الإستسقاء
تعريف الإستسقاء:
الاستسقاء: لغة: طلب السقيا، وشرعاً: طلب السقي من الله تعالى بمطر عند حاجة العباد إليه على صفة مخصوصة أي بصلاة وخطبة واستغفار وحمد وثناء.
سببه:
قلة الأمطار: وشح المياه، والشعور بالحاجة لسقي الزرع وشرب الحيوان، ويحدث الجفاف عادة ابتلاء من الله تعالى، بسبب غفلة الناس عن ربهم، وتفشي المعاصي بينهم ، فيحتاج الأمر للتوبة والاستغفار والتضرع إلى الله تعالى، فإذا فعل العباد ذلك، تفضل عليهم خالقهم وأنعم عليهم بإنزال المطر، كما قص علينا القرآن الكريم من دعاء الأنبياء نوح وموسى وهود عليهم السلام لإغاثة أقوامهم، قال تعالى عن نوح: {فقلت: استغفروا ربكم، إنه كان غفاراً، يرسل السماء عليكم مدراراً، ويمددكم بأموال وبنين، ويجعل لكم جنات، ويجعل لكم أنهاراً} [نوح:71/10-11-12] وقال عن موسى: {وإذ استسقى موسى لقومه، فقلنا: اضرب بعصاك الحجر..} [البقرة:60/2] وقال عن موسى: {ويا قوم استغفروا ربكم، ثم توبوا إليه، يرسل السماء عليكم مدراراً، ويزدكم قوة إلى قوتكم} [هود:52/11].
مشروعية صلاة الاستسقاء:
قال أبو حنيفة رحمه الله : ليس في الاستسقاء صلاة مسنونة في جماعة، فإذا صلى الناس فرادى أو وُحداناً، جاز من غير كراهة؛ لأنها نفل مطلق، وإنما الاستسقاء: دعاء واستغفار؛ لأنه السبب لإرسال الأمطار، بلا جماعة مسنونة، وبلا خطبة، وبلا قلب رداء، وبلا حضور ذمي، لقوله تعالى: {فقلت: استغفروا ربكم إنه كان غفاراً، يرسل السماء عليكم مدراراً} [نوح:71/10]، ورسول الله صلّى الله عليه وسلم استسقى، ولم يرو عنه الصلاة.
ورد الحافظ الزيلعي فقال : أما استسقاؤه عليه السلام، فصحيح ثابت، وأما إنه لم يرو عنه الصلاة، فهذا غير صحيح، بل صح أنه صلى فيه، كما سيأتي، وليس في الحديث أنه استسقى، ولم يصل، بل غاية ما يوجد ذكر الاستسقاء، دون ذكر الصلاة، ولا يلزم من عدم ذكر الشيء عدم وقوعه.
وقال جمهور الفقهاء منهم الصاحبان : صلاة الاستسقاء سنة مؤكدة حضراً وسفراً، عند الحاجة، ثابتة بسنة رسول الله صلّى الله عليه وسلم وخلفائه، رضي الله عنهم. وتكرر في أيام ثانياً وثالثاً وأكثر، إن تأخر السقي، حتى يسقيهم الله تعالى، فإن الله يحب الملحين في الدعاء .
دليل سنيتها
أحاديث متعددة ،منها حديث ابن عباس: أن النبي صلّى الله عليه وسلم صلى في الاستسقاء ركعتين، كصلاة العيد .
وحديث عائشة أن النبي صلّى الله عليه وسلم خطب في الاستسقاء «ثم نزل فصلى ركعتين...» وحديث أبي هريرة وعبد الله بن زيد وعباد بن تميم عن عمه .
وإن تأهب الناس لصلاة الاستسقاء، فسقوا وأمطروا قبلها، صلوها عند المالكية لطلب سعة، وعند الشافعية للشكر والدعاء، ويصلون صلاة الاستسقاء المعروفة شكراً أيضاً، على الصحيح، كما يجتمعون للدعاء ونحوه، والأصح أنه يخطب بهم الإمام أيضاً، ولو سقوا في أثنائها أتموها، جزماً.
وعند الحنابلة : لا يخرج الناس حينئذ للصلاة، وشكروا الله على نعمته، وسألوه المزيد من فضله. أما إن خرجوا فأمطروا قبل أن يصلوا، صلوا شكراً لله تعالى، وحمدوه ودعوه.
صفة صلاة الاستسقاء ووقتها والمكلف بها والقراءة فيها:
اتفق الجمهور غير أبي حنيفة على أن صلاة الاستسقاء ركعتان بجماعة في المصلى بالصحراء خارج البلد، بلا أذان ولا إقامة، وإنما ينادى لها ( الصلاة جامعة)؛ لأنه صلّى الله عليه وسلم لم يقمها إلا في الصحراء، وهي أوسع من غيرها في المصلى، ويجهر فيهما بالقراءة، كصلاة العيد، بعدد تكبيراته عند الشافعية والحنابلة بعد الافتتاح قبل التعوذ، سبعاً في الركعة الأولى، وخمساً في الثانية برفع يديه ووقوفه بين كل تكبيرتين كآية معتدلة، قال ابن عباس: «سنة الاستسقاء سنة العيدين» فتسن في الصحراء، مع تكبير العيد، بلا أذان ولا إقامة لأنها صلاة شرع لها الاجتماع والخطبة.
ويجعل عند المالكية والشافعية، والصاحبين من الحنفية في المشهور الاستغفار بدل التكبير، فليس في الاستسقاء تكبير، بل فيه الاستغفار بدل التكبير.
ويقرأ في الصلاة ما شاء جهراً، كما في صلاة العيدين، والأفضل أن يقرأ فيهما عند المالكية بسبح، والشمس وضحاها، وعند الحنابلة والصاحبين مثلما يقرأ في صلاة العيد بسبح اسم ربك الأعلى، وهل أتاك حديث الغاشية، كما في حديث ابن عباس المتقدم وحديث أنس عند ابن قتيبة في غريب الحديث، وإن شاء قرأ في الركعة الأولى بـ {إنا أرسلنا نوحاً} [نوح:71/1] لمناسبتها الحال، وفي الركعة الثانية سورة أخرى من غير تعيين.
وعند الشافعية: يقرأ في الأولى جهراً بسورة { ق } [ق:50/1] وفي الثانية: {اقتربت} [القمر:54/1] في الأصح، أو بسبح والغاشية، قياساً لا نصاً. ودليل الجهر بالقراءة حديث عبد الله بن زيد وغيره: «ثم صلى ركعتين جهر فيهما بالقراءة» ، وكما تفعل جماعة ـ وهو الأفضل ـ تفعل فرادى.
والمستحب الخروج إلى الصحراء، إلا في مكة والمدينة وبيت المقدس ففي المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى، فيخرج الناس ثلاثة أيام مشاة في ثياب خَلِقة غَسِيلة، متذللين متواضعين، خاشعين لله تعالى، ناكسين رؤوسهم، مقدمين الصدقة كل يوم قبل خروجهم، ويجددون التوبة، ويستسقون بالضَّعَفة والشيوخ والعجائز والأطفال.
ولا يشترط إذن الإمام لصلاة الاستسقاء عند أبي حنيفة؛ لأن المقصود هو الدعاء فلا يشترط له إذن الإمام، ويشترط ذلك عند الشافعية، وعن الإمام أحمد روايتان .
وأما وقتها:
فليس لها وقت معين، ولا تختص بوقت العيد، إلا أنها لا تفعل في وقت النهي عن الصلاة، بغير خلاف؛ لأن وقتها متسع، فلا حاجة إلى فعلها في وقت النهي. ويسن فعلها أول النهار، وقت صلاة العيد، لحديث عائشة: «أنه صلّى الله عليه وسلم خرج حين بدا حاجب الشمس» ، ولأنها تشبه صلاة العيد في الموضع والصفة، فكذلك في الوقت؛ لأن وقتها لا يفوت بزوال الشمس؛ لأنها ليس لها يوم معين، فلا يكون لها وقت معين.
ولا تتقيد بزوال الشمس ظهراً، فيجوز فعلها بعده، كسائر النوافل . وإن استسقى الناس عقب صلواتهم أو في خطبة الجمعة، أصابوا السنة، فيجوز الاستسقاء بالدعاء من غير صلاة لحديث عمر رضي الله عنه أنه خرج يستسقي، فصعد المنبر فقال: «استغفروا ربكم إنه كان غفاراً، يرسل السماء عليكم مدراراً، ويمددكم بأموال وبنين، ويجعل لكم جنات، ويجعل لكم أنهاراً، استغفروا ربكم، إنه كان غفاراً، ثم نزل، فقيل: يا أمير المؤمنين، لو استسقيت؟ فقال: لقد طلبت بمجاديح السماء التي يستنزل بها القطر» .
والمكلف بها :
الرجال القادرون على المشي، ولا يؤمر بها النساء والصبيان غير المميزين على المشهور عند المالكية، وقال الشافعية والحنفية: يندب خروج الأطفال والشيوخ والعجائز، ومن لا هيئة لها من النساء، والخنثى القبيح المنظر؛ لأن دعاءهم أقرب إلى الإجابة، إذ الكبير أرق قلباً، والصغير لا ذنب عليه، ولقوله صلّى الله عليه وسلم : «وهل ترزقون وتنصرون إلا بضعفائكم» . ويكره خروج الشابات والنساء ذوات الهيئة، خوف الفتنة.
إخراج الدواب:
ولا يستحب عند المالكية والحنابلة إخراج البهائم والمجانين؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلم لم يفعله.
ويستحب إخراجها مع أولادها عند الحنفية، والشافعية في الأصح، ويباح ذلك عند الحنابلة؛ لأن الرزق مشترك بين الكل ، وليحصل التحنّن، ويظهر الضجيج بالحاجات، روى البزار مرفوعاً بسند ضعيف: «لولا أطفال رُضَّع، وعباد رُكَّع، وبهائم رُتَّع، لصب عليكم العذاب صباً» . وروي أن سليمان عليه السلام «خرج يستسقي، فرأى نملة مستلقية، وهي تقول: اللهم إنا خلق من خلقك، ليس بنا غنى عن رزقك، فقال سليمان: ارجعوا فقد سقيتم بدعوة غيركم»
. التوسل بذوي الصلاح:
ويستحب إخراج أهل الدين والصلاح، لأنه أسرع لإجابتهم، وقد استسقى عمر بالعباس، ومعاوية بيزيد بن الأسود الجرشي، واستسقى به الضحاك بن قيس مرة أخرى ، فلابأس بالتوسل بالصالحين ، قال ابن عمر: استسقى عمر عام الرمادة بالعباس ، فقال: اللهم إن هذا عمُّ نبيك صلّى الله عليه وسلم نتوجه إليك به، فاسقنا، فما برحوا حتى سقاهم الله عز وجل. وقال معاوية: اللهم إنا نستشفع إليك بخيرنا وأفضلنا يزيد بن الأسود ، يايزيد ، ارفع يديك ، فرفع يديه ، ودعا الله تعالى، فثارت في الغرب سحابة مثل الترس، وهب لها ريح، فسقوا، حتى كادوا لايبلغون منازلهم .
وهيئة الخارج للاستسقاء
أن يكون متضرعاً لله تعالى، متبذلاً أي في ثياب البذلة، لافي ثياب الزينة، ولا يتطيب؛ لأنه من كمال الزينة، ويكون متخشعاً في مشيه، وجلوسه في خضوع، متضرعاً إلى الله تعالى، متذللاً له، راغباً إليه. قال ابن عباس: خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم متواضعاً متبذلاً متخشعاً متضرعاً .
خطبة الاستسقاء:
http://up1.mlfnt.net/images/9uxesueqiaxpcc9chw3g.jpg (http://up1.mlfnt.net/)
قال أبو حنيفة لاخطبة للاستسقاء؛ لأنها تبع للجماعة، ولا جماعة لها عنده، وإنما دعاء واستغفار يستقبل فيهما الإمام القبلة. قال ابن عباس حينما سئل عن صلاة الاستسقاء: خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم متواضعاً متبذلاً ، متخشعاً، متضرعاً، فصلى ركعتين، كما يُصلَّى في العيد، لم يخطب خطبتكم هذه
وقال الصاحبان: يصلي الإمام بالناس ركعتين يجهر فيهما بالقراءة، ثم يخطب، ويستقبل القبلة بالدعاء. ويخطب خطبتين بينهما جلسة كالعيد عند محمد، وخطبة واحدة عند أبي يوسف، ويكون معظم الخطبة الاستغفار.
وقال الجمهور : يخطب الإمام للاستسقاء بعد الصلاة على الصحيح خطبتين كصلاة العيد عند المالكية والشافعية، لقول ابن عباس: صنع رسول الله صلّى الله عليه وسلم في الاستسقاء كما صنع في العيدين، وخطبة واحدة عند الحنابلة؛ لأنه لم ينقل أنهصلّى الله عليه وسلم خطب بأكثر منها.
ودليلهم على طلب الخطبة وكونها بعد الصلاة: حديث أبي هريرة: «خرج نبي الله صلّى الله عليه وسلم يوماً يستسقي،فصلى بنا ركعتين بلا أذان ولا إقامة، ثم خطبنا، ودعا الله عز وجل، وحول وجهه نحو القبلة رافعاً يديه، ثم قلب رداءه، فجعل الأيمن على الأيسر، والأيسر على الأيمن» .
وتجوز عند الشافعية الخطبة قبل الصلاة، لحديث عبد الله بن زيد: «رأيت النبي صلّى الله عليه وسلم يوم خرج يستسقي، فحوَّل إلى الناس ظهره، واستقبل القبلة يدعو، ثم حول رداءه، ثم صلى ركعتين جهر فيهما بالقراءة» (1) .
وتختلف عن خطبة العيد في رأي المالكية والشافعية أن الإمام يستغفر الله تعالى بدل التكبير، فيقول: ( أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه) ويكثر فيها بالاتفاق الاستغفار؛ لأنه سبب لنزول الغيث، روى سعيد: «أن عمر خرج يستسقي، فلم يزد على الاستغفار، فقالوا: ما رأيناك استسقيت فقال: لقد طلبت الغيث بمجاديح السماء الذي يُستنزَل به المطر، ثم قرأ: استغفروا ربكم، إنه كان غفاراً، يرسل السماء عليكم مدراراً» .
ولا حد للاستغفار عند المالكية في أول الخطبة الأولى والثانية.
ويستغفر الخطيب في الخطبة الأولى عند الشافعية تسعاً، وفي الثانية سبعاً، ويستحب أن يكثر من الاستغفار، لقوله تعالى: {استغفروا ربكم، إنه كان غفاراً، يرسل السماء عليكم مدراراً} [نوح:71/10-11]. ويفتتح الإمام عند الحنابلة الخطبة بالتكبير تسعاً نسَقاً كخطبة العيد، ويكثر فيها عندهم الصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلم ؛ لأنها معونة على الإجابة، قال عمر: «الدعاء موقوف بين السماء والأرض، لا يصعد منه شيء حتى تصلي على نبيك» ، ويقرأ كثيراً: {استغفروا ربكم إنه كان غفاراً} [نوح:71/10] وسائر الآيات التي فيها الأمر به، فإن الله تعالى وعدهم بإرسال الغيث إذا استغفروه.
الدعاء بالخطبة:
http://up1.mlfnt.net/images/c3f5ni65hehy2aqgtt5.jpg (http://up1.mlfnt.net/)
ويدعو الإمام في الخطبة الأولى: اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً، هنيئاً مريئاً مَريعاً، غَدَقاً، مجلِّلاً، سَحَّاً، طَبَقاً دائماً، لحديث ابن عباس .
اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين (أي الآيسين بتأخير المطر)،اللهم إن بالعباد والبلاد والخلق من اللأواء (شدة الجوع)، والجَهد (قلة الخير وسوء الحال)، والضنك (أي الضيق)، ما لا نشكو إلا إليك.
اللهم أنبت لنا الزرع، وأدرّ لنا الضرع، واسقنا من بركات السماء، وأنبت لنا من بركات الأرض. اللهم ارفع عنا الجهد والعُرْي والجوع، واكشف عنا من البلاء، ما لا يكشفه غيرك.
اللهم إنا نستغفرك، إنك كنت غفاراً، فأرسل السماء علينا مدراراً أي دراً ، والمراد مطراً كثيراً. وكل ذلك ثابت بحديث واحد عن عبد الله بن عمر.
ويبالغ في الدعاء سراً وجهراً لقوله تعالى: {ادعوا ربكم تضرعاً وخفية} [الأعراف:55/7] ويؤمن القوم على دعائه، فيقول: اللهم إنك أمرتنا بدعائك، ووعدتنا إجابتك، وقد دعوناك كما أمرتنا، فاستجب لنا كما وعدتنا، إنك لا تخلف الميعاد . أما الناس فيسرون بالدعاء إن أسر الإمام، ويجهرون به إن جهر.
ويستحب للخطيب استقبال القبلة في أثناء الدعاء، لحديث عبد الله بن زيد المتقدم. وهذا ما قرره الصاحبان، وهو أن الإمام يستقبل القبلة بالدعاء في الخطبة.
وقال المالكية: يستقبل القبلة بوجهه قائماً بعد الفراغ من الخطبتين، ويبالغ في الدعاء برفع الكرب والقحط وإنزال الغيث والرحمة وعدم المؤاخذة بالذنوب، ولا يدعو لأحد من الناس.
وقال الشافعية: يستقبل الإمام القبلة بعد صدر (نحو ثلث) الخطبة الثانية، ثم يدعو سراً وجهراً، ثم يستقبل الناس بوجهه ويحثهم على الطاعة، ويصلي على النبي صلّى الله عليه وسلم ويقرأ آية أو آيتين، ويدعو للمؤمنين والمؤمنات، ويختم بقوله: أستغفر الله لي ولكم.
وقال الحنابلة: يستقبل القبلة في أثناء الخطبة.
رفع الأيدي في الدعاء:
http://up1.mlfnt.net/images/c3f5ni65hehy2aqgtt5.jpg (http://up1.mlfnt.net/)
ويستحب رفع الأيدي في دعاء الاستسقاء، لحديث أنس: «كان النبي صلّى الله عليه وسلم لا يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء، فإنه كان يرفع يديه، حتى يُرى بياض إبطيه» وفي حديث أيضاً لأنس: فرفع النبي صلّى الله عليه وسلم ورفع الناس أيديهم.
قلب الرداء أو تحويله:
قال الصاحبان أبو يوسف ومحمد: يقلب الإمام رداءه عند الدعاء، لما روي أنه صلّى الله عليه وسلم : «لما استسقى حوَّل ظهره إلى الناس، واستقبل القبلة، وحوَّل رداءه» .
وصفة القَلْب: إن كان مربَّعاً جعل أعلاه أسفله، وإن كان مُدَوَّراً كالجبة، جعل الجانب الأيمن على الأيسر.
ولا يقلب القوم أرديتهم؛ لأنه لم ينقل أنه عليه السلام أمرهم بذلك ولا يسن القلب عند أبي حنيفة؛ لأن الاستسقاء دعاء عنده، فلا يستحب تحويل الرداء فيه كسائر الأدعية.
وقال الجمهور: يحول الإمام رداءه عند استقبال القبلة، على الخلاف السابق في وقت الاستقبال، ويحول الناس الذكور مثله أي مثل الإمام، وهم جلوس، لحديث عبد الله بن زيد، وحديث عائشة، وحديث أبي هريرة كما تقدم (1) وليقلب الله ما بهم من الجدب إلى الخصب، وجاء هذا المعنى في بعض الحديث، روي «أن النبي صلّى الله عليه وسلم حول رداءه ليتحول القحط»
وصفة التحويل:
أن يجعل يمينه يساره وعكسه أي يجعل الأيمن على الأيسر، والأيسر على الأيمن، بلا تنكيس للرداء عند المالكية والحنابلة، أي فلا يجعل الحاشية السفلى التي على رجليه على أكتافه.
ومع التنكيس في المذهب الجديد للشافعي، فيجعل أعلاه أسفله وعكسه، لحديث: «أنه صلّى الله عليه وسلم استسقى، وعليه خميصة له سوداء، فأراد أن يأخذ أسفلها فيجعله أعلاها، فثقُلت عليه، فقلَبها الأيمن على الأيسر، والأيسر على الأيمن»
ودليل التحويل للناس:
حديث عبد الله بن زيد: «رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم حين استسقى لنا، أطال الدعاء، وأكثر المسألة، ثم تحول إلى القبلة، وحول رداءه، فقلبه ظهراً لبطن، وتحول الناس معه» .
قال الحنابلة: ويظل الرداء محولاً حتى يُنزغ مع الثياب بعد الوصول إلى المنزل، لعدم نقل إعادته. والخلاصة: إن تحويل الرداء للتفاؤل بتحويل الحال من الشدة إلى الرخاء، و «كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يحب الفأل الحسن» .
ما يستحب في الاستسقاء أو وظائف الاستسقاء:
يستحب للاستسقاء ما يأتي بالإضافة لما ذكر سابقاً في الخطبة والخروج للصلاة:
1ً - يأمر الإمام الناس بالتوبة من المعاصي، والتقرب إلى الله تعالى بوجوه البر والخير من صدقة وغيرها، والخروج من المظالم وأداء الحقوق؛ لأن ذلك أرجى للإجابة، قال تعالى: {ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه، يرسل السماء عليكم مدراراً} [هود:52/11]، ولأن المعاصي والمظالم سبب القحط ومنع القطر، والتقوى سبب البركات، لقوله تعالى: {ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض} [الأعراف:7/96] ويأمرالإمام أيضاً بصيام ثلاثة أيام متتابعة قبل صلاة الاستسقاء، ويخرج الناس في يوم آخر صياماً، أو في اليوم الرابع إلى الصحراء صياماً فتصير أيام الصيام أربعة؛ لأنه وسيلة إلى نزول الغيث لما فيه من الرياضة والخشوع، وقد روي:«ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، والمظلوم» .
قال الشافعية: ويلزم الناس امتثال أمر الإمام. وقال الحنابلة: ولا يلزم الصيام والصدقة بأمره.
ويأمرهم الإمام أيضاً بالصدقة؛ لأنها متضمنة للرحمة المفضية إلى رحمتهم بنزول الغيث. كما يأمرهم بترك التشاحن من الشحناء وهي العداوة؛ لأنها تحمل على المعصية والبهت، وتمنع نزول الخير بدليل قوله صلّى الله عليه وسلم : «خرجت لأخبركم بليلة القدر، فتلاحى فلان وفلان، فرفعت» ويعين الإمام يوماً يخرج الناس فيه .
2ً - أن يخرج الإمام والناس مشاة إلى الاستسقاء في الصحراء ثلاثة أيام متتابعة، إلا في مكة والمدينة وبيت المقدس، فيجتمعون في المسجد الحرام، والمسجد النبوي، والمسجد الأقصى، كما قدمنا.
وإن لم يخرج الإمام خرج الناس لصلاة الاستسقاء عند الحنفية، وإذا خرجوا، اشتغلوا بالدعاء، ولم يصلوا بجماعة إلا إذا أمر الإمام إنساناً أن يصلي بهم جماعة؛ لأن هذا دعاء، فلا يشترط له حضور الإمام. وإن خرجوا بغير إذن الإمام، جاز؛ لأنه دعاء، فلا يشترط له إذن الإمام.
وقال الشافعية: إذا كان الوالي بالبلد لا يخرج الناس إلى الصحراء حتى يأذن لهم، لخوف الفتنة. وعند الحنابلة روايتان: إحداهما ـ لا يستحب إلا بخروج الإمام أو نائبه، فإذا خرجوا دعوا وانصرفوا بلا صلاة ولا خطبة. وفي رواية أخرى: إنهم يصلون لأنفسهم، ويخطب بهم أحدهم.
3ً - التنظيف للاستسقاء بغسل وسواك وإزالة رائحة وتقليم أظفار ونحوه، لئلا يؤذي الناس، وهو يوم يجتمعون له كالجمعة.
ولا يستحب التطيب؛ لأنه يوم استكانة وخضوع، ولأن الطيب للزينة وليس هذا وقت زينة.
4ً - يخرج المرء إلى المصلى متواضعاً متذللاً، متخشعاً (خاضعاً) متضرعاً (مستكيناً) متبذلاً (في ثياب بَذْلة)، لحديث ابن عباس السابق: «خرج النبي صلّى الله عليه وسلم للاستسقاء متذللاً متواضعاً متخشعاً، حتى أتى المصلى» .
5ً - التوسل بأهل الدين والصلاح والشيوخ والعلماء المتقين والعجائز والأطفال والدواب، تحصيلاً للتحنن، وإظهار الضجيج بالحاجات، كما بينا سابقاً ، ويسن لكل من حضر أن يستشفع سراً بخالص عمله.
6ً - الخروج إلى المصلى في الصحراء: لحديث عائشة: «شكا الناس إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم قحوط المطر، فأمر بمنبر، فوضع له في المصلى» ، ولأن الجمع يكثر، فكان المصلى أرفق بهم.
7ً - الدعاء بالمأثور في الخطبة كما بينا، وعند نزول الغيث، لما روى البيهقي «أن الدعاء يستجاب في أربعة مواطن: عند التقاء الصفوف، ونزول الغيث، وإقامة الصلاة ورؤية الكعبة» ولما روى البخاري عن عائشة «أن النبي صلّى الله عليه وسلم كان إذا رأى المطر، قال: صيباً نافعاً» أي مطراً شديداً. ومجموع الدعاء عند نزول المطر من أحاديث متفرقة: «اللهم صيّباً هنيئاً، وسيباً ـ أي عطاء ـ نافعاً، مطرنا بفضل الله ورحمته» ويقول عند التضرر بكثرة المطر: «اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والظراب، وبطون الأودية ومنابت الشجر» «اللهم سقيا رحمة ولا سقيا عذاب، ولا محق ولا بلاء، ولا هَدْم ولا غَرَق»
. ويكره سب الريح، بل يسن الدعاء عندها لخبر: «الريح من روح الله ـ أي رحمته ـ تأتي بالرحمة، وتأتي بالعذاب، فإذا رأيتموها فلا تسبوها، واسألوا الله خيرها، واستعيذوا بالله من شرها» بل يقول كما قدمنا: «اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها، وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به» «اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها عذاباً، اللهم اجعلها رياحاً ولا تجعلها ريحاً»
ويسبح عند الرعد والصواعق،
http://up1.mlfnt.net/images/oitanm71t1q0cp51r0qi.jpg (http://up1.mlfnt.net/)
فيقول: «سبحان من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته» وعند البرق يقول: «سبحان من يريكم البرق خوفاً وطمعاً» ويستحب ألا يُتْبع بصرَه البرقَ؛ لأن السلف الصلاح كانوا يكرهون الإشارة إلى الرعد والبرق ويقولون عند ذلك: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، سُبُّوح قُدُّوس» فيختار الاقتداء بهم في ذلك. تعاد صلاة الاستسقاء ثانياً وثالثاً إن لم يُسْقَوْا، فإن تأهبوا للصلاة، فسقوا قبلها اجتمعوا للشكر والدعاء بالزيادة، ويصلون صلاة الاستسقاء المعروفة شكراً لله تعالى، كما يجتمعون للدعاء ونحوه. جاء في الصحيحين: «يستجاب لأحدكم ما لم يعجّل، يقول: دعوت، فلم يستجب لي» وقال تعالى: {لئن شكرتم لأزيدنكم} [إبراهيم:7/14]. حكي عن أصبغ أنه قال: استُسقي للنيل بمصر خمسة وعشرين يوماً متوالية
انتهى من الفقه الإسلامي وأدلته مع تصرف
.
الاستسقاء: لغة: طلب السقيا، وشرعاً: طلب السقي من الله تعالى بمطر عند حاجة العباد إليه على صفة مخصوصة أي بصلاة وخطبة واستغفار وحمد وثناء.
سببه:
قلة الأمطار: وشح المياه، والشعور بالحاجة لسقي الزرع وشرب الحيوان، ويحدث الجفاف عادة ابتلاء من الله تعالى، بسبب غفلة الناس عن ربهم، وتفشي المعاصي بينهم ، فيحتاج الأمر للتوبة والاستغفار والتضرع إلى الله تعالى، فإذا فعل العباد ذلك، تفضل عليهم خالقهم وأنعم عليهم بإنزال المطر، كما قص علينا القرآن الكريم من دعاء الأنبياء نوح وموسى وهود عليهم السلام لإغاثة أقوامهم، قال تعالى عن نوح: {فقلت: استغفروا ربكم، إنه كان غفاراً، يرسل السماء عليكم مدراراً، ويمددكم بأموال وبنين، ويجعل لكم جنات، ويجعل لكم أنهاراً} [نوح:71/10-11-12] وقال عن موسى: {وإذ استسقى موسى لقومه، فقلنا: اضرب بعصاك الحجر..} [البقرة:60/2] وقال عن موسى: {ويا قوم استغفروا ربكم، ثم توبوا إليه، يرسل السماء عليكم مدراراً، ويزدكم قوة إلى قوتكم} [هود:52/11].
مشروعية صلاة الاستسقاء:
قال أبو حنيفة رحمه الله : ليس في الاستسقاء صلاة مسنونة في جماعة، فإذا صلى الناس فرادى أو وُحداناً، جاز من غير كراهة؛ لأنها نفل مطلق، وإنما الاستسقاء: دعاء واستغفار؛ لأنه السبب لإرسال الأمطار، بلا جماعة مسنونة، وبلا خطبة، وبلا قلب رداء، وبلا حضور ذمي، لقوله تعالى: {فقلت: استغفروا ربكم إنه كان غفاراً، يرسل السماء عليكم مدراراً} [نوح:71/10]، ورسول الله صلّى الله عليه وسلم استسقى، ولم يرو عنه الصلاة.
ورد الحافظ الزيلعي فقال : أما استسقاؤه عليه السلام، فصحيح ثابت، وأما إنه لم يرو عنه الصلاة، فهذا غير صحيح، بل صح أنه صلى فيه، كما سيأتي، وليس في الحديث أنه استسقى، ولم يصل، بل غاية ما يوجد ذكر الاستسقاء، دون ذكر الصلاة، ولا يلزم من عدم ذكر الشيء عدم وقوعه.
وقال جمهور الفقهاء منهم الصاحبان : صلاة الاستسقاء سنة مؤكدة حضراً وسفراً، عند الحاجة، ثابتة بسنة رسول الله صلّى الله عليه وسلم وخلفائه، رضي الله عنهم. وتكرر في أيام ثانياً وثالثاً وأكثر، إن تأخر السقي، حتى يسقيهم الله تعالى، فإن الله يحب الملحين في الدعاء .
دليل سنيتها
أحاديث متعددة ،منها حديث ابن عباس: أن النبي صلّى الله عليه وسلم صلى في الاستسقاء ركعتين، كصلاة العيد .
وحديث عائشة أن النبي صلّى الله عليه وسلم خطب في الاستسقاء «ثم نزل فصلى ركعتين...» وحديث أبي هريرة وعبد الله بن زيد وعباد بن تميم عن عمه .
وإن تأهب الناس لصلاة الاستسقاء، فسقوا وأمطروا قبلها، صلوها عند المالكية لطلب سعة، وعند الشافعية للشكر والدعاء، ويصلون صلاة الاستسقاء المعروفة شكراً أيضاً، على الصحيح، كما يجتمعون للدعاء ونحوه، والأصح أنه يخطب بهم الإمام أيضاً، ولو سقوا في أثنائها أتموها، جزماً.
وعند الحنابلة : لا يخرج الناس حينئذ للصلاة، وشكروا الله على نعمته، وسألوه المزيد من فضله. أما إن خرجوا فأمطروا قبل أن يصلوا، صلوا شكراً لله تعالى، وحمدوه ودعوه.
صفة صلاة الاستسقاء ووقتها والمكلف بها والقراءة فيها:
اتفق الجمهور غير أبي حنيفة على أن صلاة الاستسقاء ركعتان بجماعة في المصلى بالصحراء خارج البلد، بلا أذان ولا إقامة، وإنما ينادى لها ( الصلاة جامعة)؛ لأنه صلّى الله عليه وسلم لم يقمها إلا في الصحراء، وهي أوسع من غيرها في المصلى، ويجهر فيهما بالقراءة، كصلاة العيد، بعدد تكبيراته عند الشافعية والحنابلة بعد الافتتاح قبل التعوذ، سبعاً في الركعة الأولى، وخمساً في الثانية برفع يديه ووقوفه بين كل تكبيرتين كآية معتدلة، قال ابن عباس: «سنة الاستسقاء سنة العيدين» فتسن في الصحراء، مع تكبير العيد، بلا أذان ولا إقامة لأنها صلاة شرع لها الاجتماع والخطبة.
ويجعل عند المالكية والشافعية، والصاحبين من الحنفية في المشهور الاستغفار بدل التكبير، فليس في الاستسقاء تكبير، بل فيه الاستغفار بدل التكبير.
ويقرأ في الصلاة ما شاء جهراً، كما في صلاة العيدين، والأفضل أن يقرأ فيهما عند المالكية بسبح، والشمس وضحاها، وعند الحنابلة والصاحبين مثلما يقرأ في صلاة العيد بسبح اسم ربك الأعلى، وهل أتاك حديث الغاشية، كما في حديث ابن عباس المتقدم وحديث أنس عند ابن قتيبة في غريب الحديث، وإن شاء قرأ في الركعة الأولى بـ {إنا أرسلنا نوحاً} [نوح:71/1] لمناسبتها الحال، وفي الركعة الثانية سورة أخرى من غير تعيين.
وعند الشافعية: يقرأ في الأولى جهراً بسورة { ق } [ق:50/1] وفي الثانية: {اقتربت} [القمر:54/1] في الأصح، أو بسبح والغاشية، قياساً لا نصاً. ودليل الجهر بالقراءة حديث عبد الله بن زيد وغيره: «ثم صلى ركعتين جهر فيهما بالقراءة» ، وكما تفعل جماعة ـ وهو الأفضل ـ تفعل فرادى.
والمستحب الخروج إلى الصحراء، إلا في مكة والمدينة وبيت المقدس ففي المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى، فيخرج الناس ثلاثة أيام مشاة في ثياب خَلِقة غَسِيلة، متذللين متواضعين، خاشعين لله تعالى، ناكسين رؤوسهم، مقدمين الصدقة كل يوم قبل خروجهم، ويجددون التوبة، ويستسقون بالضَّعَفة والشيوخ والعجائز والأطفال.
ولا يشترط إذن الإمام لصلاة الاستسقاء عند أبي حنيفة؛ لأن المقصود هو الدعاء فلا يشترط له إذن الإمام، ويشترط ذلك عند الشافعية، وعن الإمام أحمد روايتان .
وأما وقتها:
فليس لها وقت معين، ولا تختص بوقت العيد، إلا أنها لا تفعل في وقت النهي عن الصلاة، بغير خلاف؛ لأن وقتها متسع، فلا حاجة إلى فعلها في وقت النهي. ويسن فعلها أول النهار، وقت صلاة العيد، لحديث عائشة: «أنه صلّى الله عليه وسلم خرج حين بدا حاجب الشمس» ، ولأنها تشبه صلاة العيد في الموضع والصفة، فكذلك في الوقت؛ لأن وقتها لا يفوت بزوال الشمس؛ لأنها ليس لها يوم معين، فلا يكون لها وقت معين.
ولا تتقيد بزوال الشمس ظهراً، فيجوز فعلها بعده، كسائر النوافل . وإن استسقى الناس عقب صلواتهم أو في خطبة الجمعة، أصابوا السنة، فيجوز الاستسقاء بالدعاء من غير صلاة لحديث عمر رضي الله عنه أنه خرج يستسقي، فصعد المنبر فقال: «استغفروا ربكم إنه كان غفاراً، يرسل السماء عليكم مدراراً، ويمددكم بأموال وبنين، ويجعل لكم جنات، ويجعل لكم أنهاراً، استغفروا ربكم، إنه كان غفاراً، ثم نزل، فقيل: يا أمير المؤمنين، لو استسقيت؟ فقال: لقد طلبت بمجاديح السماء التي يستنزل بها القطر» .
والمكلف بها :
الرجال القادرون على المشي، ولا يؤمر بها النساء والصبيان غير المميزين على المشهور عند المالكية، وقال الشافعية والحنفية: يندب خروج الأطفال والشيوخ والعجائز، ومن لا هيئة لها من النساء، والخنثى القبيح المنظر؛ لأن دعاءهم أقرب إلى الإجابة، إذ الكبير أرق قلباً، والصغير لا ذنب عليه، ولقوله صلّى الله عليه وسلم : «وهل ترزقون وتنصرون إلا بضعفائكم» . ويكره خروج الشابات والنساء ذوات الهيئة، خوف الفتنة.
إخراج الدواب:
ولا يستحب عند المالكية والحنابلة إخراج البهائم والمجانين؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلم لم يفعله.
ويستحب إخراجها مع أولادها عند الحنفية، والشافعية في الأصح، ويباح ذلك عند الحنابلة؛ لأن الرزق مشترك بين الكل ، وليحصل التحنّن، ويظهر الضجيج بالحاجات، روى البزار مرفوعاً بسند ضعيف: «لولا أطفال رُضَّع، وعباد رُكَّع، وبهائم رُتَّع، لصب عليكم العذاب صباً» . وروي أن سليمان عليه السلام «خرج يستسقي، فرأى نملة مستلقية، وهي تقول: اللهم إنا خلق من خلقك، ليس بنا غنى عن رزقك، فقال سليمان: ارجعوا فقد سقيتم بدعوة غيركم»
. التوسل بذوي الصلاح:
ويستحب إخراج أهل الدين والصلاح، لأنه أسرع لإجابتهم، وقد استسقى عمر بالعباس، ومعاوية بيزيد بن الأسود الجرشي، واستسقى به الضحاك بن قيس مرة أخرى ، فلابأس بالتوسل بالصالحين ، قال ابن عمر: استسقى عمر عام الرمادة بالعباس ، فقال: اللهم إن هذا عمُّ نبيك صلّى الله عليه وسلم نتوجه إليك به، فاسقنا، فما برحوا حتى سقاهم الله عز وجل. وقال معاوية: اللهم إنا نستشفع إليك بخيرنا وأفضلنا يزيد بن الأسود ، يايزيد ، ارفع يديك ، فرفع يديه ، ودعا الله تعالى، فثارت في الغرب سحابة مثل الترس، وهب لها ريح، فسقوا، حتى كادوا لايبلغون منازلهم .
وهيئة الخارج للاستسقاء
أن يكون متضرعاً لله تعالى، متبذلاً أي في ثياب البذلة، لافي ثياب الزينة، ولا يتطيب؛ لأنه من كمال الزينة، ويكون متخشعاً في مشيه، وجلوسه في خضوع، متضرعاً إلى الله تعالى، متذللاً له، راغباً إليه. قال ابن عباس: خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم متواضعاً متبذلاً متخشعاً متضرعاً .
خطبة الاستسقاء:
http://up1.mlfnt.net/images/9uxesueqiaxpcc9chw3g.jpg (http://up1.mlfnt.net/)
قال أبو حنيفة لاخطبة للاستسقاء؛ لأنها تبع للجماعة، ولا جماعة لها عنده، وإنما دعاء واستغفار يستقبل فيهما الإمام القبلة. قال ابن عباس حينما سئل عن صلاة الاستسقاء: خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم متواضعاً متبذلاً ، متخشعاً، متضرعاً، فصلى ركعتين، كما يُصلَّى في العيد، لم يخطب خطبتكم هذه
وقال الصاحبان: يصلي الإمام بالناس ركعتين يجهر فيهما بالقراءة، ثم يخطب، ويستقبل القبلة بالدعاء. ويخطب خطبتين بينهما جلسة كالعيد عند محمد، وخطبة واحدة عند أبي يوسف، ويكون معظم الخطبة الاستغفار.
وقال الجمهور : يخطب الإمام للاستسقاء بعد الصلاة على الصحيح خطبتين كصلاة العيد عند المالكية والشافعية، لقول ابن عباس: صنع رسول الله صلّى الله عليه وسلم في الاستسقاء كما صنع في العيدين، وخطبة واحدة عند الحنابلة؛ لأنه لم ينقل أنهصلّى الله عليه وسلم خطب بأكثر منها.
ودليلهم على طلب الخطبة وكونها بعد الصلاة: حديث أبي هريرة: «خرج نبي الله صلّى الله عليه وسلم يوماً يستسقي،فصلى بنا ركعتين بلا أذان ولا إقامة، ثم خطبنا، ودعا الله عز وجل، وحول وجهه نحو القبلة رافعاً يديه، ثم قلب رداءه، فجعل الأيمن على الأيسر، والأيسر على الأيمن» .
وتجوز عند الشافعية الخطبة قبل الصلاة، لحديث عبد الله بن زيد: «رأيت النبي صلّى الله عليه وسلم يوم خرج يستسقي، فحوَّل إلى الناس ظهره، واستقبل القبلة يدعو، ثم حول رداءه، ثم صلى ركعتين جهر فيهما بالقراءة» (1) .
وتختلف عن خطبة العيد في رأي المالكية والشافعية أن الإمام يستغفر الله تعالى بدل التكبير، فيقول: ( أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه) ويكثر فيها بالاتفاق الاستغفار؛ لأنه سبب لنزول الغيث، روى سعيد: «أن عمر خرج يستسقي، فلم يزد على الاستغفار، فقالوا: ما رأيناك استسقيت فقال: لقد طلبت الغيث بمجاديح السماء الذي يُستنزَل به المطر، ثم قرأ: استغفروا ربكم، إنه كان غفاراً، يرسل السماء عليكم مدراراً» .
ولا حد للاستغفار عند المالكية في أول الخطبة الأولى والثانية.
ويستغفر الخطيب في الخطبة الأولى عند الشافعية تسعاً، وفي الثانية سبعاً، ويستحب أن يكثر من الاستغفار، لقوله تعالى: {استغفروا ربكم، إنه كان غفاراً، يرسل السماء عليكم مدراراً} [نوح:71/10-11]. ويفتتح الإمام عند الحنابلة الخطبة بالتكبير تسعاً نسَقاً كخطبة العيد، ويكثر فيها عندهم الصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلم ؛ لأنها معونة على الإجابة، قال عمر: «الدعاء موقوف بين السماء والأرض، لا يصعد منه شيء حتى تصلي على نبيك» ، ويقرأ كثيراً: {استغفروا ربكم إنه كان غفاراً} [نوح:71/10] وسائر الآيات التي فيها الأمر به، فإن الله تعالى وعدهم بإرسال الغيث إذا استغفروه.
الدعاء بالخطبة:
http://up1.mlfnt.net/images/c3f5ni65hehy2aqgtt5.jpg (http://up1.mlfnt.net/)
ويدعو الإمام في الخطبة الأولى: اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً، هنيئاً مريئاً مَريعاً، غَدَقاً، مجلِّلاً، سَحَّاً، طَبَقاً دائماً، لحديث ابن عباس .
اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين (أي الآيسين بتأخير المطر)،اللهم إن بالعباد والبلاد والخلق من اللأواء (شدة الجوع)، والجَهد (قلة الخير وسوء الحال)، والضنك (أي الضيق)، ما لا نشكو إلا إليك.
اللهم أنبت لنا الزرع، وأدرّ لنا الضرع، واسقنا من بركات السماء، وأنبت لنا من بركات الأرض. اللهم ارفع عنا الجهد والعُرْي والجوع، واكشف عنا من البلاء، ما لا يكشفه غيرك.
اللهم إنا نستغفرك، إنك كنت غفاراً، فأرسل السماء علينا مدراراً أي دراً ، والمراد مطراً كثيراً. وكل ذلك ثابت بحديث واحد عن عبد الله بن عمر.
ويبالغ في الدعاء سراً وجهراً لقوله تعالى: {ادعوا ربكم تضرعاً وخفية} [الأعراف:55/7] ويؤمن القوم على دعائه، فيقول: اللهم إنك أمرتنا بدعائك، ووعدتنا إجابتك، وقد دعوناك كما أمرتنا، فاستجب لنا كما وعدتنا، إنك لا تخلف الميعاد . أما الناس فيسرون بالدعاء إن أسر الإمام، ويجهرون به إن جهر.
ويستحب للخطيب استقبال القبلة في أثناء الدعاء، لحديث عبد الله بن زيد المتقدم. وهذا ما قرره الصاحبان، وهو أن الإمام يستقبل القبلة بالدعاء في الخطبة.
وقال المالكية: يستقبل القبلة بوجهه قائماً بعد الفراغ من الخطبتين، ويبالغ في الدعاء برفع الكرب والقحط وإنزال الغيث والرحمة وعدم المؤاخذة بالذنوب، ولا يدعو لأحد من الناس.
وقال الشافعية: يستقبل الإمام القبلة بعد صدر (نحو ثلث) الخطبة الثانية، ثم يدعو سراً وجهراً، ثم يستقبل الناس بوجهه ويحثهم على الطاعة، ويصلي على النبي صلّى الله عليه وسلم ويقرأ آية أو آيتين، ويدعو للمؤمنين والمؤمنات، ويختم بقوله: أستغفر الله لي ولكم.
وقال الحنابلة: يستقبل القبلة في أثناء الخطبة.
رفع الأيدي في الدعاء:
http://up1.mlfnt.net/images/c3f5ni65hehy2aqgtt5.jpg (http://up1.mlfnt.net/)
ويستحب رفع الأيدي في دعاء الاستسقاء، لحديث أنس: «كان النبي صلّى الله عليه وسلم لا يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء، فإنه كان يرفع يديه، حتى يُرى بياض إبطيه» وفي حديث أيضاً لأنس: فرفع النبي صلّى الله عليه وسلم ورفع الناس أيديهم.
قلب الرداء أو تحويله:
قال الصاحبان أبو يوسف ومحمد: يقلب الإمام رداءه عند الدعاء، لما روي أنه صلّى الله عليه وسلم : «لما استسقى حوَّل ظهره إلى الناس، واستقبل القبلة، وحوَّل رداءه» .
وصفة القَلْب: إن كان مربَّعاً جعل أعلاه أسفله، وإن كان مُدَوَّراً كالجبة، جعل الجانب الأيمن على الأيسر.
ولا يقلب القوم أرديتهم؛ لأنه لم ينقل أنه عليه السلام أمرهم بذلك ولا يسن القلب عند أبي حنيفة؛ لأن الاستسقاء دعاء عنده، فلا يستحب تحويل الرداء فيه كسائر الأدعية.
وقال الجمهور: يحول الإمام رداءه عند استقبال القبلة، على الخلاف السابق في وقت الاستقبال، ويحول الناس الذكور مثله أي مثل الإمام، وهم جلوس، لحديث عبد الله بن زيد، وحديث عائشة، وحديث أبي هريرة كما تقدم (1) وليقلب الله ما بهم من الجدب إلى الخصب، وجاء هذا المعنى في بعض الحديث، روي «أن النبي صلّى الله عليه وسلم حول رداءه ليتحول القحط»
وصفة التحويل:
أن يجعل يمينه يساره وعكسه أي يجعل الأيمن على الأيسر، والأيسر على الأيمن، بلا تنكيس للرداء عند المالكية والحنابلة، أي فلا يجعل الحاشية السفلى التي على رجليه على أكتافه.
ومع التنكيس في المذهب الجديد للشافعي، فيجعل أعلاه أسفله وعكسه، لحديث: «أنه صلّى الله عليه وسلم استسقى، وعليه خميصة له سوداء، فأراد أن يأخذ أسفلها فيجعله أعلاها، فثقُلت عليه، فقلَبها الأيمن على الأيسر، والأيسر على الأيمن»
ودليل التحويل للناس:
حديث عبد الله بن زيد: «رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم حين استسقى لنا، أطال الدعاء، وأكثر المسألة، ثم تحول إلى القبلة، وحول رداءه، فقلبه ظهراً لبطن، وتحول الناس معه» .
قال الحنابلة: ويظل الرداء محولاً حتى يُنزغ مع الثياب بعد الوصول إلى المنزل، لعدم نقل إعادته. والخلاصة: إن تحويل الرداء للتفاؤل بتحويل الحال من الشدة إلى الرخاء، و «كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يحب الفأل الحسن» .
ما يستحب في الاستسقاء أو وظائف الاستسقاء:
يستحب للاستسقاء ما يأتي بالإضافة لما ذكر سابقاً في الخطبة والخروج للصلاة:
1ً - يأمر الإمام الناس بالتوبة من المعاصي، والتقرب إلى الله تعالى بوجوه البر والخير من صدقة وغيرها، والخروج من المظالم وأداء الحقوق؛ لأن ذلك أرجى للإجابة، قال تعالى: {ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه، يرسل السماء عليكم مدراراً} [هود:52/11]، ولأن المعاصي والمظالم سبب القحط ومنع القطر، والتقوى سبب البركات، لقوله تعالى: {ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض} [الأعراف:7/96] ويأمرالإمام أيضاً بصيام ثلاثة أيام متتابعة قبل صلاة الاستسقاء، ويخرج الناس في يوم آخر صياماً، أو في اليوم الرابع إلى الصحراء صياماً فتصير أيام الصيام أربعة؛ لأنه وسيلة إلى نزول الغيث لما فيه من الرياضة والخشوع، وقد روي:«ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، والمظلوم» .
قال الشافعية: ويلزم الناس امتثال أمر الإمام. وقال الحنابلة: ولا يلزم الصيام والصدقة بأمره.
ويأمرهم الإمام أيضاً بالصدقة؛ لأنها متضمنة للرحمة المفضية إلى رحمتهم بنزول الغيث. كما يأمرهم بترك التشاحن من الشحناء وهي العداوة؛ لأنها تحمل على المعصية والبهت، وتمنع نزول الخير بدليل قوله صلّى الله عليه وسلم : «خرجت لأخبركم بليلة القدر، فتلاحى فلان وفلان، فرفعت» ويعين الإمام يوماً يخرج الناس فيه .
2ً - أن يخرج الإمام والناس مشاة إلى الاستسقاء في الصحراء ثلاثة أيام متتابعة، إلا في مكة والمدينة وبيت المقدس، فيجتمعون في المسجد الحرام، والمسجد النبوي، والمسجد الأقصى، كما قدمنا.
وإن لم يخرج الإمام خرج الناس لصلاة الاستسقاء عند الحنفية، وإذا خرجوا، اشتغلوا بالدعاء، ولم يصلوا بجماعة إلا إذا أمر الإمام إنساناً أن يصلي بهم جماعة؛ لأن هذا دعاء، فلا يشترط له حضور الإمام. وإن خرجوا بغير إذن الإمام، جاز؛ لأنه دعاء، فلا يشترط له إذن الإمام.
وقال الشافعية: إذا كان الوالي بالبلد لا يخرج الناس إلى الصحراء حتى يأذن لهم، لخوف الفتنة. وعند الحنابلة روايتان: إحداهما ـ لا يستحب إلا بخروج الإمام أو نائبه، فإذا خرجوا دعوا وانصرفوا بلا صلاة ولا خطبة. وفي رواية أخرى: إنهم يصلون لأنفسهم، ويخطب بهم أحدهم.
3ً - التنظيف للاستسقاء بغسل وسواك وإزالة رائحة وتقليم أظفار ونحوه، لئلا يؤذي الناس، وهو يوم يجتمعون له كالجمعة.
ولا يستحب التطيب؛ لأنه يوم استكانة وخضوع، ولأن الطيب للزينة وليس هذا وقت زينة.
4ً - يخرج المرء إلى المصلى متواضعاً متذللاً، متخشعاً (خاضعاً) متضرعاً (مستكيناً) متبذلاً (في ثياب بَذْلة)، لحديث ابن عباس السابق: «خرج النبي صلّى الله عليه وسلم للاستسقاء متذللاً متواضعاً متخشعاً، حتى أتى المصلى» .
5ً - التوسل بأهل الدين والصلاح والشيوخ والعلماء المتقين والعجائز والأطفال والدواب، تحصيلاً للتحنن، وإظهار الضجيج بالحاجات، كما بينا سابقاً ، ويسن لكل من حضر أن يستشفع سراً بخالص عمله.
6ً - الخروج إلى المصلى في الصحراء: لحديث عائشة: «شكا الناس إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم قحوط المطر، فأمر بمنبر، فوضع له في المصلى» ، ولأن الجمع يكثر، فكان المصلى أرفق بهم.
7ً - الدعاء بالمأثور في الخطبة كما بينا، وعند نزول الغيث، لما روى البيهقي «أن الدعاء يستجاب في أربعة مواطن: عند التقاء الصفوف، ونزول الغيث، وإقامة الصلاة ورؤية الكعبة» ولما روى البخاري عن عائشة «أن النبي صلّى الله عليه وسلم كان إذا رأى المطر، قال: صيباً نافعاً» أي مطراً شديداً. ومجموع الدعاء عند نزول المطر من أحاديث متفرقة: «اللهم صيّباً هنيئاً، وسيباً ـ أي عطاء ـ نافعاً، مطرنا بفضل الله ورحمته» ويقول عند التضرر بكثرة المطر: «اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والظراب، وبطون الأودية ومنابت الشجر» «اللهم سقيا رحمة ولا سقيا عذاب، ولا محق ولا بلاء، ولا هَدْم ولا غَرَق»
. ويكره سب الريح، بل يسن الدعاء عندها لخبر: «الريح من روح الله ـ أي رحمته ـ تأتي بالرحمة، وتأتي بالعذاب، فإذا رأيتموها فلا تسبوها، واسألوا الله خيرها، واستعيذوا بالله من شرها» بل يقول كما قدمنا: «اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها، وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به» «اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها عذاباً، اللهم اجعلها رياحاً ولا تجعلها ريحاً»
ويسبح عند الرعد والصواعق،
http://up1.mlfnt.net/images/oitanm71t1q0cp51r0qi.jpg (http://up1.mlfnt.net/)
فيقول: «سبحان من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته» وعند البرق يقول: «سبحان من يريكم البرق خوفاً وطمعاً» ويستحب ألا يُتْبع بصرَه البرقَ؛ لأن السلف الصلاح كانوا يكرهون الإشارة إلى الرعد والبرق ويقولون عند ذلك: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، سُبُّوح قُدُّوس» فيختار الاقتداء بهم في ذلك. تعاد صلاة الاستسقاء ثانياً وثالثاً إن لم يُسْقَوْا، فإن تأهبوا للصلاة، فسقوا قبلها اجتمعوا للشكر والدعاء بالزيادة، ويصلون صلاة الاستسقاء المعروفة شكراً لله تعالى، كما يجتمعون للدعاء ونحوه. جاء في الصحيحين: «يستجاب لأحدكم ما لم يعجّل، يقول: دعوت، فلم يستجب لي» وقال تعالى: {لئن شكرتم لأزيدنكم} [إبراهيم:7/14]. حكي عن أصبغ أنه قال: استُسقي للنيل بمصر خمسة وعشرين يوماً متوالية
انتهى من الفقه الإسلامي وأدلته مع تصرف
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق