كلام العلامة محمد بن علي الشوكاني في مشروعية التوسل
ِكلام العلامة محمد بن علي الشوكاني
في مشروعية التوسل
عَن عُثْمَانَ بنِ حُنيفٍ : "أنَّ رجلاً ضريرَ البصرِ أتى النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فقَالَ: ادعُ اللَّهَ أنْ يُعافيني، قَالَ إنْ شِئتَ دَعوتُ، وإنْ شِئتَ صبرتَ فهوَ خيرٌ لكَ، قَالَ فادعُهْ، قَالَ فأمرَهُ أنْ يتوضَّأ فيُحسنَ وُضُوءَهُ ويدعو بهَذَا الدُّعاءِ: الَّلهُمَّ إنِّي أسألكَ وأتوجَّهُ إليكَ بنبيِّكَ مُحَمَّد نبيِّ الرَّحمةِ إنِّي توجَّهتُ بكَ إِلى رَبِّي في حاجتي هذِهِ لتُقْضَى لي، الَّلهُمَّ فَشَفِّعْهُ فيَّ" . حديث صحيح أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات ، وابن ماجه باب ما جاء في صلاة الحاجة ، والنسائي في عمل اليوم والليلة ، والحاكم في المستدرك وابن خزيمة في صحيحه ، والطبراني في الدعاء وغيرهم .
قال الشوكاني في تحفة الذاكرين : (( وفي الحديث دليل على جواز التوسل برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الله عز وجل مع اعتقاد أن الفاعل هو الله سبحانه وتعالى وأنه المعطي المانع ، ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن )) انتهى .
وقال فيها في شرح قول صاحب العمدة : ( ويتوسل إلى الله بأنبيائه والصالحين ) ما لفظه : (( ومن التوسل بالأنبيا ء ما أخرجه الترمذي من حديث عثمان بن حنيف رضي الله عنه أن أعمى أتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث ثم قال: وأما التوسل بالصالحين فمنه ما ثبت في الصحيح أن الصحابة استسقوا بالعباس رضي الله عنه عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال عمر رضي الله عنه اللهم إنا نتوسل إليك بعم نبينا الخ )) انتهى .
وقال في رسالته ( الدر النضيد في إخلاص كلمة التوحيد ): (( وأما التوسل إلى الله سبحانه بأحد من خلقه في مطلب يطلبه العبد من ربه فقد قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام إنه لا يجوز التوسل إلى الله تعالى إلا بالنبي صلى الله عليه وسلم إن صح الحديث فيه اهـ . ولعله يشير إلى الحديث الذي أخرجه النسائي في سننه والترمذي وصححه وابن ماجه وغيرهم أن أعمى أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إني أصبت في بصري فادع الله لي ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : (( توضأ وصل ركعتين ثم قل : اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد ، يا محمد إني أستشفع بك في رد بصري اللهم شفع النبي فيّ )) وقال : (( فإن كان لك حاجة فمثل ذلك )) فرد الله بصره.
وللناس في معنى هذا قولان :
أحدهما : أن التوسل هو الذي ذكره عمر بن الخطاب لما قال : كنا إذا أجدبنا نتوسل بنبينا إليك فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا وهو في صحيح البخاري وغيره فقد ذكر عمر رضي الله عنه أنهم كانوا يتوسلون بالنبي صلى الله عليه وسلم في حياته في الاستسقاء ، ثم توسل بعمه العباس بعد موته ، وتوسلهم هو استسقاؤهم بحيث يدعو ويدعون معه ، فيكون هو وسيلتهم إلى الله تعالى ، والنبي صلى الله عليه وسلم كان في مثل هذا شافعاً وداعياً لهم .
والقول الثاني : أن التوسل به صلى الله عليه وسلم يكون في حياته وبعد موته وفي حضرته ومغيبه ، ولا يخفاك أنه قد ثبت التوسل به صلى الله عليه وسلم في حياته وثبت التوسل بغيره بعد موته بإجماع الصحابة إجماعاً سكوتياً لعدم إنكار أحد منهم على عمر رضي الله عنه في التوسل بالعباس رضي الله عنه ، وعندي أنه لا وجه لتخصيص جواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم كما زعمه الشيخ عز الدين بن عبد السلام لأمرين : الأول ما عرفناك به من إجماع الصحابة رضي الله عنهم .
والثاني : أن التوسل إلى الله بأهل الفضل والعلم هو في التحقيق توسل بأعمالهم الصالحة ومزاياهم الفاضلة إذ لا يكون الفاضل فاضلاً إلا بأعماله ، فإذا قال القائل : ( اللهم إني أتوسل إليك بالعالم الفلاني ) فهو باعتبار ما قام به من العلم ، وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم حكى عن الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة أن كل واحد منهم توسل إلى الله بأعظم عمل عمله فارتفعت الصخرة ، فلو كان التوسل بالأعمال الفاضلة غير جائز أو كان شركا كما يزعمه المتشددون في هذا الباب كابن عبد السلام ومن قال بقوله من أتباعه لم تحصل الإجابة لهم ولا سكت النبي صلى الله عليه وسلم عن إنكار ما فعلوه بعد حكايته عنهم ، وبهذا تعلم أن ما يورده المانعون من التوسل بالأنبياء والصلحاء من نحو قوله تعالى { ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى } ونحو قوله تعالى { فلا تدعوا مع الله أحداً } ونحو قوله تعالى { له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء } ليس بوارد بل هو من الاستدلال على محل النـزاع بما هو أجنبي عنه ، فإن قولهم { ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى } مصرح بأنهم عبدوهم لذلك ، والمتوسل بالعالم مثلاً لم يعبده بل علم أن له مزية عند الله بحمله العلم فتوسل به لذلك ، وكذلك قوله { ولا تدعوا مع الله أحداً } فإنه نهى عن أن يدعى مع الله غيره كأن يقول بالله وبفلان ، والمتوسل بالعالم مثلاً لم يدع إلا الله فإنما وقع منه التوسل عليه بعمل صالح عمله بعض عباده كما توسل الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة بصالح أعمالهم وكذلك قوله { والذين يدعون من دونه } الاَية فإن هؤلاء دعوا من لا يستجيب لهم ولم يدعوا ربهم الذي يستجيب لهم والمتوسل بالعالم مثلاً لم يدع إلا الله ولم يدع غيره دونه ولا دعا غيره معه ، وإذا عرفت هذا لم يخف عليك دفع ما يورده المانعون للتوسل من الأدلة الخارجة عن محل النـزاع خروجاً زائداً على ما ذكرناه كاستدلالهم بقوله تعالى { وما أدراك ما يوم الدين ثم ما أدراك ما يوم الدين يوم لا تملك نفس لنفس شيئاً والأمر يومئذ لله } فإن هذه الاَية الشريفة ليس فيها إلا أنه تعالى المنفرد بالأمر في يوم الدين وأنه ليس لغيره من الأمر شيء ، والمتوسل بنبي من الأنبياء أو عالم من العلماء هو لا يعتقد أن لمن توسل به مشاركة لله جل جلاله في أمر يوم الدين ، ومن اعتقد هذا لعبد من العباد سواء كان نبياً أو غير نبي فهو في ضلال مبين ، وهكذا الاستدلال على منع التوسل بقوله { ليس لك من الأمر شيء } و قوله تعالى: { قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً } فإن هاتين الاَيتين مصرحتان بأنه ليس لرسول الله صلى الله عليه وسلم من أمر الله شيء وأنه لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً فكيف يملك لغيره ، وليس فيهما منع التوسل به أو بغيره من الأنبياء أو الأولياء أو العلماء ، وقد جعل الله لرسوله صلى الله عليه وسلم المقام المحمود مقام الشفاعة العظمى وأرشد الخلق إلى أن يسألوه ذلك ويطلبوه منه وقال له سل تعطه واشفع تشفع وقيل ذلك في كتابه العزيز بأن الشفاعة لا تكون إلا بإذنه ولا تكون إلا لمن ارتضى ، وهكذا الاستدلال على منع التوسل بقوله صلى الله عليه وسلم لما نزل قوله تعالى { وأنذر عشيرتك الأقربين } يا فلان بن فلان لا أملك لك من الله شيئاً ، يا فلانة بنت فلان لا أملك لك من الله شيئا ً، فإن هذا ليس فيه إلا التصريح بأنه صلى الله عليه وسلم لا يستطيع نفع من أراد الله ضره ولا ضر من أراد الله تعالى نفعه ، وأنه لا يملك لأحد من قرابته فضلاً عن غيرهم شيئاً من الله ، وهذا معلوم لكل مسلم وليس فيه أنه لا يتوسل به إلى الله فإن ذلك هو طلب الأمر ممن له الأمر والنهي وإنما أراد الطالب أن يقدم بين يدي طلبه ما يكون سبباً للإجابة ممن هو المنفرد بالعطاء والمنع وهو مالك يوم الدين )) انتهى كلام الشوكاني .
جاء في كتاب التوسل للدكتور محمود الزين مايلي:
كان الإمام أحمد يشرح آداب زيارة النبي صلى الله عليه وسلم فقال رحمه الله: ”ثم ائت الروضة، وهي بين القبر والمنبر فصلِّ فيها وادع بما شئت، ثم ائت قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقل: السلام عليك يارسول الله ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يامحمد بن عبد الله، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله، أشهد أنك بلغت رسالة ربك، ونصحت لأمتك، وجاهدت في سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وعبدت الله حتى أتاك اليقين، فجزاك الله أفضل ماجزى نبياً عن أمته، ورفع درجتك العليا، وتقبل شفاعتك الكبرى، وأعطاك سؤلك في الآخرة والأولى، كما تقبل من إبراهيم، اللهم احشرنا في زمرته، وتوفنا على سنته، وأوردنا حوضه ، واسقنا بكأسه مشرباً روياً لا نظمأ بعدها أبداً“( )... ”فإذا أردت الخروج فائت المسجد وصلِّ ركعتين وودِّع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل سلامك الأول ، وسلم على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، وحول وجهك إلى القبلة وسل الله حاجتك متوسلاً إليه بنبيه صلى الله عليه وسلم تقض من الله عز وجل
في مشروعية التوسل
عَن عُثْمَانَ بنِ حُنيفٍ : "أنَّ رجلاً ضريرَ البصرِ أتى النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فقَالَ: ادعُ اللَّهَ أنْ يُعافيني، قَالَ إنْ شِئتَ دَعوتُ، وإنْ شِئتَ صبرتَ فهوَ خيرٌ لكَ، قَالَ فادعُهْ، قَالَ فأمرَهُ أنْ يتوضَّأ فيُحسنَ وُضُوءَهُ ويدعو بهَذَا الدُّعاءِ: الَّلهُمَّ إنِّي أسألكَ وأتوجَّهُ إليكَ بنبيِّكَ مُحَمَّد نبيِّ الرَّحمةِ إنِّي توجَّهتُ بكَ إِلى رَبِّي في حاجتي هذِهِ لتُقْضَى لي، الَّلهُمَّ فَشَفِّعْهُ فيَّ" . حديث صحيح أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات ، وابن ماجه باب ما جاء في صلاة الحاجة ، والنسائي في عمل اليوم والليلة ، والحاكم في المستدرك وابن خزيمة في صحيحه ، والطبراني في الدعاء وغيرهم .
قال الشوكاني في تحفة الذاكرين : (( وفي الحديث دليل على جواز التوسل برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الله عز وجل مع اعتقاد أن الفاعل هو الله سبحانه وتعالى وأنه المعطي المانع ، ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن )) انتهى .
وقال فيها في شرح قول صاحب العمدة : ( ويتوسل إلى الله بأنبيائه والصالحين ) ما لفظه : (( ومن التوسل بالأنبيا ء ما أخرجه الترمذي من حديث عثمان بن حنيف رضي الله عنه أن أعمى أتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث ثم قال: وأما التوسل بالصالحين فمنه ما ثبت في الصحيح أن الصحابة استسقوا بالعباس رضي الله عنه عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال عمر رضي الله عنه اللهم إنا نتوسل إليك بعم نبينا الخ )) انتهى .
وقال في رسالته ( الدر النضيد في إخلاص كلمة التوحيد ): (( وأما التوسل إلى الله سبحانه بأحد من خلقه في مطلب يطلبه العبد من ربه فقد قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام إنه لا يجوز التوسل إلى الله تعالى إلا بالنبي صلى الله عليه وسلم إن صح الحديث فيه اهـ . ولعله يشير إلى الحديث الذي أخرجه النسائي في سننه والترمذي وصححه وابن ماجه وغيرهم أن أعمى أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إني أصبت في بصري فادع الله لي ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : (( توضأ وصل ركعتين ثم قل : اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد ، يا محمد إني أستشفع بك في رد بصري اللهم شفع النبي فيّ )) وقال : (( فإن كان لك حاجة فمثل ذلك )) فرد الله بصره.
وللناس في معنى هذا قولان :
أحدهما : أن التوسل هو الذي ذكره عمر بن الخطاب لما قال : كنا إذا أجدبنا نتوسل بنبينا إليك فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا وهو في صحيح البخاري وغيره فقد ذكر عمر رضي الله عنه أنهم كانوا يتوسلون بالنبي صلى الله عليه وسلم في حياته في الاستسقاء ، ثم توسل بعمه العباس بعد موته ، وتوسلهم هو استسقاؤهم بحيث يدعو ويدعون معه ، فيكون هو وسيلتهم إلى الله تعالى ، والنبي صلى الله عليه وسلم كان في مثل هذا شافعاً وداعياً لهم .
والقول الثاني : أن التوسل به صلى الله عليه وسلم يكون في حياته وبعد موته وفي حضرته ومغيبه ، ولا يخفاك أنه قد ثبت التوسل به صلى الله عليه وسلم في حياته وثبت التوسل بغيره بعد موته بإجماع الصحابة إجماعاً سكوتياً لعدم إنكار أحد منهم على عمر رضي الله عنه في التوسل بالعباس رضي الله عنه ، وعندي أنه لا وجه لتخصيص جواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم كما زعمه الشيخ عز الدين بن عبد السلام لأمرين : الأول ما عرفناك به من إجماع الصحابة رضي الله عنهم .
والثاني : أن التوسل إلى الله بأهل الفضل والعلم هو في التحقيق توسل بأعمالهم الصالحة ومزاياهم الفاضلة إذ لا يكون الفاضل فاضلاً إلا بأعماله ، فإذا قال القائل : ( اللهم إني أتوسل إليك بالعالم الفلاني ) فهو باعتبار ما قام به من العلم ، وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم حكى عن الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة أن كل واحد منهم توسل إلى الله بأعظم عمل عمله فارتفعت الصخرة ، فلو كان التوسل بالأعمال الفاضلة غير جائز أو كان شركا كما يزعمه المتشددون في هذا الباب كابن عبد السلام ومن قال بقوله من أتباعه لم تحصل الإجابة لهم ولا سكت النبي صلى الله عليه وسلم عن إنكار ما فعلوه بعد حكايته عنهم ، وبهذا تعلم أن ما يورده المانعون من التوسل بالأنبياء والصلحاء من نحو قوله تعالى { ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى } ونحو قوله تعالى { فلا تدعوا مع الله أحداً } ونحو قوله تعالى { له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء } ليس بوارد بل هو من الاستدلال على محل النـزاع بما هو أجنبي عنه ، فإن قولهم { ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى } مصرح بأنهم عبدوهم لذلك ، والمتوسل بالعالم مثلاً لم يعبده بل علم أن له مزية عند الله بحمله العلم فتوسل به لذلك ، وكذلك قوله { ولا تدعوا مع الله أحداً } فإنه نهى عن أن يدعى مع الله غيره كأن يقول بالله وبفلان ، والمتوسل بالعالم مثلاً لم يدع إلا الله فإنما وقع منه التوسل عليه بعمل صالح عمله بعض عباده كما توسل الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة بصالح أعمالهم وكذلك قوله { والذين يدعون من دونه } الاَية فإن هؤلاء دعوا من لا يستجيب لهم ولم يدعوا ربهم الذي يستجيب لهم والمتوسل بالعالم مثلاً لم يدع إلا الله ولم يدع غيره دونه ولا دعا غيره معه ، وإذا عرفت هذا لم يخف عليك دفع ما يورده المانعون للتوسل من الأدلة الخارجة عن محل النـزاع خروجاً زائداً على ما ذكرناه كاستدلالهم بقوله تعالى { وما أدراك ما يوم الدين ثم ما أدراك ما يوم الدين يوم لا تملك نفس لنفس شيئاً والأمر يومئذ لله } فإن هذه الاَية الشريفة ليس فيها إلا أنه تعالى المنفرد بالأمر في يوم الدين وأنه ليس لغيره من الأمر شيء ، والمتوسل بنبي من الأنبياء أو عالم من العلماء هو لا يعتقد أن لمن توسل به مشاركة لله جل جلاله في أمر يوم الدين ، ومن اعتقد هذا لعبد من العباد سواء كان نبياً أو غير نبي فهو في ضلال مبين ، وهكذا الاستدلال على منع التوسل بقوله { ليس لك من الأمر شيء } و قوله تعالى: { قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً } فإن هاتين الاَيتين مصرحتان بأنه ليس لرسول الله صلى الله عليه وسلم من أمر الله شيء وأنه لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً فكيف يملك لغيره ، وليس فيهما منع التوسل به أو بغيره من الأنبياء أو الأولياء أو العلماء ، وقد جعل الله لرسوله صلى الله عليه وسلم المقام المحمود مقام الشفاعة العظمى وأرشد الخلق إلى أن يسألوه ذلك ويطلبوه منه وقال له سل تعطه واشفع تشفع وقيل ذلك في كتابه العزيز بأن الشفاعة لا تكون إلا بإذنه ولا تكون إلا لمن ارتضى ، وهكذا الاستدلال على منع التوسل بقوله صلى الله عليه وسلم لما نزل قوله تعالى { وأنذر عشيرتك الأقربين } يا فلان بن فلان لا أملك لك من الله شيئاً ، يا فلانة بنت فلان لا أملك لك من الله شيئا ً، فإن هذا ليس فيه إلا التصريح بأنه صلى الله عليه وسلم لا يستطيع نفع من أراد الله ضره ولا ضر من أراد الله تعالى نفعه ، وأنه لا يملك لأحد من قرابته فضلاً عن غيرهم شيئاً من الله ، وهذا معلوم لكل مسلم وليس فيه أنه لا يتوسل به إلى الله فإن ذلك هو طلب الأمر ممن له الأمر والنهي وإنما أراد الطالب أن يقدم بين يدي طلبه ما يكون سبباً للإجابة ممن هو المنفرد بالعطاء والمنع وهو مالك يوم الدين )) انتهى كلام الشوكاني .
جاء في كتاب التوسل للدكتور محمود الزين مايلي:
كان الإمام أحمد يشرح آداب زيارة النبي صلى الله عليه وسلم فقال رحمه الله: ”ثم ائت الروضة، وهي بين القبر والمنبر فصلِّ فيها وادع بما شئت، ثم ائت قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقل: السلام عليك يارسول الله ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يامحمد بن عبد الله، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله، أشهد أنك بلغت رسالة ربك، ونصحت لأمتك، وجاهدت في سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وعبدت الله حتى أتاك اليقين، فجزاك الله أفضل ماجزى نبياً عن أمته، ورفع درجتك العليا، وتقبل شفاعتك الكبرى، وأعطاك سؤلك في الآخرة والأولى، كما تقبل من إبراهيم، اللهم احشرنا في زمرته، وتوفنا على سنته، وأوردنا حوضه ، واسقنا بكأسه مشرباً روياً لا نظمأ بعدها أبداً“( )... ”فإذا أردت الخروج فائت المسجد وصلِّ ركعتين وودِّع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل سلامك الأول ، وسلم على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، وحول وجهك إلى القبلة وسل الله حاجتك متوسلاً إليه بنبيه صلى الله عليه وسلم تقض من الله عز وجل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق