استحباب تسويد النبي الكريم في الأذان والإقامة والتشهد، والصلاة عليه جهرا
استحباب تسويد النبي الكريم في الأذان والإقامة والتشهد، والصلاة عليه جهرًا
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وصلى الله على سيدنا محمدٍ وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه وممن لم ينخدع بتمويه أحداث الأسنان سفهاء الأحلام الذين يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم كما وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم, وبعد؛
استحباب تسويد النبي الكريم في الأذان والإقامة والتشهد، والصلاة عليه جهرًا
تسويد النبي صلى الله عليه وسلم في الأذان والإقامة والتشهد، والصلاة عليه جهرًا بعد الأذان التاريخ17/ 09/2005
السؤال اطلعنا على الطلب المقيد برقم 2356 لسنة 2005م المتضمن:
ما حكم الدين في الصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله جهرًا بعد الأذان؟
وما حكم الدين في تسويده صلى الله عليه وآله وسلم في الأذان والإقامة والتشهد كأن يقال " أشهد أن سيدنا محمدًا رسول الله "، وذلك على الرغم مما يقال من أن التشهد كان خطابًا من الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم؛ حيث خاطبه الله بالشهادة له بالرسالة، مما يقتضي عدم جواز السيادة فيها؟
الجواب
أمانة الفتوى
أولاً: الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد الأذان سنة ثابتة في الأحاديث الصحيحة، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ؛ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لاَ تَنْبَغِي إِلاَّ لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ لِيَ الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ» رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي.
أما صيغة الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فالأمر بذلك مطلق والباب فيه واسع، ولم يأت نص يوجب صيغة بذاتها أو ينهى عن صيغة بذاتها بعد الأذان، وجميع الصيغ المشروعة داخلة في عموم الأمر بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد الأذان، قال الحافظ السخاوي في (القول البديع): قد روينا عن ابن مسدي ما نصه: وقد رُوي في كيفية الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم أحاديث كثيرة، وذهب جماعة من الصحابة فمن بعدهم إلى أن هذا الباب لا يُوقَف فيه مع المنصوص، واحتجوا بقول ابن مسعود مرفوعًا وموقوفًا: " أحسنوا الصلاة على نبيكم؛ فإنكم لا تدرون لعل ذلك يُعْرَضُ عليه ".اهـ.
ولفظ هذا الحديث عند ابن ماجه بسند حسن عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: «إِذَا صَلَّيْتُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم فَأَحْسِنُوا الصَّلاَةَ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّكُمْ لاَ تَدْرُونَ لَعَلَّ ذَلِكَ يُعْرَضُ عَلَيْهِ» قَالَ: فَقَالُوا لَهُ: فَعَلِّمْنَا قَالَ: «قُولُوا: اللَّهُمَّ اجْعَلْ صَلاَتَكَ وَرَحْمَتَكَ وَبَرَكَاتِكَ عَلَى سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ وَإِمَامِ الْمُتَّقِينَ وَخَاتَمِ النَّبِيِّينَ مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ إِمَامِ الْخَيْرِ وَقَائِدِ الْخَيْرِ وَرَسُولِ الرَّحْمَةِ، اللَّهُمَّ ابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا يَغْبِطُهُ بِهِ الأَوَّلُونَ وَالآخِرُونَ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ».
كما أنه لم يأت نص يوجب الجهر أو الإسرار بها فالأمر فيه أيضًا واسع، وإذا شرع الله سبحانه وتعالى أمرًا على جهة الإطلاق وكان يحتمل في فعله وكيفية إيقاعه أكثر من وجه فإنه يؤخذ على إطلاقه وسعته ولا يصح تقييده بوجه دون وجه إلا بدليل.
على أنه قد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما يدل على الجهر بالصلاة عليه بعد الأذان، فقد روى الطبراني في معجمه الكبير عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول إذا سمع المؤذن: «اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة صل على محمد وأعطه سؤله يوم القيامة» وكان يُسمِعُها من حوله ويحب أن يقولوا مثل ذلك إذا سمعوا المؤذن، قال: «ومن قال مثل ذلك إذا سمع المؤذن وجَبت له شفاعة محمد صلى الله عليه وآله وسلم يوم القيامة».
وعلى كل حال فالأمر في ذلك واسع، والصواب ترك الناس على سجاياهم، فمن شاء صلى بما شاء كما شاء، ومن شاء ترك الجهر بها أو اقتصر على الصيغة التي يريدها، والعبرة في ذلك حيث يجد المسلم قلبه، وليس لأحد أن ينكر على الآخر في مثل ذلك ما دام الأمر فيه واسعًا.
ثانيًا: سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم هو جوهرة النفوس وتاج الرؤوس وسيد ولد آدم أجمعين، ولا يدخل الإنسان دائرة الإيمان إلا بحبه وتعظيمه وتوقيره والشهادة برسالته؛ فهو أحد ركني الشهادتين؛ إذ لا يقبل الله تعالى من أحد الوحدانية حتى يشفعها بأنه صلى الله عليه وآله وسلم رسوله إلى العالمين.
وقد عَلَّمَنَا الله تعالى الأدب مع سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم حين خاطب جميع النبيين بأسمائهم أما هو فلم يخاطبه باسمه مجردًا بل قال له: {يَا أَيُّهَاالنَّبِيُّ} {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ}، وأمرنا بالأدب معه وتوقيره فقال: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِوَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} (الفتح 8 - 9)، ومن توقيره تسويدُه كما قال قتادةُ والسُّدِّيُ: " وتوقروه ": وتُسَوِّدُوهُ، ونهانا عن التقديم بين يدي الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، وحذرنا من رفع الصوت على صوته الشريف صلى الله عليه وآله وسلم أو الجهر له بالقول فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّوَلاَ تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَأَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ * إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَأَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ} (الحجرات 1 - 3)،
ونهانا أن نخاطبه صلى الله عليه وآله وسلم كما يخاطب بعضنا بعضًا فقال تعالى: {لاَ تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُم بَعْضًا} (النور 63). فكان حقًّا علينا أن نمتثل لأمر
الله، وأن نتعلم مع حب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الأدب معه، ومن الأدب أن نُسَوِّدَهُ كلما ذُكِر، وأن نصلي عليه كلما ذُكِر، وأن لا نخاطبه باسمه مجردًا عن الإجلال والتبجيل.
وقد أجمعت الأمة على استحباب اقتران اسمه الشريف صلى الله عليه وآله وسلم بالسيادة في غير الألفاظ الواردة المتعبد بها من قبل الشرع.
أما بالنسبة للوارد فمذهب كثير من المحققين وهو المعتمد عند الشافعية - كما نص عليه الجلالان المحلي والسيوطي والشيخان ابن حجر والرملي - وعند الحنفية - كما قال الحلبي والطحطاوي - وبعض المالكية: أنه يستحب اقتران الاسم الشريف بالسيادة أيضًا في الأذان والإقامة والصلاة بناءً على أن الأدب مقدم على الاتباع كما ظهر ذلك في موقف سيدنا علي رضي الله تعالى عنه في صلح الحديبية حيث رفض أن يمحو كلمة (رسول الله) عندما أمره النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمحوها؛ تقديمًا للأدب على الاتباع، وظهر ذلك أيضًا في تقهقر سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه في الصلاة بعد أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم له بأن يبقى مكانه وقال له بعد الصلاة: «مَا كَانَ لاِبْنِ أَبِي قُحَافَةَ أَنْ يَتَقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم»، وكذلك فعل سيدنا عثمان رضي الله عنه حيث أخر الطواف لما دخل مكة في قضية صلح الحديبية مع علمه بوجوب الطواف على من دخل مكة؛ أدبًا معه عليه الصلاة والسلام أن يطوف قبله وقال: «مَا كُنْتُ لأَفْعَلَ حَتَّى يَطُوفَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم».
قال العلامة الجلال المحلي: " الأدب مع مَنْ ذُكِرَ مطلوب شرعًا بذكر السيد؛ ففي حديث الصحيحين: «قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ» أي سعد بن معاذ، وسيادتُه بالعلم والدين، وقول المصلي (اللهم صل على سيدنا محمد) فيه الإتيان بما أُمِرنا به وزيادة الإخبار بالواقع الذي هو أدب، فهو أفضل من تركه فيما يظهر من الحديث السابق وإن تردد في أفضليته الشيخ جمال الدين الإسنوي، وأما حديث «لا تُسَيِّدُوني في الصلاة» فباطل لا أصل له كما قاله بعض متأخري الحفاظ " ا هـ.
وقال الحافظ السيوطي: " إنما لم يتلفظ صلى الله عليه وآله وسلم بلفظ السيادة حين تعليمهم كيفية الصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم لكراهيته الفخر؛ ولهذا قال: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلاَ فَخْرَ»، وأما
نحن فيجب علينا تعظيمه وتوقيره؛ ولهذا نهانا الله تعالى أن نناديه صلى الله عليه وآله وسلم باسمه فقال: {لاَ تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُم بَعْضًا} " ا هـ.
وفي " مفتاح الفلاح " للإمام العارف بالله ابن عطاء الله السكندري: " وإياك أن تترك لفظ السيادة ففيها سر يظهر لمن لازم هذه العبادة " ا هـ.
بينما يرى فريق آخر من العلماء الاقتصار في الألفاظ المتعبد بها على ما ورد؛ اتباعًا للفظ وفرارًا من الزيادة فيه.
وقد ألف العلامة الحافظ أحمد بن الصديق الغماري الحسني رحمه الله في هذه المسألة كتابًا حافلاً ماتعًا سماه [تشنيف الآذان بأدلة استحباب السيادة عند ذكر اسمه صلى الله عليه وآله وسلم في الصلاة والإقامة والأذان]
جمع فيه كل ما يتعلق باستحباب ذكر الاسم الشريف مقترنًا بالسيادة مقررًا أنه لا تنافي بين الأدب والاتباع لأن في السيادة اتباعًا من جهة أخرى وهي الأمر بتوقيره صلى الله عليه وآله وسلم والنهي عن مخاطبته كما يخاطب الناس بعضهم بعضًا.
وإزاء هذا الخلاف فإننا نرى الأمر فيه واسعًا، وليس لفريق أن ينكر على الآخر في الأمور الخلافية التي وسع من قبلنا الخلافُ فيها، والتنازع من أجل ذلك لا يرضاه الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، وليس ذكره صلى الله عليه وآله وسلم في الأذان مقترنًا بالسيادة مخالفًا للشرع، بل فاعل ذلك محمود ومثاب على فعله هذا، ونحن أحوج إلى حب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في هذا العصر من أي وقت آخر، فنحن في عصر تموج فيه الآراء وتختلف المشارب، وكثرت الفتن في الظاهر والباطن
وليس من نجاة من كل ذلك إلا بحب سيد الخلق سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، نعلمه أبناءنا وندعو إليه غيرنا ونبقى عليه إلى أن نلقى الله سبحانه فيشفعه فينا ويدخلنا الجنة من غير حساب ولا سابقة عقاب ولا عتاب، آمين.
وأما بالنسبة لما يُذْكَر من أن التشهد خطاب من الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم فإن هذا أمر ذوقي هو إلى الحكمة أقرب منه إلى العلة، والأحكام الشرعية منوطة بالأسباب والعلل لا بالأذواق والحِكَم؛ فإن المصلِّي إنما يقول التشهد على جهة الإنشاء من نفسه؛ مُحَيِّيًا اللهَ تعالى ومُسَلِّمًا على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ثم على نفسه وعلى عباد الله الصالحين وشاهدًا بوحدانية الله تعالى ورسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ولا يقصد بتشهده الإخبار والحكاية عما وقع في معراجه الشريف صلى الله عليه وآله وسلم من خطابه لربه سبحانه وخطاب ربه له صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا المعنى الإنشائي يقتضي من المصلي تسويده أيضًا عليه الصلاة والسلام في الشهادة له بالرسالة عند من استحب تسويده من العلماء، مع ملاحظة أن ذلك كله على سبيل الندب والاستحباب لا على سبيل الحتم والإيجاب.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
تمت الإجابة بتاريخ 20/ 9/2005
http://dar-alifta.gov.eg/ViewFatwa.aspx?ID=5615
أجمع المسلمون على ثبوت السيادة للنبي صلى الله عليه وسلم وعلى علميته في السيادة، قال الشرقاوي: «فلفظ (سيدنا) علم عليه صلى الله عليه وسلم» ([1])، وأما ما شذ به البعض للتمسك بظاهر بعض الأحاديث متوهمين تعارضها مع هذا الحكم فلا يعتد به؛ ومن هذه الأحاديث عن أبي نضرة، عن مطرف قال: قال أبي: انطلقت في وفد بني عامر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقلنا: أنت سيدنا، فقال: (السيد الله تبارك وتعالى). قلنا: وأفضلنا فضلاً وأعظمنا طَوْلاً، قال: (قولوا بقولكم أو بعض قولكم، ولا يسخر بكم الشيطان) ([2]).
وعن عبد الله بن الشخير يحدث، عن أبيه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أنت سيد قريش.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (السيد الله).قال: أنت أفضلها فيها قولاً وأعظمها فيها طَوْلاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليقل أحدكم بقوله، ولا يستجره الشيطان) ([3]).
فهذه الأحاديث بوبها رواة السنن في باب «كراهة التمادح» كما في أبي داود وغيره، وحملت على أن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم الأمة أن لا تتمادح، كما ورد النهي صريحًا عن التمادح، فعن عن أبي معمر قال: قام رجل يثنى على أمير من الأمراء، فجعل المقداد يحثي عليه التراب، وقال: «أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نحثي في وجوه المداحين التراب» ([4])، ولا يخفى ما في التمادح في الحضور من المداهنة، والأخلاق الذميمة التي يترفع عنها كل مسلم صادق.
وهذا الفهم الذي فهمه العلماء الكرام قال عنه ابن الأثير في النهاية: «أي هو الذي يحق له السيادة، كأنه كره أن يحمد في وجهه، وأحب التواضع. ومنه الحديث لما قالوا: أنت سيدنا، قال: (قولوا بقولكم).أي: ادعوني نبيًّا ورسولاً كما سماني الله، ولا تسموني سيدًا كما تسمون رؤساءكم، فإني لست كأحدهم ممن يسودكم في أسباب الدنيا» ([5]).
وقال ابن مفلح في معنى السيد: «والسيد يطلق على الرب، والمالك، والشريف، والفاضل، والحكيم، ومتحمل أذى قومه، والزوج، والرئيس، والمقدم» ([6]).
ولا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم ينطبق عليه هذا الاسم بأكثر من معنى من المعاني المذكورة. وقال أبو منصور: «كره النبي صلى الله عليه وسلم أن يمدح في وجهه وأحب التواضع لله تعالى» ([7]).
كما أن الأحاديث تتكلم عن الحقيقة، فليس هناك سيد على الحقيقة إلا الله، وإذا أسند هذا لغيره كان من قبيل المجاز، كقولك: «فلان رحيم»،فالرحيم على الحقيقة هو الله، وكقول الله تعالى: {قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ المَوْتِ الَّذِي وَكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ} ([8]) في حين أنه سبحانه وتعالى قال: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} ([9])، بل إن الله سبحانه وتعالى سمى من هو دون النبي صلى الله عليه وسلم سيدًا في القرآن كيحيى عليه السلام حين قال تعالى: {أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِياًّ مِّنَ الصَّالِحِينَ} ([10])
ولهذا ترى النبي صلى الله عليه وسلم نفسه يستعمل لفظ السيد لغير الله مع أصحابه، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم عن سعد بن معاذ رضي الله عنه حين قال صلى الله عليه وسلم للأنصار قوم سعد: «قوموا إلى سيدكم» ([11])،وكذلك أطلقه على نفسه صلى الله عليه وسلم حيث قال: «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر» ([12])، وقوله للحسن رضي الله عنه: «إن ابني هذا سيد» ([13])، بل ورد أن بعض أصحابه صلى الله عليه وسلم قال له: يا سيدي، فعن سهل بن حنيف قال: مر بنا سيل، فذهبنا نغتسل فيه، فخرجت محمومًا، فنمي ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مروا أبا ثابت يتعوذ».فقلت: يا سيدي والرقى صالحة؟ قال: «لا رقي إلا من ثلاث: من الحمى، والنّفْسِ، واللدغة» ([14])، فدل ذلك كله على أن هذه الأحاديث كانت لإثبات السيادة الحقيقية، وأنها لا تكون إلا لله، أو لكراهة التمادح في الوجه كما ذهب إلى ذلك شراح السنة النبوية المطهرة، وأن إطلاق لفظة «سيدنا» للدلالة عليه صلى الله عليه وسلم أو مقدمة على اسمه الشريف من قبيل الأدب العالي الذي أقره النبي صلى الله عليه وسلم من أصحابه رضي الله عنهم.
أما عن حكم تسويده صلى الله عليه وسلم في الصلاة، والأذان، وغيره من العبادات، فاختلف الفقهاء في حكم هذه المسألة، وقد نقل في كتب المذاهب الفقهية المعتمدة ندب الإتيان بلفظ «سيدنا»، قبل اسم الشريف حتى في العبادات كالصلاة والأذان.
فمن الحنفية الحصكفي صاحب الدر المختار؛ حيث قال: «ندب السيادة؛ لأن زيادة الإخبار بالواقع عين سلوك الأدب فهو أفضل من تركه، ذكره الرملي الشافعي وغيره، وما نقل: لا تسودوني في الصلاة؛ فكذب، وقولهم: لا تسيدوني بالياء؛ لحن أيضًا والصواب بالواو» ([15]) كما صرح باستحبابه النفراوي من المالكية، وقالوا: إن ذلك من قبيل الأدب، ورعاية الأدب خير من الامتثال.
يقول الشيخ الحطاب المالكي: «ذكر عن ابن مفلح الحنبلي نحو ذلك، وذكر عن الشيخ عز الدين بن عبد السلام أن الإتيان بها في الصلاة ينبني على الخلاف: هل الأولى امتثال الأمر أو سلوك الأدب؟ (قلت) والذي يظهر لي، وأفعله في الصلاة وغيرها الإتيان بلفظ السيد والله أعلم» ([16]).
ومن الشافعية قال الشافعي الصغير العلامة شمس الدين الرملي:
«الأفضل الإتيان بلفظ (السيادة) كما قاله ابن ظهيرة، وصرح به جمع، وبه أفتى الشارح؛ لأن فيه الإتيان بما أمرنا به وزيادة الإخبار بالواقع الذي هو أدب، فهو أفضل من تركه، وإن تردد في أفضليته الإسنوي، وأما حديث: (لا تسيدوني في الصلاة)؛فباطل، لا أصل له، كما قاله بعض متأخري الحفاظ» ([17]).
وقال في حاشيته على أسنى المطالب: «وبه أفتى الجلال المحلي جازما به، قال: لأن فيه الإتيان بما أمرنا به وزيادة الإخبار بالواقع، الذي هو أدب فهو أفضل من تركه، وإن تردد في أفضليته الإسنوي. ا هـ.» ([18])
وقال الشوكاني: «وقد روي عن ابن عبد السلام أنه جعله من باب سلوك الأدب، وهو مبني على أن سلوك طريق الأدب أحب من الامتثال، ويؤيده حديث أبي بكر حين أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يثبت مكانه فلم يمتثل، وقال: (ما كان لابن أبي قحافة أن يتقدم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم).وكذلك امتناع علي عن محو اسم النبي صلى الله عليه وسلم من الصحيفة في صلح الحديبية بعد أن أمره بذلك، وقال: (لا أمحو اسمك أبدًا) وكلا الحديثين في الصحيح، فتقريره صلى الله عليه وسلم لهما على الامتناع من امتثال الأمر تأدبًا؛ مشعر بأولويته» ([19]).
ومما سبق نعلم أنه ذهب إلى استحباب تقديم لفظة «سيدنا» قبل اسمه الشريف في الصلاة، والأذان، وغيرهما من العبادات كثير من فقهاء المذاهب الفقهية: كالعز بن عبد السلام، والرملي، والقليوبي، والشرقاوي من الشافعية، والحصكفي، وابن عابدين، من الحنفية وغيرهم كالشوكاني.
أما تقديم «سيدنا» على اسمه الشريف في غير العبادات، فلا خلاف على جوازه بين أحد من العلماء، فهو إجماع، ولا عبرة لمن شذ ممن عجز عن الجمع بين الأدلة، وهو ما نختاره ونرجحه في مقام سيد الخلق وحبيب الحق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فالأدب مقدم دائمًا معه صلى الله عليه وسلم والله تعالى أعلى وأعلم.
([1]) الموسوعة الفقهية الكويتية، ج11 ص 346، حرف التاء، تسويد.
([2]) رواه أبو داود في سننه، ج4 ص254، والنسائي في الكبرى، ج6 ص70.
([3]) رواه أحمد في مسنده، ج4 ص24، والنسائي في الكبرى، ج6 ص70، والحاكم في المستدرك، ج3 ص 213.
([4]) أخرجه مسلم في صحيحه، ج4 ص2297.
([5]) النهاية، لابن الأثير، ج2 ص417.
([6]) الآداب الشرعية والمنح المرعية، لابن مفلح، ج3 ص456 طبعة عالم الكتاب.
([7]) الموسوعة الفقهية الكويتية، ج11 ص347.
([8]) السجدة: 11.
([9]) الزمر: 42.
([10]) آل عمران: 39.
([11]) أخرجه البخاري في صحيحه، ج2 ص900، ومسلم في صحيحه، ج3 ص 1388.
([12]) أخرجه مسلم في صحيحه، ج4 ص1782.
([13]) أخرجه البخاري في صحيحه، ج2 ص962.
([14]) رواه أبو داود في سننه، ج4 ص11، والنسائي في الكبرى، ج6 ص71، والحاكم في المستدرك، ج4 ص458.
([15]) الدر المختار، للحصكفي، ج1 ص513.
([16]) مواهب الجليل شرح مختصر الخليل، لمحمد بن عبد الرحمن الحطاب، ج1 ص21.
([17]) نهاية المحتاج، للرملي، ج2 س 86.
([18]) حاشية الرملي على أسنى المطالب، ج1 ص 166.
([19]) نيل الأوطار، للشوكاني، ج2 ص 337، 338.
http://dar-alifta.gov.eg/ViewBayan.aspx?ID=177
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وصلى الله على سيدنا محمدٍ وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه وممن لم ينخدع بتمويه أحداث الأسنان سفهاء الأحلام الذين يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم كما وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم, وبعد؛
استحباب تسويد النبي الكريم في الأذان والإقامة والتشهد، والصلاة عليه جهرًا
تسويد النبي صلى الله عليه وسلم في الأذان والإقامة والتشهد، والصلاة عليه جهرًا بعد الأذان التاريخ17/ 09/2005
السؤال اطلعنا على الطلب المقيد برقم 2356 لسنة 2005م المتضمن:
ما حكم الدين في الصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله جهرًا بعد الأذان؟
وما حكم الدين في تسويده صلى الله عليه وآله وسلم في الأذان والإقامة والتشهد كأن يقال " أشهد أن سيدنا محمدًا رسول الله "، وذلك على الرغم مما يقال من أن التشهد كان خطابًا من الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم؛ حيث خاطبه الله بالشهادة له بالرسالة، مما يقتضي عدم جواز السيادة فيها؟
الجواب
أمانة الفتوى
أولاً: الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد الأذان سنة ثابتة في الأحاديث الصحيحة، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ؛ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لاَ تَنْبَغِي إِلاَّ لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ لِيَ الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ» رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي.
أما صيغة الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فالأمر بذلك مطلق والباب فيه واسع، ولم يأت نص يوجب صيغة بذاتها أو ينهى عن صيغة بذاتها بعد الأذان، وجميع الصيغ المشروعة داخلة في عموم الأمر بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد الأذان، قال الحافظ السخاوي في (القول البديع): قد روينا عن ابن مسدي ما نصه: وقد رُوي في كيفية الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم أحاديث كثيرة، وذهب جماعة من الصحابة فمن بعدهم إلى أن هذا الباب لا يُوقَف فيه مع المنصوص، واحتجوا بقول ابن مسعود مرفوعًا وموقوفًا: " أحسنوا الصلاة على نبيكم؛ فإنكم لا تدرون لعل ذلك يُعْرَضُ عليه ".اهـ.
ولفظ هذا الحديث عند ابن ماجه بسند حسن عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: «إِذَا صَلَّيْتُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم فَأَحْسِنُوا الصَّلاَةَ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّكُمْ لاَ تَدْرُونَ لَعَلَّ ذَلِكَ يُعْرَضُ عَلَيْهِ» قَالَ: فَقَالُوا لَهُ: فَعَلِّمْنَا قَالَ: «قُولُوا: اللَّهُمَّ اجْعَلْ صَلاَتَكَ وَرَحْمَتَكَ وَبَرَكَاتِكَ عَلَى سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ وَإِمَامِ الْمُتَّقِينَ وَخَاتَمِ النَّبِيِّينَ مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ إِمَامِ الْخَيْرِ وَقَائِدِ الْخَيْرِ وَرَسُولِ الرَّحْمَةِ، اللَّهُمَّ ابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا يَغْبِطُهُ بِهِ الأَوَّلُونَ وَالآخِرُونَ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ».
كما أنه لم يأت نص يوجب الجهر أو الإسرار بها فالأمر فيه أيضًا واسع، وإذا شرع الله سبحانه وتعالى أمرًا على جهة الإطلاق وكان يحتمل في فعله وكيفية إيقاعه أكثر من وجه فإنه يؤخذ على إطلاقه وسعته ولا يصح تقييده بوجه دون وجه إلا بدليل.
على أنه قد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما يدل على الجهر بالصلاة عليه بعد الأذان، فقد روى الطبراني في معجمه الكبير عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول إذا سمع المؤذن: «اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة صل على محمد وأعطه سؤله يوم القيامة» وكان يُسمِعُها من حوله ويحب أن يقولوا مثل ذلك إذا سمعوا المؤذن، قال: «ومن قال مثل ذلك إذا سمع المؤذن وجَبت له شفاعة محمد صلى الله عليه وآله وسلم يوم القيامة».
وعلى كل حال فالأمر في ذلك واسع، والصواب ترك الناس على سجاياهم، فمن شاء صلى بما شاء كما شاء، ومن شاء ترك الجهر بها أو اقتصر على الصيغة التي يريدها، والعبرة في ذلك حيث يجد المسلم قلبه، وليس لأحد أن ينكر على الآخر في مثل ذلك ما دام الأمر فيه واسعًا.
ثانيًا: سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم هو جوهرة النفوس وتاج الرؤوس وسيد ولد آدم أجمعين، ولا يدخل الإنسان دائرة الإيمان إلا بحبه وتعظيمه وتوقيره والشهادة برسالته؛ فهو أحد ركني الشهادتين؛ إذ لا يقبل الله تعالى من أحد الوحدانية حتى يشفعها بأنه صلى الله عليه وآله وسلم رسوله إلى العالمين.
وقد عَلَّمَنَا الله تعالى الأدب مع سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم حين خاطب جميع النبيين بأسمائهم أما هو فلم يخاطبه باسمه مجردًا بل قال له: {يَا أَيُّهَاالنَّبِيُّ} {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ}، وأمرنا بالأدب معه وتوقيره فقال: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِوَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} (الفتح 8 - 9)، ومن توقيره تسويدُه كما قال قتادةُ والسُّدِّيُ: " وتوقروه ": وتُسَوِّدُوهُ، ونهانا عن التقديم بين يدي الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، وحذرنا من رفع الصوت على صوته الشريف صلى الله عليه وآله وسلم أو الجهر له بالقول فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّوَلاَ تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَأَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ * إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَأَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ} (الحجرات 1 - 3)،
ونهانا أن نخاطبه صلى الله عليه وآله وسلم كما يخاطب بعضنا بعضًا فقال تعالى: {لاَ تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُم بَعْضًا} (النور 63). فكان حقًّا علينا أن نمتثل لأمر
الله، وأن نتعلم مع حب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الأدب معه، ومن الأدب أن نُسَوِّدَهُ كلما ذُكِر، وأن نصلي عليه كلما ذُكِر، وأن لا نخاطبه باسمه مجردًا عن الإجلال والتبجيل.
وقد أجمعت الأمة على استحباب اقتران اسمه الشريف صلى الله عليه وآله وسلم بالسيادة في غير الألفاظ الواردة المتعبد بها من قبل الشرع.
أما بالنسبة للوارد فمذهب كثير من المحققين وهو المعتمد عند الشافعية - كما نص عليه الجلالان المحلي والسيوطي والشيخان ابن حجر والرملي - وعند الحنفية - كما قال الحلبي والطحطاوي - وبعض المالكية: أنه يستحب اقتران الاسم الشريف بالسيادة أيضًا في الأذان والإقامة والصلاة بناءً على أن الأدب مقدم على الاتباع كما ظهر ذلك في موقف سيدنا علي رضي الله تعالى عنه في صلح الحديبية حيث رفض أن يمحو كلمة (رسول الله) عندما أمره النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمحوها؛ تقديمًا للأدب على الاتباع، وظهر ذلك أيضًا في تقهقر سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه في الصلاة بعد أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم له بأن يبقى مكانه وقال له بعد الصلاة: «مَا كَانَ لاِبْنِ أَبِي قُحَافَةَ أَنْ يَتَقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم»، وكذلك فعل سيدنا عثمان رضي الله عنه حيث أخر الطواف لما دخل مكة في قضية صلح الحديبية مع علمه بوجوب الطواف على من دخل مكة؛ أدبًا معه عليه الصلاة والسلام أن يطوف قبله وقال: «مَا كُنْتُ لأَفْعَلَ حَتَّى يَطُوفَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم».
قال العلامة الجلال المحلي: " الأدب مع مَنْ ذُكِرَ مطلوب شرعًا بذكر السيد؛ ففي حديث الصحيحين: «قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ» أي سعد بن معاذ، وسيادتُه بالعلم والدين، وقول المصلي (اللهم صل على سيدنا محمد) فيه الإتيان بما أُمِرنا به وزيادة الإخبار بالواقع الذي هو أدب، فهو أفضل من تركه فيما يظهر من الحديث السابق وإن تردد في أفضليته الشيخ جمال الدين الإسنوي، وأما حديث «لا تُسَيِّدُوني في الصلاة» فباطل لا أصل له كما قاله بعض متأخري الحفاظ " ا هـ.
وقال الحافظ السيوطي: " إنما لم يتلفظ صلى الله عليه وآله وسلم بلفظ السيادة حين تعليمهم كيفية الصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم لكراهيته الفخر؛ ولهذا قال: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلاَ فَخْرَ»، وأما
نحن فيجب علينا تعظيمه وتوقيره؛ ولهذا نهانا الله تعالى أن نناديه صلى الله عليه وآله وسلم باسمه فقال: {لاَ تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُم بَعْضًا} " ا هـ.
وفي " مفتاح الفلاح " للإمام العارف بالله ابن عطاء الله السكندري: " وإياك أن تترك لفظ السيادة ففيها سر يظهر لمن لازم هذه العبادة " ا هـ.
بينما يرى فريق آخر من العلماء الاقتصار في الألفاظ المتعبد بها على ما ورد؛ اتباعًا للفظ وفرارًا من الزيادة فيه.
وقد ألف العلامة الحافظ أحمد بن الصديق الغماري الحسني رحمه الله في هذه المسألة كتابًا حافلاً ماتعًا سماه [تشنيف الآذان بأدلة استحباب السيادة عند ذكر اسمه صلى الله عليه وآله وسلم في الصلاة والإقامة والأذان]
جمع فيه كل ما يتعلق باستحباب ذكر الاسم الشريف مقترنًا بالسيادة مقررًا أنه لا تنافي بين الأدب والاتباع لأن في السيادة اتباعًا من جهة أخرى وهي الأمر بتوقيره صلى الله عليه وآله وسلم والنهي عن مخاطبته كما يخاطب الناس بعضهم بعضًا.
وإزاء هذا الخلاف فإننا نرى الأمر فيه واسعًا، وليس لفريق أن ينكر على الآخر في الأمور الخلافية التي وسع من قبلنا الخلافُ فيها، والتنازع من أجل ذلك لا يرضاه الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، وليس ذكره صلى الله عليه وآله وسلم في الأذان مقترنًا بالسيادة مخالفًا للشرع، بل فاعل ذلك محمود ومثاب على فعله هذا، ونحن أحوج إلى حب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في هذا العصر من أي وقت آخر، فنحن في عصر تموج فيه الآراء وتختلف المشارب، وكثرت الفتن في الظاهر والباطن
وليس من نجاة من كل ذلك إلا بحب سيد الخلق سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، نعلمه أبناءنا وندعو إليه غيرنا ونبقى عليه إلى أن نلقى الله سبحانه فيشفعه فينا ويدخلنا الجنة من غير حساب ولا سابقة عقاب ولا عتاب، آمين.
وأما بالنسبة لما يُذْكَر من أن التشهد خطاب من الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم فإن هذا أمر ذوقي هو إلى الحكمة أقرب منه إلى العلة، والأحكام الشرعية منوطة بالأسباب والعلل لا بالأذواق والحِكَم؛ فإن المصلِّي إنما يقول التشهد على جهة الإنشاء من نفسه؛ مُحَيِّيًا اللهَ تعالى ومُسَلِّمًا على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ثم على نفسه وعلى عباد الله الصالحين وشاهدًا بوحدانية الله تعالى ورسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ولا يقصد بتشهده الإخبار والحكاية عما وقع في معراجه الشريف صلى الله عليه وآله وسلم من خطابه لربه سبحانه وخطاب ربه له صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا المعنى الإنشائي يقتضي من المصلي تسويده أيضًا عليه الصلاة والسلام في الشهادة له بالرسالة عند من استحب تسويده من العلماء، مع ملاحظة أن ذلك كله على سبيل الندب والاستحباب لا على سبيل الحتم والإيجاب.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
تمت الإجابة بتاريخ 20/ 9/2005
http://dar-alifta.gov.eg/ViewFatwa.aspx?ID=5615
أجمع المسلمون على ثبوت السيادة للنبي صلى الله عليه وسلم وعلى علميته في السيادة، قال الشرقاوي: «فلفظ (سيدنا) علم عليه صلى الله عليه وسلم» ([1])، وأما ما شذ به البعض للتمسك بظاهر بعض الأحاديث متوهمين تعارضها مع هذا الحكم فلا يعتد به؛ ومن هذه الأحاديث عن أبي نضرة، عن مطرف قال: قال أبي: انطلقت في وفد بني عامر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقلنا: أنت سيدنا، فقال: (السيد الله تبارك وتعالى). قلنا: وأفضلنا فضلاً وأعظمنا طَوْلاً، قال: (قولوا بقولكم أو بعض قولكم، ولا يسخر بكم الشيطان) ([2]).
وعن عبد الله بن الشخير يحدث، عن أبيه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أنت سيد قريش.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (السيد الله).قال: أنت أفضلها فيها قولاً وأعظمها فيها طَوْلاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليقل أحدكم بقوله، ولا يستجره الشيطان) ([3]).
فهذه الأحاديث بوبها رواة السنن في باب «كراهة التمادح» كما في أبي داود وغيره، وحملت على أن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم الأمة أن لا تتمادح، كما ورد النهي صريحًا عن التمادح، فعن عن أبي معمر قال: قام رجل يثنى على أمير من الأمراء، فجعل المقداد يحثي عليه التراب، وقال: «أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نحثي في وجوه المداحين التراب» ([4])، ولا يخفى ما في التمادح في الحضور من المداهنة، والأخلاق الذميمة التي يترفع عنها كل مسلم صادق.
وهذا الفهم الذي فهمه العلماء الكرام قال عنه ابن الأثير في النهاية: «أي هو الذي يحق له السيادة، كأنه كره أن يحمد في وجهه، وأحب التواضع. ومنه الحديث لما قالوا: أنت سيدنا، قال: (قولوا بقولكم).أي: ادعوني نبيًّا ورسولاً كما سماني الله، ولا تسموني سيدًا كما تسمون رؤساءكم، فإني لست كأحدهم ممن يسودكم في أسباب الدنيا» ([5]).
وقال ابن مفلح في معنى السيد: «والسيد يطلق على الرب، والمالك، والشريف، والفاضل، والحكيم، ومتحمل أذى قومه، والزوج، والرئيس، والمقدم» ([6]).
ولا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم ينطبق عليه هذا الاسم بأكثر من معنى من المعاني المذكورة. وقال أبو منصور: «كره النبي صلى الله عليه وسلم أن يمدح في وجهه وأحب التواضع لله تعالى» ([7]).
كما أن الأحاديث تتكلم عن الحقيقة، فليس هناك سيد على الحقيقة إلا الله، وإذا أسند هذا لغيره كان من قبيل المجاز، كقولك: «فلان رحيم»،فالرحيم على الحقيقة هو الله، وكقول الله تعالى: {قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ المَوْتِ الَّذِي وَكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ} ([8]) في حين أنه سبحانه وتعالى قال: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} ([9])، بل إن الله سبحانه وتعالى سمى من هو دون النبي صلى الله عليه وسلم سيدًا في القرآن كيحيى عليه السلام حين قال تعالى: {أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِياًّ مِّنَ الصَّالِحِينَ} ([10])
ولهذا ترى النبي صلى الله عليه وسلم نفسه يستعمل لفظ السيد لغير الله مع أصحابه، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم عن سعد بن معاذ رضي الله عنه حين قال صلى الله عليه وسلم للأنصار قوم سعد: «قوموا إلى سيدكم» ([11])،وكذلك أطلقه على نفسه صلى الله عليه وسلم حيث قال: «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر» ([12])، وقوله للحسن رضي الله عنه: «إن ابني هذا سيد» ([13])، بل ورد أن بعض أصحابه صلى الله عليه وسلم قال له: يا سيدي، فعن سهل بن حنيف قال: مر بنا سيل، فذهبنا نغتسل فيه، فخرجت محمومًا، فنمي ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مروا أبا ثابت يتعوذ».فقلت: يا سيدي والرقى صالحة؟ قال: «لا رقي إلا من ثلاث: من الحمى، والنّفْسِ، واللدغة» ([14])، فدل ذلك كله على أن هذه الأحاديث كانت لإثبات السيادة الحقيقية، وأنها لا تكون إلا لله، أو لكراهة التمادح في الوجه كما ذهب إلى ذلك شراح السنة النبوية المطهرة، وأن إطلاق لفظة «سيدنا» للدلالة عليه صلى الله عليه وسلم أو مقدمة على اسمه الشريف من قبيل الأدب العالي الذي أقره النبي صلى الله عليه وسلم من أصحابه رضي الله عنهم.
أما عن حكم تسويده صلى الله عليه وسلم في الصلاة، والأذان، وغيره من العبادات، فاختلف الفقهاء في حكم هذه المسألة، وقد نقل في كتب المذاهب الفقهية المعتمدة ندب الإتيان بلفظ «سيدنا»، قبل اسم الشريف حتى في العبادات كالصلاة والأذان.
فمن الحنفية الحصكفي صاحب الدر المختار؛ حيث قال: «ندب السيادة؛ لأن زيادة الإخبار بالواقع عين سلوك الأدب فهو أفضل من تركه، ذكره الرملي الشافعي وغيره، وما نقل: لا تسودوني في الصلاة؛ فكذب، وقولهم: لا تسيدوني بالياء؛ لحن أيضًا والصواب بالواو» ([15]) كما صرح باستحبابه النفراوي من المالكية، وقالوا: إن ذلك من قبيل الأدب، ورعاية الأدب خير من الامتثال.
يقول الشيخ الحطاب المالكي: «ذكر عن ابن مفلح الحنبلي نحو ذلك، وذكر عن الشيخ عز الدين بن عبد السلام أن الإتيان بها في الصلاة ينبني على الخلاف: هل الأولى امتثال الأمر أو سلوك الأدب؟ (قلت) والذي يظهر لي، وأفعله في الصلاة وغيرها الإتيان بلفظ السيد والله أعلم» ([16]).
ومن الشافعية قال الشافعي الصغير العلامة شمس الدين الرملي:
«الأفضل الإتيان بلفظ (السيادة) كما قاله ابن ظهيرة، وصرح به جمع، وبه أفتى الشارح؛ لأن فيه الإتيان بما أمرنا به وزيادة الإخبار بالواقع الذي هو أدب، فهو أفضل من تركه، وإن تردد في أفضليته الإسنوي، وأما حديث: (لا تسيدوني في الصلاة)؛فباطل، لا أصل له، كما قاله بعض متأخري الحفاظ» ([17]).
وقال في حاشيته على أسنى المطالب: «وبه أفتى الجلال المحلي جازما به، قال: لأن فيه الإتيان بما أمرنا به وزيادة الإخبار بالواقع، الذي هو أدب فهو أفضل من تركه، وإن تردد في أفضليته الإسنوي. ا هـ.» ([18])
وقال الشوكاني: «وقد روي عن ابن عبد السلام أنه جعله من باب سلوك الأدب، وهو مبني على أن سلوك طريق الأدب أحب من الامتثال، ويؤيده حديث أبي بكر حين أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يثبت مكانه فلم يمتثل، وقال: (ما كان لابن أبي قحافة أن يتقدم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم).وكذلك امتناع علي عن محو اسم النبي صلى الله عليه وسلم من الصحيفة في صلح الحديبية بعد أن أمره بذلك، وقال: (لا أمحو اسمك أبدًا) وكلا الحديثين في الصحيح، فتقريره صلى الله عليه وسلم لهما على الامتناع من امتثال الأمر تأدبًا؛ مشعر بأولويته» ([19]).
ومما سبق نعلم أنه ذهب إلى استحباب تقديم لفظة «سيدنا» قبل اسمه الشريف في الصلاة، والأذان، وغيرهما من العبادات كثير من فقهاء المذاهب الفقهية: كالعز بن عبد السلام، والرملي، والقليوبي، والشرقاوي من الشافعية، والحصكفي، وابن عابدين، من الحنفية وغيرهم كالشوكاني.
أما تقديم «سيدنا» على اسمه الشريف في غير العبادات، فلا خلاف على جوازه بين أحد من العلماء، فهو إجماع، ولا عبرة لمن شذ ممن عجز عن الجمع بين الأدلة، وهو ما نختاره ونرجحه في مقام سيد الخلق وحبيب الحق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فالأدب مقدم دائمًا معه صلى الله عليه وسلم والله تعالى أعلى وأعلم.
([1]) الموسوعة الفقهية الكويتية، ج11 ص 346، حرف التاء، تسويد.
([2]) رواه أبو داود في سننه، ج4 ص254، والنسائي في الكبرى، ج6 ص70.
([3]) رواه أحمد في مسنده، ج4 ص24، والنسائي في الكبرى، ج6 ص70، والحاكم في المستدرك، ج3 ص 213.
([4]) أخرجه مسلم في صحيحه، ج4 ص2297.
([5]) النهاية، لابن الأثير، ج2 ص417.
([6]) الآداب الشرعية والمنح المرعية، لابن مفلح، ج3 ص456 طبعة عالم الكتاب.
([7]) الموسوعة الفقهية الكويتية، ج11 ص347.
([8]) السجدة: 11.
([9]) الزمر: 42.
([10]) آل عمران: 39.
([11]) أخرجه البخاري في صحيحه، ج2 ص900، ومسلم في صحيحه، ج3 ص 1388.
([12]) أخرجه مسلم في صحيحه، ج4 ص1782.
([13]) أخرجه البخاري في صحيحه، ج2 ص962.
([14]) رواه أبو داود في سننه، ج4 ص11، والنسائي في الكبرى، ج6 ص71، والحاكم في المستدرك، ج4 ص458.
([15]) الدر المختار، للحصكفي، ج1 ص513.
([16]) مواهب الجليل شرح مختصر الخليل، لمحمد بن عبد الرحمن الحطاب، ج1 ص21.
([17]) نهاية المحتاج، للرملي، ج2 س 86.
([18]) حاشية الرملي على أسنى المطالب، ج1 ص 166.
([19]) نيل الأوطار، للشوكاني، ج2 ص 337، 338.
http://dar-alifta.gov.eg/ViewBayan.aspx?ID=177
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق