حديث (سَمُّوا باسْمي وَلا تُكَنٌّوا بِكُنْيَتِي)
اخرج البخاري ومسلم، عن جماعة من الصحابة منهم جابر وأبو هريرة رضي اللّه عنهما
أن رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "سَمُّوا باسْمي وَلا تُكَنٌّوا بِكُنْيَتِي" قال الامام النووي في كتاب الاذكار اختلف العلماء في التكنّي بأبي القاسم على مذاهب كثيرة وجمعها القاضي وغيره على ثلاثة مذاهب:
اولا: ذهب الامام الشافعي رحمه اللّه تعالى وأهل الظاهر إلى أنه لا يَحِلُّ لأحد أن يَتَكَنَّى أبا القاسم، سواء كان اسمه محمداً أو غيره، وممّن روى هذا من أصحابنا عن الشافعي الأئمةُ الحفّاظُ الثقات الأثبات الفقهاء المحدّثون: أبو بكر البيهقي، وأبو محمد البغوي في كتابه "التهذيب" في أول كتاب النكاح، وأبو القاسم بن عساكر في تاريخ دمشق.
ثانيا:وذهب الامام مالك رحمه اللّه تعالى أنه يجوز التكنّي بأبي القاسم لمن اسمه محمد ولغيره وأن هذا النهي منسوخ فإن هذا الحكم كان في أول الأمر لهذا المعنى المذكور في الحديث ثم نسخ، ، ويجعل النهي خاصاً بحياة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. . قال القاضي: وبه قال جمهور السلف وفقهاء الأمصار وجمهور العلماء قالوا وقد اشتهر أن جماعة تكنوا بأبي القاسم في العصر الأول وفيما بعد ذلك إلى اليوم مع كثرة فاعل ذلك وعدم الإنكار.
والمذهب الثالث: : مذهب ابن جرير أنه ليس بمنسوخ وإنما كان النهي للتنزيه والأدب لا للتحريم
الرابع: أن النهي عن التكني بأبي القاسم مختص بمن اسمه محمد أو أحمد لا يجوز ويجوز لغيره. قال الإِمام أبو القاسم الرافعي يُشبه أن يكون هذا الثالث أصحّ، لأن الناس لم يزالوا يكتنون به في جميع الأعصار من غير إنكار ولا بأس بالكنية وحدها لمن لا يسمى بواحد من الاسمين وهذا قول جماعة من السلف وجاء فيه حديث مرفوع عن جابر.
الخامس: أنه ينهى عن التكني بأبي القاسم مطلقاً وينهى عن التسمية بالقاسم لئلا يكنى أبوه بأبي القاسم، وقد غير مروان بن الحكم اسم ابنه عبد الملك حين بلغه هذا الحديث فسماه عبد الملك وكان سماه أولاً القاسم وفعله بعض الأنصار أيضاً.
السادس: أن التسمية بمحمد ممنوعة مطلقاً سواء كان له كنية أم لا، وجاء فيه حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: "تسمون أولادكم محمداً ثم تلعنونهم" وكتب عمر إلى الكوفة لا تسموا أحداً باسم نبي، وأمر جماعة بالمدينة بتغيير أسماء أبنائهم محمد حتى ذكر له جماعة أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن لهم في ذلك وسماهم به فتركهم. قال القاضي: والأشبه أن فعل عمر هذا إعظام لاسم النبي صلى الله عليه وسلم لئلا ينتهك الاسم كما سبق في الحديث: "تسمونهم محمداً ثم تلعنونهم" وقيل سبب نهي عمر أنه سمع رجلاً يقول لمحمد بن زيد بن الخطاب: فعل الله بك يا محمد فدعاه عمر فقال: أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسب بك والله لا تدعى محمداً ما بقيت وسماه عبد الرحمن.
وفي رواية للبخاري في أول الكتاب في باب: من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين "وإنما أنا قاسم والله يعطي" قال القاضي عياض: هذا يشعر بأن الكنية إنما تكون بسبب وصف صحيح في المكنى أو لسبب اسم ابنه. وقال ابن بطال في شرح رواية البخاري: معناه أني لم أستأثر من مال الله تعالى شيئاً دونكم وأما غير أبي القاسم من الكنى فأجمع المسلمون على جوازه سواء كان له ابن أو بنت فكني به أو بها، أو لم يكن له ولد أو كان صغيراً أو كني بغير ولده. ويجوز أن يكنى الرجل أبا فلان وأبا فلانة، وأن تكنى المرأة أم فلانة وأم فلان، وصح أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان يقول للصغير أخي أنس يا أبا عمير ما فعل النغير
قال بعض العلماء يجواز التسمية بأسماء الأنبياء عليهم السلام وأجمع عليه العلماء إلا ما قدمناه عن عمر رضي الله عنه وسبق تأويله، وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم ابنه إبراهيم وكان في أصحابه خلائق مسمون بأسماء الأنبياء. قال القاضي: وقد كره بعض العلماء التسمي بأسماء الملائكة وهو قول الحارث بن مسكين قال وكره مالك التسمي بجبريل وياسين.
والله اعلم
المراجع
1- صحيح مسلم بشرح الامام النووي
2- كتاب الاذكار للنووي
3- عون المعبود، شرح سنن أبي داوود، الإصدار 1.02
للآبادي
4- فيض القدير، شرح الجامع الصغير، الإصدار 2.09
للإمامِ المناوي
2768 - رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا فِي السُّوقِ يُنَادِي يَا أَبَا الْقَاسِمِ فَالْتَفَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال لَمْ أَعْنِكَ فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي
حَدَّثَنَا بِذَلِكَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلَّالُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى كَرَاهِيَةِ أَنْ يُكَنَّى أَبَا الْقَاسِمِ
2768 - قَوْلُهُ : ( فَقَالَ ) أَيْ ذَلِكَ الرَّجُلُ
( لَمْ أَعْنِك )مِنْ عُنِيَ يَعْنِي ، أَيْ لَمْ أَقْصِدْك يَا رَسُولَ اللَّه ( لَا تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِي )وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ : " سَمُّوا بِاسْمِي وَلَا تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِي " ، وَحَدِيثُ أَنَسٍ هَذَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ أَيْضًا .
قَوْلُهُ : " وَفِي الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى كَرَاهِيَةِ أَنْ يُكَنَّى أَبَا الْقَاسِمِ"
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ : مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَهْلِ الظَّاهِرِ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ التَّكَنِّي بِأَبِي الْقَاسِمِ لِأَحَدٍ أَصْلًا ، سَوَاءٌ كَانَ اِسْمُهُ مُحَمَّدًا أَوْ أَحْمَدَ أَمْ لَمْ يَكُنْ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ ، أَيْ حَدِيثِ أَنَسٍ الْمَذْكُورِ .
- حدثنا الحسين بن حريث حدثنا الفضل بن موسى عن الحسين بن واقد عن أبي الزبير عن جابر قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سميتم بي فلا تكتنوا بي
قال هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه
2769 - قوله : " إذا سميتم بي فلا تكنوا بي"بحذف إحدى التاءين من التكني ، ولفظ أبي داود " من تسمى باسمي فلا يكنى بكنيتي ، ومن اكتنى بكنيتي فلا يتسمى باسمي " .
قوله : ( هذا حديث حسن غريب )وأخرجه أحمد وأبو داود ، وصححه ابن حبان .
- حدثنا محمد بن بشار حدثنا يحيى بن سعيد القطان حدثنا فطر بن خليفة حدثني منذر وهو الثوري عن محمد ابن الحنفية عن علي بن أبي طالب أنه قال يا رسول الله أرأيت إن ولد لي بعدك أسميه محمدا وأكنيه بكنيتك قال نعم قال فكانت رخصة لي
هذا حديث حسن صحيح
2770 - قوله : ( حدثني منذر )بن يعلى الثوري بالمثلثة أبو يعلى الكوفي ثقة من السادسة .
قوله : ( أرأيت )أي أخبرني
( إن ولد لي )أي ولد
( بعدك )أي بعد وفاتك
( قال نعم )
فيه أن النهي مقصور على زمانه صلى الله عليه وسلم ، فيجوز الجمع بينهما بعده لرفع الالتباس ، وبه قال مالك قاله القاري .
قلت : وبه قال جمهور العلماء كما عرفت في كلام النووي ، ولكن في الاستدلال عليه بحديث علي هذا نظر ، فإن قوله رضي الله تعالى عنه في هذا الحديث : فكانت رخصة لي ، يدل على أن الجواز كان خاصا له ، فالأحوط في هذا الباب هو ما قال به الشافعي وأهل الظاهر من أنه لا يحل التكني بأبي القاسم لأحد أصلا ، سواء كان اسمه محمدا أو أحمد أم لم يكن ، لظاهر حديث أنس المذكور في الباب . وصوب هذا القول ابن القيم في زاد المعاد حيث قال : والصواب أن التسمي باسمه جائز ، والتكني بكنيته ممنوع منه ، والمنع في حياته أشد والجمع بينهما ممنوع منه .
وحديث عائشة غريب لا يعارض بمثله الحديث الصحيح ، وحديث علي رضي الله عنه في صحته نظر والترمذي فيه نوع تساهل في التصحيح ، وقد قال علي إنها رخصة له ، وهذا يدل على إبقاء المنع لمن سواه انتهى .
قلت : أراد بحديث عائشة ما رواه أبو داود عنها قالت : جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إني قد ولدت غلاما فسميته محمدا وكنيته أبا القاسم فذكر لي أنك تكره ذلك ، فقال : " ما الذي أحل اسمي وحرم كنيتي ، أو ما الذي حرم كنيتي وأحل اسمي " ، وفي سنده محمد بن عمران الحجبي . ذكر الطبراني في الأوسط أن محمد بن عمران الحجبي تفرد به عن صفية بنت شيبة ومحمد المذكور مجهول انتهى . وأما قول ابن القيم بأن في صحة حديث علي نظر فلا وجه للنظر ؛ لأن رجاله كلهم ثقات وسنده متصل .
تحفة الأحوذي المباركفوري (7/159)
أن رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "سَمُّوا باسْمي وَلا تُكَنٌّوا بِكُنْيَتِي" قال الامام النووي في كتاب الاذكار اختلف العلماء في التكنّي بأبي القاسم على مذاهب كثيرة وجمعها القاضي وغيره على ثلاثة مذاهب:
اولا: ذهب الامام الشافعي رحمه اللّه تعالى وأهل الظاهر إلى أنه لا يَحِلُّ لأحد أن يَتَكَنَّى أبا القاسم، سواء كان اسمه محمداً أو غيره، وممّن روى هذا من أصحابنا عن الشافعي الأئمةُ الحفّاظُ الثقات الأثبات الفقهاء المحدّثون: أبو بكر البيهقي، وأبو محمد البغوي في كتابه "التهذيب" في أول كتاب النكاح، وأبو القاسم بن عساكر في تاريخ دمشق.
ثانيا:وذهب الامام مالك رحمه اللّه تعالى أنه يجوز التكنّي بأبي القاسم لمن اسمه محمد ولغيره وأن هذا النهي منسوخ فإن هذا الحكم كان في أول الأمر لهذا المعنى المذكور في الحديث ثم نسخ، ، ويجعل النهي خاصاً بحياة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. . قال القاضي: وبه قال جمهور السلف وفقهاء الأمصار وجمهور العلماء قالوا وقد اشتهر أن جماعة تكنوا بأبي القاسم في العصر الأول وفيما بعد ذلك إلى اليوم مع كثرة فاعل ذلك وعدم الإنكار.
والمذهب الثالث: : مذهب ابن جرير أنه ليس بمنسوخ وإنما كان النهي للتنزيه والأدب لا للتحريم
الرابع: أن النهي عن التكني بأبي القاسم مختص بمن اسمه محمد أو أحمد لا يجوز ويجوز لغيره. قال الإِمام أبو القاسم الرافعي يُشبه أن يكون هذا الثالث أصحّ، لأن الناس لم يزالوا يكتنون به في جميع الأعصار من غير إنكار ولا بأس بالكنية وحدها لمن لا يسمى بواحد من الاسمين وهذا قول جماعة من السلف وجاء فيه حديث مرفوع عن جابر.
الخامس: أنه ينهى عن التكني بأبي القاسم مطلقاً وينهى عن التسمية بالقاسم لئلا يكنى أبوه بأبي القاسم، وقد غير مروان بن الحكم اسم ابنه عبد الملك حين بلغه هذا الحديث فسماه عبد الملك وكان سماه أولاً القاسم وفعله بعض الأنصار أيضاً.
السادس: أن التسمية بمحمد ممنوعة مطلقاً سواء كان له كنية أم لا، وجاء فيه حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: "تسمون أولادكم محمداً ثم تلعنونهم" وكتب عمر إلى الكوفة لا تسموا أحداً باسم نبي، وأمر جماعة بالمدينة بتغيير أسماء أبنائهم محمد حتى ذكر له جماعة أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن لهم في ذلك وسماهم به فتركهم. قال القاضي: والأشبه أن فعل عمر هذا إعظام لاسم النبي صلى الله عليه وسلم لئلا ينتهك الاسم كما سبق في الحديث: "تسمونهم محمداً ثم تلعنونهم" وقيل سبب نهي عمر أنه سمع رجلاً يقول لمحمد بن زيد بن الخطاب: فعل الله بك يا محمد فدعاه عمر فقال: أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسب بك والله لا تدعى محمداً ما بقيت وسماه عبد الرحمن.
وفي رواية للبخاري في أول الكتاب في باب: من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين "وإنما أنا قاسم والله يعطي" قال القاضي عياض: هذا يشعر بأن الكنية إنما تكون بسبب وصف صحيح في المكنى أو لسبب اسم ابنه. وقال ابن بطال في شرح رواية البخاري: معناه أني لم أستأثر من مال الله تعالى شيئاً دونكم وأما غير أبي القاسم من الكنى فأجمع المسلمون على جوازه سواء كان له ابن أو بنت فكني به أو بها، أو لم يكن له ولد أو كان صغيراً أو كني بغير ولده. ويجوز أن يكنى الرجل أبا فلان وأبا فلانة، وأن تكنى المرأة أم فلانة وأم فلان، وصح أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان يقول للصغير أخي أنس يا أبا عمير ما فعل النغير
قال بعض العلماء يجواز التسمية بأسماء الأنبياء عليهم السلام وأجمع عليه العلماء إلا ما قدمناه عن عمر رضي الله عنه وسبق تأويله، وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم ابنه إبراهيم وكان في أصحابه خلائق مسمون بأسماء الأنبياء. قال القاضي: وقد كره بعض العلماء التسمي بأسماء الملائكة وهو قول الحارث بن مسكين قال وكره مالك التسمي بجبريل وياسين.
والله اعلم
المراجع
1- صحيح مسلم بشرح الامام النووي
2- كتاب الاذكار للنووي
3- عون المعبود، شرح سنن أبي داوود، الإصدار 1.02
للآبادي
4- فيض القدير، شرح الجامع الصغير، الإصدار 2.09
للإمامِ المناوي
2768 - رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا فِي السُّوقِ يُنَادِي يَا أَبَا الْقَاسِمِ فَالْتَفَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال لَمْ أَعْنِكَ فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي
حَدَّثَنَا بِذَلِكَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلَّالُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى كَرَاهِيَةِ أَنْ يُكَنَّى أَبَا الْقَاسِمِ
2768 - قَوْلُهُ : ( فَقَالَ ) أَيْ ذَلِكَ الرَّجُلُ
( لَمْ أَعْنِك )مِنْ عُنِيَ يَعْنِي ، أَيْ لَمْ أَقْصِدْك يَا رَسُولَ اللَّه ( لَا تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِي )وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ : " سَمُّوا بِاسْمِي وَلَا تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِي " ، وَحَدِيثُ أَنَسٍ هَذَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ أَيْضًا .
قَوْلُهُ : " وَفِي الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى كَرَاهِيَةِ أَنْ يُكَنَّى أَبَا الْقَاسِمِ"
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ : مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَهْلِ الظَّاهِرِ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ التَّكَنِّي بِأَبِي الْقَاسِمِ لِأَحَدٍ أَصْلًا ، سَوَاءٌ كَانَ اِسْمُهُ مُحَمَّدًا أَوْ أَحْمَدَ أَمْ لَمْ يَكُنْ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ ، أَيْ حَدِيثِ أَنَسٍ الْمَذْكُورِ .
- حدثنا الحسين بن حريث حدثنا الفضل بن موسى عن الحسين بن واقد عن أبي الزبير عن جابر قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سميتم بي فلا تكتنوا بي
قال هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه
2769 - قوله : " إذا سميتم بي فلا تكنوا بي"بحذف إحدى التاءين من التكني ، ولفظ أبي داود " من تسمى باسمي فلا يكنى بكنيتي ، ومن اكتنى بكنيتي فلا يتسمى باسمي " .
قوله : ( هذا حديث حسن غريب )وأخرجه أحمد وأبو داود ، وصححه ابن حبان .
- حدثنا محمد بن بشار حدثنا يحيى بن سعيد القطان حدثنا فطر بن خليفة حدثني منذر وهو الثوري عن محمد ابن الحنفية عن علي بن أبي طالب أنه قال يا رسول الله أرأيت إن ولد لي بعدك أسميه محمدا وأكنيه بكنيتك قال نعم قال فكانت رخصة لي
هذا حديث حسن صحيح
2770 - قوله : ( حدثني منذر )بن يعلى الثوري بالمثلثة أبو يعلى الكوفي ثقة من السادسة .
قوله : ( أرأيت )أي أخبرني
( إن ولد لي )أي ولد
( بعدك )أي بعد وفاتك
( قال نعم )
فيه أن النهي مقصور على زمانه صلى الله عليه وسلم ، فيجوز الجمع بينهما بعده لرفع الالتباس ، وبه قال مالك قاله القاري .
قلت : وبه قال جمهور العلماء كما عرفت في كلام النووي ، ولكن في الاستدلال عليه بحديث علي هذا نظر ، فإن قوله رضي الله تعالى عنه في هذا الحديث : فكانت رخصة لي ، يدل على أن الجواز كان خاصا له ، فالأحوط في هذا الباب هو ما قال به الشافعي وأهل الظاهر من أنه لا يحل التكني بأبي القاسم لأحد أصلا ، سواء كان اسمه محمدا أو أحمد أم لم يكن ، لظاهر حديث أنس المذكور في الباب . وصوب هذا القول ابن القيم في زاد المعاد حيث قال : والصواب أن التسمي باسمه جائز ، والتكني بكنيته ممنوع منه ، والمنع في حياته أشد والجمع بينهما ممنوع منه .
وحديث عائشة غريب لا يعارض بمثله الحديث الصحيح ، وحديث علي رضي الله عنه في صحته نظر والترمذي فيه نوع تساهل في التصحيح ، وقد قال علي إنها رخصة له ، وهذا يدل على إبقاء المنع لمن سواه انتهى .
قلت : أراد بحديث عائشة ما رواه أبو داود عنها قالت : جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إني قد ولدت غلاما فسميته محمدا وكنيته أبا القاسم فذكر لي أنك تكره ذلك ، فقال : " ما الذي أحل اسمي وحرم كنيتي ، أو ما الذي حرم كنيتي وأحل اسمي " ، وفي سنده محمد بن عمران الحجبي . ذكر الطبراني في الأوسط أن محمد بن عمران الحجبي تفرد به عن صفية بنت شيبة ومحمد المذكور مجهول انتهى . وأما قول ابن القيم بأن في صحة حديث علي نظر فلا وجه للنظر ؛ لأن رجاله كلهم ثقات وسنده متصل .
تحفة الأحوذي المباركفوري (7/159)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق