بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله المتفضل على العباد بالنعم الكريم الجواد
والصلاة والسلام على أكرم البشر الذي علم أصحابه في مدرسة الكرم وعلى آله وصحبه وتابعيهم الى يوم الدين .
قال اللَّه تعالى: { وافعلوا الخير لعلكم تفلحون } .
وقال {قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} [النمل: 40]
عن ابن عمرَ رضي اللَّهُ عنهما أَن رسولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : «المسلمُ أَخــو المسلم لا يَظلِمُه ولا يُسْلِمُهُ . ومَنْ كَانَ فِي حاجةِ أَخِيهِ كانَ اللَّهُ فِي حاجتِهِ، ومنْ فَرَّجَ عنْ مُسلمٍ كُرْبةً فَرَّجَ اللَّهُ عنه بها كُرْبةً من كُرَبِ يومَ القيامةِ ، ومن سَتَرَ مُسْلماً سَتَرَهُ اللَّهُ يَومَ الْقِيامَةِ » متفق عليه
ومن منطلق قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه البخاري عن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه )
يحب الواحد منا أن يفعل الخير ويصنع المعروف على بعض من عرفهم ومن لايعرفهم
ولكن المصيبة اليوم هي ان اللئام صاروا يهجرون صاحب المعروف وينكرون فضله بل ويذكرونه بالسوء والمنكر .
وان مما هالني واحزنني هي ان الواحد منا يكون في حاجة اخيه حتى اذا قضيت انكر فضله وتعبه واحسانه ولم يقدّر الحال الذي كان عليها الشخص وقد آثر على نفسه وأخذ من وقته ووقت أولاده وزوجته وربما حصل بعض المشاكل مع أهله بسبب هذا الشخص
فاذا ما استتب الامر وقضيت الحوائج تجد صاحب الحاجة مشغولا لا وقت لديه ولديه خصوصيات وترتيبات اين كان هذا اللئيم وقت ان كان في حاجة أخيه هل كان يلتمس له الاعذار ؟ هل قدر له وقفته بجانبه ؟ وهل قدر مواساته له ؟
لقد عجبت من اقوام اجهدنا انفسنا وازواجنا وحتى وصل بنا الحال الى اننا كدنا ان نؤذى بسببهم بسبب بعض قوانين العمل لكنهم نسفوا كل هذا وراء ظهورهم وراحوا يسدون المعروف الى من على شاكلتهم
ومن غريب ما يعامل به الإنسان في هذا العصر، أخاه الإنسان، معاملة من ( يأكل التمرة ويرجم بالنوى )
نعم لقد واسيناهم بانفسنا واموالنا واوقاتنا في وقت لم يعترف بهم احد بل وكان الكل يبعد عنهم ويهجرهم ..
لقد فتحنا بيوتنا لأشهر لهؤلاء البشر وفي شهر رمضان وقت ان كان التعب اكثر والمشقة اعظم
واتحدى اليوم أن يستضيفوا احدا لمدة يومين اوان يصنعوا وليمة يدعون اليها الفقراء والمحتاجين الذين كانوا كحالتهم التي كان عليها من قبل
أما أن يحسن الآخرون إلى أحدنا فلا يجدون إلا نكرانًا فهذا دليل على خِسَّة النفس وحقارتها إذ النفوس الكريمة لا تعرف الجحود ولا النكران
وقد احسن القائل
ولقد دعتني للخلاف عشيرتي.. ... ..فعددت قولهم من الإضلال إني امرؤٌ فيَّ الوفـــــاء سجيـة.. ... .وفعــال كل مهـذب مفضـال أما اللئيم فإنه لا يزيده الإحسان والمعروف إلا تمردًا إذا أنت أكرمت الكريم ملكته.. ... ..وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
وقد يقول قائل لم تفعل هذا فأقول لهم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي اخرجه ابن حبان في صحيحه
عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَأَيْتُ فُلَانًا يَشْكُرُ، ذَكَرَ أَنَّكَ أَعْطَيْتَهُ دِينَارَيْنِ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَكِنَّ فُلَانًا قَدْ أَعْطَيْتُهُ مَا بَيْنَ الْعَشَرَةِ إِلَى الْمِئَةِ، فَمَا يَشْكُرُهُ وَلَا يَقُولُهُ، إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَخْرُجُ مِنْ عِنْدِي لِحَاجَتِهِ مُتَأَبِّطَهَا، وَمَا هِيَ إِلَّا النَّارُ»، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَ تُعْطِهِمْ؟، قَالَ: «يَأْبَوْنَ إِلَّا أَنْ يَسْأَلُونِي، وَيَأْبَى اللَّهُ لِيَ الْبُخْلَ»
نعم يأبى الله لي البخل ويأبون الا اللؤم
فهذا جزاء الاحسان الذي قال الله تعالى عنه: ( هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ) الرحمن
أخرج ابن حبان في صحيحه
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ
«مَنْ أُولِيَ مَعْرُوفًا فَلَمْ يَجِدْ لَهُ خَيْرًا إِلَّا الثَّنَاءَ، فَقَدْ شَكَرَهُ، وَمَنْ كَتَمَهُ فَقَدْ كَفَرَهُ، وَمَنْ تَحَلَّى بِبَاطِلٍ فَهُوَ كَلَابِسِ ثَوْبَيْ زُور ...
واخرج البخاري في الادب
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَشْكُرُ اللَّهُ مَنْ لَا يَشْكُرُ النَّاسَ .
وقد قال تعالى "لئن شكرتم لأزيدنكم" "إبراهيم آية 7" وفي حديث صحيح عن جرير "من لا يرحم من في الأرض لا يرحمه من في السماء"
ولكني اقول لهؤلاء انه لايوجد اعدل من ميزان الله تعالى القائل ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره )
واقول له
اخرج الامام احمد في مسنده
عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ
فأعمل ماشئت كما تدين تدان
و لكن من اعظم الفوائد التي يجنيها صانع المعروف 1- صرف البلاء وسوء القضاء في الدنيا والآخرة . عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة [ابن ماجه وقال صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه أبو أمامة صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وصدقة السر تطفئ غضب الرب. رواه الطبراني 2- دخول الجنة . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : إن أول أهل الجنة دخولاً أهل المعروف [رواه الطبراني 3- مغفرة الذنوب والنجاة من عذاب وأهوال الآخرة. عن حذيفة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تلقت الملائكة روح رجل ممن كان قبلكم فقالوا: أعملت من الخير شيئا ً؟ قال: لا. قالوا: تذكر ،قال: كنت أداين الناس فآمر فتياني أن ينظروا المعسر ويتجوزوا عن الموسر، قال: قال الله: عز وجل تجوزوا عنه وفي رواية عند مسلم فقال الله أنا أحق بذا منك تجاوزوا عن عبدي اخرجه مسلم والبخاري 4- عن ابن عباس رضي الله عنهما : صاحب المعروف لا يقع ، وإن وقع وجد متكأ
ومن اعظم مايجنيه ناكر الجميل والمعروف 1- نكران الجميل سببٌ لدخول النار. حين تكون عادة الإنسان نكران الجميل، وكفران الإحسان فإنه يسلك بذلك سبيلاً إلى النار – والعياذ بالله – فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أُريت النار فإذا أكثر أهلها النساء يكفرن قيل: أيكفرن بالله؟ قال يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلى إحداهنَّ الدهر ثم رأت منك شيئًا قالت: ما رأيتُ منك خيرًا قط 2- نكران الجميل سبب العقوبة وزوال النعم . قال الأصمعي رحمه الله: سمعت أعرابيًا يقول: أسرع الذنوب عقوبة كفر المعروف. 3- نكران الجميل سبب لهجر أحبائك لك بل والناس تنفر منك. 4- نكران الجميل سبب لمرض القلب الحسي والمعنوي .
وصدق القائل كل ما تغرسه تجنيه إلا ابن آدم فإذا غرسته يقلعك" و"ابن آدم ذئب مع الضعف، أسد مع القوة
اقول ان المفاهيم يجب ان تتغير اليوم في ظل هذه الاحداث
واذكر ان لنا موعد ووقفة امام الله عز وجل يوم لاينفع مال ولابنون الا من اتى الله بقلب سليم
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق