﺌﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﺎﺷﻮﺍ ﻓﻴﻬﺎ، ﻭﻫﻮ ﻋﻼﻣﺔ ﺻﺤِّﻴَّﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺮﻭﻧﺔ ﻧﺼﻮﺹ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻊ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ، ﻭﺃﺧﺬﻫﺎ ﺑﻤﺒﺪﺃ ﻗﺎﺑﻠﻴﺔ ﺗﻐﻴﺮ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﺑﺘﻐﻴﺮ ﺍﻷﺯﻣﺎﻥ .
ﻭﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﻣﻌﻨﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺤﻠﻞ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻭﻓﻘﺎً ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ، ﻓﺎﻥ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺿﻮﺍﺑﻂ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺗﻮﻓﺮ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﺤﻤﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺰﻭﻝ ﺇﻟﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﻌﺒﺚ ﻭﺍﻟﺘﻼﻋﺐ ﺑﺎﻷﺣﻜﺎﻡ، ﻭﻗﺪ ﻧﺺ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺑﺪﻗﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ، ﻭﺃﺣﺎﻃﻮﻫﺎ ﺑﺴﻴﺎﺝ ﻣﻨﻴﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻴﻮﺩ ﻭﺍﻟﺸﺮﻭﻁ .
ﻫﺬﻩ ﻫﻲ ﺃﻫﻢ ﺃﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﺃﻭﺟﺰﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﺳﺒﻊ ﻧﻘﺎﻁ، ﻭﺿﺮﺑﺖ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﻣﺜﻠﺔ ﻟﻬﺎ ﻟﺘﺰﻳﺪﻫﺎ ﻭﺿﻮﺣﺎً ﻭﺟﻼﺀ، ﻭﻟﻴﻄﻠﻊ ﺍﻟﺪﺍﺭﺱ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺎﻁ ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻓﻲ ﻓﺮﻭﻉ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ، ﻭﺃﺻﺎﻟﺘﻪ ﻭﺩﻗﺘﻪ .
ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺃﺣﻤﺪ ﺍﻟﺤﺠﻲ ﺍﻟﻜﺮﺩﻱ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺑﺤﻮﺙ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ
ﺃﻫﻢ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻳﻤﻜﻦ ﺇﺩﺭﺍﺟﻬﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻠﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻘﺎﻁ :
-11 ﺍﺧﺘﻼﻑ ﺃﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﺩﻻﻟﺔ ﺃﻟﻔﺎﻇﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻌﺎﻧﻲ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺩﻭﻥ ﺷﻚ ﻫﻲ ﺃﻭﺳﻊ ﻟﻐﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻔﺮﺩﺍﺕ ﻭﺃﺩﻗﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺮ، ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ – ﺷﺄﻧﻬﺎ ﺷﺄﻥ ﺳﺎﺋﺮ ﻟﻐﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ – ﺗﺘﻌﺪﺩ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﺗﺨﺘﻠﻒ ﻣﻌﺎﻧﻲ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ، ﻏﺮﺍﺑﺔ ﻭﺍﺷﺘﺮﺍﻛﺎ، ﻛﻤﺎ ﺗﺘﺮﺍﻭﺡ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺎﺯ، ﻭﺍﻟﻌﻤﻮﻡ ﻭﺍﻟﺨﺼﻮﺹ، ﺇﻟﻰ ﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻌﺮﻭﻑ ﻓﻲ ﻛﺘﺐ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺩﻻﻟﺔ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ، ﻭﺣﻴﺎﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺪﺩ ﻭﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﻻﺑﺪ ﺃﻥ ﺗﺘﻌﺪﺩ ﺍﻷﻓﻬﺎﻡ ﻭﺗﺨﺘﻠﻒ ﺍﻻﺳﺘﻨﺒﺎﻃﺎﺕ، ﻓﺘﺨﺘﻠﻒ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ، ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﺜﻼ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ( ﻭَﺍﻟْﻤُﻄَﻠَّﻘَﺎﺕُ ﻳَﺘَﺮَﺑَّﺼْﻦَ ﺑِﺄَﻧْﻔُﺴِﻬِﻦَّ ﺛَﻼﺛَﺔَ ﻗُﺮُﻭﺀٍ )( ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ 228: ) ، ﻓﻘﺪ ﺍﺧﺘﻠﻒ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻨﻰ ( ﺍﻟﻘﺮﺀ ) ﺇﺫ ﻫﻮ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﺳﻢ ﻟﻠﺤﻴﺾ ﻭﺍﻟﻄﻬﺮ ﻣﻌﺎ، ﻓﺬﻫﺐ ﺍﻟﺤﻨﻔﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﺑﻪ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻟﺤﻴﺾ، ﻭﺍﺳﺘﺪﻟﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺑﺄﺩﻟﺔ ﻭﻗﺮﺍﺋﻦ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺃﻳﻀﺎ، ﻭﻣﻨﺎﻁ ﺍﺧﺘﻼﻓﻬﻢ ﺍﻷﺻﻠﻲ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﻟﻜﻠﻤﺔ ﻗﺮﺀ، ﻭﺇﻧﻬﺎ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻄﻬﺮ ﻭﺍﻟﺤﻴﺾ ﻣﻌﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺴﺎﻭﻱ .
ﻭﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺃﻳﻀﺎ ﺍﺧﺘﻼﻓﻬﻢ ﻓﻲ ﺣﻜﻢ ﻟﻤﺲ ﻳﺪ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﻫﻞ ﻳﻨﻘﺾ ﺍﻟﻮﺿﻮﺀ ﺃﻭ ﻻ، ﻓﺬﻫﺐ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻧﻪ ﻳﻨﻘﺾ ﺍﻟﻮﺿﻮﺀ، ﻭﺫﻫﺐ ﺍﻟﺤﻨﻔﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻨﻘﻀﻪ، ﻭﻣﻨﺎﻁ ﺍﺧﺘﻼﻓﻬﻢ ﻫﻮ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻟﻤﺲ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺭﺩ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ( ﺃَﻭْ ﻻﻣَﺴْﺘُﻢُ ﺍﻟﻨِّﺴَﺎﺀَ ﻓَﻠَﻢْ ﺗَﺠِﺪُﻭﺍ ﻣَﺎﺀً ﻓَﺘَﻴَﻤَّﻤُﻮﺍ ﺻَﻌِﻴﺪﺍً ﻃَﻴِّﺒﺎً ﻓَﺎﻣْﺴَﺤُﻮﺍ ﺑِﻮُﺟُﻮﻫِﻜُﻢْ ﻭَﺃَﻳْﺪِﻳﻜُﻢْ ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻛَﺎﻥَ ﻋَﻔُﻮّﺍً ﻏَﻔُﻮﺭﺍً ) ( ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ 43: ) ، ﻓﻘﺪ ﺫﻫﺐ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﺑﺬﻟﻚ ﻫﻮ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻤﺲ ﻟﻐﺔ، ﻭﻫﻮ ﺣﺎﺻﻞ ﺑﻤﺠﺮﺩ ﺍﺗﺼﺎﻝ ﺑﺸﺮﺓ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺑﺒﺸﺮﺓ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ، ﻷﻥ ﺃﺻﻞ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻫﻮ ﺫﻟﻚ، ﻭﻻ ﻳﻌﺪﻝ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺻﻞ ﺇﻻ ﺑﺪﻟﻴﻞ، ﻭﻻ ﺩﻟﻴﻞ ﻫﻨﺎ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺍﻟﻌﺪﻭﻝ، ﻭﺫﻫﺐ ﺍﻟﺤﻨﻔﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﺑﺎﻟﻤﺲ ﻫﻨﺎ ﻟﻴﺲ ﻫﻮ ﺣﻘﻴﻘﺘﻪ ﺍﻟﻠﻐﻮﻳﺔ، ﺑﻞ ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﺑﻪ ﺍﻟﻤﺒﺎﺷﺮﺓ ﺍﻟﻔﺎﺣﺸﺔ، ﻭﻫﻲ ﺗﻤﺎﺱ ﺍﻟﻔﺮﺟﻴﻦ ﻣﻊ ﺍﻻﻧﺘﺸﺎﺭ، ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺪﻻﻟﺔ ﻭﻗﺮﺍﺋﻦ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻣﻔﺼﻠﺔ ﻓﻲ ﻛﺘﺐ ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ ﻛﺎﻓﻴﺔ ﻓﻲ ﻧﻈﺮﻫﻢ ﻟﻨﻘﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﺇﻟﻰ ﻭﺿﻊ ﺷﺮﻋﻲ ﺧﺎﺹ ﺑﻪ، ﻓﻤﺜﺎﺭ ﺍﻟﺨﻼﻑ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﺍﺣﺘﻤﺎﻝ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻟﻬﺬﺍ ﻭﺫﻟﻚ .
-22 ﺍﺧﺘﻼﻑ ﺍﻷﺋﻤﺔ ﻓﻲ ﺻﺤﺔ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ، ﻓﺎﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻤﻄﻬﺮﺓ ﻫﻲ ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ، ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﺭﺩﺕ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﻣﻨﻘﻮﻟﺔ ﻓﻲ ﺻﺪﻭﺭ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ، ﻭﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﺑﺸﺮ ﻳﺼﺪﻗﻮﻥ ﻭﻳﻜﺬﺑﻮﻥ، ﻛﻤﺎ ﺃﻧﻬﻢ ﻳﺤﻔﻈﻮﻥ ﻭﻳﻨﺴﻮﻥ، ﻭﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺭﻓﻌﻬﻢ ﻓﻮﻕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺗﺒﺔ، ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺍﻗﺘﻔﻮﺍ ﺃﺛﺮﻫﻢ ﻭﺩﺭﺳﻮﺍ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ﻭﺳﻠﻮﻛﻬﻢ ﺭﺟﺎﻝ ﺃﻳﻀﺎً، ﺗﺨﺘﻠﻒ ﺃﻧﻈﺎﺭﻫﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺍﻭﻱ، ﻓﻤﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﺮﺍﻩ ﻣﻮﺛﻮﻗﺎً ﺑﻪ، ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﺮﺍﻩ ﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ، ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﻃﺒﻌﻴﺎً ﺃﻥ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻻﺣﺘﺠﺎﺝ ﺑﺒﻌﺾ ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ﺩﻭﻥ ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ﺍﻷﺧﺮﻯ، ﻭﻃﺒﻌﻲ ﺃﻳﻀﺎً ﺃﻥ ﻳﺬﻫﺐ ﺇﻣﺎﻡ ﺇﻟﻰ ﺗﺮﺟﻴﺢ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺭﺍﻭ ﻋﻠﻰ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺁﺧﺮ ﻟﻮﺛﻮﻗﻪ ﺑﻪ ﺃﻛﺜﺮ، ﻭﻳﺬﻫﺐ ﻓﻘﻴﻪ ﺁﺧﺮ ﻟﺘﺮﺟﻴﺢ ﻣﺨﺎﻟﻒ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺘﺮﺟﻴﺢ، ﺍﻋﺘﻤﺎﺩﺍً ﻣﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﻭﺛﻮﻗﻪ ﺑﺎﻟﺮﺍﻭﻱ ﺍﻵﺧﺮ .
ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﺃﺩﻯ ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ ﺍﻷﻣﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﻔﺮﻋﻴﺔ ﺗﺒﻌﺎً ﻟﻼﺧﺘﻼﻑ ﻓﻲ ﻣﺪﻯ ﺍﻟﻮﺛﻮﻕ ﺑﺎﻟﺮﺍﻭﻱ، ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻕ ﺗﺮﺟﻴﺢ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺎﺕ ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﺗﻌﺎﺭﺿﺖ، ﻭﻣﺪﻯ ﺃﺧﺬﻫﻢ ﺑﺒﻌﺾ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺃﻭ ﺍﻋﺘﺬﺍﺭﻫﻢ ﻋﻨﻪ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﺃﺛﺮ ﻛﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﺧﺘﻼﻓﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﻔﺮﻋﻴﺔ، ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﺜﻼً ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﻤﺮﺳﻞ، ﻳﺄﺧﺬ ﺑﻪ ﺍﻟﺤﻨﻔﻴﺔ ﻭﻳﻔﻀﻠﻮﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﻤﺘﺼﻞ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎً، ﺧﻼﻓﺎً ﻟﻠﺸﺎﻓﻌﻴﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺮﻓﻀﻮﻥ ﺍﻻﺣﺘﺠﺎﺝ ﺑﺎﻟﻤﺮﺳﻞ ﻣﻄﻠﻘﺎً، ﺇﻻ ﻣﺮﺍﺳﻴﻞ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺍﻟﻤﺴﻴﺐ ﺍﻟﺘﻲ ﺛﺒﺖ ﺑﺘﺘﺒﻌﻬﺎ ﺃﻧﻬﺎ ﻛﻠﻬﺎ ﻣﺘﺼﻠﺔ .
ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻷﺧﺬ ﺑﻘﻮﻝ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﻲ ﻭﻋﻤﻠﻪ ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻷﺧﺬ ﺑﻬﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﺃﺛﺮ ﻛﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ، ﻓﺎﻟﺤﻨﻔﻴﺔ ﻻ ﻳﺠﻴﺰﻭﻥ ﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺇﻟﻰ ﻗﻮﻝ ﻏﻴﺮﻫﻢ، ﻭﻳﻌﺘﺒﺮﻭﻥ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﻲ ﺣﺠﺔ، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ ﻓﻴﺠﻴﺰﻭﻥ ﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻟﻬﻢ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺍﺿﻊ .
-33 ﺍﺧﺘﻼﻑ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﺓ ﺍﻻﺣﺘﺠﺎﺝ ﺑﺒﻌﺾ ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺉ ﻭﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﺔ، ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﺜﻼً ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻨﻔﻴﺔ ﻳﺬﻫﺒﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻗﻄﻌﻲ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺘﺨﺼﻴﺺ، ﻓﺈﺫﺍ ﺩﺧﻠﻪ ﺍﻟﺘﺨﺼﻴﺺ ﻧﺰﻝ ﺇﻟﻰ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﺍﻟﻈﻨﻴﺔ، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ ﻓﻴﻌﺘﺒﺮﻭﻥ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻇﻨﻴﺎً ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺘﺨﺼﻴﺺ ﻭﺑﻌﺪﻩ، ﻭﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻳﺠﻴﺰﻭﻥ ﺗﺨﺼﻴﺺ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺑﺎﻟﺪﻟﻴﻞ ﺍﻟﻈﻨﻲ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺤﻨﻔﻴﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻟﻢ ﻳﺠﻴﺰﻭﺍ ﺗﺨﺼﻴﺼﻪ ﻟﻠﻤﺮﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺇﻻ ﺑﺪﻟﻴﻞ ﻗﻄﻌﻲ .
ﻭﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺃﻳﻀﺎً ﺍﺧﺘﻼﻓﻬﻢ ﻓﻲ ﺣﻤﻞ ﺍﻟﻤﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻘﻴﺪ، ﻓﻘﺪ ﺗﻮﺳﻊ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ ﻓﻲ ﺣﻤﻞ ﺍﻟﻤﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻘﻴﺪ ﻓﻘﻴﺪﻭﺍ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﺮﻗﺒﺔ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩﺓ ﻓﻲ ﻛﻔﺎﺭﺓ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﺑﺎﻟﻤﺆﻣﻨﺔ ﺟﺮﻳﺎً ﻋﻠﻰ ﺗﻘﻴﻴﺪﻫﺎ ﻓﻲ ﻛﻔﺎﺭﺓ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺑﺬﻟﻚ، ﺧﻼﻓﺎً ﻟﻠﺤﻨﻔﻴﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﻘﻴﺪﻭﻧﻬﺎ ﺑﺬﻟﻚ .
ﻭﻣﻨﻪ ﺃﻳﻀﺎً ﺍﺧﺘﻼﻓﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺣﺘﺠﺎﺝ ﺑﻤﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺔ، ﻓﻘﺪ ﺫﻫﺐ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﺣﺘﺠﺎﺝ ﺑﻪ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ ﻓﻲ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﻤﻮﺍﺿﻊ ﺧﻼﻓﺎً ﻟﻠﺤﻨﻔﻴﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺭﻓﻀﻮﺍ ﺍﻟﺘﻌﻮﻳﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﻤﻮﺍﺿﻊ .
ﻭﻣﻨﻪ ﺃﻳﻀﺎً ﺍﺧﺘﻼﻓﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺟﻮﺍﺯ ﻧﺴﺦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺑﺎﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻔﺔ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﺑﺎﻟﻘﺮﺁﻥ، ﻓﻘﺪ ﺃﺟﺎﺯﻩ ﺍﻟﺤﻨﻔﻴﺔ ﻭﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭ ﻭﻣﻨﻌﻪ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ .
ﻭﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﻛﺜﻴﺮ ﻳﻌﺮﻑ ﻓﻲ ﻛﺘﺐ ﺍﻷﺻﻮﻝ .
-44 ﺍﺧﺘﻼﻓﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻗﻮﺍﻋﺪ ﺍﻟﺘﻌﺎﺭﺽ ﻭﺍﻟﺘﺮﺟﻴﺢ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﺩﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻇﺎﻫﺮﻫﺎ ﺍﻟﺘﻌﺎﺭﺽ ﻭﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺾ، ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺻﺪﻯ ﻻﺧﺘﻼﻓﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﻭﻗﻮﺍﻋﺪﻩ ﻭﺷﺮﻭﻃﻪ، ﻭﺍﻟﺘﺨﺼﻴﺺ ﻭﻃﺮﻗﻪ ﻭﺷﺮﻭﻃﻪ ﻭﺿﻮﺍﺑﻄﻪ، ﺇﻟﻰ ﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﺔ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺘﺮﺟﻴﺢ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﺩﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻇﺎﻫﺮﻫﺎ ﺍﻟﺘﻌﺎﺭﺽ، ﻭﻫﻮ ﻣﺒﺴﻮﻁ ﻓﻲ ﻛﺘﺐ ﺍﻷﺻﻮﻝ ﺃﻳﻀﺎً .
-55 ﺍﺧﺘﻼﻓﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﻭﺿﻮﺍﺑﻄﻪ، ﻓﺎﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻣﻊ ﺍﺗﻔﺎﻗﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺣﺘﺠﺎﺝ ﺑﺎﻟﻘﻴﺎﺱ ﻭﺍﻻﺳﺘﺪﻻﻝ ﺑﻪ ـ ﻋﺪﺍ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﻳﺔ ـ ﻳﺨﺘﻠﻔﻮﻥ ﻓﻲ ﺷﺮﻭﻁ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﻭﺷﺮﻭﻁ ﺍﻟﻌﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺼﺢ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﺑﻬﺎ ﻭﻣﺴﺎﻟﻜﻬﺎ ﻭﻣﻨﺎﻃﺎﺗﻬﺎ، ﻭﺗﺮﺟﻴﺢ ﻋﻠَّﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺧﺮﻯ ﻋﻨﺪ ﺗﻌﺎﺭﺿﻬﺎ ﻭﻃﺮﻕ ﺛﺒﻮﺕ ﺍﻟﻌﻠﺔ ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻻﺧﺘﻼﻓﺎﺕ ﺍﻟﻤﺸﺮﻭﺣﺔ ﻓﻲ ﻛﺘﺐ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ . ﺣﺘﻰ ﺃﻧﻚ ﻻ ﺗﻜﺎﺩ ﺗﺮﻯ ﺃﺻﻼً ﻭﺍﺣﺪﺍ ﺍﺗﻔﻘﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺤﺠﻴﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ .
-66 ﺍﺧﺘﻼﻓﻬﻢ ﻓﻲ ﺻﺤﺔ ﺍﻻﻋﺘﻤﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺩﻟﺔ ﺍﻹﺟﻤﺎﻟﻴﺔ، ﻛﺎﻻﺳﺘﺤﺴﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺫﻫﺐ ﺍﻟﺤﻨﻔﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﺣﺘﺠﺎﺝ ﺑﻪ، ﻭﺫﻫﺐ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﻋﺪﻡ ﺍﻻﺣﺘﺠﺎﺝ ﺑﻪ، ﺣﺘﻰ ﻧﻘﻞ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻗﻮﻟﻪ ( ﻣﻦ ﺍﺳﺘﺤﺴﻦ ﻓﻘﺪ ﺷﺮﻉ ) ، ﻭﺍﻻﺳﺘﺼﻼﺡ ﺍﻟﺬﻱ ﺫﻫﺐ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﺣﺘﺠﺎﺝ ﺑﻪ ﺍﻟﻤﺎﻟﻜﻴﺔ ﻭﻟﻢ ﻳﻌﺘﺒﺮﻩ ﺍﻟﺤﻨﻔﻴﺔ ﺃﺻﻼً ﻣﻦ ﺃﺻﻮﻟﻬﻢ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺄﺧﺬﻭﻥ ﺑﻪ ﺿﻤﻨﺎً، ﻭﻗﻮﻝ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻘﺪﻡ ﺑﻴﺎﻥ ﺍﺧﺘﻼﻓﻬﻢ ﻓﻴﻪ، ﻭﻋﻤﻞ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﺫﻫﺐ ﺇﻟﻰ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺍﻟﻤﺎﻟﻜﻴﺔ ﺩﻭﻥ ﻏﻴﺮﻫﻢ، ﺣﺘﻰ ﺇﻧﻬﻢ ﻗﺪﻣﻮﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ، ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻷﺻﻮﻝ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺧﺘﻠﻔﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺣﺘﺠﺎﺝ ﺑﻬﺎ ﺃﻭ ﺷﺮﻭﻁ ﺫﻟﻚ ﺍﻻﺣﺘﺠﺎﺝ ﻭﺣﺪﻭﺩﻩ .
-77 ﺍﺧﺘﻼﻑ ﺑﻴﺌﺎﺕ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻭﻋﺼﻮﺭﻫﻢ، ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻟﺬﻟﻚ ﺃﺛﺮ ﻛﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﺧﺘﻼﻓﻬﻢ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﻭﺍﻟﻔﺮﻭﻉ، ﺣﺘﻰ ﺇﻥ ﺍﻟﻔﻘﻴﻪ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﺟﻊ ﻋﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺃﻗﻮﺍﻟﻪ ﺇﻟﻰ ﺃﻗﻮﺍﻝ ﺃﺧﺮﻯ ﺇﺫﺍ ﺗﻌﺮﺽ ﻟﺒﻴﺌﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﺗﺨﺎﻟﻒ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻥ ﻓﻴﻬﺎ، ﻭﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﺣﺪﺙ ﻟﻺﻣﺎﻡ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺑﻌﺪ ﻣﻐﺎﺩﺭﺗﻪ ﺑﻐﺪﺍﺩ ﺇﻟﻰ ﻣﺼﺮ، ﻓﻘﺪ ﻋﺪﻝ ﻋﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺁﺭﺍﺀﻩ ﺍﻟﻤﺎﺿﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺳﺘﻘﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﺬﻫﺒﻪ ﻓﻲ ﺑﻐﺪﺍﺩ، ﻭﻗﺪ ﻛﺜﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺪﻭﻝ ﺣﺘﻰ ﻋﺪ ﺫﻟﻚ ﻣﺬﻫﺒﺎً ﺟﺪﻳﺪﺍً ﻟﻪ، ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻋﺪﻭﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻋﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻵﺭﺍﺀ ﺍﻟﻔﻘﻬﻴﺔ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺍﺣﺘﻜﺎﻛﻪ ﺑﺎﻟﻨﺎﺱ ﻭﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﺑﺄﺣﻮﺍﻟﻬﻢ، ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ ﺍﻟﺼﺎﺣﺒﻴﻦ ﺃﺑﻲ ﻳﻮﺳﻒ ﻭﻣﺤﻤﺪ ﻷﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﻔﻘﻬﻴﺔ ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺗﻐﻴﺮ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ، ﺣﺘﻰ ﺇﻧﻬﻤﺎ ﻧﺼﺎ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻣﻌﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﻋﺼﺮﻫﻤﺎ ﻟﺮﺟﻊ ﻋﻦ ﻗﻮﻟﻪ ﺇﻟﻰ ﻗﻮﻟﻬﻤﺎ، ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﺜﻼً ﺧﻴﺎﺭ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ، ﻓﻘﺪ ﺫﻫﺐ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺭﺅﻳﺔ ﺍﻟﻤﺸﺘﺮﻱ ﻟﻈﺎﻫﺮ ﻏﺮﻑ ﺍﻟﺪﺍﺭ ﻛﺎﻑ ﻹﺳﻘﺎﻁ ﺧﻴﺎﺭ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ ﺍﻟﺜﺎﺑﺖ ﻟﻪ ﻓﻴﻬﺎ، ﻭﺫﻫﺐ ﺍﻟﺼﺎﺣﺒﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺧﻴﺎﺭ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ ﻻ ﻳﺴﻘﻂ ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ، ﻭﻣﻨﺎﻁ ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻭﺭ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﻋﻬﺪ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺗﺴﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﻧﺴﻖ ﻭﺍﺣﺪ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎً، ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺭﺅﻳﺔ ﺍﻟﻐﺮﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﺩﺍﻟﺔ ﻏﺎﻟﺒﺎً ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺩﺍﺧﻠﻬﺎ، ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻷﻣﺮ ﺗﻐﻴﺮ ﻓﻲ ﻋﻬﺪ ﺍﻟﺼﺎﺣﺒﻴﻦ، ﻭﺑﺪﺃ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﺘﻔﻨﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ﻓﻜﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻣﻨﺎﻃﺎ ﻟﺴﻘﻮﻁ ﺧﻴﺎﺭ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ، ﻓﻠﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﺪﺍﺭ ﻣﺘﻮﻓﺮﺍً ﺑﺎﻟﺮﺅﻳﺔ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﺯﻣﻦ ﺃﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﺳﻘﻂ ﺑﻬﺎ ﺧﻴﺎﺭ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ ﻋﻨﺪﻩ، ﻭﻟﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ ﺯﻣﻦ ﺍﻟﺼﺎﺣﺒﻴﻦ ﺃﻓﺘﻴﺎ ﺑﻌﺪﻡ ﺳﻘﻮﻃﻪ ﺑﻬﺎ .
ﻭﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺃﻳﻀﺎً ﺍﺧﺘﻼﻑ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ ﺍﻟﻤﻌﺘﺒﺮﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻔﺎﺀﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺰﻭﺍﺝ، ﻓﻘﺪ ﺫﻫﺐ ﺃﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﻔﺎﺀﺓ ﻣﻌﺘﺒﺮﺓ ﻓﻲ ﺧﻤﺲ ﺻﻔﺎﺕ ﻫﻲ : ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ، ﻭﺍﻟﻨﺴﺐ، ﻭﺍﻟﻤﺎﻝ، ﻭﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﺇﺳﻼﻡ ﺍﻵﺑﺎﺀ، ﻭﺫﻫﺐ ﻣﺤﻤﺪ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﻔﺎﺀﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺍﻟﺘﻘﻮﻯ ﻟﻴﺴﺖ ﺷﺮﻃﺎً، ﻭﺫﻫﺐ ﺃﺑﻮ ﻳﻮﺳﻒ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﻔﺎﺀﺓ ﻣﻌﺘﺒﺮﺓ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﻭﻳﻀﺎﻑ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﻟﺤﺮﻓﺔ .
ﻭﺫﻫﺐ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﻔﺎﺀﺓ ﻣﻌﺘﺒﺮﺓ ﻓﻲ ﺧﻤﺲ ﺻﻔﺎﺕ، ﻫﻲ : ﺍﻟﺴﻼﻣﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻴﻮﺏ، ﻭﺍﻟﺤﺮﻳﺔ، ﻭﺍﻟﻨﺴﺐ، ﻭﺍﻟﻌﻔﺔ، ﻭﻫﻲ : ﺍﻟﺘﺪﻳﻦ ﻭﺍﻟﺼﻼﺡ ﻭﺍﻟﺒﻌﺪ ﻋﻤﺎ ﻻ ﻳﺤﻞ، ﻭﺍﻟﺤﺮﻓﺔ .
ﻭﺫﻫﺐ ﺍﻟﺤﻨﺒﻠﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﺍﻟﻤﻌﺘﺒﺮﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻔﺎﺀﺓ ﺧﻤﺲ، ﻫﻲ : ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﺍﻟﻨﺴﺐ، ﻭﺍﻟﺤﺮﻳﺔ، ﻭﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ، ﻭﺍﻟﻴﺴﺎﺭ، ﻭﻓﻲ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺍﺛﻨﺘﺎﻥ ﻓﻘﻂ ﻫﻤﺎ : ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺍﻟﻨﺴﺐ ﻻ ﻏﻴﺮ،
ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻤﺎﻟﻜﻴﺔ، ﻓﻠﻢ ﻳﻌﺘﺒﺮﻭﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻔﺎﺀﺓ ﺇﻻ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﺍﻟﺴﻼﻣﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻴﻮﺏ، ﻭﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﻗﻮﻝ .
ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﺭﺍﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﺍﻟﻌﺼﻮﺭ ﻭﺍﻟﺒﻴﺌﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﺎﺷﻮﺍ ﻓﻴﻬﺎ، ﻭﻫﻮ ﻋﻼﻣﺔ ﺻﺤِّﻴَّﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺮﻭﻧﺔ ﻧﺼﻮﺹ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻊ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ، ﻭﺃﺧﺬﻫﺎ ﺑﻤﺒﺪﺃ ﻗﺎﺑﻠﻴﺔ ﺗﻐﻴﺮ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﺑﺘﻐﻴﺮ ﺍﻷﺯﻣﺎﻥ .
ﻭﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﻣﻌﻨﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺤﻠﻞ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻭﻓﻘﺎً ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ، ﻓﺎﻥ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺿﻮﺍﺑﻂ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺗﻮﻓﺮ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﺤﻤﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺰﻭﻝ ﺇﻟﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﻌﺒﺚ ﻭﺍﻟﺘﻼﻋﺐ ﺑﺎﻷﺣﻜﺎﻡ، ﻭﻗﺪ ﻧﺺ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺑﺪﻗﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ، ﻭﺃﺣﺎﻃﻮﻫﺎ ﺑﺴﻴﺎﺝ ﻣﻨﻴﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻴﻮﺩ ﻭﺍﻟﺸﺮﻭﻁ .
ﻫﺬﻩ ﻫﻲ ﺃﻫﻢ ﺃﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﺃﻭﺟﺰﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﺳﺒﻊ ﻧﻘﺎﻁ، ﻭﺿﺮﺑﺖ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﻣﺜﻠﺔ ﻟﻬﺎ ﻟﺘﺰﻳﺪﻫﺎ ﻭﺿﻮﺣﺎً ﻭﺟﻼﺀ، ﻭﻟﻴﻄﻠﻊ ﺍﻟﺪﺍﺭﺱ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺎﻁ ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻓﻲ ﻓﺮﻭﻉ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ، ﻭﺃﺻﺎﻟﺘﻪ ﻭﺩﻗﺘﻪ .
ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺃﺣﻤﺪ ﺍﻟﺤﺠﻲ ﺍﻟﻜﺮﺩﻱ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺑﺤﻮﺙ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق