رسالة من عبدٍ إلى مولاه ومن ذليلٍ إلى عزيز ومن فقيرٍ إلى غني ومن ضعيفٍ إلى قوي ومن عاصٍ إلى رحيم
تحياتي وأشواقي إليكم .
من عبدك الفقير الذليل إلى جناب حضرتكم العلية أبعث اليكم برسالتي هذه وأنا على يقين أنها وصلت إليكم قبل أن أكتبها .
إلهي ..
منذ أن خلقتني وأنا أسير إليكم أبحث عنكم ولكن جهلي أخطأ بي الطريق . وضعفي أعياني عن المسير فلم اصطحب الكثير من الزاد في سفري إليكم ولكني أحمل بين جوانحي شوقي وحبي إليكم
إلهي ..
بحثت عنكم في كل مكان إلاّ حيث وجودكم فإذا بكم في قلبي وبين جوانحي إلهي . .
كثيرا ما رفعت يديّ إلى السماء مشيرا إليك فإذا بك بين يديّ
منذ أن عرفتك وذلك ليس من زمن بعيد لم ينقطع حواري معك أحادثك كالرفيق على دربي درب مشيئتك أختلي بك في حوالك الليل حيث يختلي الحبيب بحبيبه أسألك فتعطيني وأبكي بين يديك كالطفل الصغير لألوذ بك ولأن ضعفي بحاجة إلى قوتك وورحمتك وذلي بحاجة إلى عزك وجلالك فأجدك كريماً معطاءً رحيماً تُهَديء من روعي وتحضنني في كنف رعايتك ورحمتك وسترك . فتقول لي قد أعطيتك ماتريد وغفرت لك
فكن لي كما أريد أعطك ماتريد واستجيب لك في اليوم العصيب
إلهي ..
تقاذفتني أمواج الفتن لتبعدني عنك فإذا بي أجدك تهرول إلي لتنقذني مما أنا فيه فتحملني على جناح رحمتك لتعيدني إلى حيث كنت
إلهي ..
أبعدني الخلائق عنك وقالوا أنّه لايمكن لي رؤيتك، وجعلوني أخافك كي أعبدك. فإذا بي مذ عرفتك، أعبدك لأنّي أحبك، وأحادثك وأصغي إليك، وها أنا اليوم للمرة الأولى أراسلك لأقول لك .
إلهي ..
ليس سهلاً التعبير عن شكري لك دون أن يجتاحني الحياء منك. فأنت تعلم أنّي مخلوق عجول قد تلبّستني الذنوب لكنّها الرغبة في محبتك والتواصل معك.
إلهي ..
طلبت منّا الرحمة واللطف والشرّ ضارب أشرعته في بحر دنياك على نفوسنا.. أمرتنا بالصبر وجعلتنا للبلاء ميدانالأسهمه..
امتحنت قلوبنا للإيمان وشرعت للشياطين أبواب الشَرَك ليوقعونا في حبالهم وأمرتنا بالتعارف والتسامح والعدل ولإحسان .
ونار الظلم والحرب متّقدة فينا وفي نفوسنا وعقولنا
إلهي ..
بالرغم من حضورك وسيطرتك ومشيئتك كيف يصبح سلوك البشر هو غير المتوقّع؟
إلهي . .
طريقتك في الحضور تثير العجب ! أو أنّ طريقنا في الحياة هو العجب !
إي ربّي! لكن كل ما يحصل معظمه بإسمك.
ناهيك عن التاريخ ومجازره، وجلجلة الطغاة والعاصين. كيف وصلنا إلى زمن نرى فيه طفلاً بريئاَ يقف في وجه دبابة يرميها بحجر؟
ونرى مسلماً يُنحر كالجمل ؟
ربّي لماذا أُسريَ بنا إلى حيث اللاوصول؟
لكنه رغم كلِّ المآسي وخوفي من قدر البشرية الآتي يطمئنني حضورك في قلبي ولست أقيّدك لنفسي لأنّي أصبحت أخجل أن لا أحب وأعامل كل إنسان وأيّ موجود بما لا يستحق وجودك وحضورك في قلبه. وهذا ما أرجوه من صاحب كل قلب
إلهي ..
أعلم أنه كلما عظُم بلائك عظُم عطائك وأن رحمتك وسعت كل شيء وأن لك حِكماً لانعلمها ولكن رحمتك بنا أوسع لنا من عقابك .
فيارب ارحم ضعفنا ولّم شملنا واجمع كلمتنا ووحد صفوفنا وألف بين قلوبنا يامن إليك المشتكى وإليه الملتجى يارب العالمين اللهم ارحم دماءً سفكت وأطفالاً يتّمت ونساءً رمّلت وقلوباً قطّعت
اللهم يا سامع الصوت ويا محيي العظام بعد الموت ياكبير فوق كل كبير يا جابر العظم الكسير يا رازق الطفل الصغير يا من لاشريك له ولاوزير .اللهم انا نسألك بالأطفال الرضع وبالشيوخ الركع وبالبهائم الرتع ونسألك بالاكف الضارعة وبالعيون الدامعة وبالقلوب الخاشعة . اللهم أغث أمة حبيبك محمداً صلى الله عليه وسلم وانصرامة حبيبك محمداً صلى الله عليه وسلم ونفس كرب أخوتنا وأخواتنا و فرج همهم واحفظهم من كل سوء يارب العالمين .اللهم عليك ببشار وزمرته فانهم لايعجزونك .اللهم ارنا فيهم عجائب قدرتك اللهم احصهم عددا واقتلهم بددا ولاتبق منهم احدا .اللهم اجعل الدائرة تدور عليهم .اللهم اهلكهم بالطاغية و ارسل عليهم الريح الصرصر العاتية .اللهم افتح عليهم أبواب السماء بماء منهمر وفجر عليهم الارض عيونا ليلتقي المائان على هلاك لهم قد قدر .اللهم ارسل عليهم الصواعق المحرقة والجنود المجندة والحجارة المسومة . اللهم ارسل عليهم طيرا ابابيل فترميهم بحجارة من سجيل .اللهم اسفك دمائهم ورمل نسائهم ويتم اطفالهم يا غياث المستغيثين يادرك الهالكين يا مجيب دعا المضطرين ياقاهر الجبارين . اللهم صبّ عليهم العذاب صبّا وشق ّ الأرض من تحت أرجلهم شقا . اللهم أطبق عليهم الجبال الشاهقة وأرسل عليهم الشهب الحارقة ياذا القوة المتين . اللهم استجب دعائنا وأخرج المسلمين من بينهم سالمين غانمين يالله يالله يالله وارزقني الشهادة في سبيلك يارب العالمين وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم هذه رسالتي إليك يارب وإن في القلب مايعجز عنه البيان .
فتقبلها مني رحمة ً بعبادك المستضعفين
فإن لم أكن أهلاً لكتابتها فأنت أهل لقبولها
كتبها : عبدك الفقير
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق