التوسّل بالنبيّ صلّى الله عليه وسلّم
التوسّل بالنبيّ صلّى الله عليه وسلّم
· التوسّل في القرآن الكريم:
1. {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ} { ولمّا جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم } : من التوراة هو القرآن { وكانوا من قبل } : قبل مجيئه { يستفتحون } : يستنصرونه على الذين كفروا يقولون : اللهمَّ انصرنا عليهم بالنبي المبعوث آخر الزمان { فلما جاءهم ما عرفوا } : من الحق وهو بعثة النبي { كفروا به } : حسداً وخوفا على الرياسة
تفسير الجلالين
· عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كانت يهود بني قريضة والنضير من قبل أن يبعث محمّد صلّى الله عليه وسلّم يستفتحون الله يدعون على الذين كفروا يقولون : اللهمَّ إنا نستنصرك بحقِّ النبيِّّ الأميِّ إلا نصرتنا , فينتصرون فلمّا جاءهم ما عرفوا يريد محمّداً صلّى الله عليه وسلّم , ولم يشكوا فيه كفروا به .
رواه أبو نعيم في الدلائل , ورواه البيهقي في الدلائل , وذكره المفسرون في كتب التفاسير , وأسباب النزول منهم القرطبي والطبري وابن أبي حاتم والواحدي والبغوي والسيوطي وغيرهم , ولهذا الأثر طرق ذكرها الغماري في الرد المحكم المتين .
وقال ابن القيم : إنّ اليهود كانوا يحاربون جيرانهم من العرب في الجاهلية , ويستنصرون عليهم بالنبيّ صلّى الله عليه وسلّم قبل ظهوره فيفتح لهم وينصرون عليهم . [كما في بدائع الفوائد]
2. { وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آَيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آَلُ مُوسَى وَآَلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ}
{ وقال لهم نبيهم } : لما طلبوا منه آية على ملكه { إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت } : الصندوق ؛ كان فيه صور الأنبياء أنزله على آدم , واستمر إليهم فغلبهم العمالقة عليه وأخذوه , وكانوا يستفتحون به على عدوهم , ويقدمونه في القتال , ويسكنون إليه كما قال تعالى: { فيه سكينة } : طمأنينة لقلوبكم من ربكم { وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون }وهي نعلا موسى وعصاه وعمامة هارون وقفيز من المن الذي كان ينزل عليهم ورضاض من الألواح { تحمله الملائكة}.
تفسير الجلالين
· قال الحافظ ابن كثير في التاريخ : " وكانوا إذا قاتلوا أحداً من الأعداء يكون معهم تابوت الميثاق الذي كان في قبة الزمان , فكانوا ينصرون ببركته , وبما جعل الله فيه من السكينة والبقية ممّا ترك آل موسى وآل هارون " .
مفاهيم يجب أن تصحح
3. { وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا}· روى أبو صادق عن علي قال: قدم علينا أعرابي بعد ما دفنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بثلاثة أيام , فرمى بنفسه على قبر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم , وحثا على رأسه من ترابه فقال : قلتَ يا رسول الله فسمعنا قولك , ووعيتَ عن الله فوعينا عنك , وكان فيما أنزل الله عليك : { ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم } الآية وقد ظلمت نفسي وجئتك تستغفر لي , فنودي من القبر أنه قد غفر لك .
تفسير القرطبي
· قال ابن كثير في تفسيره : وقد ذكر جماعة منهم الشيخ أبو منصور الصباغ في كتابه الشامل الحكاية المشهورة عن العتبي قال: كنت جالساً عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فجاء أعرابي فقال السلام عليك يا رسول الله سمعت الله يقول : { وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا}, وقد جئتك مستغفراً لذنبي مستشفعاً بك إلى ربي , ثمّ أنشأ يقول :
يا خير من دفنت بالقاع أعظمه = فطاب من طيبهن القاع و الأكم
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه = فيه العفاف وفيه الجود والكرم
ثمّ انصرف الأعرابي فغلبتني عيني فرأيت النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم في النوم فقال : " يا عتبي الحق الأعرابي فبشره أن الله قد غفر له " .
وقال ابن كثير في تاريخه إسناده صحيح وروى خبر العتبي ابن قدامة في المغني والبيهقي في الشعب والنووي في الإيضاح والأذكار, وقال النووي في المجموع أثناء كلامه على زيارة القبر الشريف وما يستحسن من الكلام ما نصه : ومن أحسن ما يقول ما حكاه الماوردي والقاضي أبو الطيب وسائر أصحابنا عن العتبي مستحسنين له ، فذكر خبر العتبي
4. { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ}
[الوسيلة: القربة] تفسير القرطبي
وقال سيّدنا عمر في الاستسقاء عن العباس:" هذا والله الوسيلة إلى الله عزّ وجلّ " كما في الاستيعاب لابن عبد البر5.{ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ}
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلّى الله عليه وسلّم - قال : " ما من مؤمن إلا وأنا أولى النَّاس به في الدُّنيا والآخرة ، اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ { النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ } فَأَيُّمَا مُؤمن ترك مالاً فَلْيَرِثْهُ عصبته مَنْ كَانُوا ، فَإِنْ ترك دَيْنًا أَوْ ضِيَاعًا فَلْيَأْتِنِي وَأَنَا مَوْلاَهُ » .
رواه البخاري
6. { فَتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ}· عن أبي الزناد قال : من الكلمات التي تاب الله بها على آدم قال : اللهم إني أسألك بحقِّ محمّد عليك , قال الله تعالى : وما يدريك ما محمد ؟ قال : يا رب رفعت رأسي فرأيت مكتوباً على عرشك : لا إله إلا الله محمّد رسول الله , فعلمت أنه أكرم خلقك .
رواه الآجري في كتاب الشريعة
· وروى ابن المنذر عن محمد بن علي بن حسين عليهم السلام أنه قال : ( لما أصاب آدم الخطيئة عظم كربه , واشتدّ ندمه فجاءه جبريل عليه السلام فقال : يا آدم هل أدلك على باب توبتك الذي يتوب الله عليك منه ؟ قال : بلى يا جبريل . قال : قم في مقامك الذي تناجي فيه ربك فمجده وامدحه , فليس شيء أحب إلى الله من المدح , قال : فأقول ماذا يا جبريل ؟ قال : فقل لا إله إلا الله ...وفيه اللهمَّ إني أسألك بجاه محمّد عبدك وكرامته عليك أن تغفر خطيئتي...)
كما رواه السيوطي في الدر المنثور
التوسّل بالنبيّ صلّى الله عليه وسلّم قبل وجوده :
1. عن ميسرة قال : قلت يا رسول الله متى كنت نبياً ؟ قال : " لمّا خلق الله الأرض و استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات , وخلق العرش كتب على ساق العرش محمّد رسول الله خاتم الأنبياء , وخلق الله الجنة التي أسكنها آدم وحواء , فكتب اسمي على الأبواب والأوراق والقباب والخيام وآدم بين الروح والجسد , فلمّا أحياه الله تعالى نظر إلى العرش فرأى اسمي فأخبره الله أنه سيد ولدك , فلما غرهما الشيطان تابا واستشفعا باسمي إليه .
أخرجه ابن الجوزي في الوفا ورواه عنه ابن تيمية مستشهداً به في الفتاوى , قال الغماري في إتحاف الأذكياء : قال الحافظ : إسناده قوي .
2. عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : " لما اقترف آدم الخطيئة قال : يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي , فقال الله : يا آدم وكيف عرفت محمّداً ولم أخلقه ؟ قال : يا رب لأنّك لما خلقتني بيدك ونفخت في من روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوباً : لا إله إلا الله محمّد رسول الله , فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك , فقال الله : صدقت يا آدم إنه لأحب الخلق إلي ادعني بحقه فقد غفرت لك ولولا محمّد ما خلقتك " .
رواه الحاكم في المستدرك وقال : هذا حديث صحيح الإسناد , وصححه السيوطي في الخصائص , ورواه البيهقي في دلائل النبوة , وصححه القسطلاني في المواهب, والزرقاني في شرحه على المواهب , وصححه السبكي في شفاء السقام.
وجاء من طريق آخر عن ابن عباس رواه الحاكم في المستدرك , وقال : صحيح الإسناد , وصححه شيخ الإسلام البلقيني في فتاويه , ورواه ابن الجوزي في الوفا ونقله ابن كثير في البداية .
أورد هذين الحديثين ابن تيمية مستشهداً بهما وقال هذا الحديث يؤيد الذي قبله وهما كالتفسير للأحاديث الصحيحة قاله السيد المالكي في المفاهيم
· التوسّل به صلّى الله عليه وسلّم في حضرته :
1. عن عبد الله بن دينار قال سمعت ابن عمر يتمثل بشعر أبي طالب :
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه = ثمال اليتامى عصمة للأرامل
وعن ابن عمر قال : ربما ذكرت قول الشاعر وأنا أنظر إلى وجه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يستسقي فما ينزل حتى يجيش كلّ ميزاب .
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه = ثمال اليتامى عصمة للأرامل
وهو قول أبي طالب
· عن عائشة أنها تمثلت بهذا البيت وأبو بكر رضي الله عنه يقضي :
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه = ربيع اليتامى عصمة للأرامل
فقال أبو بكر رضي الله عنه ذاك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم
· قال الحافظ ابن حجر في الفتح :[ أخرج البيهقي في الدلائل عن أنس قال : جاء رجل أعرابي إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال : يا رسول الله أتيناك وما لنا بعير يئط ولا صبيّ يغط ثمّ أنشده شعراً يقول فيه:
وليس لنا إلا إليك فرارنا = وأين فرار الناس إلا إلى الرسل
فقام يجر رداءه حتى صعد المنبر فقال اللهم اسقنا... الحديث.
وفيه ثمّ قال صلّى الله عليه وسّلم : لو كان أبو طالب حياً لقرت عيناه من ينشدنا قوله , فقام عليٌّ فقال : يا رسول الله كأنك أردت قوله:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه.. الأبيات.
وإسناد حديث أنس وإن كان فيه ضعف لكنه يصلح للمتابعة وقد ذكره ابن هشام في زوائده في السيرة تعليقاً عمن يثق به- حدثني من أثق به – فذكره .
قوله: ثمال هو العماد والملجأ والمطعم والمغيث والمعين والكافي قد أطلق على كل من ذلك وقوله : عصمة للأرامل أي يمنعهم مما يضرهم وهذا البيت من أبيات في قصيدة لأبي طالب ذكرها ابن إسحاق في السيرة بطولها وهي أكثر من ثمانين بيتاً
يقول فيها:
كذبتم وبيت الله نُبْزَى محمّداً = ولما نطاعن حوله ونناضل
ونسلمه حتى نصرع حوله = ونذهل عن أبنائنا والحلائل
يقول فيها:
وما ترك قوم لا أبا لك سيّداً = يحوط الذمار بين بكر بن وائل
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه = ثمال اليتامى عصمة للأرامل
يلوذ به الهلاك من آل هاشم = فهم عنده في نعمة وفواضل
قال السهيلي : فإن قيل كيف قال أبو طالب يستسقى الغمام بوجهه ولم يره قط استسقى إنما كان ذلك منه بعد الهجرة وأجاب بما حاصله أنّ أبا طالب أشار إلى ما وقع في زمن عبد المطلب حيث استسقى لقريش والنبي صلى الله عليه وسلم معه غلام ].
· التوسّل بالنبيّ صلّى الله عليه وسلّم بتوجيهه :
· يقول العلامة يوسف النبهاني في شواهد الحق : استغاثة المستغيثين به صلّى الله عليه وسلّم تأتي على معنيين أحدهما :أن يسأل المستغيث الله تعالى بالنبيّ صلّى الله عليه وسلّم أو بجاهه أو بحقه أو ببركته أن يقضي حاجته , فالمستغيث على هذا هو الذي يدعو الله تعالى ويجعل واسطة القبول عنده عزّ وجلّ نبيّه الأكرم وحبيبه الأعظم صلّى الله عليه وسلّم , والمعنى الثاني: أن يسأل المستغيث النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ليدعو الله تعالى وليسأله قضاء حاجته لأنه حيٌّ في قبره كما يسأله الناس الشفاعة يوم القيامة .
وقال السيّد السمهودي في خلاصة الوفا : ولا فرق في ذلك بين التعبير بالتوسّل أو الاستغاثة أو التوجه به صلّى الله عليه وسلّم في الحاجة .
1. عن عثمان بن حنيف أن رجلاً ضرير البصر أتى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال : ادع الله أن يعافيني قال : " إن شئت دعوت لك , وإن شئت أخرت ذاك فهو خير " , فقال : ادعه , فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه فيصلي ركعتين ويدعو بهذا الدعاء : " اللهمَّ إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمّد نبيِّ الرحمة ؛ يا محمّد إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه فتقضى لي اللهم شفعه فيّ " .
رواه أحمد واللفظ له , ورواه الترمذي , والنسائي , وابن ماجه وغيرهم , وصححه الترمذي , والطبراني , وابن خزيمة والحاكم والذهبي , وقال الكوثري في محق التقول : صحّحه جماعة من الحفاظ يقارب عددهم خمسة عشر حافظاً .
· و جاء في [قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة] لابن تيمية:
عن عثمان بن حنيف أن رجلاً أعمى أتى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال : إني أصبت في بصري فادع الله لي , قال : اذهب فتوضأ وصلِّ ركعتين ثمّ قل : " اللهمَّ إني أسألك وأتوجه إليك بنبيي محمّد نبي الرحمة يا محمّد إني أستشفع بك على ربي في رَدِّ بصري اللهمَّ فشفعني في نفسي وشفع نبيي في رد بصري , وإن كانت حاجة فافعل مثل ذلك " .
قلت : هذا سند غاية في الصحة [رفع المنارة]
وقال ابن تيمية في الفتاوى ج3 ص276 : وكذلك مما يشرع التوسّل به صلّى الله عليه وسلّم في الدعاء كما في الحديث الذي رواه الترمذي , وصحّحه : أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم علّم شخصاً أن يقول : اللهمّ إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد… ) فهذا التوسّل به حسن .
1. عن ميسرة قال : قلت يا رسول الله متى كنت نبياً ؟ قال : " لمّا خلق الله الأرض و استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات , وخلق العرش كتب على ساق العرش محمّد رسول الله خاتم الأنبياء , وخلق الله الجنة التي أسكنها آدم وحواء , فكتب اسمي على الأبواب والأوراق والقباب والخيام وآدم بين الروح والجسد , فلمّا أحياه الله تعالى نظر إلى العرش فرأى اسمي فأخبره الله أنه سيد ولدك , فلما غرهما الشيطان تابا واستشفعا باسمي إليه .
أخرجه ابن الجوزي في الوفا ورواه عنه ابن تيمية مستشهداً به في الفتاوى , قال الغماري في إتحاف الأذكياء : قال الحافظ : إسناده قوي .
2. عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : " لما اقترف آدم الخطيئة قال : يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي , فقال الله : يا آدم وكيف عرفت محمّداً ولم أخلقه ؟ قال : يا رب لأنّك لما خلقتني بيدك ونفخت في من روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوباً : لا إله إلا الله محمّد رسول الله , فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك , فقال الله : صدقت يا آدم إنه لأحب الخلق إلي ادعني بحقه فقد غفرت لك ولولا محمّد ما خلقتك " .
رواه الحاكم في المستدرك وقال : هذا حديث صحيح الإسناد , وصححه السيوطي في الخصائص , ورواه البيهقي في دلائل النبوة , وصححه القسطلاني في المواهب, والزرقاني في شرحه على المواهب , وصححه السبكي في شفاء السقام.
وجاء من طريق آخر عن ابن عباس رواه الحاكم في المستدرك , وقال : صحيح الإسناد , وصححه شيخ الإسلام البلقيني في فتاويه , ورواه ابن الجوزي في الوفا ونقله ابن كثير في البداية .
أورد هذين الحديثين ابن تيمية مستشهداً بهما وقال هذا الحديث يؤيد الذي قبله وهما كالتفسير للأحاديث الصحيحة قاله السيد المالكي في المفاهيم
· التوسّل به صلّى الله عليه وسلّم في حضرته :
1. عن عبد الله بن دينار قال سمعت ابن عمر يتمثل بشعر أبي طالب :
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه = ثمال اليتامى عصمة للأرامل
وعن ابن عمر قال : ربما ذكرت قول الشاعر وأنا أنظر إلى وجه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يستسقي فما ينزل حتى يجيش كلّ ميزاب .
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه = ثمال اليتامى عصمة للأرامل
وهو قول أبي طالب
رواه البخاري وغيره
· عن عائشة أنها تمثلت بهذا البيت وأبو بكر رضي الله عنه يقضي :
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه = ربيع اليتامى عصمة للأرامل
فقال أبو بكر رضي الله عنه ذاك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم
قال الهيثمي في مجمع الزوائد : رواه أحمد والبزار ورجاله ثقات
· قال الحافظ ابن حجر في الفتح :[ أخرج البيهقي في الدلائل عن أنس قال : جاء رجل أعرابي إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال : يا رسول الله أتيناك وما لنا بعير يئط ولا صبيّ يغط ثمّ أنشده شعراً يقول فيه:
وليس لنا إلا إليك فرارنا = وأين فرار الناس إلا إلى الرسل
فقام يجر رداءه حتى صعد المنبر فقال اللهم اسقنا... الحديث.
وفيه ثمّ قال صلّى الله عليه وسّلم : لو كان أبو طالب حياً لقرت عيناه من ينشدنا قوله , فقام عليٌّ فقال : يا رسول الله كأنك أردت قوله:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه.. الأبيات.
وإسناد حديث أنس وإن كان فيه ضعف لكنه يصلح للمتابعة وقد ذكره ابن هشام في زوائده في السيرة تعليقاً عمن يثق به- حدثني من أثق به – فذكره .
قوله: ثمال هو العماد والملجأ والمطعم والمغيث والمعين والكافي قد أطلق على كل من ذلك وقوله : عصمة للأرامل أي يمنعهم مما يضرهم وهذا البيت من أبيات في قصيدة لأبي طالب ذكرها ابن إسحاق في السيرة بطولها وهي أكثر من ثمانين بيتاً
يقول فيها:
كذبتم وبيت الله نُبْزَى محمّداً = ولما نطاعن حوله ونناضل
ونسلمه حتى نصرع حوله = ونذهل عن أبنائنا والحلائل
يقول فيها:
وما ترك قوم لا أبا لك سيّداً = يحوط الذمار بين بكر بن وائل
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه = ثمال اليتامى عصمة للأرامل
يلوذ به الهلاك من آل هاشم = فهم عنده في نعمة وفواضل
قال السهيلي : فإن قيل كيف قال أبو طالب يستسقى الغمام بوجهه ولم يره قط استسقى إنما كان ذلك منه بعد الهجرة وأجاب بما حاصله أنّ أبا طالب أشار إلى ما وقع في زمن عبد المطلب حيث استسقى لقريش والنبي صلى الله عليه وسلم معه غلام ].
فتح الباري لابن حجر
· التوسّل بالنبيّ صلّى الله عليه وسلّم بتوجيهه :
· يقول العلامة يوسف النبهاني في شواهد الحق : استغاثة المستغيثين به صلّى الله عليه وسلّم تأتي على معنيين أحدهما :أن يسأل المستغيث الله تعالى بالنبيّ صلّى الله عليه وسلّم أو بجاهه أو بحقه أو ببركته أن يقضي حاجته , فالمستغيث على هذا هو الذي يدعو الله تعالى ويجعل واسطة القبول عنده عزّ وجلّ نبيّه الأكرم وحبيبه الأعظم صلّى الله عليه وسلّم , والمعنى الثاني: أن يسأل المستغيث النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ليدعو الله تعالى وليسأله قضاء حاجته لأنه حيٌّ في قبره كما يسأله الناس الشفاعة يوم القيامة .
وقال السيّد السمهودي في خلاصة الوفا : ولا فرق في ذلك بين التعبير بالتوسّل أو الاستغاثة أو التوجه به صلّى الله عليه وسلّم في الحاجة .
1. عن عثمان بن حنيف أن رجلاً ضرير البصر أتى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال : ادع الله أن يعافيني قال : " إن شئت دعوت لك , وإن شئت أخرت ذاك فهو خير " , فقال : ادعه , فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه فيصلي ركعتين ويدعو بهذا الدعاء : " اللهمَّ إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمّد نبيِّ الرحمة ؛ يا محمّد إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه فتقضى لي اللهم شفعه فيّ " .
رواه أحمد واللفظ له , ورواه الترمذي , والنسائي , وابن ماجه وغيرهم , وصححه الترمذي , والطبراني , وابن خزيمة والحاكم والذهبي , وقال الكوثري في محق التقول : صحّحه جماعة من الحفاظ يقارب عددهم خمسة عشر حافظاً .
· و جاء في [قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة] لابن تيمية:
عن عثمان بن حنيف أن رجلاً أعمى أتى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال : إني أصبت في بصري فادع الله لي , قال : اذهب فتوضأ وصلِّ ركعتين ثمّ قل : " اللهمَّ إني أسألك وأتوجه إليك بنبيي محمّد نبي الرحمة يا محمّد إني أستشفع بك على ربي في رَدِّ بصري اللهمَّ فشفعني في نفسي وشفع نبيي في رد بصري , وإن كانت حاجة فافعل مثل ذلك " .
قلت : هذا سند غاية في الصحة [رفع المنارة]
وقال ابن تيمية في الفتاوى ج3 ص276 : وكذلك مما يشرع التوسّل به صلّى الله عليه وسلّم في الدعاء كما في الحديث الذي رواه الترمذي , وصحّحه : أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم علّم شخصاً أن يقول : اللهمّ إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد… ) فهذا التوسّل به حسن .
توسّل النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بنفسه :
1. عن أنس بن مالك قال : لمّا ماتت فاطمة بنت أسد بن هاشم أمُّ عليٍّ رضي الله عنهما دخل عليها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فجلس عند رأسها , فقال : رحمك الله يا أمي كنت أمي بعد أمي تجوعين وتشبعيني , وتعرين وتكسيني , وتمنعين نفسك طيباً وتطعميني تريدين بذلك وجه الله والدار الآخرة , ثمّ أمر أن تغسل ثلاثاً فلمّا بلغ الماء الذي فيه الكافور سكبه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بيده , ثمّ خلع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قميصه فألبسها إيّاه وكفّنها ببرد فوقه ثمّ دعا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أسامة بن زيد وأبا أيوب الأنصاري وعمر بن الخطاب وغلاماً أسود يحفرون , فحفروا قبرها , فلمّا بلغوا اللحد حفره رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بيده , وأخرج ترابه بيده , فلمّا فرغ دخل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فاضطجع فيه فقال : " الله الذي يحيي ويميت وهو حي لا يموت اغفر لأمي فاطمة بنت أسد , ولقنها حجتها , ووسّع عليها مدخلها بحق نبيّك والأنبياء الذين من قبلي ؛ فإنّك أرحم الراحمين " , وكبّر عليها أربعاَ , وأدخلوها اللحد هو والعباس وأبو بكر الصديق رضي الله عنهم .
2. عن أبي هريرة عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنه قال لحسن : " اللهمَّ إني أحبّه فأحبّهوأحبب من يحبّه " .
3. عن كثير بن عبد الله عن أبيه عن جده عن عبد الله ذي البجادين الذي هلك في غزوة تبوك في جوف الليل , فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في حفرته وقال لأبي بكر وعمر دَلّيا إليّ أخاكما , فلمّا وضعه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في لحده قال : " اللهمَّ إني راض عنه فارض عنه " , فقال أبو بكر : والله لوددت أني صاحب الحفرة .
· التوسّل به صلّى الله عليه وسلّم في غيبته :
1. حديث الأعمى ...
2. عن عبد الله بن الأخرم عن أبيه عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: " يوم ذي قار أول يوم انتصفت فيه العرب من العجم وبي نصروا " .
عن خالد بن سعيد بن العاص عن أبيه عن جده قال : قدمت بكر بن وائل مكة , فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم لأبي بكر : ائتهم فاعرض عليهم , فأتاهم , فقال : من القوم ؟ فقالوا : بنو ذهل بن ثعلبة , فقال : لست إياكم أريد أنتم الأذناب , فقام إليه دغفل فقال : من أنت ؟ قال : رجل من قريش , قال : أمن بني هاشم ؟ قال : لا . قال : فمن بني أمية ؟ قال : لا . قال : فأنتم من الأذناب , ثمّ عاد إليهم ثانية , فقال : من القوم ؟ فقالوا : بنو ذهل بن شيبان . قال : فعرض عليهم الإسلام . قالوا : حتى يجيء شيخنا فلان . قال خلاد : أحسبه قال المثنى بن خارجة , فلمّا جاء شيخهم عرض عليهم أبو بكر رضي الله عنه قال : إنّ بيننا وبين الفرس حرباً ؛ فإذا فرغنا مما بيننا وبينهم عدنا فنظرنا , فقال له أبو بكر : أرأيت إن غلبتموهم أتتبعنا على أمرنا قال : لا نشترط لك هذا علينا , ولكن إذا فرغنا فيما بيننا وبينهم عدنا فنطرنا فيما نقول , فلمّا التقوا يوم ذي قار هم والفرس قال شيخهم : ما اسم الرجل الذي دعاكم إلى الله . قالوا : محمّد . قالوا : هو شعاركم فنصروا على القوم , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بي نصروا " .
قال الهيثمي في مجمع الزوائد رواه الطبراني ورجاله ثقات رجال خلاد بن عيسى وهو ثقة
· التوسّل بعد وفاته صلّى الله عليه وسلّم :
· يقول الدكتور البوطي في كتابه فقه السيرة : [فقد ضَلَّ أقوام لم تشعر أفئدتهم بمحبّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم , وراحوا يستنكرون التوسّل بذاته صلّى الله عليه وسلّم بعد وفاته : فالتّوسل به إنما هو توسّل بشيء لا تأثير له البتة!!.
وهذه حجة تدل –كما ترى- على جهل عجيب جداً !
فهل ثبت لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم تأثير ذاتي في الأشياء لغير الواحد الأحد جلَّ جلاله ومن اعتقد خلاف ذلك يكفر بإجماع المسلمين كلّهم ، فمناط التبرك والتوسل به أو بآثاره صلّى الله عليه وسلّم ليس هو إسناد أي تأثير إليه والعياذ بالله وإنما المناط كونه صلّى الله عليه وسلّم أفضل الخلائق عند الله على الإطلاق وكونه رحمة من الله للعباد فهو التوسل بقربه صلّى الله عليه وسلّم إلى ربه وبرحمته الكبرى للخلق وبهذا المعنى توسّل الأعمى به صلّى الله عليه وسلّم في أن يرد عليه بصره فرد الله عليه وبهذا المعنى كان الصحابة يتوسّلون بآثاره وفضلاته دون أن يجدوا منه أيَّ إنكار وقد مرَّ بيان استحباب الاستشفاع بأهل الصلاح والتقوى وأهل بيت النبوة في الاستسقاء وغيره وأن ذلك مما أجمع عليه جمهور الأئمة والفقهاء , والفرق بعد هذا بين حياته وموته صلّى الله عليه وسلّم خلط عجيب وغريب في البحث لا مسوّغ له] . انتهى
1. عن عثمان بن حنيف أن رجلاً كان يختلف إلى عثمان بن عفان في حاجة له فكان عثمان لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته , فلقي عثمان بن حنيف فشكا ذلك إليه , فقال له عثمان بن حنيف : اِئت الميضأة فتوضأ , ثمّ اِئت المسجد فصل فيه ركعتين , ثمّ قل : " اللهمَّ إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمّد صلّى الله عليه وسلّم نبيّ الرحمة ؛ يا محمّد إني أتوجه بك إلى ربي فيقضي لي حاجتي " , وتذكر حاجتك ورح إليَّ حتى أروح معك , فانطلق الرجل فصنع ما قال له , ثمَّ أتى باب عثمان فجاء البواب حتى أخذ بيده فأدخله على عثمان بن عفّان ؛ فأجلسه معه على الطنفسة وقال : حاجتك ؟ فذكر حاجته , فقضاها له , ثمّ قال له : ما ذكرت حاجتك حتى كانت هذه الساعة , وقال : ما كانت لك من حاجة فأتنا , ثمَّ إنَّ الرجل خرج من عنده فلقي عثمان بن حنيف فقال له : جزاك الله خيراً ما كان ينظر في حاجتي ولا يلفت إلى حتى كلمته فيّ , فقال عثمان بن حنيف : والله ما كلمته ولكن شهدت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأتاه رجل ضرير فشكا إليه ذهاب بصره , فقال له النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : أو تصبر فقال : يا رسول الله إنه ليس لي قائد وقد شقَّ عليَّ , فقال له النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : اِئت الميضأة فتوضأ , ثمّ صلِّ ركعتين , ثمّ ادع بهذه الكلمات , فقال عثمان بن حنيف : فوالله ما تفرقنا وطال بنا الحديث حتى دخل عليه رجل كأنه لم يكن به ضرر قط .
رواه البيهقي في الدلائل والطبراني في الصغير والكبير قال الهيثمي في مجمع الزوائد : رواه الطبراني وصححه , وقال الكوثري في "محق التقول" : أخرجه الطبراني في الكبير وصححه بعد سوقه من طرق كما ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد وأقرّه عليه ,كما أقر المنذري قبله في الترغيب , وقبله أبو الحسن المقدسي أخرجه أبو نعيم في المعرفة والبيهقي من طريقين وإسنادهما صحيح ,كما بين ابن تيمية أن إسناده صحيح كما في التوسل والوسيلة , وقال الشيخ عبد الله الغماري القصة صحيحة جداً , وقد وافق على تصحيحها أيضاً الحافظ المنذري في الترغيب , والحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد بل والطبراني في المعجم الصغير .
· التوسّل بقبره صلّى الله عليه وسلّم :
1. قال صلّى الله عليه وسلّم : {حياتي خير لكم تحدثون ويحدث لكم , ووفاتي خير لكم تعرض عليَّ أعمالكم , فما رأيت من خير حمدت الله عليه . وما رأيت من شر استغفرت الله لكم } .
رواه البزار , قال الهيثمي في مجمع الزوائد : رجاله رجال الصحيح , وقال الحافظ العراقي في طرح التثريب : إسناده جيد , وقال السيوطي في الخصائص : سنده صحيح , كما نقل الغماري في نهاية الآمال تصحيح عدد من الحفاظ منهم الإمام النووي وابن حجر والمناوي في فيض القدير , وقال الغماري في إتحاف الأذكياء : وله مع هذا نحو عشرين طريقاً .
3. عن أبي الجوزاء قال : قحط أهل المدينة قحطاً شديداً , فشكوا إلى عائشة , فقالت : انظروا قبر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فاجعلوا منه كوى إلى السماء حتى لا يكون بينه وبين السماء سقف , قال : ففعلوا , فمطرنا مطراً حتى نبت العشب وسمنت الإبل حتى تفتقت من الشحم فسمي عام الفتق .
· قال العلامة المراغي : وفتح الكوة عند الجدب سنّة أهل المدينة يفتحون كوة في أسفل الحجرة وإن كان السقف حائلاً بين القبر الشريف والسماء .
رواه ابن أبي شيبة في مصنفه , والبيهقي في الدلائل , وصححه الحافظ ابن كثير في البداية , والحافظ ابن حجر في الفتح , وأقرَّ ابن تيمية بثبوته في اقتضاء الصراط المستقيم ؛ وقال عن هذا الأثر بعد أن ذكره وذكر وقائع أخرى : وكلّها وقائع حق , وقال ابن كثير في جامع المسانيد مسند عمر : إسناده جيد قوي .
قال الحافظ ابن حجر في الفتح : وقد روى سيف في الفتوح أن الذي رأى المنام المذكور هو بلال بن الحارث المزني أحد الصحابة .
· التوسّل والتبرّك بآثاره صلّى الله عليه وسلّم :
يقول الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي في كتابه ( فقه السيرة ) : [التبرك بآثار رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أمر مندوب إليه ومشروع , ولقد وردت أحاديث صحيحة ثابتة عن تبرك الصحابة رضي الله عنهم بشعر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وعرقه ووضوئه وبصاقه والقدح الذي كان يشرب به .
وإذا علمت أنّ التبرك بالشيء إنما هو طلب الخير بواسطته ووسيلته ؛ علمت أنّ التوسّل بآثار النبيّ صلّى الله عليه وسلّم مندوب إليه ومشروع فضلاً عن التوسّل بذاته الشريفة .
وليس ثمّة فرق بين أن يكون ذلك في حياته صلى الله عليه وسلم أو بعد وفاته فآثار النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وفضلاته لا تتصف بالحياة مطلقاً سواء تعلّق التوسّل بها في حياته أو بعد وفاته] .
ويقول السيد محمد بن علوي المالكي في كتابه ( مفاهيم يجب أن تصحّح ) : [ أفتراهم - يعني الصحابة - يتوسّلون بآثاره ولا يتوسّلون به ؟ هل يصح أن يتوسّل بالفرع ولا يصح بالأصل ؟ هل يصح أن يتوسّل بالأثر الذي ما شرف ولا عظم ولا كرم إلا بسبب صاحبه محمّد صلّى الله عليه وسلّم ؛ ثمّ يقول قائل إنه لا يصح أن يتوسّل به ؟ ] .
وردت أحاديث كثيرة في هذا الباب نذكر منها على سبيل المثال :
1. عن أمّ عطية الأنصارية رضي الله عنها قالت : دخل علينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حين توفيت ابنته , فقال : " اغسلنها ثلاثاً أو خمساً أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك بماء وسدر , واجعلن في الآخرة كافوراً أو شيئاً من كافور , فإذا فرغتن فآذنني " , فلمّا فرغنا آذناه , فأعطانا حقوه , فقال : " أشعرنها إيّاه " تعني إزاره .
2. عن أنس بن مالك قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يدخل بيت أم سليم فينام على فراشها وليست فيه . قال : فجاء ذات يوم فنام على فراشها , فَأُتِيَتْ , فقيل لها : هذا النبي صلى الله عليه وسلم نام في بيتك على فراشك . قال : فجاءت وقد عرق واستنقع عرقه على قطعة أديم على الفراش , ففتحت عتيدتها , فجعلت تنشّف ذلك العرق فتعصره في قواريرها , ففزع النبي صلى الله عليه وسلم , فقال : " ما تصنعين يا أم سليم " , فقالت : يا رسول الله نرجو بركته لصبياننا . قال : " أصبت " .
وفي البخاري أن أنساً أوصى أن يجعل في حنوطه من ذلك المسك الذي لأمه أم سليم .
وأيضاً جاء في البخاري في باب من استعد للدفن : أنّ أحد الصحابة سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم جُبّة كانت عليه لتكون كفناً له .
وثبت أنّ أنساً رضي الله عنه أوصى أن يجعل شعر من شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم في كفنه .
3. عن إسرائيل عن عثمان بن عبد الله بن موهب قال : أرسلني أهلي إلى أمّ سلمة بقدح من ماء ـ وقبض إسرائيل ثلاث أصابع ـ من فِضّة فيه شعر من شعر النبي صلى الله عليه وسلم , وكان إذا أصاب الإنسان عين أو شيء بعث إليها مِخْضَبَهْ , فاطّلعتُ في الجلجل فرأيت شعرات حمراً .
قال الإمام العيني : وكان الناس عند مرضهم يتبركون بها , ويستشفون من بركتها , ويأخذون من شعره , ويجعلونه في قدح من الماء , ويشربون الماء الذي فيه الشعر , فيحصل لهم الشفاء.
4. عن الحكم قال : سمعت أبا جحيفة يقول : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهاجرة فأتي بوضوء فتوضأ , فجعل الناس يأخذون من فضل وضوئه , فيتمسحون به , فصلّى النبي صلى الله عليه وسلم الظهر ركعتين , والعصر ركعتين , وبين يديه عَنَزَةَ ( عصا أسفلها حديد ) .
5. وقال أبو موسى : دعا النبي صلى الله عليه وسلم بقدح فيه ماء , فغسل يديه ووجهه فيه , ومَجَّ فيه , ثمّ قال لهما : " اشربا منه وأفرغا على وجوهكما ونحوركما " .
[قوله ومَجَّ فيه : أي صب ما تناوله من الماء في الإناء والغرض بذلك إيجاد البركة بريقه المبارك].فتح الباري
[ فرأيت الناس يأخذون من فضل وضوئه , ففيه التبرك بآثار الصالحين , واستعمال فضل طهورهم , وطعامهم , وشرابهم , ولباسهم ].شرح مسلم
6. عن جعفر بن عبد الله بن الحكم أنّ خالد بن الوليد فقد قلنسوة له يوم اليرموك , فقال : اطلبوها , فلم يجدوها , فقال : اطلبوها , فوجدوها , فإذا هي قلنسوة خلقة , فقال خالد : اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم , فحلق رأسه , فابتدر الناس جوانب شعره , فسبقتهم إلى ناصيته , فجعلتها في هذه القلنسوة , فلم أشهد قتالاً وهي معي إلا رزقت النصرة .
قال الهيثمي في مجمع الزوائد : رواه الطبراني , وأبو يعلى بنحوه , ورجالهما رجال الصحيح , وجعفر سمع من جماعة من الصحابة فلا أدري سمع من خالد أم لا .
7. عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنّ الناس نزلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أرض ثمود الحجر , فاستقوا من بئرها واعتجنوا به , فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يهريقوا ما استقوا من بئرها , وأن يعلفوا الإبل العجين , وأمرهم أن يستقوا من البئر التي كانت تردها الناقة .
[ أمره صلى الله عليه وسلم أن يستقوا من بئر الناقة دليل على التبرك بآثار الأنبياء والصالحين , وإن تقادمت أعصارهم , وخفيت آثارهم ؛ كما أنّ فيه دليلاً على بغض أهل الفساد وذم ديارهم وآثارهم ]تفسير القرطبي
1. عن أنس بن مالك قال : لمّا ماتت فاطمة بنت أسد بن هاشم أمُّ عليٍّ رضي الله عنهما دخل عليها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فجلس عند رأسها , فقال : رحمك الله يا أمي كنت أمي بعد أمي تجوعين وتشبعيني , وتعرين وتكسيني , وتمنعين نفسك طيباً وتطعميني تريدين بذلك وجه الله والدار الآخرة , ثمّ أمر أن تغسل ثلاثاً فلمّا بلغ الماء الذي فيه الكافور سكبه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بيده , ثمّ خلع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قميصه فألبسها إيّاه وكفّنها ببرد فوقه ثمّ دعا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أسامة بن زيد وأبا أيوب الأنصاري وعمر بن الخطاب وغلاماً أسود يحفرون , فحفروا قبرها , فلمّا بلغوا اللحد حفره رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بيده , وأخرج ترابه بيده , فلمّا فرغ دخل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فاضطجع فيه فقال : " الله الذي يحيي ويميت وهو حي لا يموت اغفر لأمي فاطمة بنت أسد , ولقنها حجتها , ووسّع عليها مدخلها بحق نبيّك والأنبياء الذين من قبلي ؛ فإنّك أرحم الراحمين " , وكبّر عليها أربعاَ , وأدخلوها اللحد هو والعباس وأبو بكر الصديق رضي الله عنهم .
قال الهيثمي في مجمع الزوائد : رواه الطبراني في الكبير والأوسط , وفيه روح بن صلاح وثّقه ابن حِبّان والحاكم , وفيه ضعف وبقية رجاله رجال الصحيح .قال ابن حجر في الجوهر المنظم : سنده جيد وصحح سنده العلامة الكوثري , وقال الغماري في إتحاف الأذكياء : الحديث لا يقلّ عن رتبة الحسن بل هو على شرط ابن حبّان صحيح .
2. عن أبي هريرة عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنه قال لحسن : " اللهمَّ إني أحبّه فأحبّهوأحبب من يحبّه " .
رواه البخاري ومسلم واللفظ له
3. عن كثير بن عبد الله عن أبيه عن جده عن عبد الله ذي البجادين الذي هلك في غزوة تبوك في جوف الليل , فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في حفرته وقال لأبي بكر وعمر دَلّيا إليّ أخاكما , فلمّا وضعه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في لحده قال : " اللهمَّ إني راض عنه فارض عنه " , فقال أبو بكر : والله لوددت أني صاحب الحفرة .
رواه الطبراني في الأوسط
· التوسّل به صلّى الله عليه وسلّم في غيبته :
1. حديث الأعمى ...
2. عن عبد الله بن الأخرم عن أبيه عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: " يوم ذي قار أول يوم انتصفت فيه العرب من العجم وبي نصروا " .
رواه البخاري في تاريخه
عن خالد بن سعيد بن العاص عن أبيه عن جده قال : قدمت بكر بن وائل مكة , فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم لأبي بكر : ائتهم فاعرض عليهم , فأتاهم , فقال : من القوم ؟ فقالوا : بنو ذهل بن ثعلبة , فقال : لست إياكم أريد أنتم الأذناب , فقام إليه دغفل فقال : من أنت ؟ قال : رجل من قريش , قال : أمن بني هاشم ؟ قال : لا . قال : فمن بني أمية ؟ قال : لا . قال : فأنتم من الأذناب , ثمّ عاد إليهم ثانية , فقال : من القوم ؟ فقالوا : بنو ذهل بن شيبان . قال : فعرض عليهم الإسلام . قالوا : حتى يجيء شيخنا فلان . قال خلاد : أحسبه قال المثنى بن خارجة , فلمّا جاء شيخهم عرض عليهم أبو بكر رضي الله عنه قال : إنّ بيننا وبين الفرس حرباً ؛ فإذا فرغنا مما بيننا وبينهم عدنا فنظرنا , فقال له أبو بكر : أرأيت إن غلبتموهم أتتبعنا على أمرنا قال : لا نشترط لك هذا علينا , ولكن إذا فرغنا فيما بيننا وبينهم عدنا فنطرنا فيما نقول , فلمّا التقوا يوم ذي قار هم والفرس قال شيخهم : ما اسم الرجل الذي دعاكم إلى الله . قالوا : محمّد . قالوا : هو شعاركم فنصروا على القوم , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بي نصروا " .
قال الهيثمي في مجمع الزوائد رواه الطبراني ورجاله ثقات رجال خلاد بن عيسى وهو ثقة
· التوسّل بعد وفاته صلّى الله عليه وسلّم :
· يقول الدكتور البوطي في كتابه فقه السيرة : [فقد ضَلَّ أقوام لم تشعر أفئدتهم بمحبّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم , وراحوا يستنكرون التوسّل بذاته صلّى الله عليه وسلّم بعد وفاته : فالتّوسل به إنما هو توسّل بشيء لا تأثير له البتة!!.
وهذه حجة تدل –كما ترى- على جهل عجيب جداً !
فهل ثبت لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم تأثير ذاتي في الأشياء لغير الواحد الأحد جلَّ جلاله ومن اعتقد خلاف ذلك يكفر بإجماع المسلمين كلّهم ، فمناط التبرك والتوسل به أو بآثاره صلّى الله عليه وسلّم ليس هو إسناد أي تأثير إليه والعياذ بالله وإنما المناط كونه صلّى الله عليه وسلّم أفضل الخلائق عند الله على الإطلاق وكونه رحمة من الله للعباد فهو التوسل بقربه صلّى الله عليه وسلّم إلى ربه وبرحمته الكبرى للخلق وبهذا المعنى توسّل الأعمى به صلّى الله عليه وسلّم في أن يرد عليه بصره فرد الله عليه وبهذا المعنى كان الصحابة يتوسّلون بآثاره وفضلاته دون أن يجدوا منه أيَّ إنكار وقد مرَّ بيان استحباب الاستشفاع بأهل الصلاح والتقوى وأهل بيت النبوة في الاستسقاء وغيره وأن ذلك مما أجمع عليه جمهور الأئمة والفقهاء , والفرق بعد هذا بين حياته وموته صلّى الله عليه وسلّم خلط عجيب وغريب في البحث لا مسوّغ له] . انتهى
1. عن عثمان بن حنيف أن رجلاً كان يختلف إلى عثمان بن عفان في حاجة له فكان عثمان لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته , فلقي عثمان بن حنيف فشكا ذلك إليه , فقال له عثمان بن حنيف : اِئت الميضأة فتوضأ , ثمّ اِئت المسجد فصل فيه ركعتين , ثمّ قل : " اللهمَّ إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمّد صلّى الله عليه وسلّم نبيّ الرحمة ؛ يا محمّد إني أتوجه بك إلى ربي فيقضي لي حاجتي " , وتذكر حاجتك ورح إليَّ حتى أروح معك , فانطلق الرجل فصنع ما قال له , ثمَّ أتى باب عثمان فجاء البواب حتى أخذ بيده فأدخله على عثمان بن عفّان ؛ فأجلسه معه على الطنفسة وقال : حاجتك ؟ فذكر حاجته , فقضاها له , ثمّ قال له : ما ذكرت حاجتك حتى كانت هذه الساعة , وقال : ما كانت لك من حاجة فأتنا , ثمَّ إنَّ الرجل خرج من عنده فلقي عثمان بن حنيف فقال له : جزاك الله خيراً ما كان ينظر في حاجتي ولا يلفت إلى حتى كلمته فيّ , فقال عثمان بن حنيف : والله ما كلمته ولكن شهدت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأتاه رجل ضرير فشكا إليه ذهاب بصره , فقال له النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : أو تصبر فقال : يا رسول الله إنه ليس لي قائد وقد شقَّ عليَّ , فقال له النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : اِئت الميضأة فتوضأ , ثمّ صلِّ ركعتين , ثمّ ادع بهذه الكلمات , فقال عثمان بن حنيف : فوالله ما تفرقنا وطال بنا الحديث حتى دخل عليه رجل كأنه لم يكن به ضرر قط .
رواه البيهقي في الدلائل والطبراني في الصغير والكبير قال الهيثمي في مجمع الزوائد : رواه الطبراني وصححه , وقال الكوثري في "محق التقول" : أخرجه الطبراني في الكبير وصححه بعد سوقه من طرق كما ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد وأقرّه عليه ,كما أقر المنذري قبله في الترغيب , وقبله أبو الحسن المقدسي أخرجه أبو نعيم في المعرفة والبيهقي من طريقين وإسنادهما صحيح ,كما بين ابن تيمية أن إسناده صحيح كما في التوسل والوسيلة , وقال الشيخ عبد الله الغماري القصة صحيحة جداً , وقد وافق على تصحيحها أيضاً الحافظ المنذري في الترغيب , والحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد بل والطبراني في المعجم الصغير .
· التوسّل بقبره صلّى الله عليه وسلّم :
1. قال صلّى الله عليه وسلّم : {حياتي خير لكم تحدثون ويحدث لكم , ووفاتي خير لكم تعرض عليَّ أعمالكم , فما رأيت من خير حمدت الله عليه . وما رأيت من شر استغفرت الله لكم } .
رواه البزار , قال الهيثمي في مجمع الزوائد : رجاله رجال الصحيح , وقال الحافظ العراقي في طرح التثريب : إسناده جيد , وقال السيوطي في الخصائص : سنده صحيح , كما نقل الغماري في نهاية الآمال تصحيح عدد من الحفاظ منهم الإمام النووي وابن حجر والمناوي في فيض القدير , وقال الغماري في إتحاف الأذكياء : وله مع هذا نحو عشرين طريقاً .
· [وفي حديث آخر: " فأقول ربِّ إنهم من أمتي , فيقول : ما تدري ما أحدثوا بعدك " واستشكل مع قوله : " حياتي خير لكم , ومماتي خير لكم تعرض عليَّ أعمالكم , فما كان من حسن حمدت الله عليه , وما كان من شر استغفرت الله لكم" رواه البزار بإسناد جيد , وأجيب بأنها تعرض عليه عرضاً مجملاً فيقال عملت أمتك شراً عملت خيراً أو أنها تعرض دون تعيين عاملها] شرح الزرقاني
2. عن نبيه بن وهب أنّ كعباً دخل على عائشة فذكروا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم , فقال كعب : ما من يوم يطلع إلا نزل سبعون ألفاً من الملائكة حتى يحفّوا بقبر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يضربون بأجنحتهم , ويصلّون على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى إذا أمسوا عرجوا وهبط مثلهم , فصنعوا مثل ذلك حتى إذا انشقت عنه الأرض خرج في سبعين ألفاً من الملائكة يزفونه .
رواه الدارمي في سننه
3. عن أبي الجوزاء قال : قحط أهل المدينة قحطاً شديداً , فشكوا إلى عائشة , فقالت : انظروا قبر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فاجعلوا منه كوى إلى السماء حتى لا يكون بينه وبين السماء سقف , قال : ففعلوا , فمطرنا مطراً حتى نبت العشب وسمنت الإبل حتى تفتقت من الشحم فسمي عام الفتق .
رواه الدارمي في سننه وقال الغماري : إسناده لا بأس به
· قال العلامة المراغي : وفتح الكوة عند الجدب سنّة أهل المدينة يفتحون كوة في أسفل الحجرة وإن كان السقف حائلاً بين القبر الشريف والسماء .
· عن داود بن أبي صالح قال : أقبل مروان يوماً فوجد رجلاً واضعاً وجهه على القبر , فأخذ برقبته و قال : أتدري ما تصنع ؟ قال : نعم , فأقبل عليه فإذا هو أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه فقال : جئت رسول الله صلّى الله عليه و سلمّ و لم آتِ الحجر ؛ سمعت رسول الله صلّى الله عليه و سلّم يقول : " لا تبكوا على الدين إذا وليه أهله , و لكن ابكوا عليه إذا وليه غير أهله " .
أخرجه الحاكم في المستدرك وقال : هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه , وتعليق الحافظ الذهبي في التلخيص : صحيح , وصحّحه السيوطي في الجامع الصغير .
4. عن مالك الدار- وكان خازن عمر على الطعام- قال : أصاب الناس قحط في زمن عمر , فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم , فقال : يا رسول الله استسق لأمتك فإنهم قد هلكوا , فأتي الرجل في المنام فقيل له : اِئت عمر فأقرئه السلام , وأخبره أنكم مسقيون , وقل له : عليك الكيّس عليك الكيّس , فأتى عمر فأخبره , فبكى عمر , ثمّ قال : يا رب لا آلوا إلا ما عجزت عنه .أخرجه الحاكم في المستدرك وقال : هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه , وتعليق الحافظ الذهبي في التلخيص : صحيح , وصحّحه السيوطي في الجامع الصغير .
رواه ابن أبي شيبة في مصنفه , والبيهقي في الدلائل , وصححه الحافظ ابن كثير في البداية , والحافظ ابن حجر في الفتح , وأقرَّ ابن تيمية بثبوته في اقتضاء الصراط المستقيم ؛ وقال عن هذا الأثر بعد أن ذكره وذكر وقائع أخرى : وكلّها وقائع حق , وقال ابن كثير في جامع المسانيد مسند عمر : إسناده جيد قوي .
قال الحافظ ابن حجر في الفتح : وقد روى سيف في الفتوح أن الذي رأى المنام المذكور هو بلال بن الحارث المزني أحد الصحابة .
· التوسّل والتبرّك بآثاره صلّى الله عليه وسلّم :
يقول الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي في كتابه ( فقه السيرة ) : [التبرك بآثار رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أمر مندوب إليه ومشروع , ولقد وردت أحاديث صحيحة ثابتة عن تبرك الصحابة رضي الله عنهم بشعر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وعرقه ووضوئه وبصاقه والقدح الذي كان يشرب به .
وإذا علمت أنّ التبرك بالشيء إنما هو طلب الخير بواسطته ووسيلته ؛ علمت أنّ التوسّل بآثار النبيّ صلّى الله عليه وسلّم مندوب إليه ومشروع فضلاً عن التوسّل بذاته الشريفة .
وليس ثمّة فرق بين أن يكون ذلك في حياته صلى الله عليه وسلم أو بعد وفاته فآثار النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وفضلاته لا تتصف بالحياة مطلقاً سواء تعلّق التوسّل بها في حياته أو بعد وفاته] .
ويقول السيد محمد بن علوي المالكي في كتابه ( مفاهيم يجب أن تصحّح ) : [ أفتراهم - يعني الصحابة - يتوسّلون بآثاره ولا يتوسّلون به ؟ هل يصح أن يتوسّل بالفرع ولا يصح بالأصل ؟ هل يصح أن يتوسّل بالأثر الذي ما شرف ولا عظم ولا كرم إلا بسبب صاحبه محمّد صلّى الله عليه وسلّم ؛ ثمّ يقول قائل إنه لا يصح أن يتوسّل به ؟ ] .
وردت أحاديث كثيرة في هذا الباب نذكر منها على سبيل المثال :
1. عن أمّ عطية الأنصارية رضي الله عنها قالت : دخل علينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حين توفيت ابنته , فقال : " اغسلنها ثلاثاً أو خمساً أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك بماء وسدر , واجعلن في الآخرة كافوراً أو شيئاً من كافور , فإذا فرغتن فآذنني " , فلمّا فرغنا آذناه , فأعطانا حقوه , فقال : " أشعرنها إيّاه " تعني إزاره .
رواه البخاري ومسلم
[ أشعرنها إيّاه : اجعلنه شعاراً لها وهو الثوب الذي يلي الجسد سُمي شعاراً لأنه يلي شعر الجسد , والحكمة في إشعارها به تبريكها به , ففيه التبرك بآثار الصالحين ولباسهم ] .شرح النووي
[قيل الحكمة في تأخير الإزار معه إلى أن يفرغن من الغسل ولم يناولهن إياه أولاً ليكون قريب العهد من جسده الكريم حتى لا يكون بين انتقاله من جسده إلى جسدها فاصل وهو أصل في التبرك بآثار الصالحين] .فتح الباري2. عن أنس بن مالك قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يدخل بيت أم سليم فينام على فراشها وليست فيه . قال : فجاء ذات يوم فنام على فراشها , فَأُتِيَتْ , فقيل لها : هذا النبي صلى الله عليه وسلم نام في بيتك على فراشك . قال : فجاءت وقد عرق واستنقع عرقه على قطعة أديم على الفراش , ففتحت عتيدتها , فجعلت تنشّف ذلك العرق فتعصره في قواريرها , ففزع النبي صلى الله عليه وسلم , فقال : " ما تصنعين يا أم سليم " , فقالت : يا رسول الله نرجو بركته لصبياننا . قال : " أصبت " .
رواه مسلم في باب طيب عرق النبي صلى الله عليه وسلم والتبرك به
وفي البخاري أن أنساً أوصى أن يجعل في حنوطه من ذلك المسك الذي لأمه أم سليم .
وأيضاً جاء في البخاري في باب من استعد للدفن : أنّ أحد الصحابة سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم جُبّة كانت عليه لتكون كفناً له .
وثبت أنّ أنساً رضي الله عنه أوصى أن يجعل شعر من شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم في كفنه .
3. عن إسرائيل عن عثمان بن عبد الله بن موهب قال : أرسلني أهلي إلى أمّ سلمة بقدح من ماء ـ وقبض إسرائيل ثلاث أصابع ـ من فِضّة فيه شعر من شعر النبي صلى الله عليه وسلم , وكان إذا أصاب الإنسان عين أو شيء بعث إليها مِخْضَبَهْ , فاطّلعتُ في الجلجل فرأيت شعرات حمراً .
رواه البخاري
قال الإمام العيني : وكان الناس عند مرضهم يتبركون بها , ويستشفون من بركتها , ويأخذون من شعره , ويجعلونه في قدح من الماء , ويشربون الماء الذي فيه الشعر , فيحصل لهم الشفاء.
4. عن الحكم قال : سمعت أبا جحيفة يقول : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهاجرة فأتي بوضوء فتوضأ , فجعل الناس يأخذون من فضل وضوئه , فيتمسحون به , فصلّى النبي صلى الله عليه وسلم الظهر ركعتين , والعصر ركعتين , وبين يديه عَنَزَةَ ( عصا أسفلها حديد ) .
5. وقال أبو موسى : دعا النبي صلى الله عليه وسلم بقدح فيه ماء , فغسل يديه ووجهه فيه , ومَجَّ فيه , ثمّ قال لهما : " اشربا منه وأفرغا على وجوهكما ونحوركما " .
رواهما البخاري
[قوله ومَجَّ فيه : أي صب ما تناوله من الماء في الإناء والغرض بذلك إيجاد البركة بريقه المبارك].فتح الباري
[ فرأيت الناس يأخذون من فضل وضوئه , ففيه التبرك بآثار الصالحين , واستعمال فضل طهورهم , وطعامهم , وشرابهم , ولباسهم ].شرح مسلم
6. عن جعفر بن عبد الله بن الحكم أنّ خالد بن الوليد فقد قلنسوة له يوم اليرموك , فقال : اطلبوها , فلم يجدوها , فقال : اطلبوها , فوجدوها , فإذا هي قلنسوة خلقة , فقال خالد : اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم , فحلق رأسه , فابتدر الناس جوانب شعره , فسبقتهم إلى ناصيته , فجعلتها في هذه القلنسوة , فلم أشهد قتالاً وهي معي إلا رزقت النصرة .
قال الهيثمي في مجمع الزوائد : رواه الطبراني , وأبو يعلى بنحوه , ورجالهما رجال الصحيح , وجعفر سمع من جماعة من الصحابة فلا أدري سمع من خالد أم لا .
7. عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنّ الناس نزلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أرض ثمود الحجر , فاستقوا من بئرها واعتجنوا به , فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يهريقوا ما استقوا من بئرها , وأن يعلفوا الإبل العجين , وأمرهم أن يستقوا من البئر التي كانت تردها الناقة .
رواه البخاري مسلم
[ أمره صلى الله عليه وسلم أن يستقوا من بئر الناقة دليل على التبرك بآثار الأنبياء والصالحين , وإن تقادمت أعصارهم , وخفيت آثارهم ؛ كما أنّ فيه دليلاً على بغض أهل الفساد وذم ديارهم وآثارهم ]تفسير القرطبي
التوسّل بذكر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم :
· عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أوحى الله إلى عيسى عليه السلام : يا عيسى آمن بمحمّد , وأمر من أدركه من أمتك أن يؤمنوا به , فلولا محمّد ما خلقت آدم , ولولا محمّد ما خلقت الجنّة ولا النار , ولقد خلقت العرش على الماء فاضطرب , فكتبت عليه لا إله إلا الله محمد رسول الله فسكن .
1. عن ابن عمر أنه خدرت رجله فقيل له : تذكر أحبّ النّاس إليك يزل عنك , فصاح يا محمداه .
· عن الهيثم بن خنس قال : كنّا عند عبد الله بن عمر فخدرت رجله , فقال له رجل : اذكر أحبّ الناس إليك , فقال : يا محمّد , فكأنما نشط من عقال .
· ذكر الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية أن شعار المسلمين في موقعة اليمامة كان : يا محمّداه .
· عن عليّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الدعاء محجوب عن الله حتى يُصلّى على محمّد , وعلى آل محمّد .
· عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اجعلوني في أول الدعاء وفي آخر الدعاء .
· عن سفيان بن عيينة قال : عند ذكر الصالحين تتنزل الرحمة .
· عن أبي عثمان أنه قال لأبي جعفر بن حمدان : ألستم تروون أن عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة , قال : بلى , قال : فرسول الله صلى الله عليه وسلم سيّد الصالحين .
· عن محمد بن منصور الطوسي قال : نازلت قوماً من أصحاب الفضيل بن عياض فيما يذكرونه من كرامة المؤمن على الله , فقلت : عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة فمطرنا في تلك الساعة .
· عن ابن عيينة قال : عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة ، وقال محمد بن يونس : ما رأيت للقلب أنفع من ذكر الصالحين .
· قال ابن الصلاح : ومن أقرب الوجوه في إصلاح النية فيه ما روينا عن أبي عمرو بن نجيد أنه سأل أبا جعفر بن حمدان وكانا عبدين صالحين فقال له : بأيِّ نيّة أكتب الحديث , فقال : ألستم ترون أن عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة , قال : نعم , قال : فرسول الله صلى الله عليه وسلم رأس الصالحين .
· عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا طَنّتْ أذن أحدكم فليذكرني , وليُصلِّ عليّ , وليقل : ذكر الله بخير من ذكرني .
رواه ابن خزيمة في صحيحه , قال الهيثمي في مجمع الزوائد : رواه الطبراني في الثلاثة , والبزار باختصار كثير . وإسناد الطبراني في الكبير حسن .
فليذكرني بأن يقول : محمّد رسول الله صلى الله عليه وسلم أو نحوه , وليصلِّ عليّ أي يقول : صلى الله عليه وسلم , فلذلك حكم بمشروعية الصلاة عليه عند طنين الأذن كما شرعت الصلاة عليه عند خدر الرجل لخبر ابن السني أنَّ رجلاً خدرت رجله عند ابن عباس فقال له : اذكر أحبَّ الناس إليك , فقال : محمّد , فكأنما نشط من عقال . قال الهيثمي : إسناد الطبراني في الكبير حسن .
وبه بطل قول من زعم ضعفه فضلاً عن وضعه ؛ بل أقول : المتن صحيح , لقد رواه ابن خزيمة في صحيحه
· جاء في الحديث أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بعد ركعتي الفجر : " اللهمَّ ربَّ جبريل وإسرافيل وميكائيل ومحمّد النبي صلى الله عليه وسلم أعوذ بك من النار " .
وتخصيص هؤلاء بالذكر في معنى التوسل بهم فكأنه يقول : اللهمَّ إني أسألك وأتوسل إليك بجبريل , وقد أشار ابن عِلّان إلى هذا في الشرح .
· التوسّل بالنبيّ صلّى الله عليه وسلّم يوم القيامة:
1. حديث الشفاعة وفيه: عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : إنّ الشمس تدنو يوم القيامة حتى يبلغ العرق نصف الأذن , فبينا هم كذلك استغاثوا بآدم ثمّ بموسى ثمّ بمحمّد صلى الله عليه وسلم فيشفع ليقضى بين الخلق .
· من فوائد الحديث قال الحافظ ابن حجر في الفتح : وفيه أنّ الناس يوم القيامة يستصحبون حالهم في الدنيا من التوسل إلى الله تعالى في حوائجهم بأنبيائهم .
يقول الإمام السبكي في شفاء السقام : وفي التجاء الناس إلى الأنبياء في ذلك اليوم أدل دليل على التوسل بهم في الدنيا والآخرة
· عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أوحى الله إلى عيسى عليه السلام : يا عيسى آمن بمحمّد , وأمر من أدركه من أمتك أن يؤمنوا به , فلولا محمّد ما خلقت آدم , ولولا محمّد ما خلقت الجنّة ولا النار , ولقد خلقت العرش على الماء فاضطرب , فكتبت عليه لا إله إلا الله محمد رسول الله فسكن .
رواه الحاكم وقال : هذا حديث صحيح الإسناد
1. عن ابن عمر أنه خدرت رجله فقيل له : تذكر أحبّ النّاس إليك يزل عنك , فصاح يا محمداه .
رواه القاضي في الشفا
· عن الهيثم بن خنس قال : كنّا عند عبد الله بن عمر فخدرت رجله , فقال له رجل : اذكر أحبّ الناس إليك , فقال : يا محمّد , فكأنما نشط من عقال .
ذكره ابن تيمية في الكلم الطيب
· ذكر الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية أن شعار المسلمين في موقعة اليمامة كان : يا محمّداه .
· عن عليّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الدعاء محجوب عن الله حتى يُصلّى على محمّد , وعلى آل محمّد .
رواه البيهقي في الشعب
· عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اجعلوني في أول الدعاء وفي آخر الدعاء .
رواه البيهقي في الشعب
· عن سفيان بن عيينة قال : عند ذكر الصالحين تتنزل الرحمة .
رواه ابن عبد البر في التمهيد والأصبهاني في الحلية
· عن أبي عثمان أنه قال لأبي جعفر بن حمدان : ألستم تروون أن عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة , قال : بلى , قال : فرسول الله صلى الله عليه وسلم سيّد الصالحين .
رواه الذهبي في سير أعلام النبلاء
· عن محمد بن منصور الطوسي قال : نازلت قوماً من أصحاب الفضيل بن عياض فيما يذكرونه من كرامة المؤمن على الله , فقلت : عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة فمطرنا في تلك الساعة .
رواه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد
· عن ابن عيينة قال : عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة ، وقال محمد بن يونس : ما رأيت للقلب أنفع من ذكر الصالحين .
صفوة الصفوة لابن الجوزي
· قال ابن الصلاح : ومن أقرب الوجوه في إصلاح النية فيه ما روينا عن أبي عمرو بن نجيد أنه سأل أبا جعفر بن حمدان وكانا عبدين صالحين فقال له : بأيِّ نيّة أكتب الحديث , فقال : ألستم ترون أن عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة , قال : نعم , قال : فرسول الله صلى الله عليه وسلم رأس الصالحين .
رواه السيوطي في تدريب الراوي والذهبي في سير أعلام النبلاء
· عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا طَنّتْ أذن أحدكم فليذكرني , وليُصلِّ عليّ , وليقل : ذكر الله بخير من ذكرني .
رواه ابن خزيمة في صحيحه , قال الهيثمي في مجمع الزوائد : رواه الطبراني في الثلاثة , والبزار باختصار كثير . وإسناد الطبراني في الكبير حسن .
فليذكرني بأن يقول : محمّد رسول الله صلى الله عليه وسلم أو نحوه , وليصلِّ عليّ أي يقول : صلى الله عليه وسلم , فلذلك حكم بمشروعية الصلاة عليه عند طنين الأذن كما شرعت الصلاة عليه عند خدر الرجل لخبر ابن السني أنَّ رجلاً خدرت رجله عند ابن عباس فقال له : اذكر أحبَّ الناس إليك , فقال : محمّد , فكأنما نشط من عقال . قال الهيثمي : إسناد الطبراني في الكبير حسن .
وبه بطل قول من زعم ضعفه فضلاً عن وضعه ؛ بل أقول : المتن صحيح , لقد رواه ابن خزيمة في صحيحه
فيض القدير
· جاء في الحديث أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بعد ركعتي الفجر : " اللهمَّ ربَّ جبريل وإسرافيل وميكائيل ومحمّد النبي صلى الله عليه وسلم أعوذ بك من النار " .
قال النووي في الأذكار : رواه ابن السني وقال الحافظ بعد تخريجه هو حديث حسن
وتخصيص هؤلاء بالذكر في معنى التوسل بهم فكأنه يقول : اللهمَّ إني أسألك وأتوسل إليك بجبريل , وقد أشار ابن عِلّان إلى هذا في الشرح .
مفاهيم يجب أن تصحح
· التوسّل بالنبيّ صلّى الله عليه وسلّم يوم القيامة:
1. حديث الشفاعة وفيه: عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : إنّ الشمس تدنو يوم القيامة حتى يبلغ العرق نصف الأذن , فبينا هم كذلك استغاثوا بآدم ثمّ بموسى ثمّ بمحمّد صلى الله عليه وسلم فيشفع ليقضى بين الخلق .
رواه البخاري
· من فوائد الحديث قال الحافظ ابن حجر في الفتح : وفيه أنّ الناس يوم القيامة يستصحبون حالهم في الدنيا من التوسل إلى الله تعالى في حوائجهم بأنبيائهم .
يقول الإمام السبكي في شفاء السقام : وفي التجاء الناس إلى الأنبياء في ذلك اليوم أدل دليل على التوسل بهم في الدنيا والآخرة
التوسّل بالمؤمنين عموماً أحياء وأمواتاً :
1. عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من خرج من بيته إلى الصلاة فقال : اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك , وأسألك بحق ممشاي هذا فإني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا رياء ولا سمعة وخرجت اتقاء سخطك وابتغاء مرضاتك , فأسألك أن تعيذني من النار , وأن تغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ؛ أقبل الله عليه بوجهه , واستغفر له سبعون ألف ملك " .
رواه ابن ماجه وأحمد وابن خزيمة في صحيحه وغيرهم ، وصححه ابن خزيمة , وحسنه الحافظ الدمياطي في المتجر الرابح ، وقال المنذري في الترغيب : حسنه شيخنا الحافظ أبو الحسن المقدسي ، وحسنه الحافظ العراقي في تخريج الإحياء ، والحافظ ابن حجر العسقلاني في أمالي الأذكار , و ( حسّنه الحافظ عبد الغني المقدسي , وقبله ابن أبي حاتم كما في هداية المتخبطين ).
· توسّل المؤمن بعمله :
قال الإمام بن حجر في الجوهر المنظم : ولا فرق بين ذكر التوسّل والاستغاثة والتشفع والتوجه به صلى الله عليه وسلم , أو بغيره من الأنبياء وكذا الأولياء , وذلك لأنّه ورد جواز التوسّل بالأعمال كما في حديث الغار الصحيح مع كونها أعراضاً فالذوات الفاضلة أولى .
1. حديث الغار:
قال الشوكاني في الدر النضيد :[إنّ التوسّل إلى الله بأهل الفضل والعلم هو في التحقيق توسّل بأعمالهم الصّالحة ومزاياهم الفاضلة ؛ إذ لا يكون الفضل فاضلاً إلا بأعماله , فإذا قال القائل: اللهمَّ إني أتوسّل إليك بالعالم الفلاني , فهو باعتبار ما قام به من العلم ,وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما أنّ النبي صلى الله عليه وسلم حكى عن الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة أن كل واحد منهم توسل إلى الله بأعظم عمل عمله فارتفعت الصخرة] .
فيقول السيد السمهودي في خلاصة الوفا : وإذا ثبت التوسّل بالأعمال الصالحة فالتوسّل به صلى الله عليه وسلم أحقُّ وأولى لما فيه من النبوة والفضائل سواء كان ذلك في حياته , أو بعد وفاته , فالمؤمن إذا توسّل إنما يريد نبوته التي جمعت الكمالات .
· التوسّل و التبرّك بالصّالحين و بآثارهم :
· التوسّل بالصّالحين :
1. عن أنس أنّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا قحطوا استسقى بالعبّاس بن عبد المطلب فقال : اللهمَّ إنّا كنّا نتوسّل إليك بنبينا فتسقينا , وإنّا نتوسّل إليك بعمِّ بنبينا فاسقنا , قال : فيسقون .
قال الشوكاني في الدرّ النضيد : التوسّل به صلّى الله عليه وسلّم يكون في حياته , وبعد موته , وفي حضرته , ومغيبه , ولا يخفاك أنّه ثبت التوسّل به صلّى الله عليه وسلّم في حياته , وثبت التوسّل بغيره صلّى الله عليه وسلّم بعد موته بإجماع الصحابة إجماعاً سكوتياً لعدم إنكار أحد منهم على عمر في توسّله بالعبّاس .
يقول العلامة الكوثري في محق التقول عن قول عمر : ( إنّا كنا نتوسّل إليك بعمِّ نبينا ) فيه إنشاء التوسّل بشخص العباس رضي الله عنه , وليس في هذه الجمة فائدة الخبر لأنّ الله تعالى يعلم أيضاً علم المتوسّلين بتوسّلهم فتمحضت الجملة لإنشاء التوسل بالتوسل بالشخص , على أنّ قول الصحابي : كنّا نفعل كذا ينصب على ما قبل القول , فيكون المعنى أنّ الصحابة كانوا يتوسّلون به صلى الله عليه وسلم في حياته , وبعد لحوقه بالرفيق الأعلى إلى عام الرمادة .
قال الإمام النووي في التقريب : قول الصحابي كنا نقول كذا ونفعل كذا إن لم يضفه إلى زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو موقوف , وإن أضافه فالصحيح أنه مرفوع .
2. أخرج الزبير بن بكار في الأنساب بإسناد له : أنّ العبّاس لما استسقى به عمر قال : اللهمَّ إنّه لم ينزل بلاء إلا بذنب , ولم يكشف إلا بتوبة , وقد توجه القوم بي إليك لمكاني من نبيّك , وهذه أيدينا إليك بالذنوب , ونواصينا إليك بالتوبة , فاسقنا الغيث , فأرخت السماء مثل الجبال حتى أخصبت الأرض وعاش الناس .
3. عن ابن عمر أنه قال : استسقى عمر بن الخطاب عام الرمادة بالعباس بن عبد المطلب , فقال : اللهمَّ هذا عمّ نبيّك العبّاس نتوجه إليك به , فاسقنا فما برحوا حتى سقاهم الله . قال : فخطب عمر الناس فقال : أيّها الناس إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرى للعباس ما يرى الولد لوالده يعظمه ويفخمه ويبرّ قسمه , فاقتدوا أيها الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم في عمه العباس واتخذوه وسيلة إلى الله عز وجل فيما نزل بكم .
رواه الحاكم في المستدرك , وقال الحافظ في الفتح : وأخرجه البلاذري من طريق هشام بن سعد عن زيد بن أسلم فقال عن أبيه بدل ابن عمر فيحتمل أن يكون لزيد فيه شيخان - يعني فالحديث في هذا الاحتمال ثابت -
وروى ابن عبد البر في الاستيعاب عن الزهري أنه قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرفون للعباس فضله ويشاورونه ويأخذون برأيه واستسقى عمر به فسقي .
وقال الحافظ في الفتح : ويستفاد من قصة العباس استحباب الاستشفاع بأهل الخير والصلاح وأهل بيت النبوة .
كما قاله الصنعاني في سبل السلام , والشوكاني في نيل الأوطار , وابن قدامة الحنبلي , والإمام العيني في شرحه , والمناوي في فيض القدير .
4. عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لن تخلوا الأرض من أربعين رجلاً مثل خليل الرحمن , فبهم تسقون , وبهم تنصرون ؛ ما مات منهم أحد إلا أبدل الله مكانه آخر ".
قال سعيد وسمعت قتادة يقول : لسنا نشك أنّ الحسن منهم .
5. عن شريح بن عبيد قال: ذكر أهل الشام عند عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه وهو بالعراق , فقالوا : العنهم يا أمير المؤمنين . قال : لا إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " الأبدال يكونون بالشام , وهم أربعون رجلاً , كلمّا مات رجل أبدل الله مكانه رجلاً يسقى بهم الغيث , وينتصر بهم على الأعداء , ويصرف عن أهل الشام بهم العذاب " .
قال الهيثمي في مجمع الزوائد : رواه البزار , ورجاله ثقات , وقال الحافظ في تخريج الأذكار : حسن الإسناد غريب جداً , وحسّنه الحافظ السخاوي في شرح الابتهاج , وذكره ابن تيمية في الكلم الطيب .
7. عن عتبة بن غزوان عن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا أضل أحدكم شيئاً , أو أراد عوناً وهو بأرض ليس بها أنيس , فليقل : يا عباد الله أعينوني , فإنّ لله عباداً لا نراهم " . وقد جرب ذلك .
رواه الطبراني في الكبير , وقال الهيثمي في مجمع الزوائد : رواه الطبراني , ورجاله وثّقوا على ضعف في بعضهم إلا أن يزيد بن علي لم يدرك عتبة .
8. عن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : سمعت أبي يقول : حججت خمس حجج اثنتين راكب , وثلاث ماشي , أو ثلاث راكب واثنتين ماشي , فضللت الطريق في حجة ؛ وكنت ماشياً , فجعلت أقول : يا عباد الله دلّوني على الطريق . قال : فلم أزل أقول ذلك حتى وقفت على الطريق أو كما قال أبي .
قال الطبراني بعد رواية الحديث في الكبير: وقد جرب ذلك .
قال النووي عقب إيراده هذا الحديث - في الأذكار - : حكى لي بعض شيوخنا الكبار في العلم أنه انفلتت له دابة أظنها بغلة , فقال هذا الحديث , فحبسها الله عليه حالاً . قال : وكنت أنا مرّة مع جماعة ؛ فانفلتت بهيمة , وعجزوا عنها , فقلته , فوقفت في الحال بغير سبب سوى هذا .
9. عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنّ لله خلقاً خلقهم لحوائج الناس ؛ تفزع الناس إليهم في حوائجهم أولئك الآمنون من عذاب الله " .
قال الهيثمي في مجمع الزوائد : رواه الطبراني , وضعّفه , وحسّن حديثه ابن عدي .
· التوسّل والاستنصار بالصّالحين :
عن جابر أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ليأتين على الناس زمان يخرج الجيش من جيوشهم , فيقال : هل فيكم أحد صَحِبَ محمّداً ؟ فتستنصرون به فتنتصروا , ثمّ يقال : هل فيكم من صَحِبَ محمداً ؟ فيقال : لا ؛ فمن صَحِبَ أصحابه ؟ فيقال : لا . فيقال : من رأى مَنْ صَحِبَ أصحابه ؟ فلوا سمعوا به من وراء البحر لأتوه " .
عن مصعب بن سعد قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم : " هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم ؟ " .
[هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم: الاستفهام للتقرير ؛ أي ليس النصر وإدرار الرزق إلا ببركتهم , فأبرزه في صورة الاستفهام ليدل على مزيد التقرير والتوبيخ , وذلك لأنهم أشد إخلاصاً في الدعاء , وأكثر خضوعاً في العبادة لجلاء قلوبهم عن التعلق بزخرف الدنيا , واستدل به الشافعية على ندب إخراج الشيوخ والصبيان في الاستسقاء] .
عن أبي الدرداء قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " ابغوني ضعفاءكم , فإنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم " .
عن أمية بن عبد الله قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح بصعاليك المهاجرين .
رواه الطبراني
1. عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من خرج من بيته إلى الصلاة فقال : اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك , وأسألك بحق ممشاي هذا فإني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا رياء ولا سمعة وخرجت اتقاء سخطك وابتغاء مرضاتك , فأسألك أن تعيذني من النار , وأن تغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ؛ أقبل الله عليه بوجهه , واستغفر له سبعون ألف ملك " .
رواه ابن ماجه وأحمد وابن خزيمة في صحيحه وغيرهم ، وصححه ابن خزيمة , وحسنه الحافظ الدمياطي في المتجر الرابح ، وقال المنذري في الترغيب : حسنه شيخنا الحافظ أبو الحسن المقدسي ، وحسنه الحافظ العراقي في تخريج الإحياء ، والحافظ ابن حجر العسقلاني في أمالي الأذكار , و ( حسّنه الحافظ عبد الغني المقدسي , وقبله ابن أبي حاتم كما في هداية المتخبطين ).
· توسّل المؤمن بعمله :
قال الإمام بن حجر في الجوهر المنظم : ولا فرق بين ذكر التوسّل والاستغاثة والتشفع والتوجه به صلى الله عليه وسلم , أو بغيره من الأنبياء وكذا الأولياء , وذلك لأنّه ورد جواز التوسّل بالأعمال كما في حديث الغار الصحيح مع كونها أعراضاً فالذوات الفاضلة أولى .
1. حديث الغار:
قال الشوكاني في الدر النضيد :[إنّ التوسّل إلى الله بأهل الفضل والعلم هو في التحقيق توسّل بأعمالهم الصّالحة ومزاياهم الفاضلة ؛ إذ لا يكون الفضل فاضلاً إلا بأعماله , فإذا قال القائل: اللهمَّ إني أتوسّل إليك بالعالم الفلاني , فهو باعتبار ما قام به من العلم ,وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما أنّ النبي صلى الله عليه وسلم حكى عن الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة أن كل واحد منهم توسل إلى الله بأعظم عمل عمله فارتفعت الصخرة] .
فيقول السيد السمهودي في خلاصة الوفا : وإذا ثبت التوسّل بالأعمال الصالحة فالتوسّل به صلى الله عليه وسلم أحقُّ وأولى لما فيه من النبوة والفضائل سواء كان ذلك في حياته , أو بعد وفاته , فالمؤمن إذا توسّل إنما يريد نبوته التي جمعت الكمالات .
· التوسّل و التبرّك بالصّالحين و بآثارهم :
· التوسّل بالصّالحين :
1. عن أنس أنّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا قحطوا استسقى بالعبّاس بن عبد المطلب فقال : اللهمَّ إنّا كنّا نتوسّل إليك بنبينا فتسقينا , وإنّا نتوسّل إليك بعمِّ بنبينا فاسقنا , قال : فيسقون .
رواه البخاري وغيره
قال الشوكاني في الدرّ النضيد : التوسّل به صلّى الله عليه وسلّم يكون في حياته , وبعد موته , وفي حضرته , ومغيبه , ولا يخفاك أنّه ثبت التوسّل به صلّى الله عليه وسلّم في حياته , وثبت التوسّل بغيره صلّى الله عليه وسلّم بعد موته بإجماع الصحابة إجماعاً سكوتياً لعدم إنكار أحد منهم على عمر في توسّله بالعبّاس .
يقول العلامة الكوثري في محق التقول عن قول عمر : ( إنّا كنا نتوسّل إليك بعمِّ نبينا ) فيه إنشاء التوسّل بشخص العباس رضي الله عنه , وليس في هذه الجمة فائدة الخبر لأنّ الله تعالى يعلم أيضاً علم المتوسّلين بتوسّلهم فتمحضت الجملة لإنشاء التوسل بالتوسل بالشخص , على أنّ قول الصحابي : كنّا نفعل كذا ينصب على ما قبل القول , فيكون المعنى أنّ الصحابة كانوا يتوسّلون به صلى الله عليه وسلم في حياته , وبعد لحوقه بالرفيق الأعلى إلى عام الرمادة .
قال الإمام النووي في التقريب : قول الصحابي كنا نقول كذا ونفعل كذا إن لم يضفه إلى زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو موقوف , وإن أضافه فالصحيح أنه مرفوع .
2. أخرج الزبير بن بكار في الأنساب بإسناد له : أنّ العبّاس لما استسقى به عمر قال : اللهمَّ إنّه لم ينزل بلاء إلا بذنب , ولم يكشف إلا بتوبة , وقد توجه القوم بي إليك لمكاني من نبيّك , وهذه أيدينا إليك بالذنوب , ونواصينا إليك بالتوبة , فاسقنا الغيث , فأرخت السماء مثل الجبال حتى أخصبت الأرض وعاش الناس .
3. عن ابن عمر أنه قال : استسقى عمر بن الخطاب عام الرمادة بالعباس بن عبد المطلب , فقال : اللهمَّ هذا عمّ نبيّك العبّاس نتوجه إليك به , فاسقنا فما برحوا حتى سقاهم الله . قال : فخطب عمر الناس فقال : أيّها الناس إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرى للعباس ما يرى الولد لوالده يعظمه ويفخمه ويبرّ قسمه , فاقتدوا أيها الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم في عمه العباس واتخذوه وسيلة إلى الله عز وجل فيما نزل بكم .
رواه الحاكم في المستدرك , وقال الحافظ في الفتح : وأخرجه البلاذري من طريق هشام بن سعد عن زيد بن أسلم فقال عن أبيه بدل ابن عمر فيحتمل أن يكون لزيد فيه شيخان - يعني فالحديث في هذا الاحتمال ثابت -
وروى ابن عبد البر في الاستيعاب عن الزهري أنه قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرفون للعباس فضله ويشاورونه ويأخذون برأيه واستسقى عمر به فسقي .
وقال الحافظ في الفتح : ويستفاد من قصة العباس استحباب الاستشفاع بأهل الخير والصلاح وأهل بيت النبوة .
كما قاله الصنعاني في سبل السلام , والشوكاني في نيل الأوطار , وابن قدامة الحنبلي , والإمام العيني في شرحه , والمناوي في فيض القدير .
4. عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لن تخلوا الأرض من أربعين رجلاً مثل خليل الرحمن , فبهم تسقون , وبهم تنصرون ؛ ما مات منهم أحد إلا أبدل الله مكانه آخر ".
قال سعيد وسمعت قتادة يقول : لسنا نشك أنّ الحسن منهم .
قال الهيثمي في مجمع الزوائد : رواه الطبراني في الأوسط , وإسناده حسن , وحسّنه السيوطي .
5. عن شريح بن عبيد قال: ذكر أهل الشام عند عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه وهو بالعراق , فقالوا : العنهم يا أمير المؤمنين . قال : لا إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " الأبدال يكونون بالشام , وهم أربعون رجلاً , كلمّا مات رجل أبدل الله مكانه رجلاً يسقى بهم الغيث , وينتصر بهم على الأعداء , ويصرف عن أهل الشام بهم العذاب " .
رواه أحمد , وحسّنه السيوطي . قال المناوي في فيض القدير: قال المصنف -السيوطي-أخرجه أحمد , والحاكم , والطبراني من طرق أكثر من عشرة .
6. عن ابن عباس أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنّ لله ملائكة في الأرض سوى الحفظة يكتبون ما يسقط من ورق الشجر , فإذا أصاب أحدكم عرجة بأرض فلاة , فليناد : أعينوا عباد الله .قال الهيثمي في مجمع الزوائد : رواه البزار , ورجاله ثقات , وقال الحافظ في تخريج الأذكار : حسن الإسناد غريب جداً , وحسّنه الحافظ السخاوي في شرح الابتهاج , وذكره ابن تيمية في الكلم الطيب .
7. عن عتبة بن غزوان عن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا أضل أحدكم شيئاً , أو أراد عوناً وهو بأرض ليس بها أنيس , فليقل : يا عباد الله أعينوني , فإنّ لله عباداً لا نراهم " . وقد جرب ذلك .
رواه الطبراني في الكبير , وقال الهيثمي في مجمع الزوائد : رواه الطبراني , ورجاله وثّقوا على ضعف في بعضهم إلا أن يزيد بن علي لم يدرك عتبة .
8. عن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : سمعت أبي يقول : حججت خمس حجج اثنتين راكب , وثلاث ماشي , أو ثلاث راكب واثنتين ماشي , فضللت الطريق في حجة ؛ وكنت ماشياً , فجعلت أقول : يا عباد الله دلّوني على الطريق . قال : فلم أزل أقول ذلك حتى وقفت على الطريق أو كما قال أبي .
رواه البيهقي في الشعب
قال الطبراني بعد رواية الحديث في الكبير: وقد جرب ذلك .
قال النووي عقب إيراده هذا الحديث - في الأذكار - : حكى لي بعض شيوخنا الكبار في العلم أنه انفلتت له دابة أظنها بغلة , فقال هذا الحديث , فحبسها الله عليه حالاً . قال : وكنت أنا مرّة مع جماعة ؛ فانفلتت بهيمة , وعجزوا عنها , فقلته , فوقفت في الحال بغير سبب سوى هذا .
9. عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنّ لله خلقاً خلقهم لحوائج الناس ؛ تفزع الناس إليهم في حوائجهم أولئك الآمنون من عذاب الله " .
قال الهيثمي في مجمع الزوائد : رواه الطبراني , وضعّفه , وحسّن حديثه ابن عدي .
· التوسّل والاستنصار بالصّالحين :
عن جابر أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ليأتين على الناس زمان يخرج الجيش من جيوشهم , فيقال : هل فيكم أحد صَحِبَ محمّداً ؟ فتستنصرون به فتنتصروا , ثمّ يقال : هل فيكم من صَحِبَ محمداً ؟ فيقال : لا ؛ فمن صَحِبَ أصحابه ؟ فيقال : لا . فيقال : من رأى مَنْ صَحِبَ أصحابه ؟ فلوا سمعوا به من وراء البحر لأتوه " .
قال الهيثمي في مجمع الزوائد : رواه أبو يعلى من طريقين , ورجالهما رجال الصحيح ومن تبعهم .
عن مصعب بن سعد قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم : " هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم ؟ " .
رواه البخاري في صحيحه في باب من استعان بالضعفاء والصالحين في الحرب
[هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم: الاستفهام للتقرير ؛ أي ليس النصر وإدرار الرزق إلا ببركتهم , فأبرزه في صورة الاستفهام ليدل على مزيد التقرير والتوبيخ , وذلك لأنهم أشد إخلاصاً في الدعاء , وأكثر خضوعاً في العبادة لجلاء قلوبهم عن التعلق بزخرف الدنيا , واستدل به الشافعية على ندب إخراج الشيوخ والصبيان في الاستسقاء] .
فيض القدير
عن أبي الدرداء قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " ابغوني ضعفاءكم , فإنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم " .
رواه الترمذي في باب ما جاء في الاستفتاح بصعاليك المسلمين , وقال هذا حديث حسن صحيح .
عن أمية بن عبد الله قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح بصعاليك المهاجرين .
رواه الطبراني
التوسّل بصحبة الصّالحين والنظر إليهم :
يقول سيدي الشيخ عبد القادر عيسى في كتابه ( حقائق عن التصوّف ) : وما نال الصحابة رضوان الله عليهم هذا المقام السامي , والدرجة الرفيعة بعد أن كانوا في ظلمات الجاهلية إلا بمصاحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم , ومجالستهم له , وما أحرز التابعون هذا الشرف العظيم إلا باجتماعهم بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم , وبما أن رسالة محمد عليه السلام خالدة إلى قيام الساعة ؛ فإنّ لرسول الله صلى الله عليه وسلم ورّاثاً من العلماء والعارفين بالله تعالى ؛ ورثوا عن نبيهم العلم والخلق والإيمان والتقوى , فكانوا خلفاء عنه في الهداية والإرشاد والدعوة إلى الله ؛ يقتبسون من نوره ليضيئوا للإنسانية طريق الحق والرشاد , فمن جالسهم سرى إليه من حالهم الذي اقتبسوه من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ويقول : وهؤلاء الورّاث المرشدون صحبتهم ترياق مجرب , والبعد عنهم سمٌّ قاتل ( هم القوم لا يشقى بهم جليسهم )مرافقتهم هي العلاج العملي لإصلاح النفوس , وتهذيب الأخلاق , وغرس العقيدة , ورسوخ الإيمان لأن هذه الأمور لا تنال بقراءة الكتب , ومطالعة الكراريس إنما هي خصال عملية وجدانية تقتبس بالإقتداء , وتنال بالاستقاء القلبي , والتأثر الروحي .
1.قوله تعالى : { قيل يا نوح اهبط بسلام منّا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثمّ يمسّهم منّا عذاب أليم } .
2.وقاله تعالى : { وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون } .
قال تعالى : وما كان الله ليعذبهم بما سألوه , وأنت فيهم لأنّ العذاب إذا نزل عَمَّ , ولا تعذب أمّة إلا بعد خروج نبيها والمؤمنين منها , وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون حيث يقولون في طوافهم : غفرانك غفرانك , وقيل هم المؤمنون المستضعفون فيهم كما قال تعالى :{ لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليماً } .
3.{ ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطئوهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم ليدخل الله في رحمته من يشاء لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليماً } .
ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات موجودون بمكة مع الكفار لم تعلموهم بصفة الإيمان أن تطؤوهم ؛ أي تقتلوهم مع الكفار فتصيبكم منهم معرة : أي إثم بغير علم منكم ليدخل الله في رحمته من يشاء كالمؤمنين المذكورين لو تزيلوا :ت ميزوا عن الكفار لعذبنا الذين كفروا منهم من أهل مكة حينئذ بأن نأذن لكم في فتحها عذاباً أليماً مؤلماً .
1. عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " مثل الجليس الصالح و الجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير , فحامل المسك إمّا أن يحذيك , وإمّا أن تبتاع منه , وإمّا أن تجد منه ريحاً طيبة , ونافخ الكير إمّا أن يحرق ثيابك , وإمّا أن تجد ريحاً خبيثة .
2. وفي حديث مسلم عن أبي هريرة في باب فضل مجالس الذكر وفي آخر الحديث يقول الله تبارك وتعالى عن أهل مجالس الذكر : هم القوم لا يشقى بهم جليسهم .
3. عن ابن عباس قال : قيل يا رسول الله : أي جلسائنا خير ؟ قال : " من ذكّركم الله رؤيته , وزاد في عملكم منطقه , وذكّركم في الآخرة عمله " .
4. عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يأتي على الناس زمان يغزو فئام من الناس , فيقال : من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فيقولون : نعم , فيفتح لهم , ثمّ يغزو فئام من الناس فيقال : من رأى من صَحِبَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فيقولون : نعم , فيفتح لهم , ثمّ يغزو فئام من الناس فيقال لهم : من رأى من صحب من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فيقولون :نعم , فيفتح لهم " .
قال ابن بطال : هو كقوله في الحديث الآخر : " خيركم قرني , ثمّ الذين يلونهم , ثمّ الذين يلونهم " ؛ لأنّه يفتح للصحابة لفضلهم , ثمّ للتابعين لفضلهم , ثمّ لتابعيهم لفضلهم . قال : ولذلك كان الصلاح والفضل والنصر للطبقة الرابعة أقل فكيف بمن بعدهم والله المستعان .
5. عن واثلة عن النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تزالون بخير ما دام فيكم من رآني وصاحبني , والله لا تزالون بخير ما دام فيكم من رآني وصاحبني " .
6. عن أبي بردة عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " النجوم أمنة للسماء , فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد , وأنا أمنة لأصحابي , فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون , وأصحابي أمنة لأمتي , فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون " .
7. عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " النجوم أمان لأهل السماء , فإذا ذهبت أتاها ما يوعدون , وأنا أمان لأصحابي ما كنت , فإذا ذهبت أتاهم ما يوعدون , وأهل بيتي أمان لأمتي , فإذا ذهب أهل بيتي أتاهم ما يوعدون " .
8. عن عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " النظر إلى عليّ عبادة " .
قال الهيثمي في مجمع الزوائد : رواه الطبراني , وفيه أحمد بن بديل اليامي وثّقه ابن حبان , وقال مستقيم الحديث , وابن أبي حاتم وفيه ضعف , وبقية رجاله رجال الصحيح .
9. عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نظر الرجل إلى أخيه على شوق خير من اعتكاف سنة في مسجدي هذا " .
رواه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول , ورواه ابن لال والديلمي باللفظ المذكور عن ابن عمر كما في فيض القدير
· التوسّل بمحبّة الصّالحين :
1. عن أنس بن مالك قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال يا رسول الله : متى الساعة ؟ قال : " وما أعددت للساعة ؟ " قال : حبَّ الله ورسوله . قال : " فإنّك مع من أحببت " . قال أنس : فما فرحنا بعد الإسلام فرحاً أشدَّ من قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : فإنك مع من أحببت ؛ قال أنس : فأنا أحبَّ الله ورسوله وأبا بكر وعمر , فأرجو أن أكون معهم وإن لم أعمل بأعمالهم .
2. عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لحسن : " اللهمَّ إني أحبّه فأحبّه , وأحبب من يحبّه " .
· التوسّل بالأراضي المقدّسة :
1. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : أرسل ملك الموت إلى موسى عليهما السلام فلمّا جاءه صكّه , فرجع إلى ربه , فقال : أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت , فردَّ الله عليه عينه , وقال : ارجع فقل له يضع يده على متن ثور فله بكلِّ ما غطت به يده بكلِّ شعرة سنة . قال : أي رب , ثمَّ ماذا ؟ قال : ثمَّ الموت . قال : فالآن فسأل الله أن يدنيه من الأرض المقدسة رمية بحجر . قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فلو كنت ثمَّ لأريتكم قبره إلى جانب الطريق عند الكثيب الأحمر " .
قال الحافظ في فتح الباري : [ قوله باب من أحب الدفن في الأرض المقدسة أو نحوها : قال الزين بن المنير : المراد بقوله أو نحوها بقية ما تشد إليه الرحال من الحرمين , وكذلك ما يمكن من مدافن الأنبياء , وقبور الشهداء والأولياء تيمّناً بالجوار وتعرّضاً للرحمة النازلة عليهم اقتداء بموسى عليه السلام . انتهى
وهذا بناء على أنّ من الأنبياء الذين دفنوا ببيت المقدس وهو الذي رجحه عياض ] .
يقول سيدي الشيخ عبد القادر عيسى في كتابه ( حقائق عن التصوّف ) : وما نال الصحابة رضوان الله عليهم هذا المقام السامي , والدرجة الرفيعة بعد أن كانوا في ظلمات الجاهلية إلا بمصاحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم , ومجالستهم له , وما أحرز التابعون هذا الشرف العظيم إلا باجتماعهم بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم , وبما أن رسالة محمد عليه السلام خالدة إلى قيام الساعة ؛ فإنّ لرسول الله صلى الله عليه وسلم ورّاثاً من العلماء والعارفين بالله تعالى ؛ ورثوا عن نبيهم العلم والخلق والإيمان والتقوى , فكانوا خلفاء عنه في الهداية والإرشاد والدعوة إلى الله ؛ يقتبسون من نوره ليضيئوا للإنسانية طريق الحق والرشاد , فمن جالسهم سرى إليه من حالهم الذي اقتبسوه من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ويقول : وهؤلاء الورّاث المرشدون صحبتهم ترياق مجرب , والبعد عنهم سمٌّ قاتل ( هم القوم لا يشقى بهم جليسهم )مرافقتهم هي العلاج العملي لإصلاح النفوس , وتهذيب الأخلاق , وغرس العقيدة , ورسوخ الإيمان لأن هذه الأمور لا تنال بقراءة الكتب , ومطالعة الكراريس إنما هي خصال عملية وجدانية تقتبس بالإقتداء , وتنال بالاستقاء القلبي , والتأثر الروحي .
1.قوله تعالى : { قيل يا نوح اهبط بسلام منّا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثمّ يمسّهم منّا عذاب أليم } .
2.وقاله تعالى : { وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون } .
قال تعالى : وما كان الله ليعذبهم بما سألوه , وأنت فيهم لأنّ العذاب إذا نزل عَمَّ , ولا تعذب أمّة إلا بعد خروج نبيها والمؤمنين منها , وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون حيث يقولون في طوافهم : غفرانك غفرانك , وقيل هم المؤمنون المستضعفون فيهم كما قال تعالى :{ لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليماً } .
تفسير الجلالين
3.{ ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطئوهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم ليدخل الله في رحمته من يشاء لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليماً } .
ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات موجودون بمكة مع الكفار لم تعلموهم بصفة الإيمان أن تطؤوهم ؛ أي تقتلوهم مع الكفار فتصيبكم منهم معرة : أي إثم بغير علم منكم ليدخل الله في رحمته من يشاء كالمؤمنين المذكورين لو تزيلوا :ت ميزوا عن الكفار لعذبنا الذين كفروا منهم من أهل مكة حينئذ بأن نأذن لكم في فتحها عذاباً أليماً مؤلماً .
تفسير الجلالين
1. عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " مثل الجليس الصالح و الجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير , فحامل المسك إمّا أن يحذيك , وإمّا أن تبتاع منه , وإمّا أن تجد منه ريحاً طيبة , ونافخ الكير إمّا أن يحرق ثيابك , وإمّا أن تجد ريحاً خبيثة .
متفق عليه
2. وفي حديث مسلم عن أبي هريرة في باب فضل مجالس الذكر وفي آخر الحديث يقول الله تبارك وتعالى عن أهل مجالس الذكر : هم القوم لا يشقى بهم جليسهم .
3. عن ابن عباس قال : قيل يا رسول الله : أي جلسائنا خير ؟ قال : " من ذكّركم الله رؤيته , وزاد في عملكم منطقه , وذكّركم في الآخرة عمله " .
قال الهيثمي في مجمع الزوائد : رواه أبو يعلى وفيه مبارك بن حسان , وقد وثّق وبقية رجاله رجال الصحيح .
4. عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يأتي على الناس زمان يغزو فئام من الناس , فيقال : من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فيقولون : نعم , فيفتح لهم , ثمّ يغزو فئام من الناس فيقال : من رأى من صَحِبَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فيقولون : نعم , فيفتح لهم , ثمّ يغزو فئام من الناس فيقال لهم : من رأى من صحب من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فيقولون :نعم , فيفتح لهم " .
رواه البخاري في باب من استعان بالضعفاء والصالحين في الحرب ومسلم واللفظ له.. والفئام : هم الجماعة
قال ابن بطال : هو كقوله في الحديث الآخر : " خيركم قرني , ثمّ الذين يلونهم , ثمّ الذين يلونهم " ؛ لأنّه يفتح للصحابة لفضلهم , ثمّ للتابعين لفضلهم , ثمّ لتابعيهم لفضلهم . قال : ولذلك كان الصلاح والفضل والنصر للطبقة الرابعة أقل فكيف بمن بعدهم والله المستعان .
فتح الباري
5. عن واثلة عن النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تزالون بخير ما دام فيكم من رآني وصاحبني , والله لا تزالون بخير ما دام فيكم من رآني وصاحبني " .
أخرجه بن أبي شيبة , وإسناده حسن قاله الحافظ في الفتح
6. عن أبي بردة عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " النجوم أمنة للسماء , فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد , وأنا أمنة لأصحابي , فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون , وأصحابي أمنة لأمتي , فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون " .
رواه مسلم وغيره
7. عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " النجوم أمان لأهل السماء , فإذا ذهبت أتاها ما يوعدون , وأنا أمان لأصحابي ما كنت , فإذا ذهبت أتاهم ما يوعدون , وأهل بيتي أمان لأمتي , فإذا ذهب أهل بيتي أتاهم ما يوعدون " .
رواه الحاكم : وقال صحيح الإسناد
8. عن عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " النظر إلى عليّ عبادة " .
قال الهيثمي في مجمع الزوائد : رواه الطبراني , وفيه أحمد بن بديل اليامي وثّقه ابن حبان , وقال مستقيم الحديث , وابن أبي حاتم وفيه ضعف , وبقية رجاله رجال الصحيح .
9. عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نظر الرجل إلى أخيه على شوق خير من اعتكاف سنة في مسجدي هذا " .
رواه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول , ورواه ابن لال والديلمي باللفظ المذكور عن ابن عمر كما في فيض القدير
· التوسّل بمحبّة الصّالحين :
1. عن أنس بن مالك قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال يا رسول الله : متى الساعة ؟ قال : " وما أعددت للساعة ؟ " قال : حبَّ الله ورسوله . قال : " فإنّك مع من أحببت " . قال أنس : فما فرحنا بعد الإسلام فرحاً أشدَّ من قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : فإنك مع من أحببت ؛ قال أنس : فأنا أحبَّ الله ورسوله وأبا بكر وعمر , فأرجو أن أكون معهم وإن لم أعمل بأعمالهم .
رواه مسلم
2. عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لحسن : " اللهمَّ إني أحبّه فأحبّه , وأحبب من يحبّه " .
رواه البخاري ومسلم واللفظ له
· التوسّل بالأراضي المقدّسة :
1. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : أرسل ملك الموت إلى موسى عليهما السلام فلمّا جاءه صكّه , فرجع إلى ربه , فقال : أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت , فردَّ الله عليه عينه , وقال : ارجع فقل له يضع يده على متن ثور فله بكلِّ ما غطت به يده بكلِّ شعرة سنة . قال : أي رب , ثمَّ ماذا ؟ قال : ثمَّ الموت . قال : فالآن فسأل الله أن يدنيه من الأرض المقدسة رمية بحجر . قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فلو كنت ثمَّ لأريتكم قبره إلى جانب الطريق عند الكثيب الأحمر " .
متفق عليه , رواه البخاري في باب من أحب الدفن في الأرض المقدسة أو نحوها
قال الحافظ في فتح الباري : [ قوله باب من أحب الدفن في الأرض المقدسة أو نحوها : قال الزين بن المنير : المراد بقوله أو نحوها بقية ما تشد إليه الرحال من الحرمين , وكذلك ما يمكن من مدافن الأنبياء , وقبور الشهداء والأولياء تيمّناً بالجوار وتعرّضاً للرحمة النازلة عليهم اقتداء بموسى عليه السلام . انتهى
وهذا بناء على أنّ من الأنبياء الذين دفنوا ببيت المقدس وهو الذي رجحه عياض ] .
أقوال العلماء في التوسّل :
قال العلامة يوسف النبهاني في (شواهد الحق في الاستغاثة بسيّد الخلق): وقد بسط الإمام السبكي نصوص المذاهب الأربعة في استحباب التوسل في كتابه شفاء السقام فراجعه إن شئت…
1. عن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : قال أبي : قال بن عيينة : رجلان صالحان يستسقى بهما ؛ ابن عجلان ويزيد بن يزيد بن جابر .
عن أبي بكر بن أبي الحصيب يقول : ذكر صفوان بن سليم عند أحمد بن حنبل , فقال : هذا رجل يستسقى بحديثه , وينزل القطر من السماء بذكره .
2. الإمام السبكي : [ ويحسن التوسّل والاستعانة والتشفع بالنبيّ إلى ربّه , ولم ينكر ذلك أحد من السلف , ولا من الخلف حتى جاء ابن تيمية فأنكر ذلك , وعدل عن الصراط المستقيم , وابتدع ما لم يقله عالم قبله , وصار بين أهل الإسلام مثله].
3. قال الإمام ابن حجر الهيثمي في الجوهر المنظم :[من خرافات ابن تيمية التي لم يقلها عالم قبله , وصار بها بين أهل الإسلام مثله أنه أنكر الاستغاثة والتوسّل به صلى الله عليه وسلم , وليس ذلك كما أفتى ؛ بل التوسّل به حسن في كلّ حال قبل خلقه وبعد خلقه في الدنيا والآخرة].
4. عن علي بن ميمون قال : سمعت الشافعي يقول : إني لأتبرّك بأبي حنيفة , وأجيء إلى قبره في كلّ يوم ـ يعني زائراً ـ , فإذا عرضت لي حاجة صلّيت ركعتين , وجئت إلى قبره , وسألت الله تعالى الحاجة عنده , فما تبعد عني حتى تقضى .
5. وقد ثبت توسّل الإمام أحمد بالشافعي حتى تعجب منه ابنه عبد الله من ذلك , فقال له الإمام أحمد : إنّ الشافعي كالشمس للناس , وكالعافية للبدن .
ولما بلغ الإمام الشافعي أنّ أهل المغرب يتوسّلون إلى الله تعالى بالإمام مالك لم ينكر عليهم .
وقال أبو الحسن الشاذلي : من كانت له إلى الله تعالى حاجة , وأراد قضاءها فليتوسّل إلى الله تعالى بالإمام الغزالي .
6. الإمام الشيخ عبد القادر الجيلاني في كتابه " الغنية ": ذكر ما يستحب من القول عند زيارة المسجد النبوي والقبر الشريف فذكر الدعاء في حديث الأعمى .
7. يقول الإمام النووي أثناء الكلام عن زيارة القبر الشريف ما نصه: ثمّ يرجع إلى موقفه الأول قبالة وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فيتوسّل به في حقِّ نفسه , ويتشفّع به إلى الله سبحانه وتعالى .
وقال ابن علان في شرحه: لأنّ التوسّل سيرة السلف الصالح الأنبياء والأولياء وغيرهم .
8. قال الإمام القسطلاني في المواهب اللدنية : وينبغي للزائر أن يكثر الدعاء , والتضرّع , والاستغاثة , والتشفّع , والتوسّل به صلى الله عليه وسلم , فجدير بمن استشفع به أن يشفعه الله به .
9. قال الإمام ابن الصلاح في فتاويه -أثناء إجابته على مسألة الفلسفة والمنطق : حتى لقد انتدب بعض العلماء لاستقصائها- أي استقصاء معجزات النبي صلى الله عليه وسلم-فجمع منها ألف معجزة , وعددناه مقصّراً ؛ إذ فوق ذلك بأعداد لا تحصى , فإنها ليست محصورة على ما وجد منها في عصره صلى الله عليه وسلم ؛ بل لم تزل تتجدد بعده صلى الله عليه وسلم على تعاقب العصور , وذلك أنّ كرامات الأولياء من أمته , وإجابات المتوسّلين به في حوائجهم ومغوثاتهم عقيب توسّلهم به في شدائدهم براهين له صلى الله عليه وسلم قواطع , ومعجزات له سواطع , ولا يعدها عد ولا يحصرها حد .
10.قال ابن مفلح الحنبلي في الفروع: ويجوز التوسّل بصالح , وقيل يستحب . قال أحمد في منسكه الذي كتبه للمروزي: إنه يتوسّل بالنبي صلى الله عليه وسلم في دعائه , وجزم به في المستوعب وغيره .
11.قال الإمام القرطبي في تفسيره : حشرنا الله في زمرته - يعني النبي صلى الله عليه وسلم - ولا حاد بنا عن طريقته وملته بحقّ محمّد وآله .
12.روى ابن المبارك عن سعيد بن المسيب : ليس من يوم إلا ويعرض على النبي صلى الله عليه وسلم أعمال أمته غدوة وعشية , فيعرفهم بسيماهم , وأعمالهم فلذلك يشهد عليهم .
13.قال ابن قدامة الحنبلي في المغني في صفة زيارته صلى الله عليه وسلم : تأتي القبر فتولي ظهرك القبلة , وتستقبل وسطه , وتقول : السلام عليك أيها النبي ورحمة اله وبركاته ... إلى أن قال : اللهمَّ إنك قلت وقولك الحقّ { ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً } وقد أتيتك مستغفراً من ذنوبي مستشفعاً بك إلى ربي.
14.قال الإمام الشرنبلالي الحنفي : وأمّا التوسّل بالأنبياء والأولياء ؛ فجائز إذ لا يشكّ في مسلم أنّه يعتقد في سيّدي أحمد أو غيره من الأولياء أنّ له إيجاد شيء من قضاء مصلحة أو غيرها إلا بإرادة الله تعالى وقدرته .
15.ذكر ابن الجوزي في صفة الصفوة أنّه كان إبراهيم الحربي يقول : قبر معروف الكرخي الترياق المجرب , كما ذكره ابن الجوزي في سير أعلام النبلاء , وقال عن السيدة نفيسة : الدعاء مستجاب عند قبرها ,وعند قبور الأنبياء والصالحين .
16.قال العلامة الشهاب الرملي : وللرسل والأنبياء والأولياء إغاثة بعد موتهم لأنّ معجزة الأنبياء والأولياء لا تنقطع بعد وفاتهم , أمّا الأنبياء فإنهم أحياء في قبورهم يصلّون , ويحجّون كما وردت الأخبار , فتكون الإغاثة منهم معجزة لهم , والشهداء أيضاً أحياء شوهدوا نهاراً جهاراً يقاتلون الكفار , وأمّا الأولياء فهي كرامة لهم .
17.قال السمهودي في الوفاء : اعلم أنّ الاستغاثة والتشفّع بالنبي صلى الله عليه وسلم , وبجاهه , وببركته إلى ربه من فعل الأنبياء والمرسلين , وسنن السلف الصالحين واقع من كلّ حال قبل خلقه صلى الله عليه وسلم , وبعد خلقه في حياته الدنيوية , ومدّة البرزخ وعرصات القيامة .
18.قال ابن تيمية في التوسّل والوسيلة : هذا الدعاء - يعني دعاء التوسّل بالنبي - ونحوه قد روي أنّه دعا به السلف , ونقل عن أحمد بن حنبل في منسك المروزي التوسّل بالنبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء .
وقال : والسؤال – أي بالمخلوق - فهذا جوّزه طائفة من الناس , ونقل ذلك عن بعض السلف , وهو موجود في دعاء كثير من الناس .
19.قال ابن قيم الجوزية في كتابه الروح : إنّ للروح المطلقة من أسر البدن وعلائقه وعوائقه في التصرّف والقوّة والنفاذ والهمّة ما ليس للروح المهينة المحبوسة في علائق البدن وعوائقه ؛ بسبب انغماسها في شهواتها , فإذا كان هذا في عوالم الحياة الأرضية وهي محبوسة في بدنها , فكيف إذا تجردت عنه وفارقته واجتمعت فيها قواها , وقد تواردت الرؤى في أصناف بني آدم على فعل الأرواح بعد الموت أفعالاً لا تقدر عليه حال انفصالها في بالبدن , وهي هزيمة الجيوش الكثيرة بالواحد , والفيالق بالعدد القليل جداً ونحو ذلك , وقد رُئِي النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما في النوم قد هزمت أرواحهم عساكر الكفر والظلم , فإذا جيوشهم مغلوبة مكسورة مع كثرة عددهم , وضعف المؤمنين وقلتهم .
20.قال العلامة علي القاري الحنفي في فتح باب العناية : وقد عدّ من آداب الدعاء التوسّل بالأنبياء والأولياء على ما في الحصن الحصين [كما نقله خاتمة المحققين ابن عابدين ] .
21.قال العارف بالله عبد الغني النابلسي في جمع الأسرار : التوسّل بالأنبياء والأولياء جائز وارد عن السلف والخلف سواء كانوا أحياء أم أمواتاً , ولا ينكر ذلك إلا من ابتلي بالحرمان وسوء العقيدة .
22.قال الآلوسي في تفسيره على الآية { وابتغوا إليه الوسيلة }: أنا لا أرى بأساً في التوسّل إلى الله تعالى بجاه النبي صلى الله عليه وسلم عند الله تعالى حياً وميتاً . وقال : التوسّل بجاه غير النبي صلى الله عليه وسلم لا بأس به أيضاً إن كان المتوسّل ممن علم أن له جاهاً عند الله تعالى كالمقطوع بصلاحه وولايته .
23.قال الشوكاني في " تحفة الذاكرين " : وفي الحديث- يعني حديث الأعمى - دليل على جواز التوسّل برسول الله إلى الله عزّ وجلّ مع اعتقاد أنّ الفاعل هو الله سبحانه وتعالى , وأنه المعطي المانع ما شاء كان , وما لم يشأ لم يكن .
24.قال العلامة الكوثري في محق التقوّل في مسألة التوسّل : قد جرى عمل الأمة على التوسّل , والزيارة إلى أن ابتدع ذلك الحراني ( يعني ابن تيمية رحمه الله ) .
· قصص العلماء مع التوسّل :
1. عن ابن حميد قال : ناظر أبو جعفر أمير المؤمنين مالكاً في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال له مالك : يا أمير المؤمنين لا ترفع صوتك في هذا المسجد , فإنّ الله تعالى أدب قوماً , فقال : {لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي },ومدح قوماً , فقال :{إنّ الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله },وذمَّ أقواماً , فقال : { إنّ الذين ينادونك من وراء الحجرات }, وإن حرمته ميتاً كحرمته حيّاً , فاستكان لها أبو جعفر , وقال : يا أبا عبد الله أستقبل القبلة وأدعو , أم أستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم إلى الله يوم القيامة ؟! بل استقبله واستشفع به , فيشفعك الله ؛ قال الله تعالى : {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك}.
روى القصّة القاضي في الشفا , وقال العلامة النبهاني في شواهد الحق : ذكره القاضي عياض في الشفاء , وساقه بإسناد صحيح , وذكره السبكي في شفاء السقام , والسيد السمهودي في خلاصة الوفا , والعلامة القسطلاني في المواهب اللدنية , والعلامة ابن حجر في تحفة الزوار والجوهر المنظم , وذكره كثير من أرباب المناسك في آداب زيارة النبي صلى الله عليه وسلم . قال ابن حجر في الجوهر المنظم : رواية ذلك عن الإمام مالك جاءت بالسند الصحيح الذي لا مطعن فيه , وقال الزرقاني في شرح المواهب : ورواها ابن فهد بإسناد جيد , ورواها القاضي عياض في الشفاء بإسناد صحيح , وقال الكوثري في محق التقوّل : سنده جيد .
2. روى الذهبي في تاريخ الإسلام : أنّّّّّ أحمد بن حنبل وقعت له ثلاث شعرات من شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم , فأوصى أن توضع اثنتان على جبينه وواحدة على لسانه .
3. قال عبد الله بن موسى : خرجت أنا وأبي في ليلة مظلمة نزور أحمد , فاشتدت الظلمة ، فقال أبي : يا بني ، تعال نتوسّل إلى الله عزّ وجلّ بهذا العبد الصالح , فدعا أبي ، فأضاءت السماء كأنها ليلة مقمرة حتى وصلنا إليه .
مناقب الإمام أحمد
4. قال الحافظ أبو بكر بن المقرئ في مسند أصبهان : كنت أنا والطبراني وأبو الشيخ في مدينة النبي صلى الله عليه وسلم , فضاق بنا الوقت فواصلنا ذلك اليوم , فلمّا كان وقت العشاء أتيت إلى القبر الشريف وقلت : يا رسول الله الجوع , فقال لي الطبراني : اجلس ؛ فإمّا أن يكون الرزق أو الموت , فقمت أنا وأبو الشيخ , فحضر الباب عَلَوي , ففتحنا له فإذا معه غلامان بزنبيلين فيهما شيء كثير , فقال شكوتم إلى النبي صلى الله عليه وسلم ؟ فإني رأيته فأمرني بحمل شيء إليكم .
ذكر هذه الحادثة الحافظ السخاوي في القول البديع , والذهبي في سير أعلام النبلاء , وابن الجوزي في الوفا [وابن المقري والطبراني وأبو الشيخ كلّهم من كبار الحفّاظ المشهورين ] .
5. عن الحسن البصري قال: وقف حاتم الأصم على قبره صلى الله عليه وسلم , فقال : يا رب إنا زرنا قبر نبيّك , فلا تردنا خائبين , فنودي يا هذا ما أذنا لك في زيارة قبر حبيبنا إلا وقد قبلناك , فارجع أنت ومن معك من الزوار مغفوراً لكم .
6. قال ابن محمد بن المنكدر :إنّ رجلاً من أهل اليمن أودع أباه ثمانين ديناراً , وخرج الرجل يريد الجهاد , وقال له : إن احتجت إليها فأنفقها إلى أن آتي إن شاء الله ، قال : وخرج الرجل وأصاب أهل المدينة سنة وجهد ؛ قال : فأخرجها أبي فقسمها ؛ قال : فلم يلبث الرجل أن قدم فطلب ماله , فقال له أبي : عد إلي غداً ؛ قال : فبات بالمسجد متلوّذاً بقبر النبي صلى الله عليه وسلم مرة , وبمنبره مرة حتى كاد يصبح , فإذا شخص في السواد يقول له : دونكها يا محمد , فمدَّ يده , فإذا صرّة فيها ثمانون ديناراً , قال : فغدا عليه الرجل فدفعها إليه .
7. ذكر العلامة السيد طاهر بن محمد هاشم باعلوي في كتابه ( مجمع الأحباب ) في ترجمة أبي عيسى الإمام الترمذي : أنه رأى في المنام ربَّ العزّة , فسأله عمّا يحفظ عليه الإيمان , ويتوفّاه عليه , قال : فقال لي : قل بعد صلاة ركعتي الفجر قبل صلاة فرض الصبح : " إلهي بحرمة الحسن وأخيه , وجدّه وبنيه , وأمّه وأبيه ؛ نجني من الغمِّ الذي أنا فيه , يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام ؛ أسألك أن تحيي قلبي بنور معرفتك , يا الله يا الله يا الله , يا أرحم الراحمين " , فكان الإمام الترمذي يقول ذلك دائماً بعد صلاة الصبح , ويأمر أصحابه به , ويحثّهم على المواظبة عليه .
8. قال ابن الجلاء: جئت مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبي فاقة , فتقدّمت إلى القبر , وقلت : ضيفك , فغفوت , فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم , فأعطاني رغيفاً , فأكلت نصفه , وانتبهت وبيدي النصف الآخر .
9. عن قرّة بن قيس التميمي قال: فما نسيت من الأشياء لا أنسى قول زينب ابنة فاطمة حين مرّت بأخيها الحسين صريعاً ؛ وهي تقول : يا محمّداه يا محمّداه صلّى عليك ملائكة السماء ؛ هذا الحسين بالعراء ؛ مزمّل بالدّماء ؛ مقطّع الأعضاء يا محمّداه .
10.عن أبي الربيع بن سالم قال : صادف وقت وفاة أبي محمد بن عبيد الله قحط , فلمّا وضعت جنازته توسّلوا به إلى الله فسقوا , وما اختلف النّاس إلى قبره مدّة الأسبوع إلا في الوحل .
رواها الذهبي في سير أعلام النبلاء , وقال عنه الذهبي : الشيخ الإمام العلامة المعمر المقريء المجوّد المحدّث الحافظ الحجة شيخ الإسلام أبو محمد .
11.ذكر الحافظ ابن عساكر في تاريخه بسنده عن أبي القاسم البغدادي قال: أنّه رأى رجلاً بمدينة رسول الله أذن للصبح عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم , فقال فيه : الصلاة خير من النوم مرّتين , فجاءه خادم من خدم المسجد , فلطمه حين سمع ذلك , فبكى الرجل وقال : يا رسول الله في حضرتك يفعل بي هذا الفعل , ففلج الخادم , وحمل إلى داره , فمكث ثلاثة أيام ومات .
12.وقد ذكر الحافظ الضياء المقدسي في الحكايات المنثورة سماعاً عن الحافظ عبد الغني المقدسي : أنّه تمسّح بقبر أحمد للاستشفاء لدمامل أعيا الأطباء .
13.قال الإمام القسطلاني في كتابه المواهب اللدنية : وأمّا التوسّل به صلى الله عليه وسلم بعد موته في البرزخ , فهو أكثر من أن يحصى أو يدرك باستقصاء,ولقد كان حصل لي داء أعيا دواؤه الأطباء , وأقمت به سنين , فاستغثت به صلى الله عليه وسلم بمكة , فبينما أنا نائم إذ جاء رجل معه قرطاس مكتوب فيه هذا دواء داء أحمد بن القسطلاني من الحضرة الشريفة بعد الإذن الشريف , ثمّ استيقظت فلم أجد بي والله شيئاً ممّا كنت أجده , وحصل الشفاء ببركة النبي صلى الله عليه وسلم .
وهناك الكثير من هذه القصص في ( مصباح الظلام في التوسّل بخير الأنام في اليقظة والمنام ) للتلمساني , و ( وفاء الوفاء ) للسمهودي
قال العلامة يوسف النبهاني في (شواهد الحق في الاستغاثة بسيّد الخلق): وقد بسط الإمام السبكي نصوص المذاهب الأربعة في استحباب التوسل في كتابه شفاء السقام فراجعه إن شئت…
1. عن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : قال أبي : قال بن عيينة : رجلان صالحان يستسقى بهما ؛ ابن عجلان ويزيد بن يزيد بن جابر .
العلل ومعرفة الرجال لأحمد بن حنبل
عن أبي بكر بن أبي الحصيب يقول : ذكر صفوان بن سليم عند أحمد بن حنبل , فقال : هذا رجل يستسقى بحديثه , وينزل القطر من السماء بذكره .
تهذيب التهذيب للحافظ ابن حجر
2. الإمام السبكي : [ ويحسن التوسّل والاستعانة والتشفع بالنبيّ إلى ربّه , ولم ينكر ذلك أحد من السلف , ولا من الخلف حتى جاء ابن تيمية فأنكر ذلك , وعدل عن الصراط المستقيم , وابتدع ما لم يقله عالم قبله , وصار بين أهل الإسلام مثله].
فيض القدير
3. قال الإمام ابن حجر الهيثمي في الجوهر المنظم :[من خرافات ابن تيمية التي لم يقلها عالم قبله , وصار بها بين أهل الإسلام مثله أنه أنكر الاستغاثة والتوسّل به صلى الله عليه وسلم , وليس ذلك كما أفتى ؛ بل التوسّل به حسن في كلّ حال قبل خلقه وبعد خلقه في الدنيا والآخرة].
شواهد الحق في الاستغاثة بسيّد الخلق
4. عن علي بن ميمون قال : سمعت الشافعي يقول : إني لأتبرّك بأبي حنيفة , وأجيء إلى قبره في كلّ يوم ـ يعني زائراً ـ , فإذا عرضت لي حاجة صلّيت ركعتين , وجئت إلى قبره , وسألت الله تعالى الحاجة عنده , فما تبعد عني حتى تقضى .
رواه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد , كما ذكره ابن حجر في الخيرات الحسان , وقال الكوثري : سنده صحيح .
5. وقد ثبت توسّل الإمام أحمد بالشافعي حتى تعجب منه ابنه عبد الله من ذلك , فقال له الإمام أحمد : إنّ الشافعي كالشمس للناس , وكالعافية للبدن .
ولما بلغ الإمام الشافعي أنّ أهل المغرب يتوسّلون إلى الله تعالى بالإمام مالك لم ينكر عليهم .
وقال أبو الحسن الشاذلي : من كانت له إلى الله تعالى حاجة , وأراد قضاءها فليتوسّل إلى الله تعالى بالإمام الغزالي .
شواهد الحق في الاستغاثة بسيّد الخلق
6. الإمام الشيخ عبد القادر الجيلاني في كتابه " الغنية ": ذكر ما يستحب من القول عند زيارة المسجد النبوي والقبر الشريف فذكر الدعاء في حديث الأعمى .
7. يقول الإمام النووي أثناء الكلام عن زيارة القبر الشريف ما نصه: ثمّ يرجع إلى موقفه الأول قبالة وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فيتوسّل به في حقِّ نفسه , ويتشفّع به إلى الله سبحانه وتعالى .
وقال ابن علان في شرحه: لأنّ التوسّل سيرة السلف الصالح الأنبياء والأولياء وغيرهم .
8. قال الإمام القسطلاني في المواهب اللدنية : وينبغي للزائر أن يكثر الدعاء , والتضرّع , والاستغاثة , والتشفّع , والتوسّل به صلى الله عليه وسلم , فجدير بمن استشفع به أن يشفعه الله به .
شواهد الحق في الاستغاثة بسيّد الخلق
9. قال الإمام ابن الصلاح في فتاويه -أثناء إجابته على مسألة الفلسفة والمنطق : حتى لقد انتدب بعض العلماء لاستقصائها- أي استقصاء معجزات النبي صلى الله عليه وسلم-فجمع منها ألف معجزة , وعددناه مقصّراً ؛ إذ فوق ذلك بأعداد لا تحصى , فإنها ليست محصورة على ما وجد منها في عصره صلى الله عليه وسلم ؛ بل لم تزل تتجدد بعده صلى الله عليه وسلم على تعاقب العصور , وذلك أنّ كرامات الأولياء من أمته , وإجابات المتوسّلين به في حوائجهم ومغوثاتهم عقيب توسّلهم به في شدائدهم براهين له صلى الله عليه وسلم قواطع , ومعجزات له سواطع , ولا يعدها عد ولا يحصرها حد .
10.قال ابن مفلح الحنبلي في الفروع: ويجوز التوسّل بصالح , وقيل يستحب . قال أحمد في منسكه الذي كتبه للمروزي: إنه يتوسّل بالنبي صلى الله عليه وسلم في دعائه , وجزم به في المستوعب وغيره .
11.قال الإمام القرطبي في تفسيره : حشرنا الله في زمرته - يعني النبي صلى الله عليه وسلم - ولا حاد بنا عن طريقته وملته بحقّ محمّد وآله .
12.روى ابن المبارك عن سعيد بن المسيب : ليس من يوم إلا ويعرض على النبي صلى الله عليه وسلم أعمال أمته غدوة وعشية , فيعرفهم بسيماهم , وأعمالهم فلذلك يشهد عليهم .
شواهد الحق في الاستغاثة بسيّد الخلق
13.قال ابن قدامة الحنبلي في المغني في صفة زيارته صلى الله عليه وسلم : تأتي القبر فتولي ظهرك القبلة , وتستقبل وسطه , وتقول : السلام عليك أيها النبي ورحمة اله وبركاته ... إلى أن قال : اللهمَّ إنك قلت وقولك الحقّ { ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً } وقد أتيتك مستغفراً من ذنوبي مستشفعاً بك إلى ربي.
14.قال الإمام الشرنبلالي الحنفي : وأمّا التوسّل بالأنبياء والأولياء ؛ فجائز إذ لا يشكّ في مسلم أنّه يعتقد في سيّدي أحمد أو غيره من الأولياء أنّ له إيجاد شيء من قضاء مصلحة أو غيرها إلا بإرادة الله تعالى وقدرته .
جمع الأسرار للعارف بالله عبد الغني النابلسي
15.ذكر ابن الجوزي في صفة الصفوة أنّه كان إبراهيم الحربي يقول : قبر معروف الكرخي الترياق المجرب , كما ذكره ابن الجوزي في سير أعلام النبلاء , وقال عن السيدة نفيسة : الدعاء مستجاب عند قبرها ,وعند قبور الأنبياء والصالحين .
16.قال العلامة الشهاب الرملي : وللرسل والأنبياء والأولياء إغاثة بعد موتهم لأنّ معجزة الأنبياء والأولياء لا تنقطع بعد وفاتهم , أمّا الأنبياء فإنهم أحياء في قبورهم يصلّون , ويحجّون كما وردت الأخبار , فتكون الإغاثة منهم معجزة لهم , والشهداء أيضاً أحياء شوهدوا نهاراً جهاراً يقاتلون الكفار , وأمّا الأولياء فهي كرامة لهم .
جمع الأسرار للعارف بالله عبد الغني النابلسي
17.قال السمهودي في الوفاء : اعلم أنّ الاستغاثة والتشفّع بالنبي صلى الله عليه وسلم , وبجاهه , وببركته إلى ربه من فعل الأنبياء والمرسلين , وسنن السلف الصالحين واقع من كلّ حال قبل خلقه صلى الله عليه وسلم , وبعد خلقه في حياته الدنيوية , ومدّة البرزخ وعرصات القيامة .
18.قال ابن تيمية في التوسّل والوسيلة : هذا الدعاء - يعني دعاء التوسّل بالنبي - ونحوه قد روي أنّه دعا به السلف , ونقل عن أحمد بن حنبل في منسك المروزي التوسّل بالنبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء .
وقال : والسؤال – أي بالمخلوق - فهذا جوّزه طائفة من الناس , ونقل ذلك عن بعض السلف , وهو موجود في دعاء كثير من الناس .
19.قال ابن قيم الجوزية في كتابه الروح : إنّ للروح المطلقة من أسر البدن وعلائقه وعوائقه في التصرّف والقوّة والنفاذ والهمّة ما ليس للروح المهينة المحبوسة في علائق البدن وعوائقه ؛ بسبب انغماسها في شهواتها , فإذا كان هذا في عوالم الحياة الأرضية وهي محبوسة في بدنها , فكيف إذا تجردت عنه وفارقته واجتمعت فيها قواها , وقد تواردت الرؤى في أصناف بني آدم على فعل الأرواح بعد الموت أفعالاً لا تقدر عليه حال انفصالها في بالبدن , وهي هزيمة الجيوش الكثيرة بالواحد , والفيالق بالعدد القليل جداً ونحو ذلك , وقد رُئِي النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما في النوم قد هزمت أرواحهم عساكر الكفر والظلم , فإذا جيوشهم مغلوبة مكسورة مع كثرة عددهم , وضعف المؤمنين وقلتهم .
20.قال العلامة علي القاري الحنفي في فتح باب العناية : وقد عدّ من آداب الدعاء التوسّل بالأنبياء والأولياء على ما في الحصن الحصين [كما نقله خاتمة المحققين ابن عابدين ] .
21.قال العارف بالله عبد الغني النابلسي في جمع الأسرار : التوسّل بالأنبياء والأولياء جائز وارد عن السلف والخلف سواء كانوا أحياء أم أمواتاً , ولا ينكر ذلك إلا من ابتلي بالحرمان وسوء العقيدة .
22.قال الآلوسي في تفسيره على الآية { وابتغوا إليه الوسيلة }: أنا لا أرى بأساً في التوسّل إلى الله تعالى بجاه النبي صلى الله عليه وسلم عند الله تعالى حياً وميتاً . وقال : التوسّل بجاه غير النبي صلى الله عليه وسلم لا بأس به أيضاً إن كان المتوسّل ممن علم أن له جاهاً عند الله تعالى كالمقطوع بصلاحه وولايته .
23.قال الشوكاني في " تحفة الذاكرين " : وفي الحديث- يعني حديث الأعمى - دليل على جواز التوسّل برسول الله إلى الله عزّ وجلّ مع اعتقاد أنّ الفاعل هو الله سبحانه وتعالى , وأنه المعطي المانع ما شاء كان , وما لم يشأ لم يكن .
24.قال العلامة الكوثري في محق التقوّل في مسألة التوسّل : قد جرى عمل الأمة على التوسّل , والزيارة إلى أن ابتدع ذلك الحراني ( يعني ابن تيمية رحمه الله ) .
· قصص العلماء مع التوسّل :
1. عن ابن حميد قال : ناظر أبو جعفر أمير المؤمنين مالكاً في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال له مالك : يا أمير المؤمنين لا ترفع صوتك في هذا المسجد , فإنّ الله تعالى أدب قوماً , فقال : {لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي },ومدح قوماً , فقال :{إنّ الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله },وذمَّ أقواماً , فقال : { إنّ الذين ينادونك من وراء الحجرات }, وإن حرمته ميتاً كحرمته حيّاً , فاستكان لها أبو جعفر , وقال : يا أبا عبد الله أستقبل القبلة وأدعو , أم أستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم إلى الله يوم القيامة ؟! بل استقبله واستشفع به , فيشفعك الله ؛ قال الله تعالى : {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك}.
روى القصّة القاضي في الشفا , وقال العلامة النبهاني في شواهد الحق : ذكره القاضي عياض في الشفاء , وساقه بإسناد صحيح , وذكره السبكي في شفاء السقام , والسيد السمهودي في خلاصة الوفا , والعلامة القسطلاني في المواهب اللدنية , والعلامة ابن حجر في تحفة الزوار والجوهر المنظم , وذكره كثير من أرباب المناسك في آداب زيارة النبي صلى الله عليه وسلم . قال ابن حجر في الجوهر المنظم : رواية ذلك عن الإمام مالك جاءت بالسند الصحيح الذي لا مطعن فيه , وقال الزرقاني في شرح المواهب : ورواها ابن فهد بإسناد جيد , ورواها القاضي عياض في الشفاء بإسناد صحيح , وقال الكوثري في محق التقوّل : سنده جيد .
2. روى الذهبي في تاريخ الإسلام : أنّّّّّ أحمد بن حنبل وقعت له ثلاث شعرات من شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم , فأوصى أن توضع اثنتان على جبينه وواحدة على لسانه .
3. قال عبد الله بن موسى : خرجت أنا وأبي في ليلة مظلمة نزور أحمد , فاشتدت الظلمة ، فقال أبي : يا بني ، تعال نتوسّل إلى الله عزّ وجلّ بهذا العبد الصالح , فدعا أبي ، فأضاءت السماء كأنها ليلة مقمرة حتى وصلنا إليه .
مناقب الإمام أحمد
4. قال الحافظ أبو بكر بن المقرئ في مسند أصبهان : كنت أنا والطبراني وأبو الشيخ في مدينة النبي صلى الله عليه وسلم , فضاق بنا الوقت فواصلنا ذلك اليوم , فلمّا كان وقت العشاء أتيت إلى القبر الشريف وقلت : يا رسول الله الجوع , فقال لي الطبراني : اجلس ؛ فإمّا أن يكون الرزق أو الموت , فقمت أنا وأبو الشيخ , فحضر الباب عَلَوي , ففتحنا له فإذا معه غلامان بزنبيلين فيهما شيء كثير , فقال شكوتم إلى النبي صلى الله عليه وسلم ؟ فإني رأيته فأمرني بحمل شيء إليكم .
ذكر هذه الحادثة الحافظ السخاوي في القول البديع , والذهبي في سير أعلام النبلاء , وابن الجوزي في الوفا [وابن المقري والطبراني وأبو الشيخ كلّهم من كبار الحفّاظ المشهورين ] .
5. عن الحسن البصري قال: وقف حاتم الأصم على قبره صلى الله عليه وسلم , فقال : يا رب إنا زرنا قبر نبيّك , فلا تردنا خائبين , فنودي يا هذا ما أذنا لك في زيارة قبر حبيبنا إلا وقد قبلناك , فارجع أنت ومن معك من الزوار مغفوراً لكم .
شواهد الحق في الاستغاثة بسيّد الخلق
6. قال ابن محمد بن المنكدر :إنّ رجلاً من أهل اليمن أودع أباه ثمانين ديناراً , وخرج الرجل يريد الجهاد , وقال له : إن احتجت إليها فأنفقها إلى أن آتي إن شاء الله ، قال : وخرج الرجل وأصاب أهل المدينة سنة وجهد ؛ قال : فأخرجها أبي فقسمها ؛ قال : فلم يلبث الرجل أن قدم فطلب ماله , فقال له أبي : عد إلي غداً ؛ قال : فبات بالمسجد متلوّذاً بقبر النبي صلى الله عليه وسلم مرة , وبمنبره مرة حتى كاد يصبح , فإذا شخص في السواد يقول له : دونكها يا محمد , فمدَّ يده , فإذا صرّة فيها ثمانون ديناراً , قال : فغدا عليه الرجل فدفعها إليه .
شواهد الحق في الاستغاثة بسيّد الخلق
7. ذكر العلامة السيد طاهر بن محمد هاشم باعلوي في كتابه ( مجمع الأحباب ) في ترجمة أبي عيسى الإمام الترمذي : أنه رأى في المنام ربَّ العزّة , فسأله عمّا يحفظ عليه الإيمان , ويتوفّاه عليه , قال : فقال لي : قل بعد صلاة ركعتي الفجر قبل صلاة فرض الصبح : " إلهي بحرمة الحسن وأخيه , وجدّه وبنيه , وأمّه وأبيه ؛ نجني من الغمِّ الذي أنا فيه , يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام ؛ أسألك أن تحيي قلبي بنور معرفتك , يا الله يا الله يا الله , يا أرحم الراحمين " , فكان الإمام الترمذي يقول ذلك دائماً بعد صلاة الصبح , ويأمر أصحابه به , ويحثّهم على المواظبة عليه .
شواهد الحق في الاستغاثة بسيّد الخلق
8. قال ابن الجلاء: جئت مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبي فاقة , فتقدّمت إلى القبر , وقلت : ضيفك , فغفوت , فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم , فأعطاني رغيفاً , فأكلت نصفه , وانتبهت وبيدي النصف الآخر .
ذكر القصة ابن الجوزي في الوفا والتلمساني في مصباح الظلام
9. عن قرّة بن قيس التميمي قال: فما نسيت من الأشياء لا أنسى قول زينب ابنة فاطمة حين مرّت بأخيها الحسين صريعاً ؛ وهي تقول : يا محمّداه يا محمّداه صلّى عليك ملائكة السماء ؛ هذا الحسين بالعراء ؛ مزمّل بالدّماء ؛ مقطّع الأعضاء يا محمّداه .
رواه الطبري في تاريخه , وابن كثير في البداية النهاية
10.عن أبي الربيع بن سالم قال : صادف وقت وفاة أبي محمد بن عبيد الله قحط , فلمّا وضعت جنازته توسّلوا به إلى الله فسقوا , وما اختلف النّاس إلى قبره مدّة الأسبوع إلا في الوحل .
رواها الذهبي في سير أعلام النبلاء , وقال عنه الذهبي : الشيخ الإمام العلامة المعمر المقريء المجوّد المحدّث الحافظ الحجة شيخ الإسلام أبو محمد .
11.ذكر الحافظ ابن عساكر في تاريخه بسنده عن أبي القاسم البغدادي قال: أنّه رأى رجلاً بمدينة رسول الله أذن للصبح عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم , فقال فيه : الصلاة خير من النوم مرّتين , فجاءه خادم من خدم المسجد , فلطمه حين سمع ذلك , فبكى الرجل وقال : يا رسول الله في حضرتك يفعل بي هذا الفعل , ففلج الخادم , وحمل إلى داره , فمكث ثلاثة أيام ومات .
12.وقد ذكر الحافظ الضياء المقدسي في الحكايات المنثورة سماعاً عن الحافظ عبد الغني المقدسي : أنّه تمسّح بقبر أحمد للاستشفاء لدمامل أعيا الأطباء .
شواهد الحق في الاستغاثة بسيّد الخلق
13.قال الإمام القسطلاني في كتابه المواهب اللدنية : وأمّا التوسّل به صلى الله عليه وسلم بعد موته في البرزخ , فهو أكثر من أن يحصى أو يدرك باستقصاء,ولقد كان حصل لي داء أعيا دواؤه الأطباء , وأقمت به سنين , فاستغثت به صلى الله عليه وسلم بمكة , فبينما أنا نائم إذ جاء رجل معه قرطاس مكتوب فيه هذا دواء داء أحمد بن القسطلاني من الحضرة الشريفة بعد الإذن الشريف , ثمّ استيقظت فلم أجد بي والله شيئاً ممّا كنت أجده , وحصل الشفاء ببركة النبي صلى الله عليه وسلم .
شواهد الحق في الاستغاثة بسيّد الخلق
وهناك الكثير من هذه القصص في ( مصباح الظلام في التوسّل بخير الأنام في اليقظة والمنام ) للتلمساني , و ( وفاء الوفاء ) للسمهودي
توسّل العلماء في شعرهم :
1. عن أبي إسحاق القرشي قال : كان عندنا رجل بالمدينة إذا رأى منكراً لا يمكنه أن يغيره أتى القبر فقال:
أيا قبر النبي وصاحبيه = ألا يا غوثنا لو تعلمونا
2. يقول عباس بن عتبة بن أبي لهب :
بعمي سقى الله الحجاز وأهله = عشية يستسقي بشيبته عمر
توجّه بالعبّاس في الجدب راغباً = إليه فما إن رام حتى أتى المطر
ومنّا رسول الله فينا تراثه = فهل فوق هذا للمفاخر مفتخر
3. قال حسان بن ثابت في ذلك :
سأل الإمام وقد تتابع جدبنا = فسقى الغمام بغرّة العبّاس
عم النبيّ وصنو والده الذي = ورث النبيّ بذاك دون النّاس
أحيا الإله به البلاد فأصبحت = مخضرّة الأجناب بعد إلياس
4. قال حسان بن ثابت:
يا ركن معتمد وعصمة لائذ = وملاذ منتجع وجار مجاور
يا من تخيره الإله لخلقه = فحباه بالخلق الزكي الطاهر
أنت النبيُّ وخير عصبة آدم = يا من تجود كفيض بحر زاخر
ميكال معك وجبرئيل كلاهما = مدد لنصرك من عزيز قاهر
5. سواد بن قارب الصحابي:
فكن لي شفيعاً يوم لا ذوو شفاعة = سواك بمغن عن سواد بن قارب
6. مازن بن العضوب الصحابي:
إليك رسول الله خبت مطيتي = تجوب الفيافي من عمان إلى العرج
لتشفع لي يا خير من وطئ الحصى = فيغفر لي ربي فأرجع بالفلج
7. صفيّة بنت عبد المطلب :
ألا يا رسول الله كنت رجاءنا = وكنت بنا برّاً ولم تك جافيا
8. الإمام الشافعي [ذكره ابن حجر في الصواعق المحرقة] :
آل النبي ذريعتي = وهم إلى الله وسيلتي
أرجو بهم أعطى غداً = بيد اليمين صحيفتي
9. الإمام زكي الدين عبد العظيم " مصباح الظلام ":
ونجّا أباه آدم من خطيئة له = أصبحت عن جنّة الخلد تُبعِد
ونجا نوح من السفين بنوره = غداة التقى الماءان والموج يزبد
وقد سأل الله العظيم خليله = به إذا عدواً جاحماً يتوقد
10.ابن الفارض:
يا آل ودّي أنتم أملي ومن = ناداكم يا آل ودّي قد كُفي
عودوا لما كنتم عليه من الوفا = كرماً فإني ذلك الخلُّ الوفي
11.الإمام البوصيري من قصيدة البردة:
يا أكرم الرّسل مالي من ألوذ به = سواك عند حلول الحادث العمم
ولن يضيق رسول الله جاهك بي = إذا الكريم تجلّى باسم منتقم
فإنّ من جودك الدنيا وضرّتها = ومن علومك علم اللوح والقلم
12.الإمام الغزالي كما في " شواهد الحق ":
يا ربِّ بهم وبآلهم = عجّل بالنصر وبالفرج
واجعل ذكر الإخلاص لنا = يحيي قلباً يا ذا الفرج
13.الإمام كمال الدين بن الزملكاني الشافعي كما في " شواهد الحق " :
يا صاحب الجاه عند الله خالقه = ما ردّ جاهك إلا كلّ أفاّك
أنت الوجيه على رغم العدا أبداً = أنت الشّفيع لفتّاك ونسّاك
قد قيدتني ذنوب عن بلوغ مدى = قصدي إلى الفوز منها فهي أشراكي
فاستغفر الله لي واسأله عصمته = فيما بقي وغنى من غير إمساك
14.الإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني ( من ديوانه ) كما في "شواهد الحق" :
نبيَّ الله يا خير البرايا = بجاهك أتّقي فصل القضاء
وأرجو يا كريم العفو عمّا = جنته يداي يا ربَّ الحباء
فقل لي يا أحمد بن علي اذهب = إلى دار النّعيم بلا شقاء
15.الإمام ابن دقيق العيد كما في " شواهد الحق " :
يا رسول المليك دعوة من زا = د به شوقه وصحَّ وداده
لك أشكو حالاً من الدّين والدنيا = شديد غلوّه واقتصاده
16.الإمام البرعي كما في " شواهد الحق " :
فخذ بيدي وجد بالعفو يا من = إذا ناديته لبّى سريعا
رجونا جاه وجهك في ذنوب = ثقال تعجز القلب الضليعا
17.الإمام السيوطي كما في " شواهد الحق " :
يا أكرم الرّسل يا من في إشارته = حوز المنى وبلوغ القصد من أمم
فمطلبي أنت أولى في النجاح له = وأنت أدرى به يا مسبغ النعم
وممن يلذ بحماه وهو ملجؤنا = فلا اعتراض يخشاه من نقم
18.الإمام الصرصري الحنبلي كما في " شواهد الحق " :
يا خاتم الرّسل الكرام ومن به = حلل النبوة زانها التطريز
بك أستجير وأستغيث وأرتجي = إني بجاهك في المعاد أفوز
19.ابن خلدون صاحب التاريخ المشهور كما في " شواهد الحق " :
يا سيّد الرّسل الكرام ضراعة = تقضي منى نفسي وتذهب حوبي
هب لي شفاعتك التي أرجو بها = صفحاً جميلاً عن قبيح ذنوبي
20.ابن كميل كما في " شواهد الحق " :
يا سيّدي يا رسول الله خذ بيدي = فأنت قصدي وأنت السؤل والأرب
21.الشيخ عبد الغني النابلسي كما في " شواهد الحق " :
يا سيّد الأنبياء والرّسل أجمعهم = يا من به زال عنّا الهمُّ والتعب
وما دعوناك في تفريج شدّتنا = إلا لأنّك في تفريجها سبب
وأنت باب العطا والجود يا أملي = بك الإله على طول المدى يهب
22.العلامة يوسف النبهاني " شواهد الحق " :
أيا خير الأنام بكلِّ خير = وخير خيارهم نسباً ونسلا
إذا جار الزّمان على أناس = أتوك فعاد ذاك الجور عدلا
وإن بخل الغمام بطلِّ غيث = همت يمناك للعافين وبلا
ولم تنفكَّ للرحمن سيفاً = وقد يستحسن السيف المحلّى
ومهما كنت أنت فأنت عبد = وعزّ الله مولانا وجلا
· بعض أسماء العلماء المتوسّلين ؛ والذين أقرّوا التوسّل :
ذكر العلامة السيد محمد بن علوي المالكي أشهر من يقول بالتوسّل أو ممن نقل أدلته من كبار الأئمة وحفاظ السنة فمنهم :
الإمام الحافظ الحاكم , والإمام الحافظ البيهقي , والإمام الحافظ السيوطي , و الإمام الحافظ ابن الجوزي , والإمام الحافظ القاضي عياض , والإمام الحافظ القسطلاني , والإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني , والعلامة الخفاجي , والعلامة الزرقاني , وشيخ الإسلام الإمام النووي , والعلامة ابن حجر الهيتمي , والحافظ ابن الجوزي الدمشقي , والعلامة الشوكاني , والإمام السبكي , والحافظ ابن كثير , والإمام القرطبي .·
وهذا الحافظ الخطيب البغدادي يقول في تاريخ بغداد (1/123): " كان سيّدنا محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه يقول: إني لأتبرك بأبي حنيفة وأجيء إلى قبره في كل يوم فإذا عرضت لي حاجة صليت ركعتين وجئت إلى قبره وسألت الله تعالى الحاجة عنده فما تبعد عني حتى تقضى" اهـ.
وهذا الإمام الشافعي شهد له الرسول بسعة العلم فقال: "عالم قريش يملأ طباق الأرض علماً ". رواه الترمذي فهذا الإمام الشافعي كان يأتي قبر الإمام أبي حنيفة ويدعو عنده .
قال الحافظ ابن الجوزي الحنبلي في كتاب صفة الصفوة (2/410) في ترجمة إبراهيم الحربي وتوفي في بغداد سنة خمس وثمانين ومائتين:" وقبره ظاهر يتبرك الناس به رضي الله عنه" اهـ.
قال شمس الدين محمد الجزري في كتابه تصحيح المصابيح: "إني زرت قبر الإمام مسلم بنيسابور وقرأت بعض صحيحه على سبيل التيمن والتبرك عند قبره ورأيت آثار البركة ورجاء الإجابة في تربته" اهـ.
قال الحافظ ابن الملقن في كتابه طبقات الأولياء عند ذكر السيدة الشريفة نفيسة بنت الحسن الأنور بن زيد الأبلج بن الحسن بن علي رضي الله عنهم ما نصه: "قبرها معروف بإجابة الدعاء" اهـ.
وفي كتاب سير أعلام العلماء عند ذكر السيدة نفيسة (10/107) قال مانصه: "وكان أخوها القاسم رجلاً صالحاً زاهداً خيّراً سكن بنيسابور وله بها عقب منهم السيد العلوي الذي يروي عنه الحافظ البيهقي وقيل كانت من الصالحات العوابد والدعاء مستجاب عند قبرها بل وعند قبور الأنبياء والصالحين وفي المساجد وعرفة ومزدلفة وفي السفر المباح"اهـ. والعلوي معناه المنسوب لعلي. اللهم انفعنا بالنبي وسائر الصالحين.
قال الحافظ الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (120\1) ما نصه "عن أحمد القطيعي قال: سمعت الحسن بن إبراهيم أبا علي الخلال يقول: ماهمني أمر فقصدت قبر موسى بن جعفر وتوسلت به إلا سهل الله تعالى لي ما أحب"
http://www.4shared.com/file/83324240/a72924ae/________________.html
http://www.4shared.com/file/79241906/28e130ab/_____-___.html
http://www.4shared.com/file/79241882/e697148d/_____-___.html
http://www.denhost.com/download.php?a=22056
http://www.denhost.com/download.php?a=22057
http://www.denhost.com/download.php?a=22058
http://www.denhost.com/download.php?a=22059
http://www.denhost.com/download.php?a=22060
http://www.denhost.com/download.php?a=22061
1. عن أبي إسحاق القرشي قال : كان عندنا رجل بالمدينة إذا رأى منكراً لا يمكنه أن يغيره أتى القبر فقال:
أيا قبر النبي وصاحبيه = ألا يا غوثنا لو تعلمونا
رواه البيهقي في الشعب
2. يقول عباس بن عتبة بن أبي لهب :
بعمي سقى الله الحجاز وأهله = عشية يستسقي بشيبته عمر
توجّه بالعبّاس في الجدب راغباً = إليه فما إن رام حتى أتى المطر
ومنّا رسول الله فينا تراثه = فهل فوق هذا للمفاخر مفتخر
سير أعلام النبلاء للذهبي
3. قال حسان بن ثابت في ذلك :
سأل الإمام وقد تتابع جدبنا = فسقى الغمام بغرّة العبّاس
عم النبيّ وصنو والده الذي = ورث النبيّ بذاك دون النّاس
أحيا الإله به البلاد فأصبحت = مخضرّة الأجناب بعد إلياس
الاستيعاب لابن عبد البر
4. قال حسان بن ثابت:
يا ركن معتمد وعصمة لائذ = وملاذ منتجع وجار مجاور
يا من تخيره الإله لخلقه = فحباه بالخلق الزكي الطاهر
أنت النبيُّ وخير عصبة آدم = يا من تجود كفيض بحر زاخر
ميكال معك وجبرئيل كلاهما = مدد لنصرك من عزيز قاهر
الاستيعاب لابن عبد البر
5. سواد بن قارب الصحابي:
فكن لي شفيعاً يوم لا ذوو شفاعة = سواك بمغن عن سواد بن قارب
رواه البيهقي في الدلائل وابن عبد البر في الاستيعاب
6. مازن بن العضوب الصحابي:
إليك رسول الله خبت مطيتي = تجوب الفيافي من عمان إلى العرج
لتشفع لي يا خير من وطئ الحصى = فيغفر لي ربي فأرجع بالفلج
رواه أبو نعيم في الدلائل والطبراني في الكبير
7. صفيّة بنت عبد المطلب :
ألا يا رسول الله كنت رجاءنا = وكنت بنا برّاً ولم تك جافيا
رواه الطبراني وإسناده حسن قاله الهيثمي في الزوائد
8. الإمام الشافعي [ذكره ابن حجر في الصواعق المحرقة] :
آل النبي ذريعتي = وهم إلى الله وسيلتي
أرجو بهم أعطى غداً = بيد اليمين صحيفتي
9. الإمام زكي الدين عبد العظيم " مصباح الظلام ":
ونجّا أباه آدم من خطيئة له = أصبحت عن جنّة الخلد تُبعِد
ونجا نوح من السفين بنوره = غداة التقى الماءان والموج يزبد
وقد سأل الله العظيم خليله = به إذا عدواً جاحماً يتوقد
10.ابن الفارض:
يا آل ودّي أنتم أملي ومن = ناداكم يا آل ودّي قد كُفي
عودوا لما كنتم عليه من الوفا = كرماً فإني ذلك الخلُّ الوفي
11.الإمام البوصيري من قصيدة البردة:
يا أكرم الرّسل مالي من ألوذ به = سواك عند حلول الحادث العمم
ولن يضيق رسول الله جاهك بي = إذا الكريم تجلّى باسم منتقم
فإنّ من جودك الدنيا وضرّتها = ومن علومك علم اللوح والقلم
12.الإمام الغزالي كما في " شواهد الحق ":
يا ربِّ بهم وبآلهم = عجّل بالنصر وبالفرج
واجعل ذكر الإخلاص لنا = يحيي قلباً يا ذا الفرج
13.الإمام كمال الدين بن الزملكاني الشافعي كما في " شواهد الحق " :
يا صاحب الجاه عند الله خالقه = ما ردّ جاهك إلا كلّ أفاّك
أنت الوجيه على رغم العدا أبداً = أنت الشّفيع لفتّاك ونسّاك
قد قيدتني ذنوب عن بلوغ مدى = قصدي إلى الفوز منها فهي أشراكي
فاستغفر الله لي واسأله عصمته = فيما بقي وغنى من غير إمساك
14.الإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني ( من ديوانه ) كما في "شواهد الحق" :
نبيَّ الله يا خير البرايا = بجاهك أتّقي فصل القضاء
وأرجو يا كريم العفو عمّا = جنته يداي يا ربَّ الحباء
فقل لي يا أحمد بن علي اذهب = إلى دار النّعيم بلا شقاء
15.الإمام ابن دقيق العيد كما في " شواهد الحق " :
يا رسول المليك دعوة من زا = د به شوقه وصحَّ وداده
لك أشكو حالاً من الدّين والدنيا = شديد غلوّه واقتصاده
16.الإمام البرعي كما في " شواهد الحق " :
فخذ بيدي وجد بالعفو يا من = إذا ناديته لبّى سريعا
رجونا جاه وجهك في ذنوب = ثقال تعجز القلب الضليعا
17.الإمام السيوطي كما في " شواهد الحق " :
يا أكرم الرّسل يا من في إشارته = حوز المنى وبلوغ القصد من أمم
فمطلبي أنت أولى في النجاح له = وأنت أدرى به يا مسبغ النعم
وممن يلذ بحماه وهو ملجؤنا = فلا اعتراض يخشاه من نقم
18.الإمام الصرصري الحنبلي كما في " شواهد الحق " :
يا خاتم الرّسل الكرام ومن به = حلل النبوة زانها التطريز
بك أستجير وأستغيث وأرتجي = إني بجاهك في المعاد أفوز
19.ابن خلدون صاحب التاريخ المشهور كما في " شواهد الحق " :
يا سيّد الرّسل الكرام ضراعة = تقضي منى نفسي وتذهب حوبي
هب لي شفاعتك التي أرجو بها = صفحاً جميلاً عن قبيح ذنوبي
20.ابن كميل كما في " شواهد الحق " :
يا سيّدي يا رسول الله خذ بيدي = فأنت قصدي وأنت السؤل والأرب
21.الشيخ عبد الغني النابلسي كما في " شواهد الحق " :
يا سيّد الأنبياء والرّسل أجمعهم = يا من به زال عنّا الهمُّ والتعب
وما دعوناك في تفريج شدّتنا = إلا لأنّك في تفريجها سبب
وأنت باب العطا والجود يا أملي = بك الإله على طول المدى يهب
22.العلامة يوسف النبهاني " شواهد الحق " :
أيا خير الأنام بكلِّ خير = وخير خيارهم نسباً ونسلا
إذا جار الزّمان على أناس = أتوك فعاد ذاك الجور عدلا
وإن بخل الغمام بطلِّ غيث = همت يمناك للعافين وبلا
ولم تنفكَّ للرحمن سيفاً = وقد يستحسن السيف المحلّى
ومهما كنت أنت فأنت عبد = وعزّ الله مولانا وجلا
· بعض أسماء العلماء المتوسّلين ؛ والذين أقرّوا التوسّل :
ذكر العلامة السيد محمد بن علوي المالكي أشهر من يقول بالتوسّل أو ممن نقل أدلته من كبار الأئمة وحفاظ السنة فمنهم :
الإمام الحافظ الحاكم , والإمام الحافظ البيهقي , والإمام الحافظ السيوطي , و الإمام الحافظ ابن الجوزي , والإمام الحافظ القاضي عياض , والإمام الحافظ القسطلاني , والإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني , والعلامة الخفاجي , والعلامة الزرقاني , وشيخ الإسلام الإمام النووي , والعلامة ابن حجر الهيتمي , والحافظ ابن الجوزي الدمشقي , والعلامة الشوكاني , والإمام السبكي , والحافظ ابن كثير , والإمام القرطبي .·
· أسماء بعض المصادر و المراجع في التوسّل :
( شفاء السقام ) للإمام السبكي , و ( الجوهر المنظم ) للإمام ابن حجر الهيتمي , و ( خلاصة الوفا ) للإمام السمهودي , و ( محق التقوّل في مسألة التوسّل ) للإمام الكوثري , و ( شواهد الحقّ في الاستغاثة بسيّد الخلق ) للإمام النبهاني , و ( إتحاف الأذكياء ) للإمام المحدّث الغماري , و ( مفاهيم يجب أن تصحّح ) للإمام محمّد بن علوي المالكي , و ( رفع المنارة ) لمحمود سعيد ممدوح , و ( الإغاثة بأدلّة الاستغاثة ) لحسن بن علي السّقّاف , و ( هداية المتخبطين ) للمحدّث علي بن يحيى العلوي
تبرّك السلف الصالح بالصالحين
في طبقات الشافعية الكبرى للسبكي (2/36) قال الربيع بن سليمان إن الشافعي رضي الله عنه خرج إلى مصر فقال لي: يا ربيع خذ كتابي هذا فامض به وسلمه إلى أبي عبد الله -يعني الإمام أحمد-وائتني بالجواب، قال الربيع: فدخلت بغداد ومعي الكتاب فصادفت أحمد بن حنبل في صلاة الصبح فلما انتقل من المحراب سلمت إليه الكتاب وقلت هذا كتاب أخيك الشافعي من مصر فقال لي أحمد: نظرت فيه؟ فقلت: لا، فكسر الختم وقرأه وتغرغرت عيناه، فقلت له: أيش فيه يا أبا عبدالله؟ فقال: يذكر فيه أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم فقال له: اكتب إلى أبي عبد الله واقرأ عليه السلام وقل له إنك ستمتحن فلا تجبهم فيرفع الله لك علما إلى يوم القيامة. قال الربيع: فقلت له البشارة يا أباعبد الله، فخلع أحد قميصيه الذي يلي جلده فأعطانيه، فأخذت الجواب وخرجت إلى مصروسلمته إلى الشافعي رضي الله عنه، فقال: أيش الذي أعطاك؟ فقلت: قميصه، فقال: ليس نفجعك به ولكن بله وادفع إلي الماء لأتبرك به" اهـ.
وهذا الحافظ الخطيب البغدادي يقول في تاريخ بغداد (1/123): " كان سيّدنا محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه يقول: إني لأتبرك بأبي حنيفة وأجيء إلى قبره في كل يوم فإذا عرضت لي حاجة صليت ركعتين وجئت إلى قبره وسألت الله تعالى الحاجة عنده فما تبعد عني حتى تقضى" اهـ.
وهذا الإمام الشافعي شهد له الرسول بسعة العلم فقال: "عالم قريش يملأ طباق الأرض علماً ". رواه الترمذي فهذا الإمام الشافعي كان يأتي قبر الإمام أبي حنيفة ويدعو عنده .
قال الحافظ ابن الجوزي الحنبلي في كتاب صفة الصفوة (2/410) في ترجمة إبراهيم الحربي وتوفي في بغداد سنة خمس وثمانين ومائتين:" وقبره ظاهر يتبرك الناس به رضي الله عنه" اهـ.
قال شمس الدين محمد الجزري في كتابه تصحيح المصابيح: "إني زرت قبر الإمام مسلم بنيسابور وقرأت بعض صحيحه على سبيل التيمن والتبرك عند قبره ورأيت آثار البركة ورجاء الإجابة في تربته" اهـ.
قال الحافظ ابن الملقن في كتابه طبقات الأولياء عند ذكر السيدة الشريفة نفيسة بنت الحسن الأنور بن زيد الأبلج بن الحسن بن علي رضي الله عنهم ما نصه: "قبرها معروف بإجابة الدعاء" اهـ.
وفي كتاب سير أعلام العلماء عند ذكر السيدة نفيسة (10/107) قال مانصه: "وكان أخوها القاسم رجلاً صالحاً زاهداً خيّراً سكن بنيسابور وله بها عقب منهم السيد العلوي الذي يروي عنه الحافظ البيهقي وقيل كانت من الصالحات العوابد والدعاء مستجاب عند قبرها بل وعند قبور الأنبياء والصالحين وفي المساجد وعرفة ومزدلفة وفي السفر المباح"اهـ. والعلوي معناه المنسوب لعلي. اللهم انفعنا بالنبي وسائر الصالحين.
قال الحافظ الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (120\1) ما نصه "عن أحمد القطيعي قال: سمعت الحسن بن إبراهيم أبا علي الخلال يقول: ماهمني أمر فقصدت قبر موسى بن جعفر وتوسلت به إلا سهل الله تعالى لي ما أحب"
بعض الكتب التي تناولت الموضوع بالتفصيل :
كتاب الجوهر المنظم في زيارة القبر الشريف النبوي المكرم للإمام الحافظ العلامة ابن حجر الهيتمي
http://www.4shared.com/file/83324240/a72924ae/________________.htmlhttp://www.4shared.com/file/83324240/a72924ae/________________.html
محق التقول في مسألة التوسل - محمد زاهد الكوثري
http://www.4shared.com/file/79241906/28e130ab/_____-___.html
http://www.4shared.com/file/79241882/e697148d/_____-___.html
http://www.denhost.com/download.php?a=22056
إرغام المبتدع الغبي بجواز التوسل بالنبي للغماري
http://www.denhost.com/download.php?a=22057
خلاصة الوفا بأخبار دار المصطفى للسمهودي
http://www.denhost.com/download.php?a=22058
مفاهيم يجب أن تصحح للعلوي المالكي
http://www.denhost.com/download.php?a=22059
إقناع المؤمنين بتبرك الصالحين لعثمان بن داود الصومالي
http://www.denhost.com/download.php?a=22060
التوسل عند قبور الصالحين لليافعي
http://www.denhost.com/download.php?a=22061
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق