مفهوم قوله تعالى ( وللذكر مثل حظ الأنثيين )
مفهوم قوله تعالى ( وللذكر مثل حظ الأنثيين )
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله ولي النعم الرازق لكل موجود الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى .مقسم الأرزاق بين الخلائق دون تفضيل بحكمة بالغة إلى يوم الدين .
والصلاة والسلام على أشرف مخلوق مشى على البسيطة النبي الأكرم هادي الامة إلى صراطٍ مستقيم ومبين لهم ليقيم عليهم الحجة إلى أن يقف الناس بين يدي رب العالمين . وعلى آله الطاهرين وصحبه الأكرمين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد .
لقد حاول أعداء الإسلام الذين لا همّ لهم إلا التشكيك والطعن في ديننا الحنيف الذي كمّله الله سبحانه وتعالى وارتضاه لنا ديناً يُتعبد به إلى يوم الوقت المعلوم
فقد أرادوا منذ زمن أن يجدوا ثلمة توافق حقدهم الأعمى على الإسلام وأهله
وللأسف فقد أطاعهم في ذلك أقوام طمس الله على قلوبهم وذلك لخفة عقولهم ونظرهم القاصر فراحو يتّبعون كل ناعقٍ فيصدرون القوانين ويطلقون العنان لأقلامهم ليخرجوا لنا ماتجيش به نفوسهم المريضة والمتعفنة بعفونة الانقياد للحضارة العمياء التي وجدت ما يلائمها لكي تحط رحالها عليهم .
وإنني استعرض معكم آية في كتاب الله عزو وجل الذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولامن خلفه ألا وهي قول الله سبحانه وتعالى .
{يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ) .النساء
كثيرا ماتُتخذ هذه الآية شعاراً لمن تشرب السم الزعاف ليطعن في عدالة الله سبحانه وتعالى فيقول إنها لقسمة ضيزى في حق المرأة التي تتعب مع الرجل وتحمل في بطنها الولدان وتسهر عليهم الليالي الطوال وتذوق الموت في كل حمل تضعه ليأتي الإسلام فيعطيها نصف حصة الرجل .
فأقول مستعيناً بالله ومتوكلاً عليه وطالباً العون والمدد والفتح المبين
لم تعطى المرأة وتكرّم ويعتنى بها في دين أكثر من دين الإسلام
فقد أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: «أُمُّكَ» قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ» قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ» قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أَبُوكَ»
فقد أوصى الأسلام في المرأة أيما إيصاء سواءً كانت بنتاً أو أماً أو أختاُ أو وزوجة ًوقد رأينا كيف أوصى بالمرأة أُماً
وأما وهي بنتاً وأختاً فقد أخرج الامام أحمد في مسنده عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَكُونُ لِأَحَدٍ ثَلَاثُ بَنَاتٍ، أَوْ ثَلَاثُ أَخَوَاتٍ، أَوْ ابْنَتَانِ، أَوْ أُخْتَانِ، فَيَتَّقِي اللهَ فِيهِنَّ وَيُحْسِنُ إِلَيْهِنَّ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ
وأخرج الحاكم وأحمد في مسنده عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ كَانَ لَهُ ثَلَاثُ بَنَاتٍ، فَصَبَرَ عَلَى لَأْوَائِهِنَّ، وَضَرَّائِهِنَّ، وَسَرَّائِهِنَّ، أَدْخَلَهُ اللهُ الْجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ إِيَّاهُنَّ "، فَقَالَ رَجُلٌ: أَوْ ثِنْتَانِ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: " أَوِ اثِنْتَانِ "، فَقَالَ رَجُلٌ: أَوْ وَاحِدَةٌ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: أَوْ وَاحِدَةٌ
وأما زوجة ً. فقد أخرج مسلم في صحيحه في باب : حجة النبي صلى الله عليه و سلم عن جابر رضي الله عنه في حديث حجة الوداع الطويل : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنْ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ كِتَابُ اللَّهِ[1].
- قال الإمام النووي في الشرح : فيه وجوب نفقة الزوجة كسوتها , و ذلك ثابت بالإجماع
- و قال ابن قدامة المقدسي في المغني : و فيه ضرب من العبرة , و هو أن المرأة محبوسة على الزوج يمنعها من التصرف ، و الاكتساب , فلا بد أن ينفق عليها كالعبد مع سيده[2].
و من أجل أن يكون كل من الزوجين عنصر إسعاد للآخر , لبناء بيت الزوجية العامر بالرعاية والحب و الوئام . وكي تظل المرأة عزيزة مطلوبة من الرجل , و حتى لا تصبح مهانة تجري وراء الرجل و هو عنها معرض أو مخادع .
ومن أجل ذلك كله كان بيت الزوجية واجباً على الزوج دون الزوجة .
ومع كل هذا يأتي من يقول أن الإسلام لم ينصف المرأة وأعطاها نصف حصة الرجل
ولكنه لم يعي أن الله سبحانه وتعالى هو العدل وأنه قد أعطى المرأة حصة كاملة كما أعطى الرجل
ذكرابن الهمام الحنفي بأن السادة الأحناف قالوا يجب على الاب أن ينفق على الذكر حتى يبلغ حد الكسب وإن لم يبلغ الحلم، وليس للأب ذلك في الأنثى؛ لان عليه نفقتهن حتى يتزوجن, وليس له أن يؤاجرهن في عمل أو خدمة ولو كان لهن قدرة على ذلك, وأضاف بأن المرأة إذا طلقت وانقضت عدتها, عادت نفقتهاعلى الأب.
لذلك إذا تزوجت البنت فإن لها من ميراث أبيها نصف حصة الذكر
ولها على زوجها النفقة .
ومن الأدلة على وجوب النفقة عليها مايلي :
1- قال تعالى "وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ" وهذا يدل على زيادة النفقة للزوجة إذا أرضعت، رعاية للأمومة والبنوة معا، وعدم ترك المرأة تعاني من الضعف والهوان؛ لكثرة ما تؤدي وقلة ما تأخذ, وكذلك قوله تعالى "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ"
2- أخرج البخاري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال "إذا أنفق المسلم نفقة على أهله وهو يحتسبها كانت له صدقة"
والنفقة تتلخص فيما يأتي .
1- سكن الزوجية: وهو مايلائم سكن مثيلاتها أو ماتسمح به حال الزوج
2- الطعام والشراب: ويشترط في الطعام والشراب أن يكون كافياً: وفي هذا يقول ابن قدامة "هي نفقة قدرها الشرع بالكفاية"
3 - الكسوة: جاءت النصوص في القران الكريم والسنة صريحة على وجوب الكسوة للزوجة على زوجها وحدد الفقهاء كسوة الزوجة على النحو التالي:
• حدد البعض للزوجة كسوة للصيف وأخرى للشتاء تليق بمثلها.
• وأوجب البعض للزوجة كسوة النوم في الليل وأخرى للمنزل وأخرى للصلاة, وأخرى للخروج ويشترط في الأخيرة أن تكون أثوابا مستوفية للشروط الشرعية وأن تكون غير شفافة وتناسب نظائرها
4- أدوات الزينة والنظافة: قال ابن قدامة "ويجب للمرأة ما تحتاج إليه من المشط والدهن لرأسها وغيره مما تغسل به رأسها, وما يعود بنظافتها لأن ذلك يراد للتنظيف فكان عليه "
5- الخادم: ويرى جمهور الفقهاء أن المرأة يجب لها خادم بشروط:
1. إذا كانت المرأة ممن تُخدم في بيت أهلها.
2. إذا كان الزوج موسرا يستطيع أن يأتي لها بخادم.
6- ذكرت النصوص من القران والسنة أشياء اخرى تجب للمرأة في حالات معينة ونص الفقهاء على أشياء تدخل في دائرة المعاشرة بالمعروف, وحسن التعامل مع الزوجة ومنها ما يلي:
1. العناية بالحمل والرفق بها لقوله تعالى "وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ"
2. العناية بالمرضعة لقوله تعالى "وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ"
3. أجر الولادة: فعلى الزوج أن يتكفل برعاية الأم وجنينها ثم وليدها.
إذاً كما استعرضنا الحال للمرأة إذا كانت في بيت أهلها فعلى أبيها أن ينفق عليها حتى تتزوج فإذا تزوجت وجب على زوجها أن ينفق عليها
فالنصف من أبيها مع النفقة من زوجها تكون بذلك حصة كاملة و قد تصل النفقة عليها أكثر من حصتها من أبيها، ثم ألا ترى أن الزوج مطالب بالنفقة على عياله وهي غير مطالبة ثم إن عملت في وظيفة أو غيرها لا يحق لزوجها أن يأخذ من راتبها شيئاً إلا أن تتصدق عليه . فسبحانه من عدل حكيم
وأخيراً أسأل الله عزوجل أن أكون قد وفقت للصواب
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
كتبه : ابومحمد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق